logo
صراع الأديان (1): توظيف الدّين في معارك النفوذ والمصالح

صراع الأديان (1): توظيف الدّين في معارك النفوذ والمصالح

عمونمنذ يوم واحد
في ظل التطورات المتسارعة التي تعصف في منطقتنا يظهر سؤال عميق حول جوهرية الصراع العربي والإسلامي من جهة والاحتلال الاسرائيلي من جهة أخرى، حيث أخذ هذا الصراع منذ بداية القرن العشرين أبعاداً دينية خطيرة، واستمر الصراع متدحرجاً حتى وصل إلى المواجهة الأخيرة بين إيران وإسرائيل، والذي لم يهدد منطقة الشرق الأوسط فحسب، بل العالم بأسره، وكأن الدين هو المحرك لصراعات الشرق الأوسط، ولكن الحقيقة أكثر تعقيداً من صراع بين الأديان، حيث يعدّ الصراع الإيراني الإسرائيلي من أبرز النماذج على خطورة توظيف الدين في معارك النفوذ والمصالح.
لا يخفى أن الإسلام لا يؤسس لصراع مع الآخر على أساس الدين، فحرية الدين مكفولة ومصانة بنصوص القرآن الكريم بشكل قطعي وواضح، والقتال في الإسلام مشروع ضد الظلم والاعتداء، وليس لمجرد المخالفة في الدين، ولو تأملنا خطاب اليمين الإسرائيلي المتطرف لوجدناه يتقن اللعب على وتر الدين، ويقدم نفسه للعالم كدولة يهودية تواجه خطراً وجودياً، من "عرب ومسلمين متطرفين" يريدون القضاء على دولتهم لأنها فقط يهودية، الخطاب الصهيوني استطاع أن يحول القضية محلياً وعالمياً من كونها قضية احتلال مجرّم حقوقياً وأنسانياً، إلى قضية صراع ديني وجودي، من أجل الدفاع عن النفس في ظل التهديدات المحيطة به.
والشاهد على ذلك كتاب نتنياهو الشهير: "مكان تحت الشمس" الذي يكشف بوضوح هذا التصور، حيث يربط بين البقاء اليهودي في فلسطين، وبين السرديات التوراتية عن "أرض الميعاد"، و"المعركة المقدسة"، فيصورها على أنها مسألة دينية، يقصد منها الحفاظ على الهوية اليهودية المهددة وجودياً، مستنداً إلى الوعد الإلهي الذي لابد من المضي به إلى النهاية، مهما كانت النتائج والعواقب، والذي يعطيه الحق المطلق في إقامة دولتهم الكبرى من النهر إلى البحر، وقتل وإبادة كل من وقف في وجه مشروعهم التوراتي.
وفي المقابل نجد الخطاب الإيراني بنزعته الشعبوية، يوظف الدّين من أجل التمدد الفارسي في المنطقة، ويغلف الصراع بلغة طائفية وشعارات دينية، مع أن الصراع في جوهره هو معركة نفوذ إقليمي، حيث تتخذ إيران من القضية الفلسطينية مظلة لخطابها السياسي والتحشيد الجماهيري، وفي نفس الوقت تمارس براغماتية واضحة، فهي تتحرك ضمن مصالحها وأهدافها التوسعية في المنطقة، وليس من منطلق التزامها الديني بالقضية الفلسطينية.
للأسف أن بعض الخطابات الإسلامية تسقط في الفخ نفسه حين يتم الترويج لفكرة أن المعركة مع اليهود "معركة وجودية " أو"معركة دينية" فإنهم بذلك يعيدون إنتاج الرواية الصهيونية ذاتها، ويمنحونها مسوغاً للاستمرار والبقاء القوة.
لا يخفى أن تيارات الإسلام السياسي استثمرت وجود الاحتلال الصهيوني الظالم للأرض الفلسطينية، من أجل تمرير أجندتهم الخاصة وأفكارهم المتطرفة، وكسب تأييد جماهيري كبير مبنيّ على رواية "الحرب الدينية" وتعبئة الوعي الجمعي العربي والإسلامي بهذا المنطق، حيث أن هذا الفكر أوجد حالة من التوتر المتصاعد لدى الجماعات المتطرفة، وخلق حالة في الوعي الجمعي على أن العداء مع الكيان الإسرائيلي هو عداء ديني، وليس عداء من أجل استرداد الحقوق ورفع الظلم عن الشعب الفلسطيني.
فالمطلوب منا اليوم أفراداً وجماعات أن نكون أكثر وعياً، وأدق في استخدام لغة خطاب متوازنة تعيد تعريف معركتنا مع الاحتلال بوصفها معركة حقوقية إنسانية ضد الظلم والعدوان، لا حرب أديان.
يجب أن لا نجعل من أنفسنا " الضلع الثالث" الذي يسوغ لعبة الصراع الديني بين إيران والاحتلال الإسرائيلي، فحين نحول الصراع مع الاحتلال إلى صراع ديني وجودي، ونصنع "عدواً دينياً" فنحن نكون بذلك سوغنا الرواية الصهيونية، وساهمنا في تعزيز الغلو اليميني المتطرف.
وإذا كان الاحتلال الإسرائيلي يستثمر في الخطاب الإسلامي من أجل إقناع العالم بمخاوفه، وتثبيت جمهوره على الأرض، وإذا كانت أيران توظف القضية الفلسطينية لخدمة أجندتها الإقليمية، فإن واجبنا أن نخرج من هذه الدوامة، ونؤسس لخطاب عقلاني إنساني أخلاقي حقوقي، يعيد الاعتبار للحقوق الفلسطينية باعتبارها قضية احتلال ظالم مدعوم من قوى استكبار عالمية ضد شعب أعزل مظلوم، هذا الخطاب سيجرد الاحتلال الصهيوني من نقاط القوة التي يستند إليها في تسويغ حربه الوحشية الدينية على الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة، ويكون خطاباً مقنعاً بأحقية الشعب الفلسطني في البقاء على أرضه، وإقامة دولته الفلسطينية على ترابه الفلسطيني، بعيداً عن أوهام الصراع الديني المفتعل، فإن معركتنا ليست مع دين، بل مع ظلم واعتداء.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

