logo
بنوك مركزية عربية تراهن على الذهب في تعزيز احتياطياتها النقدية

بنوك مركزية عربية تراهن على الذهب في تعزيز احتياطياتها النقدية

القدس العربي منذ يوم واحد
وسط التوترات الجيوسياسية التي تجتاح العالم، من حروب الشرق الأوسط إلى أوكرانيا إلى التوتر في بحر الصين الجنوبي، تباينت سياسات البنوك المركزية العربية تجاه الذهب، في الوقت الذي تواصل فيه الأسعار تقلباتها الشديدة. وخلال الربع الأول من العام الحالي استمر اهتمام البنوك المركزية العربية بإضافة كميات كبيرة من الذهب إلى احتياطي العملات الأجنبية، حيث زاد العراق احتياطاته بكمية بلغت أكثر من 10 أطنان، وزادت قطر احتياطيها بكمية 3 أطنان، ومصر بكمية طن واحد. وحلّت 5 دول عربية بقائمة أكبر 30 دولة على مستوى العالم امتلاكًا لاحتياطيات الذهب، وهي السعودية ولبنان والجزائر والعراق وليبيا، طبقا لبيانات مجلس الذهب العالمي. وبعد أن لامس سعر الأوقية مستوى 3500 دولار في شهر نيسان/ابريل الماضي، تراجع سعر المعدن النفيس، ثم عاد لارتفاع قوي مع الضربة الافتتاحية للحرب الإسرائيلية – الإيرانية. لكن قوة الارتفاع أخفقت في الحصول على دعم من العمليات العسكرية، بعد أن ردت إيران بقوة على إسرائيل. كذلك فإن الضربة الأمريكية غير المسبوقة للمنشآت النفطية الإيرانية فشلت في أن تطلق أسعار الذهب إلى مستويات أعلى جديدة. ثم جاء إعلان ترامب بوقف الحرب بين إسرائيل وإيران لتهبط أسعار الذهب بنسبة تتجاوز 2 في المئة وتلامس حاجز 3300 دولار للأوقية، بخسارة 200 دولار عن أعلى مستوى سجلته منذ بداية العالم الحالي، وسط موجة بيع كبيرة.
نطاق واسع لتقلبات الأسعار
وفي الوقت نفسه فإن توقعات مؤسسات الاستشارات المالية الكبرى تكشف عن تباين شديد، حيث أن البعض منها يرجح ارتفاع سعر الأوقية إلى حوالي 6000 دولار، في حين أن البعض الآخر يرجح ألا يتجاوز السعر 4000 دولار بنهاية العام الحالي. وسط هذا التخبط الشديد في التوقعات فضلت بعض البنوك المركزية العربية، مثل المغرب وتونس والبحرين والسعودية اتخاذ موقف حيادي تجاه هيكل احتياطي النقد الأجنبي والذهب، في حين اتبعت بنوك مركزية في دول أخرى مثل الإمارات وقطر ومصر والأردن سياسة نشطة في شراء الذهب لتعزيز قوة عملاتها أو حماية قيمتها من التقلبات، خصوصا على ضوء الخسائر التي تلحق بالدولار، وانخفاض قيمته مقابل العملات الرئيسية الأخرى. بشكل عام انقسمت سياسات البنوك المركزية العربية إلى مسارين، الأول يتبع منطقة نفوذ الدولار خصوصا الذي اتجه إلى زيادة حيازة الذهب لتعويض خسائر الدولار، والثاني يتبع منطقة نفوذ اليورو في دول المغرب العربي، مع وجود سياسة حيادية في الدول النفطية الخليجية باستثناء قطر والإمارات. وطبقا لتقارير مجلس الذهب العالمي عن اتجاهات حيازة الذهب في هيكل احتياطي العملات الأجنبية خلال الفترة من 2019 إلى نهاية 2024 فإن الإمارات زادت كمية الذهب في الاحتياطي إلى 74.4 طن من 22.5 طن في بداية الفترة، بنسبة زيادة تصل إلى 230 في المئة. وفي الاتجاه نفسه سار البنك المركزي القطري، حيث زاد كمية احتياطي الذهب إلى 110.8 طن مقارنة بـ 42.4 طن، بنسبة زيادة تتجاوز 160 في المئة. أما في بقية الدول النفطية الخليجية فقد اتبعت البنوك المركزية سياسة حيادية، حيث لم تتغير كمية الذهب في الاحتياطي وبقيت في نهاية الفترة مثلما كانت عليه قبلها. في السعودية على سبيل المثال بلغت كمية الذهب في هيكل الاحتياطي لدى مؤسسة النقد السعودي 323.1 طن بدون تغيير عما كانت عليه في بداية الفترة، وذلك رغم الضغوط التي يرزح تحتها الدولار مقابل العملات الرئيسية الأخرى في العالم.
