
الفقر المدقع يلتهم دول النزاع والاضطراب
الشرق الاوسط-القاهرة: لمياء نبيل
كشف تقرير جديد للبنك الدولي عن صورة قاتمة للوضع الاقتصادي والاجتماعي في 39 دولة تعاني من النزاعات المسلحة والاضطرابات السياسية، محذراً من أن هذه الاقتصادات تشهد أسرع معدلات ارتفاع للفقر المدقع في العالم، وتواجه نكسات تنموية متراكمة تعيدها عقوداً إلى الوراء، مقارنة ببقية الدول النامية.
ويأتي هذا التحليل الشامل الذي اطّلعت عليه «الشرق الأوسط» في وقت تتسارع فيه وتيرة النزاعات في مختلف أنحاء العالم، لتبلغ أعلى مستوى لها منذ 25 عاماً، مما يجعل من تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وعلى رأسها القضاء على الفقر، أمراً أكثر تعقيداً من أي وقت مضى.
اقتصادات تتراجع... وحياة تزداد هشاشة
يشير التقرير إلى أن هذه الدول التي تشمل 21 دولة في نزاع مسلح نشط، قد شهدت منذ عام 2020 انكماشاً سنوياً في الناتج المحلي الإجمالي للفرد بنسبة 1.8 في المائة، في حين توسّع نظيره في بقية الدول النامية بنسبة 2.9 في المائة. ويُرجع هذه الفجوة الكبيرة إلى عوامل عدة، منها تضرر البنية التحتية، وتراجع الاستثمارات، وهروب رأس المال، فضلاً عن تعطل التعليم والخدمات الصحية الأساسية.
وفي الوقت الذي تراجعت فيه معدلات الفقر المدقع إلى أقل من 10 في المائة في أغلب الاقتصادات النامية، فإنها ما زالت تقارب 40 في المائة في الدول التي تشهد نزاعات أو تعاني من عدم الاستقرار.
ويعيش في هذه البلدان نحو 421 مليون شخص على أقل من 3 دولارات يومياً، وهو رقم مرشح للارتفاع إلى 435 مليوناً بحلول عام 2030، أي ما يمثّل نحو 60 في المائة من فقراء العالم.
مأزق ديموغرافي وفرص ضائعة
يُظهر التقرير فجوة خطيرة في سوق العمل؛ حيث لم يتمكن أكثر من نصف السكان في سن العمل من الحصول على وظائف في عام 2022. وهذا العجز في التوظيف لا يعود فقط إلى تراجع النشاط الاقتصادي، بل أيضاً إلى ضعف النظام التعليمي وعدم توافقه مع متطلبات السوق، فضلاً عن ندرة الاستثمارات في البنية التحتية والقطاع الخاص.
كما أظهر التقرير أن معدل الأعمار في هذه الدول لا يتجاوز 64 عاماً، أي أقل بسبع سنوات من بقية الدول النامية، في حين أن وفيات الأطفال الرضع فيها تزيد بأكثر من الضعف.
أما على صعيد التعليم، فإن 90 في المائة من الأطفال في سن الدراسة لا يحققون الحد الأدنى من معايير القراءة، ما يؤشر على أزمة بشرية متفاقمة قد تمتد آثارها إلى أجيال قادمة.
ورغم ذلك، يرى التقرير أن هذه الاقتصادات تمتلك مميزات كامنة إذا ما استُثمرت بشكل سليم؛ إذ تشكّل الموارد الطبيعية من نفط ومعادن وغابات نحو 13 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي، مقارنة بـ4 في المائة لدى الدول النامية الأخرى. كما أن الكثير من هذه الدول -مثل الكونغو الديمقراطية وموزمبيق وزيمبابوي- غنية بالمعادن الاستراتيجية المستخدمة في تكنولوجيا الطاقة النظيفة؛ مثل: السيارات الكهربائية، والتوربينات الهوائية، والألواح الشمسية.
