logo
أيمن وتار لـ«الشرق الأوسط»: تقديم جزء ثانٍ من «كتالوج» فكرة واردة

أيمن وتار لـ«الشرق الأوسط»: تقديم جزء ثانٍ من «كتالوج» فكرة واردة

الشرق الأوسطمنذ 15 ساعات
حالة من الشجن أثارها المسلسل المصري «كتالوج» الذي تعرضه منصة «نتفليكس»، لتناوله فكرة الفقد؛ حين يفقد الإنسان عزيزاً لديه وترتبك حياته على غرار بطل المسلسل «يوسف» الذي يؤدي دوره محمد فراج؛ إذ تموت زوجته - تجسد دورها ريهام عبد الغفور - بعد رحلة مع المرض؛ لتنقلب حياة طفليهما ويرتبك الزوج في رعاية ولدَيه بعدما كانت الأم تقوم بكل شيء.
وتأتي مقاطع الفيديو التي كانت تقدمها زوجته عن رعاية الأطفال لتنقذه؛ فيجد فيها «الكتالوج» الذي يعينه على فهم ولديه بمساندة شقيقه الذي يؤدي دوره الفنان خالد كمال، وشقيق زوجته الذي يجسده الممثل أحمد عصام. وشارك في بطولة المسلسل تارا عماد، وسماح أنور، وصدقي صخر، ودنيا سامي، وعدد كبير من ضيوف الشرف، وهو من تأليف أيمن وتار، وإخراج وليد الحلفاوي، وإنتاج أحمد الجنايني.
ونال المسلسل منذ بدء عرضه اهتماماً لافتاً عبر مواقع «السوشيال ميديا»؛ إذ عدّه كثير من المستخدمين مسلسلاً مؤثراً مليئاً بالمشاعر الدافئة، في حين رأى نقاد أن العمل لم يسقط في هوة الكآبة، بل أثار شجناً لكل من عاشوا تجربة الفقد، وأشاع الضحك في مواقف عديدة، وقدم رسائل غير مباشرة لأهمية دور الأب في حياة أبنائه، وضرورة تكاتف أفراد العائلة والمدرسة ليواصل الأطفال حياتهم بإيمان وثقة.
المؤلف أيمن وتار كتب المسلسل تأثراً برحيل والدته (حسابه على «فيسبوك»)
وكشف مؤلف المسلسل أيمن وتار عن تجربة حقيقية عاشها وأثرت عليه كثيراً وانتظر طويلاً حتى يستطيع أن يكتبها؛ فقد عاش نفس تجربة الفقد مثلما يقول في حواره لـ«الشرق الأوسط»: «حين تُوفيت والدتي حدث في حياتنا نفس الخلل. كانت تقوم بكل شيء، ثم فجأة مرضت وماتت لتترك لنا صدمة كبيرة. كان أبي يعتقد أن دوره أن يكد ويعمل لنعيش في مستوى جيد، ثم تفاجأ بمسؤوليته الكاملة عن أبنائه. وتُوفي أبي بعدها بسنوات، ولم أجرؤ على كتابة هذه القصة إلا بعد سنوات طويلة من رحيل أمي».
ويوضح: «أعتقد أنني لو كتبتها مباشرة بعد وفاتها لكانت الحكاية أكثر حزناً وكآبة، لكن حينما ابتعدت عن الصورة أدركت ما أردت أن أوصله للناس من خلال المسلسل، وهو أن الموت مشوار لا بد أننا جميعاً سنذهب إليه؛ لذا علينا أن نتقبل نقصان شخص من حياتنا».
واستعان المسلسل بضيوف شرف عاشوا تجربة الفقد. وعبّر الفنان محمد محمود عبد العزيز عن إحساسه بفقد والده، وحول هذا الاختيار يقول وتار: «كنت قد كتبت في السيناريو الاستعانة بضيوف شرف ليحكوا عن تجربة الفقد، لكن الاستعانة بالفنان محمد محمود عبد العزيز كانت فكرة المنتج أحمد الجنايني، وقد تواصلت مع محمد قبل التصوير، ففتح قلبه وعبّر عن إحساسه، وطلبت أن يرسل لي ما يودّ أن يقوله، وقمت فقط بإعادة صياغة لكلامه، وكان مؤثراً للغاية؛ لأنه يعبر عن مشاعره الحقيقية».
