أحدث الأخبار مع #الفيزياءالنووية


المغرب اليوم
٠٤-٠٧-٢٠٢٥
- سياسة
- المغرب اليوم
قتل العلماء أو قتل القوة؟
إن ظاهرة قتل العلماء ليست جديدة، والبلدان العربية التي راهنت مبكراً على العلم، خصوصاً تلك التي تعلّقت همتها بالتعمق في مجال الفيزياء النووية، مثل مصر والعراق -ومن غير العربية نذكر إيران- فقد كان مصير غالبية العلماء الكبار الاغتيال والتصفية في ظروف غامضة، مع إغلاق ملفات موتهم الغامض بالعبارة الشهيرة: ضد مجهول. في العقود الماضية كان خبر اغتيال العالم يدور في نطاق ضيق؛ لذلك يظل الحدث ضيقاً، وفي دوائر قريبة، كما يظل فاعل الجريمة غير معروف حتى لو بدا في منطق تحليل الجرائم معروفاً، وهو ما يجعل من الاتهامات مجرد فرضيات. أما اليوم فالملاحظ أن الأمور تغيّرت: إسرائيل تُعلن تأكيد اغتيالها عدداً من العلماء النوويين في إيران، وتكشف طوع إرادتها حتى عن بعض ملابسات الاغتيال كالتوقيت، بل أيضاً تتباهى بأنها قتلتهم وهم نيام في أسرّتهم. وطبعاً في الحروب لا يعترف طرف الحرب إلا بما يخدم صورته، ويمثل استعراضاً لقوته وانتصاراته. المشكل الآخر أن الأخبار تناقلتها وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي كأي خبر عادي. لا شيء يوحي بخصوصية في المعالجة الإعلامية لأخبار القتلى الذين يوصفون بأنهم: علماء. ماذا يعني هذا: هل أن قتل العلماء أمر مباح؟ أم أن أي حرب تهدف إلى إيقاف مشروع امتلاك النووي تشترط اغتيال علماء النووي بوصفه جزءاً أساسياً ومركزياً من الحرب؟ منهجياً، الأمر مفهوم جداً باعتبار أن هدف الحرب وسببها ورهاناتها وتحدياتها تحدد الفئة المستهدفة بالتّصفية. ولنتذكر جيداً أن حرب إسرائيل ضد أهالي غزة حددت الفئة المستهدفة بالقتل بدقة: قتل الأطفال والنساء، وعدم الاكتراث بأصوات المدافعين عن حقوق الإنسان والمدافعين عن الطفولة؛ لأن الحرب ضد شعب يتميز بمعدل خصوبة يبلغ قرابة 3.7 في المائة (هذا الرقم قاله لي وزير الشؤون الاجتماعية في فلسطين منذ ثلاث سنوات تقريباً أثناء زيارته تونس)، ناهيك بأنها حرب ضد مستقبل الفلسطينيين والأجيال القادمة والوجود الفلسطيني ذاته، الأمر الذي استوجب تكتيكاً يقوم على التصفية الديموغرافية، بالتركيز على الطفل لأنه المستقبل، والمرأة لأنها الكائن الذي يضطلع بمهمة الإنجاب. أما حرب إسرائيل على إيران فإن همها ليس الشعب الإيراني، ولا الطفل الإيراني، ولا النساء الإيرانيات، ولا حتى النظام الإيراني كما رأينا، بل هي حرب قياس القوة، وكسر الحاجز النفسي، وبعثرة المشروع النووي الإيراني بإرباكه، واغتيال أكثر ما يمكن من علمائه، وضرب منشآته. لنأتِ الآن إلى الرسائل المفضوحة من استعراض قتل العلماء: أولاً، من المهم التذكير -حتى لو كان لا وزن أخلاقياً أو قانونياً دولياً لذلك- بأن قتل العلماء يُعد جريمة مضاعفة؛ لأنها تستهدف العالم المغدور به أولاً، وتستهدف العقل البشري والعلم ثانياً. كما أن ما نعلمه أن العلم غير محدود، ولا يعرف حدوداً، ومنطقياً لا يمكن أن يكون اختيار العَالِم البحث أو الطموح في مجال ما سبباً في قتله، فالمشكلة في الجانب الرمزي الذي يجب ألا يستبيح قتل العلماء، وأن يجعل من العلم سبباً للقتل والتصفية. كذلك هناك تفصيل آخر يتعلق بأن المشكلة ليست في الفيزياء النووية بوصفها طريقاً لامتلاك القوة، بدليل أن علماء الدول القوية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، ليسوا مهددين بالقتل بقدر ما يُمثلون طموح أميركا وقوتها. إذن الإشكال في الانتماء الحضاري، وفي جنسية العالم الذي نبغ في الفيزياء النووية أو في أي مجال له صلة بالقوة. فالرسالة التي نسوقها بعيداً عن ذهنية المؤامرة أو حتى التخمين لأننا نكتفي بمجرد التوصيف والتأويل الأولي: ممنوع على الدول غير المنتمية لنادي الكبار امتلاك القوة والطموح علمياً. الأجدر بالإنسانية اليوم محاربة المشروع النووي من جذوره؛ ممنوع على الجميع امتلاكه، بل إن استئثار عدد من الدول به من دون غيرها هو ما يحرض البقية على القيام بمحاولات لامتلاكه، بصفته أكبر دليل على اختلال الفرص والحقوق في موازين القوى. فالمشكلة ليست في معارضة المشروع النووي الإيراني، بل في عدم معارضة المشروع الإسرائيلي، وفي دعم إسرائيل. ولا شك في أن هذه الوضعية الملتبسة من المنع لطرف والسماح لعدوه هي التي جعلت منطقة الشرق الأوسط بؤرة توتر دائمة من منطلق أن وجود مشروع نووي لا يمكن أن يبعث على الشعور بالراحة والأمن والاستقرار؛ لأن في لحظة امتلاكه يصبح القوة الوحيدة، ومن حوله في حالة تهديد على الدوام. بيت القصيد: منع امتلاك النووي في منطقة الشرق الأوسط لن يكون إلا إذا شمل الجميع، وعلى رأسهم إسرائيل. ومن دون ذلك ستظل المنطقة في اشتعال، ودوران في حلقة مفرغة من تراكم المشروع ثم افتعال حرب لإرباكه وقتل العلماء، مع ما يعنيه ذلك من معانٍ أخلاقية وقانونية وعلمية محبطة.


