
"لم نعد آمنين هنا".. مسيحيو سوريا يخشون على مستقبلهم بعد تفجير كنيسة مار إلياس
تحذير: يحتوي هذا التقرير على تفاصيل مؤلمة
"أخوك بطل"، هذا ما قيل لعماد بعد علمه بمقتل شقيقه في تفجير انتحاري في كنيسة مار إلياس في العاصمة السورية دمشق.
حاول شقيقه ميلاد، برفقة شخصين آخرين، دفع الانتحاري خارج مبنى الكنيسة، فقُتل على الفور، إلى جانب 24 من الموجودين في الكنيسة.
أصيب 60 شخصًا آخرون في الهجوم على كنيسة مار الياس للروم الأرثوذكس، في منطقة الدويلعة شرق دمشق في 22 يونيو الماضي.
ويعد هذا الهجوم هو الأول من نوعه في دمشق منذ أن أطاحت هيئة تحرير الشام بالرئيس السوري بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي، منهيةً 13 عامًا من الحرب الأهلية المدمرة.
وبينما ألقت السلطات السورية باللوم في الهجوم على تنظيم "الدولة الإسلامية" فقد أعلنت سرايا أنصار السنة، الأقل شهرة، مسؤوليتها عن الهجوم. ويقول مسؤولون حكوميون إن سرايا أنصار السنة لا تعمل بشكل مستقل عن تنظيم "الدولة الإسلامية".
كان ميلاد يحضر قداسًا مساء الأحد في كنيسة مار إلياس، عندما أطلق رجل النار على المصلين قبل أن يُفجّر سترته الناسفة.
سمع عماد دويّ الانفجار من منزله، ولم يتمكن من الوصول إلى شقيقه لساعات.
ويقول عماد الذي تحدث من منزله الصغير المكون من غرفتين ويتشاركه مع عدد من أقاربه : "ذهبتُ إلى المستشفى لرؤيته. لم أستطع التعرف عليه. كان نصف وجهه محترقًا".
عماد رجل طويل ونحيف في الأربعينيات من عمره، وجهه حادّ يحمل علامات حياة قاسية.
وهو مثل أخيه، يعمل عامل نظافة في مدرسة في الحي الفقير، الذي تقطنه العديد من العائلات من الطبقة المتوسطة والفقيرة، ومعظمهم من المسيحيين.
خلال فترة حكم بشار الأسد، اعتقد أبناء أقليات دينية وعرقية في سوريا أن الدولة تحميهم.
والآن، يخشى كثيرون ألا تحذو الحكومة الانتقالية بقيادة أحمد الشرع حذوها.
وفي حين تعهد الشرع وحكومته بحماية جميع المواطنين، إلا أن العنف الطائفي الدامي الأخير في المناطق الساحلية ذات الغالبية العلوية، ثم في مجتمعات درزية محيطة بدمشق، جعل بعض الأشخاص يشككون في قدرتها على السيطرة على الوضع.
وأعرب العديد من أفراد عائلة عماد عن هذا الشعور، قائلين: "لم نعد آمنين هنا".
أنجي عوابدة (23 عامًا) كانت على بُعد شهرين فقط من تخرجها في الجامعة عندما أصيبت في الهجوم.
سمعت أنجي دوي إطلاق النار قبل الانفجار.
قالت أنجي من سريرها في المستشفى وهي تتعافى من جروح سببتها شظايا في وجهها ويدها وساقها، بالإضافة إلى كسر في ساقها: "حدث كل شيء في ثوانٍ".
أنجي تشعر بالخوف وتشعر بعدم وجود مستقبل للمسيحيين في سوريا.
"أريد فقط مغادرة هذا البلد. عشت الأزمة والحرب وقذائف الهاون. لم أتوقع يومًا أن يحدث لي مكروه داخل كنيسة"، تقول أنجي.
وأضافت: "ليس لديّ حل. عليهم إيجاد حل، هذه ليست مهمتي، إذا لم يتمكنوا من حمايتنا، فنحن نريد المغادرة".
