logo
عندما تلتهم أعباء الديون إيرادات موازنة مصر

عندما تلتهم أعباء الديون إيرادات موازنة مصر

العربي الجديدمنذ 6 ساعات
ضع موازنة مصر الجديدة للعام 2025-2026 التي تم العمل بها يوم الثلاثاء 1 يوليو/تموز الجاري، تأمل أرقامها جيداً، بخاصة على مستوى الإيرادات والمصروفات والأعباء الجديدة الضخمة الملقاة على المواطن. أول انطباع تصل إليه هو أنك ستصاب بالذعر الشديد من الأرقام والمؤشرات المالية المخيفة، ولذا تقلق بشدة على ما هو قادم، وتخلص إلى أنك أمام حكومة لا تضع أي قيود على الإنفاق العام ومحاولة ترشيده رغم الظروف الاقتصادية والمالية التي تمر بها الدولة.
وتمارس الحكومة كذلك سياسة تدوير الديون في الموازنة الجديدة رغم مخاطرها الشديدة سواء على الاقتصاد والأسواق والأجيال المقبلة، وتُحمّل الحكومة المواطن وحده لا غيره أعباء تدبير إيرادات الدولة ومصروفاتها، إضافة إلى أعباء اسرافها واخفاقها في إدارة شؤون الاقتصاد، إذ إنّ نحو 85% من إيرادات الموازنة تأتي من بند واحد هو الضرائب، والباقي من إيرادات لا دخل للحكومة بها مثل بيع أصول الدولة من شركات وبنوك وأراضي.
والملاحظ أيضاً في موازنة مصر الجديدة أن الحكومة تصر على تنفيذ مشروعات كبرى تلتهم مليارات الجنيهات من أموال الموازنة رغم أنها لا تمثل أولوية للاقتصاد أو إضافة إلى الخدمات العامة. وهناك استسهال شديد من قبل تلك الحكومة في الاقتراض الخارجي والمحلي، مع التزام شديد بتعليمات الدائنين وفي المقدمة صندوق النقد الدولي.
يصاحب المؤشرات الخطيرة إنفاق أكثر من 60 مليار دولار على عاصمة إدارية يقطنها 25 ألف شخص، وعدم إعطاء الحكومة أولوية لملفات مهمة منها تعميق الإنتاج المحلي ودعم الصناعة
ورغم الإعلان مرات عدة عن الاتجاه إلى تخفيض الدين الخارجي، تعتمد موازنة مصر للعام 2025-2026 على زيادة الاقتراض الخارجي بنسبة تفوق 186% مقارنة بالعام السابق وفق أرقام المبادرة المصرية للحقوق الشخصية الصادرة يوم 27 مايو/أيار الماضي. وهناك إصرار منقطع النظير ومتواصل من قبل الحكومة على زيادة أسعار السلع الرئيسية والخدمات سواء بشكل مباشر أو عبر خفض الدعم المقدم للطبقات الفقيرة والمتوسطة ومنها دعم الوقود والمنافع العامة من مياه وكهرباء وصرف صحي ومواصلات عامة واتصالات وغيرها.
وهناك أيضاً إصرار على زيادة
الضرائب
والرسوم الحكومية رغم الظروف بالغة القسوة التي يعيشها المواطن منذ سنوات. فحسب مؤشرات الموازنة فإن الحكومة تستهدف زيادة إيرادات الضرائب بنحو 800 مليار جنيه لتصل إلى 2.6 تريليون جنيه، ورفع الإيرادات العامة لتصل إلى 3.1 تريليونات جنيه، بنسبة ارتفاع 23%، لمواجهة زيادة متوقعة في المصروفات بنسبة 19.2%، بقيمة 4.6 تريليونات جنيه.
اقتصاد عربي
التحديثات الحية
التضخم وتقلبات الجنيه والضرائب.. ثالوث طارد للمستثمرين من مصر
يصاحب تلك المؤشرات الخطيرة إنفاق أكثر من 60 مليار دولار على عاصمة إدارية يقطنها حتى الآن 25 ألف شخص بشهادة رئيس الشركة المنفذة، وعدم إعطاء الحكومة أولوية لملفات مهمة منها تعميق الإنتاج المحلي ودعم الصناعة الوطنية، وزيادة الصادرات السلعية، وجذب استثمارات أجنبية إلى قطاعات حيوية مثل الصناعة والزراعة والتقنية وتكنولوجيا المعلومات والطاقة المتجددة، وتركز تلك الاستثمارات على القطاع الريعي مثل العقارات والأراضي وشراء الأصول القائمة من شركات ومستشفيات ومعامل تحاليل ومحطات وقود.
أما أخطر مؤشر فيتعلق بملف
الدين العام
والالتزامات على الدولة لسداد أصل الديون والفوائد المستحقة عليها، فوفق أرقام الموازنة الجديدة، فإن نحو 100% من الإيرادات العامة للدولة سيخصص لسداد أصل الديون والفوائد، وإن بند فوائد الديون وحده يستحوذ على نحو 50% من إجمالي المصروفات في الموازنة الجديدة المقدرة بنحو 4.6 تريليونات جنيه، وإن مخصصات الفوائد بلغت نحو 2.3 تريليون جنيه، مقابل 1.8 تريليون جنيه في موازنة العام المالي السابق 2024-2025، بزيادة 27.8%.
أخطر مؤشر يتعلق بملف الدين العام والالتزامات على الدولة لسداد أصل الديون والفوائد المستحقة عليها، فوفق أرقام الموازنة، فإن نحو 100% من الإيرادات العامة سيخصص لسداد أصل الديون والفوائد
وهنا يصبح كلام الحكومة عن وضع خطط واستراتيجيات لخفض وإدارة الدين العام في موازنة مصر للاستهلاك المحلي ليس إلا. واللافت هنا أن فوائد الديون المحلية والأجنبية تستحوذ على حوالي 87% من حصيلة الضرائب المتوقعة في العام المالي الجديد، ما يعني أن دافعي الضرائب يدفعون أعباء الدين، وكلفة مقرضي الدولة من أموال أجنبية ساخنة وديون بنوك وأفراد ومؤسسات، في الداخل والخارج.
لن نتحدث هنا عن أسلوب معالجة الدولة لسداد أعباء الدين، فلا خطة جادة في الأفق، والأساليب المطبقة باتت معروفة حتى للمواطن في أقاصي صعيد مصر وعلى أطراف مرسى مطروح، اقتراض جديد محلياً وخارجياً، طباعة بنكنوت، بيع مزيد من أصول الدولة، زيادة الضرائب والرسوم، زيادة
الأسعار
، لكن السؤال ماذا يتبقى من موازنة الدولة للإنفاق على بنود حيوية مثل الأجور والرواتب وبند الدعم والاستثمارات العامة بعد تخصيص كل إيرادات الدولة لسداد بند واحد هي تلك الأعباء المستحقة على الديون، وماذا يتبقى لشراء سلع أساسية مثل الغذاء والوقود والغاز وغيرها؟
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

