
اعتراف ماكرون بدولة فلسطين.. مسؤول فرنسي يكشف المستور
وفي السياق ذاته، كشف وزير الخارجية جان‑نويل بارو عن تحركات دبلوماسية تقودها باريس بالتنسيق مع أطراف عربية، تهدف إلى إدانة حركة حماس وعزلها سياسيًا على المستوى الدولي.
وقال ماكرون، إن 'فرنسا تعمل على إشراك دول أخرى في الاعتراف بدولة فلسطين'، مجددا التأكيد على موقفه السابق بأن 'فرنسا ستعترف بدولة فلسطين
في شهر سبتمبر المقبل
خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة'.
وأضاف: 'بحثت مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سبل الدفع نحو حل الدولتين ويجب فعل كل ما يلزم لضمان أمن الفلسطينيين والإسرائيليين'.
وتابع إن 'مؤتمر نيويورك في 28 و29 جويلية يجب أن يطلق مسارا جديدا لحل دائم على أساس حل الدولتين'، مشددا على أنه 'لا يمكن أن نقبل بموت الأطفال جوعا في غزة'، في ظل استمرار الحرب على القطاع المحاصر منذ أكتوبر 2023.
وأشار إلى أنه 'يجب وقف إطلاق النار والإفراج عن جميع الأسرى وإدخال مساعدات عاجلة إلى قطاع غزة ونزع سلاح حماس'، موضحا أن 'الوضع الإنساني في غزة غير مقبول ويهدد بمجاعة ونزوح جماعي'، ومشددا على أن الطريق إلى السلام يكمن في 'دولة فلسطينية منزوعة السلاح تعترف بإسرائيل'.
الرئيس الفرنسي ماكرون:
سأعترف بدولة فلسطين في سبتمبر المقبل خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة
دولة فلسطينية منزوعة السلاح تعترف بإسرائيل هو الطريق إلى السلام
فرنسا تعمل على إشراك دول أخرى في الاعتراف بدولة فلسطين
مؤتمر نيويورك في 28 و29 يوليو يجب أن يطلق مسارا جديدا…
— جريدة القدس (@alqudsnewspaper)
July 27, 2025
ولقيت تصريحات ماكرون انتقادات حادة، بين من يسأله عن سبب عدم نزع سلاح الكيان الصهيوني أيضا كما هو مطلوب من حماس، ومن يؤكد على أنه يساعد على تنفيذ خطة تخدم الاحتلال بشكل واضح، فيما استغرب آخرون كيف تعترف فلسطين بالاحتلال كدولة!!
وبينما أكد متابعون أن ماكرون استدرك وطالب بنزع سلاح المقاومة، بعدما لقي إعلانه الأول رفضا أمريكيا وصهيونيا، أشارت الانتقادات إلى خلل جوهري في مبدأ 'التوازن الأمني' الذي يفترض أن يكون متبادلاً بين الطرفين، وليس مفروضًا على طرف دون الآخر.
من جانبه، زعم وزير الخارجية الفرنسي، إن الدول العربية ستدين حركة حماس للمرة الأولى وتدعو إلى نزع سلاحها في أوائل الأسبوع المقبل خلال اجتماع وزاري للأمم المتحدة في نيويورك وهي خطوة تهدف إلى جذب المزيد من الدول الأوروبية للاعتراف بالدولة الفلسطينية.
French Foreign Minister Jean‑Noël Barrot says that starting this week, Arab nations will publicly condemn Hamas and call for its dismantling for the first time, an action he believes will fully isolate the group. This move comes as part of France's broader strategy to recognize a…
pic.twitter.com/L0vthlC6Wu
— Open Source Intel (@Osint613)
July 27, 2025
وفي مقابلة حصرية مع صحيفة 'لو جورنال دو ديمانش' الأسبوعية الفرنسية، قال بارو إن هذه الخطوة تهدف إلى عزل حماس تماما، وتأتي في إطار مبادرة
مخطط لها منذ فترة طويلة.
