
تضليل بلا حدود
قبل ظهور الإنترنت وانتشار وسائل التواصل عبرها وتطور الهواتف إلى «هواتف ذكية» متصلة بالإنترنت كانت هناك أيضاً حملات كذب وتلفيق وتضليل للرأي العام من خلال الدس المعلوماتي في وسائل الإعلام التقليدية. كما كانت هناك الإشاعات المغرضة التي تتضخم بتناقلها بين الناس لتحقيق هدف صرف الأنظار أو تشكيل وعي مزيف لأهداف محددة.
صحيح أن مستوى الصدق بين السياسيين والمسؤولين ربما كان أفضل قليلاً من وضعنا الحالي، لكن هناك في الخطاب الرسمي أيضاً «أنصاف الحقائق» وحتى ما تسمى الآن تجميلاً ل «الحقائق البديلة». كل ذلك كان يبلغ أوجه في أوقات الأزمات والحروب، ومن هنا جاءت المقولة الشهيرة بأن «أول ضحية في أي حرب هي الحقيقة».
هناك تصور، لا أعتقد أنه صحيح تماماً، بأن التطور التكنولوجي والوفرة المعلوماتية وسهولة نقل الأخبار والمعلومات إلى مئات الملايين في لحظة عبر الإنترنت ساعد على تفادي الكذب والتضليل وأفشل طرق «التعبئة والتحشيد» السابقة ببيانات مغلوطة. بل ربما كان العكس بالعكس، وإن كانت وسائل التواصل الحديثة أوسع انتشاراً بقدر هائل عن السابق إلا أنها أيضاً أصبحت وسيلة تزييف وتلفيق وترويج لنظريات المؤامرة.
إن نظريات المؤامرة الآن والكذب المتعمد يكتسبان قدراً كبيراً من الدقة، بحيث «تبلعهما» أغلبية الجماهير دون تفكير أو تدقيق.
يحدث في الأزمات غالباً، وأكثر في حالات الحرب، أن يكون الخطاب الرسمي غير دقيق تماماً، سواء لرفع الروح المعنوية لدى جماهير كل طرف من أطراف الصراع، أو لتقديم صورة مجافية للحقيقة لتحقيق أهداف معينة. وفي السنوات الأخيرة زادت وتيرة التلفيق في الخطاب الرسمي حتى في أوقات السلم، وكلما واجهت حكومة ما مشكلة حتى لو كانت تتعلق بأزمة مياه وصرف صحي – كما حدث في بريطانيا مؤخراً.
كان الإعلام التقليدي في السابق، الملتزم بقدر معقول من المهنية، يفند تلك التلفيقات في الخطاب الرسمي من خلال التحقيقات الصحفية الموضوعية.
وكانت القوانين تحمي الصحفيين الباحثين عن الحقيقة في الوقت الذي تعاقب فيه أي تجاوز من باب التشهير أو السب والقذف. كل ذلك كان ضمن منظومة تضمن إلى حد ما وصول الجماهير إلى المعلومات والأخبار الصحيحة وتقليل كمية التلفيق والتضليل في الإعلام.
ربما كان يتم تجاوز تلك المعايير أيضاً في حالات الحروب، لكن ذلك كان يتم أيضاً تحت سقف معين تضمن النظم والقوانين ألا يتم تجاوزه. ولعلنا نتذكر مطلع الثمانينات من القرن الماضي حين دخلت بريطانيا حرباً مع الأرجنتين حول جزر الفوكلاند كانت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) تستخدم في تغطيتها «العدوان البريطاني على الأرجنتين». وثارت ثائرة رئيسة الوزراء وقتها مارغريت تاتشر ولو كان بيدها لأغلقت «بي بي سي» تماماً، لكنها لم تستطع وقف التغطية المتوازنة نسبياً للمؤسسة. ولا يعني ذلك أن المؤسسة محايدة تماماً، لكنها كانت تحافظ على قدر من الموضوعية باعتبارها مؤسسة إعلامية تعمل لصالح الجمهور وليس للحكومة، وهي ميزة فقدتها الآن إلى حد بعيد.
