
تلغراف: الولايات المتحدة تخطط لبناء مفاعل نووي على القمر
وأوضحت الصحيفة أن الرئيس الجديد لوكالة ناسا شون دافي يستعد للإعلان عن خطط لتركيب مفاعل نووي صغير على القمر، للسماح لرواد الفضاء بالقيام بمهام طويلة على سطحه وتمهيد الطريق لرحلات استكشاف المريخ المستقبلية.
وينص توجيه من وكالة الفضاء -حسب مراسل الصحيفة بينيديكت سميث. روب كريلي- على ضرورة وجود مفاعل نووي لمنع القوى العظمى المنافسة من استعمار القمر بشكل فعال ولإنشاء مناطق "حظر" أميركية عليه.
وتشير الصحيفة إلى أن الصين وروسيا أعلنتا سابقا عن جهد مشترك لوضع مفاعل نووي على القمر بحلول منتصف ثلاثينيات القرن الحالي، وتنص التوجيهات، في الخطط الحالية لاستكشاف القمر والتحضير لمهمات إلى المريخ، على أن "أول دولة تقدم على ذلك قد تعلن منطقة حظر، مما يمنع الولايات المتحدة بشكل كبير من إقامة وجود مخطط له إن لم تكن هناك مسبقا".
وتضيف التوجيهات أن ناسا بحاجة إلى "التحرك بسرعة" لدعم "اقتصاد قمري مستقبلي"، و"تعزيز أمننا القومي في الفضاء"، خاصة أن الألواح الشمسية غير فعالة لأن الليالي على القمر تعادل أسبوعين على الأرض.
وقال مسؤول في ناسا "إذا أردنا أن يكون لدينا نظام صالح للسكن على القمر، فعلينا توفير الطاقة"، مضيفا أن المفاعلات الصغيرة تستخدم بالفعل في الغواصات وحاملات الطائرات، وهي بالتالي تحل المشكلة.
ووجه دافي، الذي يشغل أيضا منصب وزير النقل الأميركي، ناسا لطلب مقترحات من قطاع الصناعة لإطلاق مفاعل نووي بقدرة 100 كيلووات كحد أدنى بحلول عام 2030، بعد أن كانت تعمل على مفاعل بقدرة 40 كيلووات لاستخدامه على القمر بحلول أوائل العقد المقبل.
وذكر المراسل أن دافي عين رئيسا مؤقتا لناسا بعد أن سحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب فجأة ترشيح جاريد إزاكمان، الملياردير التقني ورائد الفضاء التجاري، وهي خطوة عمقت الخلاف بين ترامب وحليفه السياسي آنذاك الملياردير إيلون ماسك.
وكتب ماسك الذي سعى جاهدا لترشيح إزاكمان لهذا المنصب، على مواقع التواصل الاجتماعي "من النادر أن تجد شخصا بهذه الكفاءة وطيبة القلب".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
"براهموس" صاروخ هندي روسي اشتق اسمه من نهرين
فوق صوتي ، أُنتج في إطار مشروع هندي-روسي مشترك، وهو نسخة مطورة من صاروخ ياخونت الروسي المضاد للسفن، يتميز بتعدد استخداماته، إذ يمكن إطلاقه من منصات برية، جوية، بحرية، إضافة إلى الغواصات. وهو من أسرع الصواريخ المجنحة في العالم، إذ تبلغ سرعته 3 ماخ، ويصل مداه إلى 500 كيلومتر، ويتميز بدقته في إصابة الهدف وقوته التدميرية، فهو قادر على حمل رأس حربية تقليدية شديدة الانفجار تزن ما بين 200 إلى 300 كيلوغرام. يُمثل براهموس ركيزة في القدرات الدفاعية وقوات الردع الهندية، وكان من أبرز الأسلحة التي اعتمدت عليها القوات المسلحة الهندية في ضرباتها على باكستان أثناء التصعيد العسكري الذي اندلع بين الطرفين في مايو/أيار 2025. وفي مطلع أغسطس/آب من العام نفسه، هدد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي باستخدام براهموس من جديد إذا ارتكبت باكستان "عملا عدائيا آخر"، واصفا الصاروخ بأنه جزء حيوي في القوة العسكرية الهندية، ومؤكدا أنه "غرس الخوف في نفوس الأعداء". تاريخ التطوير والتصنيع تأسست شركة براهموس للفضاء في إطار مشروع مشترك بين منظمة البحث والتطوير الدفاعي التابعة لوزارة الدفاع الهندية وشركة ماشينوسترويينيي الروسية، بموجب اتفاقية وقعتها الهند وروسيا عام 1998. وكان الهدف من الشراكة إنتاج صاروخ كروز فوق صوتي، أُطلق عليه اسم براهموس، جمع بين اسمي نهر براهمابوترا في الهند ونهر موسكو في روسيا، وقد أُسندت المهام المتعلقة بتصميم وتطوير وتصنيع ثم تسويق الصاروخ إلى الشركة الجديدة. وبلغ رأس المال المعتمد للشركة 250 مليون دولار أميركي، وحصلت الهند على حصة بنسبة 50.5% من المشروع، وقدمت تمويلا مقداره نحو 126 مليون دولار أميركي، بينما حازت روسيا ما نسبته 49.5%، بتمويل بلغ نحو 124 مليون دولار أميركي. وفي 1999 بدأ العمل على تطوير الصاروخ، وفي يونيو/حزيران 2001 أُجري أول اختبار ناجح لصاروخ من طراز "براهموس" في منطقة أوديشا بالهند، ودخل في العام نفسه سوق التجارة العالمية، وعُرض في معرض "ماكس 1" بالعاصمة الروسية موسكو. وجاء تطوير الصاروخ من تبادل القدرات التكنولوجية بين الشريكين، إذ طورت منظمة البحث والتطوير الدفاعي الهندية أنظمة أساسية، من ضمنها أنظمة الملاحة بالقصور الذاتي وبرامج المهام ومنصات الإطلاق المتنقلة. في حين دعمت شركة ماشينوسترويينيي الروسية المشروع بخبرتها في مجال محركات الدفع النفاث، إلى جانب عدد من التقنيات الخاصة بأنظمة الفضاء ومركبات الإطلاق، كما ارتكز إنتاج