logo
حريق سنترال رمسيس.. هل تملك مصر خطة لضمان استمرار الخدمات والأعمال التجارية؟

حريق سنترال رمسيس.. هل تملك مصر خطة لضمان استمرار الخدمات والأعمال التجارية؟

الجزيرةمنذ 5 أيام
القاهرة- تحوّل قلب العاصمة المصرية، القاهرة، إلى مركز أزمة وطنية حادة جراء اندلاع حريق هائل في سنترال رمسيس، أحد أهم المراكز الحيوية في قطاع الاتصالات المصري، والمسؤول عن تمرير ما يقرب من 40% من حركة الاتصالات المحلية والدولية.
ويقع هذا السنترال التاريخي، الذي افتتح لأول مرة في عام 1927 على يد الملك فؤاد الأول تحت اسم "دار التليفونات الجديدة"، على بُعد خطوات من ميدان التحرير، ما يجعله في قلب العاصمة ومركزًا لتقاطع الاتصالات الرقمية.
الحريق الذي استمر ساعات عدة، لم يكن مجرد حادث عارض، بل كشف هشاشة البنية الرقمية في البلاد، وأدى إلى شلل واسع النطاق لم يقتصر على الإنترنت والاتصالات، بل امتد إلى البنوك، والتطبيقات الإلكترونية، وحتى البورصة المصرية ومطار القاهرة الدولي، وفق مراقبين.
هذه الحادثة طرحت تساؤلات عن مدى جاهزية الدولة المصرية للتعامل مع الطوارئ التكنولوجية، ووجود بدائل حقيقية لضمان استمرار الخدمات الأساسية في أوقات الكوارث.
الحريق والأضرار الأولية
واندلع الحريق داخل سنترال رمسيس فجأة، وامتد بسرعة إلى الطوابق المختلفة للمبنى، ما أدى إلى حالة من الذعر داخل المنشأة ووقوع عدد من الضحايا.
وبالرغم من التدخل السريع لفرق الحماية المدنية، فإن الحريق تسبّب في وفاة أربعة موظفين تابعين للشركة المصرية للاتصالات، وإصابة العشرات، إضافة إلى خسائر مادية قدرت مبدئيًا بعشرات الملايين من الجنيهات.
ولم تقتصر الأضرار على البنية المادية للسنترال، بل امتدت إلى تعطيل كامل حركة الاتصالات والبيانات التي تمر عبر هذا المركز الحيوي.
وعانى المستخدمون في القاهرة الكبرى ومحافظات أخرى من انقطاع شبه تام في الإنترنت، وتوقف في خدمات الاتصالات الثابتة والمتحركة، إلى جانب تعطل منصات الدفع الإلكتروني وخدمات التحويل البنكي، وهو ما ألقى بظلال كثيفة على القطاعات الخدمية والمالية في البلاد.
وأشار مصدر أمني مصري إلى أن الفحص المبدئي يُرجّح أن يكون الحريق ناجمًا عن ماس كهربائي، في حين باشر خبراء المعمل الجنائي جمع الأدلة من موقع الحريق لتحديد السبب النهائي بدقة، وسط ترقب شعبي ورسمي للنتائج التي قد تُلقي الضوء على مدى الإهمال الفني أو التقصير في إجراءات الصيانة والسلامة داخل المبنى.
تداعيات اقتصادية وخدماتية شاملة
وتسبّب الحريق في تعطيل شبه كامل لمنظومة الدفع الإلكتروني في البلاد، وواجه المواطنون صعوبات شديدة في سحب الأموال من بعض فروع البنوك التي تعتمد على شبكة الإنترنت.
