
بوتين ربما يهزأ بواشنطن بشأن كييف، لكنَّ ترامب لن يفعل شيئا
نبدأ جولتنا في الصحف البريطانية من الإندبندنت، ومقال بعنوان 'بوتين ربما يسخر من ترامب بشأن أوكرانيا، لكن الرئيس الأمريكي لن يفعل شيئاً حيال ذلك'؛ حيث يسلط المقال الضوء على مطالبات قادة الدول الأوروبية للولايات المتحدة بإعادة إمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا قبل فوات الأوان.
في هذا المقال، يلفت سام كيلي، محرر الشؤون العالمية بالإندبندنت، النظر إلى ما يراه القادة الأوروبيون تجاهلاً من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لكون نظيره الروسي 'يهزأ' من واشنطن فيما يتعلق بكييف.
وأشار المقال إلى تصريح لوزير خارجية بولندا ينتقد فيه جهود ترامب غير المثمرة لتأمين وقف إطلاق النار، قائلاً: 'سيد ترامب، بوتين يهزأ بجهودك السلمية'.
وتكمن خطورة اللحظة بعد أن أعلنت أوكرانيا أنها تعرضت لأكبر هجوم جوي ليلي منذ اندلاع الحرب الشاملة، بأسراب من 500 طائرة مُسيرة وصاروخ، بهدف القضاء على دفاعاتها الجوية المنهكة أصلاً.
وقد صعدت موسكو 'تدريجياً' جهودها ضد كييف، بحسب المقال، مع تركيز الولايات المتحدة مؤخراً على هجماتها ضد إيران دعماً لإسرائيل؛ مضيفاً أن الرئيس الأوكراني، حذر مذ أسابيع من أن بلاده تواجه نقصاً حاداً في الأسلحة الدفاعية.
ومن هنا، فإن إعلان الولايات المتحدة تعليق الأسلحة الموعودة، كصواريخ باتريوت للدفاع الجوي، 'سيُرسّخ حتماً الاعتقاد الراسخ بأن ترامب قد انحاز إلى جانب بوتين، وأن الولايات المتحدة لم تعد حليفاً حقيقياً في الدفاع عن أوروبا' بحسب كيلي.
أوكرانيا تحذر من أن وقف شحنات الأسلحة الأمريكية لها 'سيشجع روسيا على مواصلة الحرب'
وكان المسؤولون في البنتاغون قد أشاروا إلى أن هذا التعليق 'توقف مؤقت' كجزء من مراجعة الإمدادات الأمريكية في جميع أنحاء العالم، 'لكن الولايات المتحدة لم تُعلن عن توقف الإمدادات لأي دولة أخرى'.
وسلط كيلي الضوء على إسرائيل باعتبارها 'أكبر متلقٍّ للمساعدات العسكرية الأمريكية بلا منازع'، والتي شهدت مؤخراً زيادةً في إمدادات القنابل والصواريخ، 'حتى في ظل اتهامات الأمم المتحدة لها بالتطهير العرقي، واتهامات المحكمة الجنائية الدولية لرئيس وزرائها بارتكاب جرائم حرب'.
وينتقد الكاتب عدم توجيه ترامب أي تهديد بعقوبات على الرئيس الروسي أو محاولة الضغط عليه، على الرغم من أنه عبر عن إحباطه من بوتين، الذي أبدى عدم اهتمامه بوقف إطلاق النار في الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
بل إن روسيا تواصل 'هجومها الشرس'، قائلة إنها بسطت سيطرتها الكاملة على مقاطعة لوهانسك، في الوقت الذي يطالب فيه بوتين بالاحتفاظ بمقاطعات لوهانسك، والقرم، وخيرسون، ودونيتسك، وزابوريجيا على الأقل، كشرط مسبق لأي وقف لإطلاق النار.
