
الحصار ينذر بانهيار مختبرات المستشفيات بغزة
وتعاني الابنة البالغة (19عاما) من التهابات في الأمعاء الغليظة، ويقول والدها (58 عاما) للجزيرة نت إنها تحتاج يوميا لتحاليل طبية لا يتوفر أغلبها في مختبر مستشفى شهداء الأقصى الحكومي الصغير، وهو الوحيد في دير البلح بالمحافظة الوسطى من قطاع غزة.
خضعت هذه الفتاة لعملية منظار، قبل بضعة أيام، وأخذ الأطباء "خزعة" من أمعائها، كان تحليلها يتوفر سابقا في مختبر "مستشفى غزة الأوروبي" بمدينة خان يونس جنوبي القطاع، قبل خروجه عن الخدمة، نتيجة إنذارات الإخلاء الإسرائيلية، وانتقال بعض خدماته لمجمع ناصر الطبي بالمدينة.
ويقول خالد إن الطريق خطيرة جدا للوصول لمجمع ناصر، لوقوعه أيضا في منطقة يشملها الإخلاء، وقد اضطر إلى إرسال العينة لمختبر خاص في مدينة غزة لفحصها بمبلغ 250 شيكلا (حوالي 70 دولارا)، بالإضافة إلى أعباء وتكاليف المواصلات عبر شارع الرشيد المدمر.
وتوشك المختبرات المتبقية في المستشفيات والمرافق التابعة لوزارة الصحة الفلسطينية على الإغلاق في غضون أيام قليلة، جراء النقص الحاد في الأجهزة والمواد المخبرية اللازمة لإجراء الفحوص والتحاليل الطبية المختلفة.
أسعار مرتفعة
يقطن خالد في بلدة الزوايدة وسط القطاع، ويعيل أسرة مكونة من 6 أفراد، ويلازم ابنته في المستشفى منذ مرضها المفاجئ، ويكابد يوميا البحث عن التحاليل الطبية والأدوية غير المتوفرة في المستشفى أو في المختبرات والصيدليات الخاصة.
"وحتى التحاليل المتوفرة أسعارها مرتفعة جدا لقلة المواد المخبرية في المختبرات الخاصة، والأوضاع المعيشية والاقتصادية للجميع هنا في غزة صعبة للغاية". ويضيف خالد "اليوم طلب الطبيب ثلاثة تحاليل، اثنان متوفران بمختبر المستشفى، والثالث لفحص الكبد غير متوفر، أجريته في مختبر خاص".
في ناحية أخرى بمستشفى شهداء الأقصى، ترقد المريضة السبعينية مريم الأسطل منذ 15 يوما في قسم الباطنية، وتقول ابنتها المرافقة، للجزيرة نت "أصيبت والدتي بإسهال شديد، وعلى إثره تدهورت حالتها الصحية، وقرر الأطباء أن تبقى بالمستشفى".
وعلى وقع إنذارات الإخلاء الإسرائيلية اضطرت الأسطل (72 عاما) وأسرتها للنزوح من خان يونس، ويقيمون في منطقة "مواصي القرارة"، حيث لا تتوفر الخدمات الحيوية، ووجدت أن الوصول لمستشفى شهداء الأقصى أسهل وأقل خطرا من الوصول إلى مجمع ناصر الطبي بخان يونس.
ويطلب الأطباء من الأسطل تحاليل متنوعة يوميا للوقوف على حالتها الصحية. وبحسب الابنة فإن "أغلب هذه التحاليل غير متوفرة بالمستشفى، ونضطر للبحث عنها في مختبرات خاصة خارجية، وعندما نجدها فإن تكاليفها تكون باهظة".
انهيار وشيك
ويقول أخصائي مختبرات وبنوك الدم في مستشفى شهداء الأقصى محمد أبو غياض للجزيرة نت إن "الأزمة وصلت حدا غير مسبوق، حيث نعاني من نقص شديد في المواد المخبرية، وكذلك في المواد الخاصة بفحص وسحب الدم".