العرب اليوم
٠٤-٠٧-٢٠٢٥
- سياسة
- العرب اليوم
قتل العلماء أو قتل القوة؟
إن ظاهرة قتل العلماء ليست جديدة، والبلدان العربية التي راهنت مبكراً على العلم، خصوصاً تلك التي تعلّقت همتها بالتعمق في مجال الفيزياء النووية، مثل مصر والعراق -ومن غير العربية نذكر إيران- فقد كان مصير غالبية العلماء الكبار الاغتيال والتصفية في ظروف غامضة، مع إغلاق ملفات موتهم الغامض بالعبارة الشهيرة: ضد مجهول. في العقود الماضية كان خبر اغتيال العالم يدور في نطاق ضيق؛ لذلك يظل الحدث ضيقاً، وفي دوائر قريبة، كما يظل فاعل الجريمة غير معروف حتى لو بدا في منطق تحليل الجرائم معروفاً، وهو ما يجعل من الاتهامات مجرد فرضيات. أما اليوم فالملاحظ أن الأمور تغيّرت: إسرائيل تُعلن تأكيد اغتيالها عدداً من العلماء النوويين في إيران، وتكشف طوع إرادتها حتى عن بعض ملابسات الاغتيال كالتوقيت، بل أيضاً تتباهى بأنها قتلتهم وهم نيام في أسرّتهم. وطبعاً في الحروب لا يعترف طرف الحرب إلا بما يخدم صورته، ويمثل استعراضاً لقوته وانتصاراته. المشكل الآخر أن الأخبار تناقلتها وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي كأي خبر عادي. لا شيء يوحي بخصوصية في المعالجة الإعلامية لأخبار القتلى الذين يوصفون بأنهم: علماء. ماذا يعني هذا: هل أن قتل العلماء أمر مباح؟ أم أن أي حرب تهدف إلى إيقاف مشروع امتلاك النووي تشترط اغتيال علماء النووي بوصفه جزءاً أساسياً ومركزياً من الحرب؟ منهجياً، الأمر مفهوم جداً باعتبار أن هدف الحرب وسببها ورهاناتها وتحدياتها تحدد الفئة المستهدفة بالتّصفية. ولنتذكر جيداً أن حرب إسرائيل ضد أهالي غزة حددت الفئة المستهدفة بالقتل بدقة: قتل الأطفال والنساء، وعدم الاكتراث بأصوات المدافعين عن حقوق الإنسان والمدافعين عن الطفولة؛ لأن الحرب ضد شعب يتميز بمعدل خصوبة يبلغ قرابة 3.7 في المائة (هذا الرقم قاله لي وزير الشؤون الاجتماعية في فلسطين منذ ثلاث سنوات تقريباً أثناء زيارته تونس)، ناهيك بأنها حرب ضد مستقبل الفلسطينيين والأجيال القادمة والوجود الفلسطيني ذاته، الأمر الذي استوجب تكتيكاً يقوم على التصفية الديموغرافية، بالتركيز على الطفل لأنه المستقبل، والمرأة لأنها الكائن الذي يضطلع بمهمة الإنجاب. أما حرب إسرائيل على إيران فإن همها ليس الشعب الإيراني، ولا الطفل الإيراني، ولا النساء الإيرانيات، ولا حتى النظام الإيراني كما رأينا، بل هي حرب قياس القوة، وكسر الحاجز النفسي، وبعثرة المشروع النووي الإيراني بإرباكه، واغتيال أكثر ما يمكن من علمائه، وضرب منشآته. لنأتِ الآن إلى الرسائل المفضوحة من استعراض قتل العلماء: أولاً، من المهم التذكير -حتى لو كان لا وزن أخلاقياً أو قانونياً دولياً لذلك- بأن قتل العلماء يُعد جريمة مضاعفة؛ لأنها تستهدف العالم المغدور به أولاً، وتستهدف العقل البشري والعلم ثانياً. كما أن ما نعلمه أن العلم غير محدود، ولا يعرف حدوداً، ومنطقياً لا يمكن أن يكون اختيار العَالِم البحث أو الطموح في مجال ما سبباً في قتله، فالمشكلة في الجانب الرمزي الذي يجب ألا يستبيح قتل العلماء، وأن يجعل من العلم سبباً للقتل والتصفية. كذلك هناك تفصيل آخر يتعلق بأن المشكلة ليست في الفيزياء النووية بوصفها طريقاً لامتلاك القوة، بدليل أن علماء الدول القوية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، ليسوا مهددين بالقتل بقدر ما يُمثلون طموح أميركا وقوتها. إذن الإشكال في الانتماء الحضاري، وفي جنسية العالم الذي نبغ في الفيزياء النووية أو في أي مجال له صلة بالقوة. فالرسالة التي نسوقها بعيداً عن ذهنية المؤامرة أو حتى التخمين لأننا نكتفي بمجرد التوصيف والتأويل الأولي: ممنوع على الدول غير المنتمية لنادي الكبار امتلاك القوة والطموح علمياً. الأجدر بالإنسانية اليوم محاربة المشروع النووي من جذوره؛ ممنوع على الجميع امتلاكه، بل إن استئثار عدد من الدول به من دون غيرها هو ما يحرض البقية على القيام بمحاولات لامتلاكه، بصفته أكبر دليل على اختلال الفرص والحقوق في موازين القوى. فالمشكلة ليست في معارضة المشروع النووي الإيراني، بل في عدم معارضة المشروع الإسرائيلي، وفي دعم إسرائيل. ولا شك في أن هذه الوضعية الملتبسة من المنع لطرف والسماح لعدوه هي التي جعلت منطقة الشرق الأوسط بؤرة توتر دائمة من منطلق أن وجود مشروع نووي لا يمكن أن يبعث على الشعور بالراحة والأمن والاستقرار؛ لأن في لحظة امتلاكه يصبح القوة الوحيدة، ومن حوله في حالة تهديد على الدوام.