في المقابل، تواجه كييف، بحسب كيلي، انقطاع المعلومات الاستخباراتية الأمريكية خلال الهجمات الروسية المضادة لاستعادة كورسك، كما تواجه تعليق المساعدات العسكرية، وعدم تلقيها أي وعود جديدة بالدعم، ناهيك عن 'إجبارها' على إبرام صفقة معادن تُقايض فيها الأسلحة الأمريكية المستقبلية بأرباح التعدين.
وأضاف المقال أن واشنطن تصر على أنه في أي اتفاق سلام طويل الأمد، تُمنع أوكرانيا من الانضمام إلى حلف الناتو، ولن تحصل على ضمانات أمنية من الولايات المتحدة للدفاع عن حدودها المستقبلية.
ونتيجة لذلك، يحاول أعضاء الناتو الأوروبيون والكنديون 'ملء الفراغ الأمريكي المتزايد' فيما يتعلق بالإمدادات العسكرية، في ظل امتناع ترامب عن تزويد أوكرانيا بالأسلحة الضرورية في وقت هي في أمس الحاجة إليها.
بعد إنستغرام 'فقدتُ عالمي بأسره'
وننتقل إلى صحيفة 'أوبزيرفر'، ومقال لأوليفيا أوفندن، عن صعوبة الانفصال عن شخصيتها 'الافتراضية' على مواقع التواصل بعد طلاقها، حيث لم تكن ترغب في إعلان الأمر أو حتى محو ذكرياتها السابقة.
وبعد انسحابها التدريجي من عالم 'إنستغرام'، شعرت أوليفيا بأنها 'فقدت عالمها بأسره'، من أصدقاء ومطاعم وأماكن تسوق للملابس، ناهيك عن اختفاء الكثير من أصدقائها القُدامى في الواقع الحقيقي، لا الافتراضي.
وتصف الكاتبة هذه اللحظة بأنها أصعب من محاولة الجسم التأقلم عن تناول السكر أو التبغ، فكانت تشعر بالعزلة وفقدان المتعة بعيداً عن الإنترنت بشكل لم تكن تتخيله من قبل.
وتقول 'كان لدي شعور دائم بأنني قد أضعت نفسي أيضاً، كما لو أنني تركت نسختي الكاملة الملونة على الإنترنت'.
وتشرح حقيقة الأمر بأن منشوراتها على إنستغرام كانت 'وسيلةً لحفظ أفضل لحظات كل عام'، لكنها بعد فترة، أصبحت هذه الصور هي ذكرياتها 'الوحيدة' التي خزنها عقلها كبديل لفوضى الحياة الطبيعية، وكان تصفحها يجعلها ترى حياتها 'كما أرادتها أن تبدو'.
واستعانت الكاتبة بما قالته طبيبة نفسية متخصصة في الإدمان، عن أن وسائل التواصل ما هي إلا 'مخدرات رقمية' تشبه إدمان الكحول والمخدرات.
كيف تعرف أنك أصبحت مدمنا لمواقع التواصل الاجتماعي؟
وتستفيض الكاتبة بأن الطبيبة النفسية لاحظت لدى من يقلعون عن وسائل التواصل آثار انسحاب لا تتوقف عند الشعور العاطفي كالقلق والانفعال والأرق والاكتئاب، بل تتخطاها إلى الأعراض الجسدية كالغثيان، والصداع، والتعرق البارد، وانعدام الاستقرار بشكل لاإرادي.
وتشرح الطبيبة أن ذلك يعود إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي تعرضنا لجرعات مستمرة من الدوبامين؛ بحيث يكون المرء في حاجة مستمرة إلى المزيد من المكافآت وتجربة أي نوع من المتعة.
'ففي سعينا وراء هذه النشوة، اعتدنا رؤية أنفسنا كما قد يرانا الغرباء، وتحليل تجاربنا عن بُعد؛ وتقييم قدرتها على التأثير' بحسب الكاتبة التي ترى أنها بعد 18 شهراً من الانقطاع، لا يزال جزء منها يتطلع إلى صورة لها على مواقع التواصل مع رابط المقالة التي تقرأها الآن.
