
قصور التشريع ومسؤولية الدولة عن أمن الشواطئ وسلامة المصطافين
في صيف كل عام، تتحول بعض الشواطئ المغربية إلى مسارح مفتوحة للفوضى والتهور، حيث يطفو على سطح المشهد سلوك خطير يتخذ من البحر ملعبا للفراغ والاستهتار، من خلال 'التفحيط البحري' وقطر المعدات الترفيهية وسط المصطافين، أو القيادة الاستعراضية للزوارق والدراجات المائية في أماكن السباحة العامة. هذه الظواهر التي لا تخضع لمدونة السير البرية،و تتقاطع مع قواعد السلامة البحرية، لتخترق جدار القانون، وتفضح هشاشة الحماية العمومية و غياب الردع الحقيقي.
ليقف عموم المصطافين على تصرفات مستهترة تنفلت في أحيان كثيرة من الرقابة، فلا تقتصر على خرق المرسوم المؤطر للأنشطة البحرية الترفيهية وحده ، ولا حتى مقتضيات القانون رقم 02.15 المتعلق بالشرطة المينائية، والتي تشدد على منع استعمال الوسائل البحرية في مناطق السباحة وضرورة إحترام مسافة الأمان، بل تصل عند وقوع الأضرار إلى درجة الجريمة الجنائية وفقا للفصول 432 و433 من القانون الجنائي، المتعلقة بالإيذاء الناتج عن الإهمال والتهور، بل وحتى أحينا القتل الخطأ. وحين يكون الضحية أطفالنا ، فإن المأساة تكتسب بعدا أخلاقيا وقانونيا يستوجب وقفة حازمة من الجميع.
إن مسؤولية الدولة لا تقف عند سن النصوص القانونية، بل في القدرة على فرض تطبيقها الصارم على الأرض، وتوفير الموارد البشرية واللوجستية الكافية. فالواقـع يطرح تداخل مؤسسي معيب، تتوزع فيه المسؤوليات بين الجماعات الترابية، والسلطات الإدارية و الأمنية ، دون تنسيق فعلي أو رقابة منتظمة. ومظاهر العجز كثيرة ومتنوعة ، من فوضى كراء الشمسيات وإحتلال الملك العمومي، إلى مظاهر السكر العلني والتحرش الجنسي والتفحيط واستعمال أليات ذات محرك على الشواطئ دون وجه حق ، وصولا إلى الغياب المقلق للمنقذين والمراقبين في بعض نقاط السباحة المفتوحة للعموم .
والحال أن حماية الأرواح في الفضاء العمومي لا يمكن أن تترك لمزاج أفراد، أو أن تخضع لحسابات السياحة الموسمية ، بل تقتضي تبني سياسة عمومية مندمجة تعيد الاعتبار لمفهوم الانضباط المدني، وتفرض هيبة القانون. فلا معنى للحديث عن شواطئ آمنة ومفتوحة للجميع، إن لم يكن القانون هو سيد الفضاء البحري ، وإن لم يشعر المواطن بأن له حقا في الأمان، وحقا في اللجوء إلى القضاء طلبا للإنصاف، سواء على أساس الفصل 77 من قانون الالتزامات والعقود، أو المقتضيات الزجرية للقانون الجنائي.
في هذا السياق، يكتسي القرار العاملي الصادر بتاريخ 23 يونيو 2025 عن والي جهة سوس ماسة وعامل عمالة أكادير إداوتنان، السيد سعيد أمزازي، أهمية بالغة ومبادة مهمة على المستوى المحلي والوطني ، إذ يعد نموذجا للمبادرة المسؤولة التي تنتصر لسلامة المصطافين وتنتقل من التنظير إلى الفعل. فالقرار يقضي بحصر انطلاق الدراجات المائية المملوكة للخواص في نقطة واحدة هي الميناء الترفيهي 'مارينا أكادير'، كخطوة تنظيمية استباقية تستجيب للمتطلبات المتزايدة لتأمين الشواطئ والحد من الممارسات العشوائية التي تهدد الأمن العام. وقد جاء هذا الإجراء بعد دراسة دقيقة للمخاطر، ويؤكد التزاما إداريا واضحا بإعادة النظام إلى فضاء يفترض أن يكون آمنا ومفتوحا للجميع.
