logo
'الإيمان الصوفي بالتاريخ' يحرك معركة بوتين مع أوكرانيا

'الإيمان الصوفي بالتاريخ' يحرك معركة بوتين مع أوكرانيا

البشايرمنذ 2 أيام
'الإيمان الصوفي بالتاريخ' يحرك معركة بوتين مع أوكرانيا
يقتفي خطى بطرس الأعظم ليس للاستيلاء على أراض جديدة بل لاستعادة ما كانت تملكه بلاده من أراض وشعاره 'إن الروس والأوكرانيين شعب واحد، وإن أوكرانيا لنا'
سامي عمارة
كاتب وصحافي
عادت 'مجموعة نورماندي' إلى الانعقاد ثانية في مينسك لتقر ما سمي 'اتفاقات مينسك-2' في 15 فبراير 2015 (ويكيبيديا)
ملخص
كان بوتين استبق تحركاته ومنها هجومه على أوكرانيا برسالتين بعث بهما إلى قيادة حلف شمال الأطلسي والإدارة الأميركية السابقة في أواخر عام 2021 حدد فيهما طلباته التي منها ما استهل به عمليته العسكرية في أوكرانيا، حول ضرورة عودة الحلف إلى حدوده عام 1997، إلى جانب ما قاله حول الوضعية الحيادية لأوكرانيا، وضمان عدم انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي، وغير ذلك من المطالب التي أشارت إليها 'اندبندنت عربية' في أكثر من تقرير سابق لها من موسكو.
بطرس الأكبر حلم بوتين
ما بين الفينة والأخرى تتقافز الأزمة الأوكرانية، منذ اندلاعها في فبراير (شباط) 2014، لتفرض نفسها كواحدة من أهم القضايا الساخنة التي يتمحور حولها الاهتمام المحلي والعالمي، بحثاً عن حلول عاجلة إنقاذاً للعالم من احتمالات نشوب حرب عالمية ثالثة، تنذر باستخدام الأسلحة النووية للمرة الأولى في التاريخ. وها هي تعود اليوم لتفرض نفسها على الدورة الـ28 لمنتدى سان بطرسبورغ الاقتصادي الدولي التي اختتمت أعمالها بعدد من التصريحات الزاعقة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومنها ما يقول 'إن الروس والأوكرانيين شعب واحد، وإن أوكرانيا لنا'. ولم يتوقف بوتين عند هذا التصريح 'الواعد'، إذ أعقبه بآخر سبق وتردد في الساحات العسكرية يقول ما معناه 'حيثما تخطو قدما الجندي الروسي تصبح الأرض لنا'.
ومن هنا تعود بنا الذاكرة إلى ما عايشناه وتعايشنا معه منذ الانقلاب الذي أطاح الرئيس الأوكراني الشرعي فيكتور يانوكوفيتش، تحت رعاية وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وبولندا في فبراير 2014، وما قبل ذلك منذ اندلاع الموجة الأولى من 'الثورة البرتقالية'، حتى موجتها الثانية، التي نعيش تداعياتها حتى اليوم.
ما بين الفينة والأخرى تتقافز الأزمة الأوكرانية لتفرض نفسها واحدة من أهم القضايا الساخنة التي يتمحور حولها الاهتمام المحلي والعالمي (أ ب)
جذور الأزمة الأوكرانية
تعود الأزمة الأوكرانية إلى أواخر ثمانينيات القرن الماضي، يوم كانت سياسات البيريسترويكا تلفظ آخر أنفاسها، على وقع تصاعد جهود القوميين الأوكرانيين ممن وقفوا وراء تشكيل حركة 'روخ'، ونظرائهم في حركة 'سايوديس' في ليتوانيا وبلدان البلطيق، زعماً بأنها تشكلت لمحاولة لإنقاذ الزعيم السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف ولتنفيذ سياساته. وانطلاقاً من هذه التيارات التي تزايدت سرعاتها واشتدت حدتها تحت وقع نجاح مؤامرة الثلاثي بوريس يلتسين في روسيا، وليونيد كرافتشوك في أوكرانيا، وستانيسلاف شوشكيفيتش في بيلاروس وما نجم عنها من توقيع اتفاقات 'بيلافيغسكويه بوشا' في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) عام 1991 التي كانت 'الأساس القانوني' لما أسفرت عنه من إطاحة الرئيس السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف وانهيار الاتحاد السوفياتي السابق في نهاية ديسمبر من العام نفسه.
مج
مجموعة مينسك