وسيتم حسب المسؤول الفرنسي، وضع خارطة طريق مقترحة لما بعد الحرب تؤدي إلى حل الدولتين وتغطي الأمن وإعادة الإعمار والحكم، والتي ستكون متوافقة مع اتفاقيات إبراهيم التي تفاوض عليها الرئيس الأمريكي ترامب.
وأضاف الوزير الفرنسي أن 'المفوضية الأوروبية ستتخذ خلال الأسابيع المقبلة موقفا أكثر صرامة تجاه إسرائيل وتطالب بوقف بناء أي مشاريع استيطانية جديدة في الضفة الغربية، وكذلك إنهاء المراقبة العسكرية لتوزيع المساعدات الإنسانية'.
يذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية رفضت 'بشدة'، قرار ماكرون الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر المقبل، أمام الأمم المتحدة، فيما هاجم نتنياهو فرنسا زاعماً أن مثل هذه الخطوة حسب تعبيره 'مكافأة للإرهاب'.
كما ثار رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو ضد القرار الفرنسي حيث زعم أن 'دولة فلسطينية في هذه الظروف ستكون منصة إطلاق لإبادة إسرائيل – وليس للعيش بسلام إلى جانبها'.
وأضاف أن 'الفلسطينيين لا يسعون إلى إقامة دولة إلى جانب إسرائيل بل يسعون إلى إقامة دولة بدلاً من إسرائيل.'
من جهته قال وزير دفاع الكيان الصهيوني، يسرائيل كاتس أن هذه الخطوة 'عار واستسلام للإرهاب'، وقال إن 'إسرائيل لن تسمح بإقامة كيان فلسطيني من شأنه أن
يضر بأمننا ويهدد وجودنا'.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشروق
منذ 2 ساعات
- الشروق
'ستدفع الثمن يوما'.. فرنسية تهاجم ماكرون بسبب غزة!
هاجمت سيدة فرنسية ماكرون وتوعدته بأنه سيدفع الثمن في يوم من الأيام مع بقية قادة العالم الغربي والعربي الذين سكتوا عن الجرائم الوحشية التي ترتكب في غزة. وقالت السيدة من خلال مقطع فيديو مؤثر: 'لبست الكوفية اليوم لتعطيني الشجاعة، نعم، غزة تُحتضر وتموت من الجوع أمام ملايين، بل مليارات العيون التي تصورهم، كل هذا في ظل صمت مطبق من حكوماتنا'. وخاطبت ماكرون وقادة العالم قائلة: 'سيأتي يوم وتدفع فيه الثمن، ترامب سيأتي يوم وتدفع فيه الثمن، أوروبا سيأتي يوم وتدفعين فيه الثمن، الدول العربية سيأتي يوم وتدفعين فيه الثمن'. وأضافت:' أنتم أيها الأشقاء العرب، يا لكم من جبناء، مجموعة من الجبناء، تتركون جيش من المنحرفين يفعلون بهم ذلك، لكن ماذا فعلوا ليستحقوا ما يحدث لهم؟ إنهم يموتون جوعا، الناس ينهارون في الشوارع، ويموتون أمام الكاميرات'. وتابعت السيدة الفرنسية مؤكدة: 'نعم، إنهم يموتون عند نقاط توزيع المساعدات وتعرفون ماذا يفعل الجنود الامريكيون، يهاجمونهم بالغاز'. ثم وجهت كلامها للجيش الأمريكي: 'الجيش الأمريكي، أنتم مجموعة من المنحرفين، تماما مثل الجيش الإسرائيلي'. وعبرت السيدة الفرنسية التي ظهرت بالكوفية عن تضامنها: 'أنا غزة اليوم، أنا غزة كل يوم، كل يوم أفكر فيكم'. وكشفت عن جزء من معاناة سكان القطاع، قائلة:' يحدث ذلك خلف الجدران، إنهم أسرى، يمنعون الأطفال من الذهاب إلى البحر للترفيه عن أنفسهم، يمنعونهم من الصيد، ويطلقون عليهم النار مثل الجرذان'. وتابعت: 'يمنعونهم من الذهاب إلى نقاط توزيع المساعدات ويطلقون عليهم النار مثل الجرذان، يعطونهم طحينا فاسدا، غير صالح للاستهلاك، نوع من الاسمنت، أو شيء من هذا القبيل، لا يعطونهم الماء، بل يعطونهم مادية حمضية'. وناشدت السيدة الفرنسية العالم:' يجب أن تعرفوا ما يعانيه الفلسطينيون يوميا، إنهم يقاسون هذا العذاب المخزي أمام أعيننا جميعا'. سيدة فرنسية في رسالة مؤثرة: 'ماكرون.. ترامب.. أوروبا سيأتي اليوم الذي تدفع فيه الثمن! الدول العربية سيأتي اليوم الذي تدفعون فيه الثمن، خاصة أنتم أيها الأشقاء العرب! يا لكم من جبناء! تتركون جيش المنحـ ـرفين هذا يفعل بأهل غزة هذا. ماذا فعلوا ليستحقوا هذا؟ إنهم ينهارون في الشوارع،… — مجلة ميم.. مِرآتنا (@Meemmag) July 29, 2025


الشروق
منذ 6 ساعات
- الشروق
كندا تنضم لـ 'مسرحية' الاعترافات الغربية بفلسطين.. وهذه شروطها
أعلنت كندا رسميًا عزمها الاعتراف بفلسطين خلال شهر سبتمبر المقبل، لتنضم بذلك إلى ركب الاعترافات الغربية المتأخرة وفقا لخبراء، والتي لا تعدو أن تكون سوى مسرحية لخنق روح المقاومة، وفرض نموذج لدولة منزوعة السيادة. وقال رئيس الوزراء الكندي مارك كارني، مساء الأربعاء، في مؤتمر صحفي 'نعتزم الاعتراف بدولة فلسطين في الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2025'.، مضيفا أن هذه الخطوة مشروطة بالتزام السلطة الفلسطينية بإصلاحات جذرية للحوكمة وإجراء انتخابات عامة في عام 2026 لا يمكن لحركة حماس المشاركة فيها. وفي تعليق يبدو أقرب إلى التهديد والوعيد، عبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن احتمال 'تعقيد' إبرام صفقة تجارية مع كندا، بعد إعلان كارني عن خطط للاعتراف بفلسطين، حيث قال في منشور على منصة 'تروث سوشيال، اليوم الخميس: 'واو! أعلنت كندا للتو أنها تدعم إقامة دولة لفلسطين. سيجعل ذلك من الصعب جدا علينا إبرام صفقة تجارية معهم. أوه كندا!!!'. ولطالما أكدت كندا أنها لن تعترف بدولة فلسطينية إلا في ختام محادثات سلام مع الكيان الصهيوني. لكن كارني قال إن الواقع على الأرض، بما في ذلك تفشي الجوع في غزة، يعني أن 'فرصة قيام دولة فلسطينية تتلاشى أمام أعيننا'. وتابع كارني أن من بين أسباب الاعتراف أيضا 'التهديد الواسع لحماس على إسرائيل وتسارع بناء المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية فضلا عن تصويت بالكنيست يدعو لضم الضفة الغربية'، مردفا:'تندد كندا بتهيئة الحكومة الإسرائيلية الظروف لحدوث كارثة في غزة'. ولم تُصدر حركة حماس حتى الآن أي تعليق رسمي بشأن الشروط التي تربط بها كندا والدول الغربية اعترافها بالدولة الفلسطينية، وعلى رأسها شرط نزع سلاح المقاومة واستبعاد قوى فاعلة من أي عملية سياسية مقبلة، ما يفتح الباب أمام تساؤلات حول موقف الحركة من هذه 'الدولة المشروطة'، ومدى توافقها مع مشروع التحرر الوطني. وتأتي هذه الخطوة بعد مواقف مماثلة أعلنت عنها كل من فرنسا وبريطانيا، ما يعكس رغبة الغرب في القضاء على روح المقاومة بتشكيل دولة 'ورقية' تعيش تحت عيون التنسيق الأمني و'المجتمع الدولي'، وهو ما يؤكده تصاعد الضغوط من أجل نزع سلاح حماس دون الكيان الصهيوني. Canada has long been committed to a two-state solution — an independent, viable, and sovereign Palestinian state living side by side