ختاما ، إن ما تعرفه بعض شواطئنا ليس مجرد تجاوزات صيفية عابرة، بل إنكشاف خطير لفشل جماعي في إرساء ثقافة إحترام القانون في الفضاء العمومي. فقد حان الوقت لإصدار قانون خاص بتنظيم إستعمال الشواطئ والأنشطة الترفيهية البحرية، وإحداث وحدات أمنية موسمية متخصصة، مع رقمنة آليات التبليغ، وتشديد العقوبات الزجرية، حتى لا تظل الفجوة بين النص والممارسة مشرعة للفوضى والاستهتار .
ذ/الحسين بكار السباعي
محام بهيئة اكادير والعيون مقبول لدى محكمة النقض.
باحث في الهجرة وحقوق الإنسان.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أكادير 24
منذ 21 ساعات
- أكادير 24
قصور التشريع ومسؤولية الدولة عن أمن الشواطئ وسلامة المصطافين
في صيف كل عام، تتحول بعض الشواطئ المغربية إلى مسارح مفتوحة للفوضى والتهور، حيث يطفو على سطح المشهد سلوك خطير يتخذ من البحر ملعبا للفراغ والاستهتار، من خلال 'التفحيط البحري' وقطر المعدات الترفيهية وسط المصطافين، أو القيادة الاستعراضية للزوارق والدراجات المائية في أماكن السباحة العامة. هذه الظواهر التي لا تخضع لمدونة السير البرية،و تتقاطع مع قواعد السلامة البحرية، لتخترق جدار القانون، وتفضح هشاشة الحماية العمومية و غياب الردع الحقيقي. ليقف عموم المصطافين على تصرفات مستهترة تنفلت في أحيان كثيرة من الرقابة، فلا تقتصر على خرق المرسوم المؤطر للأنشطة البحرية الترفيهية وحده ، ولا حتى مقتضيات القانون رقم 02.15 المتعلق بالشرطة المينائية، والتي تشدد على منع استعمال الوسائل البحرية في مناطق السباحة وضرورة إحترام مسافة الأمان، بل تصل عند وقوع الأضرار إلى درجة الجريمة الجنائية وفقا للفصول 432 و433 من القانون الجنائي، المتعلقة بالإيذاء الناتج عن الإهمال والتهور، بل وحتى أحينا القتل الخطأ. وحين يكون الضحية أطفالنا ، فإن المأساة تكتسب بعدا أخلاقيا وقانونيا يستوجب وقفة حازمة من الجميع. إن مسؤولية الدولة لا تقف عند سن النصوص القانونية، بل في القدرة على فرض تطبيقها الصارم على الأرض، وتوفير الموارد البشرية واللوجستية الكافية. فالواقـع يطرح تداخل مؤسسي معيب، تتوزع فيه المسؤوليات بين الجماعات الترابية، والسلطات الإدارية و الأمنية ، دون تنسيق فعلي أو رقابة منتظمة. ومظاهر العجز كثيرة ومتنوعة ، من فوضى كراء الشمسيات وإحتلال الملك العمومي، إلى مظاهر السكر العلني والتحرش الجنسي والتفحيط واستعمال أليات ذات محرك على الشواطئ دون وجه حق ، وصولا إلى الغياب المقلق للمنقذين والمراقبين في بعض نقاط السباحة المفتوحة للعموم . والحال أن حماية الأرواح في الفضاء العمومي لا يمكن أن تترك لمزاج أفراد، أو أن تخضع لحسابات السياحة الموسمية ، بل تقتضي تبني سياسة عمومية مندمجة تعيد الاعتبار لمفهوم الانضباط المدني، وتفرض هيبة القانون. فلا معنى للحديث عن شواطئ آمنة ومفتوحة للجميع، إن لم يكن القانون هو سيد الفضاء البحري ، وإن لم يشعر المواطن بأن له حقا في الأمان، وحقا في اللجوء إلى القضاء طلبا للإنصاف، سواء على أساس الفصل 