logo
سجن الأمير عبد القادر ومن معه في سجن لامبواز ! معمر حبار

سجن الأمير عبد القادر ومن معه في سجن لامبواز ! معمر حبار

ساحة التحريرمنذ يوم واحد
سجن الأمير عبد القادر ومن معه في سجن لامبواز !
معمر حبار
Amel Chaouti: 'Les Algériennes du château d'Amboise. La suite d'émir Abd el Kader', Édition Sedia, 1er semestre, 2016, Alger, Algérie, Contient 176 Pages.
مقدمة القارئ المتتبّع:
ميزة الكتاب، أنّ الكاتبة بذلت جهدا، ووقتا لزيارة سجن لامبواز. والمقبرة التي دفن فيها 25 جزائري سجين. والبلدية. والمتحف الذي يضم الوثائق النّادرة، والثّمينة، والمهمّة التي تتعلّق بمرحلة وظروف سجن الأمير عبد القادر ومن معه من زوجه، وإخوته، ونساء قادته، والخدم، والأطفال، والرضع. رحمة الله عليهم ، ورضي الله عنهم وأرضاهم جميعا.
ترى الكاتبة أنّه ضاع 15 ألف مخطوط له علاقة بالأمير عبد القادر. 12
الكاتبة مقيمة بفرنسا. 19
تقول: جدي اسمه الأمير عبد القادر. 30
لم يكن من أهدافي الكتابة عن الأمير عبد القادر. والأمير عبد القادر شخصية مشوّهة لدى الجزائري، والفرنسي. 37
قالت: لا حظت أنّ فترة سجن الأمير عبد القادر تمّ حذفها من البرامج التعليمية في الجزائر. 71
تكذّب الكاتبة وبقوّة، وشراسة مقولة أنّ للأمير عبد القادر زوجة واحدة فقط. ولم يعدّد، وهي: خيرة بنت علي. 80
الجزائريين لا يفضّلون الأسطورة بشأن الأمير عبد القادر. 80
ثمّ تضيف: وبما أنّكم ترفضون الأسطورة حول الأمير عبد القادر. لماذا تجعلون من الأمير عبد القادر زوجة واحدة فقط؟ رغم أنّ القانون الجزائري يبيح التّعدد. 81
السّبت بتاريخ: 16 أكتوبر 1852. تمّ إطلاق سراح الأمير عبد القادر ومن معه من مرافقيه. 123
الأمير عبد القادر وليس 'عبد القادر بن محي الدين:
أقول: ظلّت الكاتبة وطوال صفحات الكتاب تقول، وتردّد: 'عبد القادر بن محي الدين'. ولم تذكر مرّة واحدة -أقول مرّة واحدة- لقب الأمير عبد القادر.
وحين تذكر 'الأمير'. تذكره بمفرده، ودون ذكر الأمير عبد القادر.
لم تذكر الكاتبة أسباب ذلك. ولم أقف من خلال قراءتي للكتاب على الأسباب غير المعلنة.
ذكرت اسم 'الأمير' لأوّل مرّة في صفحة 44. ودون ذكر الأمير عبد القادر.
مع العلم، 'لامورسيار' يخاطب الأمير عبد القادر بعبارة: 'سيدي الحاج عبد القادر بن محي الدين'. 45
عنوان الكتاب:
استعملت الكاتبة -وحسب ترجمتي- مصطلح: 'توابع الأمير عبد القادر' كعنوان للكتاب.
أختلف معها في اختيارالعنوان. وأرى أنّه لا يناسب عظمة الأمير عبد القادر. الذي لا يرى أنّه المركز وما دونه تابع. بل يعامل الخدم، وأسرى العدو معاملة السّيّد. كيف بمن معه من مرافقيه.
للأمانة، الكاتبة متمكّنة في اللّغة الفرنسية. والمسألة لا علاقة لها باللّغة. لأنّي أنظر إلى المصطلح من الناحية الحضارية وليس اللّغوية. ومن هنا كان هذا الاختلاف. وإلى أن يظهر شرح جديد لها مخالف لما ذهبنا إليه.
واضح جدّا أنّ الكاتبة نقلت العنوان عن عبارة مكتوبة باللّغة الفرنسية على مدخل المقبرة في صفحة 13، وهي: 'هنا، يرقد خمسة وعشرون من توابع الأمير المتوفين ما بين 1848 و1852'.
يمكن -في تقديري- استعمال مصطلحات: مرافقوه، عائلته، ومن معه. وغير ذلك.
واستعملت الكاتبة في ثنايا الكتاب مصطلح: مرافقوه -ses compagnons
والسؤال: لماذا الفرنسيين المحتلين اختاروا هذه التسمية التي لا تناسب الأمير عبد القادر؟ وما الهدف من وراء ذلك؟.
توحيد الآيات:
جاء في صفحة 15: وضع الأمير عبد القادر نفس آيات سور القرآن الكريم على قبور الجزائريين المسجونين الذين ماتوا. حتّى لا يكون هناك تمييز بين أحد. ولأنّه لا يعترف بالاعتبارات الهرمية التي تفرّق النّاس بين النّساء، والأطفال، والضباط في هذه الدنيا.