ومع مرور الوقت، أدركت أوليفيا أنها لم تكن وحيدة لأنها تفتقد تواصل إنستغرام، بل لأن حياتها الواقعية كانت 'أكثر قتامة' في ظل انشغال الجميع على الإنترنت.
وتسلط الكاتبة الضوء على ضرورة وجود ما يملأ فراغ حياتنا حال قرارنا الانفصال عن مواقع التواصل، مستعينة برأي كاتب في هذا المضمار، يقول إن 'المنصات تلبي حاجة إنسانية عميقة، وإذا أزلناها ولم نُغير شيئاً آخر، فستبقى هذه الاحتياجات دون إشباع'، مضيفاً 'علينا أن نعيد البناء من الصفر'.
ويرى هذا الكاتب الذي استعانت به أوليفيا أن العزلة التي نشعر بها في غياب العالم الافتراضي، 'أساسية' لمنح أدمغتنا استراحة من معالجة المعلومات، ولفهم أنفسنا وما نواجهه في العالم.
أما الكاتبة ذاتها، فقد توصلت أخيراً إلى أن ترك وسائل التواصل الاجتماعي يعني تقبّل الملل وعدم الراحة، وأن ذاتك الحقيقية ليست تلك الموجودة على الإنترنت.
تشات جي بي تي .. آخر الرومانسيين العظماء
ونختتم جولتنا بصحيفة الفاينانشال تايمز، ومقال لجو إليسون، تتحدث فيه عن استخدام 'تشات جي بي تي' في كتابة رسائل الانفصال بين الأحباء والأزواج.
وأشارت الكاتبة إلى صديقة لها كانت شاهدة على رسالة يكتبها شخص يجلس بجوارها في مترو الأنفاق، باستخدام روبوت الدردشة، الذي اقترح عليه أن يكتب لحبيبته السابقة بالنص 'لقد تعلمت الكثير منك' بدلاً من أن يعبر عن أن وقتهما معاً كان مضيعة للوقت كما هو معتاد في حالات كهذه.
وكانت دهشة صديقة الكاتبة لكون الجالس إلى جوارها كان يبحث مع 'تشات جي بي تي' فكرة استخدام نبرة إنسانية 'أكثر تعاطفاً'، وقد استجاب الروبوت لطلبه وصقل رسالة نصية ليتمكن من إرسالها إلى حبيبته التي ينفصل عنها.
ويشير المقال إلى أن عدد مستخدمي تشات جي بي تي بحسب الشركة المصنعة يصل إلى 400 مليون مستخدم أسبوعياً، 45 في المئة منهم دون سن الـ 25 عاماً.
وعلى الرغم من تعدد استخدام الروبوت في أمور أخرى كتلخيص أطروحة علمية أو تنظيم اجتماعات أو إخراج نصوص أفلام، إلا أن انبهار الكاتبة ينبع من استخدامه في الأمور العاطفية.
ففي عصر الهاتف المحمول، تحولت رسائل الانفصال التي كانت تحمل الكثير من الشجن والعواطف، إلى رسائل مقتضبة. لكن، مع تشات جي بي تي، ربما ندخل الآن حقبة جديدة من رسائل الانفصال بأسلوب أدبي.