77 من قانون الالتزامات والعقود، أو المقتضيات الزجرية للقانون الجنائي. في هذا السياق، يكتسي القرار العاملي الصادر بتاريخ 23 يونيو 2025 عن والي جهة سوس ماسة وعامل عمالة أكادير إداوتنان، السيد سعيد أمزازي، أهمية بالغة ومبادة مهمة على المستوى المحلي والوطني ، إذ يعد نموذجا للمبادرة المسؤولة التي تنتصر لسلامة المصطافين وتنتقل من التنظير إلى الفعل. فالقرار يقضي بحصر انطلاق الدراجات المائية المملوكة للخواص في نقطة واحدة هي الميناء الترفيهي 'مارينا أكادير'، كخطوة تنظيمية استباقية تستجيب للمتطلبات المتزايدة لتأمين الشواطئ والحد من الممارسات العشوائية التي تهدد الأمن العام. وقد جاء هذا الإجراء بعد دراسة دقيقة للمخاطر، ويؤكد التزاما إداريا واضحا بإعادة النظام إلى فضاء يفترض أن يكون آمنا ومفتوحا للجميع. ختاما ، إن ما تعرفه بعض شواطئنا ليس مجرد تجاوزات صيفية عابرة، بل إنكشاف خطير لفشل جماعي في إرساء ثقافة إحترام القانون في الفضاء العمومي. فقد حان الوقت لإصدار قانون خاص بتنظيم إستعمال الشواطئ والأنشطة الترفيهية البحرية، وإحداث وحدات أمنية موسمية متخصصة، مع رقمنة آليات التبليغ، وتشديد العقوبات الزجرية، حتى لا تظل الفجوة بين النص والممارسة مشرعة للفوضى والاستهتار . ذ/الحسين بكار السباعي محام بهيئة اكادير والعيون مقبول لدى محكمة النقض. باحث في الهجرة وحقوق الإنسان.


أكادير 24
منذ 2 أيام
- أكادير 24
شاطئ إيمواران تحت رحمة 'الاحتلال القسري': مظلات شمسية تثير استياء المصطافين وتطلق دعوات تطبيق القانون
agadir24 – أكادير24 عادت ظاهرة 'احتلال' الشواطئ لتطفو على السطح مجددا، وهذه المرة من شاطئ إيمواران شمال أكادير، حيث يعيش المصطافون وضعا مقلقا بسبب الانتشار العشوائي للمظلات والكراسي المخصصة للكراء، التي باتت تسيطر على أغلب المساحات الرملية. ورغم التوجيهات الرسمية الصادرة عن والي جهة سوس ماسة عامل عمالة أكادير إداوتنان، سعيد أمزازي، لمحاربة هذه الظاهرة التي تسيء إلى صورة السياحة الشاطئية بالجهة، إلا أن المشهد على أرض الواقع يعكس تهاونا في تطبيق التعليمات، وسط صمت مريب من قبل السلطات، كما يقول العديد من المطافين. وبحسب تصريحات متطابقة لهؤلاء، فإن عددا من مرتادي شاطئ إيموران لا يجدون مكانا لوضع مظلاتهم الخاصة أو الاستمتاع بالشاطئ رفقة أسرهم، بسبب الانتشار الكبير للمظلات والكراسي التي يفرضها أصحابها مقابل مبالغ مالية، في خرق سافر للقوانين المنظمة لاستغلال الملك العمومي البحري. وتحولت انتقادات المصطافين للوضع القائم إلى دعوات واسعة للتدخل العاجل والحازم من طرف السلطات المعنية، من أجل تحرير الشاطئ مما أسموه بـ 'الاحتلال القسري' الذي حوله من فضاء عام إلى مصدر ربح خاص، على حساب راحة وكرامة المصطافين. وإلى جانب ذلك، طالب هؤلاء بتفعيل آليات المراقبة وتطبيق القانون بصرامة، حماية لجمالية شاطئ إيموران وصونا لحق الجميع في الاستمتاع به، بعيدا عن الفوضى والعشوائية. يذكر أن والي جهة سوس ماسة عامل عمالة أكادير