أما الآن، فإن مواقع وتطبيقات التواصل تكتظ بقدر مهول من التزييف والكذب الذي يجعل من الصعب على أغلبية الجماهير تصفيته وتنقية الصحيح من الملفق. ليس فقط باستخدام صور وفيديوهات قديمة من مواقع أخرى والادّعاء بأنها نتيجة الحروب الحالية في المنطقة، إنما أيضاً ما تسهله برامج الكمبيوتر من تزييف الصوت بحيث تسمع الإنترنت ما لم يقله أحد.
مفهوم أن هناك «لجاناً إلكترونية» تستخدمها أطراف الصراع لترويج ما يخدم مصالحها وأهدافها بالكذب والتضليل أو على الأقل بالمبالغات وتضخيم الأمور. كما أن هناك جماعات متشددة ومتطرفة تعتمد نظريات المؤامرة وتروج لها بإتقان يخدع أغلب الناس لأهداف انتهازية مريضة أحياناً. لكن الأمر الآن تجاوز كل ذلك، وأصبح حجم الزيف والتلفيق وترويج نظريات المؤامرة يفوق بأضعاف مضاعفة أي معلومة صحيحة أو رأي متوازن.
المشكلة الأساسية أن الناس أصبحوا يميلون أكثر لنوع من «الاستسهال»، إما لأنها تريد أن ترى وتسمع ما يرضيها أو لأنها لا ترغب في بذل أي جهد للتحقق والتدقيق. بل يمكن القول إن هذا الفيضان الهائل من المعلومات والآراء وسهولة الوصول إليها على هاتفك الذكي جعل عمل العقل لفرز الغث من السمين أمراً مستبعداً في أغلب الأحيان.
لذا نرى كثيراً ممن نعتبرهم «عقلاء» وعلى قدر من المعرفة والثقافة يعيدون نشر تغريدات ومنشورات لا يمكن أن يقبل بها العقل دون أي تحقق أو تدقيق. وتصبح مهمة التنبيه بأن هذا «خبر كاذب» أو تلك «صورة ملفقة» مسألة مضنية تماماً، وفي الأغلب الأعم لا تفيد، لأن انتشارها أقل بكثير من انتشار الزيف والتضليل.
لا يقتصر الخطر من هذا التضليل بلا حدود على سوء تفسير أي تصرف من قبل أي طرف استناداً إلى ما ترسخ في وعي الجماهير من زيف معلوماتي. إنما سيؤدي ذلك في النهاية إلى مزيد من الكوارث في المجتمعات وعلاقات الدول وغيرها. ولا أتصور أن أي تنظيم أو تقنين لما ينشر ويبث على وسائل التواصل والإنترنت عموماً قادر الآن على وقف هذه الموجة الكارثية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الإمارات اليوم
منذ 8 ساعات
- الإمارات اليوم
استرضاء ترامب يتصدر أولويات الحلفاء في قمة «الناتو»
يبدو أن أحد الأهداف الرئيسة لقمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) لعام 2025، والتي اختتمت أعمالها في لاهاي، الأربعاء الماضي، كان استرضاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب. فقد فُرِشَت له السجادة الحمراء، حرفياً ومجازياً. وتمت استضافته من قبل الملك والملكة الهولنديين في القصر الملكي، ليصبح بذلك أول رئيس أميركي يذهب إلى هناك. وبذل الأمين العام لـ«الناتو»، مارك روته، قصارى جهده لإغداق المديح على ترامب، حيث قال في مؤتمر صحافي بعد القمة: «إنه (ترامب) صديق جيد، وأنا أثق به». ووصفه بأنه «رجل سلام» وأيضاً «رجل قوة». ورفض روته أسئلة الصحافيين حول ما إذا كان سلوكه المتودّد تجاه ترامب «مهيناً»، ويجعله يبدو «ضعيفاً». وعكست العديد من تصريحات روته في القمة، خطاب ترامب المُهنئ لنفسه أو انتقاداته السابقة للحلف. وأشاد أمين عام حلف «الناتو» بترامب، لاتخاذه