with the State of Israel in peace and security. My statement on Canada's recognition of a Palestinian state: — Mark Carney (@MarkJCarney) July 30, 2025 والثلاثاء أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أن بلاده 'ستعترف رسميا بدولة فلسطين بحلول سبتمبر ما لم تتخذ إسرائيل خطوات ملموسة للسماح بدخول المساعدات إلى قطاع غزة وتلتزم بحل الدولتين وتمتنع عن ضم الضفة الغربية'. وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية 'وفا' إن الرئيس محمود عباس تلقى اتصالا هاتفيا من كارني أبلغه خلاله عزمه الاعتراف بدولة فلسطين، مضيفة أنه 'ثمّن الموقف الكندي الذي سيعزّز السلام والاستقرار والأمن في المنطقة'. بدوره أعلن قصر الإليزيه، مساء الأربعاء، أنّ فرنسا ترحّب بالقرار الكندي، وقال في بيان: 'يسعدنا أن نتمكن من العمل مع كندا لإحياء آفاق السلام في المنطقة. سنواصل جهودنا من أجل أن ينضمّ آخرون إلى هذا الزخم في إطار التحضيرات للجمعية العامة'. في ذات السياق قال متابعون إن كارني لم يذكر شيئا عن وقف توريد الأسلحة إلى الكيان الصهيوني، أو فرض عقوبات عليه، أو دعم القانون الدولي من خلال محاكمة مجرمي الحرب وعلى رأسهم رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو. وأضافوا أن كلامه يشبه إعلان سابقيه، فالجميع يتحدث عن نزع سلاح حماس التي تدافع عن أرضها، لكن ولا أحد من هؤلاء شدد على ضرورة نزع سلاح تل أبيب بالمثل، والتي ترتكب جرائم لا يمكن وصفها بحق المدنيين والأطفال. وأدان الاحتلال الإسرائيلي اعتزام كندا الاعتراف بدولة فلسطين، معتبرا إعلان كارني 'حملة ضغط دولية مشوّهة' لن تؤدّي إلا إلى 'تعزيز موقف حماس على طاولة المفاوضات في لحظة حرجة'. 🚨 BREAKING: Canada 🇨🇦 will recognize a Palestinian state in September, conditional on reforms and elections without Hamas. Israel condemns the move, calling it a 'reward for terrorism.' — SilencedSirs◼️ (@SilentlySirs) July 30, 2025 من جانبه أعلن وزير الخارجية الفرنسي جون نويل بارو، أن 15 دولة وجّهت نداء جماعيا تعتزم فيه الاعتراف بدولة فلسطين، وذلك عقب اختتام مؤتمر حل الدولتين في نيويورك الذي عقد يومي الاثنين والثلاثاء. وتحدث السفير الأمريكي لدى الكيان الصهيوني مايك هاكابي، عن تصاعد الانتقادات الحادة الموجهة إلى تل أبيب من عدة عواصم أوروبية على خلفية تفاقم الكارثة الإنسانية في غزة، في مقابل ضغوط تمارسها دول عربية على حماس بهدف دفعها إلى التخلي عن سلاحها. ولم تُصدر حركة حماس حتى الآن أي تعليق رسمي بشأن الشروط التي تربط بها كندا والدول الغربية اعترافها بالدولة الفلسطينية، وعلى رأسها شرط نزع سلاح المقاومة واستبعاد قوى فاعلة من أي عملية سياسية مقبلة، ما يفتح الباب أمام تساؤلات حول موقف الحركة من هذه 'الدولة المشروطة'، ومدى توافقها مع مشروع التحرر الوطني. خبراء: هذا الاعتراف المشروط يهدف للقضاء على روح المقاومة رغم ما قد يبدو ظاهريًا كخطوة داعمة للقضية الفلسطينية، فإن إعلان كندا نيتها الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر المقبل، لا يمكن فصله عن سياق الهيمنة