الصاروخ الجديد على تصميم مطور لصواريخ كروز ياخونت (أونيكس) الروسية، التي يعود إنتاجها إلى أواخر ثمانينات القرن الـ20. استمر تطوير صاروخ براهموس عقودا، شهد فيها تطورا ملحوظا في جوانب عدة، شملت التصميم الخارجي والمدى والسرعة والتقنيات الميكانيكية والكهربائية والبرمجية. اقتصر التصميم الأصلي للصاروخ على الإطلاق ضمن منصات بحرية، إلا أن الإصدارات اللاحقة وسّعت نطاق استخداماته التشغيلية وأصبح يشمل الهجوم البري والجوي، إضافة إلى الإطلاق من منصات غواصات توجد عشرات الأمتار تحت الماء. وفي 2008 انتقلت ملكية شركة كيلتيك الهندية الحكومية، التي كانت تصنع وتدمج مكونات براهموس وأنظمة الصواريخ، إلى شركة براهموس للفضاء، مما ساعد على تغطية الطلبات المتزايدة من الجيش والبحرية الهندية على نظام صواريخ براهموس. حتى يونيو/حزيران 2016 كانت الهند ملتزمة بمدى تشغيلي لا يتجاوز 300 كيلومتر لصواريخها، وذلك قبل انضمامها إلى "نظام مراقبة تكنولوجيا القذائف"، ومع انضمامها الرسمي إلى ذلك النظام، أصبحت قادرة على تطوير واستخدام صواريخ بمدى يتجاوز الحد السابق، يصل إلى 500 كيلومتر. وفي 2022، وسعت الهند نطاق المشروع وأصبح يشمل التصدير الدولي، ووقعت صفقة مع فيتنام على بيع صاروخ براهموس بمدى يبلغ 290 كيلومترا، وذلك التزاما بقيود نظام مراقبة تكنولوجيا الصواريخ، الذي يحدّ من تصدير الصواريخ التي يتجاوز مداها 300 كيلومتر، وبلغت قيمة الصفقة نحو 375 مليون دولار أميركي. ومن جانب آخر أخذت الهند بمرور الزمن في توسيع نظام الاعتماد على الذات في تصنيع صواريخ براهموس، ووفق موقع "ذا إيكونوميك تايمز"، استطاعت عام 2025 تصنيع نحو 83% من مكونات صاروخ براهموس محليا. وفي هذا الإطار افتتحت الهند في يوليو/تموز من العام نفسه منشأة جديدة لدمج واختبار صواريخ براهموس في ولاية لكناو شمالي الهند. المواصفات والقدرات القتالية يعمل صاروخ براهموس بنظام دفع ثنائي المراحل، وتستند المرحلة الأولى إلى محرك مُعزز يعمل بالوقود الصلب، يوفر للصاروخ تسارعا ابتدائيا يتجاوز سرعة الصوت، أما المرحلة الثانية، فتعتمد على محرك نفاث سائل، يُنتج طاقة تدفع الصاروخ بسرعة تقترب من 3 ماخ. ويُعدّ الدفع النفاث أكثر كفاءة في استهلاك الوقود مقارنة بالدفع الصاروخي التقليدي، ما يمنح براهموس مدى تحليق أطول. يتراوح طول الصاروخ بين 8 أمتار للصواريخ المطلقة جوا، و8.2 أمتار للصواريخ المطلقة برا وبحرا، ويبلغ قطره 0.67 متر، ويبلغ وزن الإطلاق ما بين 2200 و3000 كيلوغرام. إعلان ويتميز الصاروخ بسرعة تتجاوز حاجز الصوت منذ لحظة الانطلاق حتى الوصول إلى الهدف، والتي تختلف بحسب الطراز ومنصة الإطلاق المُستخدمة، وتتفاوت بين 2.8 و3 ماخ. وتضمن سرعة الصاروخ الفائقة تقليص زمن الرحلة، وتعزز الدقة في إصابة الأهداف، وتجعل عملية اعتراضه أكثر صعوبة، إلى جانب ذلك، تدعم طاقته الحركية العالية الناتجة عن السرعة فعاليته القتالية، إذ تنجم عنها طاقة تدميرية هائلة عند الاصطدام. وتزيد من طاقته التفجيرية قدرته على حمل رأس حربي تقليدي شديد الانفجار يتراوح وزنه بين 200 و300 كيلوغرام. ويتميز الصاروخ بتفاوت مداه حسب الطراز، ويتراوح بين 300 و500 كيلومتر في النسخ المستخدمة محليا، بينما تقتصر النسخ التجارية على مدى لا يتجاوز 290 كيلومترا. ولصاروخ براهموس قدرة على التحليق في ارتفاعات مختلفة، إذ يمكنه الوصول إلى ارتفاع أقصاه 15 كيلومترا، كما له القدرة على الطيران في ارتفاعات منخفضة تصل إلى 10 أمتار برا و3 أمتار فوق سطح البحر. يتيح له التحليق المنخفض فرصة اعتراض الأهداف السطحية، وفي الوقت نفسه، يجعل رصده واعتراضه أكثر صعوبة. ويتميز صاروخ براهموس بنظام توجيه متطور وبرنامج مدمج بمميزات خاصة، كما تمكنه التقنيات المتطورة المزود بها من خاصية التخفي، التي تقلل من قدرة الرادار ووسائل الكشف الأخرى على رصده. وله القدرة على اتباع مجموعة متنوعة من المسارات وتجاوز الدفاعات، مثل الغوص الحاد والطيران فوق سطح البحر، مع تمتعه بمبدأ يُسمى "أطلق وانس"، والذي يعني قدرة الصاروخ على توجيه مساره ذاتيا في طريقه نحو الهدف، دون الحاجة إلى إرشادات إضافية بعد الإطلاق. أنماط الإطلاق تتميز منظومة صواريخ براهموس باختلاف طرزها وتعدد استخداماتها، كما يمكن إطلاق نسخ الصواريخ المتباينة عبر منصات متعددة: برية، جوية، بحرية ومغمورة بالماء. تتكون البطارية الواحدة في نظام صواريخ براهموس الأرضية من أربع إلى ست منصات إطلاق متحركة ذاتية التشغيل، مثبتة على ناقلات تاترا الثقيلة، مع مركز قيادة متنقل، ومركبة متحركة للتزويد بالصواريخ. وكل منصة إطلاق مجهزة بثلاثة صواريخ، محمولة في ثلاث حاويات مستقلة، بحيث يمكن إطلاق صاروخ واحد على هدف معين، أو إطلاق الصواريخ الثلاثة على ثلاثة أهداف