
الملكية الفكرية والاقتصاد الرقمي.. حماية الابتكار في بيئة متغيرة
التطور التكنولوجي يتجاوز قدرة التشريعات التقليدية على المواكبة
ظهور الذكاء الاصطناعي كمنتِج للإبداع يطرح إشكالًا قانونيًّا
مما لا شك فيه أن موجة التحول الرقمي التي اجتاحت العالم لم تترك مجالًا من مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية إلا وأحدثت فيه تغييرًا جذريًّا، بدءًا من طريقة إنتاج السلع والخدمات، وانتهاءً بكيفية استهلاك المعلومات والمحتوى وقد أدى ذلك إلى تزايد الاعتماد على الاقتصاد الرقمي القائم على المعرفة والبيانات والابتكار، وهو ما جعل من حماية الملكية الفكرية أمرًا حيويًّا لضمان حقوق المبدعين، وتعزيز بيئة الاستثمار، وتحقيق التنمية المستدامة ولا ريب أن التحدي الأكبر الذي تواجهه الأنظمة القانونية، يتمثل في مدى قدرتها على استيعاب هذه التحولات وتأطيرها قانونًا وتنظيمًا، خاصة في ظل تنامي ظواهر مثل الذكاء الاصطناعي، وتكنولوجيا البلوك تشين، والرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs)، وغيرها من مخرجات الثورة الرقمية.
الملكية الفكرية وأهميتها في الاقتصاد الرقمي
بداية الملكية الفكرية هي تلك الحقوق القانونية التي تحمي نتاج العقل البشري من مصنفات أدبية، وفنية، وتقنية، وتجارية وتنقسم إلى فرعين رئيسين: حقوق المؤلف والحقوق المجاورة (مثل الكتب، البرامج، الأعمال الفنية)، والملكية الصناعية (مثل البراءات، والعلامات التجارية، والنماذج الصناعية) ومع صعود الاقتصاد الرقمي، أصبح رأس المال الفكري، المتمثل في البرمجيات، والمنصات، والخوارزميات، والتطبيقات، أهم من رأس المال المادي، وهو ما أفرز حتمية قانونية جديدة ضرورة مواءمة الإطار القانوني التقليدي لحماية الملكية الفكرية مع هذه المنتجات الرقمية التي لا تخضع للحدود الجغرافية ولا للصور التقليدية للملكية.
تحديات حماية الملكية الفكرية في البيئة الرقمية
البيئة الرقمية، رغم ما تحمله من فرص غير مسبوقة للنشر والإبداع، تُعد بيئة خصبة للاعتداء على حقوق الملكية الفكرية، وذلك بسبب:
السهولة الفائقة في النسخ والنشر دون موافقة صاحب الحق.
غياب وسائل الإثبات المادية للمصنفات الرقمية.
ضعف التنسيق الدولي في ملاحقة الاعتداءات العابرة للحدود.
التطور التكنولوجي المتسارع الذي يتجاوز قدرة التشريعات التقليدية على المواكبة.
ظهور الذكاء الاصطناعي كمنتِج للإبداع، مما يطرح إشكالًا قانونيًّا حول صاحب الحق الأصلي في الإبداع الناتج عنه.
تطور التشريعات الخليجية والمصرية في ميدان الملكية الفكرية الرقمية
سلطنة عُمان: تُعد من الدول السباقة في تحديث منظومتها القانونية، حيث صدر المرسوم السلطاني رقم 35 لسنة 2021 بتعديل قانون حقوق المؤلف والحقوق المجاورة، متضمنًا مواد تحمي المصنفات الرقمية، والبرمجيات، والتسجيل الإلكتروني كما طورت وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار منصة إلكترونية لتسجيل المصنفات وتلتزم السلطنة بعدة اتفاقيات دولية مثل اتفاقية بيرن والتريبس ومعاهدة الويبو بشأن حق المؤلف.
المملكة العربية السعودية: أطلقت الهيئة السعودية للملكية الفكرية استراتيجية وطنية لتعزيز حماية الحقوق الرقمية، وتم تحديث أنظمتها لتشمل البرمجيات، والمحتوى الرقمي، والتطبيقات، وأطلقت حملات توعوية لضمان الامتثال. كما تستفيد من التعاون مع منظمة الويبو لتدريب الكوادر القضائية والإدارية في مجال الملكية الفكرية الرقمية.
مملكة البحرين: أصدرت البحرين قانون رقم 22 لسنة 2006 بشأن حقوق المؤلف، والذي يشمل المصنفات الرقمية، وتم تعديله بما يتماشى مع اتفاقيات الويبو الرقمية. كما تُعد من أوائل الدول التي استخدمت تقنية 'البلوك تشين' في تسجيل العلامات التجارية، وهي خطوة رائدة على مستوى المنطقة.
