
رقمنة القوة: دور الشركات الكبرى في السياسة الدولية
)باحثة في الإعلام)
يناقش الباحث يحيى اليحياوي في كتابه الجديد ' شركات الرقمنة متعددة الجنسيات: عن الرقمنة كأداة جيو-استراتيجية'، (الصادر في مارس 2025)، تحول التوترات الجيوسياسية في عصر الرقمية، تحت تأثير عمالقة التكنولوجيا مثل GAFAM وBATHX.
يبدأ الكتاب بمقدمة للبروفيسور تييري كيرات(مدير البحوث بالمركز الوطني للبحث العلمي بباريس)
يناقش فيها البعد الجديد الذي تكتسبه صناعة الرقمية وتأثيرها على العلاقة بين تركيز السلطة الاقتصادية والسياسة. كما يشير إلى بروز مفاهيم مكافحة الاحتكار واعتبار النظام الرقمي كمنفعة عامة.
مثلما يوضح المؤلف، يحيى اليحياوي، أن الشركات متعددة الجنسيات لا تقتصر في أنشطتها على المشاركة في المفاوضات الدبلوماسية، بل تلعب دورًا نشطًا في تحديد الأجندة السياسية وتشكيل معالمها. ذلك أن التوترات حول السيطرة على البنى التحتية والمحتويات والخوارزميات والمنصات والشبكات الاجتماعية تثير قضايا تتعلق بسيادة الدول والمصالح الاقتصادية لهذه الشركات التي أصبحت تكتسب قوة متزايدة.
يؤكد أيضا أن الدول، في ظل صعود الفاعلين الخاصين في المجال الرقمي، تبدو في حالة تراجع، حيث 'يبدو أن سيادتها الرقمية قد تنازلت عنها للشركات التكنولوجية بالنسبة للأضعف، أو تم تفويضها بالنسبة للأقوى.'
يمثل هذا الكتاب الذي ألفه باحث متخصص في الإعلام، له خبرة أكاديمية وحس ذكي بالمواضيع الدقيقة، مرجعًا أساسيًا لفهم هيمنة عمالقة الرقمية والتوازنات الجديدة للقوى في هذا السياق، مما يساعد في التنقل في مجال الدبلوماسية الإلكترونية،ومن أهم النقاط الرئيسية التي تناولها الكتاب :
-تحول الجيوسياسية: وذلك بالتركيز على كيفية تأثير الشركات الرقمية الكبرى (GAFAM وBATHX) على التوترات الجيوسياسية.
-تناقض السلطة: ويناقش العلاقة بين تركيز السلطة الاقتصادية والسلطة السياسية، وكيف تؤثر الشركات على الأجندة السياسية.
-مفاهيم مكافحة الاحتكار: بإبراز أهمية ظهور مفاهيم مكافحة الاحتكار وفكرة اعتبار النظام الرقمي بوصفه منفعة عامة.
-دور الشركات: تؤدي الشركات متعددة الجنسيات دورًا نشطًا في تشكيل السياسات بدلاً من كونها مجرد وسطاء.
-قضايا السيادة: تتناول القضايا المتعلقة بسيادة الدول، وكيف أنها تبدو في تراجع أمام قوة الشركات التكنولوجية.
يتجلى تأثير الشركات متعددة الجنسيات الرقمية مثل فيسبوك، جوجل، وأمازون على التوترات الجيوسياسية بعدة طرق؛ أولاً، تتحكم هذه الشركات في تدفق المعلومات، مما يؤثر على الرأي العام والسياسة الداخلية، كما حدث في الانتخابات الأمريكية 2016. ثانيًا، تهيمن على الأسواق العالمية، مما يسبب نزاعات تجارية، مثل تلك بين الولايات المتحدة والصين حول هواوي. ثالثًا، تتعرض الدول لهجمات سيبرانية قد ترتبط بمصالح شركات، مما يزيد من التوترات الدبلوماسية. وأخيرًا، تثير سياسات تخزين البيانات وسرية المعلومات صراعات مع الدول التي تسعى للوصول إلى هذه البيانات لأغراض أمنية، مما يعكس تأثير هذه الشركات على العلاقات الدولية.
