
خفايا وأسرار مخططات نتنياهو وحزب الليكود الصهيونية من النشأة إلى اليوم
مخططات نتنياهو والليكود الصهيونية.. إرث عقائدي يتحول إلى سياسات توسعية
من جابوتنسكي إلى نتنياهو.. تطور عقيدة السيطرة الصهيونية في فلسطين
الليكود في خدمة "أرض إسرائيل الكبرى".. خفايا المشروع الاستيطاني التوسعي
يُعد بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء كيان الاحتلال الأطول خدمة، وحزبه الليكود، حجر الزاوية في اليمين بكيان الاحتلال.
لفهم مخططاتهما السياسية، لا بد من العودة إلى الجذور الأيديولوجية للحزب وتحليل المسار السياسي لزعيمه، الذي صاغ المشهد في كيان الاحتلال لعقود.
يستند هذا التقرير إلى مصادر تاريخية وتحليلات سياسية لتوثيق مخططات نتنياهو والليكود منذ نشأتهما.
الجذور الأيديولوجية: الصهيونية التصحيحية و"الجدار الحديدي"
ينتمي حزب الليكود مباشرة إلى مدرسة "الصهيونية التصحيحية" التي أسسها زئيف جابوتنسكي في عشرينيات القرن الماضي. قامت هذه الأيديولوجيا على عدة مبادئ أساسية شكّلت لاحقاً صلب عقيدة الليكود:
الحق في "أرض إسرائيل الكاملة": رفضت الصهيونية التصحيحية أي تقسيم لفلسطين الانتدابية، وطالبت بالسيادة اليهودية على كامل "أرض إسرائيل" (Eretz Israel)، والتي شملت في نسختها الأصلية ضفتي نهر الأردن.
عقيدة "الجدار الحديدي": آمن جابوتنسكي بأن العرب لن يقبلوا طواعيةً بالوجود الصهيوني. لذلك، دعا إلى بناء "جدار حديدي" من القوة العسكرية اليهودية التي لا يمكن اختراقها، لإجبار العرب في النهاية على التسليم بالأمر الواقع والتفاوض من موقع ضعف.
رفض التسويات التنازلية: اعتبرت هذه المدرسة أي تنازل عن الأرض خيانة للمشروع الصهيوني.
ورث حزب "حيروت" (الحرية)، الذي أسسه مناحيم بيغن عام 1948، هذه العقيدة، وشكّل لاحقاً النواة الأساسية التي قام عليها تكتل الليكود عام 1973.
بنيامين نتنياهو: ابن العقيدة التصحيحية
لم يكن صعود بنيامين نتنياهو مجرد مسيرة سياسية، بل هو تجسيد لتربية أيديولوجية عميقة. وُلد نتنياهو في عائلة تنتمي إلى النخبة التصحيحية؛ فوالده، بن صهيون نتنياهو، كان مؤرخاً بارزاً وعمل سكرتيراً لجابوتنسكي نفسه. هذه النشأة غرست في نتنياهو مبادئ أساسية ظهرت في كل مراحل حياته السياسية:
الشك العميق في النوايا العربية: يرى نتنياهو، كما ورد في كتابه "مكان تحت الشمس"، أن الصراع ليس على الحدود والأرض، بل هو صراع وجودي يرفض فيه العالم العربي حق اليهود في تأسيس دولة خاصة بهم.
الأمن فوق كل اعتبار: تبنى نتنياهو عقيدة "الجدار الحديدي" بالكامل، معتبراً أن القوة العسكرية والتفوق الأمني هما الضمانة الوحيدة لبقاء كيان الاحتلال.
التمسك بالسيطرة على "يهودا والسامرة" (الضفة الغربية): يرى نتنياهو أن السيطرة الأمنية على الضفة الغربية، وخصوصاً منطقة غور الأردن، أمر غير قابل للتفاوض لحماية أمن كيان الاحتلال.