وعُرض المسلسل في 8 حلقات فقط عبر دراما متماسكة، كانت أقرب لبطولة جماعية. ويرى المؤلف أن تركيز القصة في 8 حلقات جعل المتفرج يشعر بأنه لا يوجد مشهد لا لزوم له، وجعل كل ممثل بطلاً في خطه الدرامي، ولا يدور في فلك البطل، ولعل ما أعجبه شخصياً أن المشاهدين تعلقوا بشخصيات عديدة مثل «أم هاشم» التي أدت دورها سماح أنور، و«العم حنفي» الذي أداه خالد كمال، و«جورج» الذي أداه بيومي فؤاد، مؤكداً أن الشخصيات لم تكن ستظهر على هذا النحو لولا إتقان المخرج وليد الحلفاوي والممثلين جميعاً.
وحول عمله لأول مرة مع المخرج وليد الحلفاوي يقول وتار: «هو مخرج لديه ضمير مُرعب، فأي كاتب يتمنى أن ينجح المخرج في توصيل الإحساس الموجود في السيناريو، لكن وليد ضاعف هذا الإحساس».
ويرى وتار أن «النجاح يقاس بقوة تأثير العمل»، مؤكداً أن «أغلب الجمهور كان يعلن تأثره بالمسلسل، وهذا أكثر ما يهمنا كصنّاع، وقد لمسناه بشكل صادق من خلال رسائلهم وتعليقاتهم».
ولقطة مع ولدَيه بالمسلسل (نتفليكس)
لم يكتفِ الجمهور بـ8 حلقات من العمل، بل طالب بعضهم بجزء ثانٍ منه لمعرفة مصير أبطاله، ويكشف المؤلف أنه كتب قصة بها مساحة للاستمرار منذ البداية، وأن الشخصيات لها حكاية لم تكتمل، والمسلسل من المشاريع القليلة التي رأى لها استمرارية، لكن لا يعلم هل سيتم إنتاجه أو لا، وفق قوله، وإن كان أعلن أن جزءاً ثانياً منه أمر وارد.
ورغم كونه ممثلاً اشتهر بأدواره الكوميدية، فإن أيمن وتار لم يتطلع للمشاركة في المسلسل، مؤكداً: «لم أعد أحب السير وراء فكرة التمثيل»، مضيفاً: «أحب التأليف أكثر، وحتى لو ظهرت في عمل كتبته يكون ذلك إنقاذاً لموقف، مثل أن الدور صغير جداً وقد يرفضه بعض الممثلين، لكنني أوافق عليه، وقد لا يكون بمقابل مادي، لكن بطبيعتي أحب الاستيقاظ مبكراً والذهاب لمكتبي للعمل مع نفسي، وفي التمثيل لا أشعر أنني سيد قراري، بل في حالة انتظار لا تنتهي».
وكتب أيمن وتار أفلاماً عدة، من بينها: «نادي الرجال السري»، و«البعض لا يذهب للمأذون مرتين»، و«الكويسين»، و«الأبلة طم طم»، و«فضل ونعمة»، في حين يجري حالياً تصوير فيلمين من تأليفه، هما «إن غاب القط»، بطولة آسر ياسين وأسماء جلال، وإخراج سارة نوح، ويؤدي أحد الأدوار به كممثل، والثاني «صقر وكناريا» لمحمد إمام وشيكو وياسمين رئيس، وإخراج حسين المنباوي.
ويلفت وتار إلى أن لديه أعمالاً لم ينتهِ من كتابتها، لكنه اعتاد ألا يعلن عنها سوى بعد انتهائه منها تماماً وتسليمها كاملة، مشيراً إلى أن كتابة السيناريو بدأت لديه كموهبة، لكنه اتجه لتنميتها بالاطلاع ومذاكرة أي كتاب يصدر عن السيناريو بأي لغة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

