
روسيا تعلن السيطرة على بلدتين بدونيتسك وزيلينسكي يدعو الغرب لقرارات حازمة
وقالت الوزارة إنها دمرت تحصينات ومستودعات ذخيرة أوكرانية في المحور الجنوبي من دونيتسك، مشيرة إلى أنها استهدفت القوات الأوكرانية في منطقة كارل ماركس -وهو الاسم السوفياتي لقرية ميرن- بالمسيّرات والقصف بصواريخ غراد.
وتابعت الوزارة أنها دمرت منصتي إطلاق ومحطة رادار لمنظومة صواريخ باتريوت للقوات الأوكرانية، مضيفة إنها أسقطت الليلة الماضية نحو 40 مسيّرة أوكرانية في مناطق مختلفة، من بينها بيلغورود وفورونيج.
وكثفت روسيا الهجمات هذا الصيف في ظل عدم توصل المفاوضات التي تقودها الولايات المتحدة إلى نتائج لإنهاء القتال.
تصاعد الهجمات الروسية
وأشارت هيئة الأركان الأوكرانية اليوم إلى أن الهجمات الروسية تركزت على جبهة بوكروفسك عبر 60 هجوما مركزا مع مواصلة محاولاتها التمدد من 3 اتجاهات تحيط بها سعيا لتطويقها.
وأفادت الهيئة بوقوع نحو 30 اشتباكا على محوري كورسك وسومي شمال شرقي البلاد و20 اشتباكا آخر باتجاه خاركيف.
وقالت إن الجانبين يواصلان عملياتهما على محور زاباروجيا، مشيرة إلى تحييدها أمس السبت 6 دبابات ومدرعات على الجبهات، و50 من منظومات الصواريخ والمدفعية، وأكثر من 100 مركبة عسكرية روسية.
بدوره، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن روسيا استخدمت خلال أسبوع من الهجمات المكثفة أكثر من 1800 مسيّرة وأكثر من 1200 قنبلة موجهة و83 صاروخا.
وأضاف "نأمل تنفيذ الاتفاقات التي تعزز دفاعاتنا، ونعول على قرارات حازمة من أميركا وأوروبا ومجموعة السبع وشركائنا".
وأعلن زيلينسكي أمس السبت أن روسيا شنت خلال الليل هجوما واسعا على بلاده بإطلاق 597 مسيّرة و26 صاروخا بعيد المدى، داعيا إلى فرض عقوبات على موسكو التي كثفت ضرباتها في الأسابيع الأخيرة.
وقال إن "روسيا أطلقت 26 صاروخ كروز و597 مسيّرة، أكثر من نصفها من طراز "شاهد" الإيرانية الصنع".
وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن بلاده اتفقت مع حلف شمال الأطلسي (ناتو) على شحن الأسلحة إلى أوكرانيا من خلاله، وأن الحلف سيغطي تكلفتها.
وأضاف ترامب في تصريحات متلفزة الخميس الماضي سيتم تسليم الذخائر العسكرية التي سترسل من الولايات المتحدة أولا إلى حلف شمال الأطلسي، وبالتالي سيسلّم الحلف هذه الأسلحة إلى أوكرانيا.
ومنذ 24 فبراير/شباط 2022 تشن روسيا هجوما عسكريا على جارتها أوكرانيا، وتشترط لإنهائه تخلي كييف عن الانضمام إلى كيانات عسكرية غربية، وهو ما تعتبره كييف "تدخلا" في شؤونها.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 12 دقائق
- الجزيرة
القنابل الانزلاقية هي سلاح روسيا المدمّر لتعويض إخفاقها الجوي
في صباح الرابع والعشرين من فبراير/شباط 2022، حين كانت الطائرات الروسية تحلّق بكثافة في سماء المدن الأوكرانية، ودوّي الانفجارات يملأ الأفق، بدا لكثيرين أن حسم السيطرة الجوية لصالح روسيا مسألة ساعات لا أكثر. ويبدو أن حسابات موسكو افترضت أن التفوق العددي والتكنولوجي لسلاح الجو سيكون كفيلا بتحقيق صدمة إستراتيجية، تقصم ظهر الدفاعات الأوكرانية وتفتح الطريق أمام القوات البرية نحو قلب العاصمة. لكن ما حدث كان عكس ذلك تماما. فقد اصطدمت الطائرات الروسية بجدار دفاعي كثيف، مدعوم بأنظمة غربية مثل " باتريوت" و"ناسامز"، وحوّلته كييف إلى شبكة مقاومة عالية الفعالية. وهكذا، بدلا من فرض الهيمنة الجوية، دخلت روسيا في معركة استنزاف طويلة، باتت فيها فعالية سلاحها الجوي متراجعة إلى حدٍّ ليس قليلا. ووفقا لتقرير صادر عن موقع "أوريكس" (Oryx) المتخصص في توثيق الخسائر العسكرية المؤكدة عبر الصور والفيديوهات، فقد الجيش الروسي منذ بدء الحرب أكثر من 305 طائرة بين مروحية ومقاتلة، أي ما يعادل نحو ثلث أسطوله الجوي القتالي. وشملت هذه الخسائر 63 مروحية هجومية من طراز "كا-52″، وأكثر من 40 مروحية نقل من نوع "مي-8″، بالإضافة إلى 36 مقاتلة من طراز "سوخوي-34". ونتيجة لهذه الخسائر، تقلص عدد