
بعد وفاة زياد الرحباني... بيان لمستشفى "BMG" في الحمرا
صدر عن BMG - مستشفى فؤاد خوري - الحمرا البيان التالي:
بتاريخ يوم السبت الواقع في 26 تموز 2025، وفي تمام الساعة التاسعة صباحاً فارق زياد عاصي الرحباني الحياة.
وقد تم إبلاغ العائلة الكريمة على الفور، إن القدر شاء أن يرحل هذا الفنان الاستثنائي، الذي شكّل بصمة فارقة في تاريخ الفن والمسرح والموسيقى اللبنانية.
إن إدارة المستشفى، باسم رئيس مجلس الإدارة د. كمال بخعازي، والمديرة العامة السيدة ريما بخعازي، والمدير الطبّي د. خليل الأشقر، تتقدّم بأحرّ التعازي من العائلة الصغيرة: والدته السيّدة فيروز وابنتها ريما وابنها هلي ومن العائلة الرحبانية الأوسع، ومن الشعب اللبناني بأسره، الذي خسر برحيله أحد أعظم رموزه الفنية والثقافية.
رحم الله زياد الرحباني، وأسكنه فسيح جنانه.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


وزارة الإعلام
منذ 25 دقائق
- وزارة الإعلام
الشرق: لبنان يودع اليوم زياد الرحباني العبقري المتمرّد
كتبت صحيفة 'الشرق': ودعت الساحة الفنية اللبنانية والعربية، السبت، الفنان اللبناني زياد الرحباني، عن عمر ناهز 69 عاما، بعد صراع طويل مع المرض داخل أحد مستشفيات العاصمة بيروت. وبرحيله، خسر لبنان والعالم العربي أحد أبرز أعمدة الفن النقدي الملتزم، ورائدا في المسرح والموسيقى، وكاتبا جسد هموم الناس وآمالهم بكلمة صادقة ولحن لا ينسى. زياد، نجل أيقونة الغناء العربي فيروز، والملحن الراحل عاصي الرحباني، نشأ في بيئة فنية استثنائية، لكنه اختار طريقه الخاص، مبتعدا عن الأطر التقليدية، ليرسم لنفسه مسارا نقديا وفكريا جريئا، يتقاطع فيه الفن مع السياسة، والموسيقى مع الموقف، والكلمة مع الضمير. فور إعلان الوفاة، سادت حالة من الصدمة في الأوساط الفنية والثقافية، وانهالت كلمات النعي من شخصيات سياسية وفنية، أبرزها ما كتبه الرئيس اللبناني جوزيف عون على منصة «إكس»، حيث قال: «زياد الرحباني لم يكن مجرد فنان، بل كان حالة فكرية وثقافية متكاملة، وأكثر.. كان ضميرا حيا، وصوتا متمردا على الظلم، ومرآة صادقة». أما رئيس الوزراء نواف سلام، فرثاه قائلا: «بغياب زياد الرحباني، يفقد لبنان فنانا مبدعا استثنائيا وصوتا حرا ظل وفيا لقيم العدالة والكرامة. زياد جسد التزاما عميقا بقضايا الإنسان والوطن، ومن على خشبة المسرح، وفي الموسيقى والكلمة، قال ما لم يجرؤ كثيرون على قوله، ولامس آمال اللبنانيين وآلامهم على مدى عقود». كما كتب وزير الثقافة غسان سلامة: «كنا نخاف هذا اليوم لأننا كنا نعلم تفاقم حالته الصحية وتضاؤل رغبته في المعالجة. وتحولت الخطط لمداواته في لبنان أو في الخارج إلى مجرد أفكار بالية، لأن زياد لم يعد يجد القدرة على تصور العلاج والعمليات التي يقتضيها. رحم الله رحبانيا مبدعا سنبكيه بينما نردد أغنيات له لن تموت». ولد زياد الرحباني عام 1956 في بيروت، في كنف عائلة عرفت بإرساء قواعد الأغنية اللبنانية الحديثة. إلا أن الشاب المتفجر بالأسئلة، سرعان ما شق لنفسه طريقا خاصا، منفصلا فنيا عن المدرسة الرحبانية التقليدية، ليؤسس نمطا جديدا في المسرح الغنائي والنقد السياسي، عكس تحولات المجتمع اللبناني وتناقضاته. بدأ مشواره الفني في سن الـ17، حين قدم أولى مسرحياته «سهرية» عام 1973، وتبعها بمجموعة من الأعمال المسرحية التي حملت طابعا ساخرا ونقديا لاذعا، أبرزها: «بالنسبة لبكرا شو؟»، «نزل السرور»، «فيلم أميركي طويل»، «بخصوص الكرامة والشعب العنيد»، و«لولا فسحة الأمل». تميزت هذه الأعمال بلغتها الشعبية القريبة من الناس، ومضامينها السياسية الساخرة التي واجه بها السلطة والطائفية والفساد. إلى جانب المسرح، كان زياد ملحنا ومؤلفا موسيقيا لامعا. لحن عددا من أشهر أغاني والدته فيروز، مثل «سألوني الناس»، «كيفك إنت»، «صباح ومسا»، «عودك رنان»، و «البوسطة»، وهي أغان لا تزال تردد حتى اليوم في الذاكرة الجمعية للشارع العربي. كما أصدر عدة ألبومات موسيقية، أبرزها «أنا مش كافر»، «إلى عاصي»، و «مونودوز». وتميزت موسيقاه بمزج فريد بين الجاز والموسيقى الشرقية، مما جعله أحد المجددين في المشهد الموسيقي العربي.