«علي كلاي».. أحمد العوضي يتحدث عن تفاصيل مسلسله الرمضاني الجديد
«علي كلاي».. أحمد العوضي يتحدث عن تفاصيل مسلسله الرمضاني الجديد

عكاظ

timeمنذ 5 ساعات

  • عكاظ

«علي كلاي».. أحمد العوضي يتحدث عن تفاصيل مسلسله الرمضاني الجديد

كشف الفنان المصري أحمد العوضي، التفاصيل الأولى لفكرة مسلسله الجديد الذي يحمل عنوان «علي كلاي»، الذي سينافس به في موسم رمضان 2026، مؤكداً أن العمل سيدور في إطار قصة شعبية. وقال أحمد العوضي خلال بث مباشر عبر حسابه الشخصي على منصة «فيسبوك»، إن مسلسله الرمضاني الجديد سيكون مختلفاً عما قدمه من قبل في أعماله الدرامية، متوقعاً أن يكون «رقم واحد» في الموسم، لأن «تيمة» العمل ستدور حول إطار بطل شعبي. وتابع العوضي: «هعملكم مسلسل هيبقى رقم واحد، وآه البطل هيطلع جدع وبيضرب الناس كلها وابن بلد، ما هو اسمه البطل ليه؟ عشان يبقى كويس وتبقى عايز تقلده وتخلي أخوك الصغير زيه اطلعه وحش ليه؟ ما أطلع حلو». ويقوم صناع العمل حالياً بوضع اللمسات النهائية على المسلسل تمهيداً لبدء التصوير خلال الفترة القادمة، والمسلسل سيكون من تأليف محمود حمدان وإخراج محمد عبدالسلام. يذكر أن أحمد العوضي نافس في موسم رمضان 2025 بمسلسل «فهد البطل» الذي شارك فيه كل من: أحمد عبدالعزيز، ميرنا نورالدين، عصام السقا، لوسي، كارولين عزمي، عايدة رياض، صفاء الطوخي، حجاج عبدالعظيم، محمود البزاوي، يارا السكري، صفوة، وهو من تأليف محمود حمدان، وإخراج محمد عبدالسلام. أخبار ذات صلة

"فات الميعاد".. خلف كل قصة حب.. علاقة فاشلة
"فات الميعاد".. خلف كل قصة حب.. علاقة فاشلة