الطلعات الجوية اليومية إلى نحو 60 طلعة فقط، مقارنةً بـ300 طلعة في الأيام الأولى من الحرب. وتشير مجلة القوات الجوية والفضائية إلى أن فشل موسكو في فرض التفوق الجوي، واضطرار مقاتلاتها وقاذفاتها إلى أداء أدوار ثانوية على هامش المعارك بدلا من تمهيد الطريق للقوات البرية، أفقد روسيا إمكانية تحقيق نصر حاسم في المراحل الأولى من النزاع. ومن أبرز مظاهر هذه الخسائر أن الطائرات الروسية لجأت إلى التحليق على ارتفاعات منخفضة لتفادي الرادارات الأوكرانية المرتبطة بأنظمة الدفاع الجوي، ما جعلها عرضة لصواريخ الدفاع الجوي المحمولة على الكتف، وعلى رأسها نظام "ستينغر" قصير المدى. ووفقا لتقرير صادر عن "مركز التميز الجوي المشترك" (JAPCC)، فإن معظم الطائرات الروسية التي أُسقِطت كانت تحلق على ارتفاعات منخفضة جدا، ضمن نطاق فعالية هذه الأنظمة المحمولة. والمفارقة أن هذا الإخفاق الروسي في تحقيق التفوق الجوي أثار قلقا لدى حلفاء أوكرانيا، وعلى رأسهم دول حلف الناتو، نظرا لاعتماد العقيدة العسكرية الغربية، بصورة مشابهة، على قوات برية صغيرة نسبيا مدعومة بقوة جوية متفوقة، وهي عقيدة أثبتت فاعليتها سابقا، كما في الحرب العالمية الثانية و حرب الخليج ، لكن الحرب الجوية الدائرة فوق أوكرانيا بدأت تثير تساؤلات جدية حول مدى ملاءمة هذا النموذج لمعارك المستقبل. لماذا أخفقت موسكو مبكرا في فرض الهيمنة الجوية؟ في الأيام الأولى للحرب، كانت روسيا تدخل المعركة بوهم النصر السريع، مسلّحة بأحد أضخم أساطيل الجو في العالم، ومطمئنة إلى أن السماء ستكون أول ما يُحسم في هذه الحرب، كما حدث في جورجيا عام 2008، وفي سوريا بعد ذلك بسنوات، لكن ما جرى في سماء أوكرانيا كان عكس كل ذلك. فقبل أن ينطلق أول الصواريخ الروسية بأيام، كانت أوكرانيا قد بدأت تنفيذ خطة طوارئ استباقية جريئة. وخلال ساعات، فُرِّغت القواعد الجوية الكبرى من الطائرات والذخائر، ونُقلت الأصول الحيوية إلى مطارات فرعية وأخرى مؤقتة، بعضها مدني، وبعضها خاضع للتمويه الكامل. لم تكتفِ كييف بذلك، بل نشرت بطاريات وهمية ورادارات مزيفة لتضليل الطيران الروسي، ووزّعت منصات إطلاق الصواريخ المحمولة على الكتف في مساحات مفتوحة يصعب تعقبها. وحتى وحدات الدفاع الجوي الثقيلة، فُكِّكت وأُعيد توزيعها ميدانيا قبل ساعات فقط من بدء الهجوم، ما جعل الضربة الروسية الأولى، رغم قوتها النارية، تُصيب فراغا. وصحيحٌ أن هذا التشتت السريع أضعف من قدرة كييف على تنسيق دفاعاتها الجوية في الساعات الأولى، لكنه في المقابل أنقذ بنيتها التحتية الجوية من التدمير الشامل. في المقابل، كانت الخطة الروسية تعتمد على تطويق الجيش الأوكراني في الشرق والجنوب الشرقي، وتحقيق تفوق جوي عبر هجمات صاروخية وجوية مركّزة تمهّد للسيطرة على السماء. بدأت العملية بضربات إلكترونية هدفت إلى تعطيل الرادارات الأوكرانية، أعقبتها موجة من القصف المكثف استهدفت أكثر من 100 هدف عسكري، شملت قواعد جوية، ومراكز قيادة، وبطاريات مضادة للطائرات. لكن المفاجأة كانت أن معظم هذه المواقع قد فُرّغت بالكامل من الأصول الحيوية، ما جعل الضربات تفقد قيمتها الإستراتيجية. وقد زاد من محدودية الأثر أن نسبة كبيرة من الذخائر الروسية المستخدمة لم تكن من النوع الموجَّه، مما قلّل من دقة الإصابة، وأدى إلى فشل الضربة الافتتاحية في شلّ الدفاعات الجوية الأوكرانية. ومع تعثّر التقدم البري لاحقا، انحرف سلاح الجو الروسي تدريجيا عن مهمته الإستراتيجية الأساسية، وبدأ يؤدّي أدوارا تكتيكية مباشرة لتقديم دعم أرضي، في مشهد يُجسد باكورة الإخفاقات في الحسابات الروسية. طائرات موسكو في مهبّ الصواريخ المحمولة كان تحول سلاح الجو من التركيز على الأهداف الإستراتيجية إلى المهام التكتيكية أحد أكثر وجوه الإخفاق الروسي كلفة في الحرب الجوية. فبدلا من مواصلة حملة منهجية للسيطرة على الأجواء، انزلق سلاح الجو الروسي إلى معارك استنزاف جانبية، محدودة الدقة والعائد العسكري، في مشهد أعاد إلى الأذهان مفهوم "المدفعية