
بزنس الموت والإبادة فى غزة.. تقرير أممي يكشف ٦٠ شركة عالمية كبرى تعمل فى خدمة الاحتلال الاستيطانى والصهيوني.. أساتذة قانون دولى: ترتكب جرائم ضد الإنسانية تستوجب مساءلتها
استخدمت إسرائيل -كما يروى التقرير- التقنيات المدنية كأدوات مزدوجة الاستخدام فى خدمة الاحتلال الاستيطانى الاستعماري، وتعتمد العمليات العسكرية الإسرائيلية بشكل كبير على معدات من كبرى الشركات المُصنِّعة العالمية لإجبار الفلسطينيين على ترك أراضيهم، وهدم المنازل والمبانى العامة والأراضى الزراعية والطرق وغيرها من البنى التحتية الحيوية، ومنذ أكتوبر 2023، ساهمت هذه الآلات بشكل أساسى فى إتلاف وتدمير 70% من المبانى و81% من الأراضى الزراعية فى غزة وتصفية المدنيين العزل والأطفال فى قطاع غزة.
وفى التفاصيل أفاد التقرير بأنه على مدى عقود من الزمن، زوّدت شركة كاتربيلر إسرائيل بمعدات تُستخدم فى هدم المنازل والبنية التحتية الفلسطينية، من خلال برنامج التمويل العسكرى الأجنبى الأمريكى. يقول التقرير إنه تم توثيق استخدام معدات كاتربيلر فى تنفيذ عمليات هدم جماعية - بما فى ذلك المنازل، والمساجد، والبنية التحتية الداعمة للحياة - ومداهمة المستشفيات وسحق الفلسطينيين حتى الموت، وفى عام 2025، حصلت كاتربيلر على عقد آخر بملايين الدولارات مع إسرائيل بحسب التقرير الأممى.
كما ارتبطت شركة هيونداى الكورية HD وشركتها الفرعية المملوكة جزئيًا، دوسان، إلى جانب مجموعة فولفو السويدية وغيرها من شركات تصنيع المعدات الثقيلة الكبرى، منذ فترة طويلة بتدمير الممتلكات الفلسطينية كما يقول التقرير الذى كشف أنه تم بناء أكثر من 371 مستعمرة وبؤرة استيطانية غير قانونية، وتم تشغيلها والتداول بها من قبل شركات تسهّل استبدال إسرائيل للسكان الأصليين فى الأراضى الفلسطينية المحتلة منوهًا إلى أنه فى عام 2024، اشتد هذا بعد انتقال إدارة المستعمرات من الحكومة العسكرية إلى الحكومة المدنية، ومضاعفة ميزانية وزارة البناء والإسكان، بما فى ذلك 200 مليون دولار لبناء المستعمرات. وأوضح التقرير أنه من نوفمبر 2023 إلى أكتوبر 2024، أنشأت إسرائيل 57 مستعمرة وبؤرة استيطانية جديدة، مع شركات إسرائيلية ودولية توفّر الآلات والمواد الخام والدعم اللوجستي.
وبحسب التقرير الأممى ساهمت شركات مختلفة فى تطوير الطرق والبنية التحتية للنقل العام الضرورية لإنشاء وتوسيع المستوطنات وربطها بإسرائيل مع استبعاد وعزل الفلسطينيين.
وبحسب التقرير تُجبر إسرائيل الفلسطينيين على شراء المياه من مصدرين رئيسيين للمياه الجوفية فى أراضيهم، بأسعار مبالغ فيها وبإمدادات متقطعة، وتحتكر شركة المياه الوطنية الإسرائيلية «ميكوروت» المياه فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، فى غزة، أكثر من 97 فى المائة من المياه من طبقة المياه الجوفية الساحلية ملوثة، مما يجعل السكان يعتمدون على أنابيب ميكوروت للحصول على معظم مياه الشرب الخاصة بهم، على الأقل خلال الأشهر الستة الأولى بعد أكتوبر 2023، قامت ميكوروت بتشغيل أنابيب غزة بنسبة 22 فى المائة من طاقتها، مما ترك مناطق مثل مدينة غزة بدون مياه 95 فى المائة من الوقت، مما ساعد بنشاط فى تحويل المياه إلى أداة للإبادة الجماعية بحسب التقرير الكارثى.