النزاعات المزمنة: أثر طويل المدى
يحذّر البنك الدولي من أن النزاعات لا تنتهي بانتهاء المعارك، بل تمتد آثارها الاقتصادية لسنوات طويلة. فغالباً ما تعاني الدول الخارجة من نزاع مسلح من انخفاض تراكمي في الدخل الفردي بنسبة تصل إلى 20 في المائة خلال خمس سنوات، إلى جانب ضعف في الأداء المؤسسي وتراجع الثقة العامة.
ويشير التقرير إلى أن أكثر من نصف الدول المصنفة حالياً ضمن اقتصادات النزاع أو عدم الاستقرار تعاني من هذا الوضع منذ أكثر من 15 عاماً.
ويؤكد أن «الركود الاقتصادي -لا النمو- هو السمة الغالبة في هذه الاقتصادات منذ أكثر من عقد ونصف العقد»، على حد تعبير نائب كبير الاقتصاديين في البنك الدولي، أيهان كوزي.
ويرى التقرير أن الوقاية من النزاع يمكن أن تحقق مكاسب كبيرة من حيث التكلفة والنتائج. فأنظمة الإنذار المبكر، لا سيما تلك التي ترصد المخاطر في الزمن الحقيقي، قد تتيح المجال لتدخلات سريعة قبل تفاقم الأزمة. كما يُوصي بتقوية المؤسسات الحكومية وتعزيز الحوكمة سبيلاً طويل الأمد لبناء السلام وتحقيق التنمية.
فرصة ديموغرافية مشروطة بالإصلاح
في خضم هذا الواقع الصعب، يبقى العامل الديموغرافي بارقة أمل؛ إذ يتوقع أن يستمر نمو الفئة العمرية المنتجة في هذه الدول لعقود مقبلة. وبحلول عام 2055، سيكون نحو ثلثي السكان في سن العمل، وهو ما يُعد أعلى نسبة على مستوى العالم. غير أن تحويل هذا النمو السكاني إلى «عائد ديموغرافي» يستدعي استثمارات ضخمة ومنظمة في مجالات التعليم والرعاية الصحية وتطوير القطاع الخاص وخلق بيئة جاذبة للاستثمار.
وفي هذا السياق، قال كبير اقتصاديي البنك الدولي، إنديرميت غيل: «المعاناة في هذه الدول لا تقتصر على الجانب الاقتصادي فقط، بل تشمل كل مناحي الحياة. وإذا تُركت الأوضاع دون معالجة، فإنها تتحول إلى أزمات مزمنة تهدد الاستقرار الإقليمي والدولي».
وبحسب المراقبين والمسؤولين الأمميين، فالتحديات التي تواجهها الدول التي تعاني من النزاعات والاضطرابات ليست فقط داخلية، بل ذات أبعاد عالمية. فالفقر والنزوح وانعدام الفرص لا تلبث أن تنعكس على حركة الهجرة والأمن الغذائي والاستقرار السياسي في دول الجوار والعالم. لذلك، فإن المسؤولية تقع على عاتق المجتمع الدولي وصنّاع القرار لدعم هذه الاقتصادات الضعيفة ليس فقط بالتمويل، بل عبر سياسات رشيدة وآليات مستدامة تُعيد الأمل إلى شعوب أنهكتها الحرب والفقر.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Amman Xchange
منذ 3 ساعات
- Amman Xchange
جفاف غير مسبوق منذ عقود يُهدد محاصيل القمح في سوريا
دمشق – أ ف ب: في خضمّ جفاف غير مسبوق منذ عقود يهدّد أكثر من 16 مليون سوري بانعدام الأمن الغذائي، وفق الأمم المتحدة، تتنافس السلطة السورية والإدارة الذاتية الكردية على شراء محاصيل القمح من المزارعين هذا العام. وتضرّر قرابة 2.5 مليون هكتار تقريباً من المساحات المزروعة بالقمح جراء الظروف المناخية السيئة، وفق ما أفادت منظمة الأغذية والزراعة «فاو» التابعة للأمم المتحدة، ما سيدفع