
حزب ماسك .. تكتل للمستثمرين أم تهديد حقيقي للحزبين الحاكمين؟
دونالد ترامب
، والديمقراطي الذي ينتمي إليه
جو بايدن
، رغم وجود أحزاب ثانوية صغيرة أخرى. ومنذ العام 1856، تشهد الولايات المتحدة تنافساً قوياً على الرئاسة بين هذين التكتلين ضمن ما يوصف بنظام الحزبين الرئيسيين اللذين يسيطران على الساحة وبشكل مطلق، وفي كل انتخابات للرئاسة يتفوّق الحزبان على الأحزاب الصغيرة الأخرى مثل الليبرالي والأخضر والشعب، والتي تنحصر إنجازاتها في الفوز ببعض الولايات والمناصب المحلية.
وعلى الرغم من محاولات عدة لتأسيس حزب سياسي ثالث قوي يناطح الحزبين الرئيسيين وينافسهما، سواء في انتخابات الرئاسة التي تجري كل أربع سنوات أو الانتخابات التشريعية، إلا أن المحاولات باءت بالفشل لأسباب عدة.
ومع هيمنة الحزبين على المشهد السياسي، فإن كثيراً من
الأميركيين
عزف عن الاهتمام بالشأن العام وقاطع الانتخابات، سواء الرئاسية أو التشريعية، خاصة مع ما تردد عن تواطؤ رموزه وقادته وعملهما لخدمة مصالحهم الشخصية على حساب مصالح الناخبين والتعهدات الانتخابية.
ورغم أن مواد الدستور الأميركي لا تمنع إنشاء أحزاب جديدة أو دخول كيانات وقوى إلى الحياة السياسية، فإن النظام السياسي في الولايات المتحدة كان مصمماً بطريقة تضمن بقاء الحزبين الرئيسيين في سدة الحكم، والقضاء بشكل غير مباشر على أي منافس، حتى لو كان بوزن الملياردير الأميركي والرئيس السابق لبلدية نيويورك مايكل بلومبيرغ، الذي أعلن قبل نحو عقد أنه يدرس جدياً إمكانية خوض انتخابات الرئاسة الاميركية التي جرت العام 2016.
اقتصاد دولي
التحديثات الحية
ترامب يهاجم ماسك: لولا الدعم لأغلق مشاريعه وعاد إلى جنوب أفريقيا
وقتها قالت مصادر قريبة من الرجل الثري إنه على استعداد لإنفاق حتى مليار دولار من ماله الخاص على حملة انتخابية شخصية. وفي سنوات لاحقة انضم بلومبيرغ بالفعل إلى قائمة المتنافسين المحتملين على خوض انتخابات الرئاسة الأميركية ومواجهة ترامب عام 2020. لكنه انسحب قبل الانتخابات العامة ولم يحصل على أي أصوات في المجمع الانتخابي.
وقبلها وفي عام 2010، تشكل حزب جديد تحت عنوان "بلا أسماء" وأعلن مؤسسوه تقديم مرشح رئاسي لمنافسة جو بايدن وخصمه الجمهوري، ترامب، في انتخابات 2024، إلا أن التجربة لم تنجح في ذلك الوقت وتوارى الكيان عن الأنظار.
حزب أميركا قد يحرك المياه الراكدة داخل المشهد السياسي الأميركي الراكد في حال إذا ما أثبت جديته
ومع تعمق الخلافات الأخيرة بين ترامب والملياردير الأميركي إيلون ماسك حول ملفات عدة، من أبرزها مشروع قانون الموازنة والإنفاق الحكومي وأزمة الدين العام، خرج ماسك على الرأي العام الأميركي ليعلن أنه شكل حزباً سياسياً أطلق عليه اسم "حزب أميركا"، يكون "في المنتصف تماماً بين الديمقراطيين والجمهوريين" حسب قوله. وليمثل تحدياً للنظام الحزبي التقليدي في الولايات المتحدة.
ومن باب الاقتصاد والأزمات المالية سعى ماسك للترويج لحزبه الجديد قائلاً: "عندما يتعلق الأمر بإفلاس بلدنا بسبب الهدر والفساد، فإننا نعيش في نظام الحزب الواحد، وليس في ديمقراطية، اليوم، تم تأسيس حزب أميركا ليعيد لكم حريتكم".