الكهرباء والغاز والوقود
غذت شركات الطاقة الدولية الإبادة الجماعية الإسرائيلية كثيفة الطاقة، بحسب التقرير الأممى، حيث تعتمد إسرائيل على واردات الوقود والفحم، وتحافظ على بنية تحتية متكاملة للطاقة، وتزود المستوطنين غير الشرعيين بالطاقة.
التقرير نوه إلى أن شركة دروموند وشركة سويس جلينكور بى إل سى هما الموردان الرئيسيان للفحم المستخدم فى توليد الكهرباء لإسرائيل، والذى يأتى فى المقام الأول من كولومبيا (أى 60% من واردات إسرائيل فى عام 2023). وتمتلك الشركات التابعة لهما المناجم والموانئ الثلاثة التى سلمت 15 شحنة فحم إلى إسرائيل منذ أكتوبر 2023، بما فى ذلك ست شحنات بعد أن أوقفت كولومبيا صادرات الفحم إلى إسرائيل فى أغسطس 2024. كما شاركت شركة جلينكور فى شحنات من جنوب إفريقيا، والتى شكلت 15% من واردات الفحم الإسرائيلية فى عام 2023 وتستمر فى عام 2024.
كما ازدهرت الأعمال الزراعية بفضل الاستخراج والاستيلاء على الأراضى بقيادة إسرائيل وتم إنتاج السلع والتقنيات التى تخدم المصالح الاستعمارية الاستيطانية الإسرائيلية، وتوسيع الهيمنة على السوق وجذب الاستثمار العالمى - فى حين تمحى أنظمة الغذاء الفلسطينية وتسريع النزوح بحسب التقرير.
تحدث التقرير أيضًا عن شركة تنوفا باعتبارها، أكبر تكتل غذائى فى إسرائيل، والمملوكة الآن بأغلبية لشركة برايت دايرى آند فود الصينية المحدودة، منوهًا إلى أنها قد غذت واستفادت من نزع ملكية الأراضي. وقد أقر رئيس شركة تنوفا بأن 'الزراعة... بشكل عام وتربية الألبان بشكل خاص هى مورد استراتيجى وركيزة أساسية فى المشروع الاستيطاني'، وقد استخدمت إسرائيل الكيبوتسات والبؤر الاستيطانية الزراعية للاستيلاء على الأراضى الفلسطينية واستبدال الفلسطينيين. وتساعد شركات مثل تنوفا من خلال الحصول على المنتجات من هذه المستوطنات، ثم استغلال السوق الفلسطينية الأسيرة الناتجة عن ذلك لبناء الهيمنة على السوق. وقد زاد الاعتماد الفلسطينى على صناعة الألبان الإسرائيلية بنسبة 160 فى المائة فى العقد الذى أعقب تدمير إسرائيل لصناعة الألبان فى غزة بتكلفة تقدر بـ 43 مليون دولار فى عام 2014. وقد استوعبت تنوفا خسارة سوق غزة، حيث فشلت فى استخدام نفوذها الكبير للتأثير على الوضع.
وباعتباره المصدر الرئيسى لتمويل ميزانية الدولة الإسرائيلية، لعبت سندات الخزانة دورًا محوريًا فى تمويل الهجوم المستمر على غزة بحسب التقرير موهًا إلى أن بين عامى 2022 و2024، ارتفعت الميزانية العسكرية الإسرائيلية من 4.2% إلى 8.3% من الناتج المحلى الإجمالي، مما أدى إلى عجز فى الميزانية العامة بلغ 6.8%. وقد موّلت إسرائيل هذه الميزانية المتضخمة عبر زيادة إصدار السندات، بما فى ذلك إصدار بقيمة 8 مليارات دولار فى مارس 2024 و5 مليارات دولار فى فبراير 2025، إلى جانب الإصدارات فى سوق الشيكل المحلي.
