
تهريب النفط الإيراني تحت ستار عراقي يقلق بغداد من عقوبات أميركا
العراق
مصدر قلق كبير للسلطات في بغداد من تداعيات العقوبات الأميركية، لا سيّما بعدما أعلنت واشنطن في أكثر من مناسبة اتخاذ إجراءات لكبح "أسطول الظل" الذي تتعامل معه طهران.
وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية، الخميس الماضي، فرض عقوبات على شبكة أعمال عراقية قالت إنّها تتولى عملية تهريب النفط الإيراني تحت ستار قانوني عراقي، ويدير الشبكة رجل الأعمال العراقي سليم أحمد سعيد، وهو إجراء يأتي ضمن مجموعة إجراءات كانت قد أعلنت عنها واشنطن، في إطار حزمة معاقبة المتعاملين مع طهران في بيع وشحن النفط الإيراني عبر شركاء محليين وأجانب.
وذكر وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، في بيان رسمي، أنه "تواصل إيران الاعتماد على شبكة غامضة من السفن وشركات الشحن والوسطاء لتسهيل مبيعاتها النفطية، وتمويل أنشطتها المزعزعة للاستقرار... شبكة الشركات التي يديرها رجل الأعمال العراقي سليم أحمد سعيد تشتري وتشحن نفطاً إيرانياً بمليارات الدولارات مقنعاً أو ممزوجاً بالنفط العراقي منذ عام 2020 على الأقل"، مضيفاً أن "وزارة الخزانة ستواصل استهداف مصادر دخل طهران وتكثيف الضغوط الاقتصادية لتعطيل وصول النظام إلى الموارد المالية التي تغذي أنشطته المزعزعة للاستقرار".
وفي مارس/ آذار الماضي، قال وزير النفط العراقي حيان عبد الغني إنّ ناقلات نفط إيرانية احتجزتها القوات الأميركية في الخليج كانت تستخدم وثائق عراقية مزوّرة، مضيفاً في تصريح صحافي: "وصلت إلينا بعض الاستفسارات الشفهية حول ناقلات نفط جرى احتجازها في الخليج من القوات البحرية الأميركية، وكانت تحمل قوائم شحن عراقية"، وأكد أنه "لم ترد أي رسائل رسمية مكتوبة بهذا الشأن... واتضح أن هذه الناقلات تابعة لإيران وكانت تستخدم وثائق عراقية مزورة، وقد أوضحنا ذلك للجهات المعنية بكل شفافية، وهم تأكدوا من صحة ما أبلغناهم به"، ورغم حدة التعليق الذي لم يسبق أن صدر عن مسؤول عراقي، إلّا أن وزارة النفط الإيرانية لم تصدر تعليقاً.
وفي فبراير/ شباط الماضي فرضت أميركا عقوبات على أكثر من 30 فرداً وسفينة مرتبطة بإيران، بما في ذلك رئيس شركة النفط الوطنية الإيرانية حميد بوورد، في السياق ذاته. وتتعامل إيران مع العراق باعتباره حليفاً اقتصادياً استراتيجياً يمكنه المساهمة في التخفيف من حدة العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من الولايات المتحدة التي تسعى إلى فرض سياسة "أقصى الضغوط" على إيران، وهي السياسة التي اتبعتها واشنطن خلال الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب (2017 ـ 2021)، بهدف عزل طهران عن الاقتصاد العالمي، وتقليص عائدات صادراتها النفطية للحدّ من قدرتها على تطوير سلاح نووي.
وسبق أن أفادت تقارير اقتصادية وسياسية بأنّ شبكة معقدة لتهريب الوقود قد ازدهرت في العراق خلال السنوات القليلة الماضية، عبر استخدام وثائق مزورة وأساليب أخرى، وأن معظم هذه الشبكات تدر على إيران ووكلائها أكثر من مليار دولار سنوياً، وتساعدها على اجتياز الأزمات الاقتصادية بسبب العقوبات، وضمنها شبكات نقل وسفن إيرانية تستخدم أوراقاً عراقية وتهرّب النفط الإيراني باعتباره عراقياً.