خولة كامل الكردي تكتب: عصر الحروب الاستعراضية
خولة كامل الكردي تكتب: عصر الحروب الاستعراضية

سرايا الإخبارية

timeمنذ 3 ساعات

  • سرايا الإخبارية

خولة كامل الكردي تكتب: عصر الحروب الاستعراضية

بقلم : خولة كامل الكردي توقفت حرب الإثنى عشر يوماً التي شنتها دولة الاحتلال ضد إيران، خلف ذريعة امتلاك إيران سلاحاً نوويا وزيادة تخصيب اليورانيوم لتطوير قنبلة نووية، انتهت الحرب فيما هو ظاهر الآن وخرج نتنياهو ليسوق الانجازات التي أحرزها جيشه «الهمام» كما يدعي في استهداف منشآت إيران النووية وتأخيرها لسنوات عديدة، متبجحا بنصر أحرزه ضد محور الشر، ومتفاخرا بالقضاء على قدرات إيران النووية والتسليحية، ولم يكن الرئيس الأميركي ترامب بمعزل عن استعراض قوة الضربة الجوية الأميركية على مفاعل فوردو، ظهر مبكراً ليعلن هزيمة إيران وتدمير برنامجها النووي، متباهيا بعدم قدرة إيران على استعادة برنامجها النووي وتطويره لعقود. وما يثير السخرية تلك المعلومات التي سربتها وسائل إعلام أميركية سي إن إن الإخبارية ونيويورك تايمز، بأن الضربة الجوية الأميركية والمفترض أنها استخدمت قاذفات 57 تحملها طائرة تعرف «يوم القيامة» قد أدت المهمة على على أكمل وجه، حديث يفتقد إلى الكثير من المصداقية وتنقصه المعلومات ونسبة الضرر منخفضة، فثارت ثائرة إدارة ترامب في محاولة للدفاع عن الهجمات الجوية ومدى نجاعتها وروعة المقاتلين الأميركيين! يشي بأن الولايات المتحدة الأميركية ما فتئت منذ بزوغ نجم قوتها كقوة مهيمنة على العالم عقب أفول نجم «بريطانيا العظمى» في تسخير الإعلام الأميركي لبث الرعب والخوف في قلوب الأعداء، فما حدث من دفاع مستميت من قبل ترامب وإدارته عن الهجمات الأمريكية ضد إيران لتبرير أكذوبة النصر التي ادعاها، وتلك هي عادة الولايات المتحدة الأمريكية وحليفها في المنطقة الكيان المحتل، والواقع يدحض ادعاءات احتكار النصر، فقد سجل تاريخ الحروب الحديثة في معركة الكرامة كيف مرغ الجيش الأردني البطل أنوف الجنود الصهاينة في التراب، في وقت عانى فيه العرب من عقدة الهزيمة أمام الجيش الصهيوني فترة من الزمن، فجاءت حرب الكرامة لتهشم أسطورة الجيش الذي لا يقهر، وأعادت الأمل لقلوب الكثيرين من العرب بأن النصر ليس مستحيلاً ولا صعباً، لكنه يريد رجالاً قابضين على جمر الحق، مؤمنين بحتمية النصر، وإزاحة شبح الهزيمة الذي لاحق الجيوش العربية سنوات طويلة. وعلى المقلب الآخر وبالنسبة للهجمات التي شنتها «إسرائيل» على إيران، فلم تكن سوى استعراض هزيل لا يخلو من شعور حكومة نتنياهو بالعجز أمام ضربات الصواريخ الإيرانية في قلب تل أبيب، وكلٌّ يستعرض بطولاته في حرب بات يشك العالم بحقيقة نتائجها وآثارها على الجمهورية الإيرانية، وحسبها كانت مجرد حرب عبثية، لم يجن منها ترامب وحليفه الفاشل نتنياهو إلا مزيداً من نفخ العضلات والتباهي الفارغ وموت الأبرياء وإشاعة الفوضى في المنطقة، تمهيداً لشرق أوسط جديد لا توجد إلا في خيالات نتنياهو البائس.