التقرير كشف أن بعض أكبر البنوك العالمية، مثل بى إن بى باريبا وباركليز، تدخلت لتعزيز ثقة السوق من خلال الاكتتاب فى هذه السندات الدولية والمحلية، ما مكّن إسرائيل من احتواء علاوة سعر الفائدة رغم خفض تصنيفها الائتماني. وكانت شركات إدارة الأصول مثل بلاك روك (بقيمة استثمارية تبلغ 68 مليون دولار)، وفانغارد (546 مليون دولار)، وشركة بيمكو التابعة لأليانز (960 مليون دولار)، من بين أكثر من 400 مستثمر من 36 دولة اشتروا هذه السندات.
تقوم هذه الكيانات المالية بضخ مليارات الدولارات فى سندات الخزانة الإسرائيلية والشركات المتورطة بشكل مباشر فى الاحتلال والإبادة الجماعية. تعد بلاك روك (وشركتها التابعة iShares) وفانغارد من بين أكبر المستثمرين المؤسسيين فى عدد من هذه الشركات، حيث تحتفظ بهذه الأسهم ضمن مؤشرات صناديقها المشتركة والصناديق المتداولة إلكترونيًا (ETFs). وتعتمد هذه الشركات فى كثير من الأحيان على مؤشرات مرجعية مثل: FTSE All-World ex-US، وJP Morgan $ EM Corp Bond UCITS، وMSCI ACWI UCITS، التى طورتها مؤسسات خدمات مالية.
تستثمر شركات التأمين العالمية، مثل أليانز وأكسا، مبالغ ضخمة فى الأسهم والسندات المرتبطة بالاحتلال والإبادة الجماعية. ويتم ذلك جزئيًا كاحتياطى رأسمالى لتغطية مطالبات حاملى الوثائق والمتطلبات التنظيمية، ولكن فى الأساس بهدف تحقيق الأرباح. تحتفظ أليانز بما لا يقل عن 7.3 مليار دولار فى هذا السياق، فيما لا تزال أكسا – رغم اتخاذها بعض قرارات سحب الاستثمارات – تستثمر ما لا يقل عن 4.09 مليار دولار فى الشركات المذكورة فى هذا التقرير. كما تغطى بوالص التأمين الصادرة عنها المخاطر التى تواجهها الشركات الأخرى عند العمل فى إسرائيل والأراضى الفلسطينية المحتلة، مما يسهّل ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان ويخفف من مخاطر بيئة عملها.
أما صندوق الإيداع والإيداع فى كيبيك، الذى يدير 473.3 مليار دولار كندى لصالح ستة ملايين كندي، فقد استثمر ما يقرب من 9.6 مليار دولار كندى (6.67 مليار دولار أمريكي) فى الشركات ذاتها، رغم ادعائه الالتزام بسياسة استثمارية أخلاقية قائمة على احترام حقوق الإنسان. بين عامى 2023 و2024، ضاعف هذا الصندوق استثماراته فى شركة لوكهيد مارتن إلى ثلاثة أضعاف، وفى كاتربيلر إلى أربعة أضعاف، بينما زادت استثماراته فى هيونداى إلى عشرة أضعاف.
بينما تُدمَّر الحياة فى غزة، وتتعرض الضفة الغربية لعدوان متصاعد، يُبيِّن هذا التقرير سبب استمرار الإبادة الجماعية الإسرائيلية: لأنها مُربحة للكثيرين. بتسليطه الضوء على الاقتصاد السياسى لاحتلال تحوّل إلى إبادة جماعية، يكشف التقرير كيف أصبح الاحتلال الدائم ساحة اختبار مثالية لمصنّعى الأسلحة وشركات التكنولوجيا الكبرى - إذ يُوفّر عرضًا وطلبًا لا حدود لهما، ورقابة ضئيلة، ومساءلة معدومة - بينما يجنى المستثمرون والمؤسسات الخاصة والعامة أرباحًا طائلة. لا يزال عدد كبير جدًا من الكيانات التجارية المؤثرة مرتبطًا ماليًا ارتباطًا وثيقًا بنظام الفصل العنصرى الإسرائيلى وعسكرته.