مخططات نتنياهو على رأس السلطة: من النظرية إلى التطبيق
يمكن تتبع مخططات نتنياهو الصهيونية عبر محطاته الرئيسية في السلطة:
1. الولاية الأولى (1996-1999): تفكيك أسس أوسلو
صعد نتنياهو إلى السلطة لأول مرة عبر حملة شرسة ضد "اتفاقيات أوسلو" التي وقعها سلفه إسحاق رابين. ورغم أنه لم يلغِ الاتفاقيات رسمياً تحت ضغط أمريكي، إلا أنه عمل على تفريغها من مضمونها عبر:
توسيع الاستيطان: بدأ سياسة توسع استيطاني أدت إلى زيادة التوتر.
وضع شروط تعجيزية: طالب الفلسطينيين بتنفيذ كامل التزاماتهم الأمنية كشرط مسبق لأي تقدم، مما أدى إلى جمود العملية السلمية.
التوقيع على اتفاقيات جزئية: وقّع على "مذكرة واي ريفر" (1998) التي نصت على إعادة انتشار محدودة، لكنها لم تؤدِ إلى حل نهائي.
2. العودة إلى السلطة (2009-2021): ترسيخ الأمر الواقع
شهدت هذه الفترة الطويلة ترسيخاً لمخططات نتنياهو بشكل ممنهج:
القبول المشروط بدولة فلسطينية: في "خطاب بار إيلان" عام 2009، وتحت ضغط إدارة أوباما، وافق نتنياهو للمرة الأولى على فكرة "دولة فلسطينية منزوعة السلاح"، لكنه ربطها بشروط مستحيلة التحقيق، مثل اعتراف الفلسطينيين بكيان الاحتلال "دولة قومية للشعب اليهودي" وإنهاء كل المطالب.
تكثيف الاستيطان كسياسة دولة: تسارعت وتيرة بناء المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية بشكل غير مسبوق، مما جعل حل الدولتين، وفقاً للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، "شبه مستحيل".
قانون "الدولة القومية" (2018): أشرف على سن قانون مثير للجدل يعرف كيان الاحتلال بأنه "الدولة القومية للشعب اليهودي"، ويجعل حق تقرير المصير فيه "حصرياً للشعب اليهودي"، مما أثار اتهامات بتكريس التمييز ضد المواطنين العرب.
مواجهة إيران كأولوية قصوى: حوّل نتنياهو مواجهة البرنامج النووي الإيراني إلى رأس أولوياته، معتبراً إياه تهديداً وجودياً. وقد عارض بشدة الاتفاق النووي الإيراني (JCPOA) عام 2015، وكان من أبرز المحرضين لإدارة ترامب على الانسحاب منه.
اتفاقيات أبراهام (2020): نجح في تحقيق اختراق دبلوماسي بتوقيع اتفاقيات تطبيع مع الإمارات والبحرين والمغرب والسودان، مكرساً بذلك عقيدته "السلام مقابل السلام" بدلاً من مبدأ "الأرض مقابل السلام"، ومتجاوزاً القضية الفلسطينية.
3. الولاية الحالية (2022 - حتى اليوم): ذروة الأيديولوجيا اليمينية
شهدت عودة نتنياهو إلى السلطة على رأس الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ كيان الاحتلال، تصعيداً في تنفيذ مخططاته:
خطة "الإصلاح القضائي": سعى إلى إقرار تعديلات قضائية تهدف، بحسب منتقديه، إلى إضعاف المحكمة العليا، التي تُعتبر آخر حصن يمكن أن يحد من سياسات الحكومة التوسعية وقراراتها المتعلقة بالاستيطان والأراضي.
الحرب على غزة (2023-مستمر): بعد هجوم 7 أكتوبر، أعلن نتنياهو عن حرب تهدف إلى "القضاء على حماس"، رافضاً أي حديث عن دور للسلطة الفلسطينية في حكم غزة بعد الحرب، ومؤكداً على ضرورة احتفاظ كيان الاحتلال بـ "السيطرة الأمنية الكاملة" على القطاع لفترة غير محددة، وهو ما يتماشى مع رؤيته الأمنية طويلة الأمد.
