رولا المغربي تكتب: حين تُغتال العقول ويُكافأ الجهل… من يحمي بُنيان الإنسان العربي؟
بقلم : رولا المغربي
منذ يومين وأنا أُحاول لملمة أفكاري لمحاولة إعادة التوازن النفسي لأُحسِنَ التحليل . وأُحسِن صياغة الدروس المستفاده. سمِعتُ الكثير من المحللين ، ممن اتفِق مع رؤاهم أو استهجِن التحليل.
لذا سأبدأ من حيث انتهى المحللون وسأحاول أن أخرج من الصندوق،
جرت العاده حين نفشل ان نكون جُرماً مضيئاً بين العمالِقه أن نُلقي باللوم على الحكومات والأنظمه ، نحنُ قومٌ طيّبون (لن اقول ساذجون) ، يُسعِدنا طرب الكلمات التي تجعلنا ننتشي ونزهو بأمجادنا وتاريخنا المحفوف بالتزييف. بأنّنا حَكمنا العالم يوماً ما .الثابت أنّ الدوله الاسلاميه توسّعت في عهد الخلافه الراشده لتشمل الجزيره العربيه ثم العراق ثم الشام ثم مصر وأجزاء من فارس ،أعظم توسع كان في عهدالخلافه الأمويه شرقاً حتى حدود الصين غرباً حتى الاندلس شمالاً الى القوقاز واسيا الصغرى جنوباً الى شمال افريقيا في هذه الفتره تحديداً كانت كانت الدوله الاسلاميه اكبر امبراطوره بالعالم ، أما في عهدالخلافه العباسيه (٧٥٠-١٢٥٨)فكان التركيز اكثر على العِلم والحضاره.ثم في عهد الدوله العثمانيه امتدت لثلاث قارات اسيا اوروبااالشرقيه والشرق الاوسط وشمال افريقيا تاريخنا ،كانت قوه عالَميه عظمى في ذلك الوقت ، لكن اعظم مما يمكن ان يقال عن اسباب هذه السيطره وهذا النفوذ شبه العالمي ان المسلمون الأوائل كانوا يحملون عقيدةً نقيّه لم يكن قد دُسّ فيها سمّ السياسه بالقدر الذي قد يتسبب في انهيار الدوله.فوحدة الهدف والتنظيم السياسي وتبنّي العلماء وظهور قاده عسكريون يترفعون عن السياسه. والاصرار على إقامة العدل بنظام قضائي غير مسيّس ساهمَ في بزوغ عدالة الاسلام الحقيقيه.لايخلو تاريخ في العالم من التلفيق والأكاذيب لكن الأكيد أنّ بداية الصراع السياسي ابتدأ بعد الفتنه الكبرى بين علي ومعاويه ،كان صراعاً سياسياً بحتاً لا عقائدياً فظهرت الروايات الكاذبه التي تخدم كل طرف وفق ما يشتهي،،يُعدّ التاريخ الإسلامي في القرون الأولى من اكثر التواريخ دقةً بفضل التدوبن المبكّر ، لكن من القرن ١٧ فما بعد اكثرها دقةً بفضل التوثيق العالمي والوثائق والسجلات ، لكل امّه من الأمم ما ترغب باثباته لتأكيد وجودها في هذا العالم فتعمد الى مجموعة اكاذيب تم الإتفاق عليها لتُكتَب على شكل تاريخ ،.
في مرحله من المراحل صدّقنا التاريخ ، لكننا بدأنا نكشف التزييف ، لكن التصحيح هو لعنه تُصيب كل من فكّرَ ان يعبث برواكد الفكر العقيم. امتلأ التاريخ الاسلامي بالخيانات لكنها ليست من الاسلام بل من نفوس البشر التي غلبَ عليها المصالح والأحقاد والطمع .
ليس التاريخ وحده من يتحمل عبئ التعتيم ، لكن التشويه الذي حصل في الفكر الإسلامي هو من تسبب في تشويه صورة الإسلام، وحصره في محاريب تعتزل العالم بحجة درء الفتن لكن اكثر ما يخشاه الأعداء عقلك لا صلاتك ، في حروبنا نحن المسلمون مع باقي الأمم يتم استهداف العلماء واصحاب العقول لا الشيوخ واصحاب العمائم . لم يذكر التاريخ ان الاعداء قصفوا يوماً مكه او المدينه او كربلاء هم لايخشَون صوت الأذان او كثرة المساجد ما يُخيفهم حقاً مراكز البحوث العلميه وتجارب التفاعلات الكيميائيه ومصانع العقول الذكيّه.في الحرب على العراق قُصِفت بغداد واغتِيلَ العلماء لا المشايخ وفي التناوش مع باكستان اغتيل العلماء لا الفقهاء وفي الحرب الاخيره استُهدِفَ العُلماء قبل المنشآت فايران لم تضطر الى استجداء الاسلحه من الخارج فجميع اسلحتها(صُنِعَ في ايران).