طاقة
التحديثات الحية
العراق يوسّع عمليات الحفر لتعويض تراجع إنتاج الآبار النفطية
في السياق، قال السياسي المقرب من الحكومة العراقية نبيل العزاوي إنّ "واشنطن لا تريد أن يتحول العراق لفضاء اقتصادي من أجل إفشال العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، كما لا ترغب بأي التفاف حول تلك العقوبات"، موضحاً، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الشركة والشخص العراقي المُعاقب أخيراً، قد حاول الالتفاف على العقوبات، وخلال الفترات المقبلة قد نشهد شمول أشخاص آخرين، وهذا سيؤثر على سمعة العراق، خصوصاً أن بلاد الرافدين تسعى حالياً إلى تأسيس حالة تعافٍ اقتصادي وسياسي وأمني".
من جهته، أشار الخبير في الشؤون الاستراتيجية علي ناصر إلى أن "العلاقات الثنائية بين العراق وإيران تشوبها الكثير من المشاكل، وهي مشخصة من الإدارة الأميركية، وهي تواجه هذه المشاكل عبر العقوبات بملفات النفط وتهريبه عبر النواقل المتعددة، سواء مزجه مع النفط العراقي أو أوراق مزورة عبر ناقلات النفط التي تحمل الأوراق الثبوتية العراقية، بتصدير وأسعار أقل من منظمة أوبك، وأبرز الدول التي يصدر لها الصين"، مضيفاً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الداخل العراقي يعاني هو الآخر من تهريب النفط بسبب المافيات والتجار المدعومين من أحزاب وكيانات سياسية معروفة".
أما أستاذ الاقتصاد الدولي نوار السعدي، فقد لفت إلى أن "معاقبة أسماء عراقية بسبب التعامل مع إيران واستخدام الأوراق العراقية الرسمية لتهريب وبيع النفط الإيراني سيؤدي في النهاية إلى معاقبة شركات عراقية رسمية، لأنها لا تسيطر على أوراقها ومؤسّساتها، وهو تطور بالغ الخطورة، ويكشف عن هشاشة الرقابة على الثروة الوطنية العراقية، وضعف في السيادة الاقتصادية للدولة"، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن "الخطورة تتعلق باستخدام البنية التحتية العراقية، بما فيها الموانئ وشبكات التصدير، أداةً لخدمة مصالح دول أخرى، على حساب سمعة العراق الدولية، واستقلالية قراره الاقتصادي، ومصداقية صادراته".
وكانت واشنطن قد عاقبت عدداً من المصارف العراقية، إضافة إلى عدد من شركات الصرافة، بسبب تورطها في عمليات تحويل مالي غير شرعية داخل العراق وخارجه، وتهريب الدولار إلى جهات محظورة، أبرزها إيران، كما شملت القرارات الأميركية فرض حظر شامل على استخدام بطاقات الدفع الإلكتروني العراقية خارج البلاد، وآخرها منع شركة "كي كارد" للتحويل المالي من إرسال مرتبات موظفي ومنتسبي هيئة "الحشد الشعبي"، المظلة الجامعة لأكثر من 70 فصيلاً مسلحاً في العراق.