وفي الدول العربية غير النفطية، التي تقع داخل دائرة نفوذ الدولار الأمريكي، سارت البنوك المركزية في اتجاه زيادة حصة الذهب من الاحتياطي النقدي، لتعويض الهبوط في سعر الدولار، ومقاومة الضغوط التي تتعرض لها عملاتها الوطنية. وقد برزت في الاتجاه سياسة البنك المركزي في كل من مصر والأردن. ففي مصر ارتفع رصيد الذهب في الاحتياطي النقدي من حيث الكمية إلى 126.9 طن مقارنة بـ 79.3 طن بنسبة زيادة تصل إلى 60 في المئة. كما ارتفعت كمية احتياطي الذهب لدى البنك المركزي الأردني إلى 71.6 طن في نهاية العام الماضي مقارنة بحوالي 43.7 طن عام 2019 بنسبة زيادة تتجاوز 60 في المئة أيضا. ومن الملاحظ أن ليبيا اتجهت هي الأخرى إلى زيادة حيازة البنك المركزي من الذهب بنسبة تتجاوز 25 في المئة خلال فترة المقارنة، لتصل الكمية إلى 146.6 طن مقابل 116.6 طن في عام 2019. أما في الدول العربية الواقعة داخل نفوذ منطقة اليورو، فإنها جميعا كانت أقل احتياجا إلى زيادة حيازة بنوكها المركزية من الذهب، فبقيت على حالها تقريبا في المغرب وتونس والجزائر من دون أي تغييرات.
وقد شهدنا منذ بداية العام الحالي انخفاضا ملموسا للدولار أمام العملات الرئيسية الأخرى، بما في ذلك اليورو، المنافس الأكبر للعملة الأمريكية. وتعرض سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل اليورو لتحول ملحوظ، حيث انخفض من 1.0287 دولار أمريكي إلى 1.1350 دولار أمريكي لليورو الواحد. هذا التحول حدث على الرغم من استمرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي في سياسة التشديد الكمي. ويشير هذا الاتجاه إلى مزيد من مخاطر انخفاض الدولار في المستقبل القريب، بناءً على السياسة المالية والمعركة الحالية بشأن الرسوم الجمركية. في منتصف كانون الثاني/يناير الماضي كان شراء يورو واحد يتطلب 1.0287 دولار أمريكي. هذه المعادلة تغيرت في منتصف الشهر الحالي لصالح اليورو من جديد، حيث أصبح شراء يورو واحد يتطلب 1.1350 دولار أمريكي. ويبدو أن ما تسبب في تغيير قيمة الدولار الأمريكي هو توقع المتعاملين في السوق ارتفاع التضخم الأمريكي نتيجة رفع الرسوم الجمركية. ولم يكن ارتفاع اليورو هو المظهر الوحيد لتراجع الدولار، وإنما كان الإقبال على الذهب مع التخارج من أصول مالية أمريكية له الأثر الأكبر في حدوث هذا التراجع. وطبقا لتقرير أصدره البنك المركزي الأوروبي فإن الذهب وليس اليورو أصبح ثاني أكبر عملة احتياطي لدى البنوك المركزية في العالم بعد الدولار من حيث القيمة للمرة الأولى منذ ستينات القرن الماضي. وطبقا للتقرير فإن حصة الذهب واليورو في احتياطي البنوك المركزية في دول العالم كانت في حدود 16.5 في المئة لكل منهما حتى عام 2023. لكن حصة اليورو انخفضت في نهاية العام الماضي إلى 16 في المئة فقط، في حين ارتفعت حصة الذهب إلى 19 في المئة، مع استحواذ الدولار الأمريكي على النسبة الأكبر من الاحتياطي (47 في المئة). ويلعب الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية والذهب دورا محوريا في مكافحة التضخم وتنويع محافظ الاستثمار.
البنوك المركزية واستقرار أسعار الذهب
