logo
رحيل المناضلة "مريم بن محمد".. 100 عام من النضال وشاهد على تاريخ الجزائر

رحيل المناضلة "مريم بن محمد".. 100 عام من النضال وشاهد على تاريخ الجزائر

الميادين١١-٠٦-٢٠٢٥
شهدت الجزائر، اليوم الأربعاء، رحيل قامة وطنية باسقة هي المناضلة، مريم بن محمد، المعروفة باسم "ميمي"، عن عمر يناهز 100 عام. لم تكن "ميمي" مجرد امرأة عاشت طويلاً، بل كانت شاهدة حية على قرن كامل من تاريخ الجزائر المضطرب، من كَبَد الاستعمار الفرنسي وويلات الثورة، إلى بناء الدولة المستقلة. يمثل رحيلها لحظة للتوقف والتأمل في إرث جيل سطر بدمائه وتضحياته صفحات المجد، وشخصيات نسائية كان لهن دور محوري في تشكيل الهوية الجزائرية الحديثة.
إن بلوغ مريم بن محمد سن المائة ليس مجرد رقم، بل هو مرآة تعكس عمق الصعوبات والتحديات التي عاشتها الجزائر. ولدت "ميمي" في فترة كان فيها الاستعمار الفرنسي يطبق قبضته على البلاد، مهيمناً على كافة مناحي الحياة ومهمشاً السكان الأصليين. هذا السياق التاريخي، بكل ما حمله من ظلم وتمييز، كان بلا شك دافعاً رئيساً لانخراطها في الكفاح المسلح، ليتحوّل هذا العمر المديد إلى سجل حي يروي فصول المقاومة والصمود. ما الذي يمكن أن يخبرنا هذا العمر الطويل عن تأثير فترة الاستعمار على حياتها؟ إنه يشي بأنها عايشت التحولات العميقة التي طالت المجتمع الجزائري، وشهدت على تطور الوعي الوطني من خلال تجارب شخصية مباشرة، ربما تأثرت بمذابح مثل تلك التي وقعت في سطيف وقالمة عام 1945، والتي كانت نقطة تحول في مسار النضال الجزائري.
اليوم 20:39
اليوم 20:31
لقب "ميمي"، الذي لازم مريم بن محمد، يحمل في طياته دلالات الود والقوة، وهو ما قد يكون ساعدها في بناء الثقة مع رفاقها في السلاح. كانت المرأة الجزائرية ركيزة أساسية في ثورة التحرير، ولم يقتصر دورها على الدعم اللوجستي أو العناية بالثوار. بل انخرطت نساء مثل "ميمي" بشكل مباشر في العمليات، حيث تنوعت أدوارهن بين الممرضة التي تضمد الجراح، والمرسالة التي تحمل الأخبار والأسرار، والمناضلة التي تشارك في العمليات العسكرية. بالرغم من أن التفاصيل الدقيقة لدور "ميمي" في "جبهة التحرير الوطني" لا تزال غير واضحة من المصادر المتاحة، فإن وصف وزير المجاهدين لها بـ"المجاهدة البطلة" يعكس تقديراً كبيراً لمساهماتها الجليلة.
واجهت "ميمي" ورفيقاتها تحديات جمة، على رأسها خطر الاعتقال والتعذيب في سجون الاحتلال، مثل سجني تيللفال والحراش، التي كانت شاهدة على قسوة المعاملة بحق النساء المناضلات. نجاة "ميمي" واستمرارها حتى سن المائة هو شهادة على صمودها وقوة عزيمتها، وهو ما يميزها عن شهيدات عظيمات سقطن في ميدان الشرف مثل مريم بوعتورة. تضحيات هؤلاء النسوة، من التخلي عن حياة مستقرة إلى مواجهة الموت، هي التي أسست لقيم الحرية والكرامة التي تنعم بها الجزائر اليوم.
كانت زيارة وزير المجاهدين، العيد ربيقة، لـ"ميمي" في منزلها في نيسان/أبريل 2025، بناءً على تعليمات من رئيس الجمهورية، برفقة رفيقات دربها، جميلة بوباشة، والمجاهد، عز الدين كوموندو، تعبيراً عن المكانة الرفيعة التي تحظى بها كرمز وطني حي. هذه الزيارة لم تكن مجرد بروتوكول، بل كانت تكريماً لجيل كامل صنع الاستقلال، وتأكيداً على أن الأمة لا تنسى أبناءها البررة.
عند وفاتها، وصفها الوزير بـ"المجاهدة البطلة" في برقية تعزية مؤثرة، ما يؤكد على أهمية دورها المركزي في تاريخ الجزائر. لقد عاشت "ميمي" لترى الجزائر تستعيد سيادتها وتبدأ مسيرة البناء، وكانت شاهدة على التحولات الكبرى التي شهدها المجتمع الجزائري. إرثها يتجاوز كونها مجرد مناضلة، فهي تمثل نموذجاً يُحتذى به للأجيال المقبلة، يجسد قيم الوطنية والتضحية والوفاء للوطن.
إن قصة مريم بن محمد "ميمي"، وإن كانت تفاصيلها الدقيقة قليلة، تظل مصدر إلهام يذكرنا بعظمة التضحيات التي قدمها الشعب الجزائري من أجل حريته.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