السلطات إلى الاعتماد بشكل متزايد على الاستيراد، بعدما كانت البلاد تُحقق اكتفاءها الذاتي من القمح قبل اندلاع النزاع عام 2011. وتقول مساعدة ممثل الـ»فاو» في سوريا هيا أبو عساف لوكالة فرانس برس «الظروف المناخية القاسية التي شهدها الموسم الزراعي الحالي»تُعَدّ الأسوأ منذ نحو 60 عاماً». وأثّرت تلك الظروف على «نحو 75 في المئة من المساحات المزروعة والمراعي. وشهدت سوريا موسم شتاءٍ قصيراً وانخفاضاً في مستوى الأمطار، وفق أبو عساف. وجراء ذلك «تضرّر وتأثّر نحو 95 في المئة من القمح البعل، بينما سيعطي القمح المروي إنتاجا أقلّ بنسبة 30 إلى 40 في المئة» من المعدل المعتاد، وفق مؤشرات منظممة «فاو». وتنبّه أبو عساف إلى أن هذا الأمر «سيؤدي إلى فجوة تتراوح بين 2.5 إلى 2.7 مليون طن»، ما من شأنه أن «يضع حوالي 16.3 مليون إنسان أمام خطر انعدام الامن الغذائي في سوريا هذا العام». قبل اندلاع النزاع في العام 2011، كانت سوريا تُحقّق اكتفاءها الذاتي من القمح مع إنتاج 4.1 مليون طن سنوياً. لكن مع توسّع رقعة المعارك وتعدد الأطراف المتنازعة، تراجع الإنتاج إلى مستويات قياسية، وبات الحكم السابق مجبراً على الاستيراد، خصوصاً من حليفته روسيا. وتتنافس السلطات السورية والإدارة الذاتية الكردية التي تشرف على منطقة واسعة في شمال وشمال شرق البلاد، على شراء محاصيل القمح من المزارعين. وأعلن الطرفان اللذان وقعا اتفاقا لدمج مؤسسات الإدارة الذاتية في إطار الدولة السورية من دون أن يتم تنفيذه بعد، عن مكافأة مالية تضاف إلى السعر التجاري للطن الواحد. وحدّدت وزارة الاقتصاد سعر شراء طن القمح بين 290 و320 دولاراً تبعا للنوعية، تضاف اليها «مكافأة تشجيعية بقيمة 130 دولاراً»، بناء على قرار رئاسي، في خطوة تهدف إلى «تشجيع المزارعين على تسليم محصولهم» إلى المؤسسة العامة للحبوب، وفق مسؤول حكومي. في شمال شرق سوريا، حدّدت الإدارة الذاتية الكردية سعر طن القمح بـ420 دولاراً يشمل «دعماً مباشراً بقيمة 70 دولاراً على كل طن من القمح، في خطوة تهدف إلى تعزيز قدرة المزارعين على الاستمرار والإنتاج». وكانت سلطات الحكم السابق حددت العام الماضي سعر الطن الواحد بـ350 دولارً، مقابل 310 دولارات في مناطق سيطرة القوات الكردية. ويأتي تحديد الأسعار لهذا الموسم على وقع تدني الإنتاج وأزمة الجفاف غير المسبوقة منذ نحو ستة عقود، وفق خبراء ومسؤولين. وتتوقع وزارة الزراعة السورية حصاد 300 إلى 350 ألف طن من القمح في مناطق سيطرة الحكومة السورية. وتعتزم المؤسسة العامة للحبوب، وفق ما قال مديرها حسن عثمان للتلفزيون السوري مؤخراً، شراء 250 إلى 300 ألف طن منها. وشدّد على أن «الاكتفاء (الذاتي) غير محقّق، لكننا كمؤسسة نعمل على توفير الأمن الغذائي عن طريق استيراد القمح من الخارج وطحنه في مطاحننا». وكانت إمدادات دورية منتظمة من القمح تصل من روسيا خلال فترة حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد. ومنذ الإطاحة به في الثامن من كانون الأول/ديسمبر، وصلت باخرة محملة بالقمح من