كما توقفت بشكل كامل خدمات التحويل اللحظي مثل "إنستاباي" والمحافظ الإلكترونية، وهي أدوات حيوية يعتمد عليها ملايين المصريين في معاملاتهم اليومية.
وفي خطوة غير مسبوقة، اضطرت البورصة المصرية إلى تعليق التعاملات يوم أمس الثلاثاء، الذي تلا الحريق، نظرا لانقطاع خدمة الإنترنت عن قاعة التداول ونظم الربط الإلكتروني بين شركات الوساطة المالية، قبل أن يتم استئناف العمل بالبورصة الأربعاء.
وأثار هذا القرار -حينها- مخاوف المستثمرين، وطرح تساؤلات عن قدرة السوق المالية على الصمود أمام الكوارث التقنية.
ولم يكن مطار القاهرة الدولي بمنأى عن التأثيرات، حيث تسببت الأزمة في تأخير 22 رحلة جوية مجدولة، بسبب الارتباط الوثيق بين أنظمة التشغيل والاتصالات الداخلية، ما أضاف بعدًا لوجيستيًا معقدًا للأزمة وأظهر مدى اعتماد البنى التحتية الوطنية على مركز رقمي واحد دون وجود مراكز بديلة أو خطط طوارئ فعالة.
غضب واسع
وتجاوزت تداعيات الحريق الأبعاد التقنية والاقتصادية لتصل إلى مستويات سياسية وشعبية ملتهبة. فقد عبّر المواطنون عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن سخطهم من انعدام الجاهزية، وعدم توفر أي خطة استجابة سريعة، بينما تحوّلت هذه المطالب إلى ضغوط برلمانية واضحة داخل مجلس النواب المصري.
وشهد البرلمان جلسة عاجلة حضرها عدد من النواب الغاضبين الذين وجّهوا انتقادات لاذعة للحكومة، وخاصة لوزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الدكتور عمرو طلعت، وسط مطالب متصاعدة بإقالته من منصبه وتحميله مسؤولية الإخفاق في إدارة الأزمة والقصور في تأمين منشأة بهذا المستوى من الأهمية.
ووصف النائب عمرو درويش الحريق بأنه تجاوز حدود الأزمة ليصل إلى مستوى الكارثة، وقال في مداخلته خلال الجلسة، إن الدولة بأكملها توقفت بسبب الحريق، منتقدًا ما اعتبره "تناقضًا فجًا" بين خطاب الحكومة المتكرر عن التحول الرقمي، وواقع الخدمات الأساسية التي انهارت في ساعات.
واعتبر درويش أن تأثير الحريق وصل إلى المستشفيات والبنوك وخطابات العلاج على نفقة الدولة، قائلاً بوضوح: "البلد كله توقف، والناس مش عارفة تتصرف".
حاجة ملحة لإعادة هيكلة البنية الرقمية
في تقييم أوسع للأزمة، اعتبر الخبير المصرفي الدكتور هاني أبو الفتوح، أن ما حدث يمثل جرس إنذار حاد للمؤسسات المالية والحكومية على حد سواء.
وأوضح أن الخسائر الناتجة عن تعطل الخدمات المصرفية والإلكترونية كانت جسيمة، وقد أربكت العملاء، وشكّلت تهديدًا حقيقيًا لاستقرار الأعمال التجارية، خاصة في قطاعات حيوية تعتمد كاملا على البنية الرقمية.
وأكد أبو الفتوح أهمية تدخل البنك المركزي المصري مباشرة لإعادة تقييم خطط الطوارئ في البنوك والمؤسسات المالية، مشددًا على أن وجود خطة مكتوبة على الورق لا يكفي، بل يجب اختبارها دوريًا بتمارين محاكاة واقعية، وإنشاء مراكز بيانات بديلة في أماكن بعيدة عن مراكز التكدس السكاني، لضمان استمرارية العمليات الحيوية عند وقوع أي خلل في المركز الرئيسي.