اقتصاد دولي
التحديثات الحية
رسوم ترامب على الأدوية تهدد أيرلندا
كما ربط ميلاد الحزب بالخلافات مع إدارة ترامب على أزمة كبيرة تهدد الاقتصاد الأميركي، وهو العجز المتفاقم في الموازنة العامة والزيادات القياسية في الدين العام، والتي تكلف الناخب الأميركي ما يقرب من تريليون دولار سنوياً كلفة أعباء بعد أن تجاوزت قيمتها 36 تريليون دولار.
لا أظن أن ماسك يسعي شخصياً من خلال تأسيس الحزب إلى المنافسة على انتخابات الرئاسة في عام 2028، لأن الدستور الأميركي يحظر ذلك، حيث إنه مولود في جنوب أفريقيا، ولا يمكنه الترشح في تلك الانتخابات، إذ يفرض الدستور على المرشحين أن يكونوا من مواليد الولايات المتحدة. لكن ذلك لا يمنع ماسك من مضايقة الحزب الجمهوري الذي يقوده حالياً دونالد ترامب، ومناكفته والحزب الأخر في الشارع السياسي ولدى الناخب، خاصة وسط النخبة التي تعارض سياسات ترامب الاقتصادية والخارجية.
مع تعمق الخلافات الأخيرة بين ترامب والملياردير الأميركي إيلون ماسك حول ملفات عدة، من أبرزها مشروع قانون الموازنة والإنفاق الحكومي وأزمة الدين العام، خرج ماسك على الرأي العام الأميركي ليعلن أنه شكل حزباً سياسياً أطلق عليه اسم "حزب أميركا"
ورغم هذا الاعتبار وغيره، إلا أن حزب ماسك قد يستقطب عدداً كبيراً من رجال الأعمال، خاصة من داعمي الحملات الانتخابية الرئاسية، وهو ما يشكل تهديداً لسياسة الحزب الواحد التي ترسخت في الولايات المتحدة على مدى عقود، نظراً لعدة اعتبارات منها ضخامة التمويل الذي يمكن أن يحصل عليه حزب أميركا الوليد سواء من ماسك، أثرى أثرياء العالم، أو من مليارديرات أسواق المال في حي "وول ستريت" الذين قد يدعمون سياسة الحزب بمليارات الدولارات، خاصة إذا حقق مصالحهم المالية والاقتصادية، سواء على مستوى الدعم الحكومي والقوانين والضرائب والقيود الجمركية على المنافسين الخارجيين.
كما أن صياغة برنامج الحزب الجديد يمكن أن تعطي له زخماً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً يساهم في إكسابه شعبية قوية على مستوى الولايات المتحدة، بما يكفي لتشكيل تهديد حقيقي للحزبين القائمين، خاصة حزب ترامب الذي بات ماسك يناصبه العداء.
سيارات
التحديثات الحية
"تسلا" تواجه خطر خسارة 1.2 مليار دولار بسبب مشروع ضرائب ترامب
لكن الأمر برمته ونجاح حزب أميركا الوليد، يتوقفان على عدة اعتبارات، أبرزها مدى جدية ماسك في إخراج الحزب للنور، والسياسات الاقتصادية والسياسية والمالية والصحية والاجتماعية التي سيتبناها الحزب، ومدى تشابه تلك السياسات مع أفكار الحزبين القائمين، خاصة أن ماسك يدافع عن معظم الأفكار الاقتصادية والاجتماعية نفسها التي يتبناها حزب ترامب أو رجال الأعمال الأثرياء في البورصات وأسواق المال الأميركية "وول ستريت" وعمالقة التكنولوجيا ومستثمرو وادي السيليكون، وكذا وسط قطاع الأعمال والنفط والسلاح والأدوية.
كما أن ماسك يريد حزباً محافظاً مالياً يضبط الإنفاق العام ويعالج أزمة الدين العام، وهي نفس خطوط الحزبين القائمين والشعارات التي يتبناها أكبر كيانين سياسيين في الولايات المتحدة، إضافة إلى أن الملياردير الثري الذي بات يناصب ترامب العداء بعد صداقة قوية ودعم مالي لا محدود في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، لم يقدم سوى تفاصيل قليلة أخرى حول برنامج الحزب الوليد.