موريتانيا تشارك في قمة ترامب إفريقيا المصغرة وسط تصاعد التوترات حول سياسات الهجرة الأمريكية
موريتانيا تشارك في قمة ترامب إفريقيا المصغرة وسط تصاعد التوترات حول سياسات الهجرة الأمريكية

القدس العربي

timeمنذ ساعة واحدة

  • القدس العربي

موريتانيا تشارك في قمة ترامب إفريقيا المصغرة وسط تصاعد التوترات حول سياسات الهجرة الأمريكية

نواكشوط –«القدس العربي»: من المقرر أن يشارك الرئيس الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني، حسب مصادر مطلعة، في قمة مصغرة ستحتضنها العاصمة الأمريكية واشنطن بين 9 و11 تموز / يوليو الجاري، بدعوة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ويجمع اللقاء، الذي يوصف بأنه محدود النطاق، خمسة رؤساء أفارقة، ويدور حول ملفات الأمن والتعاون الاقتصادي، في وقت تتصاعد فيه الانتقادات لسياسات الهجرة الأمريكية إزاء القارة. وتحمل مشاركة موريتانيا في هذه القمة دلالات خاصة، حسب ما أكده مصدر مقرب من مركز القرار، إذ تأتي، حسب تأكيده، في وقت تم فيه تداول تسريب لوثائق داخلية أمريكية تتعلق بنية إدارة ترامب فرض قيود على دخول مواطني 25 دولة أفريقية، من بينها موريتانيا، إلى الولايات المتحدة، بحجة 'ضعف مصداقية وثائق الهوية، والاحتيال الإداري، وتجاوز مدد الإقامة القانونية'. غير أن دعوة ولد الغزواني لحضور هذا اللقاء المحدود قد تعكس تصنيفًا أمريكيًا غير معلن لموريتانيا ضمن الدول ذات 'الأولوية الاستراتيجية'، خصوصًا في مجالات مكافحة الإرهاب، وتأمين الساحل، والموارد المعدنية الحيوية، وهي ملفات تجد فيها نواكشوط نقاط تقاطع واضحة مع أجندة واشنطن الجديدة تجاه القارة. وتنعقد القمة الأمريكية الإفريقية المصغرة بعد أيام قليلة من تنظيم المنتدى السابع عشر للأعمال الأمريكية الأفريقية في أنغولا، حيث أُعلنت استثمارات تفوق 2.5 مليار دولار. وتبدو واشنطن، من خلال هذا اللقاء المصغر، وكأنها تبحث عن صيغ أكثر مرونة وفعالية لتمتين العلاقات الاقتصادية مع دول محددة، بعيدًا عن الصيغ الجماعية المعتادة. لكن المفارقة تكمن في أن أربع دول من أصل خمس مشاركة في هذه القمة (موريتانيا، السنغال، ليبيريا، الغابون) واردة ضمن القائمة التي قد تطالها إجراءات حظر الدخول؛ وهو ما يثير تساؤلات حول مدى انسجام الخطاب الأمريكي بشأن «شراكات اقتصادية قائمة على الاستثمار والمعاملة بالمثل» مع الممارسات الفعلية على الأرض. ومن وجهة نظر مراقبين، فإن استدعاء موريتانيا إلى طاولة مصغرة كهذه يعكس حرص واشنطن على تعزيز التعاون مع دولة يُنظر إليها على أنها تلعب دورًا متصاعدًا في أمن الساحل، وتتمتع بموقع استراتيجي يربط غرب أفريقيا بشمالها. كما أن موريتانيا احتفظت بفكرة وروح مجموعة دول الساحل الخمس التي غادرتها ثلاث من الدول المؤسسة لها، والتي كانت شريكًا محوريًا لواشنطن في برامج مكافحة الإرهاب في المنطقة قبل أن تنحل مؤخرًا. وفي سياق اقتصادي، تُبدي الشركات الأمريكية اهتمامًا متزايدًا بالموارد المعدنية والطاقوية في موريتانيا، خاصة مع اقتراب بدء الإنتاج من حقل الغاز المشترك مع السنغال، المعروف بحقل 'السلحفاة الكبرى آحميم'. وتُظهر القمة المصغرة تمايزًا في الأسلوب السياسي لترامب، الذي يُفضل الاجتماعات المحدودة والنقاشات الموجهة مع شركاء يُنظر إليهم بوصفهم «قادة يمكن التعامل معهم». وفي هذا السياق، تبدو دعوة ولد الغزواني إشارة إلى نوع من الثقة في القيادة الموريتانية، أو على الأقل استعداد أمريكي لمنح نواكشوط هامشًا دبلوماسيًا خاصًا في ظل التوترات الحالية. ويبقى الرهان الأكبر على ما إذا كانت هذه القمة قادرة فعلاً على تخفيف التوترات التي سببتها تسريبات الحظر، أو إذا كانت مجرد محاولة لخلق صورة متماسكة لاستراتيجية أمريكية ما تزال مترددة في رسم خطوط واضحة لعلاقتها بالقارة. وبالنسبة لموريتانيا، ستكون المشاركة فرصة للدفع نحو إعادة تموضع في علاقاتها مع واشنطن، وربما لاستثمار اللحظة في تحييد خطر القيود المرتقبة، خصوصًا مع تنامي الاهتمام الأمريكي المتجدد بموارد إفريقيا وأمنها البحري والبري على السواء. ويشكل حضور موريتانيا لقمة ترامب المصغرة في واشنطن اختبارا دقيقا لموقعها في حسابات واشنطن الجديدة، ولقدرتها على التفاعل الذكي مع التحولات المتسارعة في أولويات السياسة الأمريكية تجاه القارة الإفريقية.