وتقول أوليفيا إن هذه التقنية ربما جاءت 'لإنقاذنا، ولإعادة تثقيفنا وإصلاح قلوبنا المتحجرة'. فعلى الرغم من أن تلك التقنية ليست مساوية للإبداع البشري الذي يفكر نقدياً ويقدم تفسيرات منطقية، إلا أن معدل الذكاء العاطفي لديها أعلى من 'شخص أحمق في مترو الأنفاق يحاول التخلص من شعوره بالذنب'.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النهار
منذ ساعة واحدة
- النهار
اتفاقات واشنطن التجارية: تهدئة حذرة للحرب الاقتصادية وخطوة لإعادة تموضع عالمي
في خضم سباق جيوسياسي واقتصادي متسارع، اتخذت الولايات المتحدة سلسلة من الخطوات التجارية الجريئة خلال الأشهر الماضية، هدفت إلى تهدئة الحرب التجارية التي اشتدت في السنوات الأخيرة، وإعادة تثبيت نفسها قوة منظّمة للنظام التجاري العالمي في وجه صعود بكين وتحالفاتها الجديدة. الاتفاقات التي أبرمتها واشنطن مع كل من الصين، بريطانيا، وكندا، عكست تحولًا استراتيجيًا مدروسًا، يُراد منه ليس استعادة زخم سلاسل التوريد العالمية فحسب، بل أيضًا تعزيز موقع الاقتصاد الأميركي في القطاعات الحساسة مثل الصناعة والطاقة والتكنولوجيا النظيفة. الاتفاق الأبرز جاء في جنيف بين الولايات المتحدة والصين، حيث اتفق على خفض متبادل للرسوم الجمركية، لتبلغ الرسوم الأميركية على الواردات الصينية 30%، بينما تقلّصت الرسوم الصينية إلى 10%. لكن الأهم من ذلك كان التفاهم على استكمال المفاوضات بشأن المعادن النادرة، وهي مواد أساسية في قطاعات حيوية مثل السيارات الكهربائية والطيران والرقائق الإلكترونية. إعادة تدفّق هذه المواد إلى السوق الأميركية، بعد شهور من الجمود، مثّلت مكسبًا استراتيجياً للصناعة الأميركية، وساهمت في تبريد التوترات في الأسواق العالمية، بحيث تراجع مؤشر تقلب النفط والسلع بنسبة 12%، وشهدت أسواق الأسهم الصناعية تدفقات مالية متزايدة. غير أن هذه الانفراجة تبقى هشّة. فالاتفاق لم يحسم القضايا العميقة التي طالما كانت محور النزاع، وفي مقدمها حقوق الملكية الفكرية والدعم الصناعي الصيني. كما أن احتمال تغيّر الإدارة الأميركية في الانتخابات المقبلة، وعودة سياسات أكثر تشددًا كتلك التي يتبناها دونالد ترامب، يزيد من مخاطر انهيار هذا التفاهم. ووفق تقديرات خبراء، فإن عودة ترامب إلى البيت الأبيض قد ترفع احتمال انهيار الاتفاق مع الصين إلى 40 أو حتى 45%، خصوصاً إذا أقدم على تفعيل تهديداته بفرض رسوم تصل إلى 60% على سائر الواردات الصينية، ما قد يؤدي إلى رفع التضخم الأميركي بنسبة 0.9% بحسب بنك أوف أميركا، ويقوّض الثقة الاستثمارية الدولية. بالتوازي مع ذلك، أبرمت واشنطن مع بريطانيا اتفاقًا جديدًا أُطلق عليه "اتفاق الرخاء الاقتصادي"، يهدف إلى فتح الأسواق البريطانية أمام المنتجات الزراعية الأميركية، ورفع الحواجز غير الجمركية عن عدد من القطاعات الحيوية مثل السيارات، والأدوية، والطيران. الاتفاق شمل أيضًا التزامًا مشتركًا لتعزيز سلاسل التوريد الدفاعية، بعد الاضطرابات التي شهدها البحر