هل اقتحام ماسك عالم السياسة بهذه الحدة يمكن أن يضر بشركاته وفي مقدمتها تسلا وبمصالحه الاقتصادية والمالية
وتبقى الأسئلة: هل يمتلك ماسك شعبية داخل الشارع الأميركي تضمن بداية قوية للحزب، أم أن شعبيته تتركز داخل مجتمع الأعمال والمستثمرين وأباطرة وول ستريت، وهل المال السخي والإنفاق الضخم كافيان لتدشين حزب ثالث في الولايات المتحدة ونجاحه، خاصة أن هناك من يرى أن المال مجرد بداية جيدة في إعادة رسم السياسة الأميركية والمشهد الانتخابي برمته، لكنه غير كاف لعمل شعبية على مستوى الناخب وداخل الولايات التي تحظى بثقة مرشحي الحزبين تاريخياً وعلى مدى سنوات طويلة، وليس كافياً لضمان الفوز في الانتخابات الرئاسية أو التشريعية، ومحاولة انتزاع مقاعد في مجلسي النواب والشيوخ والتحول إلى "الصوت الحاسم" في التشريعات الرئيسية؟
اقتصاد دولي
التحديثات الحية
هل بدأت إمبراطورية إيلون ماسك تتفكك بعد خلافه العلني مع ترامب؟
وهل اقتحام ماسك عالم السياسة بهذه الحدة يمكن أن يضر بشركاته وفي مقدمتها تسلا وبمصالحه الاقتصادية والمالية، خاصة أنه عقب إعلانه عن تأسيس الحزب الجديد هبط سهم شركة السيارات الكهربائية العملاقة بنحو 8%، ما يظهر قلق الأسواق والمستثمرين في أسواق المال والبورصات من انخراط الملياردير الثري المتزايد في السياسة على حساب إدارة شركاته العملاقة و"بزنسه" الخاص، ويعيد هذا الانخفاض إلى الأذهان ما حدث بعد انضمام ماسك إلى حكومة ترامب وزيراً، وتعرض تسلا وغيرها من الشركات إلى تراجع في المبيعات والإيرادات، بل ومهاجمة مقراتها من قبل الموظفين الفيدراليين المفصولين بقرارات من ماسك.
حزب أميركا قد يحرك المياه الراكدة داخل المشهد السياسي الأميركي الراكد في حال إذا ما أثبت جديته، لكن في حال فشل التجربة، فإن المناخ السياسي سيصبح مغلقاً لسنوات طويلة مقبلة أمام الحزبين الرئيسيين وحتى إشعار آخر؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 13 دقائق
- العربي الجديد
أميركا تجسّ نبض حلفائها حول تايوان: تجنّب المواجهة المباشرة مع الصين
أثار سعي الولايات المتحدة للحصول على توضيحات من حلفائها بشأن دورهم في حال شنّت الصين عملية عسكرية لاستعادة تايوان بالقوة، تساؤلات في بكين بشأن الموقف الأميركي من هذه المسألة، في ظل حالة عدم اليقين التي تسبّبت فيها تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخيرة بشأن الدفاع عن الجزيرة. "أميركا أولاً" وكانت تقارير أميركية قد أفادت بأن وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) تضغط على اليابان وأستراليا لتوضيح الدور الذي ستلعبانه في حال نشوب صراع بين الولايات المتحدة والصين بشأن جزيرة تايوان، الأمر الذي أثار استياء الحليفَين الأميركيَين. ونقلت صحيفة فاينانشال تايمز، أول من أمس السبت، عن مصادر مطلعة قولها، إنّ البنتاغون يحث اليابان وأستراليا على توضيح الدور الذي ستلعبانه إذا دخلت الولايات المتحدة والصين في حرب بشأن تايوان. وقالت الصحيفة إن وكيل وزارة الدفاع الأميركية لشؤون السياسات، إلبريدج كولبي، كان يدفع بهذه المسألة خلال محادثات جرت في الآونة الأخيرة مع مسؤولي الدفاع في كلا البلدَين. وذكر كولبي على موقع