صحيفة إسرائيلية: سوريا… 'أرض الفرص الجديدة' أم محور الصراعات المقبلة؟
صحيفة إسرائيلية: سوريا… 'أرض الفرص الجديدة' أم محور الصراعات المقبلة؟

القدس العربي

timeمنذ ساعة واحدة

  • القدس العربي

صحيفة إسرائيلية: سوريا… 'أرض الفرص الجديدة' أم محور الصراعات المقبلة؟

'أحبك جداً، لذلك نعطي الكثير'، هكذا أثنى ترامب على ولي بن سلمان عندما زار الرياض في أيار الماضي. في الواقع، لم يغن بن سلمان أغنية حب للرئيس الأمريكي، لكنه يعرف كيف يعطي الهدايا، والهدية الأكبر والأهم الوعد باستثمار أكثر من تريليون دولار في الولايات المتحدة في فترة ولاية ترامب. في المقابل، 'حصل' الأمير على مصافحة تاريخية بين ترامب والرئيس السوري أحمد الشرع، ووعد برفع العقوبات المفروضة على سوريا منذ العام 2011. الإثنين، وفى ترامب بوعده ووقع على رفع العقوبات 'عن المؤسسات التي تعتبر حيوية لتطوير سوريا وتفعيل حكومتها وبناء نسيج اجتماعي جديد في الدولة'، حسب وزارة المالية. هكذا تبدأ سوريا في عملية إعمار الاقتصاد الطويلة والتوقيع على اتفاقات مع دول ومستثمرين أجانب الذين كان محظوراً عليهم النشاط في سوريا، إضافة إلى منح مساعدات إنسانية وإعادة استيعاب نحو مليون لاجئ الذين هربوا من سوريا، وإعادة الملايين إلى بيوتهم التي هجروا منها. حسب تقديرات محافظة، تحتاج سوريا إلى مساعدة واستثمارات بمبلغ 250 – 300 مليار دولار لإعادة ترميم اقتصادها. جزء من هذا المبلغ سيصل من خزينة السعودية، وقطر، والإمارات وتركيا، والباقي من مؤسسات دولية بمنح وقروض لعشرات السنين. عندما ترفع العقوبات، ستحظى سوريا بمكانة 'أرض الفرص' الجديدة في الشرق الأوسط، وليس للشرع فقط. بدأت تركيا الآن في عملية إعادة لاجئين سوريين يعيشون فيها: أكثر من ثلاثة ملايين. وتأمل مصر تزويدها بالغاز، وأعلنت قطر نيتها توفير الغاز لها عبر أنبوب غاز عربي يمر في الأردن. والأردنيون يطمحون إلى بيع الكهرباء لسوريا ومنها إلى لبنان، أما العراق ولبنان فيفحصان إمكانية ترميم وتشغيل خط أنبوب النفط بين كركوك عبر سوريا إلى طرابلس. يستعد لبنان أيضاً لإعادة أكثر من مليون ونصف لاجئ سوريا إلى وطنهم، واستئناف نشاطات مسارات التجارة البرية بينه وبين سوريا والأردن ودول الخليج، وإحياء نشاطاته البنكية في سوريا. خلال ذلك، تأمل شركات نفط أجنبية، بالأساس أمريكية، تطوير حقول النفط شمالي سوريا، التي هي الآن تحت سيطرة الأكراد السوريين. حسب اتفاق الشرع مع زعيم القوات الكردية، مظلوم عابدي، ستنقل الحقول لسلطة الدولة. لكن الوفرة الاقتصادية، التي هي نظرية حتى الآن، تنتظرها صراعات سياسية ودبلوماسية التي ستحدد فرص سوريا في أن تصبح دولة محورية إقليمية. وقد يتركز أهمها في الاتفاقات أو الترتيبات التي ستوقع عليها سوريا مع إسرائيل، وكيف ستؤثر تركيا على تشكيلها. منذ سقوط نظام الأسد، تمسك الرئيس التركي طيب رجب اردوغان بالموقف الذي سيقول إن على إسرائيل التوقف عن نشاطاتها العسكرية في المجال الجوي السوري، والانسحاب من كل الأراضي التي سيطرت عليها شرقي هضبة الجولان وجنوب سوريا. حافة المواجهة العنيفة بين تركيا وإسرائيل التي وصلت إلى ذروتها في نيسان الماضي عندما هاجمت إسرائيل قواعد في سوريا قرب المواقع التي كانت سوريا تنوي التمركز فيها، هدأت في الواقع، وتم تشكيل آلية تنسيق عسكرية مشتركة بين الدولتين بوساطة أذربيجان. ولكن الشك والتوتر لم يتلاشيا. تركيا التي تحولت إلى صاحبة الكلمة في القصر الرئاسي السوري، بدأت في مساعدة الشرع على تشكيل الجيش الوطني. فقد تعهدت بتوفير السلاح والتسليح له، وهي تنوي -حسب مصادر تركية- إقامة مصانع للمعدات العسكرية في سوريا، إضافة إلى استثمارات مخططة في مجال البناء والبنى التحتية. الخطاب الدبلوماسي والإعلامي حول انضمام سوريا المحتمل إلى 'اتفاقات إبراهيم'، أيضاً قبل ذلك حول 'اتفاقات مؤقتة' في مجال التنسيق الأمني بين إسرائيل وسوريا، يثير عدم رضى في أنقرة. مصدر ذلك هو الخوف من سيطرة إسرائيلية دائمة على مناطق في سوريا وإقامة 'تطبيع' بين إسرائيل والأقلية الدرزية التي تعيش في معظمها في جنوب سوريا، وخلق 'علاقات تبعية' بين إسرائيل والأقلية الكردية الموجودة في شمال سوريا. 