الأحمر، إلى جانب مواءمة لوائح الأمن السيبراني بين البلدين. وقد بدأ هذا الاتفاق يُترجم عمليًا، إذ خُفّض زمن الإفراج عن الشحنات الدوائية الأميركية المتجهة إلى بريطانيا بنسبة 25%. ورغم هذا التقدم، فإن التحديات لا تزال قائمة، خصوصًا في ظل اقتراب موعد الانتخابات البريطانية. فهناك مخاوف من تجميد تنفيذ بعض بنود الاتفاق تحت ضغط الاعتبارات السياسية المرتبطة بسيادة الغذاء، وهو ما قد يخلق فجوة زمنية تُستغل سياسيًا من أطراف معارضة. ومن جهة أخرى، يُثار تساؤل اقتصادي مهم حول مستقبل العلاقات التجارية الزراعية بين البلدين: هل تتجاوز صادرات الزراعة الأميركية إلى بريطانيا حاجز 5 مليارات دولار؟ هذا السؤال سيبقى مفتوحًا إلى أن تتضح ملامح تنفيذ الاتفاق على الأرض. أما العلاقة التجارية بين الولايات المتحدة وكندا، فقد دخلت منحىً جديدًا بعد أن قررت أوتاوا إلغاء ضريبة الخدمات الرقمية، في خطوة تمهيدية لاستئناف مفاوضات صفقة شاملة قبل 21 تموزيوليو. وشملت هذه المباحثات ملفات بالغة الحساسية مثل التعاون في قطاع المعادن الحرجة والهيدروجين الأخضر. ومن المتوقع أن يساهم رفع الحواجز عن السيارات الكهربائية الكندية في تعزيز صادرات كندا بنسبة 0.4 نقطة مئوية بحلول عام 2026، إضافة إلى فتح الطريق أمام استثمارات مباشرة بقيمة تصل إلى 15 مليار دولار في قطاع السيارات والطاقة النظيفة بين البلدين. لكن الطريق ليس مفروشًا بالورود؛ إذ إن فشل كندا في تمرير تشريع يتعلق بالمعادن الحرجة قد يؤدي إلى عودة التوتر مع واشنطن بشأن إعفاءات "قانون خفض التضخم الأميركي"، مما يهدد بإحباط الصفقة ويقلّص احتمالات نجاحها إلى ما لا يتجاوز 60%. اقتصاديًا، تُجمع التقديرات على أن هذه الاتفاقات قد تضيف ما يصل إلى نصف نقطة مئوية إلى نمو الاقتصاد العالمي بين عامي 2025 و2026، كما أنها تخفف من مخاطر الركود في الاقتصادات الغربية، خصوصًا مع تحسّن مؤشر ثقة الأعمال في منظمة التجارة العالمية بنقطتين على الأقل. أما سياسيًا، فهي تعكس محاولة أميركية واضحة لإعادة التموضع كلاعب محوري في إدارة التجارة العالمية، في مواجهة النفوذ المتصاعد لبكين، ومحاولات موسكو ترسيخ بدائل اقتصادية وسياسية في المعسكر الآخر. ورغم هذه الإيجابيات، لا يمكن تجاهل حجم التحديات. فالمشهد لا يزال عرضة لهزات سياسية وتشريعية، سواء من الداخل الأميركي، حيث يرفض بعض أعضاء الكونغرس إعفاء المعادن الصينية، ما قد يبطئ المصادقة على الاتفاقات، أو من الخارج، حيث تُهدّد الأجندات الانتخابية والحسابات السيادية بتعطيل التنفيذ الكامل لها أو حتى تقويضها. في المحصلة، تبدو اتفاقات واشنطن الأخيرة بمثابة "هدنة موقتة في حرب طويلة"، وليست نهاية لها. وهي تحمل بذور التحوّل إن نُفّذت بذكاء، كما تحمل في طيّاتها خطر الانهيار إن لم تُواكبها إرادة سياسية حازمة وتشريعات داعمة. الأسواق قد تلتقط الأنفاس الآن، لكن ما بعد الانتخابات الأميركية والبريطانية قد يرسم المشهد الحقيقي لمستقبل النظام التجاري العالمي.