وتحذر مديرة دائرة المختبرات الطبية وبنوك الدم في وزارة الصحة الدكتورة سحر غانم من انهيار وشيك للخدمات المخبرية، "وهذا ينعكس سلبا على المرضى وجرحى الحرب ويحرمهم من التشخيص ومتابعة علاجهم، ما لم يتم تزويدنا بسرعة باحتياجاتنا من المواد المخبرية وأدوات ومستهلكات الفحص" حسب قولها.
وتقول غانم للجزيرة نت إن "المختبرات هي جزء من المنظومة الصحية، وتعاني مثلما تعاني المستشفيات ومراكز الرعاية الأولية التابعة لوزارة الصحة، وتواجه تحديات كبيرة ونقصا في احتياجاتها اللازمة لاستمرار تقديم الخدمة للمرضى والجرحى".
وتبلغ نسبة العجز في مواد الفحص المخبرية الأساسية، وفي المستهلكات الأساسية اللازمة لتقديم الخدمات مثل الأنابيب اللازمة لسحب العينات وإجراء الفحوص حوالي 49%، بحسب غانم.
وتقول "من أهم المواد التي نعاني من عجز كبير بها، هي أكياس الدم، ولا تكمن المشكلة هنا في قلة أعداد المتبرعين نتيجة المجاعة، وإنما أيضا في النقص الحاد في المواد والمستلزمات اللازمة لعملية سحب الدم، وقد تتوقف هذه الخدمة في غضون أسبوعين".
وقبل اندلاع الحرب عقب هجوم السابع من أكتوبر /تشرين الأول 2023، كانت 12 مختبرا تعمل في مستشفيات وزارة الصحة على مستوى القطاع، دمرت قوات الاحتلال 6 منها كليا، وخرج مختبرا مستشفيي "غزة الأوروبي"، و"الدرة" في مدينة غزة، عن الخدمة بسبب الإخلاء، وتعمل حاليا 4 مختبرات فقط في جنوب القطاع وشماله، وفقا للدكتورة غانم.
وعلاوة على ذلك، تقول غانم إن 60% من مختبرات مراكز الرعاية الأولية خرجت عن الخدمة، إما بسبب تدميرها بالكامل، أو نتيجة خروج المركز عن الخدمة كليا، إضافة إلى أن حوالي 60% من الأجهزة المخبرية الأساسية خرجت عن الخدمة بسبب تدميرها أو لحاجتها للصيانة وعدم توفر قطع الغيار، فيما الأجهزة المتبقية قديمة ومتهالكة وقد تتعطل وتخرج عن الخدمة في أي لحظة.
وتضيف الدكتورة قائلة إنه "لا تتوفر لدينا حاليا فحوص للأمراض الناجمة عن الوضع البيئي والمعيشي المحيط بالخيام ومراكز الإيواء وتكدس النفايات، وأيضا خدمة الفحوص الخاصة بمرضى السرطان للتشخيص والمتابعة، جراء خروج المختبر المركزي عن الخدمة تماما".
كما أكدت أن قوات الاحتلال دمّرت مختبر الصحة العامة وأخرجته عن الخدمة، وهو الوحيد الذي كان يقدم فحوص جودة المياه والغذاء والدواء".
وألقى الحصار المشدد وإغلاق المعابر بظلاله أيضا على المختبرات الخاصة، نتيجة عدم سماح الاحتلال بدخول المواد المخبرية للقطاع الخاص.