هم أمَمٌ عرفت اسباب ثباتهم ، بأنّ العقول المشحونه بالعلم أخطر على وجودهم من القنابل النوويه .
الدين ليس عائقاً لتنهل من العلوم ، بل الخشيه من ان العقول المفكّره ستكون عقبةً امام جائعي السياسه فتمّ وأد الشغف وطموح التفكير عند الانسان العربي بقيد الخوف من ان تلتهمنا الأمم الأخرى بعلومها فابقَ حيث انت واكتفي بطاعة ولي الأمر.
لا اعلم كيف ابتدأت بالتاريخ الاسلامي وانتهيت بثبات الأمم. لكن يبدو اني لازلت أعاني من اضطراب يُلاحقني بانتظار الإجابه العقيمه للسؤال الذي لابدّ منه : (متى سنبدأ
ببناء الإنسان العربي وكيف سيتكامل البناء بالإنسان العربي المسلم دون تدخّل السياسه ودناءة السّاسه )؟؟؟
رولا المغربي

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

عمون
منذ 3 ساعات
- عمون
عملاء الديمقراطية
قبل اكثر من مئة عام احتلت بريطانيا افغانستان انتفض الافغان بعد أن توهموا بأن بريطانيا جاءت بحضارتها وديمقراطيتها لتحسين وضع المواطن الافغاني وترسيخ قواعد الديمقراطيه ، فما رأوا سوى قتلاً وتدميراً ونهباً لثروات فدحروا الانجليز الذين كانوا انذاك مستعمرين للهند واستعانوا ببعض الهنود في افغانستان، ليكونوا واجهة لجرائم تقترف باسم الحريه. خسرت بريطانيا ١٢ الف جندي بريطاني في افغانستان ، اضطرت على اثرها للانسحاب تاركة وراءها شعباً ضاعت هويته واصبح يشحد الحضاره المسروقه عنوةً تحت ضغط السلاح. بداية التدخل السوفيتي : ١٩٧٩حصل انقلاب عسكري في افغانستان على يدا لشيوعي (بابرك كارمل )وهو افغاني مدعوم من السوفيت .فقَتَلَ حينها الرئيس الافغاني بايعاز ودعم من السوفييت (حفيظ الله امين) ونصَّبَ نفسه رئيسا لافغانستان . ١٩٧٩ أصبح بابرك كارمل(افغاني من اصل كشميري وهو محامي دبلومسي) حاكماً لافغانستان لتنفيذ سياساتهم في الارض العصيّه .فكان أداةً شرّعت التدخّل السوفيتي ، واستمر حكمه سبع سنوات ودعَمَهُ النظام السوفيتي بكل قوه إذ كان كدميةٍ سوفيتيه .بدا الغزو السوفيتي لافغانستان يصبح اكثر شراسة ودمويه.استمر كارمل بالحكم حتى عام١٩٨٦،منفّذاً لسياسات الاتحادالسوفيتي ،ثم قام السوفيت بعزله بعد ان اكمل المهمه ، واستبدلوه (بمحمد نجيب الله )الذي عُرف عنه شراسته في قتال المقاومه حيث دعَمَه الروس باحدث صواريخ حيث اطلقها بنجاح من كابل الى مدينة جلال اباد للدفاع عنها من سيطرة المُقاومين وخطر وصولهم الى كابل. وتحت ضربات المقاومين الذين جاءوا من ارجاء المعموره بجانب الافغان لقتال الروس حقق المقاومون الافغان انتصارا على الشيوعيه اضطرت السوفيت للانسحاب وتركوا ادوات المعارك خلفهم والمركبات العسكريه اما عدد القتلى الذي اقترفه السوفيت من المسلمين في افغانستان ٢ مليون مسلم ، وعددالمهجّرين ٥ مليون وتركت٦٤٩ الف لغم قتلت ٢٣ الف شخص . قُتِل من الروس من ٤٠ الى ٥٠ الف جندي روسي .