
المرأة التي زلزلت إسرائيل وأميركا - إيطاليا تلغراف
كريس هيدجيز
كاتب ومراسل عسكري أميركي
فرض العقوبات من قبل إدارة ترامب على فرانشيسكا ألبانيزي، المقرّرة الخاصة للأمم المتحدة، يُعدّ نذير شؤم لنهاية حكم القانون الدولي.
عندما يُكتب تاريخ الإبادة الجماعية في غزة، ستكون فرانشيسكا ألبانيزي – المقرّرة الخاصة للأمم المتحدة – واحدة من أكثر الأصوات شجاعة ووضوحًا في الدفاع عن العدالة والتمسّك بالقانون الدولي، وهي الآن تتعرض لعقوبات من إدارة ترامب على خلفية قيامها بدورها في رئاسة المكتب الأممي المكلّف برصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين.
تتلقى ألبانيزي تهديدات بالقتل بشكل منتظم، وتتعرض لحملات تشويه مُحكمة تقودها إسرائيل وحلفاؤها، ومع ذلك فهي تسعى بشجاعة لمحاسبة كل من يدعم ويشارك في استمرار الإبادة الجماعية.
وهي تنتقد ما تسميه 'الفساد الأخلاقي والسياسي للعالم' الذي يسمح باستمرار هذه الإبادة. وقد أصدر مكتبها تقارير مفصّلة توثّق جرائم الحرب في غزة والضفة الغربية، من بينها تقرير بعنوان 'الإبادة كوسيلة للإزالة الاستعمارية'، أُعيد نشره كمُلحق في كتابي الأخير إبادة متوقعة.
أبلغت ألبانيزي منظمات خاصة بأنها قد تكون 'مسؤولة جنائيًا' لمساعدتها إسرائيل في تنفيذ الإبادة في غزة. وأعلنت أنه إذا صحّ ما نُقل عن رئيس الوزراء البريطاني ووزير الخارجية السابق ديفيد كاميرون بأنه هدّد بقطع التمويل وسحب بريطانيا من المحكمة الجنائية الدولية بعد إصدارها مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، فإن ذلك قد يُعرّض كاميرون ورئيس الوزراء البريطاني السابق ريشي سوناك للملاحقة الجنائية بموجب نظام روما الأساسي، الذي يجرّم محاولات منع محاكمة مرتكبي جرائم الحرب.
ودعت ألبانيزي كبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي إلى مواجهة تهم التواطؤ في جرائم الحرب بسبب دعمهم للإبادة الجماعية، مؤكّدة أن أفعالهم لا يمكن أن تمرّ دون عقاب. وكانت من أبرز الداعمين لأسطول 'مادلين' الذي سعى لكسر الحصار عن غزة وتوصيل المساعدات الإنسانية، وكتبت أن القارب الذي اعترضته إسرائيل كان يحمل، إلى جانب الإمدادات، رسالة إنسانية للعالم.
في أحدث تقاريرها، أدرجت ألبانيزي أسماء 48 شركة ومؤسسة، منهاPalantir Technologies Inc.، Lockheed Martin، Alphabet Inc. (Google)، Amazon، IBM، Caterpillar Inc.، Microsoft، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، إضافةً إلى بنوك وشركات تأمين وعقارات وجمعيات خيرية، كلّها – بحسب التقرير – تنتهك القانون الدولي وتحقّق أرباحًا بمليارات الدولارات من الاحتلال والإبادة الجماعية للفلسطينيين.
وزير الخارجية ماركو روبيو أدان دعم ألبانيزي للمحكمة الجنائية الدولية، والتي فُرضت عليها وعلى أربعة من قضاتها عقوبات أميركية العام الماضي لإصدارهم مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت.
وانتقد روبيو ألبانيزي لمحاولاتها محاكمة مواطنين أميركيين أو إسرائيليين يدعمون الإبادة الجماعية، واعتبر أنها غير صالحة لمنصبها كمقرّرة خاصة، متّهمًا إياها بأنها 'تروّج لمعاداة السامية بلا خجل، وتدعم الإرهاب، وتُبدي احتقارًا صريحًا للولايات المتحدة وإسرائيل والغرب'. ومن المتوقع أن تؤدي العقوبات إلى منع ألبانيزي من دخول الولايات المتحدة، وتجميد أي أصول تمتلكها هناك.