روسيا في نيسان/أبريل إلى مرفأ اللاذقية، وأخرى إلى ميناء طرطوس الشهر الماضي. كما أعلن العراق نقل 220 ألف طن من القمح كهدية إلى الشعب السوري. في ريف عامودا في شمال شرق سوريا، يتفقّد جمشيد حسو (65 عاماً) سنابل القمح التي تغطي مئتي هكتار مروية. ويقول بينما يفرك سنبلة بيديه مشيراً إلى حبات القمح الصغيرة، «بذلنا مجهودا كبيرا في زراعة القمح المروي بسبب تدني نسبة هطول الأمطار». ويشرح لفرانس برس «سقيت هذه الأرض ست مرات فقط بواسطة المرشات المائية». ورغم ذلك «بقي طول السنابل قصيراً وإنتاجها قليلاً وحبوبها صغيرة». واضطر الرجل الذي يعمل مزارعاً منذ أربعة عقود إلى إنزال المضخات إلى عمق تجاوز 160 متراً بسبب انخفاض منسوب المياه الجوفية من أجل ري حقله. ومع ذلك بقي الإنتاج ضعيفاً جداً. وبحسب بيانات الأمم المتحدة «شهد مستوى المياه انخفاضاً كبيراً جداً مقارنة مع السنوات الماضية في مؤشرمخيف». ويفاقم الجفاف، الذي تنعكس تداعياته سلباً على إنتاج محاصيل زراعية عدة وعلى قطاع الثروة الحيوانية، الظروف الاقتصادية السيئة التي يعيشها السوريون أساسا بعد 14 عاماً من نزاع مدمر. وتلعب المداخيل الزراعية دوراً رئيسيا في تنشيط الاقتصاد المحلي، وتحقيق الأمن الغذائي، وتحسين مستوى معيشة السكان خصوصاً في المناطق الزراعية والريفية. ويقول حسو «ما لم يُقدّم لنا الدعم، لن نستطيع الاستمرار. لن يكون بمقدورنا حراثة الأرض وريّها مجدداً لأننا نسير إلى المجهول ولا يوجد بديل آخر». ويتابع «سيعاني الناس من الفقر والجوع».


رؤيا
منذ 6 ساعات
- رؤيا
أسعار النفط ما بعد التصعيد بين إيران والاحتلال ومفاجآت الأسواق: مكاسب مؤقتة وانخفاضات حادة
أكبر تراجع: -7.2% خلال ساعات بعد قصف قاعدة العديد خلال الأسبوعين الماضيين، ومع تصاعد المواجهة العسكرية بين إيران والاحتلال الإسرائيلي، توجهت الأنظار إلى أسواق النفط العالمية، في ظل مخاوف من أن تؤدي الحرب إلى تعطيل إمدادات الطاقة في المنطقة، وخاصة في ظل التهديدات المحتملة بإغلاق مضيق هرمز، الذي يمر عبره نحو خُمس استهلاك العالم من النفط. في بداية الحرب، يوم الجمعة 13 يونيو، قفزت أسعار النفط بنحو 5 دولارات للبرميل، لتتجاوز عقود خام برنت حاجز 70 دولارًا، وسط حالة من الذعر والترقب في الأسواق. ومع استمرار العمليات العسكرية، بدا أن التصعيد لن يتخطى "قواعد اللعبة" الجيوسياسية التقليدية، مما خفف من وتيرة القفزات السعرية. وقال رون بوسو، كاتب شؤون الطاقة في رويترز، إن رد فعل السوق كان "ذو مغزى لكنه متواضع نسبياً"، بالنظر إلى حجم المخاطر التي حملها الصراع بين قوتين كبيرتين في الشرق الأوسط. التحذيرات لم تتحقق توقعت مؤسسات مالية عالمية ارتفاعات كبيرة في أسعار النفط في حال تطور الصراع، حيث قدّر بنك باركليز سعر خام برنت عند 85 دولارًا إذا انخفضت صادرات إيران النفطية إلى النصف، وأكثر من 100 دولار في حال توسع الحرب. كما حذر غولدمان ساكس من وصول الأسعار إلى 110 دولارات إذا تأثرت إمدادات مضيق هرمز بشكل حاد. ورغم ذلك، لم