إكس، أن وزارة الدفاع تركز على تنفيذ سياسة "أميركا أولاً" التي يتبعها ترامب لاستعادة الردع بما يتضمن "حثّ الحلفاء على زيادة إنفاقهم الدفاعي وغير ذلك من الجهود المتعلقة بدفاعنا الجماعي". وكانت تسجيلات صوتية مسرّبة منسوبة لترامب، حصلت عليها شبكة سي أن أن الأميركية، أخيراً، كشفت أنه هدّد خلال حملته الانتخابية في أحد اللقاءات الخاصة التي عقدها مع عدد من كبار المتبرعين لحملته، الصين. وقال ترامب إنه وجّه تهديداً للرئيس الصيني شي جين بينغ، بأنه في حال أقدمت الصين على شنّ هجوم ضد تايوان، فإن الولايات المتحدة ستقصف بكين ردّاً على ذلك"، وأضاف: "اعتقد أنّني مجنون لكنّنا لم نواجه أي مشاكل". بات كونروي: أستراليا لن تُلزم نفسها مسبقاً بإرسال قوات إلى أي صراع وردّ وزير الصناعات الدفاعية الأسترالي بات كونروي، أمس الأحد، على ما نشرته الصحيفة، بقوله من سيدني، إنّ بلاده لن تُلزم نفسها مسبقاً بإرسال قوات إلى أي صراع، مضيفاً في مقابلة أجرتها معه هيئة الإذاعة الأسترالية، أن "أستراليا تعطي الأولوية لسيادتها، ولا نناقش أي افتراضات"، وقال كونروي: "قرار الالتزام بإرسال قوات أسترالية إلى أي صراع ستتخذه الحكومة في حينه، وليس مسبقاً". وأعرب كونروي عن قلق كانبيرا من التعزيزات العسكرية الصينية لا سيّما في ما يتعلق بقواتها النووية والتقليدية، مشدّداً على أن بلاده ترغب في إرساء توازن في منطقة المحيطَين الهندي والهادئ بحيث لا تهيمن أي دولة على المنطقة. أما رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي، فقد أكد في تصريحات أدلى بها من شنغهاي أمس، في مستهلّ زيارة تستغرق ستة أيام للصين ستركز على الأرجح على الأمن والتجارة، أنّ بلاده لا تريد أيّ تغير في الوضع الراهن لتايوان. رصد التحديثات الحية مذكرة سرية للبنتاغون: الصين هي التهديد الوحيد من جهتها، قالت صحيفة غلوبال تايمز الصينية الحكومية، إنّ الطلب من الجانب الأميركي فاجأ طوكيو وكانبيرا، خصوصاً أن الولايات المتحدة لم تقدم ضماناً مطلقاً للجزيرة، ولفتت إلى أن كولبي يُعرف بدفاعه عن ضرورة إعطاء الجيش الأميركي الأولوية للمنافسة مع الصين وتحويل تركيزه عن الشرق الأوسط وأوروبا. وكانت وزارة الخارجية الصينية قد أكدت مراراً أن قضية تايوان شأن داخلي صيني بحت، ولا يحقّ لأي دولة التدخل فيه، كما شدّدت على أن الصين تسعى إلى إعادة التوحيد مع الجزيرة، حتّى لو اضطرت إلى استخدام القوة العسكرية. ارتباك أميركي حيال تايوان وتتزامن هذه التقارير بشأن مستقبل الجزيرة مع توترات شديدة في مضيق تايوان، إذ أطلقت تايبيه الأربعاء الماضي، واحدة من أطول مناوراتها العسكرية السنوية (هان كوانغ)، في محاكاة لما يعرف بـ"تكتيكات المنطقة الرمادية" في البر الرئيسي الصيني، وتضاعفت مدة التدريبات هذا العام إلى عشرة أيام، وتُجرى من دون نصوص مكتوبة أو جداول زمنية ثابتة لمحاكاة تقلبات ساحة المعركة، وفقاً لوزارة الدفاع التايوانية. في المقابل، يجري الجيش الصيني مناورات عسكرية في مقاطعة فوجيان الساحلية القريبة من مضيق تايوان، تتخللها تدريبات على الهجوم البرمائي والاستطلاع، ويشير توقيت المناورات المتزامنة إلى تصاعد التنافس، مع قيام كل جانب