من جهته، اعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور خالد الشافعي، أن الكارثة كشفت عن ضعف هيكلي في منظومة الاتصالات والربط التقني في مصر، وأكد أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة كانت الأكثر تضررًا نظرًا لاعتمادها شبه الكامل على المعاملات الرقمية.
ولفت الشافعي إلى أن حجم الخسائر الاقتصادية لا يمكن حصره بعد، لكنه يُقدّر بعشرات الملايين من الجنيهات، وقد تتضاعف آثاره على ثقة المستثمرين المحليين والدوليين في حال استمرت حالة الارتباك وعدم وضوح الرؤية الحكومية.
ودعا الشافعي إلى نقل مقر البورصة المصرية إلى منطقة ذات مواصفات تكنولوجية أكثر أمانًا، مثل "القرية الذكية"، معتبرًا أن استمرار وجودها في قلب القاهرة يُشكّل خطرًا على سير العمليات في حال حدوث أي طارئ مشابه مستقبلاً، بسبب الكثافة العمرانية والضغط على البنية التحتية.
مركز الاتصالات في قلب العاصمة
سنترال رمسيس ليس مجرد منشأة فنية، بل يُعد العمود الفقري للبنية التحتية الرقمية في مصر. فقد افتتح في 25 مايو/أيار من عام 1927، في عهد الملك فؤاد الأول، وكان يُعرف آنذاك باسم "دار التليفونات الجديدة".
ومنذ ذلك الحين، لعب دورًا محوريًا في تطوير قطاع الاتصالات المصري، وتحول مع مرور العقود إلى مركز رئيسي لمعالجة الاتصالات والبيانات.
يمر عبر هذا السنترال أكثر من 40% من حركة الاتصالات المحلية والدولية، كما يُعد نقطة الدخول الأساسية لدوائر الألياف البصرية البحرية الدولية، وهي التقنية التي تعتمد عليها البلاد في توفير خدمات الإنترنت عالية السرعة.
ومنه، تُربط العاصمة بجميع المحافظات بشبكة من الكوابل والأجهزة التي تشكل العصب الرئيسي للاتصال الرقمي في الدولة.
ويواجه السنترال، بحكم موقعه في منطقة مزدحمة ومكتظة بوسط القاهرة، تحديات لوجيستية معقدة، ويبدو أن هذه التحديات قد لعبت دورًا في تأخير الاستجابة أثناء الحريق، وهو ما يدفع اليوم نحو مراجعة جذرية لمنظومة الطوارئ والإغاثة التقنية في البلاد، وإنشاء مراكز احتياطية قادرة على التدخل السريع والحفاظ على استمرار الخدمات دون انقطاع، بحسب الخبراء.
وتتجاوز الأزمة التي فجّرها الحريق في سنترال رمسيس حدود الخسائر المادية المباشرة، لتصل إلى عمق العلاقة بين المواطن والسلطات في الثقة في قدرة المؤسسات على حماية الخدمات الأساسية.
كما أنها تفتح الباب واسعًا لمراجعة شاملة لكل ما يتعلق بالتخطيط الرقمي، وإدارة المخاطر، والتوزيع الجغرافي للبنى التحتية الحساسة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