إن مخططات بنيامين نتنياهو وحزب الليكود ليست سياسات وليدة اللحظة، بل هي امتداد طبيعي لأيديولوجيا الصهيونية التصحيحية التي نشأوا عليها. تقوم هذه المخططات على إيمان عميق بـ"الحق التاريخي" في "أرض إسرائيل الكاملة"، وتعتمد على القوة العسكرية كأداة لفرض الأمر الواقع، وترفض أي تسوية تمس بالسيطرة الأمنية لكيان الاحتلال على الأراضي الفلسطينية. ومن خلال سياسات الاستيطان الممنهجة، وتجاوز القضية الفلسطينية عبر التطبيع، والتمسك بالهيمنة الأمنية، نجح نتنياهو على مدار عقود في تحويل رؤيته الأيديولوجية إلى واقع ملموس على الأرض.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

السوسنة
منذ 35 دقائق
- السوسنة
نتنياهو يصل البيت الأبيض ويلتقي ترمب مجددًا لبحث هدنة غزة
السوسنة - وصل رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى البيت الأبيض لإجراء اجتماع ثانٍ مع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، ضمن مساعٍ تهدف إلى إنهاء الحرب المستمرة في قطاع غزة. وأوضح ترمب أن اللقاء يعكس رغبة مشتركة بين الأطراف للتوصل إلى حل، مضيفًا: "إنها مأساة، وهو يريد حلها، وأنا أريد حلها، وأعتقد أن الطرف الآخر يريد ذلك".في السياق ذاته، عبّر المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، عن أمله بالتوصل إلى هدنة تمتد لـ60 يومًا بحلول نهاية الأسبوع. من جانبها، أكدت وزارة الخارجية القطرية أن المحادثات غير المباشرة بين حماس والاحتلال لا تزال بحاجة إلى مزيد من الوقت، مشيرة إلى أنه من المبكر الحديث عن إطار زمني محدد لاتفاق وقف إطلاق النار. أقرأ أيضًا:


رؤيا
منذ 38 دقائق
- رؤيا
نتنياهو يصل البيت الأبيض ومحادثات مرتقبة مع ترمب بشأن غزة
ترمب: الاجتماع الثاني مع نتنياهو يعكس رغبة جميع الأطراف في التوصل إلى حل وصل رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى البيت الأبيض للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لليوم الثاني على التوالي. وكان أعلن ترمب، أن نتنياهو سيعود إلى البيت الأبيض لإجراء محادثات جديدة بهدف إنهاء "المأساة" في غزة، في وقت أكدت فيه قطر ضرورة مزيد من الوقت للتوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وقال ترمب إن الاجتماع الثاني مع نتنياهو يعكس رغبة جميع الأطراف في التوصل إلى حل. وأضاف: "إنّها مأساة، وهو يريد حلّها، وأنا أريد حلّها، وأعتقد أنّ الطرف الآخر يريد ذلك." من جانبه، أعرب المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، عن أمله في التوصل إلى هدنة تمتد لـ60 يومًا بحلول نهاية الأسبوع. من جهته أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، أنه من المبكر تحديد إطار زمني لاتفاق وقف إطلاق النار، مشيرًا إلى أن المحادثات غير المباشرة بين حماس والاحتلال ستحتاج إلى مزيد من الوقت.