'أردوغان بدأ يدرك أنه قد يفقد مكانة صاحب البيت الحصري في سوريا، الذي يملي خطوات الشرع'، قال دبلوماسي تركي سابق. 'اعترف في الوقت نفسه أنه لا يستطيع الآن مواجهة سياسة ترامب، الذي يدفع قدماً بمنظومة علاقات متفق عليها بين سوريا وإسرائيل. من المهم الذكر أنها عملية تؤيدها السعودية والإمارات اللتان ساعدتا أردوغان على الخروج من الأزمة الاقتصادية، واستثمرتا المليارات في تركيا، والآن يمكنهما الحصول على المقابل السياسي في سوريا'. الدبلوماسي التركي يعتقد أنها خلفية تغيير في خطاب أردوغان، الذي تجنب في الفترة الأخيرة إطلاق تصريحات ضد التطبيع بين سوريا وإسرائيل. حسب هذا الدبلوماسي، 'يتوقع أردوغان أن يحصل مقابل ذلك على مقابل مناسب من ترامب'. هذا المقابل ربما يكون إعادة تركيا إلى مشروع تطوير وإنتاج طائرة اف 35، الذي طردت منه في 2020 بعد أن اشترت منظومات الرادار الروسية من نوع 'اس 400'. تحدث عن هذه الاحتمالية السفير الأمريكي في أنقرة توم باراك، الذي يشغل أيضاً منصب مبعوث ترامب الخاص في سوريا ولبنان. في مقابلة مع وكالة الأنباء التركية 'الأناضول' قال باراك: 'حسب رأيي، الرئيسان ترامب وأردوغان سيطلبان من وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، ووزير الخارجية التركي هاكان فيدان، إيجاد طريقة لحل هذه القضية. والحل قد يكون محتملاً حتى نهاية السنة الحالية'. وتركيا عرضت على ترامب أيضاً أنها ستتحمل المسؤولية عن إدارة الحرب ضد 'داعش' في سوريا بدلاً من القوات الكردية. وهكذا تعفي الولايات المتحدة من دعم وتمويل الأكراد في سوريا – القضية التي أصبحت نقطة خلاف قابلة للانفجار في العلاقات بين الدولتين. حسب تقدير الدبلوماسي التركي، فإن 'نسيج الاعتبارات التي تمليها سوريا على أردوغان يضعه بين العداء والخوف من إسرائيل وبين التطلع لأن يصبح لاعباً مركزياً يؤثر على سياسة ترامب في الشرق الأوسط وخارجه. ربما تكون النتيجة الإيجابية تحسين وربما ترميم، العلاقات بين تركيا وإسرائيل مقابل مكاسب سياسية يحصل عليها من علاقته الوطيدة مع ترامب'. نقترح عدم حبس الأنفاس قبل تحقق هذا التنبؤ المتفائل، وانتظار بلورة الترتيبات مع سوريا. صحيح أن الشرع شريك حيوي في خطة خارطة النفوذ الإقليمية المتبلورة، لكن قراراته السياسية تخضع لحركة قوات خارجية كبيرة أكبر منه. في المقابل، باستثناء ترتيبات الحدود بين سوريا وإسرائيل، ربما يكون له دور رئيسي بالتحديد في إنهاء النزاع على الحدود بين إسرائيل ولبنان. حسب اتفاق وقف إطلاق النار، وافقت الدولتان على البدء في عملية ترسيم الحدود البرية، وخلال ذلك الحاجة للتغلب على 13 نقطة مختلفاً عليها، من بينها مكانة مزارع شبعا. بالنسبة لإسرائيل والأمم المتحدة، هذه المنطقة أراض سورية، في حين أن لبنان يدعي ملكيته عليها ويطلب من إسرائيل الانسحاب منها. على مدى سنوات، طلبت حكومات لبنان من بشار الأسد تسليمها وثيقة رسمية تؤكد أنها منطقة تحت السيادة اللبنانية، ولكن الرفض سيد الموقف. يتوقع طرح هذه القضية مرة أخرى بين الحكومتين اللبنانية والسورية، وسيكون قرار مستقبل مزارع شبعا في يد الشرع. تسفي برئيل هآرتس 3/7/2025