ولعلني هنا أتذكر لقاءنا في كييف مع كرافتشوك في الغرفة الملحقة بمكتبه الذي يحتله اليوم فولوديمير زيلينسكي، وما قاله حول بعض ما دار بينه وبين الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسين وهما في ضيافة نظيرهما البيلاروسي شوشكيفيتش في ديسمبر 1991، وهو ما أودعناه كتابنا الأخير الصادر تحت عنوان 'بوتين… ماذا بعد' (أوكرانيا والإيمان الصوفي بالتاريخ) الصادر في بيروت عام 2023 عن 'الدار العربية للعلوم – ناشرين'. ومن ذلك ما دار بين الرئيسين الروسي والأوكراني حول مستقبل 'شبه جزيرة القرم' التي آلت إلى أوكرانيا عن غير وجه حق عام 1954، قال إنه سأل يلتسين عن القرم ليفاجأ بقوله بعد برهة من الصمت لم تدم طويلاً 'خذها'.
بريجنسكي الغويط
وما إن نجحت هذه التوجهات على ضوء أفكار زبغنيو بريجنسكي البولندي الأصول مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان وأنصاره ومريديه من أمثال كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأميركية خلال أعوام حكم الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن، وجورج سوروس الملياردير الأميركي المجري الأصل، وما قاما به لترويج أفكار 'الثورات الملونة' في مطلع القرن الجاري، التي كانت وراء اندلاع 'ثورة الورد' في جورجيا عام 2003، حتى أعقبتها أوكرانيا بالموجة الأولى لـ'الثورة البرتقالية' في 2004، وما أسفرت عنه من تنصيب فيكتور يوشينكو بديلاً للمرشح الشيوعي فيكتور يانوكوفيتش في انتخابات شهدت، للمرة الأولى في التاريخ الحديث، إجراء جولة ثالثة لإطاحة يانوكوفيتش، الذي سرعان ما عاد إلى سدة الحكم في الانتخابات التالية عام 2008.
وفي أوكرانيا التي لم نكف عن زيارتها إبان أعوام 'الثورة البرتقالية' ممثلاً لصحيفة 'الشرق الأوسط'، نتوقف عند الموجة الثانية من هذه 'الثورة' التي نشبت هناك في فبراير عام 2014، ولنعيد إلى الأذهان ما يظل الرئيس فلاديمير بوتين يستشهد به لإثبات خيوط المؤامرة التي دبرتها الدول الغربية لإطاحة الرئيس الشرعي يانوكوفيتش، مما كان سبباً في إعلان منطقة الدونباس في جنوب شرقي أوكرانيا عن استقلالها وقيام جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين في فبراير 2014.
بوتين استبق تحركاته ومنها الهجوم على أوكرانيا برسالتين بعث بهما إلى قيادة حلف شمال الأطلسي والإدارة الأميركية السابقة في أواخر عام 2021 (رويترز)
إعلان استقلال جنوب شرقي أوكرانيا
وقد عاد بوتين في منتدى سان بطرسبورغ في دورته الأخيرة ليوجز بدايات المشكلة، وهو ما كنا منه على مقربة خلال زياراتنا المتكررة لأوكرانيا في ذلك الزمان. ووفق السيناريو نفسه الذي دارت بموجبه أحداث الموجة الأولى من 'الثورة البرتقالية' عام 2004، جرت أحداث كييف التي سرعان ما شهدت إقامة المخيمات في قلب المدينة، ونشوب المعارك والمواجهة المسلحة بين رجال الأمن والشرطة من جانب، والقوميين و'النازيين الجدد' ومن توافدوا معهم من غرب أوكرانيا، من جانب آخر. ولم يكن الغرب ليفوت مثل هذه الفرصة، حيث سرعان ما أوفد وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وبولندا مع أحد ممثلي العاصمة الروسية للقيام بدور الوساطة بين الجانبين. وتوصل الجانبان بعد اجتماعات دامت إلى ما بعد منتصف الليل إلى اتفاق يقضي بالتهدئة، وإزالة المخيمات، وانسحاب قوات الأمن والشرطة من وسط العاصمة، على أن تقام الانتخابات المبكرة في سبتمبر (أيلول) من العام نفسه.
