
ترامب مخادع .. الضربة الأميركية وما بعدها
لم تنته الحرب.. ولا إيران رفعت الرايات البيضاء.
بدت الضربة الأميركية لثلاث منشآت نووية «نطنز» و«أصفهان» و«فوردو» الحصينة في أعماق الجبال، كأنها كلمة النهاية في الحرب الإيرانية الإسرائيلية. بانتشاء بالغ وصف الرئيس الأميركي «دونالد ترامب» تلك الضربة بـ«الرائعة». قال: «إن إسرائيل الآن آمنة». في الوقت نفسه دعا إلى ما أسماه «السلام عبر القوة»، مستعيراً التعبير نفسه من قاموس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. إنه الاستسلام دون قيد، أو شرط.
تصور الإسرائيليون أن التدخل العسكري الأميركي يمهد الطريق للتوصل إلى «اتفاق جيد»، أو أن يحصدوا بالمفاوضات ما عجزوا عنه بالحرب. ردت إيران بموجات من الصواريخ الباليستية على مواقع استراتيجية إسرائيلية. كانت تلك الضربات الأقوى والأعنف منذ بدء المواجهات.
تخيم أشباح الفوضى على الشرق الأوسط، الذي يريده نتنياهو أن يرسم خرائطه من جديد دون قدرة على حسم أي حرب بمفرده، أو أن يمتلك أي تصور سياسي لليوم التالي في غزة، أو إيران.
كل سيناريو وارد وكل
خطر ماثل في الإقليم كله
تقاس الحروب بنتائجها السياسية وما يترتب عليها من معادلات جديدة في الصراع المحتدم على مصير الشرق الأوسط. إذا لم نقف مع إيران، نؤيدها وندعمها، فإن العواقب سوف تكون وخيمة. لم يكن المشروع النووي الإيراني وحده هو صلب التدخل العسكري الأميركي.
أريد به أن يكون مخرجاً سياسياً للمأزق الإسرائيلي المستحكم، أو ترهيب الإيرانيين بضربات أعنف ومآسٍ أكبر إذا لم يقبلوا نوعاً من السلام يوافق المتطلبات الإسرائيلية. إذا ما صحت التسريبات الإيرانية المتواترة أنه قد جرى نقل اليورانيوم المخصب إلى أماكن أخرى، فإن المعنى أن ما هو سلمي قد يتحول إلى عمل صريح لإنتاج القنبلة النووية.
لم يكن التدخل الأميركي مفاجئاً
إنها متدخلة فعلاً تخطيطاً وخداعاً استراتيجياً وإمداداً بكل ما تتطلبه الحرب من معلومات استخباراتية، وأسلحة، وذخائر دون أن تتورط مباشرة في عملياتها، لكن سير المواجهات لم يصادف التوقعات والحسابات المسبقة.
في الضربة الافتتاحية، قصفت إسرائيل عدداً كبيراً من المنشآت النووية، اغتالت مرة واحدة قيادات عسكرية وعلماء من الوزن الثقيل وبدا البلد كله مخترقاً ومنكشفاً.
رغم الهزة العنيفة في مراكز القيادة والسيطرة، فاجأت إيران العالم كله بقدرتها على الإحلال القيادي وسرعة ردة الفعل في مساء نفس اليوم.
ثم فاجأته بأجيال جديدة ومتنوعة من صواريخ «فرط الصوتية»، القادرة على اجتياز منظومات الدفاع الجوي والوصول إلى أهداف استراتيجية وأمنية وعسكرية واقتصادية حساسة.
استدعى ذلك إلحاحاً إسرائيلياً علنياً على ترامب للدخول المباشر في الحرب، كما لو لم يكن هناك ترتيبات متفق عليها بأدق التفاصيل.
أعطى ترامب انطباعاً قوياً بأن نوازعه تدعوه إلى دعم إسرائيل إلى أقصى مدى ممكن، غير أن الروادع تمنعه من إصدار قرار بالتدخل.
فالانخراط المباشر بالحرب يناقض تعهداته التي انتخب على أساسها، وتناقض إرادة أغلبية الرأي العام الأميركي، الذي يرفض التورط في أي حروب.
وفق استطلاعات الرأي العام الحديثة، التي أجرتها شركة «يو جوف»، فإن (16%) فقط يؤيدون التدخل فيما يعارضه (60%). تبلغ نسبة المعارضة داخل حزبه الجمهوري (51%) مقابل (23%).