ليبانون 24
منذ 37 دقائق
- ليبانون 24
ياه، ما أحلاكن
كتبت مريم البسام: صبيّة كلية الفنون، في سنتها التحضيرية، تتقدّم بامتحانات إذاعية لبرامج تُشبه زياد، وعقله الذي كان زينة البلاد. يُحكى في حينه أن رجل الظل لإذاعة «صوت الشعب»، كان هذا المرابض في شارع الحمرا، ويتسرّب إلى وطى المصيطبة، كمقرّر ومشرف على استوديوهات فيها كل حبال الصوت وأثيره. والبنت القادمة من عشائر بني مسرح للفنون، وإيماءات فايق حميصي، وخصور سهام ناصر، وجنون يعقوب الشدراوي، وسحر بطرس روحانا ، يقرّر ابن انطلياس أن يعزلها إلى رمال سياسية متحركة، كانت تُسمّى «قسم الأخبار». لستة أشهر، بكيت طويلاً من زياد وعصبة حنا صالح وطوني فرنسيس وحسن الشامي وطانيوس دعيبس وآخرين، لأن آراءهم هجّرتني من ضفاف الفنون إلى عِلْم الجن السياسي. واليوم، بعد عقود، لا أعرف كم سأبكيه وطناً عمّرَه على وزن مكسور، وليوم مع لياليه، يكتنز أطول ساعات الصيف، وقفت أدقّق في النبأ المؤكد، وأنا التي أدّعي تَحدّري من سلالة صناعة الخبر. رفضت تصديق الرواية المنسوجة زوراً، عن رجل لا يموت، يعيش فينا قبل الميلاد، ونحياه نغماً، وتمرداً، وتحرراً من كل قيود. أول حزن سبق الدمع كان فيروز، التي تسلّلتُ إلى أحوالها، وتَجسّستُ على رُبوعها، وأيقنت في حينه أنها لا تزال في حالة عدم اليقين. رَفضتْ شائعاتنا، لازمت صمتها، احترفت الحزن والانتظار، وارتأت ألا تصدّقنا، نحن معشر الصحافة الشاردة. قد تكون قالت: تلك روايات من صنيعة «اللّي بيلفّقوا أخبار... فزياد مشوار يا عيوني، مرق مشوار». وهذا الزياد، الوارث عن أمه كل هزلية الدنيا وضحكاتها، كان ونيسها الدائم، حتى في زمن «التباعد الاجتماعي». تجلس على أريكتها وتسمع موسيقاه من راديو لصيق، وترشدك إلى مكامن الإبداع، ترويه عبقرياً يجدّد زمانه، وتشرح لك يوماً، وفي جلسات ممنوعة من الصرف الإعلامي، كيف قفز من «البوسطة» التي كانت متجهة إلى تنورين، هرباً من عيون عليا الحلوين، على مسرح «بالنسبة لبكرا شو». هي تسكن هديره الطاحن في الموسيقى، العابر عن أزمنة وحدود، المؤسس لجمهورية مرّة، فيها كل حلاوة الدنيا وسخريتها. عالبال يا فيروز، في حزنها الواسع وسع المدى. لا بدّ أنها الآن رجعت إلى طفولة زيادها، لترنّم: «وشو الدني يا بني، وشو طَعم الدني إنْ ما هَبّجتْ وجي بإيديك الحرير، وهالقلب عم حفّو على جرين السرير عم مرمغو بلعبك، بمطارحك، بفراشك، بريحة ريشات جوانحك، بغبرة حوافر حصانك، هالزغير يا بني» أقامت فيروزنا بين الرحيل والسُكنْى، مسيّجة ببلادها العالية، المعمّرة بقلوب وغناني. ودارت الأسئلة كموال من سهرة حب: كيف لقلب سيّدة لبنان الأولى أن يحتمل كل هذا الغياب؟ فقبل سنوات، سقطت ليال عن قمة الكاميرا الشاهقة، وهي التي ارتفعنا معها في سماء «بنت الحارس» على ورق وخيطان، في أغنية لم تهرب منها البنت الصغيرة مع «هالورق الطاير». وكان «هالي» رقيباً على الغياب، بصمت الغارقين في وحدتهم، العازفين عن الحراك، المشاركين بالدمع حصراً، المتوقدين عصراً. يسمع صوتها يتسلل: «غِديو هلي يا هلي... بالسّحر، ما هي ربوعن دواني». لا تهنأ حياة لهالي من دونها، ولا تكون فيروز «بلاه»، هي صوت الله الشافي، الذي أتاه على أطباق من ذهب: عاصي وزياد، الخام منه والمشغول. كل هذا الحب النازف، تختزنه الأم التي نادت ذات صلاة: «واه حبيبي، أي حال أنت فيه؟» فأي حزن سيكفيها الآن، وهي تودّع سفينتها كما في أورفيليس؟ كيف ستمضي عن مدينة زياد من غير كآبة؟ ستسمع شعوباً يهتفون: «لا تفارقنا، لا تفارقنا»، فالمحبة لا تعرف عمقها إلا ساعة الفراق. فيروز وزياد: ستظلان معاً، حتى في سكون تذكارات الله، ومعاً حين تبدد كما أجنحة الموت البيضاء. وفي يوم اثنين، صوب بكفيا، ستبحر السفينة. ستعود فيروز إلى عرزالها برفقة ريما «واسألوا ريما: كيف بوعى بهاللّيالي، بقعد أنا وحالي، أهْدُس فيكن، حاكيكن، طرقات عمّار مشاريع، ووزّع هالمدى، لا آخد من رزق حدا، ولا زعّل حدا... قوليلن يا ريما». وفي يوم تُلقى فيه التحية على زياد... قد نلمح طيفها هناك، ونمسك بقطعة حزن عنها، ربما نلتقط دمعتها، لنزرعها في ريف العيون. سيكون حزننا مشتركاً، فزيادك للعموم، للبنان، لشعبه المسكين الذي لا يعرف «أرضه لمين؟» من قال لك يا زياد إنه: «ولا غنيّة نفعت معنا، ولا كلمة، إلا شي حزين؟» نحن بكينا ودمّعنا، لكن كل ودائعك هنا... معنا. مخزونك طاف بين المدن، أغنياتك، صوتك، سخريتك منّا، وعلى الشعب العنيد، صارت نشيداً بين الناس. يا أبو علي... يا رفيق القمح وصبحي الجيز، صديق المجانين ومخفف عنهم وطأة الجمهورية، ستغادرنا في اثنين من رماد الأيام المتكسّرة، وتترك بلاداً كما صنعتها مسرحياتك: لبنان لحم بعجين. لكن هذا العجين تلاحم على رحيلك، خرق إطلاق النار اللبناني على اللبناني، أوقف الخلاف، كما أوقف رشيد السير في شارع الحمرا. سنختلف على كل تفصيل، إلا عليك، أنت الذي تنبأت بماضينا، وحاضرنا، والآتي إلينا، عرّيتنا من تزيّفنا، وكنت لبنان المُلتهب طائفياً. شكراً يا رفيق... «ما رح فينا نمشي ونكفّي الطريق؟» شكراً على جمهورية مهريّة، وصفتها على واقعها، لكننا سنستل بعض أمل من صوت فيروز، ونشدّ على صمودها، ونقتدي بنصائح زياد، العابرة للأوطان المشيّدة على صخر جوزيف حرب: «فيكن تنسوا الخبز، الكلام، الأسامي، الأيام، والمجد اللي إلكن، لكن شو ما صار، ما تنسوا وطنكن» زياد وفيروز «ياه، ما أحلاكن، شو حلوين».