الشرق السعودية

timeمنذ 8 ساعات

  • الشرق السعودية

"فات الميعاد".. خلف كل قصة حب.. علاقة فاشلة

أثار مسلسل "فات الميعاد" ردود فعل واسعة خلال عرضه، وقبل وعقب هذا العرض، معظمها يتعلق بأداء بعض الممثلين، خاصة أحمد مجدي وسلوى محمد علي وأحمد صفوت، وبعض المشاهد الدرامية المؤثرة، وبعضها يشيد بالإخراج (سعد هنداوي) والتصوير (زكي عارف) والتأليف (إشراف محمد فريد) والموسيقى (عزيز الشافعي). من حسن حظ العمل أنه لم يعرض في شهر رمضان، رغم أنه مسلسل "رمضاني"، سواء من ناحية قالبه المكون من 30 حلقة، وهو قالب قديم يقل استخدامه بمرور الوقت وصار مرتبطاً بشهر رمضان أكثر من غيره، أو من ناحية المضمون الموجه بالأساس للعائلة المتوسطة، والذي يركز على العلاقات الزوجية والأنماط الشخصية العائلية بأنواعها. لقد شوهد المسلسل ونال من الدعاية وردود الفعل ما لا يتاح لأي مسلسل رمضاني، بسبب التزاحم والتنافس الشرس الذي يحدث في دراما رمضان بين عشرات الأعمال، ولا بد أنه درس للمنصات والموزعين والمعلنين الذين يتكالبون على العرض في رمضان، ناسين أن السنة 12 شهراً وأن المشاهدين هم أنفسهم وأن توقيت العرض المناسب قد يكون الابتعاد عن توقيتات الآخرين. تشابهات وتشابكات يبدو "فات الميعاد" قادماً من دراما رمضان، ومسلسلات التسعينيات، بسبب قالبه "الثلاثيني" ومضمونه العائلي متشعب الحكايات، ولكنه يحمل داخله أيضاً قالب المسلسل القصير ذا الحكاية الواحدة والشخصيات المحدودة. وفكرة العمل وحكاياته تتناص وتتقاطع وتتكامل مع مسلسلات وحكايات مشابهة، تستعرض العلاقات بين الجنسين وتركز على أنماط الرجال والنساء داخل الشرائح المختلفة للطبقة الوسطى المصرية، من الحارة الشعبية التقليدية وحتى المجمعات السكانية (الكومباوندات) على أطراف القاهرة التي تتوسع باستمرار. وتركز معظم هذه الحكايات الحديثة على إعادة النظر في مفهوم "الرجولة"، ووضع كل من الرجل والمرأة داخل الأسرة النووية (الأب والأم والأطفال) ثم العائلة والمجتمع والأمة بشكل عام. تدرك هذه الأعمال، بوعي أو غير وعي، بوجهة نظر ليبرالية أو محافظة، تقدمية أو رجعية، أن الأبوية هي المشكلة، أو ربما الحل، وتسعى بدأب للإسهام في المناقشة الواسعة حول مستقبل هذه الأبوية المهددة بالانهيار، سياسياً وإجتماعياً، وبالانهيار العصبي، درامياً. تحدد معظم الشخصيات في "فات الميعاد" بوظيفتها العائلية، باستثناء قليل من الشخصيات التكميلية كموظفين أو مسئولين أو خارجين على القانون، وإن كان يحسب له أنه يحدد المهن التي تعمل بها الشخصيات ويجعل تفاصيلها جزءاً عضوياً من الشخصيات والدراما، أحياناً. وهذه المهن تحتاج إلى نظرة مقربة، سأقوم بها لاحقاً. قصة حب معنفة الشخصيتان المحوريتان هنا هما مسعد (أحمد مجدي) بسمة (أسماء أبو اليزيد)، اللذين تنهار حياتهما الزوجية عقب سلسلة من الخلافات الناجمة عن عنف مسعد البدني واللفظي وارتباطه المرضي بأمه عبلة (سلوى محمد علي). يحيلنا اسم العمل إلى أغنية أم كلثوم الشهيرة، وتؤكد مقدمة المسلسل التي تحتوي على بعض مقاطع هذه الأغنية على هذا الربط: فات الميعاد وبقينا بعاد.. تفيد بإيه يا ندم وتعمل ايه يا عتاب.. بيني وبينك هجر وغدر وجرح بقلبي داريته.. بيني وبينك ليل وفراق وطريق انت اللي بديته". الأغنية تتحدث بلسان المرأة المكلومة في حبها، التي