الهجوم على ألبانيزي يُنذر بعالم بلا قواعد، عالم يُسمح فيه لدول مثل الولايات المتحدة وإسرائيل بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية دون أي مساءلة أو رادع.
هذا الهجوم يكشف عن الخدع التي نمارسها لخداع أنفسنا والآخرين. إنّه يعرّي نفاقنا وقسوتنا وعنصريتنا. ومن الآن فصاعدًا، لن يأخذ أحد على محمل الجد تعهّداتنا المعلنة بالديمقراطية وحرية التعبير وسيادة القانون وحقوق الإنسان. ومن يستطيع لومهم؟ فنحن لا نتحدث إلا بلغة القوة، بلغة الهمج، بلغة المذابح الجماعية، بلغة الإبادة.
قالت ألبانيزي في مقابلة أجريتها معها أثناء مناقشة تقريرها 'الإبادة كإزالة استعمارية':
'أعمال القتل، القتل الجماعي، التعذيب النفسي والجسدي، الدمار، خلق ظروف حياة لا تسمح لأهل غزة بالبقاء – من تدمير المستشفيات، والتهجير القسري الجماعي، والتشريد الجماعي، بينما يتعرّض الناس للقصف اليومي، ويُجَوّعون- كيف يمكننا أن نقرأ هذه الأفعال بمعزل عن بعضها؟'
الطائرات المُسيّرة المسلحة، الطائرات المروحية، الجدران والحواجز، نقاط التفتيش، الأسلاك الشائكة، أبراج المراقبة، مراكز الاحتجاز، الترحيل، الوحشية والتعذيب، رفض منح تأشيرات الدخول، الحياة الشبيهة بالفصل العنصري التي يعيشها المهاجرون غير النظاميين، فقدان الحقوق الفردية، والمراقبة الإلكترونية – كلّ ذلك مألوف للمهاجرين اليائسين على الحدود المكسيكية أو الساعين لدخول أوروبا، بقدر ما هو مألوف للفلسطينيين.
هذا ما ينتظر من سمّاهم فرانز فانون بـ'معذّبي الأرض'.
أمّا من يدافعون عن المظلومين، كألبانيزي، فسيُعاملون كالمظلومين أنفسهم.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لجريدة إيطاليا تلغراف
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


إيطاليا تلغراف
منذ 6 ساعات
- إيطاليا تلغراف
أهداف ترامب في أفريقيا
إيطاليا تلغراف د. ياسر يوسف إبراهيم كاتب في العلاقات الدولية للوهلة الأولى قد يبدو للمهتّمين بدراسة النزاعات أن اتفاق السلام الذي تم التوقيع عليه في العاصمة واشنطن بين رواندا والكونغو الديمقراطية- أواخر يونيو/حزيران 2025 سعيًا لإنهاء واحدة من أطول الحروب في القارة الأفريقية- وكأنه امتداد للنهج الذي أعلن الرئيس ترامب تبنيه في تصفية النزاعات حول العالم وإحلال السلام. ودون التقليل من أهمية هذا الاتفاق على المستوى الأمني والإنساني، ومع تثبيت الجهود القطرية الكبيرة التي بُذلت للتوصل إليه، ولكن التعمق في واقع السياسة الأميركية تجاه القارة، وفي تتبع قصة الوصول لنقطة التوقيع بين البلدين سيُبيّن أن الأمر معقد أكثر مما يبدو عليه في الظاهر، وأن الدوافع والأسباب التي تقف وراء استضافة الولايات المتحدة الأميركية حفل التوقيع تلخص جوهر الاهتمام الأميركي بالقارة الأفريقية في عهد الرئيس ترامب في دورته الجديدة. فجمهورية الكونغو وجارتها زامبيا تمثلان نقطة التقاء التنافس الأميركي الصيني على الموارد والمعادن النادرة، إذ إن الكونغو وحدها تنتج 75% من معدن الكوبالت الذي يُستخدم في صناعة السيارات الكهربائية، بجانب موارد أخرى لا تقل أهمية كالنحاس واليورانيوم، وقد كان لافتًا ما ورد على لسان الرئيس ترامب بعد التوقيع على الاتفاقية حين قال: (ستحصل الولايات المتحدة على الكثير من حقوق المعادن في الكونغو). والأسئلة التي تُطرح هنا هل سينجح الاتفاق الحالي في نشر السلام وطي صفحة حرب الثلاثين عامًا، خاصة أن أكثر من 10 اتفاقيات سابقة انتهت إلى الفشل، ولماذا يسود التفاؤل بنجاح هذه المحاولة؟ والإجابة المباشرة عن هذا السؤال تتعلق بتدخل الولايات المتحدة بثقلها الكبير في هذا الملف مدفوعة بنظرة الرئيس ترامب لأفريقيا حيث تحكم سياسته فيها ثلاثة عوامل هي: تحويل العلاقة بين الولايات المتحدة والدول الأفريقية من بند المساعدات إلى بند التجارة. التركيز على المصالح المباشرة التي تعود على الولايات المتحدة بالنفع السريع، ولا سيما المواد الخام والمعادن ثم محاصرة النفوذ الروسي والصيني، والذي تمدد في القارة في السنوات الأخيرة. أخيرًا الانشغالات الأميركية الخاصة بمحاربة الجماعات الإرهابية وخاصة في الصومال ودول الساحل الأفريقي بجانب تأمين مسارات الهجرة غير الشرعية وغلق منافذها في القارة الأفريقية. ترامب وأفريقيا: هل من جديد؟ لفهم أكثر عمقًا وواقعية للعلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية والقارة الأفريقية خلال إدارة ترامب الحالية يجب النظر إلى عاملين رئيسين هما تجربة ترامب مع أفريقيا إبان ولايته الأولى، ومشروعه الانتخابي الذي يمكن اختصاره في ثلاث نقاط رئيسية هي: التركيز على جعل الولايات المتحدة عظيمة مرة أخرى، والانحياز إلى تيار العزلة النسبية مع التنازل عن نزوع التوسع والهيمنة الذي تتبناه تيارات أخرى داخل الحزب الجمهوري. كما أن ترامب وأنصاره غير متحمسين تمامًا لمشاريع الجمهوريين التي تسعى (لنشر الديمقراطية) والقيم الأميركية الأخرى حول العالم. فقد ورد في أجندة 2025 التي تكشفت بين يدي الحملة الانتخابية وتبنتها جهات متنفذة حول ترامب ما يلي: 'على واشنطن أن تتوقف عن الترويج للسياسات الأميركية الضاغطة على الحكومات الأفريقية لاحترام سيادة القانون وحقوق الإنسان والحقوق السياسية والمدنية والديمقراطية التي لا تتقبلها الدول الأفريقية، لأنها تشعر أن ذلك تدخل في شؤونها الداخلية، ويجب على واشنطن التركيز على المشاركة الاقتصادية'. اعتماد سياسة خارجية قائمة على الصفقات التي يعود ريعها سريعًا على الخزينة الأميركية المرهقة بالعجز والدين الداخلي، وذلك وفقًا لسياسة (مجهود أقل وعائد أكبر)، مع تجفيف المساعدات الأميركية للدول الأفريقية وغيرها، وتحويلها ما أمكن إلى التجارة واستغلال المعادن. فقد ورد في أجندة 2025 مقترحات تدعو إلى تحويل جميع منح المساعدات الأجنبية للمستفيدين الأفارقة إلى قروض، وإلغاء جميع برامج مساعدات التنمية، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص الأميركي في القارة الأفريقية. حرصه على تسويق صورة شخصية تجمع بين الحزم والقوة، وفي نفس الوقت صورة رجل السلام الذي يعمل على إطفاء الحرائق الدولية وتسوية النزاعات بين الدول. وهو ما لخّصه ترامب بعبارة: (السلام عبر القوة)، وفي ذلك يروج أنصاره أنه يستحق جائزة نوبل للسلام لجهوده الكبيرة في منع وقوع حرب نووية بين الهند وباكستان، ودوره الأخير في الحرب الإسرائيلية الإيرانية. وبالنظر لهذه المرتكزات الأساسية وتقييم اهتمامات ترامب خلال الأشهر القليلة التي مضت من عمر ولايته الحالية، والقرارات التي اتخذها بحظر دخول رعايا سبع دول أفريقية، قبل أن يتبعها