وتؤكد غانم أن من شأن ذلك "زيادة العبء علينا في القطاع الحكومي"، وطالبت الهيئات الدولية المختصة بضرورة التدخل العاجل لمنع انهيار ما تبقى من مختبرات وبنوك دم في غزة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
الصليب الأحمر ينتقد استهداف مواقع توزيع الأغذية في غزة
أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن المستشفى الميداني في رفح استقبل أمس 132 مصابا بجروح ناجمة عن أسلحة نارية قرب مواقع توزيع المساعدات استشهد منهم 31 شخصا. وهذا أكبر تدفق للضحايا إلى المستشفى منذ بدء عمله في مايو/ أيار العام الماضي، عالج خلالها أكثر من 3400 مصاب، في حين سجلت أكثر من 250 حالة وفاة. وقالت اللجنة "إن الغالبية العظمى من الإصابات نجمت عن أعيرة نارية"، مشيرة إلى أن "جميع المصابين كانوا يحاولون الوصول إلى مواقع توزيع الغذاء". ووصفت اللجنة الوضع بأنه "غير مقبول"، مشيرة إلى أن فداحة هذه الحوادث "تعكس الظروف المرّوعة التي يعيشها المدنيون في غزة"، ودعت إلى "توفير الرعاية الطبية اللازمة للمصابين في أسرع وقت ممكن، والسماح بتدفق المساعدات الإنسانية بسرعة ودون عوائق". وأكدت اللجنة أن فرقها تعمل في ظل تحديات كبيرة لتقديم الرعاية الصحية وسط استمرار التصعيد العسكري، مما يزيد من معاناة الأهالي في القطاع. ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها. وخلفت الإبادة، بدعم أميركي، نحو 195 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين، بينهم عشرات الأطفال. بدورها قالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " الأونروا"، اليوم الأحد، إن فرقها تواصل عملها لمساعدة أكثر الفئات ضعفا في غزة. وقالت "الأونروا"، في منشور على صفحتها بموقع "فيسبوك"، إن عيادتها في غزة شهدت زيادة في عدد حالات سوء التغذية منذ مارس/ آذار الماضي عندما بدأ الحصار الذي فرضته حكومة إسرائيل. وأضافت "لم يسمح للأونروا بتقديم أي مساعدات إنسانية منذ ذلك الحين"، مشيرة إلى أنه "رغم النقص الحاد في الإمدادات الضرورية للعلاج، تواصل فرقنا عملها في غزة لمساعدة أكثر الفئات ضعفا، ويشمل ذلك التقييم الغذائي للأطفال".


الجزيرة
منذ 8 ساعات
- الجزيرة
إسرائيل تستهدف موقعا لتوزيع المياه بغزة والأونروا ترصد تفاقم الأزمة الإنسانية
في يوم جديد من الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة ، استقبلت المستشفيات عشرات الشهداء والجرحى في غارات جديدة لطائرات الاحتلال، وأكدت منظمة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) أن إسرائيل عزلت سكان غزة في 55 كيلومترا مربعا، وقالت إن فرقها رصدت تزايدا في حالات سوء التغذية بالقطاع. وذكرت مصادر في مستشفيات غزة أن غارات الاحتلال الإسرائيلي حصدت 29 شهيدا منذ فجر اليوم الأحد، من بينهم 20 في مخيم النصيرات وسط القطاع. واستقبل مستشفى العودة 10 شهداء -بينهم 6 أطفال- و16 مصابا بعد استهداف الاحتلال نقطة توزيع مياه شمال غرب مخيم النصيرات. وأفادت مصادر طبية في مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح بوصول جثامين 10 شهداء إضافة إلى مصابين، بعضُهم أطفال، سقطوا إثر قصف إسرائيلي استهدف منزلا لعائلة "العربيد" في جنوب مخيم النصيرات. وأفاد مصدر في مستشفى الشفاء باستشهاد 5 فلسطينيين في قصف إسرائيلي على شقة سكنية في شارع حميد غربي غزة، كما استقبل المستشفى شهيدة و3 