باستعراض عضلاته العسكرية والانخراط في إشارات وتحذيرات للطرف الآخر. ورأى ليو وانغ، الباحث في العلاقات الصينية الأميركية، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن طلب واشنطن إيضاحات من حلفائها في المنطقة بشأن دورهم وموقفهم من أي صراع محتمل في تايوان، يتزامن مع انسحاب جزئي أميركي من منطقة المحيطَين الهندي والهادئ، بعد تحريك حاملات الطائرات إلى منطقة الشرق الأوسط للدفاع عن حليفة الولايات المتحدة، إسرائيل، وكذلك أيضاً مع تواتر تقارير استخبارية عن تأهب صيني للانقضاض على الجزيرة، في ظلّ حالة الترهل الأمني في المنطقة، وأضاف أن هذا يعكس حالة من الارتباك الأميركي إزاء كيفية التعامل مع هذه المسألة، خصوصاً أن إدارة ترامب الثانية لم تبدِ استعدادها للدفاع عن الجزيرة وتعمل على إيجاد بدائل لتعزيز دفاعاتها الذاتية أمام أيّ تهديد صيني. ليو وانغ: الإيضاحات الأميركية تعكس حالة من الارتباك إزاء كيفية التعامل مع هذه المسألة ولفت ليو وانغ إلى أن "الاستفسار من الحلفاء بشأن دورهم في الدفاع عن تايوان، ربما يشير إلى رغبة أميركية في خلق جبهة مضادة لا تكون فيها الولايات المتحدة رأس الحربة، ما يعني أننا أمام استراتيجية جديدة تتجنّب المواجهة المباشرة مع بكين، وتعتمد على الحلفاء للقيام بهذه المهمة، عبر توفير الدعم العسكري ونشر أحدث الأنظمة الصاروخية الدفاعية في المنطقة كما حدث في الفيليبين وكوريا الجنوبية"، وتابع: "ربما أيضاً باستخدام عصا العقوبات مثل التعرِفات الجمركية، لضمان التزام الحلفاء". ولكن يبقى السؤال، بحسب ليو، حول مدى استعداد هذه الدول لخوض حروب بالوكالة ضدّ دولة تربطهم بها مصالح استراتيجية (الصين)، فضلاً عن الدروس المستفادة من تخلي الولايات المتحدة عن أوكرانيا في أحلك الأوقات، وكذلك الأمر بالنسبة إلى تايوان، وهذا يزيد من أزمة الثقة التي بدأت تظهر بوادرها في العلاقة بين واشنطن وحلفائها الدوليين والإقليميين. من جهته، قال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جنوب الصين، ياو بين، لـ"العربي الجديد"، إنّ بكين عازمة على استعادة الجزيرة بأي ثمن، لكنّ موعد وكيفية ذلك تحدّده القيادة الصينية ولا علاقة له بالموقف الأميركي، سواء كان متشدداً أو مرناً إزاء هذا التوجه. وأضاف أن المناورات العسكرية التي يطلقها الجيش الصيني حول تايوان، ليست بالضرورة مؤشراً على اقتراب خطوة من هذا النوع، لكنّها تحمل تأكيداً على حقّ بكين في القيام بمثل هذه الأنشطة العسكرية الروتينية في محيطها، كما أنها تبثّ رسائل تحذيرية شديدة اللهجة إلى القوى الانفصالية في الجزيرة، بأن أي خطوة باتجاه الانفصال محكوم عليها بالفشل، وأن يد الصين العليا قادرة على التعامل مع أي تصرف أرعن من قادة الحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم. وكانت مجلة عسكرية صينية قد قالت إنّ انهيار الأنظمة في تايوان قد يؤدي إلى تدمير الجزيرة من دون قتال، وجاء في مقال نُشر في عدد شهر مايو/أيار الماضي من مجلة "السفن البحرية والتجارية" العسكرية الصينية، أنّ بكين قد تتمكّن من سحق تايوان من خلال تدمير العقد الأساسية للبنية التحتية الأساسية في الجزيرة، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى تضخيم نقاط ضعفها كثيراً مثل "تأثير الفراشة". وتناول المقال ما بين 30 إلى 40 هدفاً "فائق الأهمية" يمكن أن تؤدي إلى انهيار متسلسل لأنظمة البنية التحتية الأساسية إذا تعرضت للهجوم "في أفضل توقيت"، بما في ذلك مرافق الغاز الطبيعي المُسال التي كانت محور تدريبات أجراها الجيش الصيني أخيراً. تقارير دولية التحديثات الحية الصين تستهدف الصناعات العسكرية في تايوان