الغربية وإعادة إنتاج السيطرة على القرار الفلسطيني، وفقا لمحللين سياسيين. هذا الاعتراف – المُشروط بتجريد المقاومة من سلاحها، وإقصاء حركات تحرر وطنية كحماس من العملية السياسية – لا يحمل في جوهره دعمًا حقيقيًا للحق الفلسطيني، بل يأتي كجزء من هندسة تسوية مفروضة هدفها خنق روح المقاومة وتحويل الشعب الفلسطيني إلى طرف مستسلم يُمنح 'دولة' شكلية بلا سيادة ولا كرامة. إن اشتراط نزع السلاح الفلسطيني، مقابل الاعتراف بدولة مقطّعة الأوصال بلا حدود أو سيطرة حقيقية على الأرض، هو استمرار لنهج أوسلو ولكن تحت غطاء دولي أوسع. هذا النوع من 'الاعتراف' لا ينهي الاحتلال، بل يُضفي عليه شرعية جديدة، ويُحاصر مشروع التحرر من الداخل عبر أدوات سياسية ناعمة. ثمّة من يريد للقضية أن تنتهي بصيغة مُغلّفة بعبارات دبلوماسية، بينما تبقى غزة محاصرة، والضفة ممزقة، والقدس مهددة بالتهويد. والمقاومة، التي أثبتت خلال العقود الماضية أنها الخيار الأصدق في وجه الاحتلال، يُراد الآن شيطنتها ونزع شرعيتها دوليًا، في مقابل وعود غامضة بدولة لا تملك الدفاع عن نفسها. من هنا، فإن من يرى في خطوة كندا – ومن قبلها فرنسا وبريطانيا – دعمًا للقضية، عليه أن يُمعن النظر في الثمن السياسي المطلوب: التخلي عن جوهر الصراع، وحق العودة، والمقاومة، مقابل دولة 'ورقية' تعيش تحت عيون التنسيق الأمني و'المجتمع الدولي'.


الشروق
منذ 19 ساعات
- الشروق
تفنيدٌ قانوني لمزاعم وزير الداخلية الفرنسي
تتجدد فصول التوتر في العلاقات الجزائرية- الفرنسية، وكأنها مرآة تعكس عمق وتعقيد تاريخ يرفض أن يغادر الحاضر. وفي أحدث تصعيد، أثار وزير الداخلية الفرنسي، برونو روتايو، جدلاً واسعًا باعتراضه على قيام القنصليات الجزائرية في فرنسا بإصدار جوازات سفر لمواطنين جزائريين يقيمون على الأراضي الفرنسية، حتى وإن كانوا في وضعية غير نظامية. هذا الموقفُ الفرنسي، وإن ادَّعى الدفاع عن سياسة الهجرة الداخلية، إلا أنه يتجاهل عمدًا مبادئ راسخة في القانون الدولي، ويُشكل مساسًا مباشرًا بالسيادة الجزائرية. فما هي حقيقة هذه المزاعم في ميزان القانون الدولي؟ تتجاهل هذه التصريحات حقائق أساسية: ففرنسا، كأي دولة، لها الحق في تنظيم سياستها الخاصة بالهجرة وتطبيق قوانينها الداخلية، ولكن هذا الحق لا يمكن أن يتجاوز حدود السيادة الوطنية للدول الأخرى أو يمس بحقوق مواطنيها الأساسية. الخلاف الحقيقي هنا لا يتعلق بشرعية إصدار الجزائر للوثائق، بل بمدى تعاون الدولتين في ملف ترحيل المهاجرين، والجدل حول الاتفاقيات الثنائية القائمة، كـاتفاقية 1968 التي تنظم حركة الجزائريين في فرنسا. إن ما تقوم به الجزائر هو ممارسة طبيعية وراسخة لحقها السيادي وواجبها تجاه مواطنيها، وهو حق لا يمكن لأي دولة أجنبية أن تعترض عليه من الناحية القانونية، فالجزائر بهذا التصرف، لا تحترم فقط الالتزامات الواقعة عليها بموجب القانون الدولي، بل وتُحافظ على حقوق الإنسان لمواطنيها وتدافع عنها بقوة. الأساس في ذلك يعود إلى ركائز القانون الدولي العام: السيادة القنصلية المتأصلة بموجب القانون الدولي: تُعدّ صلاحية إصدار وثائق الهوية والسفر، وعلى رأسها جوازات السفر، من الوظائف الجوهرية