الإمارات العربية المتحدة: تبنّت نهجًا استباقيًّا، حيث صدر القانون الاتحادي رقم 38 لسنة 2021 بشأن حقوق المؤلف، والذي يتوسع في حماية المحتوى الرقمي، وتعمل وزارة الاقتصاد على تسجيل براءات الاختراع والحقوق الرقمية من خلال منصة ذكية. كما أن استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي تتضمن أطرًا قانونية لحماية الابتكار المرتبط بالذكاء الاصطناعي.
دولة الكويت: تمتلك الكويت قانونًا لحماية حقوق المؤلف رقم 22 لسنة 2016، إلا أنه لا يزال بحاجة إلى تطوير أدواته لمواكبة البيئة الرقمية، خاصة فيما يتعلق بالبرمجيات والتطبيقات. وقد بدأت الهيئة العامة للصناعة بالتعاون مع الجهات التشريعية العمل على تحديث التشريعات في هذا الاتجاه.
دولة قطر: أصدرت قطر القانون رقم 7 لسنة 2002 بشأن حماية حقوق المؤلف، وأحدثت تحديثات تنظيمية، لكن تظل بحاجة إلى تعزيز البنية الإلكترونية لتسجيل المصنفات الرقمية، رغم جهود وزارة التجارة والصناعة في إطلاق منصات تسجيل إلكترونية أولية.
جمهورية مصر العربية: تمتلك مصر قانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002، الذي يُعد من القوانين الرائدة إقليميًّا، لكنه يحتاج إلى تحديث جذري ليواكب المستجدات الرقمية، خصوصًا مع صعود الذكاء الاصطناعي، والعملات الرقمية، والمصنفات الناتجة عن التفاعل البشري مع الخوارزميات. وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة المصرية أعلنت عن إعداد قانون جديد للملكية الفكرية بالتعاون مع منظمة الويبو في ضوء خطة الدولة للتحول الرقمي.
ملاحظات مقارنة وتشريعات مرجعية أوروبية
في الوقت الذي تسعى فيه دول الخليج ومصر لتطوير بنيتها القانونية، فإن دول الاتحاد الأوروبي سبقت بخطوات مهمة، منها:
توجيه الاتحاد الأوروبي لعام 2019 بشأن حقوق النشر في السوق الرقمية الموحدة، الذي ألزم المنصات الكبرى بمسؤولية قانونية عن المحتوى الذي ينشره المستخدمون.
إنشاء مراكز رقمية لتسجيل المصنفات بالاعتماد على البلوك تشين.
تبني نماذج إثبات زمني رقمي للمصنفات، تُستخدم أمام المحاكم.
وضع ضوابط قانونية واضحة للمنتجات التي ينشئها الذكاء الاصطناعي، وتصنيفها ما بين إنتاج بشري، وتعاون إنساني آلي، وإبداع مستقل للآلة.
آفاق تطوير الحماية القانونية في الخليج ومصر
إن الواقع يفرض تطويرًا متسارعًا للبنية القانونية بما يتلاءم مع التحولات الرقمية، وهو ما يتطلب:
1 - تحديث شامل للتشريعات لتشمل الحماية القانونية للرموز الرقمية، الخوارزميات، قواعد البيانات، التطبيقات، النماذج ثلاثية الأبعاد.
2 - إنشاء سجلات رقمية موحدة خليجيًّا لتوثيق المصنفات الفكرية الرقمية.
3 - تعزيز التعاون القضائي الخليجي والمصري في مجال مكافحة الاعتداءات الرقمية على الملكية الفكرية.
4 - إعداد كوادر قانونية متخصصة في القانون الرقمي، من خلال مراكز تدريبية ودرجات أكاديمية جديدة.
5 - استخدام تقنيات التشفير والبلوك تشين كأدوات إثبات معترف بها قانونًا في المنازعات.
6 - إدماج التعليم القانوني الجامعي بمقررات الملكية الفكرية الرقمية، والذكاء الاصطناعي، والتحول الرقمي القانوني.
رؤية قانونية
إن من ينظر بعين القانون إلى ما يجري في البيئة الرقمية المعاصرة، يُدرك أن المعركة الحقيقية أصبحت تدور حول من يمتلك 'الأفكار'، لا 'الأشياء' وفي هذا السياق، فإن حماية الملكية الفكرية لم تعد مجرد استحقاق قانوني لصاحب الإبداع، بل صارت شرطًا من شروط بناء اقتصاد رقمي قادر على المنافسة.
ولعلّ من أهم ملامح النجاح القانوني في هذا المجال، أن تتحوّل حماية الملكية الفكرية من نصوص صماء إلى سياسات وطنية رقمية متكاملة، تستند إلى البنية التشريعية، والبنية التحتية، والبنية المعرفية. ولا غرو أن تحقيق هذا الهدف يتطلب إرادة تشريعية حقيقية، وتعاونًا دوليًّا وثيقًا، واستثمارًا مستدامًا في الكوادر القانونية والتكنولوجية.
