logo
"المحافظ الإلكترونيّة" في لبنان... تسهيل رقمي في ظلّ هشاشة قانونيّة وأمنيّة

"المحافظ الإلكترونيّة" في لبنان... تسهيل رقمي في ظلّ هشاشة قانونيّة وأمنيّة

الديارمنذ 11 ساعات
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب
في ظل الانهيار المتواصل للنظام المصرفي اللبناني منذ عام 2019، لم تعد الوسائل التقليدية في إدارة الأموال تلبي حاجات المواطنين، ما دفع شرائح واسعة من اللبنانيين إلى البحث عن بدائل رقمية تواكب هذا التحول القسري. وهنا برزت "المحافظ الإلكترونية" كوسيلة جديدة لتسهيل المعاملات المالية، إذ بات يكفي استخدام الهاتف المحمول لإنجاز المعاملات اليومية، من تحويل الأموال إلى دفع الفواتير وحتى الشراء الإلكتروني.
لكن هذه الطفرة التكنولوجية، وعلى الرغم من مرونتها وسهولة استخدامها، لا تزال تصطدم بتحديات قانونية وأمنية بنيوية، في بلد تتراجع فيه البنى التحتية الرقمية، وتتراخى فيه الرقابة القانونية على حماية البيانات الشخصية.
أصبح الدفع الإلكتروني جزءاً من الحياة اليومية لعدد كبير من اللبنانيين، خاصة مع تزايد الاعتماد على التطبيقات المحلية والدولية، التي تتيح إجراء تحويلات مالية صغيرة، وتسديد أثمان المشتريات والخدمات، بما في ذلك "الدليفري" والتبضّع من المتاجر. يوفّر هذا النظام حلولاً عملية لمن يفتقرون إلى الحسابات المصرفية، لا سيما في المناطق البعيدة عن مراكز المدن.
وما ساعد على انتشار هذه الظاهرة، هو أن إنشاء المحفظة الإلكترونية لا يتطلب شروطاً مصرفية صارمة، إذ يمكن ربطها ببطاقات ائتمان، أو شحنها مباشرة عبر مكاتب معتمدة، ما يفتح الباب أمام شريحة واسعة من المستخدمين غير المشمولين سابقاً في النظام المالي التقليدي.
بحسب تقرير صادر عن منظمة "سميكس" المعنية بحقوق الإنسان الرقمية، فإن عدد الشركات المرخصة من قبل مصرف لبنان لتقديم خدمات المحافظ الإلكترونية بلغ 19 شركة حتى آذار 2025. إلا أن المصرف المركزي علّق لاحقاً استقبال أي طلبات جديدة لإنشاء محافظ إلكترونية، بقرار صادر عبر التعميم الوسيط رقم 735.
في المقابل، لا تزال البيئة القانونية غير مهيأة لمواكبة هذه الطفرة. فعلى الرغم من صدور القانون 81 لعام 2018 المتعلق بالمعاملات الإلكترونية، إلا أن هذا القانون لم يضع أُسسا تفصيلية واضحة لكيفية حماية بيانات المستخدمين، أو تنظيم معايير خصوصية الشركات الرقمية. ويعاني معظم التطبيقات المتداولة اليوم من غياب سياسات خصوصية صارمة، أو حتى من شفافية في عرضها على المستخدم.
تخزين البيانات… في المجهول؟
أحد أبرز الإشكاليات التي تثير القلق، تتعلق بمكان تخزين بيانات اللبنانيين الشخصية. فالمستخدمون لا يعرفون على وجه التحديد إذا كانت بياناتهم تحفظ داخل لبنان أو خارجه، وهل تخضع لأطر قانونية محلية أم أجنبية؟ وما يزيد من الغموض هو أن كل تطبيق رقمي يُدار ببنية تقنية مختلفة، وغالباً ما يُترك للمستخدم توقيع "الموافقة"، من دون أن يفهم فعليا تفاصيل الشروط.
تتضمن هذه البيانات الشخصية الحساسة معلومات مثل الاسم الكامل، رقم الهاتف، العنوان، وحتى صور الهويات أو جوازات السفر، ناهيك عن سجل التحويلات المالية. وهذه البيانات، إذا لم تخضع لإجراءات أمان مشددة، قد تتحول إلى مصدر خطر مباشر على المستخدمين.
في ظل هذا الواقع، بدأت حوادث الاحتيال المرتبطة بالمحافظ الإلكترونية تزداد. عمليات اختراق، وسرقة بيانات، وتحويلات وهمية باتت تُسجل بوتيرة أعلى، ما يطرح تساؤلات جدية حول مدى مسؤولية الشركات الرقمية من جهة، والدولة من جهة أخرى. فلا يمكن تحميل المستخدم وحده عبء الانتباه في بيئة رقمية تفتقر إلى الحماية، بل يفترض بالدولة أن تضع تشريعات واضحة، وتفعّل وحدات تحقيق رقمية قادرة على مواجهة الجرائم الإلكترونية.
وتشير تقارير متفرقة إلى أن بعض التطبيقات تعمل من دون أي رقابة تقنية فعلية، ما يجعل اختراقها مسألة وقت فقط، خاصة مع وجود ثغرات برمجية وإهمال في تحديث أنظمة الحماية.
في غياب إطار قانوني عصري وشامل، ومع استمرار التردد الرسمي في تنظيم السوق الرقمية، يبقى اللبنانيون في حالة قلق دائم حول سلامة معلوماتهم وأموالهم. وقد يؤدي تآكل الثقة الرقمية إلى نتائج عكسية على مستقبل التحول الرقمي في البلاد، خاصة مع اتساع رقعة الاعتماد على هذه الأدوات.
في نهاية المطاف، لا يمكن للتكنولوجيا أن تكون بديلاً آمنًا ما لم تُقرَن بحماية قانونية متكاملة، ومساءلة شفافة لكل الأطراف، وإلا فإن الطفرة الرقمية ستتحول إلى فخ إلكتروني خطير يهدد أمن المواطنين وخصوصيتهم.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ارتفاع صادرات الصين إلى الولايات المتحدة بنسبة 32,4% في حزيران
ارتفاع صادرات الصين إلى الولايات المتحدة بنسبة 32,4% في حزيران