القناة الثالثة والعشرون
منذ 2 ساعات
- القناة الثالثة والعشرون
موريتانيا حاضرة.. ترامب يبحث فرص التجارة مع قادة 5 دول أفريقية
يستعد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لاستضافة 5 من قادة أفريقيا في البيت الأبيض في 9 من يوليو/ تموز الجاري من أجل مناقشة الفرص التجارية المتاحة في المنطقة، وخاصة ما يتعلق بالمعادن، وبحث تحصين الساحل من تمدد روسيا والصين غربي أفريقيا. وقال مسؤول أمريكي، إن ترامب "سيستضيف رؤساء الغابون وغينيا بيساو وليبيريا وموريتانيا الممثل العربي الوحيد"، مشيراً إلى أن "برنامج اللقاء يتضمّن نقاشا حول الفرص التجارية، وغداء جماعيا على شرف هؤلاء القادة". وكشف المسؤول الذي نقلت عنه وسائل إعلام أمريكية، أن من بين الأسباب التي دفعت ترامب لاستضافة هؤلاء القادة هو أن "القارة الأفريقية تقدم فرصا تجارية واعدة بالنسبة لكل من الشعب الأمريكي والشركاء الأفارقة". مواجهة التمدد الروسي ويأتي هذا الاجتماع بعد أشهر من إلغاء إدارة الرئيس ترامب المساعدات الأمريكية الموجهة إلى الدول الأفريقية كجزء من إستراتيجيتها لتقليص الإنفاق الخارجي. وعلّق المحلل السياسي الموريتاني، سيد أحمد ولد باب، على الأمر بالقول، إن "الاجتماع المقرر عقده في واشنطن هو اجتماع مُهم للولايات المتحدة وللدول الأفريقية المشاركة فيه على وجه الخصوص، بالنظر إلى مركزية صاحب الدعوة إلى هذه القمة ودوره السياسي والعسكري، وبالتالي حضور موريتانيا والدول الـ4 الأفريقية في هذه القمة سيجعلها تنجح في الحصول على فرص مهمة لحل المشكلات التي تواجهها سواء في علاقة بالتجارة العالمية أم غير ذلك". وأضاف ولد باب لـ"إرم نيوز" أن "العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية هي علاقة مهمة بالنسبة إلى موريتانيا، وبالتالي حضور نواكشوط في هذه القمة مهم خاصة بعد الرسوم الجمركية والضرائب التي فرضها ترامب على معظم السلع الأفريقية وغيرها". وشدد على أن "موريتانيا تظل لها مكانتها الخاصة سواء في ما يتعلق بإطلالتها على الأطلسي أم على مستوى التحديات الخاصة التي تواجهها بسبب الوضع في منطقة الساحل الأفريقي على غرار الإرهاب والهجرة، وهي قضايا تقلق الولايات المتحدة وأوروبا بشكل خاص أيضاً". وختم ولد باب بالقول، إن "أهمية حضور موريتانيا يكمن أيضاً في كونها في واجهة التصدي للتمدد الروسي في المنطقة، إذ تعد نواكشوط البلد الوحيد الآن تقريباً في الساحل الأفريقي الذي لا تجمعه شراكة عسكرية مع موسكو بخلاف دول مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو". تعزيز نفوذ وبالفعل، استعانت دول مثل مالي وبوركينا فاسو والنيجر بتعاون عسكري مع روسيا في محاولة لتقليص نفوذ الجماعات المسلحة التي تواصل شنّ هجمات دموية ضد أفراد الأمن والجيش والمدنيين. وقال المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الإفريقية، قاسم كايتا، إن "الولايات المتحدة من خلال استضافة هكذا قمة تسعى إلى تعزيز نفوذها خاصة في مجال المعادن النادرة التي يتم استكشافها بشكل كبير في منطقة الساحل الأفريقي". وتابع كايتا في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "الولايات المتحدة تسعى أيضاً إلى الاستفادة من تحالفها التقليدي والتاريخي مع موريتانيا من أجل التصدي إلى تعزيز روسيا والصين نفوذهما في منطقة غرب إفريقيا، وما يحمله ذلك من مخاطر على شركائها الأوروبيين، حيث قد تستخدم موسكو قضية مثل الهجرة على هؤلاء الشركاء". انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