رؤيا نيوز
منذ ساعة واحدة
- رؤيا نيوز
حالة 'طوارىء سياسية' لترتيب البيت الداخلي
بهدوءٍ، وقليلٍ من الكلام، بدأت الدولة الأردنية إعادة ترتيب البيت الداخلي، كل ما جرى منذ بداية هذا العام، على الأقل، كان يصب في هذا الاتجاه، صحيح، الخطاب العام الرسمي ظل يدور في فلك التحديث ومنظوماته الثلاثة، ويعزز قرار الاستدارة للداخل، وينسحب من التصعيد في قضايا خارجية، لكن الصحيح، أيضاً، «القلق» من الاستحقاقات التي تمخضت عن الحرب على غزة وما بعدها ظل بمثابة «الدينامو» الذي حرك عجلة السياسة، ثمة مخاطر قادمة بلا شك، الاستعداد لمواجهتها واجب وطني، والخيار هو «لمّ الشمل» الوطني على وعي محدد، عنوانه حماية المصالح العليا للدولة، والأردن فوق كل اعتبار. لا أدري إذا كانت الرسالة وصلت للمجتمع أم لا، لا أدري، أيضاً، إذا كانت اللحظة التاريخية التي تمر بها المنطقة، وبلدنا تحديداً، تستدعي مكاشفات أوضح وأعمق، وكذلك استنفاراً عاما تقوده قوة وطنية موثوقة تتحدث باسم الدولة، وتشكل الروافع لمقرراتها وخياراتها، لا أدري، ثالثاً، إذا كانت عملية «الترتيب» التي جرت، سواء على صعيد النقابات والبلديات، المجال السياسي والاقتصادي، الثقافي والديني والاجتماعي، قد اكتملت، أو أنها جاءت ناضجة بما يكفي لإقناع الأردنيين، ما أعرفه، تماماً، إدارات الدولة تعمل بانسجام وتوافق، وثمة إجماع على التعامل مع القادم واستحقاقاته بمنطق إعلان صامت لحالة الطوارئ السياسية. لكي نفهم أكثر، المنطقة أمام مرحلة تشبه، تماماً، ما حدث قبل نحو 109 أعوام، وثيقة سايكس بيكو التي تضمنت 12 بنداً يُعاد إنتاجها هذا الأسبوع في واشنطن، لكن بصورة أخرى، قمة «ترامب? ياهو»? ستكون بمثابة إعلان عن بداية تنفيذ مشروع «الشرق الاوسط الجديد»، حيث تقسيم مناطق النفوذ، وتغيير الخرائط السياسية، وإجراء الصفقات التجارية، السؤال: أين يقع بلدنا من هذا المخطط، وكيف يمكن أن يتعامل معه، هل المطلوب أن يواجهه أم يتكيف معه، ما الأثمان السياسية التي تترتب على ذلك؟ أكيد، هذه الأسئلة تبدو صعبة، والإجابات عنها ربما أصعب، لكن إذا توافقنا على أن القضية الفلسطينية هي الثابت والمتغير (معاً) وأنها تشكل محور الصراع وتداعياته واستحقاقاته، فإن اعادة ترسيم مواقفنا من هذه القضية يساعدنا في الإجابة عن أسئلة القادم، ثمة ثوابت نتوافق عليها حول هذه القضية : مصالحنا الوطنية العليا، دعم صمود أهلنا هناك، رفض حل القضية الفلسطينية على حساب بلدنا، قرار الفلسطينيين بيدهم، نحن جزء من الأمة العربية والإسلامية ونعمل في إطارها، ولا نتحمل وحدنا مسؤولية ما حدث أو ما سيحدث، هذه العناوين وغيرها تحتاج إلى حوار وطني أوسع لكي نخرج بمعادلة أردنية واضحة، تُرسّم علاقتنا بالقضية الفلسطينية خلال المرحلة القادمة. بصراحة أكثر، القضية الفلسطينية تواجه خطراً وجودياً، انتهت على ما يبدو كل المقاربات التي طُرحت فيما مضى للحل أو للتسويات والسلام، إسرائيل تريد فلسطين بأقل ما يمكن من فلسطينيين، ومشاريع التهجير جاهزة على ما يبدو، والدول المستقبلة أصبحت معروفة، وكذلك مشاريع التطبيع، الأردن يقف وحيداً في مواجهة هذا المخطط الكبير، ولا يستطيع، وحده، أن يتصدى له، المطلوب أن نفكر، كأردنيين، بمنطق عاقل وهادئ لكي نخرج من هذه المرحلة بأقل الخسائر، والأهم أن ننتزع لنا دوراً يضمن الحفاظ على بلدنا، ويجنبه الانخراط في أي مغامرة.