الجوية" الذي اشتهر به الجيش السوفياتي خلال الحرب العالمية الثانية، حين كانت الطائرات تُسخَّر لدعم القوات البرية مباشرة. في الوقت ذاته، عانت القوات الروسية من محدودية القدرة على التعامل مع الأهداف المتحركة، لا سيما منصات الدفاع الجوي المتنقلة التي اعتمدتها أوكرانيا بمرونة ميدانية عالية. وقد ازدادت هذه التحديات تعقيدا بفعل تدفق المعلومات الاستخباراتية الغربية إلى كييف على نحو متواصل، مما مَكَّنها من إعادة توزيع الوحدات الدفاعية في توقيتات حرجة، وسمح لها بتفادي الضربات الموجهة. ومع استمرار الدعم العسكري الغربي، بدأت روسيا تخسر السيطرة على سماء المعركة أكثر فأكثر. لجأ الطيارون الروس إلى التحليق على ارتفاعات منخفضة لتجنّب الرادارات، مستخدمين قنابل غير موجهة في ضرب الخطوط الأمامية، وهو ما جعلهم عرضة مباشرة لصواريخ "ستينغر" المحمولة على الكتف. وفي أسبوع واحد فقط، خسرت موسكو ما لا يقل عن 8 طائرات بسبب هذه التكتيكات، بل إن بعضها أُسقط بنيران صديقة، في مؤشر فاضح على الفوضى العملياتية داخل سلاح الجو الروسي. يُعلّق على ذلك اللواء المتقاعد ديفيد ديبتولا، رئيس معهد ميتشل الأميركي لدراسات الفضاء، مشيرا إلى أن بيئة العمليات الجوية فوق أوكرانيا بحلول صيف 2022 تشبه إلى حدٍّ كبير ما جرى في حرب أكتوبر 1973، حين أدت كثافة الدفاعات الجوية الأرضية إلى شلّ حركة الطيران الإسرائيلي خلال أيام، وأسقطت صواريخ "سام" السوفياتية نحو 60 مقاتلة في أربعة أيام فقط. كان هذا الدرس كفيلا بدفع الولايات المتحدة نحو تطوير تكنولوجيا التخفي الجوي، التي تجسّدت لاحقا في مقاتلات شبحية مثل "إف-117". ويرى ديبتولا أن الأجواء الأوكرانية شهدت، بحلول خريف 2022، ما يمكن وصفه بـ"توازن دموي"، وهو توازن غير متوقع نشأ بسبب فاعلية منظومات الدفاع الجوي الأوكرانية. فبينما أصبح التحليق الروسي على ارتفاعات منخفضة أشبه بالانتحار نتيجة كثافة الصواريخ المحمولة، غدا التحليق على ارتفاعات متوسطة وعالية مستحيلا هو الآخر بسبب شبكات الدفاع الجوي الغربية المتقدمة. دفعت هذه البيئة روسيا إلى تغيير تكتيكاتها مجددا، فلجأت إلى استخدام "القنابل الانزلاقية"، وهي ذخائر تُطلق من مسافات بعيدة خارج نطاق الدفاعات، وتتيح تنفيذ ضربات دقيقة نسبيا دون الحاجة إلى اختراق الأجواء المحمية، أو المخاطرة بطائراتها وطياريها. دقة بلا سيطرة جوية رغم أن هذه القنابل الانزلاقية تبدو حديثة، فإن جذورها تعود إلى الحرب العالمية الثانية. ففي عام 1943، استخدم الألمان قنابل "فريتز إكس" (Fritz X)، أول ذخيرة موجهة بدقة في التاريخ، التي كانت تُستخدم ضد السفن وتُوجَّه لا سلكيا. آنذاك، بدت هذه القنابل وكأنها سلاح معقد وباهظ، لكنها اليوم تحوّلت إلى أداة رخيصة نسبيا ضمن ترسانة متقادمة، أعادت روسيا تدويرها لتواكب متطلبات ساحة قتال حديثة. فأغلب هذه القنابل تعود إلى عصر الاتحاد السوفيتي، ولا تحتاج إلا إلى ترقية تُقدّر بنحو 20 ألف دولار للقنبلة الواحدة، وفقا لتقديرات مركز تحليل السياسة الأوروبية، وهي تكلفة ضئيلة جدا إذا ما قورنت بصواريخ موجهة مثل "كاليبر"، التي تتجاوز تكلفة الواحد منها 6.5 ملايين دولار. وفضلا عن الكلفة، فإن هذه الترقية تستهلك وقتا أقل من تصنيع صاروخ موجَّه جديد، مما يجعلها خيارا عمليا لتغطية نقص الذخائر عالية الدقة في ترسانة موسكو، خاصة مع امتداد الحرب وتحولها إلى استنزاف طويل الأمد. وهي عبارة عن قنابل تقليدية غير موجهة، من طرازات مثل "FAB-500" أو "FAB-3000″، زُوِّدت بحزمة توجيه ذكية وأجنحة قابلة للطي تُعرف بـ"UMPK kits". وبمجرد تركيب هذه الحزمة، تتحوّل القنبلة من قذيفة تُسقَط رأسيا إلى ذخيرة موجهة تنزلق أفقيا نحو الهدف لمسافة قد تتجاوز 70 كيلومترا، وفقا لسرعة وارتفاع الإطلاق. يُوجَّه مسار القنبلة عبر نظام "غلوناس" الروسي، وهو نظام ملاحة عبر الأقمار الصناعية يعادل نظام "GPS" الأميركي، ما يُمكِّن الطائرات الروسية من إطلاقها من خارج مدى الدفاعات الجوية الأوكرانية، وبالتالي