
بلومبيرغ: المواجهة بين إيران وإسرائيل أحد أقسى الاختبارات لسياسة الحياد الإماراتية
فمع اشتداد التوتر بين إيران وإسرائيل، وامتداد المواجهة لتشمل الولايات المتحدة، وُضعت سياسة أبوظبي الخارجية ومكانتها كمركز مالي عالمي تحت المجهر.
وأبرزت وكالة بلومبيرغ أنه على مدار العقد الماضي، عرفت الإمارات كيف تحوّل الأزمات الإقليمية والدولية إلى فرص اقتصادية: من جذب الاستثمارات الهاربة من دول الربيع العربي، إلى احتضان رؤوس الأموال الروسية بعد غزو أوكرانيا، وتقديم نفسها كوجهة استقرار خلال الجائحة.
لكن تصاعد حدة الصراع بين طهران وتل أبيب — وهجوم إيران على قاعدة أمريكية في قطر المجاورة — مثّل تحدياً مباشراً لهذا النموذج.
بين الأمان الظاهري والقلق الكامن
في صباح الثلاثاء، وبعد ساعات من إغلاق مؤقت للمجال الجوي الإماراتي، بدت الحياة وكأنها عادت إلى طبيعتها في دبي وأبوظبي. استمرت الاجتماعات في مراكز المال، وتحركت الاستثمارات كما هو مخطط، بحسب تصريحات مسؤولين في صناديق ثروة سيادية.
إلا أن هذا الهدوء السطحي يخفي قلقاً واضحاً لدى بعض الفاعلين في السوق من احتمالات تصعيد يصعب التنبؤ بعواقبه.
الرئيس التنفيذي لشركة 'كراونوكس' الأمنية في دبي، حسين ناصر الدين، لفت إلى أن الهجوم الإيراني كشف حدود 'الخطوط الحمراء' في المنطقة، مضيفاً أن شركته شهدت ارتفاعاً في طلبات الاستشارات وخطط الطوارئ من الشركات العاملة في الخليج، والتي بدأت تبحث عن سبل لتأمين عملياتها عبر الحدود.
الملاذ الآمن لا يزال قائماً… حتى إشعار آخر
رغم كل شيء، لم تسجل الإمارات أي موجات لهروب رؤوس الأموال أو توقف عن إبرام الصفقات.
وأكد أكثر من 12 مصرفياً ومسؤولاً في صناديق استثمار لـ'بلومبيرغ' أن الأنشطة تسير بشكل طبيعي، في حين واصل سوق الأسهم الإماراتي أداءه الإيجابي.
وارتفع المؤشر العام في دبي بنسبة تقارب 3%، في حين أضاف مؤشر أبوظبي أكثر من 1%، متجاوزين تأثيرات الصراع بل ومتفوقين على الأداء العالمي لمؤشر MSCI.
وفسرت مونيكا مالك، كبيرة الاقتصاديين في بنك أبوظبي التجاري، هذا التماسك بالقول: 'مكانة الإمارات كملاذ آمن ستستمر، خاصة مع بقاء الإصلاحات الاقتصادية مقنعة، وغياب مؤشرات على اضطرابات حقيقية'.
هشاشة النموذج في ظل صراع شامل
لكن على الرغم من التفاؤل المرحلي، فإن هشاشة النموذج الإماراتي تبرز كلما اقترب الصراع من حدودها.
فعلى سبيل المثال، أي انسحاب للوافدين — الذين يشكلون الغالبية في دبي — من شأنه أن يزعزع سوق العقارات، أحد أعمدة الاقتصاد المحلي، والذي يشكل أكثر من ثلث الناتج المحلي للإمارة.
وقال مايلز بوش، رئيس شركة 'فينكس هومز'، إن دبي شهدت خلال 48 ساعة من التوتر تراجعاً في إتمام الصفقات العقارية، لكنه أشار إلى عودة الثقة سريعاً. مع ذلك، تبقى هذه المؤشرات مؤشراً على هشاشة قائمة في حال تطورت المواجهة.
ورغم استئناف الرحلات الجوية وعودة العمل في مطارات الإمارات، فإن عدداً من شركات الطيران الكبرى ما زال يتجنب دبي، من باب الاحتياط لضمان سلامة الطواقم والمسافرين.
وهو ما يهدد قطاع الطيران الذي ساهم في 2023 بنسبة 27% من الناتج المحلي لدبي، بإضافة نحو 40 مليار دولار للاقتصاد المحلي، بحسب شركة 'طيران الإمارات'.