بعد أكتوبر 2023، عندما تضاعفت ميزانية الدفاع الإسرائيلية، وفى ظل تراجع الطلب والإنتاج وثقة المستهلك، دعمت شبكة دولية من الشركات الاقتصاد الإسرائيلي. تُعدّ شركتا بلاك روك وفانغارد من أكبر المستثمرين فى شركات الأسلحة التى تُعدّ محور ترسانة إسرائيل الإبادية. وقد غطّت بنوك عالمية كبرى سندات الخزانة الإسرائيلية، التى موّلت الدمار، واستثمرت أكبر صناديق الثروة السيادية والمعاشات التقاعدية مدخراتها العامة والخاصة فى الاقتصاد الإبادي، مدعيةً فى الوقت نفسه احترام المبادئ الأخلاقية.
حققت شركات الأسلحة -كما يقول التقرير- أرباحًا قياسية تقريبًا بتزويد إسرائيل بأسلحة متطورة أبادت سكانًا مدنيين عزل تقريبًا، كما لعبت آليات شركات معدات البناء العالمية العملاقة دورًا محوريًا فى تدمير غزة، ومنع عودة الحياة إلى الفلسطينيين وإعادة بنائها، بينما وفرت تكتلات الطاقة الاستخراجية والتعدين مصادر طاقة مدنية، فقد غذّت البنية التحتية العسكرية والطاقة لإسرائيل - وكلاهما يُستخدم لخلق ظروف معيشية تهدف إلى تدمير الشعب الفلسطيني.
وإجمالًا تُشكّل عشرات الكيانات المذكورة فى التقرير جزءًا لا يتجزأ من منظومة أعمق بكثير من تورط الشركات، التى تتربح من الانتهاكات والجرائم فى الأرض الفلسطينية المحتلة وتُمكّن من ارتكابها. لو أنها مارست العناية الواجبة، لتوقفت هذه الكيانات عن التعامل مع إسرائيل منذ زمن بعيد. واليوم، أصبح مطلب المساءلة أكثر إلحاحًا: فأى استثمار يُديم منظومة جرائم دولية خطيرة.
جرائم حرب
عطفا على هذا التقرير الأممي الكارثي.. يقول الدكتور أيمن سلامة، خبير القانون الدولي، إن القانون الدولى ينص على حماية المدنيين وممتلكاتهم فى الأراضى المحتلة، مؤكدا أن عمليات التجريف والتهجير القسرى تُشكل انتهاكات جسيمة، وقد ترقى إلى جرائم حرب بموجب نظام روما الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية.
ويؤكد سلامة لـ'فيتو' أن مسألة 'المسؤولية الدولية' تُثار هنا، ليس فقط على الدول التى ترتكب هذه الأفعال، بل أيضًا على الكيانات الخاصة التى تُسهّل أو تستفيد منها، مضيفا: قد تتحمل الشركات مسؤولية جنائية فردية لمساهمتها فى جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية إذا ثبت تواطؤها أو معرفتها بأن منتجاتها تُستخدم فى ارتكاب هذه الانتهاكات.
كما أن المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان (UN Guiding Principles on Business and Human Rights) تُلزِم الشركات باحترام حقوق الإنسان فى عملياتها وسلاسل قيمها، حتى فى مناطق النزاع. وهذا يعنى بذل 'العناية الواجبة المعززة لحقوق الإنسان' لتحديد ومنع أو تخفيف الآثار السلبية. وفشل الشركات فى ذلك قد يؤدى إلى مسؤولية مدنية أو حتى جنائية، كما يمكن أن تقع على عاتق الدول التى تتخذ هذه الشركات من أراضيها مقرًا مسؤولية غير مباشرة، لعدم اتخاذها التدابير اللازمة لمنع شركاتها من المساهمة فى هذه الانتهاكات، بما فى ذلك فرض تشريعات تُلزم الشركات بالعناية الواجبة.