بتعميم شمل 25 دولة من أصل 36 تطلب منها الولايات المتحدة التدقيق بشأن إجراءات الهجرة وإلا واجهت مصيرًا مشابهًا لتلك السبع. هذا يؤكد أن إدارة ترامب لا تأبه كثيرًا بأي ردة فعل من دول القارة الأفريقية، ويأتي كل ذلك مقروءًا مع النهج الذي اتبعه في ولايته الأولى مع أفريقيا، والذي اتسم بالإهمال والازدراء. ولذلك لا يبدو أن القارة الأفريقية تمثل أولوية لإدارته إلا بقدر ما تمثله من أهمية لسياساتها المتعلقة بالبحث عن الفرص التجارية، ومحاصرة النفوذ الروسي والصيني، أو بمكافحة الإرهاب والمخاطر الأمنية التي ترى فيها الأجهزة الأمنية الأميركية خطرًا ماثلًا. يفسر هذا، دعوة الرئيس دونالد ترامب لقمة مصغرة تشارك فيها دول: موريتانيا، والغابون، وغينيا بيساو، وليبيريا، والسنغال، والتي أثارت تساؤلات كثيرة حول المعايير التي تم بها اختيار هذه الدول الصغيرة وغير المؤثرة في اقتصاد القارة وسياستها. ولكن التمعن في المشتركات التي تجمع هذه الدول يبدد تلك التساؤلات؛ فكلها تطل على المحيط بكل ما يمثل ذلك من فرص وتهديدات، كما تتمتع جميعًا بموارد كبيرة غير مستغلة وخاصة موارد الطاقة والمعادن النادرة، ويمكن أن تكون نموذجًا جيدًا لسياسته الجديدة في أفريقيا (التجارة بدلًا من المساعدات)، فضلًا عن وقوعها في المجال الجغرافي لتمدد النفوذ الروسي الآخذ في التوسع مؤخرًا. ابحث عن الصين قبل شهرين من توقيع اتفاقية السلام بين البلدين نقلت صحيفة فايننشال تايمز عن مسؤولين من جمهورية الكونغو الديمقراطية إمكانية التوصل إلى اتفاق مع واشنطن لتأمين استثمارات أميركية في المعادن الحيوية، مقابل دعم الولايات المتحدة جهود إنهاء الصراع في شرق البلاد. وقالت الصحيفة إن الاتفاق يمنح واشنطن حق الوصول إلى رواسب الليثيوم والكوبالت والكولتان، وصرح مستشار ترامب مسعد بولس قائلًا: 'واشنطن تضغط من أجل توقيع اتفاق سلام بين الجانبين هذا الصيف، مصحوبًا باتفاقيات ثنائية للمعادن مع كل من البلدين'. في العام 2007 وقعت الصين اتفاقًا اقتصاديًا مع دولة الكونغو عرف باتفاق (المناجم مقابل البنية التحتية)، وبموجب ذلك الاتفاق صارت الصين الحاضر الأبرز في قطاع المعادن الكونغولي، حيث تدير حاليًا حوالي 80% من مناجم النحاس، وتسيطر على 70% من قطاع التعدين، وعلى 60% من سوق بطاريات السيارات الكهربائية عالميًا. ومع الأهمية العالية لمعدن الكوبالت الذي يُستخدم في صناعة الهواتف والسيارات الكهربائية تعالج الصين وحدها 80% من هذا المعدن النادر، وفي العام 2024 أعلنت مجموعة سموك الصينية أكبر منتج للكوبالت في العالم عن أرباح قياسية، حيث قفز صافي الدخل بنسبة 64% ليصل إلى 1.9 مليار دولار. هذه الأرقام مزعجة جدًا للولايات المتحدة التي ترى في الكونغو نموذجًا مثاليًا لتطبيق سياستها الخاصة بالحصول على المعادن النادرة بأسعار رخيصة، وفي نفس الوقت التضييق على الصين في واحدة من أهم ملفات التسابق التجاري والصناعي بينهما. ولذلك فقد واصلت مساعيها لإخراج الصين من الكونغو الديمقراطية عبر الضغوط السياسية وتأليب الحكومة الكونغولية عليها للمناداة بإعادة تقييم الأسس التي قامت عليها اتفاقيات التعدين بين البلدين، وعبر دعم البنية التحتية وإعادة تأهيلها، ومسارات السكك الحديدية لتقليل تأثير الصين في سلاسل التوريد بالنسبة