ونقلاً عما قاله فيكتور يانوكوفيتش الرئيس الشرعي آنذاك، حول أن مكالمة هاتفية جرت مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أبلغه خلالها بما دار تحت رعاية وزراء الخارجية الغربيين، وما توصلوا إليه من اتفاق حول الانتخابات المبكرة في خريف ذلك العام. وقال يانوكوفيتش إنه في سبيله، صباح الغد، إلى مغادرة كييف قاصداً خاركيف لحضور إحدى الفعاليات السياسية هناك، وقال أيضاً إنه لم يستمع إلى تحذيرات بوتين التي أعرب فيها من مغبة مغادرة العاصمة في مثل هذه الظروف. وصدقت تحذيرات بوتين، فما إن غادر العاصمة في طريقه إلى خاركيف حتى دهمته نيران 'الانقلابيين' ممن لم يلتزموا الاتفاق المبرم بوساطة غربية، في محاولة لاغتياله، وأنه اضطر إلى الهرب تحت حماية القوات الروسية الخاصة التي بعث بها بوتين لنقله إلى مكان ما في روسيا المجاورة.
إعلان الانفصال
ومن هنا كانت البداية، فقد سارع سكان مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك إلى إعلان الانفصال وقيام الجمهوريتين الشعبيتين، وهو ما قوبل من جانب القوميين و'النازيين الجدد'، بالتدخل العسكري الذي أعقبه تدخل المتطوعين الروس استجابة لطلب الناطقين باللغة الروسية. وتوالت الأحداث سريعة عاصفة، واحتدمت المواجهة حادة مسلحة، مما أسفر عن سقوط الآلاف من الضحايا المدنيين، مما دفع روسيا إلى مزيد من التدخل، وطلب الوساطة الغربية التي تمثلت في ما كان يسمى 'مجموعة نورماندي'. وفي مينسك عاصمة بيلاروس المجاورة وبدعوة من رئيسها ألكسندر لوكاشينكو، جلس ممثلو الجمهوريتين اللتين أعلنتا انفصالهما من جانب واحد، مع الأقطاب الثلاثة، الرئيس بوتين ومعه المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل، ومعها الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولاند الذين انضم إليهم الرئيس الأوكراني 'غير الشرعي' بترو بوروشينكو الذي اضطرت موسكو إلى الجلوس معه على رغم إعلانها، في أكثر من مرة وعلى مختلف المستويات، تأكيد عدم مشروعية ما جرى من انتخابات أسفرت عن تنصيبه رئيساً لأوكرانيا.
وتوصل 'رباعي نورماندي' في مينسك في الـ19 من سبتمبر عام 2014 إلى ما سمي 'اتفاقات مينسك'، وهي الاتفاقات التي حملتها روسيا إلى مجلس الأمن الدولي لإقرارها بموجب قرار صدر من جانبه دعماً لهذه الاتفاقات التي حملت اسم 'بروتوكول مينسك'، ونصت ضمناً في 12 بنداً على وقف إطلاق النار، وسحب الجماعات المسلحة والمرتزقة من أوكرانيا، ورفض مركزية السلطة بما في ذلك اعتماد النظام الموقت للحكم الذاتي، ومواصلة الحوار وتأمين المشاركين في المشاورات.
يأتي زيلينسكي إلى سدة الحكم رئيساً بعد حملة انتخابية رفع خلالها مختلف الشعارات التي تضمنت وعوده بتصفية الأزمة والاعتراف بحقوق مواطني 'الجمهوريات الانفصالية' (أ ف ب)
ورداً على عدم التزام 'السلطة الأوكرانية'، ببنود الاتفاق السابق، عادت 'مجموعة نورماندي' إلى الانعقاد ثانية في مينسك، لتقر ما سمي 'اتفاقات مينسك-2' في الـ15 من فبراير 2015، بما نصت عليه من وقف إطلاق النار، وسحب للأسلحة الثقيلة من الجانبين، وفرض مناطق عازلة بين الجانبين، ومواصلة الحوار وغير ذلك من بنود الاتفاقية التي تضمنها كتابنا الذي أشرنا إليه، تحت عنوان 'بوتين… ماذا بعد؟'.
بوتين يعترف… خدعوني