للبعثات القنصلية حول العالم. تنص المادة الخامسة من اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية لعام 1963، وهي معاهدة دولية ملزِمة صادقت عليها كلتا الدولتين، بوضوح على أن وظائف القنصلية تشمل 'إصدار جوازات السفر ووثائق السفر لمواطني الدولة الموفدة'. الأهم في هذا السياق هو أن هذه الصلاحية غير مشروطة أبدًا بوضع الإقامة القانوني للمواطن في الدولة المضيفة. المعيار الوحيد هنا هو الجنسية؛ فالدولة ملزَمة برعاية مواطنيها حيثما كانوا، وتوفير الوثائق التي تثبت هويتهم وتضمن حقوقهم. جواز السفر: الأداة الجوهرية لتفعيل الحق في التنقل: إن توفير وثائق الهوية والسفر لمواطنينا هو التزامٌ أخلاقي وقانوني يخدم حقوق الإنسان الأساسية المكفولة دوليًّا، فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان (المادة 13)، الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 10 ديسمبر 1948، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (المادة 12)، الذي دخل حيز النفاذ في 23 مارس 1976، يؤكدان الحق في حرية التنقل، ومغادرة أي بلد (بما في ذلك بلده)، والعودة إليه. هنا تكمن الأهمية القصوى: جواز السفر ليس مجرد ورقة إدارية، بل هو الأداة العملية التي لا غنى عنها لتفعيل هذه الحقوق الجوهرية، وتحويلها من مجرد مبادئ نظرية إلى واقع ملموس، فكيف يمكن لمواطن أن يمارس حقه في مغادرة وطنه أو العودة إليه من دون وثيقة سفر رسمية معترف بها؟ إن حرمان أي مواطن جزائري من وثيقة سفر رسمية، لأي سبب كان يتعلق بوضعيته في دولة أخرى، سيكون بمثابة انتهاك مباشر لحق أصيل من حقوقه الأساسية المكفولة دوليًّا. وقد أكدت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في تفسيراتها وأحكامها، وعلى سبيل المثال في قضية De Brún v. Ireland (2000)، أن حرمان المواطن من وثيقة السفر من دون مبرِّر قانوني مشروع يُمكن أن يُعدَّ انتهاكًا لحقه في حرية التنقل. وبما أن الجزائر لا تحرم مواطنيها من هذا الحق، بل تمكّنهم منه، فإن موقفها متوافق تمامًا مع هذه المبادئ، فالجزائر، انطلاقًا من مسؤوليتها السيادية والإنسانية، لا يمكن أن تتخلى عن واجبها في توفير وثائق لمواطنيها الذين قد يجدون أنفسهم في وضعيات صعبة بالمهجر، وهي وثائق أساسية لا لعودتهم فحسب، بل لتسوية أوضاعهم إن أمكن في أي وقت. لا يوجد حظر قانوني دولي: يجب التأكيد أنه لا يوجد في القانون الدولي أي نص يمنع دولة من إصدار وثائق هوية لمواطنيها، حتى لو كانوا مقيمين بشكل غير نظامي في دولة أخرى. هذا الأمر يُعدُّ جزءًا أصيلًا من ممارسة الدولة لسيادتها على مواطنيها. المحاكم الدولية الكبرى، كمحكمة العدل الدولية، لم تنظر قط في قضايا تطعن في هذا الحق السيادي، بل على العكس، فإن قضايا الجنسية والحماية الدبلوماسية (مثل قضية نوتيبوم الشهيرة عام 1955) تُبرز أهمية الرابط بين الفرد ودولته الأم، وهو رابط يتجسد في وثائق الهوية. موقفٌ فرنسي متطرف إن اعتراض وزير الداخلية الفرنسي، برونو روتايو، ليس جديدًا في طبيعته، ويعكس توجهًا فرنسيًّا متشددًا تجاه ملف الهجرة. هذا التوجه هو سمة مميزة لسياسات اليمين المتطرف، الذي يجد فيه روتايو