مختلفة، أو إطلاقها ضمن مجموعات مختلفة تخضع لتوجيهات القيادة، كما يمكن إطلاق الصواريخ دفعة واحدة أو على دفعات بفارق زمني محدد وفق الأوامر. والنسخة المطورة من براهموس للهجوم البري، يمكنها الانطلاق بسرعة تبلغ 2.8 ماخ، وهي قادرة على ضرب أهداف ضمن مدى يصل إلى 400 كيلومتر بدقة متناهية. وقد زُودت منصة الإطلاق بأنظمة متطورة، وجُهزت بنظام تزويد طاقة فائق ونظام اتصالات عالي التقنية ونظام تحكم مستقل، إضافة إلى مقصورة معدات وكابينة طاقم محميتين من الأسلحة النووية والبيولوجية والكيميائية. وتحتوي المنصات على مولد يعمل بالديزل بقوة 40 كيلو فولت أمبير للحفاظ على إمدادات الطاقة، إلى جانب مُولد إضافي مزود ببطارية احتياطية. وجهزت النسخة الأرضية كذلك، بنظام تحديد المواقع العالمي (جي – بي ـ أس) كما يمكنها العمل بنظام ملاحة بالقصور الذاتي، وتتميز بتكوين معياري قادر على التعديل التلقائي لاعتبارات تتعلق بالمستخدم أو التهديد، إلى جانب تمتعها بعمر افتراضي أطول، وتميزها بسهولة الصيانة. وقد دخل صاروخ براهموس إلى ترسانة الجيش الهندي عام 2007، وتُستخدم ثلاث نسخ مختلفة منه في المنصات الأرضية، هي: بلوك- 1: صاروخ هجوم بري، أُدخل الخدمة عام 2007، ويتميز بقدرات تشغيلية عالية، من ضمنها القدرة على المناورة، ودقة إصابة الهدف. بلوك- 2: نسخة متطورة، أُطلقت عام 2009، وتتميز بسرعتها وقدرتها العالية على تمييز الأهداف. بلوك -3: نسخة معدلة، أُطلقت عام 2010، وتتميز بقدرتها على خوض الحروب الجبلية. إعلان بدأ العمل على إنتاج النسخة الخاصة بالمنصات الجوية من صواريخ براهموس في ديسمبر/كانون الأول 2012، حين وقعت كل من روسيا والهند عقدا لدمج صاروخ براهموس مع طائرة "سوخوي-30 إم كي آي"، بهدف تطوير نسخة إطلاق جوية من الصاروخ. وقد بدأ تطوير تلك النسخة فعلا ابتداء من عام 2013، وشملت التحسينات تخفيف وزن الصاروخ مع إعادة تصميم الزعانف والمقدمة وتطوير قاذفة الصواريخ. وإضافة إلى ذلك عززت الشركة هيكل طائرة "سوخوي-30 إم كي آي" لجعل النظام أكثر تكاملا وملاءمة للإطلاق الجوي. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2017 نجح سلاح الطيران الهندي في إطلاق هذه الصواريخ الجوية من مقاتلات "سوخوي 30 إم كي آي"، وفي 2019 أجرى تجارب إطلاق ناجحة من طائرة مقاتلة تفوق سرعة الصوت. وفي يناير/كانون الثاني 2020 أُدخل سرب من طائرات الجيل الرابع المقاتلة، "سوخوي-30 إم كي آي"، سرب "تايغر شاركس 222″، المجهزة بصاروخ كروز براهموس الأسرع من الصوت، الخدمة في منطقة جنوب الهند. ويزن صاروخ براهموس المحمول جوا 2.5 طن، ويصل مداه إلى نحو 300 كيلومتر، وتبلغ سرعته القصوى 2.8 ماخ، ويتميز بقدرة هجومية دقيقة ضد الأهداف البحرية والبرية ليلا ونهارا. وتبلغ السرعة القصوى لطائرة "سوخوي-30 إم كي آي"، المستخدمة في النظام، 2 ماخ، بمدى طيران يبلغ 3 آلاف كيلومتر، وتصل حمولتها الإجمالية إلى 8 آلاف كيلوغرام، على ارتفاع أقصى يبلغ 17 كيلومترا. براهموس هو أول صاروخ كروز فوق صوتي يدخل الخدمة ضمن القوات المسلحة الهندية، وقد بدأ إدخاله أولا ضمن سلاح البحرية الهندي عام 2005. ويتميز صاروخ براهموس المخصص للإطلاق البحري بقوته التدميرية وسرعته في إصابة الأهداف بدقة، وقد صمم بحيث يمكن إطلاقه عموديا أو مائلا من منصة بحرية متحركة أو ثابتة، ويمكنه مهاجمة أهداف بحرية أو برية بعيدة. كما يمكن إطلاق الصواريخ دفعة واحدة، أو على دفعات بفاصل زمني يتراوح بين ثانيتين وثانيتين ونصف في مسارات مختلفة لإصابة هدف واحد أو مجموعة أهداف تقع في اتجاهات مختلفة. ويتم توجيه الصاروخ في منتصف مساره بنظام الملاحة بالقصور الذاتي، بينما يتم توجيه مساره النهائي بباحث راداري موجه، ولزيادة الدقة يمكن إضافة النظام العالمي لتحديد المواقع "جي بي إس"، والنظام العالمي للملاحة "غلوناس". وقد كانت المدمرة "آي إن إس راجبوت" أول منصة بحرية هندية تُنشر عليها النسخة البحرية من صاروخ براهموس، قبل نشره لاحقا على عدد من منصات القتال السطحي الأمامية للبحرية الهندية، بما فيها المدمرات. يتميز صاروخ براهموس بإمكانية إطلاقه من غواصات مغمورة بالماء على عمق يتراوح بين 40 و50 مترا، ويستخدم حينها صاروخ مماثل لصاروخ الإطلاق البحري من السفن. ويُطلق الصاروخ من منصة عمودية مثبتة في هيكل الغواصة، وتُستخدم إعدادات مختلفة للمرحلتين المختلفتين: تحت الماء وفوق السطح، ويمنع غطاء المقدمة تسرب الماء إلى هيكل الصاروخ أثناء انطلاقه تحت الماء، وبمجرد خروجه إلى السطح، يتم التخلص من الغطاء وتوجيه الصاروخ نحو الهدف. وقد اختُبر إطلاق صاروخ براهموس من منصة مغمورة بالماء بنجاح في مارس/آذار 2013، وتمكن من إصابة الهدف المحدد بدقة ضمن مدى بلغ 290 كيلومترا وبسرعة وصلت نحو 3 ماخ.