وهذه المرة الأولى التي تتأخر فيها حكومة بغداد بدفع مرتبات ما يفوق عن 200 ألف عنصر من أفراد "الحشد الشعبي"، إذ كان من المقرّر أن تصل إليهم عبر مصرف الرافدين الحكومي ومن خلال حساباتهم في شركة "كي كارد" العراقية المحلية في 22 من الشهر الماضي، لكن لغاية الآن لم يجرِ دفعُ أيّ من مستحقاتهم الشهرية، كما أن الموازنة التشغيلية لـ"الحشد الشعبي"، الخاصة بالوقود والمعدات وغيرها التي تصدر شهرياً من حساب "هيئة الحشد الشعبي" في مصرف الرافدين، لم تُطلق منذ مطلع الشهر الماضي، ويبدو أن هذه العقوبات هي بداية لتحجيم أدوار مساعدي وأصدقاء إيران.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 2 ساعات
- العربي الجديد
حماس: أبدينا مرونة بالموافقة على إطلاق 10 محتجزين ونواصل التفاوض
أعلنت حركة المقاومة الفلسطينية "حماس"، الأربعاء، أنها أبدت مرونة في جولة المفاوضات الجارية، بالموافقة على إطلاق سراح عشرة أسرى إسرائيليين، في إطار جهودها للتوصل إلى اتفاق شامل ينهي الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة . وأكدت الحركة، في بيان، استمرار التفاوض بشأن القضايا الجوهرية، وعلى رأسها تدفق المساعدات الإنسانية، وانسحاب جيش الاحتلال من أراضي القطاع، وتوفير ضمانات حقيقية لوقف دائم لإطلاق النار. وأشارت إلى أنها تعمل بجدية وبروح إيجابية مع الوسطاء لتجاوز العقبات وضمان إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني. وانطلقت جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل و"حماس" مساء الأحد في الدوحة، بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وقال موقع أكسيوس الأميركي إن النقطة الخلافية في المفاوضات هي "انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة"، وإن ترامب ونتنياهو ناقشا على مدار اليومين خريطة إعادة الانتشار. وطبقاً للموقع الأميركي، فقد حُلَّت النقاط الخلافية الأخرى، وهي تتعلق بمن يتولى دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وقال نقلاً عن مصدر إن الطرفين اتفقا على أن تسلم المساعدات الإنسانية في مناطق غزة التي ينسحب منها الجيش الإسرائيلي من قبل منظمة الأمم المتحدة أو منظمات دولية غير تابعة لإسرائيل أو لـ"حماس". أخبار التحديثات الحية إسرائيل: شروط اتفاق غزة تتوفر الآن ومستعدون لبحث وقف دائم للحرب والأحد، بدأ نتنياهو، المطلوب للعدالة الدولية، زيارة لواشنطن تستمر حتى الخميس، وهي الثالثة خلال ستة أشهر. وكشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، أمس الثلاثاء، عن مكافآت أميركية ضخمة من واشنطن لنتنياهو، بالتزامن مع اتفاق مرتقب لوقف إطلاق النار في غزة، في صورة استثمارات أميركية بمليارات الدولارات في البنية التحتية العسكرية الإسرائيلية. وجميع هذه المشاريع ممولة من المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل التي تبلغ قرابة 4 مليارات دولار سنوياً، لكنها زادت وقت الحرب ثلاثة أضعاف. وأكد رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي إيال زامير، الأربعاء، أن شروط إبرام اتفاق التبادل ووقف إطلاق النار في غزة تتوفر الآن، وذلك في وقت تستمرّ فيه مفاوضات الدوحة للتوصل إلى اتفاق بين الاحتلال وحركة حماس. ويأتي تصريح زامير، في وقت أعرب فيه نتنياهو عن تفاؤله بشأن التوصل إلى اتفاق هدنة مع الحركة، رغم الخلافات وعدم تحقيق اختراق في المحادثات حتى الآن.