مساحة لزيادة تطرفه في موقعه على رأس وزارة الداخلية. إن ادِّعاءه 'عدم الاعتراف' بهذه الجوازات لأغراض الإقامة، هو محاولة لممارسة ضغط سياسي على الجزائر، وربما استجابة لاعتبارات انتخابية داخلية في فرنسا أكثر منها مقاربة قانونية. لقد تأجّجت هذه المسألة بشكل كبير بسبب رفض الجزائر ترحيلَ مواطنيها من فرنسا في بعض الحالات. هذا الرفض الجزائري ليس تعسفيًّا، بل غالبًا ما يأتي في سياق يمسّ بالقواعد المعمول بها في القانون الدولي العرفي، لاسيما تلك المتعلقة بقواعد الطرد المقرة من قبل لجنة القانون الدولي. لقد تبنت لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة 'مشروع المواد بشأن طرد الأجانب' في عام 2014، والذي يعكس قواعد القانون الدولي العرفي في هذا الشأن ويضع قيودًا واضحة على سلطة الدول في طرد الأجانب. هذه القواعد تشترط ضمانات إجرائية صارمة، وتحظر الطرد الجماعي، وتُلزم الدول باحترام كرامة الأفراد وحقوقهم الأساسية خلال عملية الترحيل. إذا كانت إجراءات الترحيل لا تلتزم بهذه المعايير الدولية، أو لا توفّر الضمانات الكافية لحقوق الأفراد، فإن الجزائر تحتفظ بحقها السيادي في تقييم كل حالة على حدة، وفي رفض استقبال مواطنيها إذا كانت هذه الإجراءات تتنافى مع القانون الدولي أو كرامة مواطنيها. تتجاهل هذه التصريحات حقائق أساسية: ففرنسا، كأي دولة، لها الحق في تنظيم سياستها الخاصة بالهجرة وتطبيق قوانينها الداخلية، ولكن هذا الحق لا يمكن أن يتجاوز حدود السيادة الوطنية للدول الأخرى أو يمس بحقوق مواطنيها الأساسية. الخلاف الحقيقي هنا لا يتعلق بشرعية إصدار الجزائر للوثائق، بل بمدى تعاون الدولتين في ملف ترحيل المهاجرين، والجدل حول الاتفاقيات الثنائية القائمة، كـاتفاقية 1968 التي تنظم حركة الجزائريين في فرنسا. بدلاً من الخطاب التصعيدي الذي لا يخدم إلا تأجيج التوتر، ينبغي أن يكون التركيز على الحوار البنّاء والتفاوض الدبلوماسي لإيجاد حلول عملية وملزِمة للطرفين. إن التحديات المتعلقة بالهجرة تتطلب مقاربة شاملة تقوم على التعاون الدولي، لا على فرض الإملاءات أحادية الجانب أو تجاهل المبادئ القانونية الراسخة. احترام السيادة هو أساس العلاقة تؤكد هذه الأزمة المتجددة أن العلاقة بين الجزائر وفرنسا، بتاريخها المعقد وثقله، لا يمكن أن تُدار بمنطق الاستعلاء أو التضييق على حقوق الدول. إن الجزائر، بدفاعها عن حقها في إصدار وثائق لمواطنيها، تؤكد على سيادتها الكاملة والتزامها بمسؤولياتها الدولية تجاه أبنائها، وهو موقف راسخ لا يمكن التراجع عنه. إن المسار الصحيح لتجاوز هذه الأزمات يكمن في العودة إلى مبدأ الاحترام المتبادل للسيادة الوطنية، والالتزام الصارم بالقانون الدولي والأعراف الدبلوماسية. بدلاً من محاولات فرض الإملاءات التي لا تنتج سوى المزيد من التوتر، يجب أن تسود روح التعاون البراغماتي والحوار الصريح الذي يضع المصالح المشتركة فوق المناكفات السياسية. الجزائر، بتعاملها مع هذا الملف، تؤكِّد التزامها الكامل بمسؤولياتها الدولية، وتدعو فرنسا إلى إتِّباع المسار ذاته القائم على الشرعية الدولية والاحترام المتبادل لبناء علاقة قوية ومستقرة تخدم مصالح الشعبين.