سياسات مرنة في وجه اضطرابات صلبة
نجحت الإمارات في تعزيز صورتها كوجهة عالمية للمستثمرين والشركات، بفضل التسهيلات الضريبية، وسياسات التأشيرات الليبرالية، والبنية التحتية المتقدمة.
لكن هذه السمعة قد تنهار فجأة في حال وصول الصراع إلى مرحلة تتجاوز قواعد الاشتباك التقليدي. وكما أشار أحد مستشاري الإدارة، فإن الضربة 'الأكثر تدميراً' — كاستهداف مركز سكاني — قد تكون كفيلة بتدمير صورة الإمارات كملاذ آمن.
في المقابل، يرى بعض الفاعلين في السوق فرصاً محتملة في قلب الأزمة. كين مويلس، المصرفي المعروف في وول ستريت، وصف التوترات بأنها قد تفتح المجال أمام أحد أكبر التحولات الإيجابية في المنطقة، مثل رفع العقوبات عن إيران، والإفراج عن احتياطات نفطية ضخمة، وفتح أسواق جديدة.
وقال مويلس: 'الجميع يتحدث عن فشل السلام، لكن ماذا لو دخل 90 مليون إيراني مثقفين ومتحفزين إلى السوق؟'
وأكدت بلومبيرغ أن المواجهة بين إيران وإسرائيل لن تكون آخر الأزمات التي تختبر نهج الإمارات في الحياد والانفتاح، لكنها ربما تكون الأصعب حتى الآن، نظراً لطبيعة الأطراف المتورطة، وقرب الحدث جغرافياً، وتشابكه مع مصالح أمريكية مباشرة.
وفيما تسعى القيادة الإماراتية إلى إظهار ثبات اقتصادي وأمني، فإن كلفة الانزلاق إلى صراع شامل لن تُقاس بتقلبات سوق الأسهم فقط، بل بإمكانية تفكك النموذج الإماراتي ذاته، القائم على الانفتاح، والمرونة، والحياد المحسوب في بيئة إقليمية مشتعلة.
وختمت الوكالة بأنه في الوقت الحالي، تتماسك الإمارات، لكنها تفعل ذلك على حافة بركان.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المصريين في الكويت
منذ ساعة واحدة
- المصريين في الكويت
واشنطن والمنامة توقعان اتفاقاً بالأحرف الأولى حول النووي المدني
وقّعت الولايات المتحدة والبحرين بالأحرف الأولى اتفاقية للتعاون النووي المدني، وذلك قبيل اجتماع في البيت الأبيض بين الرئيس دونالد ترامب وولي العهد رئيس الوزراء الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، بينما وقعت شركات من المملكة وأخرى أميركية، سلسلة من الاتفاقيات بقيمة تقارب 17 مليار دولار بهدف تعزيز العلاقات الاقتصادية والتعاون في القطاعات الرئيسية. وقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، في حفل التوقيع إلى جانب نظيره البحريني عبدالله الزياني «إنه توقيع مهم. إنه الخطوة الأولى نحو تعاون نووي مدني أعمق، ويُظهر استعداد الولايات المتحدة للشراكة مع أي دولة ترغب في متابعة برنامج نووي مدني لا يهدف إلى إنتاج أسلحة أو تهديد أمن الدول المجاورة». وخلال اجتماع مع ولي العهد، حيث ناقشا الأوضاع الإقليمية والتجارة، أعلن ترامب ان إيران تريد التفاوض مع الولايات المتحدة بشدة، «لكننا لسنا في عجلة من أمرنا». وأكد الأمير سلمان، من جانبه، أن بلاده لا توجد لديها أي خطط لتزويد أوكرانيا بأنظمة الدفاع الجوي «باتريوت» التي حصلت عليها من الولايات المتحدة. اقتصادياً، ذكرت «وكالة بنا للأنباء» البحرينية، أن شركات من المملكة وأخرى أميركية، وقعت سلسلة من الاتفاقيات بقيمة تقارب 17 مليار دولار بهدف تعزيز العلاقات الاقتصادية والتعاون في القطاعات الرئيسية. ويشمل ذلك اتفاقيات في مجالات الطيران والتكنولوجيا والصناعة والاستثمار. وقال مسؤول في البيت الأبيض إن من المقرر أن توقع البحرين في إطار هذا الاستثمار اتفاقية بين طيران الخليج وبوينغ وجنرال