تلجأ إيران إلى خيار إغلاق المضيق إلا في الأيام الأخيرة من الحرب، ولم تُفعّل التهديد فعليًا، ما خفف الضغوط على الأسعار. ذروة المفاجأة الحدث المفصلي كان يوم الاثنين 24 يونيو، عندما استهدفت إيران قاعدة "العديد" الأمريكية في قطر بصواريخ، في اليوم الـ12 من الحرب. وبرغم التصعيد، سجلت الأسواق رد فعل معاكسًا تمامًا للتوقعات: خلال 7 دقائق من إطلاق الصواريخ، بدأ سعر خام برنت في الهبوط. خلال 20 دقيقة، تسارعت الخسائر إلى 3%. وبعد ساعتين، فقد الخام 7.2% من قيمته ليهبط إلى 71.48 دولار، وهو أكبر انخفاض يومي منذ ما يقارب ثلاث سنوات. كما هبط الخام الأميركي إلى 68.51 دولار بخسارة بلغت 7.22%. وقال محللون إن التجار اعتمدوا بشكل كبير على معلومات استخباراتية مفتوحة المصدر وصور أقمار صناعية ومنشورات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي أكدت أن القاعدة كانت مفرغة من الطائرات مسبقًا، وأن الهجوم الإيراني كان رمزيًا وغير تصعيدي. وصرّح محلل النفط في مجموعة Onyx Capital، خورخي مونتيبيك، قائلاً: "كان الأمر كله مدبرًا... القاعدة كانت فارغة مسبقًا، وقد رأينا هذا السيناريو من قبل". وقف إطلاق النار بعد يوم من هذا الهجوم، تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إيران والاحتلال الإسرائيلي برعاية أمريكية. وقال الرئيس ترمب بعد إعلان الهدنة: "حان وقت السلام"، وهو ما ساعد على تهدئة السوق بشكل أكبر. في تعاملات الثلاثاء، انخفضت أسعار النفط بنحو 6% إضافية، لتعود إلى مستويات ما قبل اندلاع الحرب، في تراجع كبير لم تشهده السوق منذ سنوات. مع نهاية الأسبوع، سجل الخامان القياسيان خسائر أسبوعية بنسبة تقارب 12%، لتغلق عقود برنت عند 67.77 دولار، والخام الأميركي عند 65.52 دولار، مع تحول تركيز المستثمرين من الحرب إلى أساسيات السوق، خاصة بعد بيانات أظهرت انخفاضًا في مخزونات النفط والوقود الأمريكية. ما وراء السلوك المفاجئ للسوق؟ قالت مؤسسة Energy Aspects، إن التجار أصبحوا أكثر حذرًا بشأن مبالغات تأثير الأحداث الجيوسياسية. وأضافت: "كانت التوقعات تشير إلى استهداف المضيق، ولكن ما إن تأكد العكس، تراجعت علاوة المخاطر سريعًا". كما أشار محللون إلى أن تصريحات ترمب، التي كتب فيها على منصته "تروث سوشال": "ابقوا جميعًا أسعار النفط منخفضة. لا تخدموا مصالح العدو. لا تفعلوا ذلك!"، ربما لعبت دورًا في تقليص الرهانات على ارتفاع الأسعار. أوضح رون بوسو في تحليله لـ"رويترز" أن ردة فعل سوق النفط للاضطرابات الكبرى في الشرق الأوسط أصبحت أقل حدة من السابق، مقارنًا ما حدث مؤخرًا بحرب أكتوبر 1973، أو غزو العراق للكويت في 1990، حين كانت الأسعار تقفز بوتيرة

السوسنة
منذ 7 ساعات
- السوسنة
تراجع أسعار النفط رغم تصاعد التوترات الإقليمية الأخيرة