الديار

timeمنذ ساعة واحدة

  • الديار

ارتفاع صادرات الصين إلى الولايات المتحدة بنسبة 32,4% في حزيران

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب سجلت صادرات الصين إلى الولايات المتحدة ارتفاعا بنسبة 32,4% على أساس شهري في حزيران، في وقت تعافت فيه التجارة بين الجانبين إثر محادثات رفيعة المستوى بينهما الشهر الماضي. وصدّرت الصين ما قيمته 38,2 مليار دولار من السلع إلى الولايات المتحدة مقارنة ب 28,2 مليار في أيار، على ما أعلنت الإدارة العامة للجمارك الصينية. وبلغ إجمالي قيمة الصادرات في نيسان 33 مليار دولار.

رابطة مُوظفي الدولة: نتجه نحو التصعيد خلال الأيام المقبلة
رابطة مُوظفي الدولة: نتجه نحو التصعيد خلال الأيام المقبلة

الديار

timeمنذ 9 ساعات

  • الديار

رابطة مُوظفي الدولة: نتجه نحو التصعيد خلال الأيام المقبلة

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب جددت رابطة موظفي الدولة، في بيان، التأكيد على موقفها بـ "ضرورة الالتزام الكامل بالإضراب" الذي سبق وأعلنت عنه، وذلك "في سبيل الدفاع عن الحدّ الأدنى من مقومات العيش الكريم للموظف اللبناني، الذي بات ضحية انهيار الدولة وتخلّيها عن أبسط واجباتها". ودعت الرابطة كل المديرين العامين ورؤساء الوحدات الإدارية إلى "احترام حق الموظف في الإضراب"، وحذرت من "أي محاولة للضغط أو التهديد أو ممارسة أي شكل من أشكال الانتقام الوظيفي بحق الموظفين الملتزمين بالإضراب". وفي هذا السياق، أشارت إلى الاجتماع الذي عقدته مؤخرًا مع وزير العمل، والذي "طغت عليه أجواء سلبية عكست موقفًا متصلّبًا من قبل الوزير، الذي رفض حتى مناقشة أي تصحيح للأجور، متناسيًا أنّه المعني الأول بمؤشر غلاء المعيشة وبصون الأمن الاجتماعي للطبقة العاملة"، مذكرة بأنّ "الحقوق الاجتماعية لا يجوز أن تُضرب من بيت أبيها، ولا أن يُدار الظهر لمطالب عادلة من العاملين في الإدارة العامة، الذين يشكّلون العمود الفقري لأي نهوض اقتصادي أو إداري". ورأت الرابطة أنه "لا يمكن القبول بسياسة تجاهل الموظفين وحرمانهم من الحد الأدنى من الإنصاف، في مقابل تفصيل رواتب خيالية وتقديم حوافز باهظة لهيئات ناظمة جديدة، تأتي كتمهيد لبيع ما تبقّى من القطاعات الإنتاجية العامة، بدل أن تكون هذه المؤسسات أداة للتنظيم والمحاسبة والمصلحة العامة". كما جددت مطالبتها السلطة السياسية ب"الذهاب فورًا إلى إجراءات جديّة لمكافحة الفساد والحد من التهرب الضريبي والجمركي، والعمل على استرداد الأموال المنهوبة، بدلًا من التنقيب في جيوب الموظفين والمتقاعدين عن فلس الأرملة، ومحاولة تحميلهم أعباء الأزمة التي لم يكونوا يومًا سببًا فيها". وأعلنت الرابطة أنها تتجه نحو تصعيد تحركاتها خلال الأيام المقبلة، ودعت جميع الموظفين والمتضامنين إلى التهيؤ للمشاركة في تحركات موحدة تُعلن في حينها "رفضًا للظلم اللاحق بهم، وللدفاع عن كرامة الإدارة العامة ودورها".