أضيف: وهذا ما يعزّز ما ذهبت إليه من رفضي لمصطلح: 'توابع الأمير عبد القادر'.
الأمير عبد القادر لم يستسلم:
تستعمل الكاتبة، وباستمرار مصطلح: 'استسلام الأمير عبد القادر؟!' 21.
أقول: قراءاتي المتأخرة دفعتني لاستعمال مصطلح: الظروف التي فرضت على الأمير عبد القادر وضع السّلاح.
الفرق واضح بين المصطلحين. وسبق أن تعرّضنا لذلك في مقالاتنا العديدة حين تطلّب المقام ذلك.
الأمير عبد القادر ليس أسطورة:
تقول الكاتبة عن الأمير عبد القادر: الفرنسيين هم الذين 'حوّلوا العدو إلى بطل أسطوري'. وتستغرب موقف فرنسا. وإن كانت لا تستغرب تعظيم الجزائريين له. 22-23
سجن لامبواز وليس قصر لامبواز:
أقول: من الأخطاء الشائعة -حسب قراءاتي- قول 'قصر لا مبواز؟!'. كما جاء في صفحة 39 وغيرها. والحقيقة هو 'سجن لا مبواز'.
تعرّض سيّدنا الأمير عبد القادر لإهانة، وإذلال في سجن لا مبواز. وتجاوزت محنته كونه سجين.
إنّي على يقين أنّ الأمير عبد القادر لم يضع ضمن الاحتمالات أنّ الاستدمار الفرنسي سيخونه، ويحوّل طلبه من السفر إلى الإسكندرية، أو عكا إلى سجن لا مبواز حيث الذّلّ والهوان.
واضح جدّا أنّ الأمير عبد القادر ألقى السّلاح لأجل الذين معه من زوجه، وقادته، والأطفال، والرّضع. والذين لم يستطيعوا مواجهة الخيانة، والحصار، والمطاردة التي كانت تلاحقهم في الداخل والخارج.
ظلّ الأمير عبد القادر في سجن لا مبواز ذلك الشجاع، والبطل، والعظيم، والكبير الذي لا ينحني، ولا يمد يد لعدو الأمس ولا سجّان اليوم.
إطلاق سراح الأمير عبد القادر من المجرم نابليون. ليس كرما، ولا منّة منه ولا من فرنسا المحتلّة، ولا فرنسا الحالية. بل واجب لأنّهم حاربوه وهو صاحب الأرض. وخدعوه وهو الوفيّ مع العدو قبل الصديق، وسجنوه وهو العزيز الكريم في أهله ووطنه الجزائر.
وذكرت الكاتبة أنّ الأمير عبد القادر ومن معه. كان تحت قانون السجين. 77
قالت: الفرنسيين لا يطيقون استعمال 'سجن الأمير عبد القادر بلمبواز'. وكما أنّ الجزائريين لا يطيقون إطلاق 'الخيانة؟!' على سيّدنا الأمير عبد القادر. 77
سجن وليس نزهة:
قالت: عدد كبير من الجزائريين رجالا، ونساء ماتوا في سجن لامبواز. 87
تستنكر الكاتبة على الجزائريين، والفرنسيين الذين تجاهلوا 4 سنوات من السجن، والمهانة التي تعرّض لها الأمير عبد القادر، ومرافقوه في سجن لامبواز. ثمّ التّحدث عن السّماح له 'بالنزهة في القصر؟ !'. وبناء على رأي طبيب. إنّ هذا لظلم كبير، ومهانة بحدّ ذاتها. 89
الخونة الصبايح:
استعان المجرم 'لامورسيير' بـ 200 صبايحي لمحاصرة الأمير عبد القادر. والضابط المغربي هو الذي أخبره برجوع الأمير عبد القادر بعد التضييق الذي تعرّض له من المغرب. وبمساعدة المحتلّ الفرنسي للجزائر. 43
الإسكندرية، أو عكا:
اشترط الأمير عبد القادر الذهاب إلى الإسكندرية، أو عكا. ودون ذكر مكان آخر. 44
هدف الاحتلال هو: إجبار الأمير عبد القادر على ألا يذهب للمشرق العربي. وإقناعه بالعيش في فرنسا. 109
المرافقين للأمير عبد القادر عبر ميناء مرسى الكبير لفرنسا:
61 رجل. و 26 امرأة، ومنهم حوامل وعلى وجه الوضع. و6 فتيات. و9 فتيان. وعدد كبير من الرضع. والمجموع 87 من المرافقين، والحاشية. 47
نزلوا بفرنسا بتاريخ: 29 ديسمبر 1847. على السّاعة: 2 و30 دقيقة. وكان الجوّ باردا جدّا. 55
لم يكن في استقبالهم سوى الجنود الفرنسيين. واستغرق السفر أربعة أيّام. واقتيدوا إلى lazaret de saint-mandrier. للخضوع للحجر الصحي لمدّة عشرة أيّام. 55
رسالة الأمير عبد القادر للمحتلّ الذي سجنه ومن معه:
رسالة الأمير عبد القادر لفرنسا بتاريخ: 10 جانفي 1848. أي بعد مرور 21 يوم من مجيئه، وسجنه. يذكّرهم بوعده له بالسّفر إلى الإسكندرية، أو عكا. 56
أقول: احتلّت الجزائر سنة 1830 من طرف فرنسا. انطلاقا من تولون. وتمّ سجن الأمير عبد القادر بتولون بتاريخ: 1847. ص58
الموت لدى الأمير عبد القادر:
ويقول في رسالته: 'لا يتحدّث لغتهم، ولا عاداتهم، ولا قانونهم، ولا دينهم، ولا حتّى ملابسهم. ألا تفهمون أنّ هذا هو الموت'. 60
أضيف: ومن هنا كان قولنا بأنّه سجن لامبواز وليس قصر لامبواز.
الأمير يختار الذهاب إلى الإسكندرية عوض البقاء فرنسا:
رسالة الأمير عبد القادر الثّانية بتاريخ: 3 فيفري 1848 إلى نابليون: 'اخترت في البداية الإسكندرية التي لا أعرف فيها أحدا. وليس لي فيها أقارب. لأنّها طريق إلى مكة، والمدينة التي أودّ الذهاب إليها. والموت فيها. وبما أنّك خيّرتني بين البقاء في فرنسا، أو الإسكندرية. فإنّي أفضّل الذهاب إلى الإسكندرية على البقاء في فرنسا. لأنّ ديني لا يسمح لي بالبقاء في فرنسا'. 61
إلى الشام:
إطلاق سراح الأمير عبد القادر بتاريخ: 1852. للتّوجه إلى الشام بسورية. ووفى بوعده بأن لا يقاتل أبدا فرنسا المحتلّة. وقد دافع عن فرنسا ضدّ الأتراك أثناء الحوادث الدموية سنة 1860. ص72
العزلة، ومهانة، وذلّ السجن:
قال السجناء الجزائريين خلال سجنهم في سجن لامبواز: لم نكن نعرف عن الجزائر شيئا. ومنعنا من كلّ شيء. فعانينا العزلة. 92
رفضت النّساء أن يكشف عليهن الطبيب الفرنسي في سجن لامبواز. وكذلك رفضن الدواء المقدّم من طرفه. 92
قالت النّسوة: لم نكن نعتقد يوما أنّ أبناءنا يولدون في فرنسا. ولهم إخوة، وأخوات من حليب فرنسا. 93
لا أحد يزورنا في السجن. وحالاتنا النفسية منهارة. والمحتلّ لا يفعل أيّ شيء لتحسين أوضاع المساجين الجزائريين. وخسرنا عدّة مرافقين سنة 1849. والبرد زاد من تفاقم الوضع. وطلباتنا بشأن إطلاق سراحنا لم تكن تصل.
مقبرة البلدية، ومقبرة سجن لامبواز:
قالت جزائرية بعد أن دفنوا ابنها في المقبرة المسيحية: حاولت أن أقنع أبي لكيلا يدفنوا ابننا في وسط المسيحيين. لكن كلمة أبي لم تكن مسموعة كما كانت في أرضنا الجزائر. 97
بعد أن دفنوا اثنين من الأطفال الجزائريين في المقبرة البلدية المسيحية بفرنسا. تدخل الأمير عبد القادر وطلب من فرنسا أن يمنحوه قطعة أرض يدفن فيها الجزائريين. فلبت فرنسا طلبه. بأن تكون المقبرة في سجن لامبواز. 97
الجزائريات السجينات يرفضن أن يكشف عليهنّ الطبيب الفرنسي:
رفض النسوة الجزائريات أن يفحصهن الطبيب. وقدم لهن الدواء وفق ما تصفه راهبة للطبيب. والتي لا تحسن اللّغة العربية. 100
لم يسمح للطبيب الفرنسي أن يدخل للنّساء الجزائريات المريضات السجينات ليفحصهن. 107
تأخّر الأطفال في المشي بسبب سوء التغذية، وظروف السجن من برودة ورطوبة، والتغيير الجذري للحياة التي لم يتعوّد عليها الجزائري. 107
المدرسة لإرغام الجزائرئريين لقبول العادات الفرنسية:
فكرة تحويل الجزائريين إلى قبول الحضارة، والعادات الفرنسية تعود لسنة 1837. ص111
وفي أكتوبر 1850 سعت الأستاذة eugène allix لإنشاء مدرسة للفتيات الجزائريات، وقالت: 'إذا حوّلتم لحضارتنا 100000 فتاة جزائرية من كلّ طبقات المجتمع، والأعراق في الجزائر، هؤلاء الفتيات سيصبحن بقوّة الواقع، النّساء المفضّلات للرجال المهمين من طبقاتهم، وستضمنون وإلى الأبد احتلال الجزائر وسيكونون الأداة الفاعلة لاحتلالها مستقبلا'. 111
الشرفة – الشلف – الجزائر
السّبت 10 محرم 1447هـ، الموافق لـ 5 جويلية 2025
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مقامة صدأ الروح
مقامة صدأ الروح