إجراءات «حاسمة» ضد إيران، وأكد مراراً وتكراراً أن الرئيس الأميركي يستحق الثناء لحثّه الحلفاء في «الناتو» على الالتزام بهدف جديد للإنفاق الدفاعي، بنسبة 5% من الناتج المحلي الإجمالي. وقال ترامب في مؤتمر صحافي عُقد قبيل نهاية القمة: «لا أعرف ما إذا كنتُ قد فعلتُ ذلك، لكنني أعتقد أنني فعلتُ». ويبدو أن هناك تغييراً في الموقف، فلطالما انتقد ترامب حلفاء «الناتو»، بسبب تقصيرهم في إنفاقهم الدفاعي لسنوات، وكثيراً ما أساء وصف طريقة تمويل التحالف في هذه العملية. كما أثار ترامب مخاوف حلفاء «الناتو» من أنه قد يتخذ خطوات لانسحاب الولايات المتحدة من الحلف. إشادة ومن الواضح أن روته وحلفاء «الناتو» الآخرين سعوا جاهدين إلى عكس هذا الاتجاه، ويبدو أن تجنّب استعداء ترامب كان أحد الأهداف الرئيسة للقمة، كما اتضح من الجدول الزمني القصير وتراجع التركيز على حرب روسيا المستمرة في أوكرانيا، إضافة إلى الجهود المبذولة للإشادة بالرئيس لتحقيق هدف الـ5%. وكان رد فعل ترامب الأولي على مبادرات الحلفاء أكثر غموضاً، ما أثار مخاوفهم. وحتى قبل وصوله إلى لاهاي، شارك ترامب في استطلاع رأي على موقع «تروث سوشيال»، أظهر أن 57% من الجمهوريين المؤيدين لـ«جعل أميركا عظيمة مجدداً»، والذين يُشكّلون قاعدته الانتخابية الأساسية، سيدعمونه إذا انسحبت الولايات المتحدة من «الناتو». وامتد غموض الرئيس إلى بند الدفاع المشترك للمادة الخامسة من ميثاق «الناتو». فعندما سأله الصحافيون على متن الطائرة الرئاسية عما إذا كان ملتزماً بالمادة الخامسة أثناء توجهه إلى لاهاي، قال ترامب إن الأمر «يعتمد على تعريفنا لهذا المبدأ». لكن بعد استيقاظه في قصر الملك الهولندي، الأربعاء الماضي - وكان في مزاج رائع على ما يبدو - غيّـر ترامب موقفه. وقال عندما سُئل عن التزامه بالمادة الخامسة: «نحن معهم حتى النهاية». وكان روته قد صرح في وقت سابق بأن واشنطن «ملتزمة تماماً» ببند الدفاع المشترك لـ«الناتو». لا خيار للانسحاب ولم تشهد قمة «الناتو» نقاشاً يُذكر حول تصريح ترامب، الأسبوع الماضي، الذي أشار فيه إلى ضرورة إعفاء الولايات المتحدة من شرط الإنفاق البالغ 5%، وحتى مع انتقاد روته لموقف إسبانيا وسلوفاكيا الرافضتين، قال إن «(الناتو) لا يمتلك خيار الانسحاب». ودافع رئيس حلف «الناتو» عن ترامب، مشيراً إلى أن جزءاً من الهدف هو 3.5% من الإنفاق الدفاعي الأساسي، مؤكداً أن الولايات المتحدة «حققت ذلك تقريباً». وتُنفق الولايات المتحدة، صاحبة أعلى ميزانية دفاع في العالم بفارق كبير حالياً، نحو 3.4% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع. أما الجانب الآخر من هدف الـ5%، فهو إنفاق 1.5% على البنية التحتية المتعلقة بالدفاع، والتي قال روته: «يمكننا أن نفترض بثقة أن واشنطن تحققها»، لافتاً إلى استثمارات الولايات المتحدة في مجالات مثل الدفاع السيبراني والأمن. وفي إعلان قمة لاهاي أكد «الناتو» أنه لايزال ملتزماً باستثمار 5% من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً في متطلبات الدفاع الأساسية، إضافة إلى