9 قتلى وعشرات المصابين بحريق مركز رعاية مسنين في أميركا
9 قتلى وعشرات المصابين بحريق مركز رعاية مسنين في أميركا

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

9 قتلى وعشرات المصابين بحريق مركز رعاية مسنين في أميركا

قُتل 9 أشخاص وأُصيب ما لا يقل عن 30 آخرين، في حريق اندلع داخل مركز لرعاية المسنين في مدينة فول ريفر على الساحل الشرقي للولايات المتحدة ، وفق ما أعلنت السلطات المحلية اليوم الاثنين. وأوضح جيفري بايكن رئيس قسم الإطفاء، في المدينة الواقعة جنوب شرق ولاية ماساتشوستس، أن 9 أشخاص لقوا حتفهم جراء حريق اندلع الليلة الماضية في دار لرعاية المسنين، مضيفا أن شخصا واحدا بحالة حرجة، وقد تم نقل ما لا يقل عن 30 مصابا إلى المستشفى. واعتبر رئيس قسم الإطفاء أن ما جرى "مأساة لا يمكن تصورها" بالنسبة لأسر وسكان فول ريفر. ومن جهتها، قالت السلطات المحلية في بيان إن عناصر الإطفاء وصلوا إلى دار رعاية المسنين "غابرييل هاوس" في شارع أوليفر مساء الأحد، حيث شاهدوا دخانا كثيفا وألسنة لهب تتصاعد من واجهة المبنى، بالإضافة إلى وجود أشخاص محاصرين في الداخل. وكان نحو 70 شخصا يقيمون في دار "غابرييل هاوس" للمسنين وقت اندلاع النيران في المبنى، وقد تحرك حوالي 50 عنصر إطفاء لإخماد الحريق. وأكد بايكن أن بعض المقيمين قضوا في موقع الحادث، وأضاف أنهم تمكنوا من إنقاذ ما لا يقل عن 12 شخصًا باستخدام سلالم الإطفاء. كما نُقل 5 من عناصر الإطفاء إلى المستشفى بعد تعرضهم لإصابات طفيفة، بحسب السلطات المحلية. في حين لا يزال سبب الحريق مجهولا وتُجرى تحقيقات بشأنه. وكتبت حاكمة ماساتشوستس مورا هيلي على موقع "إكس" أن تحقيقا معمقا يجري، مؤكدة قوة وصمود سكان فول ريفر وضرورة دعم بعضهم البعض في مواجهة "المأساة المروعة" مشيدة بالعمل "البطولي" لعناصر الإطفاء المحليين.