وسط انتقادات حقوقية.. البرلمان اليوناني يصوّت على حظر اللجوء إلى شمال أفريقيا
وسط انتقادات حقوقية.. البرلمان اليوناني يصوّت على حظر اللجوء إلى شمال أفريقيا

الميادين

timeمنذ 3 أيام

  • الميادين

وسط انتقادات حقوقية.. البرلمان اليوناني يصوّت على حظر اللجوء إلى شمال أفريقيا

من المقرر أن يصوت المشرعون اليونانيون، اليوم الخميس، على تشريع من شأنه أن يوقف مؤقتاً معالجة طلبات اللجوء للأشخاص القادمين من شمال أفريقيا، وهي خطوة وصفتها جماعات حقوقية بأنها "غير قانونية". ويأتي التصويت، بحسب "رويترز"، في ظل ارتفاع أعداد المهاجرين الوافدين إلى جزيرة كريت، وفي الوقت الذي ألغيت فيه المحادثات مع الحكومة الليبية في بنغازي للمساعدة في وقف التدفق بشكل حاد هذا الأسبوع. وارتفعت أعداد المهاجرين الوافدين عن طريق البحر من شمال شرق ليبيا إلى جزيرتي كريت وغافدوس الجنوبيتين، وهي أقرب منطقة أوروبية إلى شمال أفريقيا، هذا العام. اليوم 17:59 اليوم 17:53 بدوره، قال رئيس أركان خفر السواحل في غرب كريت، فاسيليس كاتسيكانداراكيس، إنه "نشهد ما أسميه أسوأ أزمة خلال العامين الماضيين، مع وصول مئات المهاجرين إلى الساحل الجنوبي للجزيرة"، مضيفاً أنه "وقع العبء كله على عاتق خفر السواحل، الذي يفتقر إلى المعدات والكوادر اللازمة للتعامل مع هذه التدفقات". وكانت حكومة ميتسوتاكيس اقترحت، الأربعاء، تشريعاً ينص على أن "المهاجرين الذين يعبرون بشكل غير قانوني إلى اليونان من شمال أفريقيا عن طريق البحر لن يتمكنوا من التقدم بطلبات اللجوء لمدة ثلاثة أشهر"، مشيرة إلى أن الحظر كان "استجابة طارئة لحالة طارئة". في حين قال المتحدث باسم الحكومة اليونانية، بافلوس ماريناكيس، اليوم الخميس، إن "هذه الخطوة عادلة، وتهدف إلى جعل اليونان أقل جاذبية للمهاجرين غير الشرعيين (...) لا أحد أقل إنسانية من أي شخص آخر في هذا البلد وفي أوروبا". من جهتها، قالت جماعات حقوق الإنسان إن "حظر اللجوء من شأنه أن ينتهك القانون الدولي والأوروبي"، ودعت الحكومة اليونانية إلى سحبه. وقالت "لجنة الإنقاذ الدولية"، في بيان، إن "البحث عن ملجأ هو حق من حقوق الإنسان ومنع الناس من القيام بذلك أمر غير قانوني وغير إنساني". ومن المتوقع التصويت على القانون، الذي من شأنه أيضاً أن يسمح للسلطات بترحيل هؤلاء المهاجرين بسرعة دون أي عملية تحديد هوية مسبقة، في وقت لاحق من يوم الخميس أو في وقت مبكر من يوم الجمعة.

