منذ 5 أيام
دماغك يكشف الكثير عن عمرك البيولوجي
عندما تقابل شخصًا جديدًا، تقوم تلقائيًا ودون وعي بتقييم بعض الإشارات الجسدية لتقدير عمره مثل التجاعيد، الشعر الرمادي، أو حتى طريقة المشي غير المستقرة، جميعها علامات تشير إلى التقدم في السن، وغالبًا ما تكون هذه التقديرات دقيقة، مما دفع الباحثين لمحاولة تقليد هذه "الآلة الحاسبة الداخلية" لتحديد عمر الإنسانليس بحسب تاريخ ميلاده، بل وفقًا لما يُعرف بـ العمر البيولوجي ، وهو مقياس يعتمد على الصحة الداخلية للجسم ويُعد مؤشرًا أدق على كيفية تقدم الشخص في العمر.
في دراسة جديدة نشرت في مجلة Nature Medicine، طوّر البروفيسور "توني ويس-كوراي"، أستاذ علم الأعصاب في جامعة ستانفورد ومدير مبادرة "فيل وبيني نايت لمرونة الدماغ"، اختبار دم يمكنه تحديد عمر الشخص البيولوجي، يعتمد الاختبار على تحليل مجموعات من البروتينات الخاصة بـ11 جهازًا حيويًا في الجسم، مثل القلب والكبد والدماغ، حيث تعكس كل مجموعة مدى صحة هذا العضو ووظيفته، بحسب مجلة time.
عند تجميع هذه البيانات، يمكن للتقييم أن يتنبأ بمن هم أكثر عرضة للإصابة بأمراض مزمنة خلال السنوات العشر القادمة.
كشفت التحليلات أن الدماغ يُعد من أقوى المؤشرات البيولوجية ليس فقط للإصابة بمرض الزهايمر، بل لطول العمر عمومًا، حيث وُجد أن الأشخاص الذين كانت أدمغتهم "أكبر عمرًا" من عمرهم الزمني كانوا أكثر عرضة للوفاة المبكرة، مقارنةً بمن كانت أدمغتهم "أصغر عمرًا" من عمرهم الحقيقي.
العمر الزمني هو عدد السنوات التي عاشها الشخص، بينما العمر البيولوجي يُعبر عن الحالة الصحية العامة للجسم ويعكس مدى سرعة أو بطء عملية التقدم في السن. وتتأثر هذه العملية بعوامل مثل:
نمط الحياة (النظام الغذائي، التدخين، النشاط البدني)
التعرض البيئي
جودة النوم
بناء "ساعة بيولوجية" دقيقة
لطالما حاول العلماء فهم الفجوة بين العمرين، ولكن التوصل إلى أداة دقيقة وموثوقة لم يكن سهلًا، في هذه الدراسة اعتمد الفريق على فرضية أن كل عضو في الجسم يفرز بروتينات مميزة له، ومن خلال تتبع هذه البروتينات عبر الزمن، يمكن قياس مدى صحة العضو وتقدير عمره البيولوجي.
يقول البروفيسور ويس-كوراي: "إذا حصلت على قياسات بروتينات الدماغ لشخص عشوائي، يمكنني تخمين عمر هذا الدماغ، وبالتالي عمر الشخص تقريبًا".
الدماغ ينعكس على صحة باقي الجسم
لا يزال من غير الواضح لماذا يُعد الدماغ مؤشرًا قويًا للصحة العامة. لكن يُعتقد أنه إما يعكس مستوى الضرر في باقي أجهزة الجسم، أو يلعب دورًا مركزيًا في تنظيم وظائف الأعضاء الأخرى وطول عمرها.
ولأن الدراسة تابعت المشاركين لمدة 15 إلى 17 عامًا، تمكّن الباحثون من الربط بين العمر البيولوجي وخطر الوفاة، فمثلًا الذين كانت أدمغتهم بيولوجيًا أصغر من عمرهم الزمني، كان لديهم احتمال وفاة أقل بنسبة 40%. أما الذين امتلكوا أدمغة أكبر من عمرهم، فكانوا:
أكثر عرضة بثلاثة أضعاف للإصابة بمرض الزهايمر
وأكثر عرضة للوفاة المبكرة
نعم. على عكس الجينات، يمكن تعديل البروتينات المسؤولة عن الشيخوخة، وبالتالي يمكن تحسين صحة الأعضاء عبر:
الأدوية
تغييرات في نمط الحياة
وقد لوحظ أن الأشخاص الذين تناولوا بعض المكملات مثل زيت كبد الحوت، الجلوكوزامين، الإيبوبروفين، الفيتامينات المتعددة، فيتامين C، أو علاج Premarin الهرموني، امتلكوا أعضاءً بيولوجيًا أصغر من عمرهم الفعلي.
كذلك، أظهر الأشخاص الذين لا يدخنون، وينامون جيدًا بانتظام، نتائج بيولوجية أفضل.
خطوة نحو مستقبل أكثر صحة
يقول ويس-كوراي: "ما يبعث على الأمل هو أن هذه المؤشرات قابلة للتعديل، مثلما تأخذ سيارتك للفحص السنوي، يمكننا قريبًا فحص أعضائنا بأدوات مماثلة لمعرفة ما إذا كانت تعمل بشكل جيد أو لا".