الإنفاق المتعلق بالدفاع والأمن بحلول عام 2035. وفي مؤتمره الصحافي يوم الأربعاء، وصف ترامب اتفاق هدف الـ5% بأنه «انتصار هائل للولايات المتحدة، لأننا كنا نتحمل أكثر بكثير من نصيبنا العادل»، كما وصفه بأنه «انتصار كبير لأوروبا، بل للحضارة الغربية». وحدة أوروبية واستغل أعضاء «الناتو» الأوروبيون القمة والالتزام بهدف الـ5%، للإشارة إلى أن القارة تتولى أخيراً مسؤولية دفاعها، ولن تعتمد بعد الآن على الولايات المتحدة كضامن رئيس لأمنها. واكتسب هذا الموضوع زخماً داخل «الناتو» لسنوات، لاسيما في أعقاب حرب روسيا على أوكرانيا عام 2022. لكن من الواضح أن هذا الشعور قد ازداد قوة مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، خصوصاً بعد مؤتمر ميونيخ للأمن في فبراير الماضي. وقال وزير الخارجية التشيكي، يان ليبافسكي، في مقابلة مع «سيتريب»: «لقد تم إعداد هذه القمة لدونالد ترامب، ليس لإرضائه، لكن ربما لإقناعه بجدية أوروبا». ويبدو أن القمة نجحت في ذلك، حيث قال ترامب: «لولا الولايات المتحدة، لما استطاعوا حقاً إنشاء حلف شمال الأطلسي، الذي سينجح في المستقبل لأنهم يدفعون الآن أموالاً أكثر بكثير»، مضيفاً: «عندما غادرتُ من لاهاي، قلت إن هؤلاء الناس يحبون بلادهم حقاً، ونحن هنا لمساعدتهم على حماية بلادهم». عن «فورين بوليسي» موقف إسبانيا قال رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، الأسبوع الماضي، قبل قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، إن مدريد لن تتجاوز نسبة 2.1%، من الناتج المحلي الإجمالي للإنفاق الدفاعي. وتُعدّ إسبانيا حالياً واحدة من ثماني دول لم تُحقق الهدف الأصلي البالغ 2%. لكن «الناتو» بدا الأربعاء الماضي، أنه قد منح إسبانيا بعض المرونة، حيث كتب في بيان مقتضب من خمس نقاط، أن «الحلفاء - وليس (جميعهم) - قد التزموا هذا الهدف». وقال سانشيز معقباً على البيان، إن «مدريد تود أن تشكر روته وجميع الحلفاء على احترامهم سيادة إسبانيا، واستعدادهم للتفاهم والتوصل إلى اتفاق». وفي حين بدت العديد من دول «الناتو» مستعدة لاسترضاء إسبانيا، إلا أن الولايات المتحدة لم تكن من بينها، حيث قال الرئيس دونالد ترامب: «أعتقد أن إسبانيا سيئة للغاية، بسبب ما فعلته»، على حد تعبيره، مضيفاً: «اقتصاد مدريد قد ينهار تماماً إذا حدث أمر سيئ». وهدد بمعاقبة إسبانيا بإجبارها على «دفع ضعف المبلغ» في اتفاقية تجارية مستقبلية بين واشنطن والاتحاد الأوروبي. وليس من الواضح كيف سيفعل ذلك، فالبيت الأبيض يتفاوض مع الاتحاد الأوروبي بأكمله، وليس مع دُوله منفردة. من جهته، حذّر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، قائلاً: «لا يمكننا القول إننا سننفق أكثر، ثم نشن حرباً تجارية في قلب (الناتو)»، واصفاً تصريحات ترامب بأنها «غريبة». وأشارت باريس إلى أن الرسوم الجمركية الأميركية الباهظة قد تضر التجارة عبر الأطلسي، وتشكل عائقاً أمام قدرة الدول على تحقيق هدف الإنفاق البالغ 5%. «الناتو» تبنى هدف إنفاق 5% من الناتج المحلي الإجمالي للإنفاق الدفاعي لطمأنة ترامب.