بنوك مركزية عربية تراهن على الذهب في تعزيز احتياطياتها النقدية
بنوك مركزية عربية تراهن على الذهب في تعزيز احتياطياتها النقدية

القدس العربي

timeمنذ 5 ساعات

  • القدس العربي

بنوك مركزية عربية تراهن على الذهب في تعزيز احتياطياتها النقدية

وسط التوترات الجيوسياسية التي تجتاح العالم، من حروب الشرق الأوسط إلى أوكرانيا إلى التوتر في بحر الصين الجنوبي، تباينت سياسات البنوك المركزية العربية تجاه الذهب، في الوقت الذي تواصل فيه الأسعار تقلباتها الشديدة. وخلال الربع الأول من العام الحالي استمر اهتمام البنوك المركزية العربية بإضافة كميات كبيرة من الذهب إلى احتياطي العملات الأجنبية، حيث زاد العراق احتياطاته بكمية بلغت أكثر من 10 أطنان، وزادت قطر احتياطيها بكمية 3 أطنان، ومصر بكمية طن واحد. وحلّت 5 دول عربية بقائمة أكبر 30 دولة على مستوى العالم امتلاكًا لاحتياطيات الذهب، وهي السعودية ولبنان والجزائر والعراق وليبيا، طبقا لبيانات مجلس الذهب العالمي. وبعد أن لامس سعر الأوقية مستوى 3500 دولار في شهر نيسان/ابريل الماضي، تراجع سعر المعدن النفيس، ثم عاد لارتفاع قوي مع الضربة الافتتاحية للحرب الإسرائيلية – الإيرانية. لكن قوة الارتفاع أخفقت في الحصول على دعم من العمليات العسكرية، بعد أن ردت إيران بقوة على إسرائيل. كذلك فإن الضربة الأمريكية غير المسبوقة للمنشآت النفطية الإيرانية فشلت في أن تطلق أسعار الذهب إلى مستويات أعلى جديدة. ثم جاء إعلان ترامب بوقف الحرب بين إسرائيل وإيران لتهبط أسعار الذهب بنسبة تتجاوز 2 في المئة وتلامس حاجز 3300 دولار للأوقية، بخسارة 200 دولار عن أعلى مستوى سجلته منذ بداية العالم الحالي، وسط موجة بيع كبيرة. نطاق واسع لتقلبات الأسعار وفي الوقت نفسه فإن توقعات مؤسسات الاستشارات المالية الكبرى تكشف عن تباين شديد، حيث أن البعض منها يرجح ارتفاع سعر الأوقية إلى حوالي 6000 دولار، في حين أن البعض الآخر يرجح ألا يتجاوز السعر 4000 دولار بنهاية العام الحالي. وسط هذا التخبط الشديد في التوقعات فضلت بعض البنوك المركزية العربية، مثل المغرب وتونس والبحرين والسعودية اتخاذ موقف حيادي تجاه هيكل احتياطي النقد الأجنبي والذهب، في حين اتبعت بنوك مركزية في دول أخرى مثل الإمارات وقطر ومصر والأردن سياسة نشطة في شراء الذهب لتعزيز قوة عملاتها أو حماية قيمتها من التقلبات، خصوصا على ضوء الخسائر التي تلحق بالدولار، وانخفاض قيمته مقابل العملات الرئيسية الأخرى. بشكل عام انقسمت سياسات البنوك المركزية العربية إلى مسارين، الأول يتبع منطقة نفوذ الدولار خصوصا الذي اتجه إلى زيادة حيازة الذهب لتعويض خسائر الدولار، والثاني يتبع منطقة نفوذ اليورو في دول المغرب العربي، مع وجود سياسة حيادية في الدول النفطية الخليجية باستثناء قطر والإمارات. وطبقا لتقارير مجلس الذهب العالمي عن اتجاهات حيازة الذهب في هيكل احتياطي العملات الأجنبية خلال الفترة من 2019 إلى نهاية 2024 فإن الإمارات زادت كمية الذهب في الاحتياطي إلى 74.4 طن من 22.5 طن في بداية الفترة، بنسبة زيادة تصل إلى 230 في المئة. وفي الاتجاه نفسه سار البنك المركزي القطري، حيث زاد كمية احتياطي الذهب إلى 110.8 طن مقارنة بـ 42.4 طن، بنسبة زيادة تتجاوز 160 في المئة. أما في بقية الدول النفطية الخليجية فقد اتبعت البنوك المركزية سياسة حيادية، حيث لم تتغير كمية الذهب في الاحتياطي وبقيت في نهاية الفترة مثلما كانت عليه قبلها. في السعودية على سبيل المثال بلغت كمية الذهب في هيكل الاحتياطي