منذ 3 أيام
السينما المغربية: حضور متكرر… وإنجاز غائب
الرباط ـ «القدس العربي»: من جديد، خرجت السينما المغربية خاوية الوفاض من مهرجان «كان» السينمائي، دون أن يحظى أي فيلم أو ممثل بأي تتويج، ضمن جوائز المسابقة الرسمية، ما يطرح علامات استفهام كثيرة حول أسباب غياب الأفلام المغربية عن دائرة التتويج في المهرجانات العالمية الكبرى.
ولم يسبق لأي فيلم مغربي أن تمكن من دخول المسابقة الرسمية لمهرجان «كان»، إذ غالبا ما اقتصرت المشاركات على مسابقات جانبية كـ»نظرة ما»، مثل فيلم «الجرح» للمخرجة سلوى الكنوني، بالإضافة إلى فيلم «الجميع يحب تودا» للمخرج نبيل عيوش، الذي أعلن فوزه بجائزتين ضمن «جوائز النقاد للأفلام العربية 2025»، التي أعلنت نتائجها على هامش فعاليات مهرجان كان السينمائي.
ورغم تعدد المحاولات والمشاركات في مهرجانات عربية وأوروبية، فإن هذه المشاركات، وإن كانت مهمة من حيث الحضور، لم ترقَ إلى المستوى الذي يضمن للسينما المغربية تألقا عالميا حقيقيا ومستمرا.
ويعكس هذا الوضع، حسب النقاد، ضعفا هيكليا في الصناعة السينمائية المغربية التي لم ترسخ بعد أسسها بشكل قوي، على غرار ما حققته دول عربية مثل مصر. كما يُعزى هذا التراجع أيضا إلى خيارات فنية وموضوعاتية، لا ترتكز بالضرورة على قضايا محلية عميقة، بل تميل في بعض الأحيان إلى ما يُرضي المُنتجين الأجانب منهم على الخصوص، ما يُفقد الأفلام روحها الأصيلة وخصوصيتها الثقافية.
وأفاد الناقد الفني والسينمائي مصطفى الطالب، بأن السينما المغربية تخرج مرة أخرى دون جائزة، رغم مشاركتها بفيلم مغربي «الجرح» لسلوى الكنوني في مسابقة «نظرة ما»، لافتا إلى أن جل الأفلام المغربية المشاركة في مهرجان «كان» تشارك فقط في هذه الخانة من المسابقة ولا تشارك في المسابقة الرسمية للمهرجان، ما يطرح أكثر من سؤال حول عدم وصولها وتألقها في مثل هذه المهرجانات العالمية.
وأشار إلى أن الفيلم المغربي «الجرح» هو من إنتاج متعدد الجنسيات، ويعزف على الوتر نفسه الذي تعزف عليها بعض الأفلام المغربية، والمتعلق بالضرب في ثقافة المجتمع المغربي وقيمه. الأمر الذي لا يؤدي إلى تألق السينما المغربية عالميا بقدر ما يخدم أصحابها والمنتج العالمي.
وأبرز الطالب متحدثا لـ»القدس العربي»، أنه لم يسبق لأي فيلم مغربي أن تمكّن من الوصول إلى جوائز الأوسكار أو الدخول في المسابقة الرسمية لـ»كان». وتابع: «صحيح أن العديد من الأفلام المغربية تألقت في مهرجانات عربية وأخرى أوروبية، لكن ليست بالشكل المطلوب الذي يضمن لها عالميتها وجودتها».
ويرى الناقد السينمائي، أن الأمر دليل على أن السينما المغربية، التي ما زالت لم تحقق صناعتها الوطنية مثل مصر، «تحتاج إلى الرفع من مستواها الفني وكذلك معالجة مواضيع ذات عمق، وبعد وطني أكثر من مواضيع ترضي الآخر، أو المنتج الأجنبي، وهذا ما نراه في الأفلام الأخرى التي تحترم نفسها وتحترم جمهورها. ذلك أن المواضيع المحلية الإنسانية هي التي تعطي للإبداع السينمائي بعده العالمي».
وأشار مصطفى الطالب إلى أن الكل يتفق على دعم السينما المغربية والدفع بها عالميا، خاصة أن المغرب يستقطب إنتاجات سينمائية عالمية، لكن ذلك يجب أن يترجم على أرض الواقع بالوقوف على الخلل، والدفع بكل الطاقات السينمائية التي لها مشروع سينمائي وطني ينهل من الواقع والثقافة المغربية، عوض احتكار المشهد السينمائي من طرف البعض، الذي يحقق نجاحه على حساب الأغلبية. وأكد: «إذا كنا نؤمن اليوم بالدبلوماسية الثقافية والسينمائية، فيجب أن نعمل لكي تكون السينما الخاصة بنا في مستوى هذا الطموح».
وفي تتويج وصفته الصحف المغربية بـ»الإنجاز اللافت»، حصد الفيلم القصير «L'mina» لمخرجته راندا معروفي جائزة Leitz Cine Discovery لأفضل فيلم قصير، ضمن فعاليات الدورة الرابعة والستين لأسبوع النقاد (La Semaine de la Critique) الموازي لمهرجان كان السينمائي لعام 2025، حيث يعد هذا التتويج الأول من نوعه لفيلم مغربي في تاريخ أسبوع النقاد.
وتم تصنيف الفيلم كعمل تجريبي- وثائقي مدته 26 دقيقة، وشكّل منصة للتعبير عن مواقف إنسانية وسياسية. فعقب عرضه، وأثناء صعود فريق العمل إلى المنصة، عبّر الفريق عن تضامنه مع القضية الفلسطينية بشكل لافت، حيث تناولت المخرجة راندا معروفي القضية في كلمتها، بينما رفع الفنان أمين مقلش العلم الفلسطيني في قلب فرنسا. ولم يقتصر هذا الموقف على الكلمات أو الرموز، بل تجسّد أيضا في الأزياء، إذ ارتدى أعضاء الفريق الكوفية الفلسطينية، وسترات تحمل عبارات مثل «سنبقى» و»راجعين يا هوى».