موقع كتابات

timeمنذ 11 ساعات

  • موقع كتابات

مقامة صدأ الروح

يقول المندلاوي الجميل أنها ابيات جميلة تزيل صدأ الروح في لحظات الضيق : (( فياليت ما بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب , وليتك تحلو والحياة مريرة وليتك ترضى والانام غضاب )) , وقد قالها الشاعر أبي فراس الحمداني , في قصيدة جميله ورائعه , كتبها لسيف الدوله , وهناك قصيدة لرابعة العدوية عن الاجتهاد في التضرع إلى اللّٰه تعبر عن حقيقه الايمان التى تسمو بالمومن الحقيقي , ((إذا صَحَّ منك الودّ فالكُلُّ هَيِّنٌ وكُلُّ الذي فَوقَ التُّرابِ تُرابِ )) ,ومعنى قصيدة (( فليتك تحلو والحياة مريرة )) , وأولها (فليتك تحلو) وهي تتضرع إلى الله أن يرزقها في قلبها حلاوة محبته , فإنها إن أعطيتها فلا التفات بعد ذلك إلى مرارة الحياة وقسوتها , فتخيَّل أن يكون مُرادك هو نفسه قدرك , (( فيا ليت شربي من ودادك صافيا وشربي من ماء الفرات سراب )) , الا ان ابن القيم قال : إن هذه الأبيات ليست لرابعة , وإنما هي لأبي فراس الحمداني وليس فيها ما ينكر, فقد قال ابن القيم في مدارج السالكين مقررا لصحة مضمونها لو خوطب بها الله: لا صلاح للنفس إلا بإيثار رضى ربها ومولاها على غيره , ولقد أحسن أبو فراس في هذا المعنى , إلا أنه أساء كل الإساءة في قوله , إذ يقوله لمخلوق لا يملك له ولا لنفسه نفعا ولا ضرا , ونسبت الى الحلاج ايضا , قوله (( وليت الذي بيني وبينك عامر.. وبيني وبين العالمين خراب )) . تذكر هذه الأبيات غالباً على أنها أبيات شعر صوفية يناجي فيها شاعرها خالقه , فلا يبالي إن كان تقطعت حبائل الود بينه وبين الناس ما دام خالقه عنه راضياً , ولكن ما لا يعرفه كثيرون أن قائل هذا البيت هو أبو فراس الحمداني وقد قاله مستعطفاً ابن عمه سيف الدولة , في قصيدته الشهيرة التي يقول في مطلعها : (( أَما لِجَميلٍ عِندَكُنَّ ثَوابُ وَلا لِمُسيءٍ عِندَكُنَّ مَتابُ , لَقَد ضَلَّ مَن تَحوي هَواهُ خَريدَةٌ وَقَد ذَلَّ مَن تَقضي عَلَيهِ كَعابُ , وَلَكِنَّني وَالحَمدُ لِلَّهِ حازِمٌ أَعِزُّ إِذا ذَلَّت لَهُنَّ رِقابُ وَلا تَملِكُ الحَسناءُ قَلبِيَ كُلَّهُ وَإِن شَمِلَتها رِقَّةٌ وَشَبابُ )) ,ولأسباب وجيهة أطلق على الشاعر أبي فراس الحمداني لقب (( فارس السيف والقلم )) , فأما عن علاقته بالسيف , فقد عرف عنه شجاعته وفروسيته وإقدامه في القتال , وأما عن علاقته بالقلم , فقد عرف ببلاغته لدرجة أنه الشاعر الوحيد الذي كان منافساً للمتنبي في زمانه , وقد قال عنه الصاحب بن عباد , وهو من كبار العلماء والأدباء في عصره: (( بُدئ الشعر بملك وخُتم بملك )) , ويعني بذلك أن بداية الشعر كانت عند امرؤ القيس أما نهايته فكانت عند أبي فراس الحمداني. كان أبو فراس من أعيان بني حمدان , فوالده سعيد بن حمدان الحمداني التغلبي كان والياً على الموصل , وابن عمه هو سيف الدولة الحمداني أمير الدولة الحمدانية التي امتدت لتشمل أجزاء من شمالي سوريا و‌العراق , وكانت عاصمتها حلب في القرن العاشر للميلاد , ولد أبو فراس