تحتفظ البنوك المركزية بأصول سائلة، مثل العملات الأجنبية والذهب، للتحوّط من التضخم ولتنويع استثماراتها. وتستطيع البنوك المركزية التعامل في الأصول المملوكة لها (الاحتياطي) لإدارة سياسة نقدية مرنة تحقق القدر الكافي من الاستقرار لقيمة العملة الوطنية. ففي الأوقات تتعرض فيها العملة للضغوط، يقوم البنك المركزي برفع هذه الضغوط عنها بواسطة بيع العملات الأجنبية والذهب. وفي حال صعود قيمة العملة الوطنية إلى أكثر من اللازم بسبب زيادة الطلب، يقوم البنك المركزي بإتاحتها بكميات كافية لتلبية الطلب الأجنبي. وفي هذا السياق فإن البنوك المركزية تلعب دورا محوريا في تثبيت أسعار الذهب حول قيمة متوسطة تضمن الاستقرار في السوق داخل هوامش ضيقة لتغير الأسعار. ويعود هذا الدور إلى أن احتياطي البنوك المركزية من الذهب لا يستخدم أساسا في أغراض المضاربة، على عكس حيازة صناديق الاستثمار أو الأفراد الذين يستخدمون جزءا من ثرواتهم للمضاربة وتحقيق الأرباح السريعة. ومن الناحية الاستثمارية يعتبر الذهب مخزنا للقيمة ومصدرا للمرونة على المدى الطويل في مواجهة التقلبات، وتسهم البنوك المركزية بأكثر من 20 في المئة من الطلب العالمي على الذهب في الوقت الحاضر، بعد أن كانت تسهم بحوالي 10 في المئة فقط في العقد الثاني من القرن الحالي. هذا الحجم المضاعف للطلب على الذهب جاء أساسا من الدول الصناعية الناشئة والدول النامية التي تشعر بالقلق من نزعة 'عسكرة الدولار' والعقوبات والتآكل المحتمل لدور العملات الرئيسية في النظام النقدي الدولي. ويمكن القول إن عددا من التحولات الجيوسياسية والعوامل الاقتصادية المركبة هي التي قادت إلى تراجع قيمة الدولار، وصعود دور الذهب في المرحلة الحالية. وتتضمن هذه العوامل والتحولات الأزمة المالية العالمية 2008، واتساع نطاق ظاهرة العولمة متوافقة بتحويلات مالية ضخمة من الشمال إلى الجنوب ومن الغرب إلى الشرق، ثم جائحة كورونا وحرب أوكرانيا، واشتداد حدة 'عسكرة الدولار' في النظام العالمي خصوصا مع توسيع نظام العقوبات ضد روسيا، وصعود الصين واتساع استخدام اليوان الصيني، وتعميق النظام النقدي الأوروبي والاتجاه إلى توسيع منطقة اليورو بضم دول جديدة مثل بولندا والمجر وجمهورية التشيك، والحرب التجارية التي شنها ترامب على العالم، وأخيرا الحرب الممتدة في الشرق الأوسط منذ أواخر عام 2022 حتى الآن.
الملاذ الأمن ضد الصدمات.. هل يقع بعد أن ارتفع؟
حقق الذهب صعودا تاريخيا في الربع الأول من العام الحالي، مواصلا ما حققه في العامين الأخيرين. وبعد أن هدأت حمى الذهب قليلا في الأسواق، جاءت حرب إسرائيل على إيران لتشعل أسعار الذهب من جديد. وليس هناك عامل باستطاعته تهدئة أسواق الذهب في الولايات المتحدة وشرق وجنوب آسيا والشرق الأوسط وأوروبا غير وقف الحرب. ومع ذلك فإن الجهود الدبلوماسية المحدودة لتحقيق هذا الهدف فشلت في تغيير موقف كل طرف من الآخر، خصوصا مع انضمام الولايات المتحدة إلى إسرائيل في ضرب إيران، والمساندة الدبلوماسية المطلقة لإسرائيل داخل مجلس الأمن. ورغم ذلك فإن نهاية الأسبوع الأول من الحرب أظهرت قدرا كبيرا من التراجع في أسواق الذهب على ضوء اتجاه الدولتين المتحاربتين إلى تكرار التكتيكات العسكرية التقليدية من دون وضوح لكيفية قدرة أي منها على حسم الحرب لمصلحتها. ونتيجة لجمود الموقف العسكري تقريبا، ومع استمرار تبادل الهجمات الجوية والصاروخية، فقد تحركت أسعار الذهب داخل نطاق ضيق جدا انتظارا لاتضاح اتجاه الحرب، ومع إعلان وقف إطلاق النار الذي يبدو هشا جدا على مسرح العمليات فإن أسعار الذهب هبطت بشدة. وعزز من ذلك الهبوط عدم وضوح الاتجاه المستقبلي في الأجل القصير للسياسة النقدية الأمريكية، مع استمرار الخلاف بين ترامب ومجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة، التي يريد ترامب تخفيضها بسرعة لتقليل الضغوط على الاستثمارات المحلية. أسعار الدولار الأمريكي التي يريدها ترامب منخفضة لتشجيع الصادرات الأمريكية في كل الأسواق الخارجية.