فإن دول الخليج ومصر، بما تملكه من عقول ومواهب وشركات ناشئة، تقف أمام مفترق طرق: إما أن تبني منظومة حماية فكرية عصرية تواكب طموحات أبنائها في الإبداع والابتكار، أو أن تظل تلاحق الاعتداءات بعد وقوعها، وتفقد بذلك فرصة ذهبية لصياغة مستقبل رقمي أكثر عدالة واستدامة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البلاد البحرينية
١٢-٠٧-٢٠٢٥
- البلاد البحرينية
إطلاق الخطة الوطنية للاتصالات.. و20 ألف متدرب بالأمن السيبراني
في خطوة نوعية تهدف إلى تعزيز مكانة مملكة البحرين كمركز رقمي رائد في المنطقة، أطلقت الحكومة الخطة الوطنية السادسة للاتصالات (NTP6)، التي تشكل الإطار الاستراتيجي لتطوير قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في المملكة بالسنوات المقبلة. وتأتي هذه الخطة استكمالًا لمسيرة من الإنجازات التشريعية والتقنية بدأت منذ تحرير قطاع الاتصالات في العام 2002، وصولًا إلى إطلاق شبكات الجيل الخامس بنسبة 100 %، وتفعيل خدمات الأقمار الصناعية والذكاء الاصطناعي. وتسهم الخطة، التي أطلقتها وزارة المواصلات والاتصالات بالتعاون مع الجهات الحكومية والخاصة ذات العلاقة، في تمكين مفهوم 'المملكة الذكية'، عبر التركيز على 6 محاور رئيسة تشمل: البنية التحتية الوطنية والاتصال الدولي، الأمن الرقمي والسيبراني، التحول الرقمي، الحوكمة المؤسسية، العمل الرقمي الأخضر، وجذب الاستثمارات. وتضم الخطة 30 مبادرة تنفيذية موزعة على أكثر من 38 جهة معنية، ما يعكس تكامل الجهود وتعدد الأطراف المعنية ببناء اقتصاد رقمي تنافسي ومستدام. ووفقًا للبيانات الرسمية، فقد أصبح قطاع النقل والاتصالات خامس أكبر مساهم في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، بنسبة بلغت 7.4 %، تعادل ما يقرب من 2.68 مليار دولار في العام 2023، ما يبرهن الأثر المباشر للخطة في دعم النمو الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل. وتُعد البنية التحتية الرقمية من أبرز إنجازات NTP6، إذ تغطي شبكات الجيل الخامس جميع أنحاء المملكة بنسبة 100 %، فيما وصلت نسبة تغطية الألياف الضوئية للمنازل إلى 95.2 %، وتم توفير سرعات إنترنت تبلغ 1 جيجابت في الثانية لجميع المؤسسات التجارية، إلى جانب توسعة الربط الدولي عبر كابلين بحريين جديدين، ووضع إطار تنظيمي لتقديم خدمات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية. وفي مجال التكنولوجيا والابتكار، ساهمت NTP6 في إطلاق بيئة تطوير متقدمة تشمل تقنيات الجيل السادس من شبكات Wi-Fi، والبلوك تشين، والواقع المعزز والافتراضي، والتوأم الرقمي. كما عملت الخطة على تعزيز الأمن الرقمي عبر تطوير إرشادات لحماية البيانات والخصوصية، واستكمال إعداد استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي من المتوقع الكشف عنها في العام 2025. أما على صعيد بناء القدرات البشرية، فقد تم تدريب أكثر من 20 ألف مواطن في مجال الأمن السيبراني، في حين ارتفعت نسبة النساء العاملات في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إلى 33 %، ما يعكس التزام الخطة بتحقيق شمولية رقمية وتمكين الكفاءات الوطنية. وحققت الخطة الوطنية السادسة للاتصالات إشادات دولية بارزة، إذ فازت بجائزة 'بطل' ضمن جوائز القمة العالمية لمجتمع المعلومات (WSIS) لعام 2024، كما قفزت البحرين من المرتبة السابعة إلى الخامسة عالميًا في مؤشر تنمية تكنولوجيا المعلومات (IDI)، وصعدت إلى المرتبة العاشرة عالميًا في مؤشر البنية التحتية للاتصالات (TII)، بعد أن كانت في المرتبة 65 فقط في عام 2022. وفي مجال الأمن السيبراني، حققت المملكة تصنيف 'نموذج يحتذى به - المستوى الأول' ضمن مؤشر الأمن السيبراني العالمي للعام 2024، بعد أن كانت في