logo
إصابات واندلاع حرائق وتهجير جراء عنف المستوطنين بأنحاء الضفة

إصابات واندلاع حرائق وتهجير جراء عنف المستوطنين بأنحاء الضفة

الجزيرةمنذ 3 أيام
اندلعت مواجهات بين فلسطينيين ومستوطنين اليوم الجمعة على خلفية محاولة ناشطين تفكيك بؤرة استيطانية في بلدة سنجل شمال رام الله ، وسط الضفة الغربية المحتلة. كما أصيب 3 فلسطينيين إثر اعتداء نفذه مستوطنون على بلدة بيتا جنوبي نابلس شمالي الضفة.
وذكر شهود عيان أن عشرات المستوطنين هاجموا فعالية دعت إليها بلدية سنجل للوصول إلى أراض سيطر عليها مستوطنون قبل نحو شهر.
وأشار الشهود إلى أن الجيش الإسرائيلي تدخل لحماية المستوطنين وأطلق الرصاص الحي. وقالوا إن المستوطنين أضرموا النار في أراض زراعية، ورشقوا مركبات فلسطينية بالحجارة.
وفي وقت سابق اليوم، فكك ناشطون فلسطينيون بؤرة استيطانية أقامها إسرائيليون على أراضي بلدة سنجل.
وقال رئيس بلدية سنجل معتز طوافشة "اليوم دعَونا لفعالية شعبية بمشاركة أهالي البلدة وناشطين ومتضامنين، للوصول إلى البلدة التي مُنعنا منها منذ نحو شهر بفعل إقامة مستوطنين بؤرتين استيطانيتين".
وبيّن أن الناشطين استطاعوا الوصول إلى إحدى البؤر الاستيطانية وتفكيك كل الغرف التي شيدها المستوطنون من الصفيح والأخشاب.
وأكد طوافشة أن "هذه الأراضي ملك لأهالي بلدتي سنجل والمزرعة الشرقية وتقع ضمن الأراضي المصنفة (أ) حسب اتفاق أوسلو ويملك السكان فيها أوراقا رسمية وطابو يعود للعهد الأردني (1948-1967) في الضفة الغربية".
وأوضح أن المستوطنين شيدوا بؤرا استيطانية قبل شهر على تلك الأراضي ومنعوا المواطنين والمزارعين من الوصول إليها بحماية من الجيش الإسرائيلي.
وقدّر مساحة الأراضي بحوالي ألف دونم، وجميعها مزروعة بأشجار الزيتون واللوزيات والمحاصيل الحقلية (حبوب، وخضار)، وفيها شوارع معبدة، وغرف زراعية.
وصنفت اتفاقية أوسلو 2 (1995) أراضي الضفة 3 مناطق: مناطق (أ) تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة، و(ب) تخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية ومدنية وإدارية فلسطينية، و(ج) تخضع لسيطرة مدنية وإدارية وأمنية إسرائيلية وتشكل الأخيرة نحو 61 بالمئة من مساحة الضفة.
وقد شهدت بلدة سنجل مظاهرة نظمتها فعاليات شعبية وطنية من قرى عدة شمال وشرق رام الله وبمشاركة وفود دولية بهدف تسليط الضوء على مخاطر الاستيطان في الأراضي الفلسطينية.