بيروت نيوز
منذ 3 ساعات
- بيروت نيوز
بوتين يفتح دفاتر الصراعات من منتدى سان بطرسبوغ
شهدت مدينة سانت بطرسبرغ الروسية نهاية الأسبوع الفائت حدثا اقتصاديا دوليا بارزا، تمثّل بانعقاد النسخة 28 من المنتدى الاقتصادي الدولي، الذي تحوّل منذ أعوام إلى منصة مركزية ترسم من خلالها موسكو ملامح رؤيتها لعالم ما بعد الأحادية القطبية. المنتدى انعقد بين 18 و21 حزيران/ يونيو في مركز 'إكسبو فوروم'، تحت شعار عميق الدلالة: 'القيم المشتركة- أساس النمو في عالم متعدد الأقطاب'، في إحالة مباشرة إلى النظام الدولي الجديد الذي تروّج له روسيا منذ بدء المواجهة المفتوحة مع الغرب. استقطب المنتدى هذا العام أكثر من 20 ألف مشارك من نحو 140 دولة، بينهم رؤساء دول وحكومات، ومسؤولون اقتصاديون وماليون، بالإضافة إلى ممثلين عن شركات كبرى ومؤسسات دولية وبنوك وصناديق استثمار. وقد تنوعت الفعاليات التي نُظّمت على مدى 4 أيام، لتشمل أكثر من 150 جلسة نقاشية، وحوارية وتخصصية، حملت كلها هدفا واحدا: بلورة رؤى عملية لنمو اقتصادي عالمي متوازن ومتنوع، قادر على التكيّف مع التحديات المعقدة التي يواجهها العالم. توزعت فعاليات المنتدى على 5 محاور رئيسية: الاقتصاد العالمي، والاقتصاد الروسي، والإنسان في العالم الجديد، والاستدامة البيئية، والتكنولوجيا. وقد برز ضمن هذه المحاور تركيز واضح على التوجّهات الروسية نحو بناء شراكات استراتيجية مع دول الجنوب العالمي، سواء في آسيا أو أفريقيا أو أمريكا اللاتينية. وفي هذا السياق، نُظّمت 19 جلسة ثنائية بين روسيا وشركائها، من بينها لقاءات مع وفود رسمية من الصين، وإندونيسيا، وجنوب أفريقيا، والسعودية، الإمارات، وعدد من الدول الأفريقية، وكان لافتا حضور حكومة 'طالبان' الأفغانية. الجلسات ناقشت ملفات عدة من بينها الطاقة، التكنولوجيا، الأمن الغذائي، التمويل، النقل، وسلاسل الإمداد. من أبرز الجلسات التي لاقت اهتماما كبيرا كانت تلك التي حضرها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي ألقى كلمة مطوّلة غلب عليها الطابع الاستراتيجي، مستعرضا فيها رؤيته لمجموعة من الملفات الدولية والاقتصادية، في الملف الأوكراني، جدّد بوتين التأكيد على أنّ روسيا لا تسعى إلى استسلام كييف، بل إلى 'الاعتراف بالواقع الجديد' الذي نشأ على الأرض، مؤكدا أنّ الحرب انطلقت بعد انقلاب كييف على اتفاقات مينسك. ورأى أنّ موسكو حاولت عبر تلك الاتفاقيات تفادي المواجهة، إلا أنّ الغرب وكييف تمسكا بخيارات الصدام. ولفت بوتين في ردوده على أسئلة الصحافي اللبناني- الإماراتي نديم قطيش خلال جلسة الحوار الرئيسية في المنتدى والتي لاقت استحسانا كبيرا من الجمهور الروسي، إلى أنّ الجيش يتقدّم على طول خط التماس مع أوكرانيا، وأنّ كييف فقدت أكثر من 76 