خسائر بشريه وماديه ادت للانسحاب ،انهار الوضع الاقتصادي الذي كلّف روسيا ٤٠ مليون دولار يومياً،ممّا اضطر روسيا لبيع عدة اطنان من الذهب لشراء القمح. انهار الاتحاد السوفيتي وتفتت واصبح يترنّخ معلناً انه لم يعد قوّه عظمى. حدثت احداث ١١ سبتمبر عام ٢٠٠١ فكانت الذريعه المصطنعه لمحاربة الارهاب فاحتلت امريكا افغانستان (٢٠ )عاما فتره الاحتلال الامريكي لافغانستان لمكافحة الارهاب والتطرف. الناطق الرسمي للجيش الامريكي صرّح : من يظن اننا خرجنا انتقاما ل١١ ايلول فهو واهن نحن خرجنا لقضيه اخطر هي (المشروع الاسلامي) ولن نقبل ان يكون الاسلام مشروعاً حرا يقرر فيه المسلون ماهو الاسلام نحن سنقرر لهم ماهو اسلامهم ، نحن سنرسم ملامح الاسلام الجديده. ٢٠٠ مليار دولار كلفة الجيش الامريكي يوميا في افغانستان ثم اخذت التكلفه تنخفض معتمدين على الجيش الافغاني والعملاء المدَرّبين لتنفيذ مخططاتهم.نشَطَ ظهور العملاء والخَوَنه لصالح امريكا (فقد عمدت امريكا ااى فرض سياسة الفقر والتجهيل)اللذان ساهما في تنامي ظهور العملاء . تكلفه حرب افغانستان والعراق اكثر من ٤٠ ضعف تكلفتها في حربها مع فيتنام !!! ٨٠٠ الف جندي امريكي خدم في افغانستان!!!. المكان : واشنطن الزمان : 2021 بايدن: لن نبقى نقاتل الارهاب في افغانستان ، والروس والصين يفرحون بذلك ، لايجب على القوات الامريكيه ان تقاتل في افغانستان بحربٍ رفض فيها الجيش الافغاني القيام بها . وفجأه القاده السياسيين انهاروا والجيش الافغاني اختفى وهرب القاده بأموالهم المكدّسه في الحقائب .وبقيَ العملاء يواجهون مصيرهم المحتموم ، وصل بهم الأمر بالتعلّق بعجلات الطائرات الأمريكيه فراراً من الشعب الذي طَلَب القصاص منهم لقاء خيانتهم لافغانستان. بايدن : درّبنا ٣٠٠ الف افغاني ومع ذلك لاتوجد عندهم عقيدة القتال، كنا نعتقد ان قوات الامن الافغانيه ستكون شريكاً امنياً للدفاع عن العاصمه كابل لحماية الامريكان !!! لكن ذلك لم يحدث اذ سيطرت طالبان على المدينه في اليوم التالي . اضطرت امريكا لتهريب ٧٣ الف من مواطني دول استعملتهم ،ومواطنين افغان عملاء. في الاسلام القصاص بالقتل في ثلاث حالات فقط القاتل يُقتَل والجاسوس يُقتل والساحر يُقتل .هذه حالات القتل في الاسلام، الجاسوس يطّلع مالايطّلع عليه الغريب، فيتسبب بضياع أمّه. تكون الجاسوسيه عن طريق النساء اوالمال، امريكا وبريطانيا بعد انسحابهما واثناء الانسحاب قدّموا الكلاب على العملاء ،فكانت تُقدّم تهريب كلابهم على العميل الخائن. ان تكتب عن خيانات التاريخ الحديث سيكون وقعُهُ اكثر مصداقيه، فالدروس المستفاده ان المحتل وان طال ظُلمه سيزول ، وان العميل مهما ارتفع سيقع وقوعاً مدوياً فماضيهم يشهد وتاريخنا يكتب. ( افلا تتفكرون يا اولو الالباب)صدق الله العظيم (فاعتبروا يا اولي الالباب). صدق الله العظيم. فضفضات التاريخ

سرايا الإخبارية
منذ 21 ساعات
- سرايا الإخبارية
رولا المغربي تكتب: حين تُغتال العقول ويُكافأ الجهل… من يحمي بُنيان الإنسان العربي؟