القدس العربي
منذ 2 ساعات
- القدس العربي
ترامب: الأعداء والحلفاء يستغلون الولايات المتحدة منذ عقود
أنقرة: ادعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن بلاده تتعرض منذ عقود لما وصفه بـ'استغلال تجاري وعسكري' من 'الأصدقاء والأعداء' على حد سواء. جاء ذلك بمنشور على منصة 'تروث سوشيال'، الاثنين، قبيل زيارة الأمين العام لحلف شمال الأطلسي 'الناتو' مارك روته، إلى العاصمة واشنطن. وأضاف ترامب أن هذا الاستغلال – وفق تعبيره – 'كلف البلاد تريليونات الدولارات ولم يعد قابلا للاستمرار'. وذكر أن على الدول الأخرى أن تقول 'شكرا لكم على الرحلة المجانية التي استمرت لسنوات، لكننا نعلم الآن أن الوقت قد حان لفعل ما هو صائب تجاه الولايات المتحدة'. وفي أبريل/ نيسان الماضي أعلن الرئيس الأمريكي عن رسوم جمركية واسعة النطاق ضد معظم الشركاء التجاريين، قبل أن يعلّق تنفيذ معظمها حتى التاسع من يوليو/ تموز الجاري، عقب اضطرابات شهدتها أسواق الأسهم والسندات. وخلال الأشهر الثلاثة الماضية، سعت إدارة ترامب لإبرام اتفاقات تجارية مع أكثر من 12 دولة لخفض الحواجز التجارية أمام الصادرات الأمريكية وتجنب فرض رسوم إضافية. (الأناضول)


القدس العربي
منذ 4 ساعات
- القدس العربي
مصائد الموت: صور أقمار اصطناعية وفيديوهات وشهادات تكشف عن مفاقمة 'مؤسسة غزة الإنسانية' جوع الغزيين ويأسهم
لندن- 'القدس العربي': نشرت صحيفة 'فايننشال تايمز' تقريرا لمجموعة من مراسليها في القاهرة ولندن وتل أبيب، كشفت فيه عن 'مصائد الموت' التي تجبر الفلسطينيين الجياع على قطع مسافات طويلة للحصول على الطعام، لكن أعدادا كبيرة منهم لا يعودون أحياء. وجاء في التقرير أن جهاد، سافر خمس مرات في جنوب غزة باتجاه مواقع توزيع المساعدات التي تشرف عليها مؤسسة غزة الإنسانية، مارا بين الدبابات الإسرائيلية والجنود وأحيانا المسيرات التي تحوم فوق رأسه، حيث اصطف في الطوابير المحصنة مثل الأقفاص يدفع نفسه وسط آلاف الرجال الذين يحضرون للقفز من أجل التقاط ما يمكنهم التقاطه من طعام. وفي الخمس رحلات التي قام بها، عاد خاوي الوفاض. وفي مرة قال إن رجلا بجانبه وكانا يقتربان من موقع 'مؤسسة غزة الإنسانية' في خان يونس تعرض لإطلاق النار، و'تناثر دمه وأمعاؤه علي'، كما يقول. وفي مرة أخرى، وعندما استطاع أن يمسك بصندوق من الإمدادات، تعرض للسطو تحت تهديد السكاكين. ويقول جهاد، وهو فني الأدوات الطبية البالغ من العمر، 26 عاما: 'لقد توقفت عن الذهاب إلى هناك لأن ما يحدث هو أبعد مما تتخيله'. وتعلق الصحيفة أن 'مؤسسة غزة الإنسانية' التي روجت لها إسرائيل والولايات المتحدة بدأت توزيع المواد الغذائية في أيار/ مايو، كوسيلة لتجاوز الأمم المتحدة ومنع حصول حماس