ويضيف سلامة: هناك عدة تدابير يمكن اتخاذها ضد هذه الشركات ودولها، منها:
-الملاحقة القضائية: يمكن رفع دعاوى قضائية ضد هذه الشركات فى المحاكم الوطنية والدولية، استنادًا إلى مبدأ الولاية القضائية العالمية لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. كما يمكن استخدام قوانين مكافحة غسيل الأموال ضد الكيانات التى تستفيد من الأنشطة الإجرامية فى الأراضى المحتلة.
-العقوبات الاقتصادية: يمكن فرض عقوبات اقتصادية وتجارية على هذه الشركات، بما فى ذلك حظر استيراد وتصدير منتجاتها، وتجميد أصولها، ومنعها من العقود الحكومية. وقد بدأت بعض الدول بالفعل فى فرض عقوبات على كيانات مرتبطة بالاستيطان غير القانوني.
-حملات المقاطعة وسحب الاستثمارات: يمكن للمجتمع المدنى ومنظمات حقوق الإنسان شن حملات مقاطعة وسحب استثمارات (BDS) ضد هذه الشركات للضغط عليها لوقف أنشطتها، وقد أظهرت هذه الحملات فعاليتها فى السابق.
-المساءلة الدبلوماسية: يمكن للمنظمات الدولية والدول ممارسة ضغوط دبلوماسية على الدول التى تتخذ هذه الشركات من أراضيها مقرًا لضمان التزامها بواجباتها بموجب القانون الدولى وتفعيل آليات المساءلة.
وواصل حديثه قائلًا إن الصمت أو التقاعس عن مواجهة هذه الشركات ودولها يُعد تواطؤًا فى الانتهاكات، ويقوّض مبادئ العدالة والمساءلة التى يقوم عليها النظام القانونى الدولي.
جرائم ضد الإنسانية
بدوره تحدث الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولى العام وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، عن الوضع القانونى للشركات التى تنتج معدات التجريف والهدم المستخدمة فى تدمير الأراضى الفلسطينية وتهجير سكانها، مؤكدًا أن هذه الشركات تُعتبر شريكة فى جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية، وفقًا للقانون الدولى الجنائي.
وأوضح 'مهران' فى تصريحات حصرية لـ'فيتو'، أن ما يُسمى بـ'شركات بيزنس الموت' التى تزود الاحتلال الإسرائيلى بمعدات التجريف والهدم والأسلحة، تقع تحت طائلة مبدأ المساعدة والإعانة على ارتكاب الجرائم الدولية المنصوص عليه فى المادة 25 من نظام روما الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية، مما يجعلها عرضة للملاحقة القانونية كشريك أساسى فى الجرائم المرتكبة.
ومن منظور جرائم الحرب، أكد أستاذ القانون الدولى أن تزويد الاحتلال بمعدات تجريف الأراضى الزراعية وهدم المنازل يُشكل مساهمة مباشرة فى جريمة التدمير الواسع النطاق للممتلكات، المنصوص عليها فى المادة 8 من نظام روما، والتى تُصنَّف كجريمة حرب، خاصة عندما يكون هذا التدمير لا تبرره الضرورات العسكرية.
وفيما يتعلق بالتهجير القسري، شدد مهران على أن الشركات التى تنتج آليات الهدم المستخدمة فى تدمير القرى الفلسطينية تشارك فى جريمة النقل القسرى للسكان، المحظورة بموجب المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة والمادة 7 من نظام روما كجريمة ضد الإنسانية، مؤكدًا أن علم هذه الشركات بالغرض الإجرامى لمنتجاتها يجعلها متواطئة بوعى كامل.
وحول الإطار القانونى للمحاسبة، أوضح الخبير الدولى أن المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان لعام 2011، تُلزم الشركات بالعناية الواجبة لضمان عدم انتهاك منتجاتها لحقوق الإنسان، مشيرًا إلى أن تجاهل هذا الالتزام يُعرض الشركات للمساءلة القانونية فى محاكم دولها الأصلية.