للمواد الخام. وفي العام 2022 نشرت (أويل برايس) الأميركية تقريرًا أشارت فيه (إلى أن الولايات المتحدة تعزز جهودها لعزل الصين في أفريقيا وعرقلة حصولها على أشباه الموصلات المتقدمة، كما تعمل واشنطن أيضًا على السيطرة على مصادر المعادن المستخدمة في التقنية في أفريقيا خاصة الكونغو الديمقراطية). ومما يلفت الأنظار هنا هو إعلان شركة (كوبولد ميتالز) الأميركية أنها ستوسع عملياتها في الكونغو الديمقراطية بعدما قامت فعلًا بشراء حصة للتعدين من شركة أسترالية هناك، وتساهم في شركة كوبولد ميتالز مجموعة من الشركات ورجال الأعمال الذين دعموا حملة ترامب الانتخابية. حرب السودان في الواجهة في ظل النشوة التي سيطرت على فريق ترامب بعد توقيع اتفاق السلام صرح مستشاره مسعد بولس بأن وزير الخارجية الأميركي مارك روبيو سيستضيف اجتماعًا يضم وزراء اللجنة الرباعية التي تضم السعودية، والإمارات، ومصر، والولايات المتحدة؛ لبحث الحرب في السودان، وهو الأمر الذي أكد عليه ترامب نفسه في اجتماعه مع القادة الأفارقة في واشنطن. ويأتي هذا الاهتمام بالملف السوداني بعد فترة من الإهمال وتركيز إدارة الرئيس ترامب على ملفات أخرى في الشرق الأوسط والحرب الروسية الأوكرانية، ومن واقع التحركات التي تمت في الفترة الأخيرة والتي من بينها زيارة رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان جمهورية مصر العربية، وتنشيط تحالف 'صمود' الذي يقوده الدكتور عبدالله حمدوك، يبدو أن هناك مساعيَ إقليمية تُبذل لبلورة مبادرة لإحياء التفاوض الذي توقف لفترة طويلة تحت مظلة المبادرة الأميركية السعودية في جدة. ولا يزال الوقت مبكرًا للإجابة عن نجاح اتفاق السلام بين الكونغو ورواندا، إذ إنه ورغم وقوف الدولة الكبرى خلفه فإن التحديات التي تحيط بالاتفاق وأطرافه صعبة للغاية، خاصة إذا علمنا أن هناك مناطق حيوية خارج سيطرة الدولتين والجماعات المتحالفة معهما. كما أن عدم الثقة الكبير بين الدولتين نتيجة الصراع الطويل قد لا يوفر البيئة المناسبة للتطبيق السلس لبنود الاتفاق، وخاصة تلك المتعلقة بجمع السلاح وتسريح الجماعات المسلحة المتناسلة. ومع كل تلك التحديات فإن الترحيب الذي قوبل به الاتفاق على المستوى الدولي سيوفر إرادة قوية لمحاولة صيانة المنطقة حتى لا تعود للحرب مرة أخرى. ونستطيع القول إن إدارة الرئيس ترامب تحاول في نسختها الجديدة تحويل القارة الأفريقية من مكان ميؤوس منه كما كان في دورتها الأولى إلى فرصة تستفيد منها الولايات المتحدة. وتلخص الطريقة التي تم بها دعوة خمسة من رؤساء الدول الأفريقية إلى البيت الأبيض النهج الأميركي في التعامل مع القارة، وهو تعظيم الفوائد الأميركية في القارة دون أن تلتزم بأي مساعدات، أو تقوم بفرض أي شروط سياسية تتعلق بالدمقرطة، وحقوق الإنسان كما كان في السابق. وستتحدد التدخلات الأميركية في كل النزاعات بهذا النهج الجديد والذي يمكن اختصاره تحت شعار: (التجارة بدلًا من المساعدات)، وبجانب التجارة فإن للولايات المتحدة مآربها التي لا يمكن أن تتنازل عنها كقوة دولية تسعى للمحافظة على نفوذها وريادتها. الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لجريدة إيطاليا تلغراف


الشروق
منذ 10 ساعات
- الشروق
ترامب يعترف بأمر هام بعد مرور عام على محاولة اغتياله!