بوست عربي
٠٢-٠٧-٢٠٢٥
- سياسة
- بوست عربي
إيران تترك الغرب في حيرة حول مستقبل برنامجها النووي دون حسم لمصير اليورانيوم المخصب
كشفت مصادر إيرانية لـ"عربي بوست" أن اليورانيوم المخصب الموجود في المنشآت النووية الإيرانية في "أمان تام"، وأن إيران "تتعمد وضع مشروعها النووي في مساحة من الغموض" لترك المجتمع الدولي غير قادر على حسم مصير اليورانيوم المخصب، مما يمنحها فرصة كبيرة لالتقاط الأنفاس بعد حرب الـ12 يومًا مع إسرائيل. وقالت المصادر إنه لا توجد أي مؤشرات أو احتمالات لوصول الإسرائيليين أو الأميركيين إلى مخازن أو مواقع اليورانيوم المخصب السرية الجديدة، في ظل "الإجراءات المحكمة" التي اتخذتها طهران بعد جولات الاستهداف السابقة. وأشارت إلى أن المواقع المتعلقة بالتخصيب أصبحت "خارج نطاق الرصد الدولي"، بعدما تم اتخاذ قرار بوقف التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. قصف أمريكا للمفاعلات النووية أكد مصدر إيراني مطلع يعمل مستشارًا في مجال الفيزياء النووية أن الضربة التي نفذها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ضد المنشآت النووية الإيرانية لم تستند إلى أي غطاء قانوني دولي أو داخلي. فقد تمت دون تفويض من مجلس الأمن الدولي، كما لم يصدر بها قرار من الكونغرس الأمريكي، ولم تحظ بإجماع سياسي داخل الإدارة الأمريكية. وعليه، تعتبر الضربة من وجهة نظر القانون الدولي "إجراءً غير قانوني"، خاصة أن المنشآت المستهدفة مثل فوردو ونطنز كانت منشآت سلمية خاضعة لرقابة وكالة الطاقة الذرية، ولم تكن تُستخدم في برنامج نووي عسكري. وأشار المصدر إلى أن المنشآت النووية المستهدفة، خصوصًا فوردو ونطنز، أُنشئت منذ التسعينيات، وتحديدًا عام 1995، في إطار رؤية إيرانية شاملة لتطوير برنامج نووي سلمي. وقد اعتمدت في ذلك على أجيال متقدمة من أجهزة الطرد المركزي، بدءًا من الجيل الأول حتى الجيل الثالث. إلا أن التطورات التكنولوجية في السنوات الأخيرة دفعت إيران لتطوير أجهزة من الجيل الثامن والتاسع والعاشر، ما جعل المنشآت القديمة غير مناسبة تقنيًا وجيولوجيًا للاستمرار. بل إن هناك خطة مسبقة كانت قيد التنفيذ لتفكيك هذه المنشآت، حتى قبل تنفيذ الضربة الأمريكية، نظرًا لتآكل بنيتها الهندسية وتأثرها بالزلازل المتكررة في إيران، بالإضافة إلى أن الأجهزة الجديدة تحتاج لبنية تحتية أكثر تطورًا من حيث الأرضية والأنظمة التقنية، وفق ما قال المصدر. وأوضح المصدر أن من الجوانب المهمة التي حالت دون انهيار البرنامج النووي الإيراني، أن التصنيع النووي يتم داخليًا بالكامل. إيران لا تستورد اليورانيوم ولا أجهزة الطرد المركزي من الخارج، وهو ما جعل أي ضربة خارجية غير قادرة على تدمير البنية التحتية الأساسية للبرنامج، بخلاف ما كان سيحدث لو كانت عناصر البرنامج تعتمد على الاستيراد الخارجي. كما أن نقل أجهزة الطرد المركزي من المنشآت المستهدفة إلى مواقع بديلة تم بسلاسة وسرعة، نظرًا لطبيعة هذه الأجهزة التي يسهل تفكيكها ونقلها خلال وقت قصير. منشآت بديلة أفاد المصدر أن إيران كانت تعمل منذ سنوات على إنشاء منشآت بديلة سرية لتخصيب اليورانيوم، في مواقع جيولوجية مدروسة بعناية، تصلح لاحقًا لتطوير مفاعلات نووية حديثة. اللافت أن الولايات المتحدة لم تتمكن حتى الآن من تحديد مواقع هذه المنشآت الجديدة، بل يُعتقد أن الضربات التي نفذتها على فوردو ونطنز كانت فقط لاسترضاء حكومة بنيامين نتنياهو في إسرائيل، وليس ضمن استراتيجية أمريكية شاملة لتدمير البرنامج. أما بالنسبة لليورانيوم المخصب، فقد نقلته إيران إلى موقع سري غير معلوم حتى الآن، في رد فعل مباشر على ما وصفته بـ"تواطؤ" بعض مسؤولي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذين تعتقد طهران أنهم ساهموا في تسريب معلومات قادت إلى قصف مواقع نووية. ورغم تعليق العمل جزئيًا مع الوكالة، إلا أن إيران لم تلغِ تعاونها معها كليًا، لكنها ترى أن التزامها بالقانون الدولي مرهون أيضًا بالتزام باقي الأطراف، وهو ما لم يتحقق في السنوات الأخيرة. رغم الغموض المحيط ببعض أنشطة البرنامج النووي، يؤكد المصدر أن إيران لا تعتزم إطلاقًا تصنيع قنبلة نووية عسكرية. والسبب في ذلك لا يعود فقط إلى الحسابات السياسية، بل أيضًا إلى دروس التاريخ الإقليمي، مثل تجربة العراق، التي لا تزال حاضرة في العقل الاستراتيجي الإيراني. يضيف المصدر أن الترويج لفكرة امتلاك إيران لقدرة نووية عسكرية يضر بإيران أكثر مما يفيدها، إذ إنه يُستخدم كمبرر لتشديد الضغوط والعقوبات الغربية، فيما تركز إيران على استخدام الطاقة النووية في تطوير الأدوية، والبرامج الفضائية، وكسر الاحتكارات الغربية في مجالات الإنترنت والتقنية الحيوية. بما أن الولايات المتحدة لم تضرب المنشآت الحقيقية، تبقى إسرائيل، بحسب المصدر، هي الطرف الوحيد الذي يسعى لتوسيع نطاق