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
لماذا يتسابق العالم لتطوير الصاروخ "الصامت"؟
منذ بدء استخدام الطيران العسكري بشكل موسع في الحروب إبان الحرب العالمية الأولى (1914-1919)، وبشكل أخص خلال الحرب العالمية الثانية (1939-1945) التي شهدت ميلاد الطيران الحربي الحديث، شهد العالم معارك جوية تركت بصمات مميزة في التاريخ العسكري، مثل معركة بريطانيا بين النازيين والإنجليز عام 1940، والمعارك الجوية بين الولايات المتحدة واليابان على جبهة المحيط الهادي ، حين كانت حاملات الطائرات تعج بالمقاتلات التي تفرغ خزائنها وتُعيد ملئها مرات ومرات. وخلال الأيام الأولى للغزو الألماني النازي للاتحاد السوفياتي في يونيو/حزيران 1941، خسر السوفيات أكثر من 2000 طائرة في مواجهة سلاح الجو النازي (اللوفتفافه – Luftwaffe) الأكثر تطورا، معظمها دُمِّرت على الأرض. خلال تلك المعارك ومثيلاتها، نشأ وتطور نمط المعارك الجوية التقليدي القائم على اشتباك طائرتين أو أكثر ضمن النطاق البصري المعروف باسم "دوغ فايت" (Dogfight)، حيث يقوم الطيارون بمناورات حادة وسريعة لمحاولة إسقاط طائرات الخصم باستخدام المدافع الرشاشة أو الصواريخ قصيرة المدى. لكن نمط "دوغ فايت" أو حروب "القتال الجوي عن قرب" عموما بدأ يخفت فعليا خلال العقود الثلاثة الأخيرة، وتحديدا منذ حرب الخليج الثانية مع تواري الحروب الجوية بين الدول المتكافئة لصالح حملات القصف الجوي ضد الدول الأضعف والتنظيمات المسلحة وصعود الحروب غير النظامية. إلا أن عجلة التاريخ تدور مجددا لتجلب صراعات الدول إلى الواجهة مرة أخرى، سواء بين الولايات المتحدة والصين أو بين روسيا وأوروبا أو توترات شبه القارة الهندية بين الهند وباكستان، وهو ما يُنذر بعودة المعارك الجوية المباشرة إلى الواجهة مجددا. لكن معارك الجو المستقبلية لن تكون استنساخا لمواجهات "دوغ فايت" القديمة. فمع إدماج تقنيات الذكاء الصناعي في الطيران الحربي، وانتشار الطائرات بدون طيار، وتطوير الصواريخ الجوية بعيدة المدى، والتطور في شبكات الاتصال ونظم الرادارات، من المرجح أن تشهد أنماط القتال الجوي تطورا جذريا، ويُعد صعود "القتال خارج مدى الرؤية" هو الوجه الأبرز لهذا التطور. القتال خارج مدى الرؤية يُعرف القتال فيما وراء الرؤية، المعروف اختصارا في الأدبيات العسكرية باسم "بي في آر" (BVR)، بأنه ذلك القتال الجوي الذي يجري على مسافة تتجاوز قدرة العين البشرية أو المنظار البصري على رؤية الطائرة المعادية (عادة أكثر من 30 كم)، أي إن الطيارين المتحاربين لا يمكنهم رؤية بعضهم بعضا. وأصبح هذا النوع من القتال ممكنا بفضل التطور الهائل لصواريخ "جو-جو" بعيدة المدى التي تمنح الطائرات المقاتلة ميزة استهداف طائرات العدو دون أن تكون في المدى الناري التقليدي لها. ويعود مفهوم القتال خارج مدى الرؤية إلى زمان الحرب الباردة ، لكنه تعرض لتشكيك كبير وقتها بسبب التكلفة الهائلة لتقنيات القتال بعيد المدى، وقد تحول في عالم اليوم إلى الثورة الأهم على صعيد القتال الجوي. ولكي نفهم لماذا يُعد هذا النوع من الصواريخ ثوريا، دعونا نفترض سيناريو بسيطا: طائرتان مقاتلتان من الجيل الخامس تحلقان في سماء المعركة، متطابقتان تقريبا في كل شيء، ففي السرعة كلتاهما أسرع من الصوت، وفي قدرات التخفي تكاد كلٌّ منهما أن تكون غير مرئية للرادارات التقليدية، وحتى في أنظمة الرصد المتقدمة التي تسمح لهما بكشف بعضهما بعضا في الوقت نفسه وفي القدرة على المناورة لتفادي الصواريخ والاشتباك القريب. لكن هناك فارق واحد فقط، إحدى الطائرتين تحمل صاروخ جو-جو طويل المدى، بينما الأخرى تعتمد على صواريخ تقليدية ذات مدى أقصر. كلتا الطائرتين تكشفان وجود بعضهما على شاشات الرادار، لكن الطائرة المزودة بالصاروخ طويل المدى تمتلك القدرة على إصابة خصمها على الفور، في حين لا تمتلك طائرة الخصم الميزة نفسها. ساعتها يتخذ قائد الطائرة قرار الإطلاق، وينطلق الصاروخ بسرعته الهائلة (أسرع من الصوت عدة مرات)، متجاوزا عشرات الكيلومترات في ثوانٍ قليلة. الطائرة الأخرى سرعان ما تدرك أنها مستهدفة، لكنها لم تدخل بعد في نطاق يسمح لها بالرد، ومن ثم فكل ما تستطيع فعله هو محاولة المناورة والدفاع، لكن الصاروخ الذكي مصمم أيضا لتفادي إجراءات التشويش والمراوغات. النتيجة؟ قبل أن تتمكن الطائرة الثانية من الاقتراب بما يكفي لاستخدام أسلحتها، تنفجر قربها شظايا الصاروخ الذي يضرب خارج المدى البصري، وتدمرها أو تجعلها عاجزة عن القتال، ومن ثم يصبح النصر مضمونا لمَن يمتلك المدى الأطول للصواريخ، رغم تكافؤ كل العوامل الأخرى. وإذا نظرنا إلى مثال عملي قريب، فقد شهدت المواجهة الأخيرة بين الهند وباكستان في مايو/أيار الماضي قيام إسلام أباد باستخدام صواريخ "جو-جو" بعيدة المدى، صينية الصنع، من طراز "بي إل-15" ضد المقاتلات الهندية، لتنجح في إسقاط خمس طائرات وفق الرواية الباكستانية، وطائرة واحدة على الأقل حسب الرواية الهندية. يمكن لهذا النموذج أن يفسر سر تنافس الدول الكبرى على امتلاك هذه التقنية، حيث تتمثل الفكرة الرئيسية وراء القتال فيما وراء الرؤية في إمكانية إصابة الخصم من أبعد نقطة ممكنة قبل أن يتمكن هو أن يصيبك، وهو ما يخلق مضمارين للسباق بين الدول، الأول تطوير الصواريخ بحيث يمكنها إصابة أهدافها من مسافة أبعد، وتطوير تقنيات التخفي والمناورة التي تسمح للطائرات بالاقتراب إلى أقصى حدٍّ ممكن قبل أن تصبح هدفا لصواريخ الخصم. الصواريخ بعيدة المدى تُعد الصواريخ المُطلقة من الطائرات قديمة قدم الطيران الحربي نفسه، حيث استُخدمت صواريخ "جو-جو" منذ الحرب العالمية الأولى على الأقل. ولكن الجديد أنه على مدى العقود الماضية، سعت الدول لتطوير مدى تلك الصواريخ وقدرتها على إصابة أهدافها، وقد فرض هذا التطوير واقعا جديدا في مجال الهيمنة الجوية، وتحديات تكنولوجية جديدة تبدأ من محركات الصواريخ ولا تنتهي عند مجال الرادارات وشبكات الاتصال. هناك عاملان أساسيان لازمان لنجاح الصاروخ طويل المدى: محرك قوي يُمكّنه من حمل الصاروخ لأطول مسافة مع قدرة على التوجيه، ثم نظام توجيه إلكتروني يستند إلى شبكة اتصالات متقدمة. على صعيد المحركات، يمكن الصواريخ أن تُزوَّد بنوعين من المحركات، الأول هو محرك قذف صاروخي يعتمد على وقود صلب أو سائل، وهذا النوع من المحركات يحتوي في داخله على الوقود والعامل المؤكسِد (المادة الكيميائية التي توفر الأكسجين اللازم لاحتراق الوقود) معا، مما يجعله لا يحتاج إلى الهواء ويُعد مناسبا أكثر للطيران في الفضاء الخارجي. وغالبا ما يتمتع هذا النوع من المحركات بمدى أقصر نسبيا بسبب المساحة التي يشغلها خزان المادة المؤكسدة، لكنه يتمتع على الأرجح بتفوق واضح على صعيد السرعة. أما النوع الثاني فهي المحركات النفاثة، وهذا النوع من المحركات يحتاج إلى الهواء للحصول على الأكسجين اللازم لاحتراق الوقود، مما يجعله مناسبا أكثر للصواريخ التي تطير داخل الغلاف الجوي للأرض. يتميز الصاروخ ذو المحرك النفاث بقدرته على الطيران لمدة طويلة، لأن محركه يعتمد على أكسجين الهواء الخارجي، وبالتالي يمكن تحميله بكمية أكبر من الوقود، وهو ما يجعل المحركات النفاثة أكثر مناسبة لزيادة مدى الصاروخ، رغم أن سرعته تكون أبطأ من الصواريخ المزودة بالوقود التقليدي. في بعض الأحيان، تُصمَّم الصواريخ كي تكون متعددة المراحل، بمعنى أنها تحتوي على أكثر من محرك، وهي محركات مركَّبة بوصفها أجزاء ومنفصلة عن بعضها بعضا بحواجز. ومع إطلاق الصاروخ تعمل هذه المحركات على التوالي، حينما ينتهي وقود المحرك الأول ينفصل عن الصاروخ، ويبدأ المحرك الثاني معطيا دفعة جديدة للصاروخ من أجل زيادة مداه. ومع المسافات الشاسعة التي تقطعها الصواريخ بعيدة المدى، فإنها تحتاج إلى نظام توجيه متقدم، يعتمد على شبكة اتصالات متقدمة توفر معلومات حية وفورية عن مواقع طائرات الخصم. وفي بعض الأحيان، يُوجَّه الصاروخ من خلال رادار الطائرة التي تحمله وتتولى مهمة تحديد مكان الهدف قبل الإطلاق أصلا، أو من خلال رادار مستقل ونظام استشعار مثبت في الصاروخ نفسه يُمكّنه من التحليق دون حاجة إلى توجيه خارجي، وهو ما يُطلق عليه عادة ميزة "أطلِقْ وانسَ"، وفيها تقتصر مهمة الطائرة على إطلاق الصاروخ ليتولى مهمة توجيه نفسه وتعديل مساره. ومن الممكن أن يعتمد الصاروخ بعد إطلاقه على التتبع الحراري للهدف عند مدى معين، دون أن يمتلك رادارا