الإمارات اليوم
منذ 8 ساعات
- الإمارات اليوم
السياسيون في الدول الغنية يواجهون التبعات الاقتصادية لتراجع العمالة المهاجرة
في العام الماضي، انخفضت أعداد المهاجرين إلى بريطانيا إلى النصف، من 860 ألف نسمة في عام 2023 إلى 431 ألف نسمة في عام 2024. وخلال الربع الأخير من العام الماضي، هاجر نحو 60 ألف شخص إلى كندا، مقارنة بـ420 ألف نسمة في منتصف عام 2023. وفي أبريل 2024 تباطأ صافي الهجرة إلى أميركا، وتحوّل إلى وتيرة سنوية بلغت 600 ألف نسمة، بعد أن كان نحو أربعة ملايين نسمة في عام 2023. وفي مارس، انخفض صافي الهجرة إلى نيوزيلندا بنسبة 80% عن ذروته في أواخر عام 2023. وتتشابه أنماط الهجرة إلى جميع أنحاء العالم الغني تقريباً، فبعد ارتفاع كبير، بل غير مسبوق في أعداد المهاجرين، بين عامي 2022 و2023، تشهد الهجرة إلى العالم الغني انخفاضاً حاداً. وتلعب السياسات الجديدة أيضاً دوراً كبيراً بشأن الهجرة. وكان أكثرها تشدداً، تلك التي تتبنّاها الآن أميركا، حيث عزز الرئيس دونالد ترامب مراقبة الحدود مع المكسيك التي عبرها ملايين الأشخاص في السنوات الأخيرة، لكن حالياً لا أحد يقوم بهذه الرحلة. لقد صعّبت إدارة ترامب على الأجانب الحصول على تأشيرات، حيث تشير بيانات جمعها الباحث المستقل توماس كارترايت، إلى أن عدد رحلات الترحيل حالياً أعلى بنسبة 25% من العام الماضي. كما أن المداهمات رفيعة المستوى التي يقوم بها ضباط إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك، ستُثني المهاجرين المحتملين. الاتحاد الأوروبي أميركا ليست المكان الوحيد الذي يكثف عمليات الترحيل، ففي الربع الأخير من العام الماضي، رحلت حكومات الاتحاد الأوروبي، 30 ألف مهاجر وفدوا إليها من دول أخرى، بزيادة 30% على أساس سنوي. وفي المجر، تضاعفت عمليات الترحيل ثلاث مرات، فيما ارتفعت في إيرلندا من 80% في الربع الأخير من عام 2023 إلى 465% في الربع الأول من عام 2025. أما بريطانيا، فإنها تفرض قيوداً جديدة على المهاجرين المحتملين، بما في ذلك متطلبات لغوية أكثر صرامة، بينما يتبنّى رئيس الوزراء، كير ستارمر، لهجة أقل ترحيباً. ويريد رئيس وزراء كندا الجديد، مارك كارني، فرض حد أقصى على عدد المهاجرين. جدال ويجادل العديد من السياسيين، إضافة إلى مجموعة من الاقتصاديين، بأن ارتفاع معدلات الهجرة يؤدي إلى تراجع مستويات المعيشة. ويذهب البعض إلى أن ذلك يُقلل الأجور، ويرفع كلفة السكن. وإذا كان هذا صحيحاً، فإن تراجع الهجرة اليوم من شأنه أن يُحسّن مستويات معيشة العمال. وقد تُقدّم التطورات في الأسواق المالية دعماً للسياسيين المعادين للهجرة. وفي الأشهر الأخيرة، كان أداء أسهم الشركات الأميركية التي تعتمد بشدة على العمالة المهاجرة، مثل شركات الاستشارات وشركات الضيافة والتجزئة، أقل من