عالميًا، تحتفظ البنوك المركزية بـ 36.000 طن، وهو ما يقارب أعلى مستوى تاريخي لها عند 38.000 طن، والذي سُجِّل عام 1965 خلال حقبة بريتون وودز. وفي هذا السياق، يمتلك البنك المركزي الأمريكي أكبر احتياطي من الذهب، إذ بلغ 8.133.46 طن. في الربع الأول من عام 2025، لم تُجرِ الولايات المتحدة أي عمليات شراء جديدة. بالمناسبة، بلغ احتياطي الهند من الذهب 876.18 طن في كانون الأول/ديسمبر 2024، واشترت 3.42 طن خلال الربع الأول من عام 2025، وأغلقت الربع الأخير من اذار/مارس عند 879.60 طن. ولا تتوقف البنوك المركزية بشكل عام عن تعزيز كميات الاحتياطي من الذهب. فوفقًا لمسح حديث أجراه مجلس الذهب العالمي، يعتقد 95 في المئة من البنوك المركزية أن احتياطياتها من الذهب ستزداد خلال الاثني عشر شهرًا المقبلة.
وفي إطار تنوع المحركات المؤثرة في أسعار الذهب، والتقلبات السريعة والحادة في الأسواق بشكل عام خلال مرحلة الاضطراب العالمي الحالية، فقد اختلفت التوقعات الخاصة بمسار أسعار الذهب في المدى القصير أو على الأقل حتى نهاية العام المقبل. وكان الاتجاه العام للتوقعات السابقة يميل ناحية ان الذهب سيواصل ارتفاعه إلى ما يتراوح بين 4 إلى 6 آلاف دولار للأوقية، وهو أكثر التوقعات تفاؤلا. لكن بعض مؤسسات الاستشارات المالية الكبرى مثل بنك سيتي ومورغان ستانلي وغولدمان ساكس يتجه الآن إلى تخفيض هذه التوقعات بنسبة تصل إلى 25 في المئة، وأن الذهب قد يفقد قوة اندفاعه في النصف الثاني من عام 2026.
ونظرا لهذا الانقلاب التحليلي في التوقعات الخاصة بسوق الذهب في الأجل القصير (12 شهرا) فإن الأمر يحتاج لإعادة النظر في آليات عمل محركات أسواق الذهب، وإلقاء النظر على العلاقات بينها، حتى تتضح الصورة أكثر، بالنسبة للمستثمرين السياديين (البنوك المركزية)، وبالنسبة للمستثمرين الأفراد. ومن أهم المحركات التي تقرر اتجاه أسعار الذهب في الوقت الحالي صدمة الحرب، والسياسة النقدية الأمريكية، والحرب التجارية، والاتجاه العالمي إلى تقليل الاعتماد على الدولار (وتقليل الاعتماد الاقتصادي على الولايات المتحدة عموما)، وندرة الذهب الخام وارتفاع تكلفة استخراجه. هذه المحركات الخمسة تلعب يوميا دورا مهما في تحديد سعر الفتح وسعر الإغلاق للمعدن النفيس في الأسواق العالمية. ومن السهل أن نستنتج أنها جميعا تلعب في الوقت الحاضر دورا في اتجاه واحد يعزز اتجاه الأسعار إلى أعلى وليس العكس. هذا لا يمنع التقلبات اليومية للأسعار، لكنه في الوقت نفسه يرفع حدود أسعار مقاومة الهبوط عند كل مستوى. وقد لاحظنا ذلك بوضوح منذ تخطى الدولار حاجز 3 آلاف دولار للأوقية، إذ أن مستويات المقاومة تعززت فوق هذا الحاجز وليس تحته. وقد رأينا في الأسابيع الأخيرة أن حدود أسعار المقاومة أصبحت محصورة تقريبا بين 3100 دولار إلى 3300 دولار للأوقية. ونظن أن حدود أسعار المقاومة لن تنخفض عن ذلك، بل إنها على العكس يمكن أن ترتفع طالما تصاعدت الحرب الإسرائيلية-الإيرانية، لكنها يمكن أن تنخفض تحت مستوى 3100 دولار إذا توقفت. الحرب، تمثل في جوهرها لحظة مكثفة تجتمع فيها حركة كل محركات الاقتصاد في اتجاه واحد: اللايقين وعدم الاستقرار والتقلبات الاستثنائية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تركيا تستمر في معالجة الليرة لتحسين معيشة المستهلكين
تركيا تستمر في معالجة الليرة لتحسين معيشة المستهلكين