قبل الحرب الأهلية التي استمرت 13 عامًا، كان المسيحيون يشكلون حوالي 10 في المئة من سكان سوريا البالغ عددهم 22 مليون نسمة، لكن أعدادهم تقلصت بشكل ملحوظ منذ ذلك الحين مع فرار مئات الآلاف إلى الخارج.
كانت الكنائس من بين المباني التي قصفتها الحكومة السورية والقوات الروسية المتحالفة معها خلال الحرب، لكن ليس أثناء وجود المصلين داخلها.
كما أُجبر آلاف المسيحيين على ترك منازلهم بسبب تهديد جماعات مسلحة مثل تنظيم "الدولة الإسلامية".
خارج المستشفى الذي تُعالج فيه أنجي، اصطفت توابيت بعض ضحايا هجوم الكنيسة، استعدادًا للدفن.
حضر أشخاص من مختلف أطياف المجتمع السوري، يمثلون مختلف شرائحه، مراسم جنازة أُقيمت في كنيسة قريبة وسط إجراءات أمنية مشددة.
وفي عظته، أكد بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، يوحنا يازجي، على أن "تتحمل الحكومة المسؤولية كاملةً".
قال يازجي إن اتصالًا هاتفيًا من رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع لتقديم تعازيه "لم يكن كافيًا لنا"، مما أثار تصفيق الحضور.
"نحن ممتنون لهذه المكالمة. لكن الجريمة التي وقعت أكبر من ذلك بقليل"، وفق يازجي.
ووعد الشرع الأسبوع الماضي بأن المتورطين في الهجوم "الشنيع" سيُحالون إلى العدالة.
بعد يوم من التفجير، قُتل اثنان من المشتبه بهم وأُلقي القبض على ستة آخرين في عملية أمنية استهدفت خلية تابعة لتنظيم "الدولة الإسلامية" في دمشق.
لكن هذا لم يُخفف المخاوف بشأن الوضع الأمني هنا، خاصةً بالنسبة للأقليات الدينية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


خبر صح
منذ 15 ساعات
- خبر صح
انسحاب مفتشي الوكالة الذرية من إيران بسبب تدهور الوضع الأمني
قررت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة سحب طاقم مفتشيها من إيران، وذلك بسبب تزايد المخاوف الأمنية، وهو ما اعتُبر بمثابة قطع فعلي لقنوات الاتصال المباشر بين المنظمة الدولية وطهران، التي كانت قد علقت تعاونها مع الوكالة في وقت سابق من الأسبوع، وفقًا لمصادر مطّلعة. انسحاب مفتشي الوكالة الذرية من إيران بسبب تدهور الوضع الأمني مقال له علاقة: السفارة الصينية في تل أبيب تنصح مواطنيها بمغادرة إسرائيل في أقرب وقت انسحاب فريق المفتشين وفقًا للمعلومات المتاحة، غادر فريق المفتشين الأراضي الإيرانية براً يوم الجمعة، على الرغم من استئناف الرحلات الجوية الدولية من المطارات الرئيسية في إيران، والتي توقفت خلال الأيام الماضية بسبب التوترات المتزايدة عقب هجوم إسرائيلي. لم يُسمح للمفتشين، الذين كانوا يقيمون في أحد فنادق العاصمة طهران، بالوصول إلى المنشآت النووية منذ الضربة الإسرائيلية التي وقعت في 13 يونيو، ويشير البعض إلى أنهم نُقلوا لاحقًا إلى منشأة تابعة للأمم المتحدة داخل البلاد قبل مغادرتهم. توتر العلاقة بين إيران والوكالة منذ وقوع هذا الهجوم، شهدت العلاقة بين إيران والوكالة توترًا شديدًا، تخللته تصريحات عدائية وتهديدات طالت المدير العام للوكالة، رافائيل غروسي، من قبل نواب في البرلمان الإيراني وبعض وسائل الإعلام التابعة للدولة، مما زاد من حدة الأزمة. أعلنت الوكالة رسميًا عملية الانسحاب في بيان نشرته