العربي الجديد
منذ 2 ساعات
- العربي الجديد
"رويترز" تكشف كيف تجاهل مسؤول أميركي معايير تمويل مؤسسة غزة الإنسانية
أفادت مذكرة داخلية اطلعت عليها وكالة رويترز، بأن مسؤولاً رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأميركية غض الطرف عن تسع ضمانات إلزامية تتعلق بمكافحة الإرهاب والاحتيال، لتسريع إقرار منحة قيمتها 30 مليون دولار الشهر الماضي، لـ"مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة من إدارة الرئيس دونالد ترامب وإسرائيل. وذكرت الوكالة أن جيريمي لوين، وهو مسؤول سابق في إدارة الكفاءة الحكومية، وقّع على تقديم المنحة على الرغم من تقييم ورد في المذكرة خلص إلى عدم استيفاء خطة تمويل مؤسسة غزة الإنسانية "الحد الأدنى من المعايير الفنية أو معايير الميزانية" المطلوبة. وكان كينيث جاكسون، وهو أيضاً ممن سبق لهم العمل تحت مظلة إدارة الكفاءة الحكومية، ويعمل قائماً بأعمال نائب مدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، قد أرسل مذكرة العمل إلى لوين في 24 يونيو/ حزيران. وأشرف كلاهما على تفكيك الوكالة، ودمج وظائفها ضمن وزارة الخارجية. وأفاد مصدران مطلعان بأن لوين تجاهل أيضاً 58 انتقاداً كان خبراء في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية يريدون من مؤسسة غزة الإنسانية معالجتها في طلبها، قبل الموافقة على منحها الأموال. وتشير "مذكرة العمل" بتاريخ 24 يونيو، التي تحمل توقيع لوين، الذي يدير برنامج المساعدات الخارجية في وزارة الخارجية الأميركية، واطلعت عليها "رويترز"، إلى أنه وافق على منح الأموال بعد خمسة أيام فقط من تقديم مؤسسة غزة الإنسانية مقترحها في 19 يونيو. وكتب لوين إلى قيادات الوكالة الأميركية للتنمية الدولية "دعم قوي من الإدارة لهذا"، وذلك في رسالة بريد إلكتروني بتاريخ 25 يونيو، اطلعت عليها "رويترز" أيضاً، تحث على صرف الأموال من الوكالة "في أسرع وقت ممكن". وكانت "سي.أن.أن" هي أول من نشر عن مذكرة العمل. ولم يرد لوين وجاكسون على طلبات للتعقيب. وتسلط الوثائق الضوء على الأولوية التي تمنحها إدارة ترامب لمؤسسة غزة الإنسانية، على الرغم من قلة خبرتها، واستشهاد مئات الفلسطينيين بالقرب من مراكز توزيع المساعدات التابعة لها في غزة. وأقرت المؤسسة، التي تنسق بشكل وثيق مع الجيش الإسرائيلي، بما ورد في تقارير عن أعمال العنف، لكنها تقول إنها وقعت خارج نطاق عملياتها. وأشار لوين في رسالة البريد الإلكتروني، إلى أنه بحث مسألة منح الأموال مع مساعدين لستيف ويتكوف، مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، ومكتب وزير الخارجية ماركو روبيو. وأقرّ بأن الموافقة على هذه المنحة ستكون أمراً مثيراً للجدل، وكتب في البريد الإلكتروني "سأتحمّل عناء هذا الأمر". ولم يرد البيت الأبيض على طلبات للتعليق. ولم يرد ويتكوف وروبيو على سؤال بشأن ما إذا كانا على علم بقرار التغاضي عن الضمانات ودعمهما له. وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان، إن الثلاثين مليون دولار تمت الموافقة عليها بموجب بند قانوني يسمح للوكالة الأميركية للتنمية الدولية بتسريع إعطاء المنح استجابة "لحالات الطوارئ" من أجل "تلبية الاحتياجات الإنسانية بأسرع ما يمكن". وجاء في البيان: "لا تزال منحة مؤسسة غزة الإنسانية خاضعة لرقابة صارمة، بما في ذلك