وأكدت مصادر فلسطينية للجزيرة إغلاق مستوطنين بالحجارة طرق تلال بلدة سنجل شمال رام الله وإضرام النيران في بعض الأراضي.
إصابات
من ناحية أخرى، أصيب 3 فلسطينيين إثر اعتداء نفذه مستوطنون على بلدة بيتا جنوبي نابلس في شمال الضفة الغربية المحتلة.
وذكرت مصادر محلية أن مجموعة من المستوطنين هاجموا منطقة جبل قُماص، وحاولوا إحراق أحد المنازل، قبل أن يتصدى لهم الأهالي.
كما اقتحمت قوات الاحتلال البلدة، وأطلقت وابلا من قنابل الغاز المسيل للدموع.
وفي الخليل جنوبا، أفادت مصادر للجزيرة بأن مستوطنين نصبوا خيمة على أرضٍ في قرية سوسيا.
كما أطلق أحد المستوطنين مواشيه في خِربة أم الخير بمسافر يطا واعتدى على ممتلكات بعض سكان القرية.
وقد تجمع فلسطينيون في محيط خيمة المستوطنين في سوسيا قبل أن تقوم الشرطة الإسرائيلية بإزالتها.
نزوح قسري
من جهتها، قالت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان إن إجبار العائلات في تجمع عرب المليحات شمال غرب أريحا على النزوح قسرا يأتي ضمن خطة يقودها الوزيران بتسلئيل سموتريتش و إيتمار بن غفير لتهويد منطقة المعرجات التي تعد منطقة إستراتيجية.
وقالت الهيئة إن اضطرار العائلات إلى النزوح قسرا جاء تحت ضغط وإرهاب المستوطنين المسلحين وبحماية جيش الاحتلال لافتة إلى تصاعد الاعتداءات منذ بدء العدوان على غزة.
ودعت الهيئة كلا من الفصائل والمؤسسات والعائلات للتحرك العاجل وعدم ترك التجمعات البدوية وحدها، خصوصا مع ارتفاع منسوب الخطر على حياة الفلسطينيين بفعل إطلاق النار والاعتداءات المتكررة داعية لإحياء المقاومة الشعبية.
وقال مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إن تصاعد عنف المستوطنين في الضفة الغربية يفاقم تهجير الفلسطينيين ويقيد وصولهم للمياه والموارد الأساسية.
وأضاف أن المستوطنين نفذوا نحو 740 هجوما في النصف الأول من العام الجاري استهدفت أكثر من 200 تجمع فلسطيني في الضفة.
وكشف المكتب أن هجمات المستوطنين في الضفة أسفرت عن أضرار واسعة وإصابة 340 فلسطينيا.
يشار إلى أن الجيش الإسرائيلي والمستوطنين صعدوا -بالتوازي مع الإبادة بقطاع غزة – اعتداءاتهم في الضفة، بما فيها القدس الشرقية، مما أدى إلى استشهاد 989 فلسطينيا على الأقل، وإصابة نحو 7 آلاف آخرين، واعتقال أكثر من 17 ألفا و500، وفق معطيات فلسطينية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