وأشار مهران إلى قضية 'كاتربيلر' أمام المحاكم الأمريكية، حيث اتُهمت الشركة بتزويد إسرائيل بجرافات مدرعة استُخدمت فى هدم منازل فلسطينية وقتل نشطاء سلام، تُشكل سابقة مهمة تؤكد إمكانية محاسبة هذه الشركات قضائيًا، رغم أن النتائج لم تكن حاسمة بسبب الحماية السياسية.
ومن منظور القانون الدولى العرفي، أكد أستاذ القانون الدولى أن مبدأ التواطؤ المؤسسي، الذى طورته محكمة نورمبرج، ينطبق على الشركات التى تعلم أن منتجاتها تُستخدم فى جرائم دولية وتستمر فى التزويد، مما يجعلها جزءًا من المشروع الإجرامى المشترك، حسب تعبير القانون الجنائى الدولي.
وحذّر مهران من أن هذه الشركات تستغل الثغرات فى النظام القانونى الدولى والحماية السياسية التى توفرها حكوماتها للإفلات من العقاب، مؤكدًا أن هذا السلوك يُقوض مبدأ المسؤولية المؤسسية ويُشجع على ارتكاب المزيد من الجرائم الدولية.
وطالب الخبير القانونى بتطبيق مبدأ الولاية القضائية العالمية لمحاكمة مديرى هذه الشركات كمجرمى حرب، مؤكدًا أن العديد من الدول الأوروبية لديها قوانين تسمح بذلك، لكن المطلوب هو الإرادة السياسية لتفعيل هذه القوانين.
كما دعا إلى تفعيل آليات المقاطعة الاقتصادية الدولية ضد هذه الشركات، مؤكدًا أن المادة 41 من ميثاق الأمم المتحدة تجيز فرض عقوبات اقتصادية ضد الكيانات التى تُهدد السلم والأمن الدوليين، وأن أنشطة هذه الشركات تندرج تحت هذا التوصيف.
وشدد مهران بالتأكيد على أن محاسبة شركات بيزنس الموت ضرورة قانونية وأخلاقية، محذرًا من أن استمرار إفلاتها من العقاب يُرسل رسالة خطيرة مفادها أن الربح أهم من الأرواح البشرية، وأن القانون الدولى عاجز عن حماية الضحايا من جشع الشركات المتواطئة.
مرتزقة حرب
أما الدكتور أحمد فؤاد أنور، أستاذ العبريات بجامعة الإسكندرية والمتخصص فى الصراع العربى الإسرائيلي، فيرى أن شركات بيزنس الموت هى شركات كالمرتزقة التى تستأجر المحاربين فى الحروب، مضيفا: هذه الشركات، التى تجرف الأراضى الفلسطينية فى زمن الحرب، تجعل من استمرار حياة الشعب الفلسطينى فى أرضه أمرًا مستحيلًا، وبالتالى تُساعد على تهجيرهم من أراضيهم، وهى جريمة حرب بكل المقاييس والقوانين الدولية.
ويؤكد أستاذ العبريات بجامعة الإسكندرية أن ما يجرى حاليًا يُذكرنا بشركة الإغاثة التى تسعى لتوفير وتوزيع مواد الإغاثة والمساعدات الإنسانية كستار ومصيدة، تسعى من خلالها لاصطياد الفلسطينيين وقتلهم بشكل ممنهج، وهذا الأمر يجب أن يكون فيه موقف قوى تجاه هذه الجريمة من جانب المجتمع الدولي، وتوعية الرأى العام العالمى بها.
