
الأخوة التي أرساها النبيﷺشكَّلت حجر الزاوية في بناء الأمةونهضتها
وأكد فضيلة الأستاذ الدكتور عبد الفتاح العواري أنّ المهاجرين و الأنصار ضربوا أروع المثل في تحقيق الأخوة الصادقة ، تلك التي اتسمت بصدق النية، وحُسن الطوية، وقامت على الحبّ في الله ، وكانت عوامل قيامها من منطلقٍ إيمانيٍّ أصيل، ويقينٍ صادق، بأن هذا الدين جاء فوجد العرب «طرائق قِدَدًا» وقبائل شَتّى، فوَحَّد بينهم، وجمع كلمتهم تحت راية «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، وقضى على العصبيّات، ونطق بذلك أسعد الخلق ﷺ ، كما جاء في الحديث: «الحمدُ لله الذي أذهبَ عنكم عُبيَّةَ الجاهليَّةِ وتكبُّرَها، إنما هي أخوّةُ الإسلام ».
وأوضح فضيلته أن أخوّة الإسلام هي ال نسب الأصيل، و الأخوة الصادقة ، فـ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾، وكلّ نسب ٍ ينقطع إلا نسب العقيدة ، واستشهد بقول النبيّ ﷺ في حقّ سلمان: «سلمان منّا أهل البيت»، وقول عمر رضي الله عنه: «سيّدُنا أعتق سيدَنا»، متحدثا بذلك عن سيدنا أبي بكرٍ حيث أعتق سيدنا بلال. فالرابطة الحقّة التي عمل عليها هذا الدين هي رابطة الإسلام ، وقد انصهرت في بوتقتها سائر الأعراق والأجناس، حتى لا يبغي أحدٌ على أحد، ولا يتعالى أحدٌ على أحد.
وحذر فضيلته من الفرقة، قائلاً: إن أراد المسلمون العزّة، وإن أرادوا البقاء والتمكين، فليَعودوا إلى أخوّة الإسلام ، متعالين عن كل فرقةٍ تُوقِع العداوة والبغضاء بينهم، فلا يلتفتوا إلى أحزاب، ولا إلى شيَع، ولا إلى غير ذلك مما يُوغِر الصدور، ويورّث الضغائن والأحقاد، والله تبارك وتعالى بيّن ذلك في قرآنه فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعًا لَستَ مِنهُم فِي شَيءٍ﴾، وفي قراءة متواترة: «فارَقوا دينهم». مؤكّدًا أنّ الدعوة إلى العصبيّة والنَّعَرات القبليّة، وترك الأخوة الإنسانيّة المسلمة، هي دعوة إلى الفناء، ودعوة إلى أن يكون سُوسُ الفرقةِ ناخِرًا في عِظام هذه الأمّة، فتتفتّت عظامها، ويَنهار قِوامها، وتَصير أثرا بعد عين، و الإسلام لا يرضى بذلك، فقد قال رسول الله ﷺ: «يَدُ اللهِ مع الجماعة».
من جانبه، أكّد فضيلة الدكتور حمدي الهدهد أنّ قوّة هذه الأمّة في وحدة المنتسبين إليها، ولا صلاح لها إلا بصلاح أفرادها، ولا صلاح للفرد إلا بصلاح قلبه، ولا صلاح للقلب إلا بذكر الله عز وجل، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾. وقال فضيلته: إن النبي ﷺ حين أمر ب الهجرة من مكة إلى المدينة، كأنّه ناجى ربَّه قائلًا: «اللهم إنك أردت أن تُخرجني من أحب البلاد إلي، فأسكنِّي يا رب في أحب البلاد إليك»، فكان مقامه بالمدينة المنوّرة.
وأضاف فضيلته أن الهجرة في معناها الحقيقي الدقيق، هي نقطة بداية، وتحوُّلٌ تامٌّ من حالٍ إلى حال؛ إذ كانت الدعوة في مكة مضطهَدةً، محاصَرة، يُنكَّل بكلّ من يدعو إليها أو ينتمي لها، فانتقل النبي ﷺ وأصحابه إلى المدينة المنورة ليُمهِّد لتمكين دين الله في الأرض كلّها، وكان أوّل ما أراده النبي ﷺ هو بناء المجتمع، لا المجتمع المسلم فحسب، بل المجتمع الإنساني بأسره.