لدى مؤسسة النقد السعودي 323.1 طن بدون تغيير عما كانت عليه في بداية الفترة، وذلك رغم الضغوط التي يرزح تحتها الدولار مقابل العملات الرئيسية الأخرى في العالم. وفي الدول العربية غير النفطية، التي تقع داخل دائرة نفوذ الدولار الأمريكي، سارت البنوك المركزية في اتجاه زيادة حصة الذهب من الاحتياطي النقدي، لتعويض الهبوط في سعر الدولار، ومقاومة الضغوط التي تتعرض لها عملاتها الوطنية. وقد برزت في الاتجاه سياسة البنك المركزي في كل من مصر والأردن. ففي مصر ارتفع رصيد الذهب في الاحتياطي النقدي من حيث الكمية إلى 126.9 طن مقارنة بـ 79.3 طن بنسبة زيادة تصل إلى 60 في المئة. كما ارتفعت كمية احتياطي الذهب لدى البنك المركزي الأردني إلى 71.6 طن في نهاية العام الماضي مقارنة بحوالي 43.7 طن عام 2019 بنسبة زيادة تتجاوز 60 في المئة أيضا. ومن الملاحظ أن ليبيا اتجهت هي الأخرى إلى زيادة حيازة البنك المركزي من الذهب بنسبة تتجاوز 25 في المئة خلال فترة المقارنة، لتصل الكمية إلى 146.6 طن مقابل 116.6 طن في عام 2019. أما في الدول العربية الواقعة داخل نفوذ منطقة اليورو، فإنها جميعا كانت أقل احتياجا إلى زيادة حيازة بنوكها المركزية من الذهب، فبقيت على حالها تقريبا في المغرب وتونس والجزائر من دون أي تغييرات. وقد شهدنا منذ بداية العام الحالي انخفاضا ملموسا للدولار أمام العملات الرئيسية الأخرى، بما في ذلك اليورو، المنافس الأكبر للعملة الأمريكية. وتعرض سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل اليورو لتحول ملحوظ، حيث انخفض من 1.0287 دولار أمريكي إلى 1.1350 دولار أمريكي لليورو الواحد. هذا التحول حدث على الرغم من استمرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي في سياسة التشديد الكمي. ويشير هذا الاتجاه إلى مزيد من مخاطر انخفاض الدولار في المستقبل القريب، بناءً على السياسة المالية والمعركة الحالية بشأن الرسوم الجمركية. في منتصف كانون الثاني/يناير الماضي كان شراء يورو واحد يتطلب 1.0287 دولار أمريكي. هذه المعادلة تغيرت في منتصف الشهر الحالي لصالح اليورو من جديد، حيث أصبح شراء يورو واحد يتطلب 1.1350 دولار أمريكي. ويبدو أن ما تسبب في تغيير قيمة الدولار الأمريكي هو توقع المتعاملين في السوق ارتفاع التضخم الأمريكي نتيجة رفع الرسوم الجمركية. ولم يكن ارتفاع اليورو هو المظهر الوحيد لتراجع الدولار، وإنما كان الإقبال على الذهب مع التخارج من أصول مالية أمريكية له الأثر الأكبر في حدوث هذا التراجع. وطبقا لتقرير أصدره البنك المركزي الأوروبي فإن الذهب وليس اليورو أصبح ثاني أكبر عملة احتياطي لدى البنوك المركزية في العالم بعد الدولار من حيث القيمة للمرة الأولى منذ ستينات القرن الماضي. وطبقا للتقرير فإن حصة الذهب واليورو في احتياطي البنوك المركزية في دول العالم كانت في حدود 16.5 في المئة لكل منهما حتى عام 2023. لكن حصة اليورو انخفضت في نهاية العام الماضي إلى 16 في المئة فقط، في حين ارتفعت حصة الذهب إلى 19 في المئة، مع استحواذ الدولار الأمريكي على النسبة الأكبر من الاحتياطي (47 في المئة). ويلعب الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية والذهب دورا محوريا في مكافحة التضخم وتنويع محافظ الاستثمار. البنوك المركزية واستقرار أسعار الذهب تحتفظ البنوك المركزية بأصول سائلة، مثل العملات الأجنبية والذهب، للتحوّط من التضخم ولتنويع استثماراتها. وتستطيع البنوك المركزية التعامل في الأصول المملوكة لها (الاحتياطي) لإدارة