المرتبة 60 فقط في العام 2020. وتكشف الإحصاءات عن طفرة نوعية في مؤشرات الاستخدام، إذ تجاوز عدد اشتراكات الهواتف المتنقلة 2.56 مليون اشتراك في نهاية 2024، بنسبة نفاذ بلغت 161 %، فيما وصلت نسبة انتشار الإنترنت النقال إلى 165 %، وسجّلت اشتراكات الإنترنت الثابت 181,607 اشتراكًا، بنسبة نمو تجاوزت 355 % مقارنة بالعام 2013. كما بلغت حركة البيانات أكثر من 513 بيتابايت في عام واحد فقط، مع سرعات تحميل تصل إلى 3.4 جيجابت في الثانية على شبكات 5G. وتُظهر هذه الأرقام أن NTP6 ليست مجرد خطة قطاعية، بل تمثل ركيزة مركزية في مشروع التحول الوطني نحو اقتصاد رقمي ذكي، قادر على دمج التكنولوجيا في مختلف قطاعات الدولة، بما في ذلك النقل، والتعليم، والخدمات الحكومية، والصحة، والطاقة. وتشير الخطة إلى أهمية التكامل بين البنية التحتية الرقمية، والحوكمة الرشيدة للبيانات، وتحديث السياسات التنظيمية؛ بهدف تمكين المدن الذكية والخدمات المستقبلية، بما يحقق رؤية البحرين كدولة مستدامة، قائمة على المعرفة والتقنية والابتكار


البلاد البحرينية
١٦-٠٥-٢٠٢٥
- البلاد البحرينية
الملكية الفكرية والاقتصاد الرقمي.. حماية الابتكار في بيئة متغيرة
تعديل التشريعات البحرينية بما يتماشى مع اتفاقيات 'الويبو' الرقمية التطور التكنولوجي يتجاوز قدرة التشريعات التقليدية على المواكبة ظهور الذكاء الاصطناعي كمنتِج للإبداع يطرح إشكالًا قانونيًّا مما لا شك فيه أن موجة التحول الرقمي التي اجتاحت العالم لم تترك مجالًا من مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية إلا وأحدثت فيه تغييرًا جذريًّا، بدءًا من طريقة إنتاج السلع والخدمات، وانتهاءً بكيفية استهلاك المعلومات والمحتوى وقد أدى ذلك إلى تزايد الاعتماد على الاقتصاد الرقمي القائم على المعرفة والبيانات والابتكار، وهو ما جعل من حماية الملكية الفكرية أمرًا حيويًّا لضمان حقوق المبدعين، وتعزيز بيئة الاستثمار، وتحقيق التنمية المستدامة ولا ريب أن التحدي الأكبر الذي تواجهه الأنظمة القانونية، يتمثل في مدى قدرتها على استيعاب هذه التحولات وتأطيرها قانونًا وتنظيمًا، خاصة في ظل تنامي ظواهر مثل الذكاء الاصطناعي، وتكنولوجيا البلوك تشين، والرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs)، وغيرها من مخرجات الثورة الرقمية. الملكية الفكرية وأهميتها في الاقتصاد الرقمي بداية الملكية الفكرية هي تلك الحقوق القانونية التي تحمي نتاج العقل البشري من مصنفات أدبية، وفنية، وتقنية، وتجارية وتنقسم إلى فرعين رئيسين: حقوق المؤلف والحقوق المجاورة (مثل الكتب، البرامج، الأعمال الفنية)، والملكية الصناعية (مثل البراءات، والعلامات التجارية، والنماذج الصناعية) ومع صعود الاقتصاد الرقمي، أصبح رأس المال الفكري، المتمثل في البرمجيات، والمنصات، والخوارزميات، والتطبيقات، أهم من رأس المال المادي، وهو ما أفرز حتمية قانونية جديدة ضرورة مواءمة الإطار القانوني التقليدي لحماية الملكية الفكرية مع هذه المنتجات الرقمية التي لا تخضع للحدود الجغرافية ولا للصور التقليدية للملكية. تحديات حماية الملكية الفكرية في البيئة الرقمية البيئة الرقمية، رغم ما تحمله من فرص غير مسبوقة للنشر والإبداع، تُعد بيئة خصبة للاعتداء على حقوق الملكية الفكرية، وذلك بسبب: السهولة الفائقة في النسخ والنشر دون موافقة صاحب الحق. غياب وسائل الإثبات المادية للمصنفات الرقمية. ضعف التنسيق الدولي في ملاحقة الاعتداءات العابرة للحدود. التطور التكنولوجي المتسارع الذي يتجاوز قدرة التشريعات التقليدية على المواكبة. ظهور الذكاء الاصطناعي كمنتِج للإبداع، مما يطرح إشكالًا قانونيًّا حول صاحب الحق الأصلي في الإبداع الناتج عنه. تطور التشريعات الخليجية