اعترف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بأمر هام، في مقابلة أجريت معه بالتزامن مع مرور عام على محاولة اغتياله في بتلر بولاية بنسلفانيا. وقال ترامب عن وظيفة الرئيس إنها 'خطيرة جداًّ'، مضيفا: 'سائقو سيارات السباق، نسبة احتمال أن يموتوا هو 1% فكروا في ذلك، وراكب الثيران أعتقد أن ذلك خطير جداً، النسبة هناك تقريباً عُشر في المائة، أما بالنسبة للرئيس فالنسبة حوالي 5%'. وأردف متسائلا: 'لماذا لم تخبروني بهذا؟ ربما كنت اتخذت قراراً مختلفاً'. وأكد لمذيعة 'فوكس نيوز'، لارا ترامب، وهي زوجة ابنه إريك إن أخطاءً ارتُكبت من قبل جهاز الخدمة السرية في التعامل مع تأمين الحدث الانتخابي في بنسلفانيا، أدت إلى وقوع محاولة الاغتيال، مشيراً إلى أنه كان من المفترض وجود عناصر أمنية داخل المبنى، الذي أطلق منه الرصاص. وتابع: 'كان ينبغي أن يكون لديهم شخص داخل المبنى، وكان عليهم التنسيق بشكل أفضل مع الشرطة المحلية'، مضيفاً: 'لقد ارتُكبت أخطاء، ولم يكن من المفترض أن يحدث ذلك'. . @POTUS on the Secret Service after last year's assassination attempt against him in Butler: 'Mistakes were made … I have great confidence in these people. I know the people and they're very talented, very capable. They had a bad day, and I think they'll admit that.' — Rapid Response 47 (@RapidResponse47) July 13, 2025 ورغم انتقاده للجهاز، أعرب ترمب عن رضاه عن مجريات التحقيق، وقال إنه تلقى إحاطات من مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) وجهاز الخدمة السرية ووزارة العدل، مؤكداً: 'أنا راض عن عملهم. لقد مروا بيوم سيء، وأعتقد أنهم سيعترفون بأنهم مروا بيوم صعب'. وعن ولايته الأولى قال: 'الكثير من الناس يعتقدون أنها كانت مذهلة. وأنا كذلك أعتقد ذلك'، وعندما سُئل: كيف تودّ أن يتذكّرك الناس؟ أجاب: 'كرجل طيب، لكن أيضاً كرجل أنقذ بلده'. يذكر أن ترامب أصيب في 13 جويلية 2024 بطلق ناري، حين كان واقفا خلف منصة يلقي كلمة أمام تجمع جماهيري في الهواء الطلق في بتلر بولاية بنسلفانيا. وخلال توجيهه كلمة وبعد مرور 6 دقائق فقط تم سماع وابل من 'الفرقعة' بدا كأنه طلقات نارية، حينها سقط سريعا على الأرض خلف المنصة. وهرع 6 من ضباط الخدمة السرية إلى المنصة والتفوا حول ترامب، الذي كان يجلس على ركبتيه خلف المنصة، كما صعد ضباط آخرون مسلحون بالبنادق إلى المنصة. أبقى عملاء الخدمة السرية ترامب على الأرض لمدة 25 ثانية، وأمكن سماع شخص يصرخ: 'لقد سقط مطلق النار'


المساء
منذ 21 ساعات
- المساء
آلة الحقيقة تفضح بهتان المخزن
أصبح المخزن يعيش على وقع الصدمات المتتالية بعد فشله في الترويج لأكاذيب من أجل التغطية على أزماته الداخلية التي تنذر بانفجار حتمي، في الوقت الذي حاول فيه مرارا التباهي أمام شعبه بتحقيق إنجازات وهمية حول ما يسميه بمخطط الحكم الذاتي الذي ترفضه الشرعية الدولية، رغم سياسة شراء الذمم التي اعتمدها لعقود من الزمن من أجل كسب مواقف تدعم أطروحاته التوسعية في المنطقة. يبدو أن عقارب ساعة الحقيقة قد تسارعت لتكشف زيف ادعاءات المخزن حول مساعيه لفرض أمر واقع بالقوة بخصوص قضية الصحراء الغربية، ضاربا عرض الحائط لوائح الشرعية الدولية التي تصنف هذه القضية ضمن قضايا