وتمضي الأيام والسنون لتؤكد أن الغرب لم يكن جاداً في نياته وأفعاله، كما قال بوتين في أكثر من مناسبة. فلم تلتزم السلطات الأوكرانية بأي من بنود 'اتفاقات مينسك'، لتعود المواجهات ويسقط الضحايا من الجانبين حتى نهاية الفترة الرئاسية للرئيس الأوكراني بوروشينكو الذي اضطرت روسيا إلى التعامل معه عن غير اعتراف رسمي بوجوده. ويأتي زيلينسكي إلى سدة الحكم رئيساً بعد حملة انتخابية رفع خلالها مختلف الشعارات التي تضمنت وعوده بتصفية الأزمة، والاعتراف بحقوق مواطني 'الجمهوريات الانفصالية'، بما في ذلك حقها في الحكم الذاتي وبوضعية رسمية للغة الروسية، وبكل ما يعيدها 'شرعياً' إلى 'نسيج الأمة الأوكرانية'. وتنتظر روسيا الوفاء بمثل هذه الوعود التي لم ينفذ زيلينسكي بنداً واحداً منها، بل واصل نهج سلفه السابق بإطلاق نيرانه التي عادت لتحصد الألوف من سكان هذه المناطق التي لم يكن أمامها سوى اللجوء إلى روسيا طلباً للحماية، وهو الطلب الذي لم تكف عنه منذ إعلانها 'الاستقلال' من جانب واحد.
وما إن اضطرت موسكو إلى بدء هجومها على أوكرانيا في فبراير 2022 بعد قرابة ثمانية أعوام ظلت خلالها تلتزم الصمت إزاء الاعتراف باستقلال هاتين المقاطعتين، كما كانت الحال بالنسبة إلى شبه جزيرة القرم التي لم تعترف روسيا بما أعلنته من 'استقلال' على مدى زهاء 24 عاماً، أي منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، وتعاقب على حكمها خلال تلك السنين بوريس يلتسين وفلاديمير بوتين، حتى فوجئت بما اعترفت به المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل وزميلها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند. ففي مذكراتها التي نشرتها عقب رحيلها عن منصبها قالت ميركل إنها لم تكن تستهدف برعايتها لـ'اتفاقات مينسك' سوى توفير المساحة الزمنية اللازمة لتسليح وإعداد القوات المسلحة الأوكرانية للقيام بحملتها لاستعادة منطقة جنوب شرقي أوكرانيا بالقوة العسكرية. وذلك ما أكده أيضاً فرنسوا هولاند في تصريحات تحمل المعنى ذاته. ولم يتأفف أي من المسؤولين الغربيين عن الاعتراف، ليس فقط بالاتفاقات التي سبق ووقع عليها، بل أيضاً بانتهاك قرار مجلس الأمن الدولي الذي أصرت موسكو على ضرورة تبنيه هذه الاتفاقات.
وكان بوتين استبق تحركاته ومنها هجمومه على أوكرانيا برسالتين بعث بهما إلى قيادة حلف شمال الأطلسي والإدارة الأميركية السابقة في أواخر عام 2021 حدد فيهما طلباته التي منها ما استهل به عمليته العسكرية في أوكرانيا، حول ضرورة عودة الحلف إلى حدوده عام 1997، إلى جانب ما قاله حول الوضعية الحيادية لأوكرانيا، وضمان عدم انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي، وغير ذلك من المطالب التي أشارت إليها 'اندبندنت عربية' في أكثر من تقرير سابق لها من موسكو.
بطرس الأكبر يكتب التاريخ
'أينما خطوات قدم جندي روسي… فهي لنا'
وذلك ما عاد بوتين في أكثر من مناسبة إلى التلويح به، والإشارة إلى مشروعية ما فعله لحماية الناطقين باللغة الروسية، عاد في الدورة الأخيرة لمنتدى سان بطرسبورغ إلى تأكيد وحدته مع الشعب الأوكراني، بقوله إن 'الشعبين الروسي والأوكراني شعب واحد، ومن هذا المنطلق فإن أوكرانيا كلها لنا'. وذلك يدفعنا إلى العودة للاستشهاد بما قاله هنري كيسنجر المستشار القومي وعميد الدبلوماسية الأميركية السابق حول 'الإيمان الصوفي لبوتين بالتاريخ'، وبما أعلنه بوتين في الذكرى الـ350 لميلاد بطرس الأعظم مؤسس روسيا الحديثة، حول إنه 'يستعيد خطى بطرس الأعظم ليس للاستيلاء على أراضي الغير، بل لاستعادة ما كانت تملكه روسيا من أراض'.
وبهذه المناسبة نعيد إلى الأذهان ما سبق ونشره بوتين من مقال حول الأصول المشتركة للشعبين الروسي والأوكراني في مقال نشره تحت عنوان 'الوحدة التاريخية بين الشعبين الروسي والأوكراني' في الـ12 من يوليو (تموز) 2021، أي قبل بداية الهجوم على أوكرانيا بزهاء ثمانية أشهر، وهو ما أودعنا ترجمته إلى العربية أيضاً مع 'اتفاقات مينسك 1-2' ضمن وثائق كتابنا السابق الإشارة إليه تحت عنوان 'بوتين… ماذا بعد؟' (ص441-475).