الرقابة على عمليات المؤسسة وشؤونها المالية... وفي إطار المنحة، خضعت المؤسسة لمتطلبات جديدة تتعلق بالرقابة والإبلاغ". قضايا وناس التحديثات الحية 171 منظمة لإنهاء نشاط "مؤسسة غزة الإنسانية": تقدّم التجويع والرصاص ورداً على طلب للتعليق، قال متحدث باسم المؤسسة: "نموذجنا مصمم خصيصاً لمنع الهدر والاحتيال وإساءة الاستخدام. كل دولار نتلقاه مصون لضمان وصول جميع الموارد، والتي ستشمل في نهاية المطاف أموالاً من دافعي الضرائب الأميركيين، إلى سكان غزة". وأضاف المتحدث أن مطالبة الحكومة الأميركية بمثل هذه التوضيحات بشأن طلبات التمويل أمر روتيني. وفي ما يتعلق بالشروط التسعة التي تم التغاضي عنها، قال المتحدث: "نتعامل مع كل مسألة وفقاً للوائح والإجراءات المعتادة، وسنواصل القيام بذلك كلما اقتضى الأمر". وتقول المؤسسة إن عملها يمنع حركة حماس من الاستيلاء على المساعدات الغذائية، واستخدامها للسيطرة على سكان القطاع، وهي اتهامات تنفيها الحركة التي كانت تدير غزة. وكتب جاكسون في مذكرة العمل بتاريخ 24 يونيو، أن المؤسسة "في وضع فريد يسمح لها بالعمل في مناطق هناك قيود على الوصول إليها"، وادّعى أنها سلّمت ملايين الوجبات وقلّصت سيطرة "حماس" على 2.1 مليون فلسطيني في غزة. وأقر جاكسون بأن المؤسسة "منظمة جديدة لم تستوفِ المعايير الرسمية المختلفة للوكالة الأميركية للتنمية الدولية التي تجعلها مؤهلة" للحصول على منحة الثلاثين مليون دولار. وأدرج جاكسون تسعة شروط عادة ما يجب على المتقدمين استيفاؤها قبل الحصول على أموال من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، مفصلاً بوضوح البنود الخاصة بكل منها، ومخاطر التنازل عنها. فعلى سبيل المثال، توضح الوثيقة أنه أشار إلى أن أحد "المتطلبات القانونية" يقضي بخضوع منظمات الإغاثة العاملة في غزة أو الضفة الغربية للتدقيق، للتحقق من صلاتها بـ"المنظمات المتطرفة"، قبل منحها أموالاً من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. وجاء في الوثيقة "التغاضي عن هذا الشرط قد يزيد من احتمالات" أن تكون هناك جماعة إغاثة أو متعاقدون معها أو موردون لها، "من غير المؤهلين، بسبب مخاوف تتعلق بالإرهاب". وتشير الوثيقة إلى أن جاكسون كتب أيضاً أن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية ملزمة بفحص ما إذا كانت المنظمة لديها ما يكفي من الضوابط الداخلية لإدارة أموال المنح. وحذر من أن التغاضي عن هذا الشرط "قد يزيد من خطر إساءة استخدام موارد دافعي الضرائب". وقالت الوثيقة إن التفاصيل الخاصة بتعامل المؤسسة مع المخاطر القانونية والتشغيلية للعمل في غزة كانت غير مكتملة في الخطة التي قدمتها، والتي كانت مطلوبة قبل الموافقة على التمويل. وأضافت المذكرة أن التغاضي عن اشتراط وضع خطة كاملة "قد ينطوي على خطر تحويل مسار نهجها، والإضرار بسمعتها، واحتمال انتهاك قوانين مكافحة الإرهاب الأميركية". وأشارت المذكرة إلى أنه رغم هذه المخاطر، أوصى جاكسون بالتغاضي عن المتطلبات التسعة جميعها، والسماح للمؤسسة باستيفائها لاحقاً بحجة "الضرورة الإنسانية والسياسية" لعملها. وأظهرت المذكرة أيضاً أن لوين أشّر على علامة "موافقة" على كل توصية من التوصيات. أخبار التحديثات الحية سويسرا تأمر بحلّ فرع "مؤسسة غزة" بعد تحقيق لـ"العربي الجديد" وإلى جانب غض الطرف عن المتطلبات