تعرضت للظلم والقهر طويلاً، ولكنها الآن ترفض العودة للحبيب بعد فوات الأوان. وبالفعل تعبر بسمة عن هذا الموقف عبر معظم أحداث المسلسل، أو على الأقل حتى نصفه الأول، حين تلقي بقصة زواجها من مسعد وراء ظهرها وتتزوج رئيسها في العمل، الطيب الشهم، الثري، النقيض التام لمسعد العنيف اللئيم والفقير. النصف الثاني من العمل يغادر جو أغنية "فات الميعاد" ليقترب أكثر من فيلم "موعد على العشاء" ومسلسل "قلبي ومفتاحه" اللذين يتحدثان عن زوج سابق يصر على استعادة طليقته بشتى الطرق، ليس حباً فيها، ولكن مداواةً لكبريائه وذكورته المجروحة. ينتقل "فات الميعاد" من وجهة نظر المرأة الضحية ليتابع مأساة مسعد الذي قتلته الرجولة (كما يقول عنوان فيلم الجزائري مرزاق علواش الشهير "عمر قتلته الرجولة"). ولكن هذا التركيز على رحلة مسعد إلى الجحيم، بدلاً من رحلة بسمة إلى الخروج من الجحيم، يعود جزئياً إلى السيناريو الذي يهتم بتحولات مسعد أكثر من بسمة، ولكنه يعود بشكل أساسي أيضاً إلى الإخراج والممثلين، وبشكل أكثر تحديداً إلى ضعف حضور أسماء أبو اليزيد في مقابل الحضور الطاغي لأحمد مجدي. تمثيل ولا تمثيل يؤكد "فات الميعاد"، إيجاباً وسلباً، أهمية عنصر التمثيل، خاصة في هذا النوع من الأعمال التي تعتمد على الحوار وصراع الشخصيات والطبائع. والمقارنة بين بعض الممثلين داخل العمل تبين الفرق، فرغم أن مساحة شخصية بسمة لا تقل عن مساحة مسعد إلا أنه يكاد يكون مستحيلاً أن يتذكر المرء مشهداً واحداً مميزاً لأسماء أبو اليزيد طوال حلقات المسلسل. أسماء ممثلة جيدة ولديها وجه مصري إفريقي مميز، ولكنها في الفترة الأخيرة تمثل بدون روح. تظهر أسماء هنا بوجه خاوي من التعبير وصوت "مونوتون" فاتر لا يعلو ولا يهبط، و عصب، Nerve، منخفض حتى في أكثر المشاهد سخونة وانفعالاً. ومن المدهش أن دور بسمة يحمل إمكانيات تحلم بها أي ممثلة، وسبق له أن صنع شخصيات لا تنسى، من فاتن حمامة في "أريد حلاً" و"لا عزاء للسيدات"، إلى سعاد حسني في "موعد على العشاء" إلى منى زكي في "احكي يا شهر زاد" و"تحت الوصاية" ونيللي كريم في "فاتن أمل حربي". ومن المفارقات أن صناع "فات الميعاد" يضعون صور سعاد حسني في كل بيت تسكنه بسمة، ربما تحية للنجمة الراحلة، أو للربط بينها وأبو اليزيد، ولكن الحقيقة أن المسافة شاسعة بين أداءها وأداء تلك الممثلات. وقد أضاعت بالفعل فرصة عمرها في دور يصعب أن تحصل على مثله مرة أخرى، سواء من ناحية التحولات التي تمر بها الشخصية والفترة العمرية الطويلة التي تقترب من 10 سنوات، بداية من كونها عروس جديدة تحب زوجها، وحملها بأول طفلة لها، وصولاً إلى المواجهات الدامية معه، عقب طلاقها وزواجها مرة أخرى، وحروب المحاكم من الخلع وحتى الحصول على حضانة الطفلة. على العكس من أسماء أبو اليزيد يستغل أحمد مجدي دور مسعد ليصنع نقلة في مسيرته الفنية، ينتقل بها من الشخصيات أحادية البعد إلى شخصية شديدة التركيب والتعقيد، من الواضح أنه بذل مجهوداً هائلاً في إعدادها وتنفيذها. وبشكل مماثل أدركت سلوى محمد علي أن شخصية الأم عبلة تحمل فرصة وإمكانية كبيرة لتغيير جلدها كممثلة، أو بمعنى آخر، لتقديم شخصية من جلد ولحم ودم وعظم، تكاد تنبض بالحياة وتنفصل عن صاحبتها. خطوط متوازية بالتوازي والتضاد بين مسعد وبسمة هناك علاقة معتصم، أحمد صفوت، بزوجته