والمصرية في ميدان الملكية الفكرية الرقمية سلطنة عُمان: تُعد من الدول السباقة في تحديث منظومتها القانونية، حيث صدر المرسوم السلطاني رقم 35 لسنة 2021 بتعديل قانون حقوق المؤلف والحقوق المجاورة، متضمنًا مواد تحمي المصنفات الرقمية، والبرمجيات، والتسجيل الإلكتروني كما طورت وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار منصة إلكترونية لتسجيل المصنفات وتلتزم السلطنة بعدة اتفاقيات دولية مثل اتفاقية بيرن والتريبس ومعاهدة الويبو بشأن حق المؤلف. المملكة العربية السعودية: أطلقت الهيئة السعودية للملكية الفكرية استراتيجية وطنية لتعزيز حماية الحقوق الرقمية، وتم تحديث أنظمتها لتشمل البرمجيات، والمحتوى الرقمي، والتطبيقات، وأطلقت حملات توعوية لضمان الامتثال. كما تستفيد من التعاون مع منظمة الويبو لتدريب الكوادر القضائية والإدارية في مجال الملكية الفكرية الرقمية. مملكة البحرين: أصدرت البحرين قانون رقم 22 لسنة 2006 بشأن حقوق المؤلف، والذي يشمل المصنفات الرقمية، وتم تعديله بما يتماشى مع اتفاقيات الويبو الرقمية. كما تُعد من أوائل الدول التي استخدمت تقنية 'البلوك تشين' في تسجيل العلامات التجارية، وهي خطوة رائدة على مستوى المنطقة. الإمارات العربية المتحدة: تبنّت نهجًا استباقيًّا، حيث صدر القانون الاتحادي رقم 38 لسنة 2021 بشأن حقوق المؤلف، والذي يتوسع في حماية المحتوى الرقمي، وتعمل وزارة الاقتصاد على تسجيل براءات الاختراع والحقوق الرقمية من خلال منصة ذكية. كما أن استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي تتضمن أطرًا قانونية لحماية الابتكار المرتبط بالذكاء الاصطناعي. دولة الكويت: تمتلك الكويت قانونًا لحماية حقوق المؤلف رقم 22 لسنة 2016، إلا أنه لا يزال بحاجة إلى تطوير أدواته لمواكبة البيئة الرقمية، خاصة فيما يتعلق بالبرمجيات والتطبيقات. وقد بدأت الهيئة العامة للصناعة بالتعاون مع الجهات التشريعية العمل على تحديث التشريعات في هذا الاتجاه. دولة قطر: أصدرت قطر القانون رقم 7 لسنة 2002 بشأن حماية حقوق المؤلف، وأحدثت تحديثات تنظيمية، لكن تظل بحاجة إلى تعزيز البنية الإلكترونية لتسجيل المصنفات الرقمية، رغم جهود وزارة التجارة والصناعة في إطلاق منصات تسجيل إلكترونية أولية. جمهورية مصر العربية: تمتلك مصر قانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002، الذي يُعد من القوانين الرائدة إقليميًّا، لكنه يحتاج إلى تحديث جذري ليواكب المستجدات الرقمية، خصوصًا مع صعود الذكاء الاصطناعي، والعملات الرقمية، والمصنفات الناتجة عن التفاعل البشري مع الخوارزميات. وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة المصرية أعلنت عن إعداد قانون جديد للملكية الفكرية بالتعاون مع منظمة الويبو في ضوء خطة الدولة للتحول الرقمي. ملاحظات مقارنة وتشريعات مرجعية أوروبية في الوقت الذي تسعى فيه دول الخليج ومصر لتطوير بنيتها القانونية، فإن دول الاتحاد الأوروبي سبقت بخطوات مهمة، منها: توجيه الاتحاد الأوروبي لعام 2019 بشأن حقوق النشر في السوق الرقمية الموحدة، الذي ألزم المنصات الكبرى بمسؤولية قانونية عن المحتوى الذي ينشره المستخدمون. إنشاء مراكز رقمية لتسجيل المصنفات بالاعتماد على البلوك تشين. تبني نماذج إثبات زمني رقمي للمصنفات، تُستخدم أمام المحاكم. وضع ضوابط قانونية واضحة للمنتجات التي ينشئها الذكاء الاصطناعي، وتصنيفها ما بين إنتاج بشري، وتعاون إنساني آلي، وإبداع مستقل للآلة. آفاق تطوير الحماية القانونية في الخليج ومصر إن الواقع يفرض تطويرًا متسارعًا للبنية القانونية بما يتلاءم مع التحولات الرقمية، وهو ما يتطلب: 1 - تحديث شامل للتشريعات لتشمل الحماية القانونية للرموز الرقمية، الخوارزميات، قواعد البيانات، التطبيقات، النماذج ثلاثية الأبعاد. 