بالمعنى المعروف. بالإضافة إلى تلك السمات الأساسية (مثل المدى ونوع المحرك ونظام التوجيه) هناك عدة عوامل أخرى تسهم في تحديد كفاءة الصاروخ، منها خفة الوزن لكي يسهل تحميله على المقاتلة، وانسيابية التصميم التي تسهل حركته في الهواء، وأيضا التكلفة المالية التي تحدد إمكانية إنتاج أعداد كبيرة منه وتعويض المفقود في ساحات المعركة باستمرار. تنافس عالمي محتدم نظرا للدور الكبير الذي يُرجح أن تلعبه تلك الصواريخ في مجال الهيمنة الجوية، تتسابق الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين وعدد من الدول الأوروبية في إنتاج وتطوير وتحسين صواريخ "جو-جو" بعيدة المدى، لا سيما وقد شهدت تكنولوجيا الصواريخ تطورا كبيرا في العقود الماضية. في مطلع القائمة تأتي الولايات المتحدة الأميركية ، وتمتلك في الخدمة الآن أشهر صواريخ "جو-جو" بعيدة المدى، ويُعد بمنزلة النموذج الأوّلي الذي يُحاكَى حينما تنوي دولة ما تصنيع صاروخ من هذا النوع، وهو "أيم-120 أمرام) (AIM-120 AMRAAM)، الذي دخل الخدمة الفعلية في 1992 ومنذ تلك اللحظة ما زال يخضع لتحديثات مستمرة، أسفرت عن زيادة مدى الصاروخ إلى 160 كيلومترا، مع وزن يصل إلى 150 كيلوغراما، وطول 3.66 أمتار تقريبا. ورغم الكفاءة العالية للصاروخ الأميركي فإن هذه الأرقام تضعه في مرتبة أقل -نظريا- من أحدث الصواريخ الصينية المناظرة، وهو صاروخ "بي إل-15" (PL-15)، حيث يُقدَّر أقصى مدى للصاروخ بنحو 200-300 كيلومتر. ولذلك تسعى الولايات المتحدة من خلال مشروعين منفصلين لتطوير طرازين من الصواريخ المحمولة جوًّا، الأول تابع لسلاح الجو وهو الصاروخ "أيم-260" (AIM-260 JATM)، والثاني تابع للبحرية وهو الصاروخ "إيه آي إم-174 بي" (AIM-174B)، وهو نسخة معدلة للإطلاق الجوي من صاروخ البحرية التقليدي "إس إم-6" (SM-6). وقد كشفت الولايات المتحدة عن أول نسخة من الصاروخ علنا في مايو/أيار الماضي خلال فعالية يوم الصداقة التي أُقيمت في قاعدة مشاة البحرية في إيواكوني باليابان. وتأمل واشنطن أن تؤدي النسخة البحرية الخاصة من الصاروخ دورا جيدا في جبهة المحيط الهادي، مع تنامي القوة الصينية وتوقعات أميركية بأن يصل مدى الصواريخ المضادة للطائرات التي يمتلكها خصومها إلى أكثر من ألف ميل بحلول عام 2050. تسير أوروبا فيما يبدو على الخُطى نفسها، بفضل صاروخ "ميتيور" (Meteor)، وهو ثمرة تعاون مجموعة دول أوروبية (بريطانيا ـ فرنسا ـ ألمانيا ـ إسبانيا ـ إيطاليا – السويد)، ويعتمد على محرك نفاث، يصل مداه إلى نحو 200 كيلومتر، كما أنه مزود برادار يمكنه من تحديد مكان هدفه والمسافة بينه وبين الهدف الذي يمرق نحوه بسرعة تصل إلى نحو أربعة أضعاف سرعة الصوت (نحو 5000 كم/ساعة). وتم تجربة تحميله على أشهر المقاتلات الأوروبية، مثل المقاتلة السويدية "ساب-جاس 39″، ومقاتلة "يوروفايتر تايفون" ومقاتلات " رافال الفرنسية"، والمقاتلة الأميركية "إف-35″، وهناك خطة أوروبية لتحديث الصاروخ ليواكب التحديات المعاصرة. أبعد من الغرب بعيدا عن العالم الغربي، هناك منافسة محمومة من جانب كلٍّ من روسيا والصين في هذا المجال. روسيا تحديدا لديها طموح من نوع آخر، حيث تشير تقارير استخباراتية أميركية إلى أن موسكو تعمل على تزويد طائراتها المقاتلة بصواريخ ذات رؤوس نووية، وليس ذلك بمستغرب بالنسبة للروس الذين يُظهرون اهتماما خاصا بالأسلحة غير التقليدية. على الأرجح فإن الصاروخ المقصود هو نسخة من الصاروخ جوّ-جو طويل المدى "آرـ37 إم" (R-37M)، وهو أحد الصواريخ بعيدة المدى الأساسية في الترسانة الروسية، ويصل مداه إلى 300 كيلومتر، وينطلق بسرعة فرط صوتية تصل إلى نحو 6 ماخ (أي 6 أضعاف سرعة الصوت – أكثر من 7300 كم/ساعة)، برادار مستقل ويمكن أن يستهدف أي طائرات بما يشمل المقاتلات والقاذفات وطائرات التحكم والاستطلاع. هناك صاروخ روسي آخر هو الصاروخ "كي-172 نافاتور" (K-172 Novator) المُصمَّم أصلا للهجوم على الطائرات الداعمة، مثل طائرات الاستطلاع والتحكم، وطائرات التزود بالوقود، وطائرات الحرب الإلكترونية، لأجل حرمان الخصم من المعلومات وسائر أشكال الدعم في ساحة المعركة. يمتلك الصاروخ رادارا مستقلا عن رادار الطائرة يصل مداه إلى 