واستشهد فضيلته بقول نبينا محمد ﷺ عند دخوله المدينة: «والذي نفسي بيده، لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابّوا، ألا أدلّكم على شيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم». وقال: وكأنّ النبي ﷺ يريد أن يُؤسِّس لبداية طريق الوحدة، وأنّ طريق الوحدة لا يبدأ إلا بتفعيل اسم الله «السلام» بيننا. وأوضح أن من علامات الساعة أن يُصبح إفشاء السلام غريبًا بين الناس، حتى إنك إذا سلّمت على أحد، نظر إليك قبل أن يرد، ليتأكّد: هل يعرفك؟ هل قابلك من قبل؟! وقد غاب الأصل، وهو أن تسلِّم على من عرفتَ ومن لم تعرف.
وفي ختام الندوة، أكّد فضيلة الدكتور حسن يحيى أنّ الأخوة التي عمل النبيّ ﷺ على ترسيخها كقيمة اجتماعيّة، تنبثق عنها قيمٌ أخرى، فقيمة الإيثار منبثقة من قيمة الأخوة، وقيمة الفداء والتضحية منبثقة من قيمة الأخوة، وكذلك قيمة النصر والنُّصرة. وأوضح فضيلته أن رسول الله ﷺ أسّس دولته على المؤاخاة بين الأوس والخزرج، وبين الأنصار والمهاجرين، لأن هذه الدولة منوطٌ بها أن تنشر رسالة، وأن تحقق هدفًا، وأن تصل أرضًا بسماء، وتصل دنيا بآخرة، وهذه الأهداف العظيمة لا يمكن أن تتحقق إلا ب مجتمعٍ متماسكٍ ، متآخٍ.
وأضاف فضيلته: لو تخيّلتم حين اعتدى المشركون على المدينة في بدر، كيف كان رسول الله ﷺ سيواجه هذا الخطر المحدق بهذه الدولة الفتيّة، لو كان المجتمع متهالكًا متناحرًا، لأدركتم عِظم نعمة الأخوة الإسلام ية. فقد كانت هذه الأخوة التي رسّخها سيدنا رسول الله ﷺ عاملًا أساسيًّا في تحقيق النصر في بدر، وفي أُحُد، وفي الأحزاب، وكانت سببًا في ردّ عدوان من أرادوا الإغارة على المدينة في تبوك، وكانت كذلك عاملًا في عودة المسلمين إلى ديارهم في مكة منتصرين، ولسان حالهم يردد قول الله تعالى: ﴿وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا فَأَوْحى إِلَيهِمْ رَبُّهُم لَنُهلِكَنَّ الظّالِمين * وَلَنُسكِنَنَّكُمُ الأَرضَ مِن بَعدِهِم﴾.
وختم فضيلته كلمته بالتأكيد على أن الأخوة نعمة امتنّ الله بها على هذه الأمة، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿وَاذكُروا نِعمَتَ اللَّهِ عَلَيكُم إِذ كُنتُم أَعداء فَأَلَّفَ بَينَ قُلوبِكُم فَأَصبَحتُم بِنِعمَتِهِ إِخوانًا﴾، وقال: إن شكر النعمة يقتضي أن نحافظ عليها، وسبيل الحفاظ على الأخوة أن نتنازل عن ذواتنا وأهوائنا وأغراضنا، وأن نطهّر قلوبنا لله عز وجل، لنبني بها وطنًا، ونحقق بها هدفًا، وننمي من خلالها أواصر الأمن النفسي، والأمن المجتمعي.
يأتي ذلك وفق توجيهات فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب شيخ الأزهر ، وباعتماد فضيلة أ.د محمد الضويني وكيل الأزهر ، وبالتنسيق بين الجامع الأزهر ومجمع البحوث الإسلام ية.
Previous Next

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الدولة الاخبارية
منذ ساعة واحدة
- الدولة الاخبارية
حسام لبن ينعي شهداء سنترال رمسيس.. علينا جميعا تقديم التحية لرجال الحماية المدنية
الثلاثاء، 8 يوليو 2025 10:51 مـ بتوقيت القاهرة نعى المهندس حسام لبن الامين المساعد للشئون البرلمانية بحزب مستقبل وطن ضحايا الحريق الأليم الذي اندلع في مبنى سنترال رمسيس، والذي خلف وراءه سقوط أربعة من الشهداء الأبرار، الذين لقوا ربهم وهم يقومون بأداء عملهم بإخلاص، متمنياً الشفاء العاجل للمصابين. وأكد " حسام لبن" ، إن ما قامت به قوات الحماية المدنية -المطافي- من عمل للسيطرة على هذا الحريق اثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن لمصر جنوداً أشداء لا يهابون مواجهة الخطر في سبيل حماية مصر أرضاً وشعباً ومقدرات، مؤكدين أن الزود عن الوطن أسمى غايتهم مقدمين أرواحهم فداءً للوطن، وعلينا جميعاً أن نقدم كل التحية والتقدير لرجال الحماية المدنية على مابذلوه من جهد. وتقدم " حسام لبن " ، بخالص العزاء، وصادق المواساة إلى أسر الضحايا وذويهم وزملائهم، سائلًا الله تعالى أن يتغمَّدهم بواسع رحمته، ويسكنهم فسيح جناته، وأن يمنّ على المصابين بالشفاء العاجل.