العربي الجديد

timeمنذ 7 ساعات

  • العربي الجديد

تركيا تستمر في معالجة الليرة لتحسين معيشة المستهلكين

تزداد تكاليف معيشة الأتراك نتيجة تراجع وتذبذب سعر صرف الليرة، المترافق مع ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية، وفي مقدمتها الخضر والفواكه، في ظل موسم يوصف بـ"السيئ" بسبب تراجع كمية الإنتاج الزراعي إثر موجات الحر والجفاف التي تلت الصقيع وقلة الهطول المطري. وسجلت الليرة التركية، اليوم الخميس، تراجعًا طفيفًا، ليتجاوز الدولار حاجز 40 ليرة، رغم تراجع سعر الدولار عالميًا، فيما قفز سعر صرف العملة الأوروبية الموحدة إلى 47 ليرة تركية. في هذا السياق، يقول المحلل التركي إسلام أوزكان لـ"العربي الجديد"، إن أسعار السلع والمنتجات مرتفعة قياسًا إلى الفترة نفسها من العام الماضي، لكنها منخفضة مقارنة بأسعار فصل الشتاء. ويشير إلى أن ما يُقال عن ارتفاع الأسعار يأخذ في الاعتبار الموسم؛ فأسعار الخضر مثل البندورة والخيار والكوسا والباذنجان أقل من أسعارها في نهاية الربع الأول من هذا العام (شهر مارس/آذار)، لكنها مرتفعة بالنسبة لفصل الصيف أو مقارنة بالعام الماضي، لأن موسم طرح الخضر الآن في ذروته. وعن أسعار الفواكه، يضيف أوزكان أن المواسم هذا العام تعرضت لموجة صقيع خفّضت الإنتاج بنحو 30%، ما أدى إلى تراجع العرض و ارتفاع الأسعار ، رغم توفر الفواكه في الأسواق. ويشير إلى أن في بلاده "البازار"، وهي أسواق أسبوعية في أحياء جميع الولايات التركية، وتقدّم بدائل للمستهلكين بأسعار أقل من المحال التجارية والأسواق المركزية. لكن المحلل التركي يلفت إلى أن الدخل الشهري "منخفض بجميع الأحوال"، خاصة لمن يدفع إيجار منزل يتجاوز نصف معاش الأتراك، وليس فقط الحد الأدنى للأجور. ويتوقع أن رفع الحد الأدنى للأجور، للمرة الثانية هذا العام، قد يُحسّن من مستوى المعيشة، رغم ما قد يسببه من آثار سلبية على سعر الصرف بسبب طرح كميات كبيرة من العملة التركية في السوق، إلا أن بالإمكان ضبط الوضع، خاصة بعد الإجراءات المغرية التي اعتمدتها الحكومة، مثل تثبيت سعر الفائدة وحماية الإيداعات بالعملة التركية. وفي المقابل، كانت لجنة السياسات النقدية في المصرف المركزي التركي قد ثبتت، الشهر الماضي، سعر الفائدة المصرفية عند 46%، بهدف المحافظة على مكاسب خفض التضخم الذي بلغ 37.8%، وتجنب خلق اضطراب في السوق أو اهتزاز الثقة بالليرة أو تراجع سعر صرفها مجددًا، وذلك في إطار سياسة التشدد النقدي بعد جلستي تيسير خُفض خلالهما سعر الفائدة إلى 42.5% مطلع العام الجاري. أسواق التحديثات الحية صادرات تركيا تحقق رقماً قياسياً والعجز التجاري يرتفع 39% ويرى مراقبون أن تركيا، ولتحقيق أهداف البرنامج الاقتصادي والحفاظ على كسر التضخم الذي بلغ أدنى مستوى له منذ 40 شهرًا، مضطرة لتثبيت سعر الفائدة أو رفعها بنسبة طفيفة. كما أن احتياطي المصرف المركزي لا يسمح بمجازفات التدخل المباشر، بعدما بلغ 154.3 مليار دولار، منها سيولة بقيمة 77.8 مليار دولار، واحتياطات ذهب تُقدّر بنحو 76.4 مليار دولار. وألحقت تركيا تثبيت سعر الفائدة بقرار رفع نسبة الاحتياطي الإلزامي على حسابات الودائع المحمية بالعملة الأجنبية، وخفّضت الحد الأدنى للفائدة عليها، في خطوة تهدف إلى تشجيع المواطنين على تحويل ودائعهم إلى الليرة التركية، وسط تقلبات وتراجع سعر العملة المحلية التي تصدرت قائمة العملات الأسوأ أداءً في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا. وبينت السلطات أن رفع نسبة الاحتياطي الإلزامي المفروضة على ما يُعرف بحسابات الودائع المحمية بالعملة الأجنبية (KKM)، التي تعوض المودعين عن انخفاض قيمة الليرة، من 33% إلى 40%، وخفض الحد الأدنى لسعر الفائدة على هذه الحسابات من 50% إلى 40% من سعر الفائدة الأساسي، يهدف إلى تشجيع الادخار بالليرة التركية بدلًا من الاعتماد على الودائع المحمية بالعملة الأجنبية. لكن تلك الإجراءات، وفقًا لما يقوله الاقتصادي مسلم أويصال، لـ"العربي الجديد"، أوقفت تراجع سعر صرف الليرة ولم تحسّنها، لأن أسباب ضعف العملة التركية، برأيه، لا تعود فقط إلى زيادة عرض الليرة، بل أيضًا إلى تراجع تدفق العملات الأجنبية الناتجة عن السياحة والصادرات، وربما تعود إلى عوامل أعمق تتعلق بالميزان التجاري والديون الخارجية وفاتورة النفط التي تتجاوز 50 مليار دولار سنويًا، وتُعتبر من أبرز عوامل العجز في الميزان التجاري. ويضيف أويصال أن غلاء الأسعار في الأسواق يزداد خلال هذه الفترة، ما رفع النفقات الشهرية للأسرة التركية، معتبرًا أن رفع الأجور قد يكون الحل الأمثل في حال لم تتراجع نسبة التضخم ويتحسّن سعر الصرف. وكان اتحاد نقابات العمال الأتراك قد كشف، في تقريره الشهري حول تكاليف المعيشة لشهر يونيو/حزيران 2025، عن ارتفاع مقلق في خطي الجوع والفقر، في ظل التصاعد المستمر لأسعار الغذاء والخدمات الأساسية، ما يُنذر بتفاقم الأعباء على الأسر ذات الدخل المحدود في البلاد. ويُبيّن التقرير أن خط الجوع بلغ 25.1 ألف ليرة تركية، في حين وصل خط الفقر إلى 85.06 ألف ليرة، بينما لا يزيد الحد الأدنى للأجور عن 22 ألف ليرة. وثائق نصّ اتفاقية أضنة بين تركيا وسورية 1998 ويُشار إلى أن خط الجوع يعني المبلغ الذي تحتاجه أسرة مكوّنة من أربعة أشخاص لتأمين الحد الأدنى من السعرات الحرارية الأساسية لتغذيتها خلال شهر، دون احتساب أي نفقات أخرى، في وقت إن خط الفقر هو المبلغ الذي يغطي الاحتياجات الأساسية المعيشية، بما يشمل الغذاء، والملبس، والسكن، والتعليم، والرعاية الصحية، والمواصلات، لضمان مستوى معيشة لائق. ويلفت الاقتصادي أويصال إلى أنه "للإنصاف، نادرًا ما يوجد أتراك يتقاضون الحد الأدنى للأجور"، موضحًا أن هذا الحد يخص العاملين في القطاع الخاص، فيما أجور العاملين في القطاع الحكومي تفوق هذا الرقم بأكثر من الضعف. ويضيف أن الأسرة التركية نادرًا ما تعتمد على دخل فرد واحد، إذ غالبًا ما يعمل فيها شخصان أو أكثر.