التسعة، قال مصدران مطلعان إن لوين تجاوز 58 انتقاداً من خبراء الوكالة الأميركية للتنمية الدولية الذين راجعوا طلب المؤسسة. وأكد مسؤولان سابقان رفيعا المستوى في الوكالة، أنهما لم يسمعا قط عن تعجيل مسؤول كبير مثل لوين، إقرار منحة رغم اعتراضات الموظفين المحترفين. وأوضحت سارة تشارلز، التي كانت ترأس مكتب المساعدات الإنسانية التابع للوكالة بين عامي 2021 و2024: "أشرفت على ما يقارب 1500 منحة. لم أرَ ذلك يحدث قط... في حالات نادرة جداً، كنا نجري التدقيق بعد إقرار المنح في حالات الطوارئ المفاجئة، مثل الزلازل، لكن ذلك كان يتم بناءً على توصيات الخبراء". وقالت المصادر إن خبراء الوكالة تساءلوا في المراجعة عن كيفية ضمان المؤسسة سلامة الفلسطينيين الذين يتسلمون طروداً غذائية من مواقعها، وما إذا كان موظفوها قد تلقوا تدريباً مناسباً على الأعمال الإنسانية، وخططها لتوزيع لبن الأطفال المجفف في قطاع ليس به إمكانية تذكر للحصول على مياه شرب نظيفة. (رويترز، العربي الجديد)


العربي الجديد
منذ 3 ساعات
- العربي الجديد
عودة خجولة للقطاع الخدمي في غزة... محاولات للنهوض من تحت الركام
يشهد القطاع الخدمي في قطاع غزة محاولات خجولة لاستعادة جزء من نشاطه وسط ركام الحرب المستمرة منذ قرابة العامين والدمار الواسع الذي ألحقته بالبنية التحتية والمرافق الحيوية وأدت إلى توقف شبه كامل للحياة الاقتصادية. ووفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، كان القطاع الخدمي يشكل حوالي 54.9% من الناتج المحلي الإجمالي لغزة في عام 2022، ويشغل ما يقارب 51.6% من قوة العمل بالقطاع الخدمي والخدمات المتنوعة. وأثناء الحرب، تدهور هذا القطاع بشكل كبير. فوفق تقرير "UNCTAD"، صدر في نهاية العام 2023، انخفض نشاط هذا القطاع بما يقدر بحوالي 76% في الربع الأخير من عام 2023. وفي عام 2022، كان عدد العاملين في القطاع الخدمي بغزة قرابة 147 ألف عامل، من إجمالي عدد العاملين البالغ 285 ألف عامل، حيث فقد الاقتصاد الغزي ما بين 182 ألفاً و192 ألف وظيفة خلال شهور الحرب الأولى، وهو ما يقدّر تراجع عدد العاملين في القطاع الخدمي إلى ما بين 50 ألفاً و60 ألف عامل. ورغم هذا الواقع القاتم، بدأت بعض المؤشرات البسيطة تظهر في الأفق، حيث يعيد أصحاب المشاريع الصغيرة فتح أبوابها بحذر في محاولة لإحياء مصادر رزقهم وتلبية حاجات المجتمع المحلي الذي يعاني من أزمات متراكمة. ولطالما كان القطاع الخدمي هو العصب الأبرز للاقتصاد الغزي، خصوصاً في ظل الحصار المفروض منذ أكثر من 17 عاماً، إذ إن طبيعة هذا القطاع لا تتطلب مواد خام بشكل كبير، ما جعله أقل تأثراً بإغلاق المعابر مقارنة بالقطاعين الصناعي والزراعي. يعد نضال زقوت، وهو صاحب كافتيريا في مخيم النصيرات، وسط قطاع غزة، أحد النماذج البارزة لمحاولات التعافي الجزئي في القطاع الخدمي، حيث كان زقوت قد خسر مشروعه السابق في شمال غزة بعد تعرضه للتدمير الكامل جراء القصف الإسرائيلي، ما كبده خسائر مالية قدرت بنحو 160 ألف دولار. اقتصاد الناس التحديثات الحية الاحتلال يدعم "تجار الحرب" لتدمير اقتصاد غزة وقال زقوت في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه بادر مع نزوحه إلى وسط القطاع إلى افتتاح مشروع جديد يتمثل في كافتيريا تقدم خدمات الكهرباء والإنترنت للعاملين عن بُعد وطلبة