إداوتنان، سعيد أمزازي، أصدر مؤخرا قرارا عامليا يقضي بمنع عدد من الأنشطة التجارية والخدماتية العشوائية على مستوى الشواطئ والساحات المحاذية لها، في خطوة تروم تنظيم الفضاءات الساحلية وإنهاء مظاهر الفوضى التي تشهدها خلال فصل الصيف. ويمنع هذا القرار بشكل صريح مزاولة أنشطة كراء الدراجات والمظلات والكراسي، وبيع المأكولات الخفيفة والمثلجات والفواكه الجافة، إضافة إلى الكتب والأشرطة ومنتجات الصناعة التقليدية، وغيرها من الأنشطة المشابهة التي تتم دون ترخيص مسبق، تحت طائلة الحجز بالمحجز الجماعي. وألزم القرار ذاته السلطات المحلية بالمقاطعات والقيادات والملحقات الإدارية التابعة لها بحجز المعدات المعروضة بشكل غير قانوني لمدة شهر، مع تمديد المدة إلى ثلاثة أشهر في حال تكرار المخالفة، كما أشار إلى أنه سيتم إتلاف المواد القابلة للتلف وفق المساطر القانونية الجاري بها العمل، وذلك في إطار تشديد المراقبة على الأنشطة غير النظامية. ومن بين المقتضيات الجديدة التي جاء بها القرار، منع إدخال أو استعمال الخيول والجمال والدراجات النارية بمختلف أصنافها، إلى جانب السيارات رباعية الدفع داخل الشاطئ، فضلا عن منع ممارسة كافة الرياضات الجماعية باستعمال الكرة، ما لم تكن مرخصة ومحددة في فضاءات معينة. هذا، وقد عبر عدد من المواطنين عن تأييدهم القرار المذكور باعتباره خطوة ضرورية للحفاظ على النظام وجمالية الشواطئ، غير أن بعض الخروقات المتواصلة في هذه الفضاءات باتت تثير القلق وتطرح تساؤلات حول ظروف استمراريتها في تحد سافر لتعليمات والي الجهة.


أكادير 24
منذ 2 أيام
- أكادير 24
قرار حاسم من والي جهة سوس ماسة لوضع حد لفوضى الدراجات المائية بشواطئ أكادير
اتخذ والي جهة سوس ماسة وعامل عمالة أكادير إداوتنان، السيد سعيد أمزازي، قراراً يعكس التزامه القوي بضمان سلامة المواطنين وحماية المصطافين، عبر تنظيم أنشطة الدراجات المائية في شواطئ أكادير بشكل صارم. فقد صدر بتاريخ 23 يونيو 2025 قرار عاملي يقضي بتحديد الميناء الترفيهي 'مارينا أكادير' كنقطة وحيدة لخروج الدراجات المائية المملوكة للخواص. ويأتي هذا الإجراء استجابة للمتطلبات المتزايدة لتأمين الفضاءات البحرية ومنع الممارسات العشوائية التي تهدد أمن وسلامة الزوار. القرار، الذي جاء بعد دراسة دقيقة للمخاطر، يهدف إلى وضع إطار محكم لاستخدام هذه الوسائل الترفيهية وضمان احترام الضوابط القانونية المنظمة لها. وينص القرار الجديد على منع أي شخص غير مرخص له من ممارسة كراء أو استعمال الدراجات المائية، مع التأكيد على فرض عقوبات تأديبية مشددة، من بينها الحجز الفوري للدراجة المخالفة وسحب وثائقها لمدة لا تقل عن أسبوعين، مع تشديد العقوبة في حالة تكرار المخالفة. هذا القرار يُعتبر خطوة متقدمة نحو جعل أكادير نموذجاً يحتذى به في تدبير الأنشطة البحرية والسياحية، بما يعزز صورة المدينة كوجهة آمنة ومستدامة للسياحة الوطنية والدولية، ويعكس رؤية السلطات الجهوية في الارتقاء بجودة الخدمات وحماية الأرواح والممتلكات.