مصابين إثر قصف شقة سكنية لعائلة الداية بمحيط مسجد المجمع الإسلامي في حي الصبرة جنوبي غزة. وذكر مجمع ناصر الطبي أن 3 فلسطينيين استشهدوا في قصف إسرائيلي على خيمة نازحين في منطقة المواصي. وفي وقت سابق، أفادت مصادر في مستشفيات القطاع بأن 110 فلسطينيين استشهدوا في غارات أمس السبت، منهم 34 من طالبي المساعدات في مراكز التوزيع. حصار وعزلة من جانب آخر، قال عدنان أبو حسنة المستشار الإعلامي لوكالة الأونروا إن إسرائيل دفعت معظم سكان قطاع غزة للتجمع في مساحة 55 كيلومترا مربعا. وأوضح أبو حسنة -للجزيرة- أن الطواقم الطبية منهكة للغاية وتعاني نقصا شديدا في الإمدادات الطبية والوقود، وأكد أن توزيع المواد الغذائية بالنظام الحالي تحول لساحة قتل جديدة. وأكدت الوكالة في بيان اليوم الأحد أن فرقها تواصل عملها لمساعدة أكثر الفئات ضعفا في غزة، وقالت إن عيادتها في غزة شهدت زيادة في عدد حالات سوء التغذية منذ مارس/ آذار الماضي عندما بدأ الحصار الذي تفرضه إسرائيل وتمنع بموجبه دخول أي مساعدات للقطاع. وأضافت الوكالة "لم يسمح للأونروا بتقديم أي مساعدات إنسانية منذ ذلك الحين". وترتكب إسرائيل -بدعم أميركي مطلق- إبادة جماعية في غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، خلّفت نحو 196 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، فضلا عن مئات آلاف النازحين.


الجزيرة
منذ يوم واحد
- الجزيرة
مسؤولان أمميان يصفان ما يحدث بغزة بأنه جنون وبلا أخلاق
وصف مسؤولان أمميان أن ما يجري في قطاع غزة من قتل للمدنيين وحصارهم وتجويعهم وتدمير ما تبقى لهم من منازل وقصف خيام النازحين على يد الاحتلال الإسرائيلي بأنه جنون وغير أخلاقي وهو يمثل إبادة جماعية. فقد شددت المديرة الإقليمية لصندوق الأمم المتحدة للسكان بالمنطقة العربية ليلى بكر للجزيرة على أن وقت تحرك "الإنسانية واستمرار الإبادة في غزة يعني أننا بلا أخلاق". وأشارت بكر إلى أن حدوث إبادة جماعية في سنة 2025 أمر غير مقبول وغير مفهوم، وأن المنظمات الدولية عاجزة عن إدخال المساعدات للقطاع رغم كثرتها وأن تلك المنظمات تتعرض لعراقيل إسرائيلية. وفي ذات السياق قال ماجد الطوال نائب الممثل الخاص لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) في فلسطين للجزيرة إن "ما يحدث في غزة جنون ويجب أن يتوقف". مشيرا إلى أن "7 من أصل 36 مستشفى في غزة تعمل بشكل جزئي". في حين ذكرت بكر أن أنه لم يبق في قطاع غزة سوى 4 مستشفيات ميدانية فقط، موضحة أنه لم يعد للنساء بغزة أي حظ للنجاة وقد نخسر جيلا كاملا من الأطفال. وأيد ذلك نائب الممثل الخاص لليونيسيف؛ إذ ذكر أن عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية ارتفع من 5200 إلى 5800 خلال شهر واحد. وكان مكتب الإعلام الحكومي في القطاع قد ذكر في بيان له أن خطر المجاعة يتفاقم والموت يهدد مئات الآلاف بينهم 650 ألف طفل. وأضافت بكر أن المنظمات الدولية بحاجة إلى قدرة كاملة على الوصول للقطاع لمنع الإبادة، مشيرة إلى أن مسيرة تعافي قطاع غزة ستكون طويلة وصعبة. تزامنت تلك التصريحات مع بيان لمنظمات الأمم المتحدة أشارت فيه إلى أن نقص الوقود في غزة وصل إلى "مستويات حرجة"، وهو ما يهدد "شريان الحياة بالنسبة لـ 2.1 مليون شخص يتأرجحون على حافة المجاعة". وأوضح البيان الأممي أنه بدون كميات وقود كافية فإن جهودها الإنسانية تواجه انهيارا تاما.