المواجهة مع إيران. ومع ذلك، هناك عدة سيناريوهات مطروحة: إقناع ترامب أو أي رئيس أمريكي قادم بتنفيذ ضربة ثانية حاسمة. تحريك أطراف ثالثة في المنطقة لمواجهة إيران. تنفيذ ضربة إسرائيلية مباشرة دون تنسيق مع واشنطن. استخدام الطائرات المسيّرة، رغم أن إيران عالجت معظم ثغراتها الدفاعية ضد هذا النوع من الهجمات. البرنامج الصاروخي في ظل امتناع إيران عن تصنيع قنبلة نووية، فإن البرنامج الصاروخي الإيراني، خاصة الصواريخ الباليستية بعيدة المدى، يقوم بدور ردعي محوري، ويُعتبر أحد الأعمدة الأساسية في الاستراتيجية الدفاعية الإيرانية، وفقًا للمصدر الإيراني. تشير المعطيات الحالية إلى أن إيران تمكنت من إعادة تموضع برنامجها النووي، واستباق أي استهداف محتمل عبر نشر قدراتها في مواقع سرية مؤمنة. ومع غياب إجماع دولي على ضرب إيران، وتفكك الثقة بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، تدخل المنطقة مرحلة "غموض نووي استراتيجي" لا تبدو نهايته قريبة، على حد قول المصدر. الطابع السلمي في الوقت نفسه، قال الخبير الإيراني في الشأن النووي هادي دلول إن بلاده لا تتجه مطلقًا نحو تصنيع قنبلة نووية عسكرية، مؤكدًا أن المشروع الإيراني لا يزال ملتزمًا بالطابع السلمي، رغم تصاعد التوترات مع الولايات المتحدة وإسرائيل. وفي تصريحات خاصة حول تطورات الملف النووي بعد الضربات التي استهدفت منشآت فوردو ونطنز وأصفهان، شدد دلول على أن إيران استفادت من الحرب السابقة في يونيو 2025، وتقوم حاليًا بـ"معالجة جميع نقاط الخلل التي كشفتها تلك الضربات". وأكد دلول أن طهران تتحضر بجدية لضربة إسرائيلية جديدة محتملة، خاصة في ظل الجدل المتصاعد حول مصير اليورانيوم المخصب، والذي ترى تل أبيب أنه يمثل تهديدًا وجوديًا لها. وأوضح أن الردع الإيراني لا يعتمد على النووي العسكري، بل على الصواريخ الباليستية والتكنولوجيا الدفاعية، مشيرًا إلى أن إيران نجحت في تعزيز منظوماتها الأمنية والتقنية حول منشآتها الحيوية. وفيما يتعلق بالعلاقة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قال دلول إن إيران لن تعود للتعاون الكامل معها قبل تصحيح الأخطاء التي ارتكبتها الوكالة بحق طهران، موجهًا اتهامات مباشرة لبعض مسؤولي الوكالة بأنهم "تسببوا في تسريب معلومات أدت إلى قصف منشآت نووية". وأشار إلى أن قرار تعليق التعاون مع الوكالة جاء كرد فعل على ما وصفه بـ"الانحياز والتساهل مع خروقات الدول الكبرى"، مؤكدًا أن الالتزام بالقانون الدولي يجب أن يكون متبادلًا وليس من طرف واحد فقط. اعتبر هادي دلول أن الضربات التي نفذتها الولايات المتحدة على منشآت نووية إيرانية، وعلى رأسها فوردو ونطنز وأصفهان، تُعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، مشددًا على أن هذه المنشآت كانت موثقة ومسجلة دوليًا كمرافق سلمية تخضع للرقابة الفنية. وأوضح أن تنفيذ الضربات دون تفويض من مجلس الأمن أو الكونغرس الأمريكي يمثل سابقة خطيرة في العلاقات الدولية، ويؤسس لمنطق "القوة فوق القانون"، الذي قد يفتح الباب أمام فوضى دولية في التعامل مع البرامج النووية السلمية لدول أخرى. وحول التصريحات الإيرانية التي تتحدث عن "دمار كبير" في المنشآت، قال دلول إن هذا الخطاب الإعلامي جزء من مناورة استراتيجية تهدف إلى تضليل الغرب. وأوضح أن الساسة الإيرانيين يريدون إظهار البرنامج بمظهر المتضرر والضعيف، في حين أن الواقع يُظهر قدرة طهران على إعادة بناء وتأهيل منشآتها بسرعة وفعالية. وأكد أن البرنامج النووي الإيراني لم يتوقف، بل جرى إعادة هيكلته بشكل يضمن حمايته من الضربات المستقبلية، بالتوازي مع استمرار تطوير الأجيال الجديدة من أجهزة الطرد المركزي في مواقع محمية وسرية. تصريحات هادي دلول تقدم رؤية نادرة من داخل إيران، تكشف عن توازن دقيق بين الالتزام العلني بالسلمية والاستعداد العملي لأسوأ السيناريوهات. وبينما تتمسك طهران بخيارها النووي السلمي، إلا أنها تدرك أن المواجهة مع إسرائيل لم تنتهِ بعد، وأن أي خطأ جديد في الحسابات الدولية قد يُشعل جولة جديدة من الصراع. سياسة غموض إيرانية في سياق متصل، قال مستشار سابق في حكومة بزشكيان لـ"عربي بوست" إن من الطبيعي أن تمارس إيران منطق سياسة الغموض في التعامل مع اليورانيوم المخصب، متسائلًا: "هل تعتقد أن إيران ستسمح لأي طرف غربي أن يعرف مكان اليورانيوم المخصب في الوقت الحالي؟" وأشار إلى أن التجربة السابقة كشفت أنه يتوجب على إيران إخفاء تفاصيل مشروعها النووي بالكامل، على الأقل في الفترة الحالية، حتى ترتب أوضاعها بشكل يسمح لها بالحفاظ عليه، حتى ولو قررت إسرائيل خوض حرب جديدة ضدها لوقف المشروع النووي. اليورانيوم المخصب في أمان في سياق موازٍ، كشف مصدر إيراني رفيع يعمل مستشارًا في مؤسسة المرشد الأعلى علي خامنئي، عن جملة من التطورات والمواقف الحاسمة المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني، وسط تصاعد التوتر الإقليمي وعودة المخاوف الغربية من نوايا طهران النووية. أكد المصدر أن اليورانيوم الإيراني المخصب "في أمان تام"، ولا توجد أي مؤشرات أو احتمالات لوصول الإسرائيليين أو الأميركيين إلى مخازنه أو مواقعه السرية، في ظل "الإجراءات المحكمة" التي اتخذتها طهران بعد جولات الاستهداف السابقة. وأشار إلى أن المواقع المتعلقة بالتخصيب أصبحت "خارج نطاق الرصد الدولي"، بعدما اتُخذ قرار بوقف التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وأوضح المسؤول الإيراني أن إيران أوقفت تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، متهمًا إياها بـ"الانحياز السافر لصالح إسرائيل"، وقال إن الوكالة "تجاوزت حدود التفويض الممنوح لها بموجب اتفاق الضمانات"، وأن القرار الإيراني بإنهاء العمل المشترك جاء لحماية أسرار المشروع النووي ومنع تسريب أي معلومات حول أماكن تخصيب اليورانيوم. وفي رده على الاتهامات الغربية، شدد المصدر على أن إيران لا تزال حريصة على العمل وفقًا للقانون الدولي في برنامجها النووي، لكنها في المقابل "ترى أن الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، لا تلتزم بأي من تلك القوانين حين يتعلق الأمر بإيران"، وهو ما يدفع طهران – حسب تعبيره – إلى "معاملتهم بالمثل". نفى المصدر بشكل قاطع وجود أي توجّه لدى طهران نحو تصنيع قنبلة نووية في الوقت الراهن، مؤكدًا أن "القيادة الإيرانية تدرك أن أي خطوة في هذا الاتجاه ستفتح أبوابًا واسعة للصدام مع المجتمع الدولي". وأشار إلى أن القرار الإيراني واضح: "نحن لا نسعى إلى تصنيع قنبلة نووية، ولا نرى أنها ضرورة استراتيجية حاليًا، إلا أن الحق في ذلك سيظل محفوظًا طالما بقي الغرب يهددنا بلا هوادة". كما قال المستشار إن إيران تستعد لجولة جديدة من الحرب مع إسرائيل في المستقبل القريب، معتبرًا أن "تل أبيب، بقيادة بنيامين نتنياهو، لا تزال تسعى للوصول إلى مواقع تخزين وتخصيب اليورانيوم بأي ثمن". وأوضح أن الاستعدادات الإيرانية قائمة بالفعل على مختلف المستويات، من أمن المنشآت إلى الردع العسكري، في ظل ما يعتبره المسؤولون الإيرانيون تهديدًا وجوديًا. تقييم الأضرار وردود الفعل الدولية كانت وكالة بلومبرغ قد قالت في تقرير لها إنه منذ الضربة الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية، روّج ترامب لروايته بأن "مطرقة منتصف الليل" دمّرت المنشآت النووية الإيرانية. وأضاف إلى هذه الرواية وجهة نظره بأن وسائل الإعلام التي نشرت تقييمات استخباراتية متضاربة هي "حثالة. إنهم أشخاص سيئون. إنهم مرضى". كما أضاف ذريعةً مضللةً مفادها أن مروجي "الأخبار الكاذبة" هؤلاء لا يُهينونه فحسب، بل يُهينون أيضًا الطيارين الشجعان الذين نفّذوا المهمة. في الواقع، لم يُبدِ أحدٌ في أي مكان، على حدّ علمه، سوى تبجيلٍ لتنفيذ المهمة، ولم يُسجّل أي طيار شعوره بالإهانة. هذه القصة هي واحدة من عدة محاولات لتزييف الحقائق. وقالت الوكالة إن تقييمًا أوليًا مسرّبًا من وكالة استخبارات الدفاع، التابعة للبنتاغون، أشار إلى أن ضربة "مطرقة منتصف الليل" ربما أخّرت البرنامج النووي الإيراني لبضعة أشهر فقط، وليس لسنوات بالتأكيد. كما ذكر التقييم أن إيران نقلت جزءًا كبيرًا من اليورانيوم المخصب من المواقع التي قُصفت إلى مواقع أخرى مختلفة. وقد توصلت العديد من أجهزة الاستخبارات الأوروبية إلى النتيجة نفسها. في حين قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن خبراء نوويين ومسؤولين أمريكيين قالوا إن إيران ربما تكون قد خبأت ما يكفي من أجهزة الطرد المركزي والمواد اللازمة للتسابق نحو صنع قنبلة نووية. وصرح رافائيل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، في مقابلة مع برنامج "واجه الأمة" على قناة سي بي إس يوم الأحد، بأن إيران تمتلك الإمكانيات الصناعية والتكنولوجية اللازمة لاستئناف تخصيب اليورانيوم في غضون بضعة أشهر. وقال غروسي: "القدرات التي يمتلكونها موجودة. يمكنهم، كما تعلمون، في غضون أشهر، تشغيل بضع مجموعات من أجهزة الطرد المركزي لإنتاج اليورانيوم المخصب، أو أقل من ذلك. ولكن كما قلت، بصراحة، لا يمكن الادعاء بأن كل شيء قد اختفى ولم يعد هناك شيء". وتقول الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومسؤولون إيرانيون وإسرائيليون إن إيران عملت على مدى عقود على اكتساب المعرفة ذات الصلة بتطوير الأسلحة النووية وأتقنت معظم جوانب بناء القنبلة. قبل الحرب، كانت إيران قد راكمت مخزونًا كبيرًا من اليورانيوم عالي التخصيب، يكفي لصنع عشر قنابل نووية إذا زادت تخصيبه. ووفقًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية، كان تحويل ما يكفي من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% إلى يورانيوم مخصب بنسبة 90% لصنع سلاح نووي واحد سيستغرق حوالي أسبوع. كما قامت إيران باختبار العديد من المكونات اللازمة لبناء قنبلة نووية، وحافظت على تلك المعرفة حية لجيل جديد من العلماء من خلال التجارب والدراسات المصممة ظاهريًا لأغراض سلمية. لا يزال مصير مخزون المواد الانشطارية وعدد أجهزة الطرد المركزي التي لا تزال إيران تمتلكها غامضًا، وربما نُقل بعضها من المواقع النووية الإيرانية قبل الهجوم الأمريكي. تصريحات المسؤولين الإيرانيين كان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قد قال في مقابلة مع شبكة سي.