سارة، ولاء الشريف، على النقيض من مسعد فإن معتصم هادئ، عاقل، محب، بينما زوجته لا يعجبها شئ، وتقابل أي محاولة منه لإسعادها بجفاء غير مبرر. ولكن مثل أحمد مجدي يبذل أحمد صفوت جهداً كبيراً لتغيير جلده كممثل، حوصر كثيراً في دور الشرير، وينجح في بث الروح والجاذبية في الشخصية. ومثل أسماء أبو اليزيد، بل أسوأ بكثير، فإن ولاء الشريف تمثل بلا روح ولا فهم لطبيعة الشخصية، بالإضافة إلى كونها ممثلة محدودة الإمكانيات بشكل مروع. يعتمد "فات الميعاد"، بحكم طبيعته، على عنصر التمثيل بشكل رئيس، وبالفعل يتحدد مستوى المشاهد وتأثيرها بناء على كتابة الشخصيات وحتى أداء الممثلين لها في كل مشهد. وبجانب أحمد مجدي وسلوى محمد علي وأحمد صفوت هناك شخصيات مكتوبة جيداً وحظيت بممثلين جيدين يؤدونها مثل شخصية منعم، شقيق مسعد، التي يؤديها محمد علي رزق بطبيعية وبساطة ملفتة، رزق أدى شخصية الأخ الوغد في مسلسل "ظلم المصطبة" في رمضان الماضي، ورغم التشابهات بين الدورين لكنه استطاع إكساب كل منهما تفاصيل و"لزمات" ولهجة ولغة جسد مختلفين. الأمر نفسه ينطبق على دور زوجة منعم، محاسن، الذي تؤديه فدوى عابد بتلقائية شعبية محببة، بالرغم من أن الكتابة كان يمكن أن تعطيها اهتماماً أكبر نظراً لخصوصية ولا نمطية هذه الشخصية. وبالمقابل هناك شخصيات نمطية عديدة في "فات الميعاد"، بعضها مسطح وأحادي البعد بشكل ملفت، مثل شخصيات أشقاء بسمة، بحكاياتهم الفرعية الباهتة والزائدة والتي يبدو وكأن لا هدف لها سوى تعبئة الـ30 حلقة. مطبات إيقاعية بالرغم من أن "فات الميعاد" نجا من تدافع وعجلة دراما رمضان، لكن من الواضح أنه لم ينل كفايته من المراجعة وإعادة الكتابة. وسأضرب مثلاً بسيطاً على طريقة الكتابة السائدة: يفترض أنه بعد الانتهاء تماماً من كتابة كل الحلقات والاتفاق عليها بشكل مبدئي، يعاد النظر فيها من جديد لتلافي الأخطاء والثغرات وربط الأحداث وتحديد الشخصيات بشكل أفضل وفوق ذلك ضبط الايقاع الكلي للعمل. لا يبدو أن ذلك حدث هنا، ولو حدث، فكيف فات صناع العمل أن يسمحوا بكثير من الحشو في النصف الثاني من العمل، بينما كان لديهم فرصة لكتابة حلقة أولى عن قصة حب وزواج مسعد وبسمة وسعادتهما الأولى، والمقدمات الأولى للمشاكل، ما يمهد لنا بعد ذلك فهم تعلق مسعد المرضي ببسمة، حتى بعد زواجه بامرأة أخرى لا تقل عنها أنوثة، كما يبرر لنا شفقة بسمة عليه ودفاعها عنه، رغم العنف والجرائم والأفعال المدمرة التي يرتكبها طوال الوقت. هذه العلاقة "التوكسيك"، حسب تعبيرات شباب هذه الأيام، كان يمكن أن تحتمل المزيد من التعميق والكثافة، خاصة وأنها محور العمل و"ثيمته" الأساسية، فيما كان يمكن استبعاد أو اختصار الكثير من العلاقات والمشاهد الفائضة في النصف الثاني من السيناريو.. على الأقل تلك المشاهد التقليدية للطرق على الأبواب وسؤال من بالداخل عدة مرات عن هوية الطارق ثم الذهاب لفتح الباب وإلقاء السلام ودخول الضيف ودعوته لشرب الشاي وفي النهاية يدور الحوار حول شئ لا يؤخر ولا يقدم في الدراما، أو قيام الشخصيات بإعادة حكي ما شاهدناه بالفعل في مشاهد سابقة، أو تكرار الشجارات نفسها.. إلى آخر هذا الحشو الذي عاشت عليه دراما الـ30 حلقة لعقود! القلق الطبقي قد يكون المحرك الأول لصنع "فات الميعاد" هو حكاية مسعد وبسمة، ولكنه في الكتابة اقترب من نوعية