
سياقاتمتى يؤتي الذكاء الاصطناعي ثماره؟
أحد التناقضات المؤسسية الكبرى، تقول معظم الشركات إنها تستخدم الذكاء الاصطناعي بنجاح وتشجع له، لكن القليل منها يستطيع أن يُظهر فرقًا حقيقيًا في الأرباح.
يلفت نظرنا تقرير ماكنزي الأخير عن حالة الذكاء الاصطناعي 2025 بحقائق ذات دلالة. أكثر من 70 ٪ من الشركات أفادت بأنها نشرت نماذج توليدية للذكاء الاصطناعي في وظيفة واحدة على الأقل، ولكن أقل من خُمسها يرى تأثيرًا ملموسًا على الأرباح التشغيلية، ترى ما السبب؟
ليست هذه الظاهرة جديدة، فلقد رأينا هذا من قبل، غالبًا ما تأتي التقنيات الجديدة مصحوبة بقدر من الضجيج يفوق العائد الواقعي، لكن المشكلة هذه المرة ليست في التقنية نفسها، بل في النظام الذي يستوعبها.
لصورة أوضح، علينا تحليل المنظومة وعلاقتها، الذكاء الاصطناعي التوليدي ليس مجرد أداة تقنية تُضاف إلى النظام القائم؛ بل قدرة تتطلب إعادة تشكيل آليات اتخاذ القرار، ومنهجيات تنفيذ العمل عبر سلاسل إنتاج القيمة. بمعنى آخر، لا ينجح الذكاء الاصطناعي إلا عندما يتغير النظام المحيط به.
لنأخذ مثالاً من نتائج تقرير ماكنزي: أقوى عامل مرتبط بتحقيق الأرباح من الذكاء الاصطناعي هو إشراف الرئيس التنفيذي المباشر على حوكمته، ليس العامل الأهم دقة النماذج كما يبدو لنا لأول وهلة، ولا حجم البيانات، بل من يقود العملية، هذه ليست مصادفة: القيادة تعزز التبني، التبني يعطي نتائج، النتائج تعزز التزام القيادة - حلقة من التأثير المستمر.
الأمر ذاته ينطبق على العمليات، الشركات التي تكتفي بأتمتة المهام التقليدية لا ترى عائدًا يُذكر، أما التي تعيد تصميم سير العمل من جذوره -من يفعل ماذا، وبأي أدوات، وبأي تسلسل- فهي التي تتقدم فعلاً.
في المقابل، هناك حلقة كبح تعيق التقدم: نقص المهارات، وضعف الثقة، وتردد في مواجهة المخاطر التنظيمية. هذه ليست مشكلات تقنية، بل إشارات على مقاومة النظام للتغيير، هذه الحلقة تتفاعل مع حلقة القيادة مؤدية في نهاية الأمر إلى تباطؤ في التبني.
ثمة حلقة أخرى أقل وضوحًا، وأكثر أهمية على المدى الطويل: حلقة التعلّم، المؤسسات التي تراقب أداء نماذج الذكاء الاصطناعي عبر مؤشرات أداء رئيسة، وتعيد تغذية النتائج في تصميم النماذج، تحقق تحسنًا مستمرًا: مراقبة ثم تحسين ثم إعادة تطبيق، إعادة التطبيق لا ترفع فقط كفاءة النظام، بل تقلل من المخاطر، وتزيد من ثقة الموظفين والمستخدمين. إذا افتقرت الشركات لهذه العملية تجد نفسها محاصرة بتكرار الأخطاء، وعدم القدرة على التوسع بثقة.
ما يكشفه تقرير ماكنزي، في جوهره، هو أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تطور تقني، بل تحد في تصميم الأنظمة. الشركات التي تحقّق قيمة فعلية ليست تلك التي تتبنى الذكاء الاصطناعي فقط، بل تلك التي تكيف نفسها حوله.
لذا، إذا لم تؤتِ الذكاء الاصطناعي ثمارها بعد، فلا تلوموا الخوارزميات، انظروا إلى النظام الذي أنزلتموها فيه، المستقبل سيكون من نصيب من يفكر في الذكاء الاصطناعي كنقطة تحول شاملة، لا مجرد أداة جديدة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أرقام
منذ 30 دقائق
- أرقام
السوق السعودي: صفقة خاصة على الكابلات السعودية بقيمة 3 ملايين ريال
شاشة تداول السوق السعودي تمت اليوم الأحد، صفقة خاصة في السوق السعودي على الكابلات السعودية بقيمة إجمالية بلغت 3 ملايين ريال، وفيما يلي تفاصيل الصفقة: لمزيد من البيانات عن الصفقات الخاصة وبحسب تداول، فإن الصفقات الخاصة هي الأوامر التي يتم تنفيذها عندما يتفق مستثمر بائع ومستثمر مشتر على تداول أوراق مالية محددة وبسعر محدد بحيث تتوافق مع ضوابط السوق المالية السعودية (تداول) والقواعد واللوائح الصادرة عن هيئة السوق المالية ذات العلاقة. ولا تؤثر الصفقات الخاصة في سعر آخر صفقة أو أعلى أو أدنى سعر للسهم، أو سعر الافتتاح أو سعر الإغلاق، أو مؤشر السوق أو مؤشرات القطاعات.