التمويل أولا.. اشتراطات مصرية للمشاركة في بعثة "السلام" بالصومال
التمويل أولا.. اشتراطات مصرية للمشاركة في بعثة "السلام" بالصومال

الجزيرة

timeمنذ 6 ساعات

  • الجزيرة

التمويل أولا.. اشتراطات مصرية للمشاركة في بعثة "السلام" بالصومال

القاهرة – تشهد عملية الاتحاد الأفريقي لدعم وتحقيق الاستقرار في الصومال"أوصوم" (AUSOM) أزمة تمويلية ولوجيستية معقدة، أثارت انتقادات القاهرة، وتساؤلات عن مستقبل الانخراط المصري المباشر في البعثة، وطبيعة وحجم القوات المشاركة. وكانت القاهرة قد أعلنت في ديسمبر/كانون الأول الماضي، عزمها المشاركة مدة 5 سنوات في البعثة التي بدأت مهامها الفعلية في يناير/كانون الثاني الماضي في الصومال خلفا لبعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية "أتميس" (ATMIS). وفي حين تواصل مصر مشاوراتها مع مقديشو في ترتيبات "الشراكة الإستراتيجية" الموقّعة مطلع العام الجاري، يبدو أنها لا تزال "مترددة" في الانخراط المباشر ضمن بعثة "أوصوم"، وفق مؤشرات وتصريحات رسمية وحديث خبيرين للجزيرة نت. إلى أي مدى يهدد غياب التمويل مشاركة مصر في بعثة "أوصوم"؟ لطالما دعت القاهرة إلى تأمين تمويل دولي "كاف ومستدام" لبعثة "أوصوم" في الصومال ، وشددت في أكثر من مناسبة -وفق الرئاسة والخارجية- على أن مشاركتها مرتبطة بفعالية البعثة وقدرتها على تنفيذ ولايتها. وفي هذا السياق، يرى الخبير في العلاقات الدولية والأمن القومي اللواء محمد عبد الواحد، أن غياب التمويل يهدد فعليا مشاركة بلاده، التي سبق أن هيأت نفسها لنشر 10 آلاف جندي ضمن البعثة، مشددا على أن بلاده قلقة للغاية تجاه أعباء تمويل المشاركة في البعثة. وعمل عبد الواحد منسقا لعملية المصالحة الصومالية على مدى عقدين من الزمن، وأشرف على اتفاق القاهرة (1997) الذي وضع الأسس الشاملة للمصالحة الصومالية آنذاك. وحذر من أن اعتماد الاتحاد الأفريقي على تمويلات المانحين من خارج القارة، خاصة أوروبا، عادة ما تشكل عائقا أمام نجاح بعثات حفظ السلام داخل القارة، كما أعاقت ضغوط المانحين أهداف الأفارقة، بما فيها مبادرة "إسكات البنادق" التي كان من المفترض أن تنتهي في 2020. وعن خيارات مصر تجاه معضلة تمويل "أوصوم"، يرجح اللواء عبد الواحد ثلاثة مسارات: انسحاب مصر من البعثة. تقليص عدد القوات المشاركة فيها. الاكتفاء بالتعاون الأمني الثنائي مع الصومال. وعن الأسباب التي قد تدفع القاهرة إلى اتخاذ أي من هذه المسارات، يشير إلى: صعوبة تحمل أي دولة بمفردها عبء تمويل ونشر قواتها. غياب الدعم الكافي للبعثة قد يعرقل توفير المساعدات اللوجيستية في بلد يعاني من دمار خلفته الحروب الأهلية، إضافة إلى إضعاف الفاعلية العملياتية للقوات المشاركة. المخاطر العالية التي قد تواجهها القوات المصرية المشاركة في العمليات ضد "تنظيم الشباب"، التابع لتنظيم القاعدة. قد تواجه القوات المصرية أيضا تصفية حسابات، سواء من إثيوبيا ، مع وجود جهات ودول ترفض الوجود العسكري المصري في الصومال، حسب قوله. ويتفق مساعد وزير الخارجية الأسبق للشؤون الأفريقية السفير صلاح حليمة مع الطرح السابق، مشددا على أهمية تذليل جهود التمويل، بالنظر إلى اعتبار المكون المصري جزءا أصيلا من البعثة. وعن معضلة التمويل، يشير حليمة -وهو نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية (غير حكومي)- إلى أنه لم يتم حلها في العموم بعد، قائلا، "إنها أزمة لا تخص مصر وحدها، ولا تزال ترتيبات التمويل الأفريقية والأممية مستمرة". هل وصلت عناصر مصرية إلى الصومال؟ رغم تأكيد القاهرة دعمها البعثة، لم تعلن بعد عن طبيعة مشاركتها العسكرية الفعلية، حيث لم يكشف الرئيس عبد الفتاح السيسي أو نظيره الصومالي حسن شيخ محمود ، في لقاء جمعهما أخيرا، ما إذا كانت قوات مصرية وصلت فعلا إلى الصومال أم لا. وحسب بيان للرئاسة المصرية الأسبوع الماضي، فقد ركز لقاء الرئيسين في مدينة العلمين المصرية على تعزيز التعاون الثنائي الأمني والعسكري، إلى جانب متابعة تنفيذ اتفاق الشراكة الإستراتيجية الموقع مطلع العام. وخلال اللقاء، طالب السيسي بأهمية التنسيق مع الشركاء الدوليين، وضمان توفير تمويل كافٍ، ومستدام، وقابل للتنبؤ لتلك البعثة، بما يمكنها من تنفيذ ولايتها على نحو فعال. في هذا السياق، يرجح اللواء عبد الواحد والسفير حليمة، وجود عناصر مصرية في الصومال في إطار الاتفاق الثنائي بين البلدين، وليس في إطار بعثة الاتحاد الأفريقي. ويعزز ذلك، وصول إمدادات ووفود عسكرية مصرية على متن طائرتين عسكريتين على الأقل إلى العاصمة مقديشو في أغسطس/آب الماضي، وسفينة حربية في الشهر التالي عليه، تزامنا مع توقيع بروتوكول التعاون العسكري بين البلدين. هل رفضت مصر المشاركة في "مهمتين تقييميتين" في الصومال قبل نشر البعثة؟ كشف تقرير نشره موقع "أفريكا إنتليجنس" (Africa Intelligence) الاستخباري الفرنسي، يوم الجمعة الماضي، عن تردد مصر في المشاركة في بعثة "أوصوم"، مشيرا إلى أنه من المرجح أن يطلب الاتحاد الأفريقي من القوات البوروندية البقاء دائما "إذا ظلت مصر مترددة في الانضمام". وبحسب التقرير رفض الجيش المصري المشاركة في "مهمتين تقييميتين" على الأقل في الصومال، كان من المفترض أن تسبقا عملية نشر البعثة المصرية، وعزا الموقع الفرنسي الأمر إلى أن القاهرة "لم تخف إحباطها إزاء العدد القليل من الجنود المخصصين ونقص التمويل". تعقيبا على ذلك، يعتقد اللواء عبد الواحد، أن القاهرة حين استشعرت دوافع دول كبرى (لم يسمّها) في التحكم بمسار بعثة "أوصوم"، فضلت النأي عن تقييم مهمتها وقواتها في البعثة، دون توفير دعم مالي ولوجيستي لهذه المهمة. وشدد على أنه تصرف مصري "سليم تماما"؛ مستشهدا بتقارير أممية وأفريقية تشير إلى وجود حاجة عاجلة لتأمين ما يقارب من 170 مليون دولار لدعم المهمة خلال عام واحد، وعليه من الصعب على مصر تحمل جزء من هذا العبء في ظل أزمتها الاقتصادية الراهنة. وكان مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، شدد في بيان في 3 يوليو/تموز الجاري، على ضرورة أن تقوم مفوضية الاتحاد بالتنسيق مع الأمم المتحدة لاستكمال عملية نشر القوات المصرية، كما دعا إلى توفير أشكال الدعم لاستمرار وجود القوات البوروندية. يوضح السفير حليمة أن الوجود المصري في الصومال يأتي في إطار بروتوكول الدفاع الثنائي المشترك بين دولتين عضوين في منظمتي الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية ، وجاء بناء على طلب صومالي. ويأتي هذا الوجود -بحسب المتحدث- في إطار الدعم المصري للصومال والحفاظ على سلامة أراضيه وأمنه الداخلي من الجماعات المسلحة من جهة، والانفصالية من جهة أخرى، مشيرا إلى أن "السلوك الإثيوبي" عزز من فرص تشكيل تحالف ثلاثي يجمع القاهرة وأسمرا ومقديشيو. وفي إشارة إلى إثيوبيا، شدد على أن هذا التحالف الثلاثي، يرفض وجود أيّ دولة غير مشاطئة على البحر الأحمر أو خليج عدن ، سواء عبر إقليم أرض الصومال الانفصالي أو غيره، حسب قوله. بدوره، يشير اللواء عبد الواحد إلى أهمية الوجود المصري في القرن الأفريقي لحفظ التوازن الإقليمي، في سياق الأهداف التالية: تعزيز حضور مصر كقوة إقليمية فاعلة. مراقبة النشاط الأمني في الإقليم، الذي يعاني هشاشة أمنية، وصراعات إقليمية ودولية، ونزاعات انفصالية، وفصائل إرهابية مسلحة. مجابهة النفوذ الإثيوبي لتوازن القوى بينها وبين شركاء مصر. مواجهة توظيف إثيوبيا للأمن المائي في المنطقة، الذي يضر بجميع جيرانها، إضافة إلى انخراطها بأزمات حدودية سواء في منطقة الفشقة بالسودان ، ومثلث بادمي مع إريتريا، وإقليم أوجادين مع الصومال، على حد تقدير اللواء عبد الواحد.