عام 932 , وقد عاش يتيم الأب , إذ قُتل والده وهو لا يزال في الثالثة من عمره , أما أمه فقد كانت رومية , وتولت رعايته بمساعدة ابن عمه سيف الدولة , وشب الحمداني فارساً مدافعاً عن دولة ابن عمه , وحامياً لها من غزوات الروم , فعينه أميراً على مقاطعة منبج (الواقعة في شمال سوريا حالياً) , وبينما كان والياً على منبج , كثرت المواجهات ومعارك الكر والفر بين الحمدانيين والروم , وفي إحدى المعارك وقع الحمداني أسيراً لهم , وتذكر بعض المراجع أنه قد تم أسره مرتين من قبل الروم , إذ اقتيد في الأولى إلى حصن رومي منيع في منطقة الفرات , إلا أنه تمكن من الفرار والعودة إلى منبج , أما في المرة الثانية فقد اقتيد إلى القسطنطينية حيث طال أسره لثلاث أو أربع سنوات. كان الحمدانيون في المقابل قد أسروا ابن أخت ملك الروم , فطلب أبو فراس من ابن عمه أن يفتديه من الأسر مقابل ابن أخت الملك , لكن سيف الدولة رفض ذلك , فقد كان يبتغي أن يبادل ابن أخت الملك بكل الأسرى الموجودين في سجن الروم وليس بأبي فراس وحده , وهكذا دام سجن أبي فراس قرابة الأربع سنوات , دأب خلالها على مراسلة ابن عمه سيف الدولة الحمداني وامتداحه بأعذب الأشعار لحثه على إنقاذه من السجن , لكن سيف الدولة أبطأ في ذلك , وقيل إنه ربما كان يشعر أن أبا فراس طامع في الملك فأراد أن يتركه في الأسر ليكسر شوكته , ولم يحصل تبادل للأسرى إلا بعد مضي أعوام أنهكت أبا فراس , حيث اتفق الحمدانيون والروم أخيراً على المبادلة , وأطلق سراح 3000 أسير عربي كان بينهم أبو فراس , وبعد عام من خروج أبي فراس من الأسر توفي سيف الدولة الحمداني عام 967 , وكان له مولى يدعى قرغويه دعا إلى أن يتولى الحكم (( أبو المعالي )) ابن سيف الدولة طمعاً في السيطرة على الدولة الحمدانية من خلاله , فتصدى له أبو فراس ودارت بينهما معركة قتل فيها فارس السيف والقلم عام 968. كتب ابو فراس خلال فترة سجنه أروع قصائده , والتي كانت في معظمها موجهة لاستعطاف ابن عمه سيف الدولة , ومنها قصيدة ((عصي الدمع )) ويقول في مطلعها: (( أَراكَ عَصِيَّ الدَّمـعِ شيمَتُــكَ الصَّبـرُ أَمـا لِلهَوى نَهيٌ عَلَيكَ وَلا أَمرُ , بَلى أَنا مُشــــــــتاقٌ وَعِندِيَ لَوعَـةٌ , وَلَكِنَّ مِثلي لايُذاعُ لَهُ سِــــــرُّ )) , وكذلك قصيدته الشهيرة التي يقول في مطلعها : (( أقُولُ وَقَدْ نَاحَــتْ بِقُرْبي حمامَـــــة أيــا جارتا هل تشعرين بحــــالي؟معاذَ الهوى ما ذقتِ طـارقةَ النَّوى وَلا خَطَرَتْ مِنكِ الهُمُـــومُ ببـــالِ )) , أما قصيدته الأكثر شهرة والتي يبدؤها بقوله: (( أما لجميل عندكن ثواب )) , فقد قالها أيضاً خلال سنوات سجنه يستعطف فيها ابن عمه سيف الدولة الحمداني عله يرأف بحاله ويفتديه ليخرجه من السجن , فيقول : (( أَمِن بَعدِ بَذلِ النَّفسِ فيما تُريدُهُ , أُثابُ بِمُرِّ العَتبِ حينَ أُثابُ , فَلَيتَكَ تَحلو وَالحَياةُ مَريرَةٌ , وَلَيتَكَ تَرضى وَالأَنامُ غِضابُ , وَلَيتَ الَّذي بَيني وَبَينَكَ عامِرٌ , وَبَيني وَبَينَ العالَمينَ خَرابُ )) .