300 كيلومتر، ومنحت روسيا من خلاله قُبلة الحياة لمقاتلاتها العتيقة "ميغ-31" بعدما نجحت في تسليحها به. تُعد الصين هي الحصاد الأسود الحقيقي في هذا المجال. لفترة طويلة، كان هناك اعتقاد سائد وسط صفوف المحللين الغربيين بأن الصواريخ الصينية ما هي إلا نسخ رديئة مقلدة من مثيلاتها الغربية. ولكن بحسب منصة "ذا وور زون" المتخصصة في الشؤون العسكرية، فإن الآونة الأخيرة شهدت قبولا واسعا لإمكانية أن تكون النسخ الصينية أفضل من مثيلاتها الغربية. خلال الصراع الهندي الباكستاني الأخير، برز اسم الصاروخ الصيني "بي-15″، وهو صاروخ يعمل بالوقود الصلب، ومزوّد برادار مستقل يعمل عبر مصفوفة مسح إلكتروني نشط تتكون من عشرات الحساسات الصغيرة، التي ترسل الموجات، ثم تستقبلها مرة أخرى، فتستطيع رصد الخصم ثم إطلاق الصاروخ تجاهه بسرعة تصل إلى نحو 4 ماخ (أربعة أضعاف سرعة الصوت). يُزوَّد الصاروخ بمحرك ثنائي الأجزاء (حيث ينفصل الجزء بعد احتراق وقوده)، ويشار إليه أيضا بالمحرك ثنائي النبضات. ويصل مدى النسخة المُخصصة للتصدير منه إلى ما بين 145-150 كيلومترا، وهي غالبا النسخة التي تمتلكها القوات الجوية الباكستانية التي حصلت على الصاروخ لتسليح الطائرة "جي-10 سي" (J-10 C) الصينية، ونجحت عبرها في استهداف المقاتلات الهندية خلال النزاع الأخير. هذا الصاروخ هو النسخة الأخيرة من الصواريخ جو-جو الصينية، وقد طورت الصين نسخة شبحية من هذا الصاروخ تحت اسم "بي إل – 15 إي" (PL – 15E). جدير بالذكر أن مسيرة الصين نحو تطوير صواريخ "جو-جو" بدأت منذ ثمانينيات القرن الفائت، وكانت الصواريخ الصينية المبكرة نسخا من الصواريخ السوفياتية، وكانت ذات مدى أقصر، ومنذ ذلك الحين خاضت الصين مسيرة بعيدة لأجل تطوير صواريخها المحمولة جوًّا حتى الوصول إلى الصاروخ "بي إل-15". تحديات جديدة في القتال الجوي تفرض الصواريخ بعيدة المدى تحديات كبيرة وغير مسبوقة على الطائرات المقاتلة، وهناك طيف واسع من التقنيات التي يلجأ إليها الطيارون لتفادي الإصابة بصاروخ طويل المدى. وغالبا ما تكون المشكلة الأولى والرئيسية هي تحديد الصديق من العدو، وهو ما تفشل الرادارات الحديثة في فعله بدقة حتى الآن. بالنظر إلى بُعد المسافة وتطور تقنيات التخفي، أصبح من الصعب على الطيار أن يحدد إذا ما كان مَن يقترب منه صديقا أم عدوا يجب إطلاق النار عليه. وتزداد هذه المشكلة تعقيدا حين يحظر الاتصال المباشر بين الطيارين في ساحة المعركة خوفا من اختراق أنظمة الاتصالات وتعرض الطائرات للانكشاف. هذه التعقيدات قد تزيد من زمن اتخاذ القرار لدى الطيارين الذين قد يصبحون في مرمى نيران الخصوم فجأة دون إنذار. في تلك اللحظة، يراهن الطيار على أنظمة الحماية المتوفرة في طائرته، مثل الأسلحة الليزرية والكهرومغناطسية بالإضافة إلى الطعوم التي تطلقها الطائرة، وهي عبارة عن شظايا أو دخان يدفع الصاروخ الموجَّه حراريا لتتبعه عوضا عن الطائرة. وبعيدا عن التحديات العملياتية، فإن انتشار القتال خارج مدى الرؤية ربما يدفع لإعادة النظر في الخيارات التصميمية التي تستهدف زيادة قدرة الطائرات على المناورة وتغيير الاتجاه خلال معارك الاشتباك المباشر "دوغ فايت". وعوضا عن ذلك سوف تسود تكتيكات جوية غير مألوفة مثل نصب الكمائن، حيث تكمن الطائرة على ارتفاع كبير، ومن ثم تنتهز الفرصة لمهاجمة العدو بغتة، وهكذا تلعب الطائرة المقاتلة دور القائد الذي يرسل المسيرات والصواريخ التي ستؤدي دور البيادق أو المشاة في معارك أولية قبل أن يتدخل عندما يشتد وطيس المعركة. التأثير الأكبر أن ذلك النوع الجديد من المعارك الجوية سوف يضطر العديد من الدول إلى إعادة تعريف مجالها الجوي الحيوي، لأنها من الممكن أن تكون عُرضة للتهديد من طائرات خارج مجالها الجوي المعتاد، ومن ثم باتت مضطرة أن تهتم بخلو الأجواء المجاورة من التهديدات أيضا عن طريق تطوير منظومات دفاع جوي بعيدة المدى يمكنها أن تعترض طائرات تقع خارج حدودها. يفتح ذلك التعريف الواسع للأمن الجوي مجالا واسعا لسوء الفهم والصراعات بين الدول، التي ستكون واحدة من التداعيات القليلة للقتال خارج المدى البصري الذي يُعد الثورة الأكبر والأكثر تأثيرا في الطيران الحربي منذ عقود.