تقليل فرص تعرّضها للاستهداف. ويُذكر أن الولايات المتحدة كانت أول مَن أعاد إحياء مفهوم القنابل الموجهة، حين طورت في التسعينيات نظام "JDAM" (ذخيرة الهجوم المباشر المشتركة)، الذي يضيف إلى القنبلة التقليدية وحدة توجيه خلفية تعتمد على "GPS" أو نظام ملاحة بالقصور الذاتي، بالإضافة إلى أجنحة انزلاقية تثبّت المسار. أما النسخة الروسية "UMPK" فقد بدأت بوصفها مقترحا من شركة "إن بي أو بازلت" عام 2003، ثم تطورت تدريجيا حتى طُرحت رسميا عام 2008 بوصفها سلاحا "اقتصاديا" لتحسين دقة ومدى القنابل السوفياتية القديمة، لكنها لم تُستخدم على نطاق واسع إلا بعد اندلاع الحرب الشاملة في أوكرانيا عام 2022، حين تحوّلت إلى أحد أكثر الأسلحة انتشارا على الجبهة. وتعمل القنابل الانزلاقية الروسية وفق مبدأ مشابه لنظيرتها الأميركية، لكنها تعاني من درجة دقة أقل، بسبب اعتمادها الحصري على نظام "غلوناس"، وغياب نظام توجيه نهائي يُصحح مسار القنبلة في لحظاتها الأخيرة. ومع ذلك، تبقى فعالة بدرجة معقولة، وتوفر للطائرات المُطلِقة هامش أمان تكتيكي بالغ الأهمية؛ إذ لم يعد مطلوبا من الطيار الاقتراب من الهدف أو إجراء تصويب بصري مباشر، بل يكفي الإطلاق من مسافة آمنة ثم الانسحاب، وهو ما يعدّ ميزة حاسمة في بيئة قتال تغصّ بأنظمة الرصد والاستهداف. ويؤكد إيان ويليامز، نائب مدير مشروع الدفاع الصاروخي في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن ، أن اعتراض القنابل الانزلاقية أصعب بكثير من اعتراض صواريخ فرط صوتية مثل "كينغال"، رغم أن الأخير يمكن أن تبلغ سرعته 12 ضِعْف سرعة الصوت. والسبب في ذلك أن "كينغال" يحلّق على ارتفاعات عالية لفترات طويلة نسبيا، ممّا يمنح أنظمة الدفاع الجوي وقتا كافيا لرصده واستهدافه، بينما تبقى القنابل الانزلاقية في الجو لفترة قصيرة لا تتجاوز 70 ثانية، وتُطلق غالبا من ارتفاعات منخفضة أو متوسطة، ما يجعل من الصعب على الرادارات التقاطها والتعامل معها في الوقت المناسب. في أفدييفكا وخاركيف.. حين فرضت القنابل الانزلاقية معادلتها يتجلى الأثر المتصاعد للقنابل الانزلاقية بوضوح في ميدان المعركة، حيث تجاوزت دورها الهجومي التكتيكي، لتتحول إلى أداة ضغط إستراتيجية فعالة، باتت تُعيد رسم موازين المعركة على بعض الجبهات الأكثر اشتعالا. في أفدييفكا، المدينة التي كانت من أكثر نقاط الدفاع الأوكراني تحصينا على الجبهة الشرقية، شكَّلت القنابل الانزلاقية رأس الحربة في الهجوم الروسي خلال شتاء 2024-2025. ووفقا لمصادر متعددة، أطلقت القوات الروسية أكثر من 250 قنبلة انزلاقية خلال 24 ساعة فقط، مستهدفة التحصينات والملاجئ وخطوط الإمداد الخلفية. وقد أدى هذا القصف الكثيف إلى إنهاك منظومات الدفاع الأوكراني تدريجيا، وفتح المجال أمام تقدّم القوات البرية داخل المدينة. أما في خاركيف، ثاني أكبر المدن الأوكرانية، فقد اتخذ استخدام القنابل الانزلاقية طابعا أكثر تركيزا، حيث استُخدمت في ضرب مستودعات الذخيرة والتجمعات اللوجستية، بالإضافة إلى منشآت حيوية مثل محطات الكهرباء والسكك الحديدية، بهدف تعطيل قدرة أوكرانيا على الحشد ونقل التعزيزات نحو خطوط القتال. ووفقا لتقارير ميدانية، أصابت هذه الضربات مواقع قريبة من مركز المدينة، مما رفع الكلفة المدنية وزاد من الضغوط السياسية على كييف. تكشف تقارير متقاطعة أن وتيرة تدمير المدن الواقعة على خطوط الجبهة خلال عام 2024 بلغت مستويات غير مسبوقة منذ بدء الحرب، ويُعزى ذلك، في جانب رئيسي منه، إلى الاستخدام المكثف للقنابل الانزلاقية. ويبدو أن موسكو راكمت خبرة ملحوظة في توظيف هذا السلاح، إذ تشير المقارنة الزمنية إلى أن السيطرة على باخموت -التي شهدت أول استخدام للقنابل الانزلاقية- استغرقت قرابة عام، فيما احتاجت معارك أفدييفكا إلى شهور، أما في فوفتشانسك وتشاسيف يار، فقد حققت القنابل الانزلاقية تأثيرا مماثلا في بضعة أسابيع فقط. وبحسب سلاح الجو الأوكراني، أطلقت روسيا أكثر من 51 ألف قنبلة جوية انزلاقية منذ بداية الغزو الواسع، ما يجعلها حاليا أحد أخطر التهديدات التي تواجه المدنيين في مدن المواجهة، وأحد الأسباب الرئيسية لارتفاع أعداد القتلى والجرحى في عام 2024 بنسبة 30% مقارنة بالعام السابق. هذا التحول الكمي والنوعي يوضح كيف أصبحت القنابل الانزلاقية سلاحا عملياتيا مزدوج الوظيفة، لا يضرب فقط أهدافا عسكرية تقليدية، بل يسعى إلى زعزعة العمق الإستراتيجي الأوكراني، من خلال استهداف منشآت الطاقة، ومستودعات الإمداد، وشبكات النقل. وقد مكّن هذا السلاح موسكو من فرض معادلة "القصف دون اشتباك"، وهو ما جعله إحدى أكثر أدواتها فاعلية في تعويض غياب السيطرة الجوية الكاملة. ولكن رغم هذه الفاعلية، فإن القنابل الانزلاقية لا تخلو من سلبيات، فهي تفتقر إلى المحركات، وتعتمد على الزخم والارتفاع وزاوية الإطلاق، ما يجعلها حساسة لأي خطأ حسابي أو تحرك مفاجئ للهدف. كما أن فعاليتها تظل رهينة بمدى دقة المعلومات الاستخباراتية المقدّمة للطيار قبل الضربة، ويُضاف إلى ذلك هشاشتها أمام إجراءات التشويش الإلكتروني في حالة نجاح الخصم في اعتراض إشارات الأقمار الصناعية. وفي هذا السياق، تعمل أوكرانيا على تطوير قدراتها في الحرب الإلكترونية، بهدف تعطيل إشارات التوجيه القادمة من نظام "غلوناس"، ما من شأنه التأثير على دقة القنابل وتوجيهها نحو مناطق غير مأهولة. في المقابل، تسرّع موسكو من تطوير أنظمة تصحيح مقاومة للتشويش، عبر إدماج وحدات التوجيه بالقصور الذاتي (INS) في الفئات الأحدث من هذه القنابل. لكن التهديد الأكبر الذي تواجهه موسكو على هذا الصعيد قد لا يكون إلكترونيا بقدر ما هو جوي، فحصول أوكرانيا على مقاتلات "إف-16" الغربية يُمثِّل خطرا نوعيا، نظرا لقدرتها على الرصد والاشتباك من مسافات بعيدة، وهو ما قد يتيح للقوات الجوية الأوكرانية فرض درجة جديدة من الردع الجوي ضد الطائرات الروسية التي تطلق القنابل الانزلاقية من خارج نطاق المواجهة. وبذلك قد لا يبقى نهج "القصف دون اشتباك" فعّالا في المستقبل القريب، وقد تصبح القنابل الانزلاقية ذاتها غير قادرة على تعويض ما افتقدته موسكو منذ الأيام الأولى للحرب؛ وهو الهيمنة من الأعلى.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
صواريخ تاوروس الألمانية فتيل نزاع جديد محتمل في أوروبا
في كلمته أمام البرلمان الألماني (البوندستاغ) عام 2024، حث زعيم المعارضة آنذاك فريدريش ميرتس الحكومة على تزويد أوكرانيا بصواريخ "تاوروس" إذا لم تتوقف روسيا عن قصف الأهداف المدنية بهدف تدمير طرق الإمداد للجيش الروسي. وبعد أشهر قليلة، ورغم تسلم ميرتس لمنصب المستشارية، لم تزود ألمانيا أوكرانيا بتلك الصواريخ، حتى كتابة هذا التقرير، ليبقي بذلك المستشار على الموقف الغربي المتحفظ من التورط المباشر في الحرب ضد روسيا. ومع ذلك، عاد ميرتس مرة أخرى في بودكاست لقناة "إيه آر دي" في يوليو/تموز الجاري ليترك الباب مفتوحا لمد أوكرانيا بتلك الصواريخ، في وقت كررت فيه روسيا من جانبها تحذيراتها من تداعيات خطيرة لمثل هذه الخطوة، بما في ذلك ضمنيا إمكانية جر المنطقة إلى مواجهة مفتوحة. فبالنسبة لألمانيا وروسيا -اللتين ترتبطان بعلاقات تاريخية شائكة- فإن الأمر أكبر من مجرد تهديدات وردود فعل محتملة، إذ عمليا تتواجه الدولتان بالفعل في ساحة الحرب الأوكرانية عبر أحدث التقنيات العسكرية في حدود ما يتم تقديمه من عتاد ودعم ألماني إلى أوكرانيا وما يتم تصنيعه في مصانع روسيا. وفي تقدير الخبراء، فإن انضمام صواريخ "تاوروس" الألمانية إلى الحرب قد يقلب تماما موازين المعركة، ولكنه قد يجعل برلين هدفا محتملا للسلاح الروسي لأول مرة بعد الحرب العالمية الثانية. ألمانيا داعم رئيسي لأوكرانيا منذ أن بدأت الحرب في أوكرانيا في فبراير/شباط عام 2022، قدمت ألمانيا لكييف، بحسب بيانات الحكومة، ما يقارب 47.8 مليار يورو (حوالي 51.8 مليار دولار) كدعم ثنائي إجمالي، مما يجعلها ثاني أكبر دولة مانحة لأوكرانيا. ويغطي هذا الدعم المساعدات العسكرية البالغة وحدها حوالي 28 