فرنسا تُغرم "شي إن" 40 مليون يورو بسبب اقتطاعات تجارية مضللة
فرنسا تُغرم "شي إن" 40 مليون يورو بسبب اقتطاعات تجارية مضللة

العربي الجديد

timeمنذ 7 ساعات

  • العربي الجديد

فرنسا تُغرم "شي إن" 40 مليون يورو بسبب اقتطاعات تجارية مضللة

أعلن جهاز مكافحة الاحتكار في فرنسا ، اليوم الخميس، أنه فرضت غرامة 40 مليون يورو (47.17 مليون دولار) على شركة التجزئة التي تأسست في الصين شي إن على خلفية مزاعم عن ممارسات تجارية خادعة شملت اقتطاعات مضللة، وذلك بعد تحقيق استمر قرابة عام. وأضاف الجهاز المسؤول عن حماية المستهلك والمنافسة أن شركة "إنفينيت ستايل" المحدودة للتجارة الإلكترونية، التي تتولى مبيعات "شي إن"، ضللت العملاء بشأن الاقتطاعات، مشيرة إلى أن الشركة قبلت دفع الغرامة. وبحسب ما نقلته "رويترز"، تنص اللوائح الفرنسية على أن السعر المرجعي لأي اقتطاع هو أقل من عرضه لدى أي بائع تجزئة في آخر 30 يوماً سابقة على إعلان الاقتطاع. وقال الجهاز إن "شي إن" انتهكت هذه القاعدة ولم تأخذ في الاعتبار العروض السابقة وكانت ترفع السعر أحياناً قبل تطبيق الاقتطاع. وذكر أن التحقيق أظهر أن الشركة خدعت المستهلكين بشأن صحة الاقتطاعات التي يمكنهم الاستفادة منها. وأجرى الجهاز التحقيق عبر آلاف المنتجات على النسخة الفرنسية من منصة "شي إن" بين أول أكتوبر/ تشرين الأول 2022 و31 أغسطس/آب 2023. وخلص التحقيق إلى أن 57% من العروض المعلنة لم تكن في الحقيقة تقدم سعراً أقل، وأن 19% منها كان عليها اقتطاع بأقل من المُعلَن، وأن أسعار 11% منها زادت، وفقاً لـ"رويترز". وقالت "شي إن" في بيان إن الجهاز أبلغ شركة "إنفينيت ستايل" بالمخالفات المتعلقة بالأسعار المرجعية واللوائح في مارس/ آذار 2024، وإن "إنفينيت ستايل" اتخذت إجراءات تصحيحية خلال الشهرين التاليين. وأضافت "شي إن" أن هذا يعني أن كل المشكلات التي تم رصدها تمت معالجتها منذ أكثر من عام، مؤكدة أن "إنفينيت ستايل" ملتزمة بالامتثال للوائح الفرنسية. تشديد أوروبي على تنظيم التجارة الإلكترونية تأتي الغرامة المفروضة على "شي إن" في إطار حملة أوروبية متصاعدة تستهدف تنظيم سلوك منصات التجارة الإلكترونية العابرة للحدود، والتي توسعت بسرعة كبيرة في السنوات الأخيرة مستفيدة من ضعف الرقابة في بعض الأسواق. فقد تبنّت المفوضية الأوروبية عدة مبادرات لتشديد القوانين المرتبطة بالشفافية، أبرزها "قانون الخدمات الرقمية" (DSA) الذي دخل حيّز التنفيذ ويُلزم المنصات الكبرى بالإبلاغ عن ممارساتها التجارية بشكل مفصّل، وتقديم معلومات دقيقة عن الأسعار والاقتطاعات وتتّبع المحتوى التجاري. وتُعد قضية "شي إن" نموذجاً واضحاً للتصادم بين النمو السريع للمنصات الرقمية من جهة، ومتطلبات حماية المستهلك من جهة أخرى. اقتصاد دولي التحديثات الحية الأسواق الأوروبية في مرمى أنظار "شي إن" و"تيمو" شي إن ونموذج الموضة السريعة تحت المجهر تلعب "شي إن" دوراً محورياً في التحول الذي شهده قطاع الأزياء العالمي نحو نموذج "الموضة السريعة" الذي يقوم على طرح تشكيلات جديدة أسبوعياً بأسعار زهيدة. غير أن هذا النموذج واجه موجة من الانتقادات من قبل ناشطين بيئيين ومنظمات حقوقية، بسبب آثاره السلبية على البيئة وسوء ظروف العمل في سلسلة التوريد. وقد اتهمت تقارير دولية الشركة بالاعتماد على موردين يدفعون أجوراً متدنية ويُخضعون العمال لساعات طويلة في بيئات غير آمنة، ما جعلها في مرمى الجهات التنظيمية والإعلامية على حد سواء. ويُضاف ملف الاقتطاعات المضللة اليوم إلى سلسلة من التحديات التي تهدد صورة "شي إن" عالميًّا. تأثير الغرامة على سمعة الشركة وسوقها الأوروبي من المرجّح أن تترك هذه الغرامة تداعيات ملموسة على مكانة "شي إن" في السوق الفرنسي والأوروبي، إذ إن المستهلكين الأوروبيين باتوا أكثر حساسية تجاه الشفافية والامتثال للأنظمة. كما أن الشركات المنافسة قد تستغل هذا القرار لتسويق نفسها بديلاً موثوقاً وأخلاقياً. ورغم أن الشركة بادرت إلى تصحيح ممارساتها، طال الضرر سمعتها، خصوصاً في ظل تغطية إعلامية واسعة ترافقت مع هذه العقوبة. وتشير التقديرات إلى أن الهيئات الرقابية في دول أوروبية أخرى قد تفتح بدورها تحقيقات مماثلة في سلوك "شي إن"، ما يُنذر بمزيد من الضغوط القانونية والتنظيمية خلال المرحلة المقبلة. (الدولار = 0.8480 يورو)