عبر منصتها على 'إكس'، مشددة على أهمية استئناف الحوار مع السلطات الإيرانية لإعادة تفعيل مهام الرقابة والتحقق في أقرب وقت ممكن. أنشطة البرنامج النووي الإيراني يمثل انسحاب المفتشين تطورًا مقلقًا، كونه يحد من قدرة المجتمع الدولي على متابعة أنشطة البرنامج النووي الإيراني، ويُخشى أن يُستغل هذا الفراغ لتعزيز تخصيب اليورانيوم دون رقابة ميدانية، ومع ذلك تؤكد مصادر استخباراتية غربية وإسرائيلية استمرار مراقبة المواقع النووية الإيرانية عبر تقنيات الاستشعار والصور الفضائية. على مدار السنوات، كانت إيران تخضع لتفتيشات دورية تُجريها فرق الوكالة لمتابعة مسار أنشطتها النووية، بما في ذلك مراقبة مواقع تخصيب اليورانيوم ومخزونها، لتجنب أي انحراف نحو إنتاج أسلحة نووية، إلا أن الوضع الحالي يثير تساؤلات كبيرة حول التزام طهران بمعاهدة حظر الانتشار النووي التي تحظر امتلاك السلاح النووي وتلزم الدول بالكشف عن أنشطتها النووية. ممكن يعجبك: الرئيس السوري أحمد الشرع يتحدث عن تفجير كنيسة مار إلياس استمرار تخصيب اليورانيوم بنسبة 60% رغم تأكيد إيران المتكرر أن برنامجها النووي مخصص لأغراض مدنية، فإن القلق الدولي يتزايد، خاصة مع استمرار تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، وهو ما يُعتبر قريبًا من مستويات تصنيع الأسلحة، كما لم تتعاون طهران مع الوكالة في توضيح ملابسات العثور على مواد نووية غير مصرح بها في بعض المواقع، مما عرقل تحقيقًا دام ست سنوات. أوضحت الوكالة، في تقاريرها الأخيرة، أنها غير قادرة على التأكد من سلمية البرنامج الإيراني منذ أكثر من عامين، مما يزيد من حدة التوترات مع الدول الغربية، خاصة بعد أن أصبحت إيران الدولة الوحيدة غير النووية التي تمتلك هذا المستوى من التخصيب. إيران تعلن وقف التعاون مع الوكالة الدولية في تطور لافت هذا الأسبوع، وقع الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بيزشكيان، على قانون كان البرلمان قد أقره سابقًا، يقضي بوقف التعاون مع الوكالة الدولية، في خطوة وُصفت بأنها استجابة مباشرة للضغوط الغربية وتطورات الهجمات التي استهدفت مواقع استراتيجية داخل إيران خلال الشهر الماضي. تضع هذه التطورات الوكالة في موقف حساس، إذ أصبحت الآن بلا وسيلة لرصد أي تغيير في البرنامج النووي الإيراني، مما يزيد من احتمالية اندلاع أزمة أوسع بشأن التزام طهران بالاتفاقيات الدولية، في وقت تتصاعد فيه التوترات في المنطقة.


تحيا مصر
منذ 17 ساعات
- تحيا مصر
«طبيعية أم صناعة بشرية».. ما أسباب فيضانات تكساس التي أدت إلى عشرات القتلى والمفقودين؟
شهدت فيضانات مفاجئة بدون سابق إنذار وكشفت تقارير إعلامية أنه لم يكن هناك تحذير يذكر حيث ارتفع منسوب نهر غوادالوبي (7.9 متر) في أقل من ساعة، وتم إعلان حالة الطوارئ في عدة مقاطعات حيث جرفت الفيضانات العديد من الطرق وانقطعت خطوط الهاتف. ووصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المأساة بأنها "مروعة" و"فظيعة"، فيما تعهد البيت الأبيض بتقديم مساعدات إضافية. وقال نائب حاكم ولاية تكساس دان باتريك: "في غضون 45 دقيقة، ارتفع منسوب نهر غوادالوبي وكان فيضانًا مدمرًا، مما أدى إلى جرف