مليار يورو (30 مليار دولار)، إلى جانب المساعدات الإنسانية ودعم اللاجئين وإصلاح البنية التحتية والمساعدات المالية للطاقة والإغاثة الشتوية. لم يتوقف الدعم الألماني عند ذلك الحد، فقد وافقت لجنة الموازنة في البرلمان الألماني على مساعدات عسكرية إضافية لأوكرانيا بقيمة 3 مليارات يورو (3.2 مليارات دولار) في العام 2025، بالإضافة إلى 8.3 مليارات يورو للفترة الممتدة من 2026 إلى 2029، وفقا لما ذكره مسؤولون في اللجنة لوكالة الأنباء الألمانية. كما يجري مناقشة دعم إضافي يقدر بـ1.9مليار يورو بانتظار الموافقة النهائية من البوندستاغ، مما يرفع قيمة المساعدات الإضافية إجمالا إلى أكثر من 10 مليارات يورو. وبحسب الحكومة الألمانية، ستتيح هذه الحزمة المالية تزويد أوكرانيا بذخائر على الفور وتصنيع أسلحة تكون قابلة للتسليم في غضون سنة أو سنتين، بما في ذلك أنظمة دفاع جوية من طراز "إيريس تي" التي يصل مداها إلى 40 كيلومترا وتستخدم لاعتراض الطائرات المقاتلة والمروحيات وصواريخ كروز والمدفعية الصاروخية ومسيرات "كاميكازي" الروسية. وليس هذا فقط، فالحكومة الألمانية تخطط لاستخدام جزء من التمويل لأنظمة الأسلحة البعيدة المدى، وهو ما ورد في تصريح لوزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس، ويضع هذا صواريخ "تاوروس" في دائرة الضوء من جديد. لكن لماذا هذا الاهتمام المتزايد؟ بالعودة إلى وثيقة الأمن الإستراتيجي الألماني لعام 2023، تصدرت الصين وروسيا لائحة الدول التي تشكل تهديدا مباشرا لألمانيا. ويعتمد هذا التصنيف فيما يخص روسيا، على عدة مؤشرات يرصدها الكاتب الصحفي والخبير في الشؤون الألمانية والأوروبية منصف السليمي لموقع الجزيرة نت، من بينها: ألمانيا تعرضت إلى سلسلة من العمليات التي استهدفت أمنها تتوزع بين عمليات تجسس استخباراتية وعمليات تخريب إلكتروني. تعرض بعض المنشآت مثل شبكات الاتصال وبعض قطاعات التصنيع إلى حرب هجينة يقودها الهاكرز الروس. مقتل رجال أعمال ألمان في ظروف غامضة سواء داخل ألمانيا أو خارجها، توجهت فيها الشكوك إلى روسيا بالوقوف وراءها. محاولات روسية للتأثير على الانتخابات الألمانية عبر حملات "تضليل إعلامي"، وفق ما ذكرت الاستخبارات الألمانية. وبناء على تلك المؤشرات وغيرها تضع ألمانيا، وفق تحليل السليمي، في اعتبارها أنها مستهدفة وتتصرف على هذا الأساس. يبرر ذلك، اتخاذها لخطوات احترازية عديدة على الأمد القصير أو البعيد، مثل التخطيط لبناء أقوى جيش في أوروبا في غضون السنوات القليلة القادمة. ومع ذلك، فإن هذه التدابير لا تتضمن موقفا واضحا من مشكلة صواريخ "تاوروس"، ففي مطلع يوليو/تموز صرح ميرتس بأن تزويد أوكرانيا بهذه الصواريخ لا يزال قائما، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أنه في حال تأكيد هذه الخطوة، فإن تدريب الجيش الأوكراني على استخدام النظام المعقد لهذه الصواريخ سيحتاج إلى فترة لا تقل عن 6 أشهر. وبينما يسيطر الغموض على قرار برلين، فإن ميرتس أكد أن حكومته لن تناقش علنا أنواع الأسلحة التي ستزود بها أوكرانيا أو الإجراءات التي تهدف إلى دعمها عسكريا. ويعتقد السليمي أن هذا الموقف مرتبط أساسا بتوقف الدعم العسكري الأميركي لأوكرانيا في ظل إدارة دونالد ترامب والتزام ألمانيا بسد الفراغ الأميركي. وفي كل الحالات لا يزال صاروخ "تاوروس" يتصدر مطالب أوكرانيا عند مناقشتها للمساعدات العسكرية الغربية مع شركائها، إذ يؤكد الخبراء العسكريون الأوكرانيون أن المئات من هذه الصواريخ كافية لإحداث تأثير كبير في مجرى الحرب مع روسيا. "تاوروس" قوة اختراق وتدمير "صاروخ تاوروس" هو صاروخ كروز ألماني سويدي الصنع مطور، بطول حوالي 5 أمتار، ووزن يعادل 1300 كيلوغراما، يطلق من طائرات مقاتلة ويبلغ مداه الأقصى 500 كيلومتر. ويمكنه أن ينطلق بسرعة قصوى تبلغ حوالي 1170 كيلومترا في الساعة، أي ما يعادل تقريبا سرعة الصوت، وعلى ارتفاع 35 مترا فقط، مما يجعل اكتشافه صعبا للغاية على أنظمة الرادار. بالعودة إلى إيضاحات