الجامعات، بعدما جهزها لتكون مساحة عمل مرنة وسط الأوضاع الاستثنائية. وأوضح أن مشروعه وجد رواجاً بين السكان الباحثين عن بيئة مناسبة للعمل والدراسة في ظل استمرار تدهور الأوضاع المعيشية، آملا في تعويض جزء من خسارته التي تكبدها بسبب الحرب. وأضاف زقوت: "لاقى المشروع رواجاً واسعاً في ظل غياب البدائل، رغم استمرار التحديات الاقتصادية والأمنية، فالكثير من الشباب يبحثون عن مكان هادئ وموثوق لمواصلة أعمالهم أو دراستهم، ونعمل على توفير ذلك بأقل التكاليف، ونحاول أن نبقى صامدين رغم الصعوبات". وكذلك اتخذ مدرس مادة الرياضيات عبد القادر مصطفى خطوة مشابهة في مجال مختلف، حيث افتتح مركزاً تعليمياً لطلبة المرحلة الثانوية في وسط مدينة غزة، بعد انقطاع التعليم الرسمي لنحو عامين دراسيين. وقال مصطفى في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الطلب على المدارس الخاصة والمراكز التعليمية يزداد في ظل توقف التعليم الرسمي، وهو ما دفعني للاستثمار في هذا المجال لتأمين دخل لأسرتي من جهة والمساهمة في سد فجوة التعليم من جهة أخرى". وأوضح أن مشروعه لا يتطلب رأس مال كبير وهو ما يشجعه على الاستمرار في تقديم خدمات تعليمية بأسعار مناسبة، رغم التحديات الاقتصادية التي تواجه السكان. وأضاف: "الإقبال المتزايد من الطلبة وأولياء الأمور يعكس حاجة المجتمع لتعويض الانقطاع الطويل عن التعليم، فمثل هذه المبادرات تساهم في تنشيط الحركة داخل القطاع الخدماتي وتوفير فرص عمل مؤقتة للمدرسين والعاملين في المجال التعليمي". وأشار مصطفى إلى أن هذه المشاريع التعليمية حرّكت عجلة الاقتصاد الخدمي بشكل محدود، ولكن مهم في هذا الظرف الاستثنائي، مضيفاً: "نحن نعمل في بيئة غير مستقرة، لكن حاجة الطلاب للتعليم أقوى من الخوف، ولهذا وجدنا إقبالاً يفوق التوقعات". اقتصاد الناس التحديثات الحية تقلبات جنونية بأسعار السلع الغذائية في غزة ورغم أن هذه المشاريع لا تمثل تعافياً شاملاً، إلا أنها تشكّل مؤشراً إلى مرونة المجتمع الغزي وقدرته على التكيف وخلق حلول مبتكرة في مواجهة الأزمات، فالاقتصاد الخدمي يعتمد في جزء كبير منه على رأس المال البشري والخدمات المباشرة، ما يمنحه قدرة أسرع على إعادة التشغيل مقارنة بالقطاعات الأخرى. من جانبه، يرى الأكاديمي والمختص في الشأن الاقتصادي نسيم أبو جامع أن القطاع الخدمي يمتلك قدرة على التعافي أعلى من القطاعات الأخرى، نظراً لمرونته وتأقلمه مع ظروف الحصار. وقال أبو جامع لـ"العربي الجديد": "حتى قبل الحرب كان القطاع الخدمي يشكل نحو 58% من الناتج المحلي الإجمالي في قطاع غزة عام 2022، لكونه يشمل التجارة والنقل والتعليم والصحة والخدمات الحكومية وغيرها"، لكنه يشير في الوقت نفسه إلى أن معظم هذه الأنشطة تعطلت بفعل الحرب، وهو ما يجعل محاولات النهوض الراهنة، وإن كانت محدودة، تشكل بداية ضرورية لتحريك الاقتصاد الغزي من جديد. وأكد أن نجاح هذه المبادرات يتطلب دعماً فعلياً من المؤسسات المحلية والدولية سواء عبر التسهيلات المالية أو تهيئة بيئة قانونية وتشغيلية آمنة تساعد أصحاب المشاريع على الاستمرار. وأضاف: "غياب الاستقرار وانقطاع الإمدادات يشكل عائقاً كبيراً أمام أي نمو حقيقي، ما يعني أن التعافي الكامل لا يمكن أن يتحقق من دون وقف الحرب وحل سياسي شامل يعيد فتح المعابر ويضمن إعادة إعمار حقيقية".