وواصل حديثه قائلًا إن التجريف والإغاثة يتم استخدامهما كوسيلة للتهجير ونقل الشعب الفلسطينى خارج قطاع غزة، سواء كان ذلك بشكل قسرى أو طوعي، وبالتالى فإن هذه الشركات ترتكب جريمة حرب من خلال توفير الغطاء للاحتلال الإسرائيلي، وتشارك فى جريمة الحصار والتجويع والإبادة، خاصة وأن الأرض التى يمكن زراعتها فى القطاع محدودة للغاية بحكم طبيعة القطاع. وبالتالي، حينما يتم تجريفها من قبل شركات بيزنس الموت التى تتعامل مع الاحتلال الإسرائيلى تحت اسم 'مقاولين من الباطن'، فإنهم ينفذون أجندة الاحتلال التى يعجز عنها، ربما بسبب الضغوط الدولية أو بسبب المقاومة الفلسطينية.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بوابة الأهرام
منذ 14 دقائق
- بوابة الأهرام
النظرة المستقبلية للاقتصاد المصري تتحسن
محمد محروس أكد أحمد كجوك وزير المالية، أن النظرة المستقبلية للاقتصاد المصري تتحسن بنتائج اقتصادية ومالية إيجابية ومطمئنة جدًا، موضحًا أن التقديرات الأولية تشير إلى أن الفائض الأولي بلغ ٣,٦٪ من الناتج المحلي في العام المالى الماضي رغم تراجع إيرادات قناة السويس وقطاع الطاقة، ونستهدف تراجع معدلات دين أجهزة الموازنة إلى ٨٢٪ من الناتج المحلى مع نهاية العام الحالى. موضوعات مقترحة وقال كجوك، فى جلسة «السياسات المالية والنقدية» بالجمعية المصرية البريطانية للأعمال بلندن، إن الإيرادات الضريبية ارتفعت بنسبة ٣٥٪ خلال العام المالى الماضى دون فرض أعباء جديدة بل قمنا بالتخفيف على الممولين لبناء «شراكة الثقة». أضاف، أن الاحتياطي النقدي بلغ ٤٨,٥ مليار دولار في مايو الماضي، وأن تحويلات المصريين بالخارج سجلت ٢٩,٤ مليار دولار خلال ١٠ أشهر، لافتًا إلى أننا حققنا أعلى معدل نمو ربع سنوي منذ ٣ سنوات بنسبة ٤,٨٪ خلال الفترة من يناير إلى مارس ٢٠٢٥ أشار إلى أن القطاع الخاص يستحوذ على نحو ٦٥٪ من إجمالي الاستثمارات خلال الفترة من يوليو إلى مارس من العام الماضى بمعدل نمو سنوي ٧٧٪، موضحًا أن هناك نموًا قويًا لقطاعات السياحة بنسبة ١٣,١٪ والصناعات التحويلية غير البترولية بنسبة ١٢,٤٪ والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بنسبة ١٥,١٪ أكد الوزير، أن الموازنة الحالية أكثر دعمًا للنشاط الاقتصادي بمبادرات محفزة للإنتاج والتصدير، وأن سياستنا المالية تستهدف تحسين بيئة الاستثمار وتوسيع الشراكة مع القطاع الخاص، لافتًا إلى أهمية السندات والصكوك الخضراء فى تمويل مشروعات البنية التحتية المقاومة للمناخ، والطاقة النظيفة. وأشار إلى أننا نعمل على خفض تكلفة التمويل من خلال تنويع أدوات الدين وتوسيع قاعدة المستثمرين وتعزيز ثقتهم في الاقتصاد المصري.


المشهد العربي
منذ 14 دقائق
- المشهد العربي
مساهمو ميتا وزكربيرج يتوصلون إلى تسوية
أبلغ محام عن مساهمين في ميتا بلاتفورمز قاضية بولاية ديلاوير اليوم الخميس بأن مارك زكربيرج ومديرين ومسؤولين حاليين وسابقين في الشركة وافقوا على تسوية دعاوى قضائية تطالب بدفع ثمانية مليارات دولار تعويضا عن أضرار أُثير أنهم تسببوا فيها للشركة عن طريق السماح بحدوث انتهاكات متكررة لخصوصية مستخدمي فيسبوك. ولم يكشف الطرفان عن تفاصيل التسوية ولم يتحدث محامو الدفاع إلى القاضية كاثلين ماكورميك، التي رفعت جلسة كانت ستدخل يومها الثاني وهنأت الأطراف على التسوية.