فابيان هوفمان، وهو باحث دكتوراه في تكنولوجيا الصواريخ بجامعة أوسلو، على حسابه بمنصة إكس، فإن صاروخ "تاوروس" يملك قدرة على إحداث اختراق أعمق خلف خطوط العدو أكثر من أي صاروخ آخر بعيد المدى متوفر لدى أوكرانيا، بما في ذلك صواريخ "شتروم شادو" البريطانية بمدى يبلغ 250 كيلومترا، بالإضافة إلى نظام الصواريخ التكتيكية للجيش الأميركي "أتاكامس" بمدى يبلغ 300 كيلومتر. وما يميز "تاوروس" عن غيره من الصواريخ البعيدة المدى التي تملكها أوكرانيا، هو نظام الرأس الحربي الذكي "ميفيستو"، المجهز بفتيل "استشعار الفراغات وحساب الطبقات"، والقادر على اختراق طبقات متعددة من المواد، وإحداث أقصى ضرر ممكن عند استهدافه للهياكل مثل الجسور. ويعني ذلك، وفق الخبير هوفمان، أن صاروخ "تاوروس" لا يمكنه إتلاف سطح الجسر فحسب بل أيضا أساسه. ويضع هذا نظريا الجسور الحيوية للقوات الروسية، مثل جسر "كيرتش" الذي يمثل طريق إمداد لوجستي رئيسيا إلى شبه جزيرة القرم ، في "وضع أكثر خطورة". واستهداف الجسور هي إستراتيجية رئيسية في تكتيكات أوكرانيا، وقد سبق لها استهداف 3 جسور في هجوم "كورسك"، مما تسبب في تعقيدات لوجيستية بالغة للقوات الروسية وفي تعطيل الهجوم المضاد. كما وجهت ضربات لجسر "كيرتش" دون أن يحدث ذلك ضررا في أسسه. وتقول الاستخبارات الروسية إنها تملك معلومات عن تنسيق عسكري ألماني يطرح فرضية ضرب الجسر الحيوي بصاروخ "تاوروس" بهدف اختراقه وتدميره، وهو ما تضمنته مكالمات بين ضباط ألمان تم تسريبها من قبل وسائل إعلام روسية في 2024. وتفسر التطورات المتلاحقة وتداعيات العمليات العسكرية بعملية "شبكة العنكبوت" التي تسببت في تدمير 10% من القدرات الدفاعية الروسية الجوية وفق الاستخبارات الألمانية، وضع روسيا لخطط احترازية لحماية ترسانتها. وقد كشفت صحيفة "تلغراف" البريطانية بعد عملية "شبكة العنكبوت" وبالاعتماد على صور التقطتها أقمار اصطناعية، أن روسيا نقلت طائرات من نوع "تو-160" وقاذفات من طراز "توبوليف تو-160" إلى قواعد عسكرية أقصى شرق البلاد. وبالنتيجة أشار لاحقا تقرير لمعهد دراسة الحرب (آي إس دبليو) إلى انخفاض في نشاط الطيران الروسي. لكن تقرير المعهد لفت في الوقت نفسه إلى وجود ما يفوق 200 هدف عسكري في مدار الاستهداف الصاروخي، وتشمل هذه الأهداف قواعد عسكرية كبيرة ومحطات اتصالات ومراكز لوجستية ومرافق إصلاح ومستودعات وقود وذخيرة، ومقرات دائمة ترتبط بأجهزة القيادة والاستخبارات والاستطلاع والدعم اللوجستي للقوات الروسية التي تقاتل على خطوط المواجهة في أوكرانيا وكورسك. ومن شأن رفع القيود المفروضة على استخدام الأسلحة البعيدة المدى على الأراضي الروسية، بجانب تزويد كييف بصاروخ "تاوروس"، أن يسمح لأوكرانيا بتوجيه ضربات دقيقة رئيسية على هذه الأهداف، وهو ما قد يؤثر بشدة على قدرات روسيا على الخطوط الأمامية. إعلان ويخلص التقرير إلى أن خطوة روسيا لنقل أصولها العسكرية إلى عمق أكبر بعيدا عن نطاق استهداف الصواريخ البعيدة المدى، سيحد أيضا من الفعالية القتالية للجيش الروسي. تحذيرات روسية.. ماذا بعد؟ قبل شهر حذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ألمانيا من أن موسكو ستعتبرها متورطة بشكل مباشر في الحرب في أوكرانيا إذا زودت كييف بصواريخ كروز من طراز تاوروس، في تهديد صريح لبرلين. وينطلق هذا الربط الروسي من حاجة أوكرانيا الضرورية إلى الاستعانة بمعلومات استخباراتية غربية عبر الأقمار الاصطناعية وإلى ضباط ألمان لتحديد أهداف الضربات في حال إطلاق تلك الصواريخ على روسيا، مما يعني ذلك، حسب موسكو، تورطا ألمانيا مباشرا. وبينما تحفظ بوتين على طبيعة الرد الروسي المحتمل ضد أي خطوة ألمانية في هذا السياق، تظهر تصريحات مسؤولي الحكومة الألمانية، ومن بينها خاصة تصريحا وزير الدفاع بوريس بيستوريوس والمستشار فريديريش ميرتس، بشكل متضارب وغير مطمئنة لموسكو. وفي الواقع، فإن التصعيد الروسي الألماني بدأ حتى قبل أزمة صواريخ "تاوروس" منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا عام 2022، رغم تحفظات المسؤولين الألمان على جر بلادهم إلى صدام مباشر مع روسيا. ولكن مضمون وثيقة داخلية ألمانية كشفت عنها وكالة رويترز في مايو/أيار الماضي بعنوان "أوليات توجيهية لتعزيز الاستعداد"، تعكس استعداد ألمانيا لنزاع عسكري محتمل مع روسيا في الأمد المتوسط، لهذا تحث الوثيقة السياسيين الألمان على الانتهاء من إعادة تسليح الجيش بالكامل بحلول عام 2029 ليكون أقوى جيش في أوروبا. وينظر إلى هذا السيناريو على أنه قادح ممكن لحرب عالمية ثالثة يكون مسرحها أوروبا، ويطرح الكاتب السليمي قراءتين هنا: من جهة، قالت روسيا إنها ستتخذ خطوات مضادة ضد ألمانيا إذا زودت أوكرانيا بصواريخ "تاوروس" لكنها لم تحدد بدقة طبيعة هذه الخطوات وما إذا كانت بالضرورة عسكرية، وهو خيار مستبعد في الوقت الحالي لأنه من الصعب على الجيش الروسي فتح جبهة أخرى ضد ألمانيا. وإلى جانب ذلك هناك ضغوط وجهود تبذلها الإدارة الأميركية من أجل التوصل إلى تسوية سلمية. من جهة أخرى، فإن سيناريوهات التصعيد نحو صدام عسكري مباشر تبقى غير مستبعدة، بدليل أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب نفسه كان قد حذر من اندلاع حرب عالمية ثالثة في أي لحظة وعبر أي قادح كان، مما يعني مواجهة محتملة بين الناتو وروسيا يكون فيها لألمانيا دور محوري في أوروبا. في غضون ذلك، ينشط كل طرف لتعزيز موقفه في الصراع؛ فوفق تحليل السليمي، تسعى ألمانيا للتوصل إلى تسوية أخرى ممكنة لدعم أوكرانيا وتعزيز قدراتها الدفاعية، كأن تقتني صواريخ "باتريوت" الأميركية وتسلمها إلى الجيش الأوكراني، بينما من المتوقع أن تكثف روسيا حربها الهجينة ضد شركاء أوكرانيا الغربيين وتحديدا ألمانيا بالذات، في إطار الرد على الدعم العسكري لكييف. ويوم أمس الأحد، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه سيرسل صواريخ دفاع جوي من طراز باتريوت إلى أوكرانيا، مشيرا إلى أنها ضرورية لحمايتها من الهجمات الروسية. ويخلص السليمي في تحليله للجزيرة نت إلى أن "الوضع الحالي الآن هو أن ألمانيا تحاول أن توازن بين جهودها للتوصل إلى تسوية سلمية مع روسيا ولكن بعيدا عن أي شروط من شأنها أن تضعف أوكرانيا والموقف الأوربي، ومن ثم فهي تبقي في الوقت نفسه على دعمها العسكري القوي في أوكرانيا لحماية أمنها القومي".


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
ترامب يقرر إرسال صواريخ باتريوت إلى أوكرانيا
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب مساء الأحد أنه سيرسل صواريخ دفاع جوي من طراز باتريوت إلى أوكرانيا ، مشيرا إلى أنها ضرورية لحماية أوكرانيا من الهجمات الروسية لأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين"يتحدث بلطف ثم يقصف الجميع في المساء". ولم يفصح ترامب عن عدد الصواريخ التي يعتزم إرسالها إلى أوكرانيا لكنه قال -في تصريحات للصحفيين في قاعدة أندروز المشتركة خارج واشنطن- إن الاتحاد الأوروبي سيعوض الولايات المتحدة عن تكلفتها. وازداد استياء الرئيس الأميركي من بوتين بسبب تجاهل محاولاته للتفاوض على وقف لإطلاق النار بين أوكرانيا وروسيا. ويطلب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الحصول على المزيد من القدرات الدفاعية للتصدي للهجمات التي تشنها روسيا يوميا بالصواريخ والطائرات المسيرة. وقال ترامب "سنرسل لهم صواريخ باتريوت، وهم في أمس الحاجة إليها. بوتين فاجأ الكثير من الناس. يتحدث بلطف ثم يقصف الجميع في المساء. هناك مشكلة حقيقية، وهذا لا يروق لي". وأضاف "سنرسل لهم قطعا متنوعة من العتاد العسكري شديد التطور. هم سيدفعون لنا ثمنها بالكامل، وهذا هو النهج الذي نريده". ولم يحدد ترامب من المقصود بعبارة "هم سيدفعون لنا ثمنها بالكامل"، كونه أشار إلى أن الاتحاد الأوروبي سيعوض بلاده عن تكلفتها. ويعتزم الرئيس الأميركي الاجتماع خلال هذا الأسبوع مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) لمناقشة الوضع في أوكرانيا وقضايا أخرى.