ولمواجهة نفوذ الشركات متعددة الجنسيات الرقمية، تستخدم الدول عدة استراتيجيات ، ومنها:
· التشريعات الحمائية: سن قوانين خاصة لتنظيم أنشطة الشركات في الأسواق المحلية، مثل قوانين حماية البيانات والمنافسة.
· مكافحة الاحتكار: تنفيذ سياسات مكافحة الاحتكار لتفكيك الهيمنة السوقية، كما فعلت بعض الدول مع شركات مثل جوجل وفيسبوك.
· تعزيز السيادة الرقمية: تطوير بنى تحتية رقمية محلية وتقنيات خاصة لتعزيز السيطرة على البيانات والمعلومات.
التعاون الدولي: تشكيل تحالفات دولية لتنسيق الجهود في مواجهة نفوذ الشركات، مثل التعاون في مجال الأمن السيبراني.
· التثقيف الرقمي: تعزيز الوعي الرقمي بين المواطنين حول تأثير هذه الشركات وطرق حماية الخصوصية.
· الاستثمار في الابتكار: دعم الشركات المحلية الناشئة لتقليل الاعتماد على الشركات الأجنبية وتعزيز الاقتصاد الرقمي الوطني.
تتميز قوانين حماية البيانات باختلافات ملحوظة في نطاق تطبيقها. على سبيل المثال، GDPRفي الاتحاد الأوروبي، ويشمل جميع الشركات التي تتعامل مع بيانات المواطنين الأوروبيين، بغض النظر عن موقعها، بينما CCPAفي كاليفورنيا يقتصر على الشركات المستهدفة للسكان المحليين. كما أن GDPRيحمي جميع أنواع البيانات الشخصية، بما في ذلك الحساسة، بينما PIPEDAفي كندا يركز بشكل أكبر على البيانات التجارية. في مجال حقوق الأفراد، يمنح GDPRحقوقًا شاملة مثل الحق في الوصول والحق في النسيان، بينما تكون حقوق PDPBفي الهند أقل وضوحًا. من ناحية العقوبات، يفرض GDPRغرامات صارمة تصل إلى 4% من الإيرادات العالمية، بينما CCPAيفرض غرامات أقل. وأخيرًا، يتم تطبيق GDPRمن قبل هيئات حماية البيانات في الدول الأعضاء، بينما يشرف المدعي العام في كاليفورنيا على CCPA.
تؤثر الشركات المتعددة الجنسيات الرقمية على الاقتصاد العالمي بشكل كبير من خلال عدة جوانب. أولاً، تسهم في تحفيز النمو الاقتصادي وزيادة الناتج المحلي الإجمالي عن طريق الاستثمارات وخلق فرص العمل، كما تعزز التنافسية في الأسواق، مما يؤدي إلى تحسين جودة الخدمات والأسعار.
ثانياً، تشجع هذه الشركات على الابتكار من خلال استثماراتها في البحث والتطوير، مما يسهم في تطوير منتجات جديدة. كما توسع التجارة الدولية عبر منصات التجارة الإلكترونية، مما يسهل التبادل التجاري بين الدول.
ومع ذلك، تواجه هذه الشركات تحديات ملموسة من بينها هيمنة بعض الشركات على السوق، مما قد يضر بالشركات الصغيرة، وقضايا الخصوصية وحماية البيانات. وفي المجمل، تعزز هذه الشركات الاقتصاد الرقمي، مما يحسن من الكفاءة ويقلل من التكاليف.