ركود تاريخي لاقتصاد غزة بعد تدمير إسرائيل للمصانع
ركود تاريخي لاقتصاد غزة بعد تدمير إسرائيل للمصانع

العربي الجديد

timeمنذ 7 ساعات

  • العربي الجديد

ركود تاريخي لاقتصاد غزة بعد تدمير إسرائيل للمصانع

تكبدت الصناعة في قطاع غزة، خسائر فادحة خلال الحرب الجارية منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، نتيجة التدمير الواسع للبنية التحتية وتوقف كامل للأنشطة الإنتاجية مع إغلاق المعابر، شملت منشآت صناعية ومخازن ومعامل ومرافق حيوية. وخلال سنوات الحصار الطويلة التي سبقت الحرب على غزة، اتبعت إسرائيل سياسة استهدفت تقويض القطاع الصناعي بصورة ممنهجة، والذي كان يشكل نحو 20% من الناتج المحلي الإجمالي في فترات سابقة. وتمثلت هذه السياسة في القيود المشددة على إدخال المواد الخام والمعدات، إلى جانب الاستهداف المتكرر للمصانع والمنشآت الإنتاجية، ما أدى إلى تراجع تدريجي في مساهمة الصناعة في الاقتصاد المحلي. ووفق تقديرات اقتصادية، لم تعد مساهمة القطاع الصناعي تتجاوز 7% من الناتج المحلي الإجمالي لغزة بحلول عام 2023، في مؤشر واضح على حجم التآكل الذي أصاب هذا القطاع الحيوي قبل اندلاع الحرب الأخيرة. خسائر غير مسبوقة ووفقاً لتقرير مشترك صادر عن البنك الدولي والأمم المتحدة بعنوان "التقييم السريع للأضرار والاحتياجات- قطاع غزة 2024"، فإن قطاع التجارة والصناعة في غزة تكبد خسائر مباشرة تقدر بنحو 5.9 مليارات دولار، ضمن إجمالي الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية والتي بلغت حوالي 29.9 مليار دولار حتى منتصف عام 2024. ويعد هذا الرقم من أعلى الخسائر المسجلة لقطاع اقتصادي واحد، ويشمل منشآت صناعية وتجارية ومخازن ومعامل ومرافق إنتاجية تضررت بفعل القصف المباشر أو توقفت عن العمل بشكل كامل. وتعرض عادل الناعوق، وهو أحد أصحاب المصانع الحرفية في قطاع غزة، لخسائر فادحة تجاوزت 1.5 مليون دولار، بعد أن دمرت طائرات الاحتلال مصنعه لصناعة الأثاث الواقع في حي التفاح شرق مدينة غزة بشكل كامل خلال العدوان الأخير. اقتصاد الناس التحديثات الحية الاحتلال يحاصر الكلام في غزة...74% من أبراج الاتصالات مدمّرة وقال الناعوق لـ"العربي الجديد": "كان المصنع يشغّل أكثر من 45 عاملاً بشكل مباشر أو غير مباشر، ويوفر إنتاجاً منتظماً للسوق المحلي رغم صعوبات الحصول على المواد الخام، كما كنا نصدّر الأثاث إلى الخارج في الأشهر التي سبقت الحرب، ضمن خطة توسعية لتعزيز النشاط الصناعي رغم الحصار". وأشار إلى أن القصف لم يدمر مبنى المصنع فقط، بل قضى أيضاً على المعدات والآلات والمواد الخام المخزنة، وهو ما أدخله في حالة إفلاس قسري وخسائر يصعب تعويضها في ظل غياب أي مظلة دعم أو تعويض. وتجسد حالة الناعوق واحدة من مئات القصص لمالكي المصانع والمنشآت الذين خسروا سنوات من العمل والاستثمار في ثوانٍ معدودة نتيجة الاستهداف المباشر للمنشآت الصناعية، مما يفاقم من مأساة القطاع الصناعي في غزة ويعمق من أزمة البطالة والفقر. وكذلك أُجبر التاجر خالد صيدم، صاحب مصنع صغير للمواد الغذائية في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، على إغلاق منشآته مؤخراً بسبب نفاد المواد الخام الأساسية مثل السكر والشوكولاتة، نتيجة استمرار إغلاق المعابر ومنع دخول المواد اللازمة للإنتاج. وأكد صيدم في حديث لـ"العربي الجديد" أن مصنعه لم يتعرض لأي أضرار