قيادي بالجهاد الإسلامي: لن نوقع اتفاق استسلام وحرب الاستنزاف في مصلحتنا
قيادي بالجهاد الإسلامي: لن نوقع اتفاق استسلام وحرب الاستنزاف في مصلحتنا

الجزيرة

timeمنذ 2 أيام

  • الجزيرة

قيادي بالجهاد الإسلامي: لن نوقع اتفاق استسلام وحرب الاستنزاف في مصلحتنا

لم تقدم الولايات المتحدة و إسرائيل اتفاق إطار يمكن التفاوض على أساسه لوقف إطلاق النار في قطاع غزة ، وإنما قدمتها مقترحا يعني استسلام المقاومة والتنازل عن 40% من مساحة القطاع، تمهيدا لتهجير سكانه نحو شبه جزيرة سيناء المصرية، وفق ما أكده محمد الهندي نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي. ولا تمتلك المقاومة كثيرا من الخيارات، لكنها لن تقبل بهذا المقترح الذي تحاول به إسرائيل تحقيق إنجاز على الأرض لم تتمكن من تحقيقه عسكريا، حسب ما قاله الهندي في مقابلة مع الجزيرة. ولم تقدم واشنطن وتل أبيب اتفاق إطار للتفاوض عليه كما تروجان، لكنهما قدمتا مقترح استسلام يمهد لحشر الفلسطينيين في غيتو صغير من أجل الدفع بهم نحو سيناء. ويدور المقترح الأميركي -الذي يحاول الوسطاء إدخال تعديلات عليه- حول إنشاء مدينة خيام على أنقاض رفح جنوبي القطاع، لتكون مركزا لتسليم المساعدات للفلسطينيين الذين قال الهندي إن إسرائيل تحاول حشرهم في غيتو من أجل الدفع بهم إلى سيناء. وتمارس الولايات المتحدة وإسرائيل -حسب نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي- حملة تضليل واسعة بالحديث عن وجود اتفاق وتحديد مواعيد محتملة لإعلان الصفقة، حتى يمكنهما لاحقا تحميل الفلسطينيين مسؤولية إفشال المفاوضات. ولم تصل المفاوضات لمرحلة مناقشة تفاصيل، لأنها لا تزال متوقفة عند اتفاق الإطار الذي يفترض أن يتم التفاوض على أساسه، والذي أكد الهندي أن المقاومة لن تقبل به ما لم يتضمن وقف الحرب والانسحاب من القطاع وتقديم المساعدات بطريقة غير التي تريدها إسرائيل. وتمثل هذه المطالب الثلاثة الرئيسية معضلة، حسب الهندي، لأن المقاومة لن تثق بالضمانة الأميركية التي لم تحترمها إسرائيل في الهدنة السابقة، ولن تقبل أيضا ببقاء قوات الاحتلال في القطاع ولا بالإبقاء على آلية توزيع المساعدات الحالية التي تقدم الفلسطينيين "طعاما" لمقاتلات الاحتلال. ويحاول الأميركيون تأجيل الحديث عن انسحاب القوات الإسرائيلية، ويريدون بدلا من ذلك تركيز المفاوضات على الأسرى الإسرائيليين، وهو أمر لا يمكن القبول به، كما يقول نائب الأمين العام لحركة الجهاد. الاستنزاف في مصلحتنا ورغم محدودية الإمكانيات وفداحة الأثمان التي يدفعها الفلسطينيون جراء استمرار الحرب، فإن المقاومة -كما يقول الهندي- تعتقد أن الوقت والاستنزاف في مصلحتها، لأن مقاتليها يخوضون المواجهات وهم مصابون، بينما الإسرائيليون ينتحرون حتى لا يعودوا للقطاع مجدد. وقدمت المقاومة مرونة كبيرة في المفاوضات ولا تزال مستعدة لتقديم مزيد من المرونة، لكنها لن تقبل بالاستسلام أبدا، ولن توقع على اتفاق يشرعن قتل الفلسطينيين وتهجيرهم ويتنازل عن نصف مساحة القطاع لإسرائيل، حسب ما أكده الهندي. ويسعى الوسطاء لإدخال تعديلات على المقترح الحالي من أجل التوصل لاتفاق مقبول، لكن الإسرائيليين -وفق الهندي- لا يرغبون في وقف الحرب، وإنما يحاولون إداراتها لأنهم يحاصرون القطاع ولا يستطيعون التوغل فيه خشية تكبد مزيد من الخسائر. وترتكب إسرائيل مزيدا من الجرائم بحق الفلسطينيين على مدار الساعة بينما العالم يتفرج والدول العربية والإسلامية لا تفعل شيئا، وكأنها غير معنية بما يجري، وفق الهندي، الذي أكد أن كل العواصم ستكون مستباحة حال سقوط فلسطين. وواجهت قوات الاحتلال عمليات صعبة من في عدة مناطق بالقطاع خلال الأيام الماضية، ولقي عدد كبير من الجنود والضباط حتفهم في كمائن ومواجهات ببيت حانون والشجاعية شمالا وخان يونس جنوبا. واعترف الجيش الإسرائيلي بوقوع عدد من الكمائن التي يصفها بأنها "أحداث صعبة"، وأقر بمقتل عدد من الجنود والضباط في هذه الكمائن المركبة. وفي وقت سابق اليوم، أعلنت كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- و سرايا القدس -الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي- تدمير آليات إسرائيلية في القطاع، بينما بثت مواقع إسرائيلية صورا لإجلاء عدد من الجنود المصابين بمروحيات عسكرية إلى مستشفيات داخل إسرائيل. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن 4 جنود أُصيبوا إثر تفجير عبوة ناسفة بمركبة عسكرية إسرائيلية خلال توغل في خان يونس جنوبي القطاع، في حين أُصيب جندي آخر خلال اشتباكات شمالي غزة. وقالت مواقع إسرائيلية إن معارك عنيفة دارت خلال الساعات الماضية، بعضها جرى وجها لوجه في مناطق متعددة من قطاع غزة، وسط تصاعد لافت في وتيرة المواجهات وتكثيف لاستخدام سلاح العبوات والكمائن.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store