بقلم : رولا المغربي منذ يومين وأنا أُحاول لملمة أفكاري لمحاولة إعادة التوازن النفسي لأُحسِنَ التحليل . وأُحسِن صياغة الدروس المستفاده. سمِعتُ الكثير من المحللين ، ممن اتفِق مع رؤاهم أو استهجِن التحليل. لذا سأبدأ من حيث انتهى المحللون وسأحاول أن أخرج من الصندوق، جرت العاده حين نفشل ان نكون جُرماً مضيئاً بين العمالِقه أن نُلقي باللوم على الحكومات والأنظمه ، نحنُ قومٌ طيّبون (لن اقول ساذجون) ، يُسعِدنا طرب الكلمات التي تجعلنا ننتشي ونزهو بأمجادنا وتاريخنا المحفوف بالتزييف. بأنّنا حَكمنا العالم يوماً ما .الثابت أنّ الدوله الاسلاميه توسّعت في عهد الخلافه الراشده لتشمل الجزيره العربيه ثم العراق ثم الشام ثم مصر وأجزاء من فارس ،أعظم توسع كان في عهدالخلافه الأمويه شرقاً حتى حدود الصين غرباً حتى الاندلس شمالاً الى القوقاز واسيا الصغرى جنوباً الى شمال افريقيا في هذه الفتره تحديداً كانت كانت الدوله الاسلاميه اكبر امبراطوره بالعالم ، أما في عهدالخلافه العباسيه (٧٥٠-١٢٥٨)فكان التركيز اكثر على العِلم والحضاره.ثم في عهد الدوله العثمانيه امتدت لثلاث قارات اسيا اوروبااالشرقيه والشرق الاوسط وشمال افريقيا تاريخنا ،كانت قوه عالَميه عظمى في ذلك الوقت ، لكن اعظم مما يمكن ان يقال عن اسباب هذه السيطره وهذا النفوذ شبه العالمي ان المسلمون الأوائل كانوا يحملون عقيدةً نقيّه لم يكن قد دُسّ فيها سمّ السياسه بالقدر الذي قد يتسبب في انهيار الدوله.فوحدة الهدف والتنظيم السياسي وتبنّي العلماء وظهور قاده عسكريون يترفعون عن السياسه. والاصرار على إقامة العدل بنظام قضائي غير مسيّس ساهمَ في بزوغ عدالة الاسلام الحقيقيه.لايخلو تاريخ في العالم من التلفيق والأكاذيب لكن الأكيد أنّ بداية الصراع السياسي ابتدأ بعد الفتنه الكبرى بين علي ومعاويه ،كان صراعاً سياسياً بحتاً لا عقائدياً فظهرت الروايات الكاذبه التي تخدم كل طرف وفق ما يشتهي،،يُعدّ التاريخ الإسلامي في القرون الأولى من اكثر التواريخ دقةً بفضل التدوبن المبكّر ، لكن من القرن ١٧ فما بعد اكثرها دقةً بفضل التوثيق العالمي والوثائق والسجلات ، لكل امّه من الأمم ما ترغب باثباته لتأكيد وجودها في هذا العالم فتعمد الى مجموعة اكاذيب تم الإتفاق عليها لتُكتَب على شكل تاريخ ،. في مرحله من المراحل صدّقنا التاريخ ، لكننا بدأنا نكشف التزييف ، لكن التصحيح هو لعنه تُصيب كل من فكّرَ ان يعبث برواكد الفكر العقيم. امتلأ التاريخ الاسلامي بالخيانات لكنها ليست من الاسلام بل من نفوس البشر التي غلبَ عليها المصالح والأحقاد والطمع . ليس التاريخ وحده من يتحمل عبئ التعتيم ، لكن التشويه الذي حصل في الفكر الإسلامي هو من تسبب في تشويه صورة الإسلام، وحصره في محاريب تعتزل العالم بحجة درء الفتن لكن اكثر ما يخشاه الأعداء عقلك لا صلاتك ، في حروبنا نحن المسلمون مع باقي الأمم يتم استهداف العلماء واصحاب العقول لا الشيوخ واصحاب العمائم . لم يذكر التاريخ ان الاعداء قصفوا يوماً مكه او المدينه او كربلاء هم لايخشَون صوت الأذان او كثرة المساجد ما يُخيفهم حقاً مراكز البحوث العلميه وتجارب التفاعلات الكيميائيه ومصانع العقول الذكيّه.