عراق منهوب وفساد بلا حدود 'نور زهير وحمدية وخور عبدالله نموذجا !
عراق منهوب وفساد بلا حدود 'نور زهير وحمدية وخور عبدالله نموذجا !

موقع كتابات

timeمنذ 11 ساعات

  • موقع كتابات

عراق منهوب وفساد بلا حدود 'نور زهير وحمدية وخور عبدالله نموذجا !

يقولون ان ذاكرة الاسماك لا تتعدى الثوانيّ لذلك تسقط كُل مرة بذات الشباك رغم ان لا اساس علمي لذلك لكن الظاهرة السمكيّة الذهنية اجدها واضحة في ذاكرة العراقيّ الذي أصبح ينسى بسرعة أو بالأحرى يُجبر على النسيان. مما لا شك فيه ان الحكومات حينما تلتهم الاخضر واليابس تتقن بخلق الأزمات واحدة تلو الأخرى حتى ننسى مصائبنا وفضائحهم الكبرى وننشغل بكوارث ثانية. مثلاً؛ كلما انشغلنا بارتفاع الدولار وملاعيبه نسينا المليارات المسروقة. وكلما غرِقنا في أخبار عاشوراء ضاعت منا ملفات وطن يباع بالتقسيط المريح علناً. اسكوبار القرن طيب تساءلوا اليوم: أين وصلت محاكمة الاسكوبار نور زهير؟ هل سمع احدكم عن مدة حكمه هل خرج بالعفو العام كما تتداول التسريبات؟ الكل يعلم من هو نور زهير بطل 'صفقة القرن' الذي سرق مليارات الدولارات في أكبر فضيحة بتاريخ العراق الحديث وشركاؤه كانوا برلمانيين ووزراء ومسؤولين كبار وإعلاميين باعوا ضمائرهم وباعوا البلد بأكمله باريحية مطلقة والآن سكت الجميع ولم يعد الإعلام يتحدث ولم تعد التحقيقات تُعرض ولم تعد الأصوات ترتفع حتى يقال إنه خرج بالعفو العام وكأن شيئًا لم يكن. أما المليارات؟ فقد استعادوا منها 10% فقط والباقي موزع بأمان في بنوك عربية وأجنبية بحسابات وهمية أو شراكات سرية. حمدية بحمد الله! ثم نأتي إلى حمدية الجاف غولة المليارات المختلسة حيث انتشرت الأخبار عن القبض عليها وكأنها نهاية الفساد في الكوكب. لكن المهم أين المليارات التي سرقتها، أين التحقيقات، ماذا بشأن اموال مصرف الرافدين اموال الشعب ؟. الجواب: لا أحد يعلم. والمُضحك المُبكيّ أيضاً إن العفو العام قد يشملها وتحمدُ الله و'الصماخات'، بل اساساً هي ظهرت لتستثمر العفو وتخرج بغنائمها هذا العفو الذي شمل كل فاسد سرق قوت هذا الشعب. تفاهات سريّة للغاية! كارثة فضيحة خور عبدالله فضيحة أخرى تُضاف لسلسلة فضائح هذا البلد المنهوب حين انكشف تورط وزراء وبرلمانيين بالحصول على رشاوى كبيرة من الجانب الكويتي لتمرير الاتفاقية المخزية. انكشفت الأسماء والوثائق والتسجيلات لكن ماذا بعد؟ لا محاكم ولا نزاهة تستطيع محاسبتهم فقط ملفات تُغلق ويُكتب عليها 'سري للغاية' كي لا يثور الشعب. لحين ابتكار فذلكة سوشل ميدياوية لالهائه. الغريب أننا وسط كل هذه الكوارث نرى العراقيين منشغلين بأخبار لا تقدم ولا تؤخر فتراهم يتداولون خبر توقف المذيعة منى سامي من قناة الرابعة أو سيارة سحر عباس الجديدة أو صور شهد الشمري أكثر من تداولهم أخبار مصير أموالهم المنهوبة. إلى هذا الحد وصلت بنا التفاهات فلا أحد يسأل عن نور زهير ولا أحد يهتم بمصير ملياراتنا التي تشتري بها حمدية الجاف قصورها ولا أحد يكترث لاتفاقية خور عبدالله التي بترت حدود العراق البحرية. لقد تعمدوا إلهاءنا بهذه الأخبار التافهة حتى لا نفكر بمصير وطننا المنهوب وصرنا ننسى أن أبناءنا ينامون بلا دواء وأن شوارعنا بلا إعمار وأن شبابنا بلا وظائف بينما حفنة لصوص يتنعمون بأموالنا في دبي وعمان ولندن. هذه المليارات ليست مال نور زهير ولا حمدية الجاف ولا الوزراء ولا البرلمانيين هذه أموالنا أموال العراق قوت فقراءه وجياعه وأطفاله المشردين. لكن في بلاد تحكمها عصابات الفساد لا قيمة للشعب. وفي بلاد يُدافع بعض الناس عن هؤلاء الفاسدين باسم الحزب أو المذهب أو العشيرة لن تقوم قائمة للعدل أبداً. وبما أن لا المحاكم ولا النزاهة تستطيع محاكمتهم سألتُ الذكاء الاصطناعي ما هو الحل مع هؤلاء كان جوابه بسيطاً وغير مكلف سوى ذرات من كرامة الحسين (ع):

قصة الحضارة (213): بيعت صكوك الغفران في أثينة في القرن الرابع ق.م
قصة الحضارة (213): بيعت صكوك الغفران في أثينة في القرن الرابع ق.م