مادية مباشرة، إلا أن تعطل حركة المعابر وتوقف الإمدادات حال دون استمرار العمل مما أدى إلى توقف مصدر رزقه الوحيد، وتوقف سبعة عمال كانوا يعملون معه في المصنع. ويأمل في حدوث أي انفراجة قريبة على المعابر تمكنه من استئناف عمله وإعادة تشغيل المشروع الذي كان بمثابة فرصة عمل حيوية له ولعدد من أبناء المخيم، مع طموح بتوسيع نشاطه مستقبلاً إذا ما توفرت الظروف المناسبة. ضربات قاسية بحسب تقارير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد"، شهد الناتج المحلي الإجمالي لقطاع غزة انكماشاً قياسياً بنسبة 81% خلال الربع الرابع من 2023 مقارنة بالفترة نفسها من عام 2022، في حين سجل انكماشاً سنوياً بلغ حوالي 22% لعام 2023، لتصل قيمة الناتج إلى ما يقل عن سدس مستواه خلال عام 2022. وتشير التقديرات إلى أن الخسائر الناتجة عن توقف الإنتاج والأنشطة التجارية، بما في ذلك الإيرادات الضائعة وتكاليف التشغيل غير المستردة، قدّرت بنحو 19 مليار دولار، وهو مبلغ يعكس الجزء الأكبر من التكلفة الاقتصادية الناجمة عن الحرب، مع تأثير بالغ على القطاع الصناعي الذي توقف عملياً. اقتصاد دولي التحديثات الحية تقرير أممي يفضح أكثر من 60 شركة كبرى لدعمها العدوان على غزة بدوره، قال المختص في الشأن الاقتصادي، محمد بربخ، إن القطاع الصناعي في غزة تعرض لضربات قاسية خلال الحرب المستمرة أدت إلى توقف شبه كامل لنشاطه، حتى بات لا يقدم أي مساهمة حقيقية في الناتج المحلي الإجمالي للقطاع، ما فاقم من الأعباء المعيشية والاجتماعية ورفع من معدلات البطالة والفقر بين السكان. وأوضح بربخ في حديث لـ"العربي الجديد" أن الأزمة تفاقمت بشكل كبير نتيجة الاستهداف المباشر للمنشآت الصناعية إضافة إلى انقطاع الكهرباء ونقص الوقود ومنع دخول المواد الخام، مما جعل استمرار الإنتاج في أي صورة شبه مستحيل في الظروف الحالية. سنوات من إعادة الإعمار وأشار بربخ إلى أن استعادة القطاع الصناعي لوضعه السابق يتطلب سنوات طويلة من إعادة الإعمار واستثمارات ضخمة في البنية التحتية والمعدات ورأس المال البشري، "وهو أمر يصعب تحقيقه في ظل تواصل الحرب والحصار والانهيار الاقتصادي الشامل". وأضاف بربخ: "استمرار الحرب يعني استمرار النزيف الاقتصادي للقطاع الصناعي وتهديد فرص التعافي الكامل لاقتصاد غزة على المدى القصير والمتوسط"، مشدداً على أن خسائر هذا القطاع لا تنحصر في الجانب الإنتاجي فقط، بل تطاول أيضاً الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي وفرص التنمية المستقبلية في واحدة من أكثر المناطق كثافة سكانية وأقلها موارد. وقال المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إسماعيل الثوابتة، في تصريح سابق لـ"العربي الجديد"، إن جيش الاحتلال دمّر واستهدف وأخرج من الخدمة نحو خمسة آلاف مصنع ومنشأة اقتصادية خلال العدوان المتواصل على قطاع غزة، بما يشمل المصانع وورش العمل والحرف اليدوية والمشاريع الاقتصادية، مضيفاً أن الاحتلال دمّر ️195 مقراً حكومياً، إضافة إلى تدمير 113 مدرسة وجامعة بشكل كلي، عدا عن تدمير 323 مدرسة وجامعة دمرها الاحتلال تدميراً جزئياً. ولفت إلى أن إجمالي الخسائر المباشرة لحرب الإبادة في اقتصاد غزة بلغ 33 مليار دولار حتى نهاية الشهر التاسع من الحرب المتواصلة على القطاع والتي طاولت جميع القطاعات.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store