OTV
منذ ساعة واحدة
- OTV
هاجر زياد وترك كل شي… حتى شنطة السفر (الديار)
العظماء وحدهم لا تتحمل قلوبهم قساوة الحروب والمجازر وموت الأطفال جوعا وعطشا. العظماء وحدهم لا يتحملون الهزيمة التي تكسر الضهر، فتنكسر أرواحهم قبل ان تنكسر ظهورهم. وكما يبدعون في حياتهم يبدعون في موتهم، ولم يكن خليل حاوي أولهم ولا زياد الرحباني آخرهم. بعضهم يختار طريقة موته، وبعضهم يختاره الموت بعد أن تكون نفدت الحياة من روحه. رفض زياد ان يبقى، لأنه رأى ان مازال، مازال حيا وخرج من شرنقة كيان الاحتلال، ليحقق حلمه في إقامة دولته من الفرات الى النيل، وانه مازال يهدم البنايات ويقتل الناس، رفض العلاج لأنه لا يريد ان يرى البلاد ممددة على فراش النعش وتنتظر حفار القبور. أراد الرحيل لأنه خاف من ان ينسانا ايل الخلاص ويهملنا نبع الينابيع، ويتوه عن الطريق الفارس الذي ننتظر. قرر ان يهاجر عندما شعر انه لم يعد يفيد البقاء. لقد اختار زياد الهجرة في زمن الجفاف والظمأ وشح المطر والتصحر الفكري، وهجوم البداوة على الحواضر المتمدنة. كيف لا يهاجر زياد وهو عرف بالنسبة لـ 'بكرة شو'، وعرف اننا نحضر فيلم 'أميركي طويل'، وقد لا ينتهي في هذا الزمن الرديء. كيف لا يفكر بالهجرة وهو الذي كان يقول ورفيقه المخرج الكبير طوني شمعون: 'قول الله بعدنا طيبين'. وهل يوجد أصعب من ان تكون أرفع امنيات البني آدم ان يكون ما زال على قيد الحياة؟ أمثال زياد لا يطيقون الحياة تحت ظلال الهزيمة، لا يطيقون الانكسار، ودون ان يلوح لهم بصيص ضوء من بعيد، لقد شرب من كأس الخسارات ما يكفي، ليؤمن له حجج الهجرة وتأمين جواز السفر وتأشيرة الهجرة. بعد استشهاد السيد كتب زياد: 'أنا اذا بموت رح موت فقع من الفقد مش من المرض'. وهيك صار، هاجر من الفقد لأنه رفض يشيل المرض. 'بلا ولا شي' ترك كل شي وراح. بس شاف 'كل شي فاشل'، و'السهرية' رح تخلص قبل ما يطلع الضو، ركب ع حصان الرحيل وفل، بس شاف خلص الهدوء النسبي وولعت كتير، وما عاد الله يساعد ولا يعين، قطع تكة طيار وسافر. بس صار 'نزل السرور' نزلة صدرية، يعني مرض بالصدر مش الصدرية تبع الصدر، سكر النزل وفل. كان عم يفكر يشوف 'قرطة' الناس جماعة مش شقفات، وكل شقفة مشقفة، ومتل سندويش فلافل بدون طراطور، ويصير مع كل عضة غصة. كان عم يفكر يشوف الرايح رايح والجايي جايي، بس ما ظبطت لانو جرذان المجرور قطعوا شريط الكهربا. كان زياد محظوظا، لأنه لا يقبل الانتحار حتى ولو كان في قمة اليأس والخيبة، وجاءته بطاقة السفر من حيث كان لا يدري. كان زياد الحمل والحامل والمحمول، كان حملا ثقيلا لأنه كان مشاكسا عنيدا، رفض الوراثة بكل مظاهرها، لكنه نهل من المخزون ما يبلور ابداعه، واراد ان يرى ببصره وبصيرته، ويكتب بقلمه الخاص على دفتره الشخصي، لذلك كان الحمل الثقيل. كان الحامل الذي رأى وعرف واستوعب وهضم كل العثرات، وتحمل كل اللدغات التي زادته ايمانا بقضية الوطن والأمة. وكان المحمول في عقول شرفاء العالم العربي من عامة الناس والادباء والموسيقيين والمفكرين، حتى الذين يخالفونه الرأي، كان رفيقهم في سهراتهم وأوقات راحتهم وحين تتراكم مشاكلهم، وحده زياد يشبه فيروز، فلا يوجد من يتجرأ ويقول انه لا يحبه. لم يكن زياد رجلا واحدا بل كان جبلة من الرجال، فهو الموسيقي المبدع، وهو الساخر الى حدود الشتيمة، وهو الأديب والشاعر، وهو السياسي و صاحب النكتة الحاضرة واللعنة الحاضرة، وهو الجدي الى حدود الصرامة، والهزلي اكتر من ثلاثي الشعر العربي في الزمن الاموي. زياد لم يكن كافرا ولم يكن مؤمنا، كان متصالحا مع تشرده في شارع الحمراء، هذا التشرد لم يتناف ابدا مع جلوسه على اعلى مراتب الابداع في العالم. لم يعش زيادة في المنطقة الوسطى بين الابداع والتشرد، فالتشرد عند العظماء مصدر الابداع. تأكد زياد انه سينقطع الامل الباقي بهاليومين، وخلصت سنة الألفين وانقطع الخشخاش من السهلين، وما عاد في يمشي مخشخش لأنو كترو الزعران، وما عاد قادر يضوي الضو فقرر ان يغادر.