موقع كتابات

timeمنذ 13 ساعات

  • موقع كتابات

قصة الحضارة (213): بيعت صكوك الغفران في أثينة في القرن الرابع ق.م

خاص: قراءة- سماح عادل يستأنف الكتاب الحديث عن أسرار الدين في الحضارة اليونانية وعن الطقوس والعبادات والهياكل. وذلك في الحلقة الثالثة عشر بعد المائتين من قراءة 'قصة الحضارة' الكتاب الموسوعي الضخم وهو من تأليف المؤرخ الأمريكي 'ويل ديورانت' وزوجته 'أريل ديورانت'، ويتكون من أحد عشر جزء. علم اللاهوت.. يواصل الكتاب الحكي عن الدين في الحضارة اليونانية القديمة: 'ويقول علم اللاهوت الأرفي إن الروح تذهب بعد الموت إلى الجحيم حيث يحاسبها آلهة العالم السفلي على أعمالها، وكانت الترانيم والطقوس الأرفية ترشد المؤمنين إلى ما يجب أن يتبعوه من هذا الحساب النهائي الشامل، شأنها في هذا شأن كتاب الموتى عند قدماء المصريين. فإذا حكم على الميت بأنه مذنب عوقب عقابا شديدا. فمن قول إن هذا العقاب أبدي وهو الذي أخذت منه فكرة النار فيما بعد وهناك فكرة أخرى تقول بالتناسخ أي أن الروح تولد مرة بعد مرة لتحيا حياة أسعد من حياتها الأولى أو أشقى منها حسب طهارتها الأولى أو عدم طهارتها، ويتكرر هذا المولد مرة بعد مرة حتى تتطهر الروح من ذنوبها تطهرا تاما فيسمح لها بالدخول في جزائر المنعمين. وهناك قول ثالث يبعث الأمل في قلوب الموتى وخلاصته أن العقاب الذي يلقاه الميت في الجحيم قد ينتهي إذا كفر الإنسان عن ذنبه قبل موته أو كفر عنه أصدقاؤه بعد موته، وبهذه الطريقة نشأت عقيد التطهير وصكوك الغفران؛ ويصف أفلاطون وهو مغضب غضبا لا يكاد يقل عن غضب لوثر بيع هذه الصكوك في أثينة في القرن الرابع قبل الميلاد فيقول: 'يقرع المتنبئون المتسولون أبواب الأغنياء ويدخلون في روعهم أنهم قد وهبوا القدرة على أن يكفروا لهم خطاياهم أو خطايا آبائهم بضروب من التضحية والرقَي. ثم يخرجون من حقائبهم مجموعة ضخمة من الكتب بخط موسيوس أو أرفيوس. يمارسون منها طقوسهم، ويقنعون الأفراد ومدنا بأكملها أن التوبة من الذنوب والتكفير عنها يتمان بتقريب القرابين والقيام بضروب التسلية والاحتفالات التي يشغلون بها ساعات الفراغ، والتي يتقدمون بها إلى الأحياء وإلى الموتى على السواء، وهم يسمون العمل الأخير 'الاحتفالات' طقوسا خفية، ويدعون إنها تنجينا من عذاب النار، فإذا أغفلناها فلا يعلم أحد ماذا يصيبنا من عذاب'. رهبنة.. وعن بدايات الرهبة: 'على أن الأرفية كان فيها بالرغم من هذا اتجاهات مثالية هي التي أدت إلى الفلسفة الأخلاقية والرهبنة في المسيحية. ذلك أن ما كان يعزى إلى آلهة أولمبس من انحلال خلقي واستهتار قد حل محله قانون صارم للسلوك؛ وثُلَ عرش زيوس الجبار شيئا فشيئا وحلت محله شخصية أرفيوس الظريفة بنفس الطريقة التي ثل بها عرش يهوه ليحل محله المسيح فيما بعد. ودخلت في التفكير اليوناني فكرة الخطيئة والضمير والنظرة الثنائية إلى الجسم والروح، التي تقول إن الجسم خبيث وإن الروح مقدس، وصار إخضاع الجسم أهم أغراض الدين كما صار شرطا لخلاص الروح. ولم يكن لطائفة الإخوان الأرفيين نظام ديني أو حياة خاصة بمعزل عن حياة الناس، وكل ما كان يميزهم عن غيرهم ثيابهم البيضاء وامتناعهم عن أكل اللحم، وتقشفهم إلى درجة لم تكن مما يتفق عادة مع الحياة اليونانية، كانوا يمثلون في اليونان إصلاحا كإصلاح المتطهرين من عدة وجوه. وكان لهذه الطائفة أثر بعيد طويل؛ ولعل الفيثاغوريين قد أخذوا منها طعامهم ولباسهم ونظريتهم في تقمص الأرواح. ومما هو جدير بالذكر أن أقدم ما لدينا من الوثائق الأرفية قد وجدت في جنوبي إيطاليا. وكان أفلاطون يعتقد بنظريتها في تعارض الجسم والروح، وبنزعتها التزمتية، وبأملها في الخلود، وفي وسعنا أن نرجع بعض ما في الرواقية من زهد ومن وحدة الله والكون إلى أصل أرفي. الكتابات الأرفية.. ويضيف الكتاب: 'وقد كان في حوزة رجال الأفلاطونية الجديدة بالإسكندرية مجموعة كبيرة من الكتابات الأرفية اتخذوها أساسا للاهوتهم وطقوسهم وتصوفهم. كذلك أثرت فكرة النار والمطهر والجنة، وتعارض الجسم والروح، والابن المقدس الذي قتل ثم ولد من جديد، والعشاء الرباني وهو أكل جسم الإله ودمه وقدسيته، أثرت هذه كلها من قرب أو من بعد في المسيحية التي كانت هي نفسها دينا ذا طقوس ومراسم خفية، فيها