أداء المؤشر الأوسع. وبعد فوزهم في الانتخابات لوعودهم بخفض الهجرة، سيتعين على السياسيين في جميع أنحاء العالم الغني الآن، التعامل مع عواقب القيام بذلك فعلياً. لنأخذ سوق العمل على سبيل المثال، فوفقاً لمؤشر تتبع أعدّه بنك «جولدمان ساكس»، انخفض إجمالي نمو الأجور في الاقتصادات المتقدمة من ذروة بلغت 4.8% على أساس سنوي إلى نحو 3.8%، وهو عكس ما توقعه معارضو الهجرة. ولايزال متوسط معدل البطالة منخفضاً، لكنه آخذ في الارتفاع تدريجياً. ففي كندا، قفز معدل البطالة بنقطتين مئويتين من أدنى مستوى له أخيراً، وهو أحد أسوأ معدلات الأداء في أي دولة غنية. وهذا لا يتوافق مع فكرة أن المهاجرين سرقوا وظائف مُضيفيهم. ففي الواقع، ومن الأكثر ترجيحاً أن بعض المهاجرين المغادرين كانوا قد استُخدموا في السابق كعمال محليين. الأجور لقد درسنا بيانات الأجور الأميركية، مع التركيز على المهن التي تضم نسبة عالية من العمال المولودين في الخارج. وتشمل هذه الوظائف عمال تركيب الجدران الجافة والتنظيف. قبل تولي ترامب منصبه مباشرة، تجاوز متوسط نمو الأجور في هذه المهن التي عادة ما يشغلها المهاجرون، المتوسط العام. لكن حتى الآن ومنذ بداية العام الجاري، ومع انخفاض صافي الهجرة، وتراجع المنافسة على هذه الوظائف نظرياً، تباطأ نمو الأجور في الواقع. وحالياً تشهد هذه المهن نمواً أضعف من المتوسط. سوق الإسكان وتُظهر تطورات سوق الإسكان قصة مماثلة، حيث تصرفت أسواق الإسكان في جميع أنحاء العالم الغني من عام 2022 إلى عام 2024، بشكل غريب. فقد ارتفعت الإيجارات واستقرت أسعار البيع، حتى في مواجهة الارتفاع السريع في أسعار الفائدة، ما جعل الرهن العقاري أكثر كلفة بكثير. وتشير الأبحاث إلى أن ارتفاع معدلات الهجرة، ربما أسهم في هذا الوضع. ووجد تحليل أجراه ويليام كوكرين وجاك بوت، وكلاهما من جامعة وايكاتو، أن زيادة بنسبة 1% في عدد السكان المهاجرين في مدينة ما، تؤدي إلى ارتفاع في الإيجارات بنسبة تراوح بين 0.5 و1%، حيث كان نائب الرئيس الأميركي، جيه. دي. فانس، قد لفت الانتباه إلى هذه الصلة. ومع ذلك، فإن انخفاض الهجرة لم يُؤدِ حتى الآن، إلى انخفاض أسعار المساكن. ولايزال تضخم الإيجارات في الدول الغنية مرتفعاً، بنسبة 5% على أساس سنوي، وقد انخفض في الأشهر الأخيرة بوتيرة أبطأ من التضخم الإجمالي. وفي العديد من البلدان التي تنخفض فيها الهجرة بوتيرة أسرع، بما في ذلك أميركا وبريطانيا، ترتفع أسعار المساكن بوتيرة سريعة. ويتوافق الأداء القوي لسوق الإسكان مع فكرة أخرى من الأدبيات الأكاديمية، تقول إنه «على الرغم من أن المهاجرين قد يرفعون كلفة السكن بشكل طفيف، فإن هناك عوامل أخرى أكثر أهمية». عن «الإيكونوميست» . أداء أسهم الشركات الأميركية التي تعتمد على المهاجرين تراجع خلال الأشهر الأخيرة.