ألف عنصر في منطقة كورسك وحدها، محذرا من أنّ استخدام قنبلة قذرة من قبل كييف سيكون 'الخطأ الأخير'. أمّا في ما يتعلق بالصراع في الشرق الأوسط، فبدا بوتين حذرا لا يريد التورط في أيّ تصريح حيال النزاع بين إسرائيل وإيران، فيُفهم منه أنّه تخلى عن طهران، فشدّد على أنّ إسرائيل تضم عددا كبيرا من الناطقين بالروسية، وأنّ التزاماته ثابتة تجاه إيران في المقابل، لا سيما في ما يخصّ برنامجها النووي السلمي وأمن المنشآت مثل مفاعل بوشهر. أمّا في الشق الدولي، فدعا بوتين إلى بناء نظام عالمي متعدد الأقطاب، لا يخدم تكتلات بعينها بل 'مصالح البشرية جمعاء'، مؤكدا أن روسيا والصين لا تفرضان نموذجا بديلا بل تسهمان في ولادة منظومة طبيعية جديدة، وأشار إلى أنّ موسكو 'تدافع عن أمن كل دولة دون المساس بأمن أخرى'، منتقدا توسع حلف شمال الأطلسي (الناتو) وتجاهل مصالح روسيا الاستراتيجية. اقتصاديا، رسم بوتين ملامح لما وصفه بـ'نمو متوازن ومستدام' للاقتصاد الروسي، مؤكدا أن الناتج المحلي ارتفع بنسبة 4 في المئة رغم العقوبات، وأن مساهمة النفط والغاز لم تعد مهيمنة كما في السابق. وسلّط الضوء على النجاحات في قطاع الزراعة والتكنولوجيا والصناعة، مشيرا إلى انخفاض البطالة إلى 7.2 في المئة، وتسجيل ما يقرب من 77 ألف علامة تجارية جديدة خلال عام 2024. ودعا إلى تسريع استخدام الحلول الرقمية، وتعميم الروبل الرقمي، ودمج الصناعات الدفاعية بالقطاع المدني، معتبرا أن الاقتصاد الروسي لم يعد معتمدا على الموارد الطبيعية وحدها بل على 'القدرة الابتكارية والإنتاجية'. وفي إطاره الأوسع، شدد على ضرورة بناء نظام عالمي اقتصادي جديد خالٍ من 'التلاعبات السياسية' و'مبادئ الاستعمار الجديد'، في إشارة إلى سعي روسيا لتكريس دورها داخل مجموعة بريكس، التي أشار إلى أنها باتت تنتج 40 في المئة من الناتج الإجمالي العالمي، مقابل 20 في المئة فقط قبل أعوام قليلة. مشاركة مملكة البحرين في المنتدى هذا العام كانت مميزة، فحلت 'ضيف شرف' رسميّا على المنتدى، وقد مثّلها وفد رفيع المستوى برئاسة الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، حيث شارك في الجلسة العامة إلى جانب بوتين وقادة آخرين، ووقّع على هامش المنتدى عددا من مذكرات التفاهم مع الجانب الروسي في مجالات الصناعة والسياحة والتبادل التجاري والصحافة. كما أسفرت هذه المشاركة عن نتائج ملموسة، منها تسجيل زيادة تقارب 15 في المئة في حجم التبادل التجاري والسياحي بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، في تأكيد على أن المنتدى لم يكن مجرد منصة خطابات، بل مساحة فعلية لتعزيز التعاون الثنائي. في المقابل، برز الغياب اللبناني الرسمي بشكل لافت، إذ لم تُسجّل أيّ مشاركة حكومية مباشرة من بيروت، برغم توجيه دعوات عبر القنوات الدبلوماسية. واقتصر الحضور اللبناني على صحافيين وممثلي أحزاب لبّوا دعوات وجهتها السفارة الروسية في بيروت وقناة 'روسيا اليوم'. أما الجهات الرسمية، فقد غابت كليا، مما يعكس فجوة واضحة في انخراط لبنان في الفضاءات الاقتصادية العالمية، ويفوّت فرصا مهمة لإعادة تثبيت موقعه في تحولات النظام الدولي الجديد.