ترامب: من الممكن التوصل إلى اتفاق بعزة هذا الأسبوع وسنبرم اتفاق دائم مع إيران
ترامب: من الممكن التوصل إلى اتفاق بعزة هذا الأسبوع وسنبرم اتفاق دائم مع إيران

سواليف احمد الزعبي

timeمنذ 4 ساعات

  • سواليف احمد الزعبي

ترامب: من الممكن التوصل إلى اتفاق بعزة هذا الأسبوع وسنبرم اتفاق دائم مع إيران

#سواليف ألقى الرئيس الأمريكي دونالد #ترامب كلمة اليوم حول لقائه المرتقب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين #نتنياهو في #البيت_الأبيض، والمحادثات حول #صفقة_التبادل. وفي حديثه للصحفيين قبل عودته إلى البيت الأبيض من عطلة نهاية أسبوع في نيوجيرسي، قال ترامب: 'سأتحدث مع نتنياهو حول اتفاق دائم مع #إيران. مضيفا 'نحن قريبون من التوصل إلى اتفاق في #غزة – يمكننا التوصل إلى اتفاق هذا الأسبوع'. مقالات ذات صلة الاثنين .. الأجواء حارة نسبياً واضاف :' سنناقش مع نتنياهو اتفاقًا دائمًا مع إيران. قد يتم إطلاق سراح عدد لا بأس به من #الاسرى . هناك فرصة جيدة للتوصل إلى اتفاق مع حماس في وقت مبكر من هذا الأسبوع'.

ترامب: 'فرصة جيدة' لاتفاق لوقف إطلاق النار بغزة هذا الأسبوع
ترامب: 'فرصة جيدة' لاتفاق لوقف إطلاق النار بغزة هذا الأسبوع

رؤيا نيوز

timeمنذ 5 ساعات

  • رؤيا نيوز

ترامب: 'فرصة جيدة' لاتفاق لوقف إطلاق النار بغزة هذا الأسبوع

قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأحد إن هناك 'فرصة جيدة' للتوصل إلى اتفاق بشأن هدنة في غزة 'خلال هذا الأسبوع'، وذلك قبل اجتماعه المرتقب في واشنطن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وصرّح ترامب للصحافيين في نيوجيرسي قبل صعوده طائرته عائدا إلى واشنطن قائلا: 'أعتقد أن هناك فرصة جيدة للتوصل إلى اتفاق مع حماس خلال هذا الأسبوع'. وأضاف ترامب أن مثل هذا الاتفاق يعني أنه من الممكن تحرير 'عدد لا بأس به من الرهائن'. وأكد نتنياهو، الأحد، أن اللقاء مع ترامب، الإثنين في واشنطن، قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بشأن غزة. وأوضح نتنياهو قبيل مغادرته إلى العاصمة الأميركية واشنطن للقاء ترامب 'أعتقد أن النقاش مع الرئيس ترامب سيساهم بالتأكيد في تحقيق هذه النتائج'. وشدد نتنياهو على تمسك حكومته بأهدافها فيما يتعلق بعودة الرهائن والقضاء على تهديد حماس، مشيرا إلى أن الوفد الإسرائيلي المفاوض في محادثات وقف إطلاق النار يحمل 'تعليمات واضحة' لإنجاز اتفاق وفق الشروط التي وافقت عليها إسرائيل. وأكد نتنياهو تصميم حكومته على 'ضمان عودة جميع الرهائن إلى إسرائيل، وإزالة تهديد حماس من قطاع غزة'، قائلا: 'مصممون على إعادة كل المختطفين الإسرائيليين، ولن يكون لحماس مكان في غزة مستقبلا'. وتزداد الضغوط على نتنياهو للاتفاق على وقف دائم لإطلاق النار وإنهاء الحرب في غزة، وهي خطوة يعارضها بعض الأعضاء المتشددين في الائتلاف اليميني الحاكم بينما يدعمها آخرون منهم وزير الخارجية جدعون ساعر. وبدأت في قطر الأحد مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وحركة 'حماس' للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح رهائن في غزة، وفق ما أفاد مصدر فلسطيني مطّلع لوكالة فرانس برس. وذكر المصدر أن 'المفاوضات تدور حول آليات التنفيذ' للاتفاق المحتمل و'تبادل الأسرى'، موضحا أنها بدأت على الساعة 18:30 بتوقيت غرينيتش ويتم خلالها 'تبادل المواقف والإجابات عبر الوسطاء'.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store