في الحرب على العراق قُصِفت بغداد واغتِيلَ العلماء لا المشايخ وفي التناوش مع باكستان اغتيل العلماء لا الفقهاء وفي الحرب الاخيره استُهدِفَ العُلماء قبل المنشآت فايران لم تضطر الى استجداء الاسلحه من الخارج فجميع اسلحتها(صُنِعَ في ايران). هم أمَمٌ عرفت اسباب ثباتهم ، بأنّ العقول المشحونه بالعلم أخطر على وجودهم من القنابل النوويه . الدين ليس عائقاً لتنهل من العلوم ، بل الخشيه من ان العقول المفكّره ستكون عقبةً امام جائعي السياسه فتمّ وأد الشغف وطموح التفكير عند الانسان العربي بقيد الخوف من ان تلتهمنا الأمم الأخرى بعلومها فابقَ حيث انت واكتفي بطاعة ولي الأمر. لا اعلم كيف ابتدأت بالتاريخ الاسلامي وانتهيت بثبات الأمم. لكن يبدو اني لازلت أعاني من اضطراب يُلاحقني بانتظار الإجابه العقيمه للسؤال الذي لابدّ منه : (متى سنبدأ ببناء الإنسان العربي وكيف سيتكامل البناء بالإنسان العربي المسلم دون تدخّل السياسه ودناءة السّاسه )؟؟؟ رولا المغربي


أخبارنا
منذ 5 أيام
- أخبارنا
سلطان الحطاب : سوريا... العودة الى ستراسبورغ
أخبارنا : ما حذر منه الملك عبد الله الثاني، يحدث الآن، الملك لا يقرأ الغيب، ولكنه يتمتع ببصيرة وخبرة تجعله يقول "إننا نعرفه الحاوي الذي أعطى الإشارة". لماذا يعود القتل المفجع وهذا السيل من الدم الى سوريا التي حلمنا أن تستقر بعد أن سددت فاتورة الدم لأكثر من عقد من الزمان، قبل أن يفك الحبل عن عنقها، وقد واجهت عملية اغتيال جماعية، لا نريد أن نتحدث عن أعراضها التي ما زالت ماثلة في تهجير السوريين عبر العالم وفي اغتيالهم بالبحار غرقاً، وفي السجون التي لا أبواب معروفة لها، والتي أغلقت حيث بعضها ما زال لم يعثر على "الكود" لفتحها. نعم بصيرة الملك عبد الله الثاني، وخبرته تضمنتها كلماته أمام البرلمان الأوروبي، وتحديداً عندما قال: وماذا لو بقيت سوريا رهينة للصراعات بين القوى العالمية، وانزلقت مرة أخرى الى الصراع الأهلي؟ ماذا لو شهدنا عودة لداعش وأصبحت سوريا نقطة انطلاق لهجمات ضد بقية العالم؟ قد تكون سوريا خارج التغطية الإعلامية، ومعاناتها بعيدة عن البال، لكن الأزمة لم تنته بعد، خلال الأشهر التسعة الماضية، نزح أكثر من نصف مليون شخص، والعديد منهم بالأصل لاجئون. هل يريد أي منا في هذه القاعة (البرلمان الأوروبي)، أن يشهد أزمة لجوء سوريين جديدة، بكل ما فيها من رعب ومآس؟ أو رؤية طفل بريء آخر يقذفه البحر على شواطئكم؟ أعلم أنني اتحدث بالنيابة عن الجميع عندما أقول، بالتأكيد لا. نعم إنك تتحث نيابة عن الجميع، لأن ما حذرت منه يقع الآن يا سيدي، وبالأمس رأينا المجزرة الدموية في دمشق وشلال الدم في الكنيسة ضد شركاء الوطن السوري وجذوره، وجاء استهداف اللون المسيحي لتكون الرسائل منوعة وعميقة في استثمارات الابتزاز. والذي لا يعرف أن اسم سوريا جاء من السريان، وهم أول من انشأ وكتب... بالمسيحية، في سوريا، التي أصبحت بلاد الشام، كتسمية اسلامية. نعم سوريا تعود الى النزف وتعاودها "نوبة" اعتقدنا انها شفيت منها، لكن داعش تعود ورقة وسوريا الآن تخضع للابتزاز، فالذين يمارسون عليها هذا لا يريدونها أن تشفى أو تعود للحضن العربي او تخرج من الاستقطاب الملوث أو تبني لنفسها طريقاً ومخرجاً بعد أن اغلقت أمامها الخيارات، وتُركت للتدمير والنهب والقتل والتدخل الأجنبي، نعم نحن نعرفه الحاوي الذي أعطى الإشارة! لسنا بحاجة أن نخط بالرمل أو نقرأ ظاهر الغيب، فالاحتياط الإجرامي جاهز للتدخل بالصافرة التي حركت القتلة في الكنيسة لنرى