
لا غالب ولا مغلوب
وفي وصف سريع وضروري لمحتوى الخطاب بدا أنَّه خطاب إيجابي ودبلوماسي وذكي وحكيم حيث يمد فيه المغرب يده للجزائر ويطلب حواراً صريحاً وأخوياً لحل المشكلات والخلافات العالقة. ولم يخلُ الخطاب من تذكير بالروابط التاريخية والجغرافية والثقافية للبلدين وضرورة التكاتف من أجل المصالح ورفع التحديات.
وقد سبق اعتماد المضمون نفسه، وكان آخر ذلك في سنة 2021. ولكن نعتقد أن التقليل من شأن هذه الدعوة من منطلق أنَّها مكررة أمر لا يستقيم بالمرة، خصوصاً أن العالم يتغير سياسياً بسرعة ولكل خطاب سياقه الذي يحدّد دلالات مضمونه وتوقيته ومعانيه.
لذلك فإنَّ هناك عناصر جديدة من الضروري أخذها في الحسبان كي نُجيد فك شيفرات رسائل الملك محمد السادس فهي توضح أنّه لابدَّ للمنطقة من الاستقرار وأن تتجه لصنع التفدم والنماء.
كما أنَّ الخطاب كان من الحكمة والهدوء والإيجابية ما يضاعف من خطورته، الأمر الذي يحتم أن يتم التفاعل مع الرسائل بوعي سياسي يلتقط السياق قبل الرسالة.
وهنا لا يفوتنا أن الخطاب وصف المغرب بكونه دولة صاعدة طموحة وعبّر عن إرادة في الانفتاح على المحيط المباشر: إذاً هو خطاب اليد الممدودة لدولة صاعدة طموحة، وهذا توصيف غني جداً بالرسائل وبتحديد حجم يد المغرب الممدودة وأيضاً موقعها في الحوار الصريح المباشر الأخوي الذي تنادي به.
والحال أنه رغم الإعلان عن تأسيس اتحاد المغرب العربي في فبراير (شباط) 1989 فإنه حتى الساعة ما زال حبراً على ورق وظل يعاني الموت السريري منذ ولادته، والحال أن المنطقة في أمس الحاجة له وأحبطت كل الجهود التي قام بها القيادات في تونس وليبيا. ومن ثم فنحن نتحدث عن الإشكال بين المغرب والجزائر الدولتين الكبيرتين وكون هذا الإشكال تسبب في حرمان شعوب المغرب العربي من التكتل اقتصادياً والتنمية والقوة الجامعة.
والملاحظ من خلال خطاب ذكرى اعتلاء ملك المغرب للعرش أنَّ اليد الممدودة تبدو حاملة لمرونة جديدة من خلال تعبيرات واضحة ومباشرة قال فيها إنَّ المغرب مستعد للعمل والتحاور بشأن حل توافقي لا غالب فيه ولا مغلوب، مضيفاً أن الحل المستعد المغرب للتحاور حوله من نوع الحلول التي تحفظ ماء وجه الجميع.
وفي الحقيقة فإنَّ الرسائل الجديدة تعبر عن مرونة غير معهودة في المقاربة بين الدولتين. تجدر الإضافة في هذا الصدد أن المغرب في السنوات الأخيرة قد حاز مواقف دولية داعمة لموقفه من قضية الصحراء الغربية، ومن هذه الدول التي يتجاوز عددها الثلاثين دولة نشير إلى الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا والبرتغال وبريطانيا.الواضح أن الخطاب خصوصاً في نقطة العلاقة مع الجزائر واليد الممدودة لها، مصوغ بشكل يقدم للعالم صورة المغرب المبادر للحوار والتجاوز والباحث عن الحلول لا عن الخلافات، أي المغرب التوافقي لا الراديكالي، وهي صورة في الحقيقة ينبغي للجزائرأن تتفاعل معها من أجل بناء مستقبل مشرق.