التقارير الاستخباراتية حذرته من العواقب والتداعيات، التي قد تضرب المصالح الاميركية في الشرق الأوسط، فضلاً عن الكلفة الاقتصادية الباهظة لأي تدخل، خاصة إذا أغلقت إيران مضيق هرمز بالغ الأهمية في نقل النفط والغاز.
رغم ذلك كله مضى بمقامرته، السياسية والعسكرية إلى آخر المطاف، ضارباً عرض الحائط بكل المخاوف والحسابات.
قبل الضربة الأميركية أبلغ ترامب كبار معاونيه بموافقته على خطة التدخل، لكنه أرجأ القرار الأخير لأسبوعين حتى يمكنه التعرف على فرص تخلي طهران عن برنامجها النووي.
فتح المجال واسعاً لاتصالات ورسائل دبلوماسية إلى إيران عبر قنوات شبه علنية: «أن الحل السياسي ما زال ممكناً».
أبدت إيران تأهبها لذلك الخيار بشرط وحيد هو وقف الهجوم الإسرائيلي.
هكذا خدع الجميع بلا استثناء، وقد يدفع حزبه ثمن تلك المقامرة في الانتخابات النصفية المقبلة.
إثر عودته من قمة السبع الكبار قال نصاً: «لقد نفد صبرنا» ملوحاً باغتيال المرشد الإيراني علي خامنئي. لم يكن هناك معنى لذلك التصريح سوى أن التدخل العسكري وشيك لا محالة.
بعد وقت وجيز أطلق تصريحات عكسية تنفي أي استعداد لديه بالانخراط المباشر في الحرب، فهو رجل سلام جاء إلى منصبه لإنهاء كل الحروب، كما قال حرفياً.
لم يُخفِ تطلعه للحصول على جائزة نوبل للسلام، أو أن يكون خامس رئيس أميركي في التاريخ يحصل عليها بعد ثيودور روزفلت ووودرو ويلسون وجيمي كارتر وباراك أوباما.
هو رجل مربك ومرتبك يصعب توقعه.. يقول الشيء وعكسه في خطاب واحد. في البيت الأبيض فاجأ نتنياهو أمام الكاميرات بإعلان أنه قد فتح حواراً مع إيران للتوصل إلى اتفاق بشأن المشروع النووي.
كانت تلك إهانة بالغة لحليف استراتيجي مقرب، لكنه واصل التنسيق معه بأدق التفاصيل «إننا نتهاتف يومياً».
ثم ذهب في مدح نتنياهو إلى حدود غير متخيلة، وهو يزعم أنه رجل سلام. وصفه بعبارات يصعب أن يصدقها أحد في العالم، ولا داخل أسرته نفسها: «إنه رجل طيب وخير لا يجد الإنصاف من بلده».
بالتوصيف القانوني والسياسي فإنه يتحدث عن رجل متهم من المحاكم الدولية بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية.
في الدعوة إلى إنصافه تبنٍّ لسياساته وجرائمه. إنه انتهاك كامل لأية قيمة إنسانية، وانتهاك آخر للصفات والمعاني.
من يصدق الآن رئيساً مخادعاً؟!

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


معا الاخبارية
منذ 5 ساعات
- معا الاخبارية
إيران: مستعدون لاستئناف المحادثات النووية مع أميركا
طهران- معا- أعرب وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي عن استعداد بلاده بشكل أساسي لاستئناف المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة، على الرغم من أنه دعا الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى تخفيف لهجته. وقال عراقجي في منشور، على منصة إكس للتواصل الاجتماعي: "إذا كان الرئيس ترامب صادقا في رغبته في التوصل إلى اتفاق، فيتعين عليه أن يضع جانبا النبرة غير المحترمة وغير المقبولة تجاه المرشد علي خامنئي وأن يتوقف عن إيذاء ملايين من أتباعه المخلصين". وذكر ترامب في قمة أخيرة أنه سيتم إجراء محادثات جديدة مع إيران الأسبوع المقبل، لكنه لم يقدم أي تفاصيل. وكان قد تم إلغاء جولة سادسة مقررة من المحادثات الأميركية - الإيرانية في عمان يوم 15 يونيو الجاري بعد أن شنت القوات الإسرائيلية ضربات على أهداف إيرانية قبل ذلك بيومين.