الكفارة والأمل والوحدة التصوفية وتحرر الروح، ولا تزال الأفكار والعبادات التي تشتمل عليها الديانة الأرفية منتشرة بيننا في هذه الأيام. العبادات.. وعن الطقوس والعبادات يكمل الكتاب: 'لم تكن الطقوس الدينية اليونانية أقل تنوعا واختلافا من الآلهة التي كانت تحتفل بها وتعظمها: فقد كان للآلهة الأرضية طقوس حزينة يسكن بها غضبها ويتقى شرها، وكان للآلهة الأولمبية طقوس سارة كلها ترحيب بها وثناء عليها. ولم تكن هذه أو تلك تحتاج إلى كهنة يقومون بها. فقد كان الأب يقوم مكان الكاهن في الأسرة، وكان الحاكم الأكبر يقوم مقامه في الدولة. بيد أن الحياة في بلاد اليونان لم تكن حياة دنيوية كما يصفها المؤرخون، بل كان للدين فيها شأن كبير في كل مكان، وكانت كل حكومة ترعى الطقوس الدينية الرسمية وترى أنها لا بد منها للنظام الاجتماعي والاستقرار السياسي. على أنه بينما كان الكهنة في مصر وبلاد الشرق الأدنى يسيطرون على الدولة، كانت الدولة في بلاد اليونان هي التي تسيطر على الكهنة، وكان لها الزعامة في الشؤون الدينية، ولم يكن الكهنة سوى موظفين صغار في الهياكل. كذلك كانت أملاك الكهنة، عقارا كانت أو نقودا أو عبيدا، يراجعها ويدير شؤونها موظفون من قبل الدولة. ولم تكن هناك معاهد لتخريج الكهنة بل كان في استطاعة أي إنسان أن يختار أو يعين كاهنا بلا جلبة أو مشقة إذا كان يعرف المراسم الدينية التي تتطلبها الآلهة، وكان هذا المنصب في كثير من الأحيان يتولاه من يؤدي له أكبر الأثمان. ولم تكن هناك طبقة كهان خاصة، أو هيئه لهم جامعة، ولم يكن بين كهنة أحد المعابد أو إحدى الدول وزملائهم في معبد آخر أو دولة أخرى رابطة ما؛ ولم يكن للدولة دين رسمي، يستمسك به جميع أفرادها أو عقائد ثابتة مقررة'. الهيكل.. وعن الهيكل يتابع الكتاب: 'ولم يكن قوام الدين هو الإقرار بعقائد معينة؛ بل كان قوامه الاشتراك في الطقوس الرسمية، وكان في وسع أي إنسان أن يؤمن بما يشاء من العقائد على شريطة ألا يكفر بآلهة المدينة أو يسبها، وملاك القول أن الدين والدولة كانا شيئا واحدا في بلاد اليونان. أما مكان العبادة فيمكن أن يكون هو موقد الدار، أو موقد البلدية القائم في قاعة المدينة العامة، ويمكن أن يكون شقا في الأرض يسكنه إله أرضي أو هيكلا لإله أولمبي. وكان حرم الهيكل مكانا مقدسا، لا يعتدى عليه، يجتمع فيه العابدون، ويجد فيه اللاجئون مكانا أمينا يحتمون فيه ولو كانوا ممن ارتكبوا أشنع الجرائم. ولم يكن الهيكل مكانا لاجتماع المصلين بل كان بيت الإله، ينصب فيه تمثاله، ويوقد أمامه ضوء لا ينطفئ أبدا وكثيرا ما كان الناس يعتقدون أن الإله هو التمثال نفسه ولذلك كانوا يعنون بغسله، وكسوته، وإحاطته بكثير من ضروب الرعاية، وكانوا أحيانا يؤنبونه إذا أهمل أمرهم، وكانوا يقصون على من يستمع إليهم كيف تصبب التمثال عرقا في بعض الأحايين أو كيف بكى أو أغمض عينيه. وكان يحفظ في سجلات الهيكل تاريخ أعياد الإله والحوادث الهامة في حياة المدينة أو الجماعة التي تعبد الإله صاحب الهيكل، وكان هذا التاريخ أو التواريخ اليونانية والمنبع الذي استمدت منه أولى أشكال الكتابات التاريخية'. وكان الاحتفال يتألف من موكب، وأناشيد، وقربان؛ وأدعية، يضاف إليها في بعض الأحيان وجبة مقدسة؛ وقد يشمل الموكب سحرا، ومقنعات، وجماهير من الممثلين يعملون مجتمعين، ومسرحية تمثيلية. وكان أهم أجزاء الطقوس في معظم الأحيان تحددها العادات المألوفة؛ وكانت كل حركة فيها، وكل كلمة في الترانيم أو الصلوات، مدونة في كتاب محفوظ عند الأسرة أو الدولة مقدس لديها، لا يكاد يتغير فيه لفظ، أو جزء من لفظ، أو نغمة من النغمات خشية ألا يحب الإله هذه البدعة أو ألا يفهمها. فقد تتغير اللهجات الحية ولكن لغة الطقوس تظل على حالها، وقد لا يستطيع المتعبدون على مر الزمان أن يفهموا الألفاظ التي ينطقون بها ولكن النشوة التي يبعثها فيهم قدم العهد كانت تغنيهم عن الفهم. وكثيرا ما كان الاحتفال يبقى بعد أن ينمحي من ذاكرة المحتفلين كل شيء عنه، ولا يبقى فيها حتى سبب هذا الاحتفال أو الباعث عليه. فإذا حدث هذا اخترعت أساطير جديدة تفسر قيامه فتتغير الأسطورة أو العقيدة وتبقى المراسم والطقوس'.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store