بي.إس نيوز إن القصف الأمريكي لموقع فوردو النووي الإيراني "ألحق أضرارًا جسيمة وفادحة" بالمنشأة. وأضاف في المقابلة التي أذيعت الثلاثاء: "لا أحد يعرف بالضبط ما الذي حدث في فوردو. إلا أن ما نعرفه حتى الآن هو أن المرافق تعرضت لأضرار جسيمة وفادحة". وقال: "تعمل منظمة الطاقة الذرية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية… حاليًا على إجراء تقييم وتقدير، وسيتم رفع تقرير بهذا الشأن للحكومة". ونقلت صحيفة واشنطن بوست يوم الأحد عن أربعة مصادر مطلعة على معلومات مخابراتية سرية متداولة داخل دوائر الحكومة الأمريكية، أن اتصالات إيرانية جرى رصدها قللت من حجم الضرر الذي سببته الضربات الأمريكية للبرنامج النووي الإيراني. وكان الرئيس دونالد ترامب قد قال إن الضربات "محت بشكل كامل وكلي" البرنامج النووي الإيراني، لكن مسؤولين أمريكيين أقروا بأن الأمر سيستغرق وقتًا لوضع تقييم وافٍ للأضرار التي تسببت فيها. في حين قال إسماعيل بقائي – المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية – إن "المنشآت النووية لبلاده تضررت بشدة جراء الهجمات التي شنتها الولايات المتحدة وإسرائيل". وأضاف: "طهران لن تتنازل عن حقها في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية"، وأن البرلمان قرر تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية عقب هذه الهجمات. رسائل طهران باتت أكثر وضوحًا وفق المصادر الإيرانية: لا قنبلة نووية في الأفق القريب، لكن لا ثقة في الغرب ولا التزامات تجاهه، واستعداد دائم لحرب جديدة مع إسرائيل. وفي ظل هذا الواقع، تبقى المنطقة على حافة الانفجار، ما لم تحدث اختراقات سياسية ودبلوماسية.


سبوتنيك بالعربية
٢٤-٠٦-٢٠٢٥
- سياسة
- سبوتنيك بالعربية
أستاذ في الفيزياء النووية: رؤية غير واضحة بوقف إطلاق النار وإيران لم توافق بعد على طروحات ترامب
أستاذ في الفيزياء النووية: رؤية غير واضحة بوقف إطلاق النار وإيران لم توافق بعد على طروحات ترامب أستاذ في الفيزياء النووية: رؤية غير واضحة بوقف إطلاق النار وإيران لم توافق بعد على طروحات ترامب سبوتنيك عربي رأى الأستاذ في الفيزياء النووية والقانون الدولي الدكتور هادي دلول، تعليقا على عودة المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، بعد وقف إطلاق النار بين... 24.06.2025, سبوتنيك عربي 2025-06-24T10:24+0000 2025-06-24T10:24+0000 2025-06-24T10:24+0000 إيران إسرائيل ترامب المفاوضات العالم وقال دلول، في حديث لـ"سبوتنيك": "عراقجي، أعطى مهلة لعملية التشاور، ولكن ترامب أخذها بالموافقة"، لافتًا إلى أن "طروحات ترامب غير منطقية"، وأضاف: "تبين أن الرئيس الأمريكي، وبعد الاجتماع العاجل في البنتاغون، لم يكن لديه سوى وقف إطلاق النار، ولذلك رمى ترامب قنبلة الدخان ليهرب من المعركة، ويترك إسرائيل وإيران".وأوضح دلول أن "ترامب يعتبر نفسه، من خلال طروحاته، أنه انتصر، وستأتي إيران على الطاولة وتستسلم، وتعطي كل ما لديها من المعلومات، ويكون قد قام بإنجاز القرن بأنه انتصر بإنهاء الإرهاب كما يعتقد، وبالتالي يناقش كل شيء ويضع حدا لإيران".وردًا على سؤال حول ما إذا كانت إيران ذاهبة إلى المفاوضات بمبدأ القوي أم لا، قال دلول: "إيران ازدادت قوة وازدادت قيودا، وقنابل الدخان التي ضربت سوف تموّه حركة أمريكا ولن تستطيع أن تستثمر الأدوات وتركب الروايات"، كاشفًا أن "كبش الفداء هي الوكالة الدولية". إيران إسرائيل سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 2025 سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 الأخبار ar_EG سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 1920 1080 true 1920 1440 true 1920 1920 true سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 سبوتنيك عربي إيران, إسرائيل, ترامب, المفاوضات, العالم


جفرا نيوز
٢٣-٠٦-٢٠٢٥
- علوم
- جفرا نيوز
فلكي أردني يكشف عن أهمية الفيزياء النووية