وكالات - السوسنة خلال الأسبوعين الماضيين، مع تصاعد المواجهة العسكرية بين إيران وإسرائيل، ارتفعت المخاوف في أسواق النفط العالمية من احتمال تعطيل إمدادات الطاقة في المنطقة، خصوصًا في ظل التهديدات المحتملة بإغلاق مضيق هرمز، الذي يمر عبره نحو خُمس استهلاك العالم من النفط.في بداية التصعيد، يوم الجمعة 13 يونيو، قفزت أسعار النفط بنحو 5 دولارات للبرميل، متجاوزة سعر خام برنت حاجز 70 دولارًا وسط حالة من القلق والترقب في الأسواق. لكن مع استمرار العمليات العسكرية، بدا أن التصعيد لن يتجاوز "قواعد اللعبة" الجيوسياسية المعهودة، ما خفّف من وتيرة ارتفاع الأسعار.رون بوسو، كاتب شؤون الطاقة في رويترز، وصف رد فعل السوق بأنه "ذو مغزى لكنه متواضع نسبيًا" بالنظر إلى حجم المخاطر التي حملها الصراع بين قوتين إقليميتين كبيرتين.التحذيرات التي أطلقتها مؤسسات مالية دولية مثل بنك باركليز وغولدمان ساكس، والتي توقعت ارتفاع أسعار النفط إلى 85 دولارًا وربما أكثر من 100 دولار أو 110 دولارات في حال تأثرت صادرات إيران أو مضيق هرمز، لم تتحقق. إذ لم تلجأ إيران إلى إغلاق مضيق هرمز سوى في الأيام الأخيرة من النزاع ولم تُفعّل التهديد بشكل فعلي، مما خفّف الضغوط على السوق.أبرز نقطة مفصلية كانت في 24 يونيو، حين استهدفت إيران قاعدة "العديد" الأمريكية في قطر بصواريخ، في تصعيد غير مسبوق. وعلى غير المتوقع، بدأت أسعار النفط بالانخفاض خلال دقائق من الهجوم، وسرعان ما فقد خام برنت أكثر من 7% من قيمته خلال ساعات، وهو أكبر هبوط يومي منذ نحو ثلاث سنوات. وهبط الخام الأمريكي بنفس النسبة تقريبًا.وأرجع محللون هذا الهبوط إلى اعتماد التجار على معلومات استخباراتية مفتوحة وصور أقمار صناعية وأدلة عبر وسائل التواصل، أظهرت أن القاعدة كانت خالية من الطائرات، وأن الهجوم كان رمزيًا وغير تصعيدي.بعد يوم من الهجوم، تم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار برعاية أمريكية بين إيران وإسرائيل، وأعلن الرئيس ترامب عن "حان وقت السلام"، ما ساعد في تهدئة الأسواق بشكل إضافي.في تعاملات الثلاثاء التالي، تراجعت أسعار النفط بنحو 6% إضافية، لتعود إلى مستويات ما قبل اندلاع النزاع، وهو تراجع حاد لم تشهده السوق منذ سنوات. وختم الأسبوع بخسائر أسبوعية بنحو 12%، حيث أغلق خام برنت عند 67.77 دولارًا، والخام الأمريكي عند 65.52 دولارًا، مع تحول اهتمام المستثمرين إلى أساسيات السوق وبيانات المخزونات الأمريكية التي أظهرت انخفاضًا.تحليلًا للسلوك المفاجئ للسوق، قالت مؤسسة Energy Aspects إن التجار أصبحوا أكثر حذرًا من المبالغة في تقييم تأثير الأحداث الجيوسياسية. وأشارت إلى أن التوقعات السابقة التي كانت تشير إلى استهداف مضيق هرمز تراجعت بسرعة مع تأكد العكس، ما أدى إلى انخفاض كبير في علاوة المخاطر.كما لعبت تصريحات الرئيس ترامب، التي دعا فيها عبر منصته "تروث سوشال" إلى إبقاء أسعار النفط منخفضة وعدم الإضرار بالمصالح الأمريكية، دورًا في تقليص الرهانات على ارتفاع الأسعار.وأوضح رون بوسو أن ردود فعل سوق النفط تجاه الاضطرابات الكبرى في الشرق الأوسط أصبحت أقل حدة مقارنة بأزمات سابقة مثل حرب أكتوبر 1973 وغزو العراق للكويت عام 1990، حيث كانت الأسعار ترتفع بوتيرة أسرع وأقوى.