القنبلة الأوكرانية النووية 'القذرة'
ورداً على سؤال لنديم قطيش (إعلامي لبناني) الذي أدار باقتدار ندوة بوتين في ختام منتدى سان بطرسبورغ حول ما يسمى 'القنبلة النووية القذرة' التي لوح بها الرئيس الأوكراني زيلينسكي في مؤتمر الأمن الأوروبي في دورته التي عقدها في فبراير 2022، ورداً على سؤال لمدير الحوار قطيش وما إذا كان يشعر بالقلق إزاء احتمالات استخدامها، قال بوتين بإيجاز 'نعم… هذا يقلقنا'. وبعد برهة من الصمت، عاد بوتين ليقول 'إن ذلك قد يكون خطأ كارثياً، وربما يكون آخر الأخطاء الذي يمكن أن ترتكبه أوكرانيا'. ومضى الرئيس الروسي ليشير إلى أن موسكو، وبموجب عقيدتها النووية، تلتزم بالرد بالمثل، أو كما 'المرآة'. إننا نرد على جميع التهديدات التي تواجهنا بالمثل. نرد دائماً وبالمثل دوماً، واستطرد قائلاً 'إن ردنا سيكون قاسياً جداً، وعلى الأرجح سيكون كارثياً على النظام النازي الجديد، وللأسف على أوكرانيا نفسها. آمل ألا يصل الأمر إلى ذلك أبداً'.
أوكرانيا تخلق مشكلاتها بنفسها
وفي إطار تناوله لما يدور على الجبهة، وما تستولي عليه القوات الروسية من أراض، إضافة إلى المقاطعات الأربع السابقة، أعاد بوتين ما سبق وتغنى به المواطن الروسي 'أينما خطوات قدم جندي روسي، فهي لنا'، مؤكداً أنه لا يريد أن تبدو كلماته 'عسكرية'. وتدارك بوتين مغبة ما قد تثيره هذه العبارة من تداعيات غير مناسبة، ليعيد إلى الأذهان ما قامت به القوات الأوكرانية من هجوم للاستيلاء على بعض أراضي مقاطعة كورسك، مشيراً إلى ما تكبدته من خسائر بشرية بلغت 76 ألف مقاتل، عادت بعدها إلى الهرب منها، والتسليم بما تستولي عليه روسيا من أراض في مقاطعة سومي المجاورة حيث تقيم بها القوات الروسية ما يسمي بالمناطق العازلة بعمق يصل إلى قرابة 10-12 كيلومتراً، وامتداد يصل إلى زهاء 1000-2000 كيلومتر.
وكان بوتين توقف أيضاً عند الجولة الثالثة من المفاوضات الروسية – الأوكرانية التي جرت في إسطنبول في مارس (آذار) عام 2022 أي قبل الاعتراف وضم المقاطعات الأربع، ليقول 'الاتفاق كان مطروحاً بالفعل'، وكان بوريس جونسون (رئيس وزراء بريطانيا السابق)، بدعم من إدارة جو بايدن، هو الذي أثنى أوكرانيا عن التوقيع على الاتفاقات التي توصل إليها، 'لذلك وصلوا إلى النقطة التي كانت فيها الأراضي الجديدة تحت سيطرتنا'. وأضاف 'أن الجيش الروسي يواصل تحركاته في جميع الاتجاهات، على طول خط القتال بأكمله مع كل يوم جديد'. وتابع 'لقد خلقوا بأيديهم جبهة قتالية أخرى، بطول نحو 2000 كيلومتر. كان هناك 2000 كيلومتر من خطوط التماس القتالية. لقد شتتوا جميع قواتهم المسلحة. من الصعب تخيل حماقة أكبر من الناحية العسكرية. إنهم يخلقون مشكلاتهم الخاصة، ويمكنكم تصور ذلك'. وذلك إضافة إلى ما قاله بوتين حول إنه لا يستبعد استيلاء القوات الروسية على مدينة سومي، عاصمة المحافظة الثالثة، بعد مقاطعتي خاركيف ودنيبروبيتروفسك اللتين تتوغل القوات الروسية داخلهما، بعد المقاطعات الأربع التي ضمتها روسيا إلى أراضيها في سبتمبر 2022، إضافة إلى شبه جزيرة القرم التي سبق وأعلنت عن انضمامها في مارس عام 2014.
Tags:
أوكرانيا
الحرب
القرم
روسيا
مجموعة مينسك
نورماندي
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بريطانيا تعلن مضاعفة عدد الطائرات المسيرة التي تزود بها أوكرانيا لعشرة أضعاف
بريطانيا تعلن مضاعفة عدد الطائرات المسيرة التي تزود بها أوكرانيا لعشرة أضعاف