على المواد الغذائية، حسب زعم إسرائيل. لكن شهادات فلسطينيين مثل جهاد، وفيديوهات تم التثبت منها وصور للأقمار الاصطناعية، تكشف أن خطة المساعدات المثيرة للجدل، لم تخفف من احتياجات 2.2 مليون نسمة في غزة بل وزادت من يأسهم، حيث أجبرت الكثير من الفلسطينيين على قطع رحلة لم يعودوا منها أحياء. وتقول السلطات المحلية إن القوات الإسرائيلية أطلقت النار وبشكل متكرر على الفلسطينيين في طريقهم لمراكز مؤسسة غزة الإنسانية. وتقول وزارة الصحة إن أكثر من 500 شخص قُتلوا وجرح الآلاف في محاولاتهم للحصول على الطعام. وقتل الكثيرون وهم يمرون في الممرات المخصصة للوصول إلى مراكز مؤسسة غزة الإنسانية التي تنشر خرائطها على حسابها في فيسبوك. وبالنسبة للكثير من الغزيين الذي يواجهون المجاعة بعد الحصار الذي تفرضه إسرائيل قبل ظهور مؤسسة غزة الإنسانية، يقولون إن النظام لا يعرض حياتهم للخطر فقط، بل وفشل في تقديم ما يكفي من المساعدات، مما أدى إلى تناحر الآلاف على ما توفر من طعام لمن يستطيع الإمساك به. وقال حسن عبد الله، الحلاق الذي هجر مع عائلته إلى المواصي جنوب غزة، إن مراكز 'مؤسسة غزة الإنسانية' هي 'مصائد موت'. وأضاف عبد الله الذي نجح في توفير الإمدادات الغذائية، مرة واحدة من سبع رحلات قام بها: 'لو حصلت على الطعام وتجنبت رصاص الإسرائيليين، فقد لا تهرب من العصابات التي تنتظر في الخارج'. وتعلق الصحيفة أن 'مؤسسة غزة الإنسانية' التي أمّنت في الشهر الماضي تمويلا بـ30 مليون دولار من الحكومة الأمريكية، كسرت نظام المساعدات الإنسانية التقليدي. وقد تم تطوير نموذجها بالتعاون مع شركة استشارات أمريكية 'بوسطن كونسالتينغ غروب'، مع أن الشركة تقول إن العمل تم بدون موافقتها، وإن الموظفين الذين تعاونوا في المشروع جردوا من أعمالهم وتبرأت منهم. وتدير هذه المؤسسة أربعة مراكز في جنوب غزة، ويعمل فيها على الأغلب متعاقدون أمنيون أمريكيون (مرتزقة) بإشراف من القوات الإسرائيلية. ويحصل الفلسطينيون على معلومات عن مواعيد فتح المراكز ومواقع التوزيع مما تنشر المؤسسة على صفحتها في فيسبوك، حيث يبدأون رحلتهم من خيامهم أو أنقاض بيوتهم باتجاه ما تم تحديده. ووجد تحليل لـ 'فايننشال تايمز' أن المعلومات عادة ما يعلن عنها في منتصف الليل ولا تعطي إلا نصف ساعة لفتح المراكز. وبعد ذلك تضع المؤسسة منشورا بعد دقائق معدودة من الإعلان عن موعد فتح المركز، ويحتوي على معلومات من أن المركز المعين قد أغلق. وفي بعض الحالات، أعلنت المؤسسة عن إغلاق المركز حتى قبل دقائق من موعد افتتاحه. ونظرا لانقطاع الإنترنت المتكرر في غزة، فإن الفلسطينيين يجدون صعوبة في الوصول إلى الصفحة على فيسبوك وقراءة المنشورات. لكن الباحثين عن الطعام والذي يقطعون كيلومترات في طرق غير معلمة نظرا لتسوية الجيش الإسرائيلي لها في الحرب الممتدة منذ 21 شهرا، لا مجال أمامهم لعدم الخطأ في التقدير. ويقول جهاد: 'لا تستطيع معرفة وجهتك في الظلام. الطريق متاح كخريطة على شاشة هاتفك، لكن على الأرض، جميع الطرق مدمرة، وعليك المخاطرة. فإما أن تكون على الطريق الصحيح، أو تموت'. وعندما يقترب الناس من مراكز توزيع المساعدات فعليهم الانتظار في المنطقة المخصصة لهم