إلكتريك، تُقدر قيمتها بنحو سبعة مليارات دولار لشراء 12 طائرة مع خيار شراء ست طائرات إضافية. وأضاف أن الصفقة تشمل أيضاً بيع 40 محركا من جنرال إلكتريك. وتابع المسؤول في البيت الأبيض ان الاتفاقية ستدعم 30 ألف وظيفة في الولايات المتحدة، وقد تم تأمينها بمساعدة ترامب ووزير التجارة هوارد لوتنيك. وستلتزم البحرين، بضخ رؤوس أموال إضافية تتجاوز مليارات الدولارات. وأضاف المسؤول أن من المقرر أن توقع المنامة اتفاقيات مع شركتي أوراكل وسيسكو، مع خطط لاستبدال الخوادم الصينية بمنتجات سيسكو. وتسعى البحرين أيضاً إلى زيادة استثماراتها في قطاعات الطاقة والتكنولوجيا والتصنيع الأميركية. وأضاف المسؤول أن ولي العهد يعتزم ضخ رؤوس أموال لزيادة إنتاج الألمنيوم في الولايات المتحدة والاستثمار في إنتاج الغاز الطبيعي المسال الأميركي لتأمين وشراء رقائق الذكاء الاصطناعي المتطورة بالشراكة مع الشركات الأميركية العملاقة. وأعلن أن العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة، سيزور الولايات المتحدة في وقت لاحق من هذا العام، لوضع اللمسات الأخيرة على هذه الاتفاقيات لتعزيز التقدم المُحرز في بناء الازدهار الاقتصادي للبلدين. وضمن هذه الاتفاقيات أيضاً، ستوفر شركة سيسكو سيستمز «حلولاً تقنية لشبكة المعلومات والاتصالات الحكومية» بالبحرين. وأفادت «بنا» بأنه تم الإعلان عن خطط لإنشاء كابل ألياف ضوئية بحري بطول 800 كيلومتر يربط البحرين والسعودية والكويت والعراق بالشبكات العالمية. وأعلنت مؤسسات مالية بحرينية ومؤسسات بالقطاع الخاص أيضاً عن خطط لاستثمار 10.7 مليار دولار في الولايات المتحدة، في حين وقع صندوق الثروة السيادي (شركة ممتلكات البحرين القابضة) اتفاقيات مع عدد من الشركات الأميركية لاستثمار ملياري دولار «بهدف خلق فرص عمل في الصناعات التحويلية المرتبطة بالألمنيوم». في عام 2023، وقعت البحرين والولايات المتحدة اتفاقية أمنية واقتصادية، وتستمر البحرين في استضافة الأسطول الخامس ومقر القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية. Leave a Comment المصدر


المدى
منذ 7 ساعات
- المدى
تركيا والإمارات توقّعان على 7 اتفاقيات
وقّعت تركيا والإمارات، اليوم، على 7 مذكرات تفاهم في مختلف المجالات بحضور الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. ووقّع البلدان على التفاهمات المشتركة، عقب محادثات ثنائية وترؤس أردوغان وآل نهيان، الاجتماع الأول للمجلس الاستراتيجي رفيع المستوى، بين البلدين، في العاصمة التركية أنقرة. وأعرب أردوغان، في الكلمة التي ألقاها، عن سعادته باستضافة الرئيس الإماراتي والوفد المرافق له في أنقرة، وعقد الاجتماع الأول للمجلس الاستراتيجي رفيع المستوى. وأشار إلى أنّ الشراكة الاستراتيجية التي مع الإمارات تمت خلال زيارته لأبو ظبي عام 2023 متمنيا أنّ تثمر في كافة المجالات. وقال أردوغان: 'حققنا تقدما ملحوظا في كافة المجالات، من التجارة والبنية التحتية إلى الصناعات الدفاعية والطاقة، ومن التكنولوجيا إلى النقل'. وصرح بأن الإمارات أصبحت الشريك التجاري الأول لتركيا في الشرق الأوسط في هذه المرحلة. وأوضح أن هدف التجارة بين البلدين قبل 3 سنوات كان 10 مليارات دولار، أما الآن فالهدف تخطى 20 مليار دولار. وقال: 'أعتقد أننا سنحقق هدفنا متوسط المدى البالغ 40 مليار دولار بخطوات حازمة من الجانبين'. كما أشار إلى بحثه مع نظيره