مصراوي

timeمنذ 5 ساعات

  • مصراوي

بريطانيا تعلن مضاعفة عدد الطائرات المسيرة التي تزود بها أوكرانيا لعشرة أضعاف

وكالات أعلن وزير الدفاع البريطاني، ديفيد لامي، اليوم الأربعاء، أن المملكة المتحدة قدّمت دعمًا عسكريًا لأوكرانيا بقيمة 4.5 مليار جنيه إسترليني خلال عام واحد، في إطار التزامها المستمر بمساندة كييف في مواجهة الهجوم الروسي. وأوضح لامي، في تصريحات صحفية، أن لندن ستضاعف عدد الطائرات المسيّرة التي تزود بها أوكرانيا ليصل إلى عشرة أضعاف، ضمن خطة موسعة لرفع مستوى الدعم العسكري النوعي. وفي سياق متصل، كشف الوزير البريطاني عن اتفاق بلاده مع شركائها في حلف شمال الأطلسي (الناتو) على رفع الإنفاق الدفاعي إلى ما يعادل 5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2035، مشددًا على أن هذه الزيادة ستشمل مجالات حيوية مثل الاستثمار في البنى التحتية العسكرية، وتعزيز الدفاعات السيبرانية، وغيرها من المجالات الأمنية الاستراتيجية. وأشار لامي إلى أن المملكة المتحدة مدركة تمامًا لحجم التهديد النووي المتصاعد، مؤكدًا أن بلاده تعمل مع شركائها في الحلف على تعزيز الردع الجماعي كجزء من التحصين الدفاعي الشامل لمواجهة التحديات الأمنية الراهنة والمستقبلية.

زاخاروفا: الغرب لا يملك السيطرة على إمدادات الأسلحة لأوكرانيا
زاخاروفا: الغرب لا يملك السيطرة على إمدادات الأسلحة لأوكرانيا

بوابة ماسبيرو

timeمنذ 9 ساعات

  • بوابة ماسبيرو

زاخاروفا: الغرب لا يملك السيطرة على إمدادات الأسلحة لأوكرانيا

قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، اليوم الأربعاء، إن الغرب لا يملك السيطرة على مصير الأسلحة التي يزود بها نظام كييف، وقد ينعكس ذلك سلبا عليه. وأضافت ماريا زاخاروفا في تصريحات نقلتها وكالة أنباء (تاس) الروسية: "لم تكن هناك أي التزامات تعاقدية. هذه مجرد مبادرة في إطار الحرب".. مؤكدة أن الرقابة السليمة تمنع وقوع الأسلحة الخطيرة في الأيدي الخطأ. وتابعت "إنهم لا يكترثون.. ولا يتساءلون عما إذا كانت مخابئ هذه الأسلحة موجودة بالفعل في أراضيهم، ولا سيما أن الطبيعة غير المنضبطة لإمدادات أسلحتهم قد تؤدي إلى مخابئ في المناطق المجاورة لهم". وأشارت زاخاروفا إلى أن استراتيجية الغرب الحالية هي شن حرب هجينة ضد روسيا باستخدام نظام كييف باعتباره وكيل. وقالت الدبلوماسية إنه بينما يناقش الغرب الصراع الأوكراني في إطار حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، فإنه لا يفكر في السلام. واختتمت تصريحاتها قائلة: "لا توجد أي شرارة لتقديم حتى اقتراح سلام رمزي. لا يوجد سوى عدوان مدعوم بالموارد المادية والعسكرية".