مسلسلات شجرة العائلة، أو بانوراما العلاقات بين الأفراد والعائلات، التي اشتهرت بها المسلسلات الأميركية في سبعينيات القرن الماضي بأعمال مثل Dallas و Knots Landing وانتقلت إلى الدراما المصرية على يد أسامة أنور عكاشة ومحمد جلال عبد القوي وغيرهما، وهو نوع يمكن أن يمتد إلى ما لا نهاية، وبعض الأعمال الأجنبية تعد حلقاتها بالمئات. في الحقيقة، مع نهاية "فات الميعاد" وبقاء الكثير من الخيوط مفتوحة، يمكن بمنتهى البساطة عمل جزء ثانٍ وربما ثالث ورابع منه، إذا رغب صناعه في ذلك وكان لديهم ما يقدمونه. حول قصة مسعد وبسمة التي تحتل قلب العمل هناك قصص عائلتيهما، مضافاً إليها عائلة صاحب المطبعة التي تعمل بها بسمة وأخوها، وتتداخل العائلات الثلاثة بوتيرة متسارعة ومفاجئة في النصف الثاني مع زواج بسمة من معتصم وزواج أخوها – السري ثم العلني- من أخت معتصم. وهذا التحول تحديداً يعطي للمسلسل بعداً طبقياً ملحوظاً: نحن أمام ثلاث شرائح من الطبقة الوسطى، أعلاها عائلة معتصم، وأدناها عائلة مسعد، وفي المنتصف عائلة بسمة. مسعد وأخوه منعم لم يكملا تعليمهما، ووالدهما كان صاحب ورشة جلود ميسور الحال، استطاع أن يبني للأسرة منزلاً في حي شعبي. أما عائلة بسمة فمن المتعلمين الأكثر انفتاحا وتحرراً، والدها معلم لغة عربية، وأخوها محاسب وأختها مدربة تربية رياضية والأصغر ابن عصر الكمبيوتر والتطبيقات الحديثة. تسكن أسرة بسمة في شقة مؤجرة، على عكس عائلة مسعد، ورغم أن المستوى الاقتصادي متقارب، لكن عائلة بسمة تعتبر أرقى بحكم التعليم ونمط المعيشة، كما أنهم قادرون على التحرك طبقياً بشكل أسهل من عائلة مسعد التي تصعد عن طريق أعمال مشكوك في صحتها قانونياً وأخلاقياً. أسرة معتصم أكثر ثراءً واستقامة أخلاقية (على الأقل معتصم وأبوه) وهم يملكون مطبعة كبيرة (مهنة تجمع بين الثقافة والبيزنس)، ولكنهم لا يعدمون وجود صراعات داخلية على الميراث، بسبب الأخت الطماعة وزوجها الخائن للأمانة، بالمناسبة يؤدي عماد إسماعيل هذه الشخصية الوضيعة ببراعة وحضور، على عكس شخصيتي الأختين، ما يبين مرة أخرى أن صناع العمل يهتمون بشخصيات الرجال أكثر من النساء، سواء في الكتابة أو توظيف الممثلين! خلف هذه العلاقات المتشابكة بين العائلات الثلاث يسري قلق طبقي مخيف، يهدد كل العلاقات، وبقليل من التدقيق يتبين أنه المحرك الرئيس لمعظم الصراعات وسلوك الشخصيات وفشل العلاقات بينهم. في الحقيقة يبدأ المسلسل حرفياً بمحاولات بسمة لجمع المال اللازم للإنتقال إلى شقة مستقلة بعيداً عن هيمنة وتدخلات حماتها، بينما مسعد الذي يشعر بالنقص المزمن، والضعف تجاه أمه، يخرب هذه المحاولة بقصد ودون قصد. وينتهي المسلسل، حرفياً أيضاً، باستقرار بسمة في بيتها وطبقتها الجديدة، وبعطف بسمة ومعتصم على مسعد من خلال مساعدته على تأسيس مشروعه الخاص. هذا التسكين المؤقت للقلق الطبقي لا يبدو أنه قابل للاستمرار طويلاً.. ذلك أن هاجس الفقر والرغبة في الصعود وتصادم المصالح والطبائع لم تزل مخيمة على المشهد الختامي، مهددة بالانفجار من جديد. ورغم أن المسلسل بدأ من قصة حب يفشل في منتصف الطريق، فإن كل قصص الحب والزواج الأخرى في المسلسل تبدو محكومة بالاعدام أو التمزق تدريجياً بنفس الدرجة.. حتى أنه يكاد لا يوجد مشهد حب صادق واحد على مدار الحلقات الثلاثين! * ناقد فني