فيتو
منذ ساعة واحدة
- فيتو
خطر جسيم على المرأة، تحذير قوي من أمين الفتوى بشأن الزواج العرفي (فيديو)
قال الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن مسألة الزواج العرفي تثير كثيرًا من الجدل، ويجب التفريق فيها بين الصحة الشرعية للعقد من جهة، وبين توثيقه القانوني من جهة أخرى، موضحًا أن الزواج له أركان وشروط إذا توفرت كان العقد صحيحًا شرعًا، حتى وإن لم يُوثق. أمين الفتوى يحذر من الزواج العرفي: خطر جسيم على المرأة وأضاف خلال حلقة برنامج "فتاوى الناس"، المذاع على قناة الناس، اليوم الثلاثاء: "التوثيق لم يكن معروفًا في العصور القديمة، وقد ظهر في مصر بشكل رسمي منذ عام 1936، وذلك نتيجة ما طرأ على المجتمع من تغيرات، أبرزها ضعف الأمانة وتلاشي الوفاء بالعهود، وانتشار حالات التلاعب بحقوق النساء، لذلك أصبح التوثيق الآن ضرورة مجتمعية لحفظ الحقوق، خاصة للمرأة". وأشار إلى أن كثيرًا من الفتيات قد يقعن ضحية هذا النوع من الزواج، قائلًا: "تأتينا أسئلة يوميًا من نساء لا يعرفن هل هنّ زوجات أم لا، طرف يقول: 'أنا تزوجتها بعقد عرفي'، والمرأة تقول: 'مزق الورقة وتركني'.. فلا هي قادرة تثبت الزواج، ولا قادرة تأخذ حقوقها، وقد تصل الأمور إلى نزاع في إثبات نسب الأولاد، وهذه كارثة". موقف الشرع من الزواج العرفي وأكد الشيخ عويضة أن الضرر الأكبر يعود على المرأة، مشددًا على أن العقد العرفي وإن كان مستوفيًا للأركان الشرعية من وليّ وشهود وصيغة، إلا أن عدم التوثيق يُفقد المرأة حقها في الحماية القانونية، ويُعرضها للضياع. وحذر: "نحن لا نحكم على صحة العقد فقط، بل ننظر في عواقبه، ولذلك نقول لكل امرأة: لا تُقدمي على هذا الزواج قبل أن تفكري جيدًا، فنتائجه قد تكون مؤلمة جدًا، وقد تُضيّع مستقبلك وحقوقك وحقوق أبنائك". ووجه رسالة إلى أولياء الأمور والمجتمع: "التوثيق ليس رفاهية، بل هو صون للعرض وحفظ للحقوق، وما رأينا من قضايا ونزاعات إلا بسبب ترك هذا الباب مفتوحًا، فليتّقِ كلٌ منّا الله في بناته وأخواته وأسرته". ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.


الجمهورية
منذ ساعة واحدة
- الجمهورية
مفتي الجمهورية ينعى شهداء حريق سنترال رمسيس
ينعى فضيلة أ. د نظير محمد عياد ، مفتي الجمهورية ، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم ، ضحايا الحريق الأليم الذي اندلع مساء أمس الاثنين، في مبنى سنترال رمسيس ، والذي أسفر عن سقوط أربعة من الشهداء الأبرار، وعدد من المصابين، الذين لقوا ربهم وهم يؤدون عملهم بإخلاص وتفانٍ وشرف ومسؤولية. تقدم فضيلة المفتي بخالص العزاء، وصادق المواساة إلى أسر الضحايا وذويهم وزملائهم، سائلًا الله تعالى أن يتغمَّدهم بواسع رحمته، ويسكنهم فسيح جناته، وأن يمنّ على المصابين بالشفاء العاجل "إنا لله و إنا إليه راجعون"