لحين فتحها، وعادة في منطقة عسكرية نشطة. وهنا تبدأ المخاطر، حيث قال الكثير من الفلسطينيين إنهم تعرضوا للنيران القادمة من الجنود الإسرائيليين، حيث يزداد الزحام والتدافع، وعادة في الظلام، في محاولات للاقتراب من المراكز وزيادة فرصهم لتأمين الطعام. وقال محمد داوود الذي عمل قبل الحرب منسق زهور، إن إطلاق النار حدث في كل مرة حاول فيه الذهاب لمراكز التوزيع: 'ليست مرة أو مرتين.. يحددون وقتا معينا لفتح البوابة ومن ثم تبدأ الدبابات ومسيّرة رباعية المراوح بإطلاق النار'. وقال أيتور زابالغوجيازكوا، منسق الطوارئ في غزة لدى منظمة أطباء بلا حدود التي تدير مستشفيات ميدانية في القطاع، إنه يرى 'جيشا من الناس' يتجهون إلى مراكز مستشفى غزة الأوروبي قبل الفجر كل يوم. وكان يسمع دوي إطلاق نار: 'كأنها ثلاث طلقات، ثم صمت وبعدها إطلاق النار وصمت، ويبدأ المصابون بالوصول سيرا على الأقدام أو ينقلون بعربات تجرها الحمير'. وقال جوهر راهبور، وهو جراح بريطاني تطوع في مجمع ناصر الطبي جنوب غزة في يونيو/ حزيران، إن غرف العمليات الست في المستشفى غالبا ما كانت تمتلئ بالمصابين العائدين من رحلات إلى مواقع 'مؤسسة غزة الإنسانية' وقد أصيبوا بجراح نتيجة للقصف. وقال جوهر: 'نعقد اجتماعنا للجراحة العامة في الساعة 7.45 وعندها يبدأ صوت الإنذار للطوارئ في المستشفى، ونذهب إلى غرف العمليات'. وأشارت الصحيفة إلى قواعد الاشتباك لدى الجيش الإسرائيلي حسب جويل كارمل من منظمة كسر الصمت، التي تضم جنودا سابقين توثق ممارسات الجيش في الضفة وغزة: 'إذا كان الرجل في سن القتال وتقدم أكثر من اللازم، فالأوامر هي إطلاق النار بقصد القتل'. وقد اعترف الجيش الإسرائيلي بإطلاق النار، مبررا أنه شعر بالتهديد. ونفى أن يكون جنوده قد أطلقوا النار بقصد القتل وأنهم أطلقوا رصاصات تحذيرية، فيما قال مسؤول بارز إن الطرق معلمة بلافتات وكتل رملية وأسلاك شائكة. وأضاف: 'المناطق خارج الطريق هي مناطق قتال، حيث يمكن للقوات إطلاق طلقات تحذيرية وبعد ذلك العمل للدفاع عن نفسها' و'هذا يضمن عدم وجود أي تهديد لقواتنا'. وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر يوم السبت إن 31 شخصا قتلوا وأصيب العشرات 'في أحدث حادث إصابات جماعية مرتبط بمواقع توزيع الغذاء'. وأضافت أن هذا كان أكبر 'تدفق للقتلى' منذ أن بدأ مستشفاها الميداني في جنوب غزة عملياته العام الماضي. ورفضت مؤسسات الأمم المتحدة التي أشرفت على توزيع الطعام والمواد الإنسانية طوال الحرب، التعاون مع مؤسسة غزة الإنسانية. واتهمتها بأنها حولت 'المساعدات لسلاح وورقة تين' لإجبار الفلسطينيين على الرحيل من الشمال إلى الجنوب، وهو هدف يريد قادة إسرائيل تحقيقه. ويقول مسؤولو الإغاثة الإنسانية، الذين أداروا نحو 400 مركز توزيع في غزة قبل أن تفرض إسرائيل حصارا في آذار/مارس، إنهم لم يروا أي دليل على تحويل ممنهج للمساعدات من قبل حماس. وقالت جولييت توما، المتحدثة باسم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، عن النموذج التقليدي: 'لقد حمينا الأشخاص الذين خدمناهم، كنا نذهب إلى الناس مباشرة لتسليم المساعدات دون وجود مسلحين في الجوار، ولم تقع أي حوادث قتل جماعية'.