2 - إنشاء سجلات رقمية موحدة خليجيًّا لتوثيق المصنفات الفكرية الرقمية. 3 - تعزيز التعاون القضائي الخليجي والمصري في مجال مكافحة الاعتداءات الرقمية على الملكية الفكرية. 4 - إعداد كوادر قانونية متخصصة في القانون الرقمي، من خلال مراكز تدريبية ودرجات أكاديمية جديدة. 5 - استخدام تقنيات التشفير والبلوك تشين كأدوات إثبات معترف بها قانونًا في المنازعات. 6 - إدماج التعليم القانوني الجامعي بمقررات الملكية الفكرية الرقمية، والذكاء الاصطناعي، والتحول الرقمي القانوني. رؤية قانونية إن من ينظر بعين القانون إلى ما يجري في البيئة الرقمية المعاصرة، يُدرك أن المعركة الحقيقية أصبحت تدور حول من يمتلك 'الأفكار'، لا 'الأشياء' وفي هذا السياق، فإن حماية الملكية الفكرية لم تعد مجرد استحقاق قانوني لصاحب الإبداع، بل صارت شرطًا من شروط بناء اقتصاد رقمي قادر على المنافسة. ولعلّ من أهم ملامح النجاح القانوني في هذا المجال، أن تتحوّل حماية الملكية الفكرية من نصوص صماء إلى سياسات وطنية رقمية متكاملة، تستند إلى البنية التشريعية، والبنية التحتية، والبنية المعرفية. ولا غرو أن تحقيق هذا الهدف يتطلب إرادة تشريعية حقيقية، وتعاونًا دوليًّا وثيقًا، واستثمارًا مستدامًا في الكوادر القانونية والتكنولوجية. فإن دول الخليج ومصر، بما تملكه من عقول ومواهب وشركات ناشئة، تقف أمام مفترق طرق: إما أن تبني منظومة حماية فكرية عصرية تواكب طموحات أبنائها في الإبداع والابتكار، أو أن تظل تلاحق الاعتداءات بعد وقوعها، وتفقد بذلك فرصة ذهبية لصياغة مستقبل رقمي أكثر عدالة واستدامة.


البلاد البحرينية
١٠-٠٥-٢٠٢٥
- البلاد البحرينية
عبيدلي العبيدلي الاقتصاد البرتقالي 4.0: نهج شامل للتنمية الصناعية الإبداعية المستقبلية 5/6 الأحد 11 مايو 2025
تتمثل السمة المميزة للاقتصاد البرتقالي '4.0' في التكامل العميق للتقنيات التخريبية ( Disruption)، مثل الذكاء الاصطناعي، وblockchain، والواقع الافتراضي / المعزز - في الصناعات الإبداعية. في جميع أنحاء العالم، يتبنى المبدعون والشركات الإبداعية هذه التقنيات للابتكار في إنتاج المحتوى وتوزيعه وتحقيق الدخل. وفيما يلي المجالات الرئيسة للتكامل التكنولوجي وتأثيرها على القطاعات الإبداعية: - الذكاء الاصطناعي، والتعلم الآلي: يعمل الذكاء الاصطناعي على تحويل العمليات الإبداعية بطرق متعددة. يمكن أن ينتج الذكاء الاصطناعي التوليدي، الموسيقى والفن، وحتى أفكار السيناريو. على سبيل المثال، تقوم الخوارزميات الآن بإنشاء موسيقى خلفية أو تساعد في تصميم مستوى ألعاب الفيديو. في التصميم والموضة، تولد أدوات الذكاء الاصطناعي أنماطا جديدة أو تعمل على تحسين الأنماط (ما يسمى بالإبداع المعزز حيث يعمل المصممون البشريون مع اقتراحات الذكاء الاصطناعي). في وسائل الإعلام، تساعد التحليلات المستندة إلى الذكاء الاصطناعي الاستوديوهات على فهم تفضيلات الجمهور، وحتى تقليل عمر الممثلين المعدين رقميا، أو إنشاء تأثيرات بصرية بواقعية أعلى. كما يسمح التوليف الصوتي الذكاء الاصطناعي باستعادة الأصوات. أو توطين المحتوى عن طريق تقليد أصوات الممثلين بلغات مختلفة. على الجانب الآخر، يمكن أن يشكل الذكاء الاصطناعي تهديدا تنافسيا لبعض الوظائف الإبداعية: على سبيل المثال، يثير مولد فن الذكاء الاصطناعي تساؤلات حول الدور المستقبلي للرسامين، أو كتاب أخبار الذكاء الاصطناعي الذين يؤثرون على الصحفيين. يتصارع الاقتصاد الإبداعي مع هذه الفرص والتحديات - الموازنة بين الذكاء الاصطناعي كأداة للمبدعين (لتعزيز الإنتاجية) مقابل الذكاء الاصطناعي كبديل محتمل لبعض المهام الإبداعية. والأهم من ذلك، أن أدوار جديدة آخذة في