الدماء تلوث الصلبان باسم الاسلام البريء، وباسم السوريين الذين امتثلوا لوصية الرسول صلى الله عليه وسلم لجيش أسامة بن زيد، حين قال "لا تخونوا ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلاً ولا شيخاً كبيراً، ولا امرأة ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة ولا تذبحوا شاة، ولا بعيراً الاّ لماكلة، وسوف تمرون بقوم قد فرغوا انفسهم في الصوامع، فدعوهم وما فرغوا انفسهم له الخ". لماذا العودة لاستهداف سوريا، وتحديداً المسيحيين فيها الذين جاء الملك عبد الله الثاني على دورهم وشراكتهم في المنطقة التي كانت جذورهم فيها وابدعوا في حضارتها، وكانت المسيحية أحدى أهم الأديان في منطقتنا. لقد استهدف الاستعمار الغربي والاحتلال المسيحيين وعمل على تهجيرهم، وهم ملح الأرض، كما يقولون، فكانت الحركة الصهيونية بافعالها الإرهابية قد هجرت يهود العراق الى فلسطين عشية بناء دولة الاحتلال وفعلت ذلك باليمن والمغرب وغيرها من البلاد العربية وحتى مصر. كما استهدفت المسيحيين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، وتحديداً "القدس" ولم يبق منهم الاّ الاف محدودة، بعد أن كانوا ملء السمع والبصر والمدن والقرى. وما زال إستهداف المسيحيين في الأراضي المقدسة قائماً، وهذا ما دفع الملك عبد الله الثاني، للحديث عنهم في الشرق وعن شراكتهم ودورهم. سوريا تواجه تحديات خطيرة وجرحها ما زال فاغراً ينزف، ولا بد من مداواته قبل أن يتسع، وقد عمل الأردن من أجل ذلك، واستقبل القيادة السورية وساعد في حضورها القمة العربية، وحرضّ العرب في القمة لمساعدتها، وضمن عودة السوريين اللاجئين في الأردن بسلام الى بلدهم. سوريا تحت الضغط والابتزاز والاشتراطات القاسية، مقابل الحياة، وإعادة البناء والتنمية وتضميد جراح السوريين، وهو ما تحاول هذه القيادة الجديدة أن تفعل، فالابتزاز يستهدف تجريد سوريا من استقلالها وكرامتها. الابتزاز السوري اخذ شكل التدخل السافر في أرضها وتهديد وحدة ترابها وسيادتها، فقد جرى التدخل في جبل الدروز والسويداء، كما قامت اسرائيل باختراقات للأمن السوري على أكثر من صعيد ومستوى، وانفذت دوريات عسكرية مسلحة واحتلت مناطق عدة في جبل الشيخ وغيره، وأرادت أن لا يكون للدولة السورية نفوذ عسكري في جنوب دمشق وعلى الحدود، خاصة وأنه جرى تدمير الجيش السوري في آخر أيام الرئيس المخلوع الأسد، وأصبحت سوريا بلا قوة تحميها، من أجل أن يبقى أمنها مشرعا للخطر والغزو والتدخل، فهل يستمر ذلك؟ وأين الموقف الدولي والأمم المتحدة والاتفاقيات خاصة فصل القوات الموقع عام 1974؟ واين الموقف العربي في حماية سوريا وشعبها؟ الحريق الذي ضرب سوريا أمس في تفجير الكنسية في دمشق وقتل المصلين والزوار، خطير وله ما بعده من نماذج يريد اعداء سوريا مهما كانت هويتهم البناء عليها. كان الله في عون سوريا والسوريين بلادنا واهلنا، أما داعش فهي "ماركة" نعرفها وهي أشبه بالافعى الهندية السامة الكوبرا التي تخرج من حقيبة الحاوي حينما يناديها بالموسيقى أو بالنداء الخاص لتمارس لعبتها المفضلة في القتل باسم الاسلام الذي لم يحمه اهله بما يكفي . ــ الراي