«كييف في ورطة».. أمريكا تعلن تعليق شحنات أسلحة وأوكرانيا تحتج دبلوماسياً
«كييف في ورطة».. أمريكا تعلن تعليق شحنات أسلحة وأوكرانيا تحتج دبلوماسياً

تحيا مصر

timeمنذ 9 ساعات

  • تحيا مصر

«كييف في ورطة».. أمريكا تعلن تعليق شحنات أسلحة وأوكرانيا تحتج دبلوماسياً

تواجه مصلحة أمريكا أولاً وعقب القرار، استدعت أوكرانيا القائم بالأعمال الأميركي بعد تعليق إرسال أسلحة، وتأتي الخطوة بعد بعد مراجعة واشنطن الإنفاق العسكري والدعم الأمريكي للدول الأجنبية. ووقع وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث على المراجعة، التي أشار المسؤول إلى أنها كانت جارية منذ أشهر. ولم يتضح فورًا ما إذا كان الدعم العسكري المُقدّم لدول أخرى سيتأثر. وقالت نائبة السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض آنا كيلي إن القرار اتخذ "لوضع مصالح أميركا في المقام الأول". ويأتي قرار وقف بعض عمليات نقل الأسلحة إلى أوكرانيا بعد أن ناشد الرئيس فولوديمير زيلينسكي حلفائه الغربيين تعزيز دفاعاته الجوية بعد تكثيف الهجمات الجوية الروسية . وفي الأسابيع الأخيرة، شنت روسيا غارات جوية شبه ليلية على أوكرانيا، مستخدمةً مئات الطائرات المسيّرة والصواريخ. ويوم الأحد، أعلن الجيش الأوكراني مقتل طيار إثر تحطم طائرته المقاتلة من طراز إف-16 خلال هجوم جوي روسي. وفي أعقاب الهجوم، قال زيلينسكي على وسائل التواصل الاجتماعي إن أوكرانيا مستعدة لشراء "أنظمة أمريكية" لتعزيز دفاعاتها الجوية. الولايات المتحدة المانح الأكبر للمساعدات العسكرية لأوكرانيا وتعد الولايات المتحدة أكبر مانح للمساعدات العسكرية لأوكرانيا منذ أن شنت روسيا غزوها الكامل في عام 2022، حيث زودت أوكرانيا بأنظمة الدفاع الجوي والطائرات بدون طيار وقاذفات الصواريخ والرادارات والدبابات والأسلحة المضادة للدروع، مما أدى إلى مخاوف بشأن تضاؤل ​​​​المخزونات الأمريكية، لكن ميزان المساعدات لأوكرانيا تغير بشكل كبير منذ عودة ترامب إلى السلطة، مما يلقي بظلال من الشك على مستقبل الدعم الأميركي لكييف. وفي أبريل، تجاوزت أوروبا الولايات المتحدة في إجمالي المساعدات العسكرية لأوكرانيا لأول مرة، حيث بلغت مساهمتها84.9 مليار دولار مقارنة بـ76.6 مليار دولار من الولايات المتحدة، وفقا لبيانات من معهد كيل للاقتصاد العالمي ، وهو مركز أبحاث ألماني يتابع عن كثب المساعدات في زمن الحرب لأوكرانيا. جاء هذا التحول بعد أن أوقف ترامب جميع شحنات المساعدات العسكرية إلى أوكرانيا إثر خلاف حاد في المكتب البيضاوي مع زيلينسكي في مارس. واستأنف ترامب تدفق المساعدات إلى أوكرانيا بعد حوالي أسبوع. في الأسبوع الماضي، أثناء قمة حلف شمال الأطلسي في لاهاي، اقترح الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن كييف قد تتلقى شحنات مستقبلية من نظام صواريخ باتريوت من الولايات المتحدة ــ وهو ما يشير إلى تحول محتمل في تفكيره بشأن تدفقات المساعدات الأميركية إلى كييف. وتعتبر صواريخ الباتريوت على نطاق واسع من بين أفضل أنظمة الدفاع الجوي، وخاصة في الحماية ضد الصواريخ الأسرع من الصوت والصواريخ الباليستية المتقدمة. وتمتلك أوكرانيا ما يقرب من نصف أنظمة الدفاع الجوي باتريوت المصنوعة في الولايات المتحدة ، والتي تلعب دورا حاسما في دفاعها الجوي، وحماية ملايين المدنيين من الصواريخ الروسية، لكن كييف تواجه خطر نفاد الصواريخ اللازمة لهذه الأنظمة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store