الظهور، مثل 'المهندسون السريعون' الذين يصوغون مدخلات لنماذج فن الذكاء الاصطناعي، ومتخصصي البيانات الذين يضمنون أن أنظمة الذكاء الاصطناعي تعكس سياقات ثقافية متنوعة. يتمثل التأثير الصافي لـ الذكاء الاصطناعي في Orange Economy 4.0 في زيادة الكفاءة وأشكال المحتوى الجديدة، ولكن أيضا الحاجة إلى تكييف وإعادة مهارات القوى العاملة الإبداعية. - Blockchain و NFTs: تقدم تقنية Blockchain طرقا جديدة لإدارة الملكية الفكرية وتحقيق الدخل من المحتوى الإبداعي. كان أحد الاستخدامات البارزة هو الرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs) - شهادات ملكية رقمية فريدة للأعمال الفنية، أو الموسيقى، أو مقاطع الفيديو، أو العناصر داخل اللعبة. وفي الفترة 2021-2022، خلقت NFTs طفرة في أسواق الفن الرقمي، مما سمح للفنانين ببيع الأعمال مباشرة إلى الجماهير، وكسب الإتاوات على إعادة البيع عبر العقود الذكية. استكشف الموسيقيون وصانعو الأفلام تقنيات NFTs المبدعة والمتقدمة، كوسيلة للتمويل الجماعي للمشاريع أو بيع المقتنيات (مثل ألبومات الإصدار المحدود أو مشاهد الأفلام المختارة). بالإضافة إلى NFTs، تقدم blockchain حلولا لتتبع المصدر ومنع القرصنة. على سبيل المثال، تستخدم أسواق الأزياء والفنون الفاخرة blockchain للتحقق من أصالة المنتجات وتتبع أصولها. وكما لاحظت الأونكتاد (UNCTAD)، فإن 'تكنولوجياBlockchain توفر طرقا جديدة لتتبع أصالة المنتجات' في سلاسل التوريد الإبداعية. هذا يمكن أن يحمي الحرفيين والمصممين من النسخ المزيفة الرخيصة. في قطاع الحرف اليدوية، حيث يمكن للتصنيع بمساعدة الذكاء الاصطناعي الآن تكرار التصاميم المصنوعة يدويا بدقة مزعجة، فإن الشهادة القائمة على blockchain لمنشأ المنتج (ربما مرتبطة بمؤشر جغرافي أو ملف تعريف فنان) يمكن أن تحافظ على قيمة السلع الإبداعية الأصيلة. يتم أيضا اختبار Blockchain لتوزيع حقوق الملكية - مما يضمن حصول الملحنين والكتاب والمساهمين الآخرين تلقائيا على حصتهم عند تشغيل أغنية أو بيع كتاب، دون عمليات وسيطة مرهقة. في حين أن جنون فن التشفير قد هدأ من ذروته، يستمر ابتكار blockchain الأساسي في دفع نماذج أعمال جديدة في الاقتصاد الإبداعي. كما أنه يثير أسئلة قانونية وبيئية (على سبيل المثال الاستخدام العالي للطاقة لبعض شبكات blockchain، على الرغم من تحسن ذلك مع البروتوكولات الأحدث). • الواقع الافتراضي (VR) والواقع المعزز (AR): تعمل التقنيات الغامرة على توسيع حدود المحتوى الإبداعي والخبرات. يوفر الواقع الافتراضي بيئات رقمية بالكامل - وقد أدى ذلك إلى ظهور أفلام الواقع الافتراضي والرسوم المتحركة والمتاحف والمعارض الافتراضية وألعاب الفيديو VR التي توفر وجودا في عوالم خيالية. يتم إعادة تصور فن سرد القصص للواقع الافتراضي: على سبيل المثال، يستكشف صانعو الأفلام تجارب سردية بزاوية 360 درجة، وأقام فنانو الأداء حفلات موسيقية في أماكن افتراضية حيث يحضر المعجبون عبر الصور الرمزية. من ناحية أخرى، يقوم الواقع المعزز بتراكب العناصر الرقمية على العالم الحقيقي (غالبا من خلال الهواتف الذكية أو نظارات الواقع المعزز). يستخدم الفنانون المرئيون والمعلنون الواقع المعزز لإنشاء حملات تفاعلية لفن الشارع أو التسويق (على سبيل المثال، قد يؤدي توجيه هاتفك إلى لوحة جدارية إلى تشغيل رسوم متحركة أو تراكب معلومات). في الموضة، يسمح الواقع المعزز 'التجارب الافتراضية' للملابس أو المكياج، ويمزج بين الإبداع وتكنولوجيا البيع بالتجزئة. ;lh تستخدم المتاحف والمواقع التراثية الواقع المعزز لإثراء الجولات - تخيل الآثار القديمة التي تنبض بالحياة مع إعادة بناء الواقع المعزز أثناء مشاهدتها على جهاز. وتعد الألعاب ساحة