«يعبر الزمن على دراجة»... قصص «فوق جناح الخيال»
«يعبر الزمن على دراجة»... قصص «فوق جناح الخيال»

الشرق الأوسط

timeمنذ 8 ساعات

  • الشرق الأوسط

«يعبر الزمن على دراجة»... قصص «فوق جناح الخيال»

يبدو الخيال المجنح المتحرر من أسر المنطق وقيود الواقع بطلاً فاعلاً في المجموعة القصصية «يعبر الزمن على دراجة»، الصادرة أخيراً عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة للكاتب والروائي المصري حسين منصور، الذي يكتب نصوصه منحازاً للضعف الإنساني وبحث البشر عن لحظة حقيقية من الخلاص وسط واقع مخيف يدعو للتشاؤم والرعب والرؤى الكابوسية. يوقظ منصور ما يمكن وصفه بـ«الكتابة النائمة»، التي تسير داخل اللاوعي منتجة رؤى حالمة تُترجم في شكل فقرات تتأرجح بين الأحلام والمخاوف، واللافت هنا قدرة الكاتب على رسم الخيال في هيئة كلمات حية لا يمكن تغييرها لأنها في موضعها تماماً كصورة متكاملة يصعب استبعاد أي عنصر منها. تحولات مخيفة تصيب الشخصيات عبر قصص المجموعة، فقد يتحول المسافرون على متن طائرة إلى دمى قاتلة، لكن الراوي يستطيع أن يروضها بحنكة، وربما يصبح السرير ميداناً فسيحاً لا تبلغ نهايته مهما سرت فيه، ولا تندهش إذا وجدت أباً مثقلاً بالأعباء يدرك أنه في الحقيقة مجرد شبح يطل على الواقع بعد رحيله عنه بسنوات، بينما المرأة التي بدت عاشقة في البداية تتحول إلى طائر أسود عملاق ينقر رأس من كان سيقع في غرامها قبل قليل. في قصة «رأيت ما لا ترون»، نقرأ: «على رصيف المقهى، جلس يدفئ يديه بكوب من الشاي. ودّ للحظة أن يشعر ببراءته فخلع ملابسه ووقف وسط الشارع. غسله المطر الغزير ورسمت أضواء السيارات على جسمه قوس قزح. شعر ساعتها بنشوة غامرة، فمد ذراعيه ومال برأسه ناظراً إلى الأعلى فرأى الكون فسيحاً وشعر بنفسه حراً فرفرف بذراعيه طائراً نحو السماء. شيئاً فشيئاً، تخلص من أضواء السيارات على جسمه وبعد انحسار المطر عاد إلى رصيف المقهى وملابسه التي بللها الماء فارتداها وهام في الشوارع، يحدث الناس عن عالم الأرواح عن النور عن الرحمة». وفي قصة «يعبر الزمن على دراجة»، نقرأ: «لم يكن أبي يراجعني في حلم قصصته أو حكاية حكيتها مهما كانت غريبة، فلا يسألني عن الرجل الذي نبتت له أجنحة وطار حتى ارتفع إلى مئذنة الجامع... كيف طار؟ ولم يكن يكذبني في حكاية الذئب الذي قابلني، وأنا عائد من المدرسة فقذفته بطوبة أصابت عينه فأسرع إلى أمه يبكي كجرو صغير. ولا يستفسر كيف ركبت على ظهر الحوت، وطاف بي في البحر وفرجني على كل شيء فيه، الأسماك الملونة والقروش والشعاب المرجانية التي نراها في كتاب العلوم. ولم يكن أبي يستغرب حكاياتي عن الجنيات والعفاريت التي أراها في الظلام، فلا أخاف منها، بل كان يستحثني على الاستمرار في الحكي بسؤاله: وماذا بعد؟».

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store