الإماراتي الخطوات التي يمكن أن يتخذها البلدان بشأن القضايا الإقليمية، وخاصةً غزة. الاتفاقيات وبحضور الرئيسان أردوغان وآل نهيان، وقع رئيس مكتب الاستثمارات في الرئاسة التركية، أحمد بوراك داغلي أوغلو، ووزير الاستثمار الإماراتي محمد حسن السويدي؛ مذكرة تفاهم تتعلق بالتعاون الاستثماري في مجال السياحة والفنادق بين البلدين، مذكرة تفاهم بشأن التعاون الاستثماري في قطاع الأدوية، ومذكرة تفاهم أخرى تتعلق بالتعاون الاستثماري في قطاع الصناعة والإنتاج. ووقع داغلي أوغلو والسويدي، أيضا، على مذكرة تفاهم بشأن التعاون الاستثماري في مجال الزراعة والأغذية. كما وقع نائب وزير الخارجية التركي نوح يلماز، ووزير الدولة الإماراتي خليفة شاهين المرر، مذكرة تفاهم بين حكومتي تركيا والإمارات تتعلق بإنشاء لجنة قنصلية مشتركة. ووقع وزير الصناعة والتكنولوجيا التركي محمد فاتح كاجر ووزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي سلطان بن أحمد الجابر، على مذكرة تفاهم للتعاون في مجال البحوث بالمناطق القطبية. كما وقع وزير الدفاع التركي يشار غولر، ووزير الدولة الإماراتي لشؤون الدفاع محمد مبارك المزروعي، مذكرة تفاهم بشأن الحماية المتبادلة للمعلومات السرية بين البلدين.


الرأي
منذ 8 ساعات
- الرأي
مصر ستجذب استثمارات بـ 16 مليار دولار في 2026
- نتائج طيبة لاكتشافات الذهب والفضة في صحراء مصر الشرقية في ردّ رسمي على أسئلة، طرحت حول أسباب تأجيل المراجعة السادسة المصرية مع صندوق النقد الدولي، كشف تقرير الصندوق عن تفاصيل جديدة. وقال إن المراجعة السادسة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، ستكون في 15 سبتمبر المقبل، وإجراء المراجعة السابعة في 15 مارس 2026. وأضاف أن التوترات الإقليمية المستمرة، تسبّبت في انخفاض حاد في عائدات قناة السويس، مع تباطؤ النمو إلى 2.4 في المئة في السنة المالية 2023-2024، بانخفاض عن 3.8 في المئة في السنة المالية السابقة، ولكنه تعافى مرة أخرى إلى نحو 3.5 في المئة على أساس سنوي في الربع الأول من السنة المالية 2024-2025. وتوقع صندوق النقد الدولي، أن تجذب مصر استثمارات أجنبية بقيمة 16 مليار دولار العام المقبل، ورجح بيع شركات تابعة للحكومة بـ2.1 مليار دولار العام المقبل، متوقعا أن تسهم زيادة الاستثمارات في الطاقة المتجددة في انخفاض أسعار الكهرباء بحلول العام 2030، خاصة مع تجاوز العرض للطلب، بالاستفادة من التمويل الخارجي، ومع انتعاش الطلب على الطاقة بحلول العام 2040، من المتوقع أن ترتفع أسعار الكهرباء مجدداً. في سياق آخر، كشف وزير البترول والثروة المعدنية المهندس كريم بدوي، عن نتائج واعدة لاكتشافات الذهب في منطقتي وادي العلاقي وأبومروات «صحراء مصر الشرقية»، بعد أن أكدت العينات والتقارير الجيولوجية وجود تراكيز عالية من الذهب والفضة، وهذه النتائج تدعم مكانة مصر في قلب الدرع العربي النوبي، كأحد أهم المناطق الواعدة عالمياً في مجال استكشاف الذهب وباقي المعادن. وقال في مناسبة منتدى مصر للتعدين، إن إنتاج بلاده من الذهب والفضة خلال 2024، بلغ نحو 640 ألف أوقية، بزيادة 14 في المئة عن العام السابق، وبلغت قيمة المبيعات 1.54 مليار دولار، بزيادة 57 في المئة، ما يؤكد أن قطاع التعدين يشهد تحسّناً كبيراً في الأداء، وهو ما ينعكس على مساهمته في الناتج المحلي وزيادة إيرادات الدولة وتحقيق التنمية الاقتصادية في مناطق الإنتاج.