الممتلكات والأرواح للأسف". وأضاف باتريك: "هذا لا يعني أن الأطفال المفقودين قد فُقدوا. ربما انقطعت عنهم سبل التواصل". وقال مسؤولون إن عمليات البحث والإنقاذ، التي تشمل طائرات هليكوبتر وطائرات بدون طيار وقوارب، ستستمر حتى يتم العثور على جميع الأشخاص. وخلال مؤتمر صحفي، سُئل القاضي روب كيلي، المسؤول الأعلى منصبًا في مقاطعة كير، عن سبب عدم إخلاء المخيمات على طول نهر غوادالوبي مسبقًا، فقال:"لم نكن نعلم أن هذا الفيضان قادم. كونوا على يقين، لم يكن أحد يعلم أن هذا النوع من الفيضان قادم". ثم أضاف: "ليس لدينا نظام إنذار" في المنطقة. وأضاف كيلي أن ما حدث يوم الجمعة تجاوز بكثير فيضان عام 1987، الذي أودى بحياة 10 أشخاص كانوا على متن حافلة تابعة لكنيسة بالقرب من بلدة كومفورت، جنوب مقاطعة كير. وبحسب شبكة سي بي إس نيوز ، شريكة بي بي سي في الولايات المتحدة، عقدت إدارة الطوارئ في تكساس اجتماعات متعددة يوم الخميس للاستعداد، لكن المسؤولين قالوا إن هيئة الأرصاد الجوية الوطنية "لم تتنبأ بكمية الأمطار التي رأيناها". فيضانات تكساس طبيعية أم من صناعة البشر..؟ وخلال الساعات الماضية، نشر نشطاء أميركيين على منصات التواصل الاجتماعي فيديو لأمطار باللون الأزرق حيث يرجح البعض أن الفيضانات التي شهدتها الولاية كانت نتيجة تدخل بشري وليست بفعل الطبيعة، وتباينت ردود الفعل حول صحة الفيديو فيما يقول البعض أن الفيديو يعود إلى تاريخ قديم وليس له صلة الفيضانات الحالية. وعند البحث عن ما إذا كان هناك برنامج تستخدمه الولاية بخصوص تصنيع الأمطار، تكشف أنه بالفعل تكساس تعمل إجراء تجارب لتلقيح السحب بهدف زيادة هطول الأمطار، خاصة في المناطق التي تعاني من نقص المياه. ويهدف هذا البرنامج إلى تأمين موارد المياه اللازمة لدعم نمو الولاية وتلبية احتياجاتها المستقبلية. وزيادة هطول الأمطار لتخفيف آثار الجفاف وتأمين موارد المياه. أما عن التقنيات المستخدمة، تتضمن استخدام مواد مثل يوديد الفضة لنشرها في السحب. ويتم إجراء أبحاث لتقييم فعالية هذه التقنيات وتأثيراتها. والتحديات المحتملة لمثل هذه التجارب قد تؤدي إلى توزيع غير متساوٍ للأمطار أو آثار بيئية غير مرغوب فيها.


نافذة على العالم
منذ 19 ساعات
- نافذة على العالم
أخبار العالم : "لا أعرف من يمكن الوثوق به"، دروز سوريا قلقون من التهميش ما بعد الحرب
السبت 5 يوليو 2025 08:40 صباحاً نافذة على العالم - صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، قُتل أكثر من مئة شخص في أحداث عنف طائفي في ضاحيةٍ جنوبي دمشق في أبريل/نيسان. Article Information Author, لينا سنجاب Role, مراسلة بي بي سي للشرق الأوسط قبل 15 دقيقة حين بدأ إطلاق النار خارج منزلها في ضاحية أشرفية صحنايا بريف دمشق، أمسكت لمى الحسنية بهاتفها وأغلقت على نفسها باب الحمام. لساعات، كانت ترتجف خوفاً، فيما كان مقاتلون يرتدون زياً عسكرياً مموهاً يتجولون في شوارع الحي. كانت هناك رشاشات ثقيلة منصوبة على مركبة عسكرية أسفل شرفة منزلها. "جهاد ضد الدروز"، و"سنقتلكم أيها الدروز"، كانت تلك بعض العبارات التي صرخ بها المهاجمون. لم تكن لمى تعرف من هم هؤلاء الرجال: هل هم متطرفون؟ عناصر من قوات الأمن الحكومية؟ أم طرف آخر تماماً؟- لكن الرسالة كانت واضحة: لأنها درزية، لم تكن آمنة. ولطالما شغل الدروز، وهم طائفة لها معتقداتها وممارساتها الخاصة، وانبثقت ديانتهم من رحم الإسلام الشيعي، وشغلوا تاريخياً موقعاً هشاً في النظام السياسي السوري. تحت حكم الرئيس السابق، بشار الأسد، حافَظ كثير من الدروز على ولاء هادئ للدولة، على أمل أن يوفر لهم هذا الموقف حماية من حمّام الدم الطائفي الذي اجتاح مناطق واسعة من سوريا خلال الحرب الأهلية التي استمرت 13 عاماً. شارك عدد من أبناء الطائفة في الاحتجاجات الشعبية، لا سيما في السنوات اللاحقة. لكن، وفي محاولة لتقديم نفسه كحامٍ للأقليات من خطر التطرف الإسلامي، تجنّب الرئيس بشار الأسد استخدام القبضة الأمنية ذاتها ضد المتظاهرين الدروز، كما فعل في مدن أخرى ثارت ضد حكمه. شكّل الدروز جماعة مسلحة للدفاع عن مناطقهم في وجه جماعات سنية متشددة كانت تعتبرهم "منشقة عن العقيدة"، فيما تجنّبت القوات الموالية للأسد التدخل في مناطقهم. لكن بعد الإطاحة بالأسد على يد فصائل سنية إسلامية قادت تشكيل حكومة مؤقتة، بدأت تلك المعادلة غير المعلنة تتفكك، وبدأ القلق يتصاعد في أوساط الدروز من احتمال تهميشهم واستهدافهم في سوريا ما بعد الحرب. وساهمت هجمات شنتها مؤخراً جماعات مسلحة إسلامية مرتبطة بشكل غير مباشر بالحكومة في دمشق على تجمعات درزية، في تعزيز حالة انعدام الثقة المتنامية تجاه الدولة. بدأت القصة أواخر أبريل/نيسان، عندما سُرّب تسجيل صوتي يُقال إنّه لرجل دين درزي يسيء فيه إلى النبي محمد. ورغم نفي الشيخ المعني أن الصوت يعود إليه، وتأكيد وزارة الداخلية السورية لاحقاً أن التسجيل مفبرك، إلا أن الضرر كان قد وقع بالفعل. انتشر مقطع فيديو لطالب في جامعة حمص وسط البلاد، دعا فيه المسلمين إلى "الانتقام الفوري" من الدروز، مما أجّج "عنفاً طائفياً" في أنحاء متفرقة من البلاد. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقرّه بريطانيا، إن ما لا يقل عن 137 شخصاً قُتلوا في عدة أيام من القتال في أشرفية صحنايا وجرمانا جنوب دمشق، وفي كمين على طريق السويداء- دمشق. وشملت الحصيلة 17 مدنياً، و89 مقاتلاً درزياً، و32 عنصراً من قوات الأمن. وقالت الحكومة السورية إن العملية الأمنية التي نفّذتها في أشرفية صحنايا هدفت إلى استعادة الأمن والاستقرار، وإنّها جاءت رداً على هجمات استهدفت عناصرها أسفرت عن مقتل 16 منهم. في هذه الأثناء، كانت لمى زاهر الدين، وهي طالبة صيدلة في جامعة دمشق، على وشك إنهاء دراستها عندما وصلت أعمال العنف إلى قريتها. ما بدأ كقصف بعيد، تحوّل إلى هجوم مباشر، وإطلاق نار وقذائف وفوضى اجتاحت الحي. وصل عمّها في حافلة صغيرة، وطلب من النساء والأطفال الفرار تحت القصف، فيما بقي الرجال للدفاع عن القرية بأسلحة خفيفة. تقول لما: "المهاجمون كانوا يملكون رشاشات ثقيلة وقذائف هاون. أما رجالنا فلم يكن لديهم ما يضاهي ذلك". ولم تتوقف أعمال العنف عند حدود قريتها. فقد جرى اقتحام غرف سكن الطلاب في جامعة دمشق، وتعرض بعضهم للضرب بالسلاسل. وفي إحدى الحالات، طُعن طالب بعد أن سُئل ببساطة إن كان درزياً. التعليق على الصورة، تقول طالبة جامعية، واسمها أيضاً لمى، أن جامعتها شهدت أعمال عنف ضد الدروز. قالت لمى: "هم يقولون إننا تركنا جامعاتنا بإرادتنا. لكن كيف لي أن أبقى؟ كنت على بُعد خمس محاضرات ومشروع تخرج واحد فقط من إنهاء شهادتي. لماذا كنت سأتركها لو لم يكن الوضع خطيراً؟". ومثل كثيرين في طائفتها، لا يقتصر خوف لمى على الاعتداءات الجسدية، بل يمتد إلى ما تعتبره فشلاً من الدولة في حمايتهم. وأضافت: "تقول الحكومة إن هؤلاء مجرد خارجين عن القانون لا علاقة لهم بها. حسنٌ، متى سيحاسبون إذن؟". وتابعت أن ثقتها اهتزت أكثر حين سخر منها بعض زملائها في الجامعة، من بينهم طالبة أرسلت لها رمزاً تعبيرياً ضاحكاً رداً على منشور كتبته تحكي فيه عن فرارها من قريتها. "أنت لا تعرف حقاً كيف يراك الناس. لم أعد أعرف من يمكن الوثوق به". صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، متطوعون دروز يحاولون حماية مناطقهم ولا أحد يعرف على وجه التحديد إلى من ينتمي هؤلاء المهاجمون، لكن ما بات واضحاً هو أن كثيراً من أبناء الطائفة الدرزية باتوا يخشون من أن تنزلق سوريا نحو نظام تهيمن عليه الطائفة السنية، ولا مكان فيه للأقليات الدينية. قال هادي أبو حسّون لبي بي سي: "نحن لا نشعر بالأمان مع هؤلاء الناس". كان هادي أحد رجال دروز السويداء الذين دُعوا لحماية أشرفية صحنايا اليوم الذي اختبأت فيه لمى في الحمام. وقد تعرّضت القافلة التي كان فيها لكمين، هاجمتهم فيه جماعات مسلّحة باستخدام قذائف الهاون والطائرات المسيرة. أُصيب هادي برصاصة في الظهر، اخترقت رئته وتسببت في كسر عدة أضلاع. ويقول إن ذلك بعيد كل البعد عن سوريا التي تضم الجميع التي كان يحلم بها في عهد ما بعد الأسد. وأضاف: "هؤلاء يتحركون بدافع ديني، لا وفقاً للقانون أو الدولة. ومن يتصرف بدافع كراهية دينية أو طائفية لا يمثلنا". "ما يمثلنا هو القانون والدولة. القانون هو الذي يحمي الجميع... أريد حماية القانون." وتؤكد الحكومة السورية مراراً على سيادة الأراضي السورية ووحدة مكونات المجتمع السوري، بما في ذلك الطائفة الدرزية. صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، اخترقت رصاصة رئة هادي. ورغم تراجع حدّة الاشتباكات والهجمات، فإن الثقة في قدرة الحكومة على حماية الأقليات تضاءلت. وخلال أيام القتال، نفّذت إسرائيل ضربات جوية في محيط أشرفية صحنايا، وقالت إنها كانت تستهدف "عناصر" يهاجمون الدروز لحماية هذه الأقلية. كما شنّت غارات قرب القصر الرئاسي السوري، مؤكدة أنّها "لن تسمح بانتشار قوات جنوب دمشق أو بأي تهديد يستهدف المجتمع الدرزي". وتضم إسرائيل عدداً كبيراً من المواطنين الدروز، إضافة إلى دروز يعيشون في مرتفعات الجولان السورية المحتلة. وفي أشرفية صحنايا، قالت لمى الحسنية إن الأجواء تغيّرت، وباتت "أهدأ، لكن يسودها الحذر". وتابعت أنّها عادت لرؤية جيرانها، لكن مشاعر القلق لم تغب. "الثقة انكسرت. هناك أشخاص في البلدة الآن لا ينتمون إليها، جاؤوا خلال الحرب. من الصعب أن نعرف من هو من بعد الآن". ولا تزال الثقة في الحكومة ضعيفة. وتساءلت لمى: "يقولون إن.هم يعملون من أجل حماية جميع السوريين. لكن أين الخطوات الفعلية؟ أين العدالة؟"