نتمنى أن تتفاعل الجزائر مع دعوة الملك محمد السادس، لنصل إلى حل القضايا العالقة لخير شعوبنا ورقيّها وتقدمها. لا يوجد أي شكل آخر للتفاعل كي تستثمر الجزائر هذه الاستعدادات لصالحها أيضاً من خلال تسويق صورة الجزائر المرنة المهتمة بالحل والإيجابية.سياسياً أفضل رد للجزائر على يد المغرب الممدودة هو يد الجزائر التي تصافح اليد الممدودة وتجلس وتحاور. هذه هي الخطوة السياسية الأولى وما بعد ذلك تحدده طاولة الحوار التي ستكون بمثابة الامتحان للطرفين.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 18 ساعات
- عكاظ
ترمب يجدد اعتراف أمريكا بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية
جدد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب التأكيد على اعتراف بلاده بالسيادة المغربية على الصحراء، ودعمها المقترح المغربي للحكم الذاتي باعتباره الأساس الوحيد من أجل تسوية عادلة ودائمة لهذا النزاع. وقال الرئيس الأمريكي في برقية وجهها إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس بمناسبة احتفال المملكة المغربية بالذكرى الـ26 لعيد العرش: «أود أن أجدد التأكيد على أن الولايات المتحدة الأمريكية تعترف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، وتدعم المقترح المغربي للحكم الذاتي، الجاد وذا مصداقية والواقعي، باعتباره الأساس الوحيد من أجل تسوية عادلة ودائمة لهذا النزاع»؛ بحسب الخارجية المغربية. وأكد ترمب أن الولايات المتحدة الأمريكية تولي أهمية كبيرة للشراكة القوية والدائمة التي تربطها بالمغرب، معربا عن التطلع للمضي قدما بالأولويات المشتركة «من أجل السلام والأمن في المنطقة ومكافحة الإرهاب، وتوسيع نطاق التعاون التجاري بما يعود بالنفع على الأمريكيين والمغاربة على حد سواء». وأعرب الرئيس الأمريكي في برقيته عن التطلع إلى مواصلة التعاون بين الولايات المتحدة والمملكة المغربية من أجل «تعزيز الاستقرار والأمن والسلام على الصعيد الإقليمي»، وهو التأكيد الذي يأتي في سياق العلاقات الوثيقة بين الرباط وواشنطن، التي شهدت تقدما كبيرا منذ إعلان ترمب في ديسمبر 2020، خلال ولايته الأولى، الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء، وهو القرار الذي عزز مكانة المغرب كشريك إستراتيجي في شمال أفريقيا. ويعد نزاع الصحراء الغربية، الذي بدأ في منتصف السبعينات بعد انسحاب إسبانيا من الإقليم، أحد أطول النزاعات في أفريقيا، ويطالب المغرب بالسيادة على الإقليم استنادا إلى روابط تاريخية وثقافية، بينما تدعي جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر إقامة دولة مستقلة باسم «الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية». وفي 2007، قدم المغرب مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كحل وسط، وحظي بدعم دولي متزايد، بما في ذلك من الولايات المتحدة وفرنسا والعديد من دول العالم. أخبار ذات صلة


العربية
منذ 18 ساعات
- العربية
درس متقن في فنّ الدبلوماسية
على مدى الثمانية عشر شهراً الماضية، قدّمت الرياض درساً متقناً في الدبلوماسية أعاد بهدوء تشكيل طريقة تعاطي العواصم الغربية مع الملفّ الفلسطيني. فبقيادة صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وبحضور دبلوماسي مباشر من وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، انتهجت المملكة نهجاً براغماتياً صارماً: المظلّة الاستراتيجية التي توفرها واشنطن لإسرائيل لن تنهار بخطابات حماسية ولا بعواصف وسائل التواصل الاجتماعي. وبدلاً من إهدار الجهد على الاستعراض، اختارت السعودية مساراً تراكمياً صبوراً—تنقض فيه شيئاً فشيئاً من هالة 'الشرعية الغربية السهلة' التي تحيط بإسرائيل إلى أن تبدأ الحسابات السياسية داخل عواصم مجموعة السبع في الميلان. قد يبدو الإيقاع بطيئاً لمَن يستعجل النتائج، لكنه في عالم يكافئ الإصرار أكثر من الضجيج هو السبيل لبناء نفوذ حقيقي. سرّ هذه المقاربة فهمٌ واعٍ للحدود مقرونٌ باستخدام دقيق لأدوات الضغط المتاحة. المملكة لا تزعم أنها قادرة على ليّ ذراع قوة عظمى؛ بل تضبط أسواق النفط وتبتعد عن استعراض القوة العسكرية—وهو انضباط يفتح لها أبواب الوزارات والبرلمانات وغرف مجالس الإدارة التي تصوغ سياسات إسرائيل. مَن يفسّر هذا الانضباط على أنه تردّد يخطئ؛ فحكمة التجربة أثبتت أنّ 'التناسب'، لا الاستفزاز، هو ما يورث نتائج تدوم. بدأ بناء الائتلاف من باريس؛ إذ وجدت فرنسا، الباحثة عن دور أكبر في الشرق الأوسط، ثقلها الإقليمي في