في الختام، تمثل الشركات المتعددة الجنسيات الرقمية قوة دافعة للاقتصاد العالمي، حيث تعزز النمو والابتكار، لكنها تتطلب أيضاً معالجة التحديات المتعلقة بالتنافسية وحماية البيانات لضمان تحقيق فوائد مستدامة لجميع الأطراف.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


طنجة 7
منذ ساعة واحدة
- طنجة 7
بسبب مكيفات الهواء.. 30 يونيو يشهد ذروة استعمال الكهرباء في المغرب
أكدت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، اليوم الاثنين، أن المنظومة الكهربائية الوطنية سجلت خلال موجة الحر الأخيرة في 30 يونيو المنصرم أعلى ذروة للقدرة المطلوبة. يعود ذلك إلى استعمال المكيفات الهوائية. وأوضحت الوزيرة، في معرض ردها على سؤال شفوي بمجلس النواب حول 'تمويل السوق الوطنية بمكيفات هواء اقتصادية ماليا وطاقيا'، تقدم به فريق التقدم والاشتراكية، أن هذه الذروة بلغت حوالي 7,9 جيغاواط. هذه الزيادة تناهز 5 في المائة مقارنة مع سنة 2024. لافتة إلى أنه من المتوقع أن يرتفع هذا الضغط على المنظومة الكهربائية خلال الفترة المقبلة. يأتي ذلك بحكم ترقب ارتفاع درجات الحرارة خلال الأيام المقبلة. وأشارت السيدة بنعلي، في هذا الإطار، إلى أنه تم توقيع قرار مشترك في شتنبر 2024 مع وزير الصناعة والتجارة. الهدف من ذلك تحديد مستوى الأداء الطاقي الأدنى والعنونة الطاقية الإلزامية لمكيفات الهواء، لا سيما في المناطق الحضرية. مضيفة أنه تم بموجب القرار تحديد معايير مستوى الأداء الطاقي للمباني، والتي ينبغي تحيينها بشكل منتظم. يأتي ذلك في ظل التغير المناخي المتسارع. وفي ما يتعلق بالمناطق الجبلية والقروية، سجلت أن الوزارة تعمل مع الوكالة المغربية للنجاعة الطاقية من أجل العودة إلى استعمال مواد البناء المحلية والتقليدية. مبرزة أن درجة الحرارة في البنايات النموذجية المستوحاة من الجدار الحجري المحصور تبقى معتدلة بين 15 و25 درجة. حتى في بعض المناطق التي تشهد حرارة مرتفعة. لمتابعة أخبار طنجة7 على منصات التواصل الاجتماعي، يمكنكم الاشتراك على صفحتنا بموقع فيسبوك. أو منصة إنستغرام إضافة لمنصة X وتطبيق نبض


طنجة 7
منذ ساعة واحدة
- طنجة 7
مهني ينتقد القسم الاقتصادي ويرفض الضغط على طاكسي طنجة لفائدة 'بعض السماسرة'!
انتقد سائق سيارة أجرة ونقابي رفض القسم الاقتصادي في ولاية طنجة الإعلان عن قرار الزيادة في التسعيرة الجديدة. واعتبر ذلك محاولة للضغط على المهنيين وإحراجهم لصالح بعض 'السماسرة'. خالد اللغميش اعتبر قرار القسم الاقتصادي والولاية بصفة عامة بعدم الإعلان عن القرار بـ 'الغامض والغريب'. جاء ذلك خلال ندوة صحافية عقدتها تنسيقية سيارات الأجرة، مساء يوم الإثنين 14 يوليوز. خلال هذه الندوة أعلنت الهيئات المشكلة للتنسيقية بأنهم لا يطبقون التسعيرة الجديدة. وأفادوا أنهم لا يدعون المهنيين للعمل بها في ظل عدم الإعلان عنها بشكل رسمي من قبل الولاية. المهنيون بدورهم عبروا عن عدم معرفتهم لأسباب عدم الإعلان. أشاروا إلى احتمال الخوف من الشارع والصحافة وجمعية المستهلكين. لكنهم في الوقت ذاته يرفضون وضعهم في مواجهة مع المواطن. لمتابعة أخبار طنجة7 على منصات التواصل الاجتماعي، يمكنكم الاشتراك على صفحتنا بموقع فيسبوك. أو منصة إنستغرام إضافة لمنصة X وتطبيق نبض