جفرا نيوز - في وقت تتسارع فيه الابتكارات التكنولوجية وتتفاقم فيه التوترات الجيوسياسية على المستويات كافة، تبرز الفيزياء النووية كواحدة من أكثر فروع العلم حساسية وتأثيرا في حاضر البشرية ومستقبلها، وفق ما يؤكده عمار السكجي، الفيزيائي النظري ورئيس الجمعية الفلكية الأردنية. ويصف السكجي الفيزياء النووية بأنها علم يقف عند مفترق طرق حاسم بين الأمل والخطر؛ فهي من جهة تكشف عن قدرة العلم على تقديم حلول مذهلة لمشكلات الطاقة حول العالم، ومن جهة أخرى تسلّط الضوء على هشاشة التوازن الدولي في ظل التهديدات النووية المتزايدة. ويوضح أن الطاقة النووية، من خلال التفاعلات المعقدة في أعماق الذرة، تُعد اليوم من أقوى مصادر الطاقة على الإطلاق، ويمكن أن تشكّل ركيزة مستقبلية للتنمية المستدامة إذا ما وُضعت في إطار الاستخدام السلمي المنضبط. لكن الوجه الآخر لهذه القوة يكمن في قدرتها على إحداث دمار هائل يتجاوز الوصف، كما أثبت التاريخ في هيروشيما وناجازاكي، وكما تهدد به السياسات النووية الحديثة في أكثر من ساحة إقليمية ودولية. ويؤكد السكجي أن هذا التناقض الجوهري في جوهر الفيزياء النووية بين البناء والتدمير، يفرض الحاجة إلى رفع مستوى الوعي العام بمخاطر هذه التقنية ومنافعها، إلى جانب ضرورة ترسيخ مبادئ الشفافية العلمية، وتفعيل الرقابة الدولية الرشيدة والعادلة، وتعزيز التعاون بين الأمم، من أجل ضمان مستقبل آمن ومزدهر للبشرية. أوضح السكجي أن الفيزياء النووية هي فرع من الفيزياء يهتم بدراسة نواة الذرة وتفاعلاتها، وتتضمن مفاهيم محورية، مثل الانشطار النووي، وهي عملية انقسام نواة ثقيلة (مثل يورانيوم-235 أو بلوتونيوم-239) إلى نواتين أصغر مع انبعاث طاقة هائلة. أما الاندماج النووي، فهي اندماج نواتين خفيفتين (مثل الديوتيريوم والتريتيوم) لتكوين نواة أثقل، وهي التفاعلات التي تحدث في الشمس. ويعرف النشاط الإشعاعي بأنه تفكك تلقائي لنوى غير مستقرة مع انبعاث جسيمات (ألفا، بيتا) أو أشعة غاما، فيما يقصد بـ "الإشعاع المؤين" بأنه إشعاع قادر على إزالة إلكترونات من الذرات، ويشمل النيوترونات، وأشعة غاما، وجسيمات ألفا وبيتا. الأصول الكمومية للنظرية النووية تمتد جذور الفيزياء النووية الحديثة إلى أعماق ميكانيكا الكم، حيث تمثل النواة نظامًا معقدًا تحكمه القوانين الكمومية أكثر من الكلاسيكية. لفهم سلوك الأنوية الذرية والجسيمات دون الذرية، تعتمد الفيزياء النووية على مجموعة معادلات ونماذج رياضية، من أبرزها: معادلة شرودنجر: تشكّل العمود الفقري لنمذجة النظام النووي غير النسبي، وتُستخدم لحساب مستويات الطاقة في النواة والاحتمالات الكمومية لتواجد الجسيمات، وتمثل الأساس لفهم سلوك الجسيمات داخل وخارج النواة. معادلة ديراك: تدخل في توصيف الأنوية ذات الطاقات العالية، وتدمج بين ميكانيكا الكم والنسبية الخاصة، وقد سمحت بالتنبؤ بوجود نظير الإلكترون (البوزيترون). مخططات فاينمان: أداة رسومية لحساب العمليات النووية مثل التحلل الإشعاعي، والتفاعلين القوي والضعيف، وتفاعلات الاندماج والانشطار، وتُستخدم ضمن نظرية الحقل الكمومي لتسهيل تمثيل المعادلات التداخلية. الديناميكا اللونية (QCD): النظرية الأساسية التي تصف التفاعل النووي القوي بين الكواركات داخل البروتونات والنيوترونات، وتفسر سبب احتجاز الكواركات داخل الجسيمات المركبة، وتوضح كيف تتولد معظم كتلة النواة من طاقة الربط بين الكواركات وليس من كتلها الفردية. وتشكل هذه النظريات إطارًا لفهم البنية الدقيقة للنواة، وآليات إنتاج الطاقة النووية، وتفاعلات التحول بين الجسيمات، كما تُسهم في تطوير نماذج المحاكاة الرقمية للمفاعلات النووية وأبحاث الاندماج، مما يجعل الفيزياء النووية في قلب الثورة العلمية الحديثة. يمثل تطور البرامج النووية العالمية انعكاسًا مباشرًا لتقاطع العلم بالسياسة، حيث لعبت الفيزياء النووية دورًا محوريًا في التوازنات الدولية منذ منتصف القرن العشرين. ويمكن تتبع التسلسل الزمني لهذا التحول الجيوسياسي عبر أهم المحطات: 1942–1945: انطلاق مشروع مانهاتن الأميركي، أول برنامج نووي عسكري، أدى إلى تصنيع أول قنبلتين ذريتين أُلقيتا على هيروشيما وناجازاكي عام 1945، ما تسبب بمقتل أكثر من 200,000 شخص. 1949: الاتحاد السوفييتي يفاجئ العالم بإجراء أول تجربة نووية ناجحة، ويطلق سباق تسلح نووي محموم. 1952–1960: المملكة المتحدة (1952)، فرنسا (1960)، ثم الصين (1964) تنضم إلى النادي النووي، معززةً مفهوم الردع النووي المتعدد الأقطاب. 1968: توقيع معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT)، التي سعت للحد من الانتشار مقابل ضمان حق الاستخدام السلمي. 1974: الهند تُجري أول تجربة نووية تحت شعار "تفجير سلمي"، ما أثار مخاوف من تفشي التقنية خارج الدول الخمس المعترف بها. 1998: باكستان ترد بتجارب نووية بعد تجارب هندية جديدة، لتصبح شبه القارة الهندية واحدة من أخطر بؤر التوتر النووي. 1986: كارثة تشيرنوبيل تعيد رسم أولويات الأمن النووي عالميًا. 2003–2006: تصاعد القلق الدولي من البرنامج النووي الإيراني، مع تعثّر المفاوضات حول شفافيته وأهدافه. 