رئيسة للواقع المعزز (شاهد نجاح Pokémon Go الذي يمزج بين الحقيقي والافتراضي). معا، تؤدي تقنيات الواقع الافتراضي / الواقع المعزز إلى ظهور مفهوم 'Metaverse' - عوالم افتراضية ثابتة بشكل أساسي حيث يتواصل الناس ويعملون ويلعبون. وتعتبر الصناعات الإبداعية جوهر تطوير metaverse: يصمم المهندسون المعماريون مساحات افتراضية، ويخلق الفنانون أزياء وعناصر افتراضية، ويؤدي الموسيقيون في النوادي الافتراضية. هذا يفتح تدفقات إيرادات جديدة للمبدعين (بيع سلع افتراضية أو تذاكر) ويتطلب مهارات جديدة (النمذجة ثلاثية الأبعاد، التصميم التجريبي). في إطار Orange Economy 4.0، يدفع الواقع الافتراضي / الواقع المعزز مظروف كيفية استهلاكنا للثقافة - مما يجعلها أكثر غامرة وتشاركية - مع طرح تحديات تصميم المحتوى أيضا (على سبيل المثال، ضمان الراحة في سرد القصص في الواقع الافتراضي، أو النزاهة الفنية عند المزج بين الحقيقي والرقمي). • تقنيات الصناعة 4.0 الأخرى: بصرف النظر عن الثلاثة الكبار المذكورة أعلاه، تؤثر العديد من التقنيات الأخرى على الإبداع fields. 3D الطباعة (التصنيع الإضافي) تتيح النماذج الأولية السريعة في التصميم والأزياء - يمكن للمصممين 'طباعة' المجوهرات والنماذج الأولية للأثاث وحتى الملابس الراقية، مما يسمح بدورات ابتكار وتخصيصات أسرع. في عملية الإنتاج الإعلامي، تلعب الروبوتات والأتمتة دورا متزايدا (على سبيل المثال، أصبحت الطائرات بدون طيار وكاميرات الأذرع الروبوتية شائعة الآن في مجموعات الأفلام والتصوير الفوتوغرافي، وتؤدي حركات دقيقة). يشير تقرير الأونكتاد للصناعة الإبداعية 4.0 إلى أن الروبوتات بمساعدة الذكاء الاصطناعي يمكنها حتى تكرار القطع الأثرية المصنوعة يدويا بشكل مثالي تقريبا. وهو تطور مثير ومثير للقلق للحرفيين. تضيف أجهزة إنترنت الأشياء (IoT) أبعادا تفاعلية إلى المنتجات (الآلات الموسيقية الذكية التي تتصل بالتطبيقات، وفن التثبيت التفاعلي الذي يستجيب لحركة الجمهور عبر أجهزة الاستشعار). تكمن الحوسبة السحابية والبيانات الضخمة في الكثير من التوزيع الرقمي الإبداعي - من خدمات البث التي تحلل بيانات المستخدم للتوصية بالمحتوى، إلى المنصات السحابية التعاونية حيث يمكن للفرق الإبداعية المنتشرة في جميع أنحاء العالم إنتاج فيلم أو لعبة بشكل مشترك في الوقت الفعلي. تساهم كل هذه الاتجاهات التقنية فيما نسميه الاقتصاد البرتقالي4.0: قطاع إبداعي مليء بالتكنولوجيا ويعتمد على البيانات ويبتكر باستمرار. لا يخلو تكامل التكنولوجيا من التحديات في الصناعات الإبداعية. يتطلب ذلك تحسينات كبيرة في المهارات وإعادة المهارات - يجب أن يتعلم المحترفون المبدعون الأدوات الرقمية، وعلى العكس من ذلك، يحتاج مطورو التكنولوجيا إلى فهم العمليات الإبداعية. كما أنه يخلق خطر حدوث فجوات رقمية: يمكن لأولئك الذين لديهم إمكانية الوصول إلى التكنولوجيا والمهارات المتقدمة أن يقفزوا إلى الأمام، بينما قد يتخلف آخرون (خاصة في المناطق ذات الدخل المنخفض) عن الركب. على سبيل المثال، سيكافح موسيقي في بلد يعاني من ضعف الاتصال بالإنترنت أو ليس لديه إمكانية الوصول إلى التوزيع الرقمي للاستفادة من أدوات البث المباشر وأدوات الذكاء الاصطناعي. هذا هو السبب في أن منظمات مثل البنك الدولي تؤكد على تدريب المبدعين على المهارات الرقمية وتحسين الوصول إلى التكنولوجيا كجزء من تنمية الاقتصاد الإبداعي. عند تسخيرها بشكل صحيح، يمكن للتكنولوجيا التخريبية أن تضخم بشكل كبير مدى وصول وكفاءة القطاعات الإبداعية - مما يمكن استوديو صغير أو منشئ مستقل من الحصول على جمهور عالمي وأتمتة المهام الدنيوية - مما يسمح بمزيد من التركيز على الشرارة الإبداعية التي تحرك الاقتصاد البرتقالي.