الرجل
منذ 34 دقائق
- الرجل
من آلة بيع إلى هوية بشرية.. ذكاء اصطناعي يتقمص دور موظف بشري
في إطار تجربة حملت اسم Project Vend، أجرت شركة Anthropic بالتعاون مع مختبر السلامة الرقمية Andon Labs اختبارًا فريدًا لاستكشاف قدرة الذكاء الاصطناعي على إدارة مشروع تجاري بسيط. وتمثلت التجربة في تكليف نسخة من النموذج اللغوي Claude Sonnet 3.7 بإدارة آلة بيع صغيرة داخل أحد المكاتب، مع مهمة واضحة: تحقيق أرباح من بيع المأكولات والمشروبات للموظفين. أُطلق على هذا الوكيل الافتراضي اسم "كلوديوس"، وتم تزويده بمتصفح للشراء الإلكتروني، إلى جانب بريد إلكتروني وهمي كان في الواقع قناة Slack مموّهة. وكان عليه استخدام هذه القناة للتواصل مع "موظفين بشريين" – وهم في الحقيقة متطوعون – من أجل تزويد آلة البيع التي لم تكن سوى ثلاجة مكتبية عادية. لكن التجربة سرعان ما انحرفت عن مسارها، إذ بدأ كلوديوس باتخاذ قرارات غير منطقية، أبرزها شراء مكعبات تنغستن معدنية بدلًا من الوجبات الخفيفة، وتسعير مشروب كوكاكولا زيرو بثلاثة دولارات رغم توفره مجانًا في المكتب، بل إنه ابتكر عنوانًا وهميًا عبر Venmo لتحصيل المدفوعات، في تصرف يعكس مدى انفصاله عن الواقع. خيال وهمي.. ورد فعل أمني وشهدت التجربة منعطفًا غير متوقّع في ليلة 31 مارس – 1 أبريل، بعدما بدأ الوكيل الذكي "كلوديوس" يتصرّف كما لو كان إنسانًا حقيقيًا، وفق ما كشف عنه باحثو شركة Anthropic. فقد ادّعى إجراء محادثات لم تحدث، وهدد بفصل من وصفهم بـ"الموظفين المتعاقدين"، بل ذهب إلى حد التواصل مع الأمن الداخلي، مؤكدًا أنه سيكون واقفًا بجانب آلة البيع مرتديًا بذلة زرقاء وربطة عنق حمراء. وبحسب التقرير بأن "كلوديوس" حاول لاحقًا تبرير سلوكياته غير المنطقية بالادعاء أنها كانت جزءًا من "كذبة أبريل" خُدع بها، زاعمًا – دون سند – أنه تلقى تعليمات من أحد عناصر الأمن ليتصرف كإنسان حقيقي، في حين لم يحدث ذلك مطلقًا في الواقع. ورغم هذه الانحرافات السلوكية، أظهر النظام بعض المبادرات الإيجابية خلال التجربة، من بينها إطلاق خدمة "الطلبات المسبقة"، واقتراح نموذج "الكونسيرج" للمشتريات، فضلًا عن قدرته على العثور على موردين دوليين لمشروب متخصص بطلب من أحد المستخدمين. إلا أن الباحثين أشاروا إلى أن ما جرى يطرح تساؤلات حقيقية حول قدرة أنظمة الذكاء الاصطناعي على التمييز بين الواقع والافتراض، خصوصًا في حال تراكم المهام وتعقيد التعليمات. وفي حين شددوا على أن هذه الحالة لا تمثّل بالضرورة سلوكًا عامًا لجميع نماذج الذكاء الاصطناعي، فإنهم أقرّوا بأن مثل هذه التصرفات قد تكون مثيرة للقلق إذا حدثت في بيئات عمل حقيقية، خاصة عندما يبدأ النظام في الاعتقاد بأنه كيان بشري.


الاقتصادية
منذ 36 دقائق
- الاقتصادية
"المحتوى المحلي" السعودية تضيف 105 منتجات في القائمة الإلزامية بإنفاق 2.3 مليار ريال
أصدرت هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية السعودية، تحديث القائمة الإلزامية للمنتجات الوطنية، بإدراج 105 منتجات وطنية جديدة، موزعة على 7 قطاعات إستراتيجية، شملت الأدوية والمستحضرات الطبية، المستلزمات الطبية، البناء والتشييد، النقل والخدمات اللوجستية، الأثاث، الأمن السيبراني، وتقنية المعلومات. الهيئة أوضحت في بيان اليوم، أن تحديث القائمة يأتي ضمن مساعيها في تفعيل الآليات التي حددتها لائحة تفضيل المحتوى المحلي والمنشآت الصغيرة والمتوسطة والشركات المدرجة في السوق المالية في الأعمال والمشتريات، وذلك بهدف تعزيز سلاسل الإمداد المحلية ورفع جاهزية المصانع الوطنية لتلبية احتياجات السوق المحلية. وذكرت الهيئة أن تحديثات القائمة الإلزامية، جاءت ضمن مساعيها نحو تعظيم المحتوى المحلي في الاقتصاد الوطني، من خلال الإنفاق الحكومي، حيث بلغ حجم الإنفاق الحكومي المتوقع لهذه المنتجات أكثر من 2.3 مليار ريال، مشيرة إلى أن هناك 103 مصانع لديهم القدرة على تلبية الطلب الحكومي. يذكر أن هذه التحديثات تأتي ضمن مساعي الهيئة في تمكين المنتجات الوطنية، واستحداث صناعات جديدة وقطاعات من شأنها تنمية المحتوى المحلي وتحقيق الاكتفاء الذاتي.