2015: توقيع الاتفاق النووي الإيراني (JCPOA) مع القوى الكبرى، يقيّد تخصيب اليورانيوم مقابل رفع العقوبات. 2018–2022: انسحاب واشنطن من الاتفاق وعودة العقوبات، تليها زيادة في نسبة التخصيب الإيرانية لتتجاوز 60%، ما يقرّبها تقنيًا من حدود التسليح. 2024–2025: تتواتر التهديدات الإسرائيلية والأميركية باستهداف منشآت نووية إيرانية، ما يعيد إشعال المخاوف من اندلاع صراع نووي إقليمي في الشرق الأوسط. وفي خضم هذه المحطات، أجرت كوريا الشمالية تجارب نووية منذ عام 2006 رغم العقوبات، ويُشتبه بامتلاك إسرائيل ترسانة نووية غير معلنة، فيما يواصل المجتمع الدولي محاولاته للحد من الانتشار النووي عبر الدبلوماسية، والردع، والتقنيات الرقابية. المنشآت في الشرق الأوسط شهد الشرق الأوسط خلال العقود الماضية تصاعدًا ملحوظًا في النشاط النووي، سواء للأغراض السلمية أو ذات الطابع العسكري، مما جعله واحدًا من أكثر المناطق حساسية على المستوى النووي عالميًا: ديمونا (إسرائيل): يقع في صحراء النقب، ويُعتقد أنه نشط منذ الستينيات. تشير تقارير غير رسمية إلى استخدامه لإنتاج البلوتونيوم لصنع الأسلحة النووية. إسرائيل لم توقّع على معاهدة NPT، وترفض السماح بتفتيش منشآتها، ما يعزز الاعتقاد بامتلاكها ترسانة سرية تُقدّر بـ 80 إلى 200 رأس نووي. بوشهر (إيران): أول محطة طاقة نووية إيرانية، بُنيت بدعم روسي وتخضع لتفتيش وكالة الطاقة الذرية. رغم طابعها المدني، إلا أن قربها من مواقع تخصيب ومفاعل آراك جعلها في قلب النزاع. نطنز وفوردو (إيران): منشآت تخصيب تحت الأرض تحتوي على أجهزة طرد مركزي متقدمة، وتعرضت لهجمات سيبرانية وعسكرية إسرائيلية وأميركية مؤخرًا. أنشاص (مصر): مفاعل بحثي من أقدم المفاعلات في المنطقة، يُستخدم لأغراض علمية ويخضع لتفتيش دوري. السعودية: رغم عدم امتلاك مفاعل نشط، أعلنت نيتها بناء مفاعلات سلمية، مع تقارير عن مشاريع بحثية واستخلاص محلي لليورانيوم. الإمارات: دشّنت محطة "براكة"، أول مشروع نووي عربي لإنتاج الكهرباء تجاريًا، وتخضع لإشراف صارم من الوكالة الدولية للطاقة الذرية. كما توجد منشآت أخرى دُمّرت أو خرجت من الخدمة. ومع غياب معاهدة إقليمية لنزع السلاح النووي، تبقى المنطقة مرشحة للتصعيد، خاصة في حال حدوث خلل في توازن الردع أو استهدافات غير تقليدية للمنشآت الحساسة. الانشطار أم الاندماج؟ يُستخدم الانشطار النووي حاليًا في المفاعلات والأسلحة، لكنه ينتج نفايات مشعة طويلة الأمد، فيما الاندماج النووي لا يُنتج نفايات طويلة العمر، لكنه يتطلب حرارة وضغطًا هائلين. ومن الأبحاث الواعدة؛ ITER (فرنسا) وهو مشروع دولي لتجريب اندماج الديوتيريوم والتريتيوم، إضافة إلى مشروع NIF (الولايات المتحدة)، الذي أعلن عام 2022 عن نجاح أول تفاعل اندماجي بطاقة موجبة، ومشروع HL-2M (الصين)؛ الذي حقق حرارة تفوق 150 مليون درجة مئوية. وتتنوع استخدامات الفيزيا النووية السلمية؛ إلى الطب النووي ويتضمن التشخيص والعلاج باستخدام نظائر مثل Tc-99m، في الزراعة لتعقيم الحشرات وتتبع المياه الجوفية، في الصناعة لفحص اللحام وقياس الكثافة، وفي تحلية المياه من خلال استخدام حرارة المفاعلات النووية. ومن المخاطر الإشعاعية؛ فإن التعرض الحاد يسبب التهابات، تلف الحمض النووي، وموت الخلايا، أما التعرض المزمن يسبب السرطان، العقم، والتشوهات الخلقية، وبعض النظائر تبقى مشعة لآلاف السنين. وحول العالم أكثر من 13,000 رأس نووي تملكها 9 دول، فيما تواجه معاهدات مثل NPT وSTART ضغوطًا سياسية متزايدة، أما السلاح النووي، فهو أداة ردع فعالة، لكنه خطر دائم على البشرية. تخصيب اليورانيوم: سلميا وعسكريا يعرف تخصيب اليورانيوم بأنه عملية لزيادة نسبة اليورانيوم-235 القابل للانشطار، من نسبته الطبيعية البالغة 0.7%، ويُستخدم في 3–5% لتوليد الكهرباء في مفاعلات مدنية، 20–60% في مفاعلات الأبحاث، وأكثر من 90% لصناعة الأسلحة النووية أو غواصات الدفع النووي. وتخضع منشآت التخصيب لرقابة صارمة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA)، وغالبًا ما يُعد تجاوز التخصيب 20% مؤشرًا تقنيًا للاقتراب من مستوى الاستخدام العسكري. وفي ظل التوترات الإقليمية والمخاوف من تسرب إشعاعي عابر للحدود، أعلنت هيئة الطاقة الذرية الأردنية جاهزيتها الكاملة للتعامل مع أي طارئ نووي قد يؤثر على البلاد. وتتضمن الخطة الوطنية توزيع أقراص يوديد البوتاسيوم (KI) على المواطنين إذا تجاوزت مستويات الإشعاع الحدود المسموح بها. وتعمل هذه الأقراص على حماية الغدة الدرقية من امتصاص اليود المشع، أحد أخطر النظائر الناتجة عن التسربات النووية، وتُعد إجراءً فعالًا لحماية الأطفال والنساء الحوامل. وأكد السكجي أن هذا الاستعداد يعكس وعي الأردن بأهمية الأمن النووي الإقليمي، والتزامه بالبروتوكولات الدولية لحماية السكان والتخطيط للطوارئ.