سياسة نقدية مرنة تحقق القدر الكافي من الاستقرار لقيمة العملة الوطنية. ففي الأوقات تتعرض فيها العملة للضغوط، يقوم البنك المركزي برفع هذه الضغوط عنها بواسطة بيع العملات الأجنبية والذهب. وفي حال صعود قيمة العملة الوطنية إلى أكثر من اللازم بسبب زيادة الطلب، يقوم البنك المركزي بإتاحتها بكميات كافية لتلبية الطلب الأجنبي. وفي هذا السياق فإن البنوك المركزية تلعب دورا محوريا في تثبيت أسعار الذهب حول قيمة متوسطة تضمن الاستقرار في السوق داخل هوامش ضيقة لتغير الأسعار. ويعود هذا الدور إلى أن احتياطي البنوك المركزية من الذهب لا يستخدم أساسا في أغراض المضاربة، على عكس حيازة صناديق الاستثمار أو الأفراد الذين يستخدمون جزءا من ثرواتهم للمضاربة وتحقيق الأرباح السريعة. ومن الناحية الاستثمارية يعتبر الذهب مخزنا للقيمة ومصدرا للمرونة على المدى الطويل في مواجهة التقلبات، وتسهم البنوك المركزية بأكثر من 20 في المئة من الطلب العالمي على الذهب في الوقت الحاضر، بعد أن كانت تسهم بحوالي 10 في المئة فقط في العقد الثاني من القرن الحالي. هذا الحجم المضاعف للطلب على الذهب جاء أساسا من الدول الصناعية الناشئة والدول النامية التي تشعر بالقلق من نزعة 'عسكرة الدولار' والعقوبات والتآكل المحتمل لدور العملات الرئيسية في النظام النقدي الدولي. ويمكن القول إن عددا من التحولات الجيوسياسية والعوامل الاقتصادية المركبة هي التي قادت إلى تراجع قيمة الدولار، وصعود دور الذهب في المرحلة الحالية. وتتضمن هذه العوامل والتحولات الأزمة المالية العالمية 2008، واتساع نطاق ظاهرة العولمة متوافقة بتحويلات مالية ضخمة من الشمال إلى الجنوب ومن الغرب إلى الشرق، ثم جائحة كورونا وحرب أوكرانيا، واشتداد حدة 'عسكرة الدولار' في النظام العالمي خصوصا مع توسيع نظام العقوبات ضد روسيا، وصعود الصين واتساع استخدام اليوان الصيني، وتعميق النظام النقدي الأوروبي والاتجاه إلى توسيع منطقة اليورو بضم دول جديدة مثل بولندا والمجر وجمهورية التشيك، والحرب التجارية التي شنها ترامب على العالم، وأخيرا الحرب الممتدة في الشرق الأوسط منذ أواخر عام 2022 حتى الآن. الملاذ الأمن ضد الصدمات.. هل يقع بعد أن ارتفع؟ حقق الذهب صعودا تاريخيا في الربع الأول من العام الحالي، مواصلا ما حققه في العامين الأخيرين. وبعد أن هدأت حمى الذهب قليلا في الأسواق، جاءت حرب إسرائيل على إيران لتشعل أسعار الذهب من جديد. وليس هناك عامل باستطاعته تهدئة أسواق الذهب في الولايات المتحدة وشرق وجنوب آسيا والشرق الأوسط وأوروبا غير وقف الحرب. ومع ذلك فإن الجهود الدبلوماسية المحدودة لتحقيق هذا الهدف فشلت في تغيير موقف كل طرف من الآخر، خصوصا مع انضمام الولايات المتحدة إلى إسرائيل في ضرب إيران، والمساندة الدبلوماسية المطلقة لإسرائيل داخل مجلس الأمن. ورغم ذلك فإن نهاية الأسبوع الأول من الحرب أظهرت قدرا كبيرا من التراجع في أسواق الذهب على ضوء اتجاه الدولتين المتحاربتين إلى تكرار التكتيكات العسكرية التقليدية من دون وضوح لكيفية قدرة أي منها على حسم الحرب لمصلحتها. ونتيجة لجمود الموقف العسكري تقريبا، ومع استمرار تبادل الهجمات الجوية والصاروخية، فقد تحركت أسعار الذهب داخل نطاق ضيق جدا انتظارا لاتضاح اتجاه الحرب، ومع إعلان وقف إطلاق النار الذي يبدو هشا جدا على مسرح العمليات فإن أسعار الذهب هبطت بشدة. وعزز من ذلك الهبوط عدم وضوح الاتجاه المستقبلي في الأجل القصير للسياسة النقدية الأمريكية، مع استمرار الخلاف بين ترامب ومجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة، التي يريد ترامب تخفيضها بسرعة لتقليل الضغوط على الاستثمارات المحلية. أسعار الدولار الأمريكي التي يريدها ترامب منخفضة لتشجيع الصادرات الأمريكية في كل الأسواق الخارجية. عالميًا، تحتفظ البنوك المركزية بـ 36.000 طن، وهو ما يقارب أعلى مستوى تاريخي لها عند 38.000 طن، والذي سُجِّل عام 1965 خلال حقبة بريتون وودز. وفي هذا السياق، يمتلك البنك المركزي الأمريكي أكبر احتياطي من الذهب، إذ بلغ 8.133.46 طن. في الربع الأول من عام 2025، لم تُجرِ الولايات المتحدة أي عمليات شراء جديدة. بالمناسبة، بلغ احتياطي الهند من الذهب 876.18 طن في كانون الأول/ديسمبر 2024، واشترت 3.42 طن خلال الربع الأول من عام 2025، وأغلقت الربع الأخير من اذار/مارس عند 879.60 طن. ولا تتوقف البنوك المركزية بشكل عام عن تعزيز كميات الاحتياطي من الذهب. فوفقًا لمسح حديث أجراه مجلس الذهب العالمي، يعتقد 95 في المئة من البنوك المركزية أن احتياطياتها من الذهب ستزداد خلال الاثني عشر شهرًا المقبلة. وفي إطار تنوع المحركات المؤثرة في أسعار الذهب، والتقلبات السريعة والحادة في الأسواق بشكل عام خلال مرحلة الاضطراب العالمي الحالية، فقد اختلفت التوقعات الخاصة بمسار أسعار الذهب في المدى القصير أو على الأقل حتى نهاية العام المقبل. وكان الاتجاه العام للتوقعات السابقة يميل ناحية ان الذهب سيواصل ارتفاعه إلى ما يتراوح بين 4 إلى 6 آلاف دولار للأوقية، وهو أكثر التوقعات تفاؤلا. لكن بعض مؤسسات الاستشارات المالية الكبرى مثل بنك سيتي ومورغان ستانلي وغولدمان ساكس يتجه الآن إلى تخفيض هذه التوقعات بنسبة تصل إلى 25 في المئة، وأن الذهب قد يفقد قوة اندفاعه في النصف الثاني من عام 2026. ونظرا لهذا الانقلاب التحليلي في التوقعات الخاصة بسوق الذهب في الأجل القصير (12 شهرا) فإن الأمر يحتاج لإعادة النظر في آليات عمل محركات أسواق الذهب، وإلقاء النظر على العلاقات بينها، حتى تتضح الصورة أكثر، بالنسبة للمستثمرين السياديين (البنوك المركزية)، وبالنسبة للمستثمرين الأفراد. ومن أهم المحركات التي تقرر اتجاه أسعار الذهب في الوقت الحالي صدمة الحرب، والسياسة النقدية الأمريكية، والحرب التجارية، والاتجاه العالمي إلى تقليل الاعتماد على الدولار (وتقليل الاعتماد الاقتصادي على الولايات المتحدة عموما)، وندرة الذهب الخام وارتفاع تكلفة استخراجه. هذه المحركات الخمسة تلعب يوميا دورا مهما في تحديد سعر الفتح وسعر الإغلاق للمعدن النفيس في الأسواق العالمية. ومن السهل أن نستنتج أنها جميعا تلعب في الوقت الحاضر دورا في اتجاه واحد يعزز اتجاه الأسعار إلى أعلى وليس العكس. هذا لا يمنع التقلبات اليومية للأسعار، لكنه في الوقت نفسه يرفع حدود أسعار مقاومة الهبوط عند كل مستوى. وقد لاحظنا ذلك بوضوح منذ تخطى الدولار حاجز 3 آلاف دولار للأوقية، إذ أن مستويات المقاومة تعززت فوق هذا الحاجز وليس تحته. وقد رأينا في الأسابيع الأخيرة أن حدود أسعار المقاومة أصبحت محصورة تقريبا بين 3100 دولار إلى 3300 دولار للأوقية. ونظن أن حدود أسعار المقاومة لن تنخفض عن ذلك، بل إنها على العكس يمكن أن ترتفع طالما تصاعدت الحرب الإسرائيلية-الإيرانية، لكنها يمكن أن تنخفض تحت مستوى 3100 دولار إذا توقفت. الحرب، تمثل في جوهرها لحظة مكثفة تجتمع فيها حركة كل محركات الاقتصاد في اتجاه واحد: اللايقين وعدم الاستقرار والتقلبات الاستثنائية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store