الجزيرة
منذ 13 ساعات
- الجزيرة
الذكاء الاصطناعي التوليدي.. ضربة موجعة جديدة لقطاع الإعلام المأزوم
أدت برامج الذكاء الاصطناعي التوليدي على غرار "تشات جي بي تي" إلى تقليص عمليات البحث التقليدية على الإنترنت وحرمان المواقع الإخبارية من بعض عائداتها من الزيارات والإعلانات، مما يشكل ضربة موجعة إضافية لقطاع مأزوم أصلا. وتوقع مات كاروليان، نائب رئيس قسم الأبحاث والتطوير في مجموعة "بوسطن غلوب ميديا" التي تُصدر الصحيفة اليومية المرموقة، أن "تكون السنوات الثلاث أو الأربع المقبلة بالغة الصعوبة على ناشري الصحف في مختلف أنحاء العالم، بصرف النظر عن حجمها". ونبّه إلى أن "على الناشرين أن يهيئوا مؤسساتهم للتكيف، وإلا فإنها ستنهار". ولا تزال الأرقام الدقيقة في هذا الشأن قليلة، لكن دراسة حديثة أجراها مركز "بيو للأبحاث" (Pew Research Center) أظهرت أن الملخص الذي بات الذكاء الاصطناعي التوليدي يوفره عند إجراء بحث على "غوغل"، غالبا ما يثني مستخدمي الإنترنت عن السعي إلى مزيد من التعمق. وأصبح عدد المرات التي ينقر فيها المستخدمون على الروابط المقترحة نصف عدد مرات النقر أثناء بحث من دون ذكاء اصطناعي. وبالتالي، باتت نسبة مماثلة من المستخدمين تستغني عن زيارة مواقع وسائل الإعلام الإلكترونية التي تعتمد على عدد الزيارات في إيراداتها الإعلانية واشتراكاتها. ورأى الأستاذ في جامعة "نورث إيسترن"، جون وهبي، أن "هذا الاتجاه نحو تضاؤل عدد الزيارات" المتأتية من محركات البحث التقليدية "سيتسارع، وسيُصبح الإنترنت عالما مختلفا عما عرفناه". اشتراكات لا تكفي وسبق لسيطرة بعض الجهات كـ"غوغل" و"ميتا" أن أدت إلى خفض عائدات وسائل الإعلام الإلكترونية من الإعلانات، مما دفعها إلى التركيز في سعيها إلى تحقيق الإيرادات على المحتوى المدفوع والاشتراكات. لكن جون وهبي ذكر بأن الاشتراكات تعتمد أيضا على حركة الزيارات، وأنها "لا تكفي لجعل وسائل الإعلام الكبيرة قادرة على الاستمرار". وقال مات كاروليان: "بدأنا نرى اشتراكات عبر تشات جي بي تي" الذي يوفر نقطة وصول جديدة إلى الأخبار، "لكن هذا الاتجاه لا يزال محدودا جدا مقارنة بمنصات البحث الأخرى"، حتى الصغيرة منها. وأضاف: "أما بالنسبة لأدوات المساعدة الأخرى القائمة على الذكاء الاصطناعي، على غرار (بيربليكسيتي)، فإن الحركة أبطأ حتى". تحسين محركات البحث التوليدية وسعيا إلى الحفاظ على مكانتها في عالم الذكاء الاصطناعي، يستخدم عدد متزايد من الشركات تقنية "تحسين محركات البحث التوليدية" "جي إي أو" (GEO) التي تشكل بديلا من تقنية "تحسين محركات البحث" "سي إي أو" (SEO)، وهي طريقة لتحسين ترتيب موقع إلكتروني في نتائج البحث بواسطة محركات البحث التقليدية. ومن أهم مميزات التقنية الجديدة أنها توفر تصنيفا واضحا ومنظما بطريقة جيدة للمحتوى، يمكن أن تفهمه نماذج الذكاء الاصطناعي الرئيسية، وحضورا على منصات التواصل الاجتماعي وفي المنتديات. وقال توماس بيهام، الرئيس التنفيذي لشركة "أوترلاي إيه آي" الناشئة في مجال تحسين المحتوى، إن "السؤال الأهم، في حالة وسائل الإعلام، هو: هل يجب على أصحاب المواقع السماح لأدوات استخراج المحتوى الهادفة إلى تغذية برامج الذكاء الاصطناعي باستخدام هذه المواقع للحصول على ما تحتاج إليه؟". فالكثير من ناشري الصحف الذين أحبطهم استخراج برامج الذكاء الاصطناعي التوليدي الرئيسية لبياناتها من مواقعهم بطريقة غير منظمة، اختاروا الرد من خلال منع الذكاء الاصطناعي من ولوج محتواهم. وقالت دانييل كوفي مديرة منظمة "نيوز/ميديا ألاينس" المهنية لوسائل الإعلام إن "علينا ضمان الحصول على تعويض عادل من الشركات التي تستخدم محتوانا". وعُقدت على هذا الأساس بعض الاتفاقات، منها مثلا بين صحيفة "نيويورك تايمز" و"أمازون"، وبين وكالة "أسوشيتد برس" و"غوغل"، وبين وكالة فرانس برس و"ميسترال إيه آي". لكن دعاوى عدة لا تزال جارية، من بينها تلك التي رفعتها "نيويورك تايمز" ضد "أوبن إيه آي" و" مايكروسوفت". ومع ذلك، فإن اعتماد أسلوب منع استخراج البيانات من المواقع يقلل في الواقع من وجودها في إجابات مساعدي الذكاء الاصطناعي. ولاحظ توماس بيهام أن مسؤولي وسائل الإعلام، في ظل هذه المعضلة، "يختارون على نحو متزايد تمكين أدوات الذكاء الاصطناعي مجددا من ولوج مواقعهم". ولكن حتى مع فتح الأبواب على مصراعيها، لا يمكن ضمان النجاح. من يُنتج المحتوى؟ وأوضحت شركة "أوترلاي إيه آي" أن وسائل الإعلام تمثّل 29% من الاقتباسات التي يوفرها "تشات جي بي تي"، وتأتي في المرتبة الثانية بعد مواقع الشركات (36%). لكن الشركة الناشئة رأت أن البحث بواسطة "غوغل" يعطي الأولوية للمصادر الموثوقة، في حين "لا يوجد مثل هذا الارتباط في البحث بواسطة تشات جي بي تي". وأفاد تقرير "معهد رويترز" لعام 2025 عن الأخبار الرقمية بأن نحو 15% من الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 25 عاما يستخدمون الذكاء الاصطناعي التوليدي للاطلاع على الأخبار. ومن شأن متابعة الأخبار عبر هذه القناة، كما عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تشويش فهم القراء للمصدر الحقيقي للأخبار وقيمتها. وشدد مات كاروليان على أن "ثمة من يجب أن يقوم بالمهمة الصحفية في مرحلة ما.. فمن دون صحافة حقيقية، لن تجد منصات الذكاء الاصطناعي هذه ما تلخصه". وتعمل "غوغل" على إقامة شراكات مع وسائل إعلام لتعزيز وظائف الذكاء الاصطناعي التوليدي الذي توفره. ورأى جون وهبي أن "المنصات ستُدرك أنها تحتاج إلى الصحافة".