تصفية الاستعمار، غير أنه أصر على المضي في غيه قبل أن يصطدم بحقائق احتفظ بها التاريخ لنفسه، وسرعان ما كشفها ساسة لهم باع طويل في هذا المجال، وعبروا عنها بقناعة تامة، بعيدا عن أي تأثير سياسي بحكم انهم بعيدون عن السلطة. وتثير تصريحات رئيس الحكومة الاسبانية الأسبق، خوسيه ماريا ازنار، حول القضية الصحراوية الكثير من التساؤلات، خاصة بعد إقراره بممارسة فرنسا الضغوط لتصفية القضية لصالح المغرب، من خلال محاولة دفع إسبانيا لتقديم تنازلات إقليمية لصالح الرباط ودفع مدريد لـتغيير موقفها من قضية الصحراء الغربية. ولم تكن تصريحات ازنار التي أدلى بها خلال الفيلم الوثائقي الذي حمل عنوان "برجيل"، سوى تأكيد على التواطؤ الفرنسي مع المخزن الذي مازال مستمرا إلى غاية اليوم، لدرجة أنه عرقل دعم الاتحاد الأوروبي لمدريد خلال هذه الأزمة. وليس من الصدفة أن تلتقي تصريحات ازنار مع تلك التي أدلى بها مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق جون بولتون في حوار مع الموقع الإخباري الاسباني "الأندبندنتي" وقبله نشره لمقال في شهر ماي الماضي في واشنطن بوست، سلط فيهما الضوء على الاطماع التوسعية للمغرب في الإقليم المتنازع عليه. بل ذهب بولتون الذي يعد أحد كبار خبراء القضية الصحراوية إلى حد كشف النوايا المبيتة للمخزن ليس في الصحراء الغربية فحسب، بل حتى على مستوى دول الجوار التي له أيضا أطماع فيها، على غرار الجزائر التي سبق أن دخلت معه في "حرب الرمال" سنة 1963، ليجر على إثرها أذيال الهزيمة في أول صدام معها. ويبدو أن بولتون ليس ملما بالقضية الصحراوية فحسب، بل أيضا بخبايا المخزن، ما جعله يقر في حواره مع الموقع الإسباني بأن نظام المغرب غير مستدام، والانتفاضة الشعبية أمر حتمي، في حين اتهم الرباط بعرقلة الاستفتاء في الصحراء الغربية منذ 25 عاما رغم التزامه به سابقا، موضحا أن الأمم المتحدة فشلت في فرض قراراتها بسبب رفض المخزن تنفيذ الاستفتاء. كما سبق للسياسي الأمريكي السابق أن كشف عن أطماع توسعية مغربية في المنطقة عندما لاحظ في إحدى زياراته إلى الرباط رفقة المبعوث الأممي جيمس بيكر خريطة في مكتب للملك المغربي، عادة ما يكون مغلقا ودخلاه صدفة، حيث تضم أجزاء من الجزائر والصحراء الغربية، وأجزاء كبيرة أخرى من شمال موريتانيا، مشيرا إلى أن ذلك يعكس طموحا جيوسياسيا يتجاوز بكثير النزاع مع البوليساريو. والمؤكد أن المخزن لم يكن ينتظر هذه الصفعات المتتالية لسياسيين محنكين ليس لهم ناقة ولا جمل من القضية الصحراوية، وفضلوا تبرئة ذمتهم أمام عدالة التاريخ التي ستكبح جماح الأطماع التوسعية لجار أصبح يهدد أمن المنطقة بنواياه المبيتة، ما جعل العديد من الدول تراجع مواقفها من سياسة الاحتلال المغربية، خاصة على مستوى القارة الإفريقية التي فضلت تسليم زمام أمور مفوضية السلم والأمن للاتحاد الإفريقي للجزائر بعد فوز مرشحها، الأمر الذي أثار صدمة كبيرة لدى المخزن. ورغم الحملات التضليلية التي يقودها المخزن ضد الجزائر ودفعه ملايير الدولارات من الرشاوى لدعم مخططه الاستعماري، إلا أن مساعيه تعد بمثابة بالون منفوخ سرعان ما يفرغ هواءه في أول اصطدام مع آلة الحقيقة الحادة، في حين تحصد الجزائر ثقة العديد من الشركاء بفضل دبلوماسيتها التي تتمتع بالموثوقية والمصداقية عبر المحافل الدولية.