شبكة أنباء شفا
منذ 5 ساعات
- شبكة أنباء شفا
رئيس الأركان الإسرائيلي: إيران لم تعد دولة نووية
شفا – قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي 'إيال زامير'، اليوم السبت، إن إيران 'لم تعد دولة نووية مهددة' بعد الضربات الإسرائيلية والأميركية على برنامجها النووي. ووفق القناة '12' الإسرائيلية أشار 'زامير' في محادثات مغلقة مع مسؤولين عسكريين إلى 'إنجازات العملية' ضد إيران، وإلى الضرر الكبير الذي لحق بالبرنامج النووي. وأضاف أنه 'حتى في حال بقاء مكونات مختلفة من المشروع النووي الإيراني، فإن الضرر الجسيم الذي لحق بالسلسلة بأكملها، بما في ذلك العلماء والمنشآت النووية وعناصر أخرى من التصنيع، يبعده بشكل كبير عن القدرة على تطوير أسلحة نووية، ومن المحتمل أن يكون الضرر كبيرا لدرجة أن إصلاحه سيستغرق سنوات'. وذكر أنه 'في الأيام التي سبقت العملية، كان هناك تفاهم في إسرائيل على أننا وصلنا إلى نقطة يستحيل فيها معرفة ما إذا كانت إيران ستقرر امتلاك قنبلة نووية، ومتى. عند هذه النقطة، أصبحت إدارة المخاطر أثقل من أن تحتوى'. وأشارت القناة الإسرائيلية إلى أن صور الأقمار الاصطناعية التي نشرت هذا الأسبوع كشفت أن الإيرانيين بدأوا العمل في موقع 'نطنز' النووي. وتشير التقديرات إلى أن 'هذه محاولات لاستخراج اليورانيوم المخصب من باطن الأرض'. ووفقا لصور الأقمار الاصطناعية من شركة 'ماكسار'، يتضح أن 'الإيرانيين نصبوا خياما بالقرب من المنطقة التي قصفها الأميركيون'. كما أظهرت الصور أن 'حفرتين أحدثتهما القنابل الأميركية كانتا مغطاة بالتراب الأربعاء الماضي، بالإضافة إلى ذلك، أظهرت الصورة خياما نصبت بالقرب من المنطقة التي قصفتها طائرات 'B2″ الأميركية'.


معا الاخبارية
منذ 6 ساعات
- معا الاخبارية
مصر تستعد لزيارة ويتكوف..والولايات المتحدة ستقدم خطة لإنهاء حرب غزة
بيت لحم- معا- تستعد مصر لزيارة حاسمة للبعوث الأمريكي ويتكوف لبحث صفقة التبادل ووقف إطلاق النار في غزة في ظل حديث عن تقدم إيجابي في المحادثات . فيما أبلغت الولايات المتحدة الوسطاء أنها ستُقدّم خطتها لإنهاء الحرب خلال أيام. وفي الوقت نفسه، ستُجري قطر ومصر محادثات مع حماس الأسبوع المقبل للتوصل إلى تفاهمات". وبحسب قناة العربية السعودية نقلاً عن مصادر مصرية، أن مفاوضات صفقة الأسرى ستُستأنف قريباً، وأن الولايات المتحدة تُروّج لعقد اجتماع في العاصمة القطرية الدوحة. وأشارت المصادر إلى أن "الوسطاء طلبوا إطاراً زمنياً لوقف إطلاق النار"، مضيفةً أن الوسطاء طلبوا من الولايات المتحدة خطةً لإدخال المساعدات إلى غزة في يوليو/تموز، و"وقف إطلاق نار لمدة أسبوعين". في غضون ذلك، صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس بأنه يعتقد بإمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة خلال أسبوع. وجاءت تصريحات ترامب خلال فعالية في البيت الأبيض بمناسبة توقيع اتفاق المصالحة بين الكونغو ورواندا، ردًا على أسئلة الصحفيين حول المحادثات بين إسرائيل وحماس.قال إنه تحدث مع مسؤولين مشاركين في الوساطة بين الطرفين، وأضاف أن "وقف إطلاق النار وشيك". لم يحدد الرئيس هوية المشاركين في المحادثات، لكنه أكد أن المفاوضات مستمرة وأن البيت الأبيض يتابعها عن كثب.