طنجة 7
منذ 11 ساعات
- طنجة 7
ميزانية المغرب.. لماذا تَفاقم العجز إلى أكثر من 24 مليار درهم في شهر يونيو؟
بلغ عجز الميزانية في المغرب 24,8 مليار درهم عند متم شهر يونيو 2025. مقابل عجز قدره 20,4 مليار درهم شهر يونيو من السنة الماضية. وذلك حسب ما أفرزته وضعية تحملات وموارد الخزينة. وقالت الخزينة العامة للمملكة، إن هذا العجز يأخذ في الاعتبار رصيدا إيجابيا بقيمة 4 ملايير درهم من الحسابات الخاصة للخزينة ومرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة. وأضافت أن المداخيل العادية الخام ارتفعت بنسبة 20,6 في المئة عند متم شهر يونيو الماضي. لتبلغ 211,5 مليار درهم. في حين ارتفعت النفقات العادية الصادرة بنسبة 19 في المئة إلى 185,8 مليار درهم. حيث أفرزت بذلك رصيدا عاديا إيجابيا قدره 25,6 مليار درهم. ويُعزى ارتفاع المداخيل العادية إلى ارتفاع الضرائب المباشرة (زائد 29,5 في المئة)، والرسوم الجمركية (زائد 2,5 في المئة)، والضرائب غير المباشرة (زائد 11,8 في المئة)، ورسوم التسجيل والتنبر (زائد 4,9 في المئة)، والإيرادات غير الضريبية (زائد 32,8 في المئة). وفي ما يتعلق بالنفقات الصادرة برسم الميزانية العامة، فقد بلغت من جهتها 274,7 مليار درهم حتى نهاية يونيو 2025. مسجلة ارتفاعا بنسبة 12,5 بالمئة على أساس سنوي. وذلك بسبب ارتفاع نفقات التسيير (زائد 20,2 في المئة)، ونفقات الاستثمار (زائد 10,9 في المئة)، مقرونة بانخفاض أعباء الدين المدرجة في الميزانية (ناقص 3,5 في المئة). وفي ما يتعلق بأعباء فوائد الدين، فقد ارتفعت إلى 23,42 مليار درهم، مسجلة زيادة بنسبة 11,6 في المئة. وذلك نتيجة ارتفاع فوائد الدين الداخلي بنسبة 19,4 في المئة (18,5 مليار درهم). وتراجع فوائد الدين الخارجي بنسبة 10,5 في المئة (4,9 مليار درهم). أما التزامات النفقات، بما فيها تلك غير الخاضعة للتأشيرة المسبقة، فقد وصلت إلى 464,4 مليار درهم. لتمثل معدل التزام إجمالي بنسبة 49 في المئة، ومعدل إصدار على الالتزامات بنسبة 82 في المئة. وفي ما يخص الحسابات الخاصة للخزينة، فقد وصلت الإيرادات إلى 106,8 مليار درهم. بما في ذلك دفعات من الميزانية العامة بقيمة 19,3 مليار درهم. مقابل 16,5 مليار درهم في الفترة نفسها من العام الماضي. وقد بلغت النفقات 103,8 مليار درهم، شملت 3,5 ملايير درهم برسم التسديدات والإعفاءات والاستردادات الضريبية. وبذلك بلغ رصيد مجموع الحسابات الخاصة للخزينة 3 ملايير درهم. من جهتها، بلغت عائدات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة 1,558 مليار درهم (زائد 29,8 في المئة). بينما بلغت النفقات 548 مليون درهم بانخفاض نسبته ناقص 10,9 في المئة. وأخذا بعين الاعتبار حاجة التمويل البالغة 46 مليار درهم وتدفق صافي إيجابي للتمويل الخارجي بقيمة 19,8 مليار درهم. فقد لجأت الخزينة إلى تمويل داخلي بمبلغ 26,1 مليار درهم. لمتابعة أخبار طنجة7 على منصات التواصل الاجتماعي، يمكنكم الاشتراك على صفحتنا بموقع فيسبوك. أو منصة إنستغرام إضافة لمنصة X وتطبيق نبض