ترامب يوجه رسائل جديدة إلى خمسة بلدان بشأن الرسوم الجمركية
ترامب يوجه رسائل جديدة إلى خمسة بلدان بشأن الرسوم الجمركية

LBCI

timeمنذ 4 أيام

  • LBCI

ترامب يوجه رسائل جديدة إلى خمسة بلدان بشأن الرسوم الجمركية

وجّه الرئيس الأميركي دونالد ترامب دفعة جديدة من الرسائل إلى خمسة شركاء تجاريين من بينهم الجزائر وليبيا والعراق، محدّدا فيها تعرفات جمركية، فيما تسعى واشنطن إلى إبرام مروحة واسعة من الصفقات التجارية. ونصّت هذه الرسائل التي وجّهت إلى الفيليبين وبروناي والجزائر وليبيا والعراق على رسوم جمركية تراوح بين 20 و30 %. وكما هي الحال مع الدفعة الأولى من الرسائل التي نشرت الإثنين، لا تختلف نسبة التعرفات كثيرا عن تلك التي أعلن عنها بداية في نيسان، حتّى لو كان بعض الشركاء قد تلقّى نسبا أدنى بكثير هذه المرّة.

بعد زيادة عدد المهاجرين.. اليونان تعلن وقف طلبات اللجوء من شمال أفريقيا
بعد زيادة عدد المهاجرين.. اليونان تعلن وقف طلبات اللجوء من شمال أفريقيا

الميادين

timeمنذ 4 أيام

  • الميادين

بعد زيادة عدد المهاجرين.. اليونان تعلن وقف طلبات اللجوء من شمال أفريقيا

أكد رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، اليوم الأربعاء، أن "اليونان ستوقف معالجة طلبات اللجوء من الأشخاص القادمين من شمال أفريقيا لمدة ثلاثة أشهر بعد زيادة عدد الوافدين إلى جزيرة كريت". وكانت أعداد المهاجرين الوافدين عبر البحر من شمال شرق ليبيا، الذين يحاولون العبور إلى أوروبا عبر جزيرتي كريت وغافدوس في جنوب اليونان، ارتفعت إلى أكثر من 7300 هذا العام، وفقاً لتقديرات الحكومة اليونانية ووكالات الإغاثة، مقارنة بحوالى 5000 مهاجر في 2004 بأكمله. وقال ميتسوتاكيس، في كلمة أمام البرلمان بحسب ما نقلت وكالة "رويترز"، إنه "بموجب التشريع الذي سيتم تقديمه إلى البرلمان غداً، ستعلق اليونان فحص طلبات اللجوء، في البداية لمدة ثلاثة أشهر، لأولئك الذين يصلون إلى اليونان من شمال أفريقيا عن طريق البحر". اليوم 16:57 اليوم 16:32 وأضاف ميتسوتاكيس أنه "سيتم اعتقال واحتجاز المهاجرين الذين يدخلون البلاد بشكل غير قانوني". وقد أدى ارتفاع أعداد الوافدين إلى زيادة الضغوط على الجزيرتين، اللتين تفتقران إلى معسكرات استقبال المهاجرين المنظمة، وتكافحان من أجل العثور على مرافق سكنية مؤقتة. ويأتي المهاجرون في الغالب من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بما في ذلك مواطنون من السودان ومصر وبنغلاديش. يذكر أن قوات خفر السواحل اليونانية أنقذت نحو 520 مهاجراً قبالة جزيرة غافدوس في وقت مبكر من صباح الأربعاء ونقلتهم إلى البر الرئيسي. وكانت الدولة المطلة على البحر الأبيض المتوسط ​​على خط المواجهة في أزمة الهجرة في عامي 2015 و2016 عندما عبر أكثر من مليون شخص فروا من الحرب والفقر في الشرق الأوسط وأفريقيا إلى أوروبا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store