السعودية. ثم لحقت لندن انسجاماً مع غضب ناخبيها من حرب غزة، وأعقبتها أوتاوا كي لا تبقى وحيدة في مجموعة السبع. قد يبدو الاعتراف بفلسطين عملاً رمزياً، غير أنّ الرمزية هي ذاتها الأساس الذي استندت إليه إسرائيل لترسيخ صورتها كديمقراطية غربية طبيعية. وكل تصدّع في تلك الصورة يرفع الكلفة المعنوية للاحتلال ويغرسها في صميم حسابات الأمن الإسرائيلي. ويتجلّى هذا الزخم الهادئ في استطلاعات الرأي: فالدعم الأميركي لعمليات إسرائيل في غزة تراجع بشكل حاد، خصوصاً لدى مَن هم دون الأربعين عاماً. والديموغرافيا قدرٌ لا يُقاوَم. هكذا تلعب الرياض لعبة النفس الطويل—راهنة على الزمن لا على نوبات الغضب، لتهتك الخيوط القديمة التي كانت تربط واشنطن بإجماع غير مشروط. هذا التآكل بات واضحاً في الجامعات، وفي برلمانات الولايات، وفي مجالس إدارة الشركات المنشغلة بمعايير الحوكمة والمسؤولية الاجتماعية. أكد ولي العهد موقف المملكة بلا مواربة في خطابه أمام مجلس الشورى: لا اعتراف بإسرائيل من دون دولة فلسطينية قابلة للحياة. هذا ليس إحياءً لمغامرات نفطية على غرار 1973—فمثل تلك المغامرات اليوم لن تفعل سوى تسريع تنويع الغرب مصادره وخفض عوائد العرب. بل إن الرياض تُبقي الأسواق مستقرة وتجمّد اندماج إسرائيل الإقليمي إلى أن تنخرط جدياً في حلّ الدولتين؛ فتُطمئن المستهلكين العالميين وتُبقي تل أبيب في حالة من القلق الحسابي. ويبقى وعد التطبيع مطروحاً—لكن خلف بوابة حلّ الدولتين. فبعد أن فتحت 'اتفاقيات أبراهام' الطريق السهل أمام إسرائيل إلى الخليج، أعادت السعودية رسم الخريطة: رؤوس الأموال السيادية، وصلات البحر الأحمر، والشراكات التقنية المتقدمة كلها في المتناول—لكن بعد التسوية. بذلك ينتقل العبء إلى إسرائيل: عليها أن تفسّر لمواطنيها لماذا ينبغي للأيديولوجيا أن تمنع فرصة تاريخية للتحوّل من دولة محصنة عسكريا إلى لاعب إقليمي طبيعي. وعندما تتقاطع المصلحة الاقتصادية مع الضرورة الاستراتيجية، تنكسر الأيديولوجيا عاجلاً أم آجلاً. وكان من أبرز المنعطفات إعلان السعودية ودول عربية أخرى ضرورة نزع سلاح حماس وتسلّم السلطة الفلسطينية إدارة غزة. خطوة حاسمة نزعت من إسرائيل ذريعة 'لا شريك للسلام'، وقطعت الطريق على استمرار الحملة العسكرية بحجة الدفاع عن النفس، وأعادت تأكيد المطالب الدولية بإنهاء الاحتلال والانتقال إلى حلّ سياسي. أما الأصوات العربية والإسلامية التي تنادي بالمقاطعة أو الحصار أو الحرب، فإنها تُخطئ قراءة التاريخ واللحظة معاً. فالقوة اليوم تكمن في الضغط الذكي على نقاط الأعصاب لا في الشعارات المدوّية. الدبلوماسية السعودية دفعت الديمقراطيات الغربية—وهي النادي الأهم بالنسبة لإسرائيل—إلى إعادة النظر جدياً في فكرة الدولة الفلسطينية؛ إنجاز لم تحققه عقود من القمم والخطابات. وما ينبغي على العواصم العربية إلا تعزيز هذا النهج بدلاً من تبديد الجهد في استعراضات لا تسمن ولا تغني. صحيح أنّ إسرائيل ما تزال تمتلك ورقة الفيتو الأميركي، لكن الفيتو عاجز عن وقف التحولات الديموغرافية في الولايات المتأرجحة، أو كبح ضغوط النواب البريطانيين الحريصين على ناخبيهم، أو تعطيل حسابات الشركات الأوروبية التي توازن بين الأرباح ومخاطر المقاطعة. وفي نهاية المطاف ستواجه إسرائيل اختياراً صارماً: حصارٌ دائم وعزلةٌ متنامية، أم تعايش مع جار فلسطيني ذي سيادة؟ المفاتيح اليوم في يد السعودية—الرافعة الدبلوماسية الحقيقية الباقية لرام الله. في ساحات 2025—غرف المؤتمرات، مجالس الإدارة، فضاءات التواصل الاجتماعي—تتقدّم المملكة بهدوء واتساق وعلى إيقاعها الخاص. ولمن يقدِّر النتائج فوق المظاهر، لا يُعدّ هذا حذراً بل حكمة.


الرياض
منذ 18 ساعات
- الرياض
الأردن: ندين حملات التحريض المتواصلة ضدنا بشأن غزة
أدانت مملكة الأردن حملات التحريض المتواصلة ضدها بشأن قطاع غزة، مشيرةً إلى أن مواقفها ثابتة في دعم الشعب الفلسطيني . وأضافت مملكة الأردن حسب بيان لوزارة الخارجية الأردنية "حملات التشويه الممنهجة ومن يقف وراءها لن يطالوا من جهودنا لصالح غزة، وخاطبنا وزارات خارجية الدول التي وقعت فيها اعتداءات على سفاراتنا، وحملات التشويه الممنهجة ومن يقف وراءها لن يطالوا من جهودنا لصالح غزة ". وتابعة الخارجية الأردنية "حملة التحريض شملت اعتداءات على السفارات والبعثات الدبلوماسية الأردنية بالخارج، ونتابع الاعتداءات على سفاراتنا مع الجهات المعنية لضمان محاسبة مرتكبيها، وخاطبنا الدول التي تعرضت فيها سفاراتنا لاعتداءات لاتخاذ إجراءات لحمايتها".