البيان
منذ 12 ساعات
- البيان
نيابة عن رئيس الدولة..ولي عهد أبوظبي يشارك في اجتماع المجلس الاقتصادي الأعلى للاتحاد الأوراسي
وشهد اللقاء عقد اجتماع موسع لقادة ورؤساء حكومات دول الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، برئاسة فخامة الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، وبمشاركة دولة الإمارات العربية المتحدة كضيف شرف. إضافة إلى قادة الدول المدعوة للمشاركة في أعمال القمة الاقتصادية العليا لقادة دول الاتحاد الأوراسي: أوزبكستان، وكوبا، وأذربيجان، وتركمانستان، ومنغوليا، وزيمبابوي، وميانمار. كما تقدم سموه بالشكر إلى فخامة ألكسندر لوكاشينكو، رئيس جمهورية بيلاروسيا، على حسن الاستقبال والضيافة، وعلى دعوته دولة الإمارات للمشاركة في قمة الاتحاد الاقتصادي الأوراسي التي تستضيفها بلاده. وأكد سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، حرص دولة الإمارات على تعزيز علاقات الصداقة مع دول الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، والارتقاء بها إلى آفاق جديدة من الازدهار والنمو الاقتصادي المشترك، بما يحقق المصالح المشتركة ويخلق المزيد من الفرص التجارية والاستثمارية لكلا الجانبين. شارك في اجتماع المجلس الاقتصادي الأعلى للاتحاد الأوراسي كل من فخامة فلاديمير بوتين، رئيس روسيا الاتحادية؛ وفخامة ألكسندر لوكاشينكو، رئيس جمهورية بيلاروسيا؛ وفخامة قاسم جومارت توكاييف، رئيس جمهورية كازاخستان؛ وفخامة صدير جاباروف، رئيس جمهورية قيرغيزستان. إضافة إلى ممثلين عن الدول المدعوة، وهم: مين أونغ هلاينغ، رئيس وزراء جمهورية اتحاد ميانمار؛ ولورينو أورتيغا موريو، المستشار الرئاسي لجمهورية نيكاراغوا لشؤون الاستثمار والتجارة والتعاون الدولي؛ ونيام-أوسورين أوتشيرال، النائب الأول لرئيس وزراء منغوليا، وزير الاقتصاد والتنمية في منغوليا. وأشار سموه إلى أن دولة الإمارات تتطلع، من خلال اتفاقية الشراكة الاقتصادية، إلى تعزيز التعاون بين مجتمع الأعمال والمستثمرين ورواد الأعمال في الدولة ودول الاتحاد، بما يسهم في ترسيخ روابط اقتصادية متينة، ويعكس في الوقت ذاته عمق الصداقة والتعاون البنّاء الذي يجمع الدولة والدول الأعضاء في الاتحاد. ووقع اتفاقية الشراكة الاقتصادية كل من معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير التجارة الخارجية؛ ومهير جريجوريان، نائب رئيس وزراء جمهورية أرمينيا؛ وناتاليا بيتكيفيتش، نائبة رئيس وزراء جمهورية بيلاروسيا؛ وسيريك جومانجارين، نائب رئيس الوزراء وزير الاقتصاد الوطني في كازاخستان؛ ودانيار أمانجيلدييف، النائب الأول لرئيس مجلس وزراء قيرغيزستان؛ وأليكسي أوفيرشوك، نائب رئيس الوزراء الروسي؛ وباكيجان ساجينتاييف، رئيس مجلس إدارة اللجنة الاقتصادية الأوراسية.