الأسبوع
منذ 22 دقائق
- الأسبوع
الموافقة على ١٥ مشروعًا جديدًا بالمنطقة الحرة العامة بالإسماعيلية
جانب من الاجتماع نهلة بري عقد اللواء أكرم جلال محافظ الإسماعيلية، اليوم الخميس، اجتماع مجلس إدارة المنطقة الحرة العامة، لبحث آخر المستجدات لمشروعات المنطقة، والتي تخدم النشاط الاستثماري، ومناقشة الخطط المستقبلية والمشروعات الجديدة التي ترغب في التسجيل بالمنطقة، وذلك في إطار دفع عجلة التنمية للاستثمارات. حضر الاجتماع المهندس أيمن صالح رئيس الإدارة المركزية للمنطقة الحرة وأعضاء مجلس إدارة المنطقة، حسن مبارك مدير عام الحسابات الخاصة بالمحافظة. وخلال الجلسة أكد اللواء أكرم جلال أن مجلس إدارة المنطقة الحرة العامة بالإسماعيلية، يعمل جاهدًا نحو تشجيع المناخ الاستثماري في المحافظة، وضخ العديد من المشروعات الاستثمارية الجديدة والمتميزة لتغيير النمط الاقتصادي للمحافظة والتشجيع على الأفكار الجديدة وإنعاش الاقتصاد بالدولة وتوفير فرص عمل جديدة ومتنوعة لأبناء المحافظة. وخلال الجلسة تمت متابعة ما تم تنفيذه من إجراءات فعلية على الأرض، بعد موافقة المجلس في جلسته السابقة على ترفيق مساحة ٧٠ فدان للمنطقة الحرة العامة بالكهرباء والمياه، الاتصالات، الطرق والصرف الصحي، لتعظيم الاستفادة من المنطقة وتوفير مساحات جديدة للمستثمرين الجادين من المصريين والعرب والأجانب، بالمنطقة الحرة العامة، والتي تعد أحد أبرز مناطق الجذب للاستثمار، نظرًا للمزايا التنافسية التي تتميز بها المنطقة الحرة بالإسماعيلية، بالإضافة إلى قربها من جميع المواني. وبعد زيادة مساحة المنطقة الحرة الاستثمارية بالإسماعيلية ٧٠ فدان وبدء ترفيقهم، يصبح إجمالي مساحة المنطقة الحرة العامة بالإسماعيلية ٤٢٧ فدان. وعرض المهندس أيمن صالح خلال الاجتماع الإقبال الشديد من المستثمرين على المنطقة الحرة الاستثمارية، ما يتطلب توسعًا جديدًا في مساحتها، حيث وافق محافظ الإسماعيلية على ضم ٢٦ فدانًا جديدًا لترفيقهم وضمهم للمنطقة. واستمع محافظ الإسماعيلية إلى عرض تقديمي من المنطقة الحرة بالإسماعيلية، حيث تم مناقشة جدول أعمال الجلسة وأهم المشروعات الجديدة والتكاليف الاستثمارية لها. حيث تم استعراض ٥ مشروعات استثمارية جديدة، تم الموافقة عليهم في مجال صناعة الأقمشة والملابس الجاهزة، بالإضافة إلى ١٠ مشروعات أخرى اتموا إجراءاتهم في مجالات التخزين، والصناعات الغذائية والملابس الجاهزة، وصناعة الخيوط الجراحية، والخدمات اللوجستية ومجال المكاتب التكنولوجية لتصميم الالكترونيات وبناء مراكز البيانات، وبلغ رأس مال المشروعات السابقة ٣٢ مليون و٨٧٠ ألف دولار، وتوفر ١٦ ألف فرصة عمل للمصريين بتكلفة استثمارية ٤١ مليون و٢٤٠ ألف دولار. وأوضح أن هناك تميز للمنطقة الحرة العامة بالإسماعيلية عن غيرها من المناطق الحرة الأخرى، حيث تعتبر محطة جذب للمستثمرين من جميع الجنسيات، لما توفره المنطقة من مزايا ومساحات وخدمات، بالإضافة إلى قرب المنطقة من جميع المواني المصرية والتي تسهم في عملية التصدير. وأشار المهندس أيمن صالح رئيس الإدارة المركزية للمنطقة الحرة إلى أنه تم زيادة عدد الشركات بالمنطقة الحرة العامة عام ٢٠٢٥ إلى ١٧٠ مشروع.