انطوان سيف في منتدى الرغيف العربي بتونس: لبنان شهد ثورة تطور في صناعة الخبز
انطوان سيف في منتدى الرغيف العربي بتونس: لبنان شهد ثورة تطور في صناعة الخبز

الديار

timeمنذ 9 ساعات

  • الديار

انطوان سيف في منتدى الرغيف العربي بتونس: لبنان شهد ثورة تطور في صناعة الخبز

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب شارك رئيس نقابة صناعة الخبز في لبنان، أنطوان سيف وعبر تقنية Zoom، في منتدى الرغيف العربي الذي انعقد في تونس بحضور جهات حكومية تونسية، وممثلين عن هيئات غذائية واتحادات ونقابات تعمل في صناعة الخبز وخبراء من مختلف الدول العربية. وتضمن المنتدى جلسات متعددة تناولت آليات دعم سلاسل رغيف الخبز وتقليل الفاقد والمِهدَر منه، وواقع وآفاق إنتاج الحبوب في الوطن العربي في ظل التغيّر المناخي والتحديات الإقليمية التي تواجه إنتاج الحبوب وتخزينها ومعالجتها وتجارتها وإستهلاكها، إضافة إلى الإحتياجات العربية المستقبلية من أنواع الحبوب. والقى سيف كلمة في المنتدى تناولت "تقنية إنتاج خبز صحي ومغذٍ ومبتكر"، كما عرض واقع وآفاق انتاج الخبز في لبنان، حيث اكد ان "لبنان قد شهد ثورة تطور في صناعة هذا المنتج، إن كان من ناحية النوع وسلامة الغذاء، أو من ناحية رفع القيمة الغذائية التي يحتويها". وركز سيف في كلمته على واقع وآفاق انتاج الخبز في لبنان، وقال "بدايةً، اسمحوا لي أن أوجه شكري لكم جميعاً على إقامة هذا المؤتمر القيم الذي يتناول البحث في كيفية زيادة إنتاج القمح المحلي وتطوير صناعة الرغيف من ناحية الجودة، والقيمة الغذائية". لفت سيف الى إن واقع وآفاق صناعة الرغيف في لبنان يعد إحدى القضايا الحيوية نظراً لما له من أهمية في استمرار الأمن الغذائي وتأمين القوت اليومي للمواطن. وكشف سيف "أننا في لبنان في الواقع نشهد ثورة تطور في صناعة هذا المنتج، إن كان من ناحية النوعية وسلامة الغذاء، أو من ناحية رفع القيمة الغذائية التي يحتوي عليها". وأوضح أنه "من جراء تطوير الخبرات عند المصنعين، واعتماد تقنيات متطورة في الإنتاج، استطعنا أن نخفض الكلفة الإنتاجية، وأن نقدم للمستهلك رغيفاً عالي الجودة، تصل صلاحية استهلاكه لعدة أيام دون إضافة أي مواد حافظة، وهذا ما خفف كثيراً من الهدر الذي كنا نشهده سابقاً، والذي نشهده اليوم بعض الدول المجاورة". وأضاف "من هنا استطيع أن أقول، من جراء هذا التطور، خففنا الكلفة على المستهلكين، وساهمنا أيضاً، بتخفيض فاتورة استيراد القمح، وتخفيف العبء عن الاقتصاد الوطني". وأشار سيف الى أنه إضافةً على الجودة العالية، قد تعاوَنّا مع بعض الجامعات والاختصاصيين بموضوع الغذاء لتطوير أنواع من الخبز التقليدي Flat Bread لرفع القيمة الغذائية فيه، إن كان من ناحية زيادة الألياف الطبيعية، أو من ناحية إضافة بعض أنواع الدقيق، المستخرج من أصناف حبوب متعددة والتي تحتوي على كميات عالية من الفيتامينات الضرورية التي يحتاجها الإنسان للحفاظ على الطاقة المطلوبة، كاشفاً عن أنه ونتيجة هذا التطور، أصبح اليوم قطاع صناعة الخبز في لبنان قطاعًا حيويًا يستقطب حوالي 20 ألف فرصة عمل. ولفت في هذا الاطار، الى أنّ لبنان اليوم يستورد حوالي 650 ألف طن من القمح سنويًا من عدة نوعيات، وإنّ الإنتاج المحلي من القمح للأسف لا يتعدّى 10 %، لافتاً إلى أنّ الدولة اللبنانية قد رفعت الدعم عن الرغيف منذ بداية 2024 ولكن ما زالت وزارة الاقتصاد تضع السياسات العامة للقمح وتحدّد مواصفاته وتراقب نوعيته عند عمليات الشراء، كما تحدّد سعر كلفة تحويله إلى طحين ضمن مواصفات محدّدة، وخاصةً بالنسبة للرطوبة وكمية الألياف والبروتينات والمعادن التي يجب أن يحتوي عليها. كما وأنّ سعر ووزن ربطة الخبز تحدّده الوزارة وتراقب أيضًا صحّة إنتاجه ضمن شروط ومواصفات سلامة الغذاء المعتمدة عالميًا. وقال سيف "رغم هذا الواقع، ما زلنا في لبنان نعيش هاجس الأمن الغذائي ".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store