فكرة إمارة الخليل تعيد فشل مشروع روابط القرى
فكرة إمارة الخليل تعيد فشل مشروع روابط القرى

الجزيرة

timeمنذ 39 دقائق

  • الجزيرة

فكرة إمارة الخليل تعيد فشل مشروع روابط القرى

تبرأ وجهاء عشيرة الجعبري بمدينة الخليل من دعوة أحد المنتسبين إليها إلى إقامة إمارة مستقلة عن السلطة الفلسطينية وتعترف بإسرائيل دولة يهودية، في مقابلات له أمس السبت مع صحيفة جيروزاليم بوست، وتناولتها وول ستريت جورنال الأميركية. وكان الإعلام الإسرائيلي قد احتفل بتقرير للصحيفة ينسب إلى عدد من شيوخ مدينة الخليل طلبهم الانفصال عن السلطة الفلسطينية وإقامة إمارة مستقلة، وأعلنت الصحيفة هوية شخص واحد منهم هو وديع الجعبري، في حين امتنع غيره بدعوى الخوف على السلامة. وقال بيان العشيرة "إننا كعشيرة آل الجعبري نعلن براءتنا التامة واستنكارنا واستهجاننا لما أقدم عليه أحد أفراد العائلة غير المعروف لدى العشيرة وليس من سكان خليل الرحمن" مؤكدا التزام العشيرة بـ"الثوابت الإسلامية والوطنية وحقوق شعبنا في تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة". الاعتراف بيهودية الدولة ووفقا للصحيفة فقد وقع وديع الجعبري و4 ممن وصفتهم بأنهم من شيوخ الخليل البارزين رسالة موجهة إلى وزير الاقتصاد الإسرائيلي نير بركات، يتعهدون فيها بالسلام والاعتراف الكامل بإسرائيل دولة يهودية، ويطالبون بإنشاء إمارة خاصة بمحافظة الخليل، تنضم بدورها إلى اتفاقات التطبيع المعروفة باسم اتفاقات أبراهام. وتضيف الرسالة "تعترف إمارة الخليل بدولة إسرائيل دولة قومية للشعب اليهودي، وتعترف دولة إسرائيل بإمارة الخليل ممثلة للسكان العرب في قضاء الخليل". كما تقترح وضع جدول زمني للمفاوضات للانضمام إلى اتفاقيات أبراهام و"ترتيب عادل ولائق يحل محل اتفاقيات أوسلو التي لم تجلب سوى الدمار والموت والكوارث الاقتصادية والدمار" وجلبت "السلطة الفلسطينية الفاسدة، بدلًا من الاعتراف بالقيادة المحلية التقليدية الأصيلة". وفي الجانب الاقتصادي تطالب الرسالة، وفقا لما تنقله وول ستريت جورنال، بأن تسمح إسرائيل بإدخال ألف عامل من الخليل لفترة تجريبية، ثم 5 آلاف آخرين. وتتعهد الرسالة بـ"عدم التسامح مطلقًا مع إرهاب العمال، على عكس الوضع الحالي الذي تُشيد فيه السلطة الفلسطينية بالإرهابيين". ويرتبط الجعبري والعديد من نظرائه بعلاقة وثيقة بالوزير بركات الذي استضافهم في منزله مرات عديدة منذ فبراير/شباط الماضي -وفقا للصحيفة- والذي توسط لدى رئيس كريات أربع لمد خط مياه من المستوطنة إلى الخليل. كما يرتبطون بعلاقات مع قادة المستوطنين في الضفة، مثل يوسي داغان الذي يدعم خطة الجعبري ويعمل عليها. مشروع الإمارات الفلسطينية وتعود أصول فكرة المشروع -الذي تطرحه الرسالة- إلى مردخاي كيدار الباحث في الثقافة العربية بجامعة بار إيلان الإسرائيلية، الذي يروج منذ 20 عاما لفكرة "الإمارات الفلسطينية". وتقول الفكرة إن المدن الفلسطينية السبع في الضفة الغربية متمايزة ثقافيا، وتدار تاريخيا من قبل العشائر الرئيسية فيها، وفي سبيل إنجاح فكرة تفكيك الضفة التي يطرحها، التقى كيدار بوالد "وديع الجعبري" قبل 11 عاما. ويراهن كيدار وبركات على أن يكون نجاح المشروع في الخليل مقدمة لتعميمه على بقية مدن الضفة، والتي قد يكون في مقدمتها بيت لحم. مخاوف الاحتلال الأمنية ومقابل طموحات بركات وكيدار، تنقل وول ستريت جورنال عن مصادر سياسية وأمنية أن جهاز الأمن العام الإسرائيلي " الشاباك" يعتبر السلطةَ الفلسطينية أساسيةً في مكافحة أعمال المقاومة الفلسطينية بالضفة، وقد عارض "خطة الشيوخ" داخليًا. وتتزايد المخاوف من احتمال اندلاع عنف أو فوضى في مدن أخرى بالضفة، كما أعرب جيش الاحتلال عن مخاوفه، إذ يعتقد الكثيرون في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن عشائر الضفة مجزأة للغاية بحيث لا يمكنها الحكم أو مكافحة المقاومة الفلسطينية. وتنقل الصحيفة عن اللواء المتقاعد غادي شامني، الذي قاد القيادة المركزية لجيش الاحتلال من عام 2007 إلى 2009، قوله "كيف تتعامل مع عشرات العائلات المختلفة، كل منها مسلحة؟ وسيجد الجيش الإسرائيلي نفسه في مرمى النيران، وستكون فوضى عارمة وكارثة". ويرفض شامني فكرة أن "التطلعات الوطنية للفلسطينيين ستتلاشى ويمكنك التعامل مع كل عشيرة على حدة" وحسب رأيه "لا توجد طريقة للسيطرة على الضفة الغربية وإدارة الحياة هناك دون السلطة المركزية". التوقيت السياسي ويأتي الإعلان عن المشروع في توقيت يستبق لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، ويوفر بديلا نظريا عن حل الدولتين الذي لم يعد مقبولا لدى أي منهما. في حين تسعى دول أوروبية -في مقدمتها فرنسا- إلى إحياء مسار التفاوض بشأن حل الدولتين، وكانت باريس والسعودية قد أجلتا مؤتمرا مخصصا لهذه الغاية من موعده المقرر منتصف يونيو/حزيران الماضي إلى أجل غير مسمى بسبب اندلاع المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران. وتسعى إسرائيل إلى فرض بدائل عشائرية محلية في غزة منذ أشهر عديدة، من أبرزها مليشيا ياسر أبو شباب التي دعمتها في رفح، وزج الإعلام الإسرائيلي بأسماء عائلتي بربخ وحلس في سياق مشاريع مشابهة، وهو ما تبرأت منه العائلتان في بيانات وتصريحات صادرة عنها متهمة الاحتلال بالسعي للوقيعة والفتنة بين مكونات الشعب الفلسطيني. البيئة الاستعمارية وفي خلفية إخراج هذه الفكرة إلى العلن، تبرز الظروف الأمنية والاقتصادية التي يفرضها الاحتلال على الضفة منذ احتلالها، والتي تزايدت منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. ويفصل جيش الاحتلال المدن الفلسطينية عن بعضها، مما يقوض مختلف أشكال الخدمات والنشاط الاقتصادي، ويمنع العمال الفلسطينيين من العمل بالأراضي المحتلة عام 1948. إعلان وفي هذه البيئة تعاني الخليل وكبقية مدن الضفة من الفراغ الأمني، ونقص المياه وارتفاع نسب البطالة بين الشباب، وهو ما يعتمد عليه مشروع كيدار بركات لاستقطاب تأييد بعض الفلسطينيين لمشروع شبيه بمشروع "روابط القرى" العميلة للاحتلال في سبعينات وثمانينيات القرن الماضي. روابط القرى تعود فكرة "الروابط القروية" -وفقا لما تذكره الموسوعة الفلسطينية- إلى العام 1976، حين طرحها الحاكم العسكري لمدينة الخليل الجنرال يغئال كرمول، فالتقطها مناحيم ملسون مستشار الشؤون العربية بالحاكمية العسكرية للضفة وبدأ يدرسها إلى أن شرع ينفذها عملياً بعد التوقيع على اتفاقيات كامب ديفيد عام 1978، وما نصت عليه من إجراء مفاوضات لإقامة الحكم الذاتي الإداري بالضفة وقطاع غزة. وبالفعل تم الإعلان رسميا عن قيام "رابطة قرى محافظة الخليل" عام 1978، وحدد نظامها الأساسي غاياتها المعلنة في "حل المنازعات والخلافات بين السكان وتشجيع تنظيم الجمعيات التعاونية لمساعدة المزارعين لتحسين أوضاعهم الاقتصادية وتطوير أساليب الزراعة وتحديثها" وغير ذلك. لكن الغايات الحقيقية لهذه الرابطة والروابط التي تلتها كانت محاولة لإيجاد قيادة فلسطينية بديلة عن منظمة التحرير الفلسطينية تكون مستعدة لتأييد "كامب ديفيد" وقادرة على المشاركة في مفاوضات الحكم الذاتي وتنفيذ مخطط إسرائيل للإدارة المدنية وتولي المناصب أو المهام التي توكل إليها بهذا السياق. ويضاف إلى ذلك أن روابط القرى، اعتماداً على التجربة السابقة لسلطات الانتداب البريطانية، يمكن أن تحقق للاحتلال أهدافاً أخرى هامة من بينها تفتيت الوحدة الوطنية بالضفة بين الفلاحين والمدنيين وإحياء النعرات القديمة بين أبناء المدن والأرياف. وقد تعمدت سلطات الاحتلال وهي تعلن إنشاء أول رابطة للقرويين بمحافظة الخليل المجاهرة بإثارة هذه النعرات، إلا أن إعراض المواطنين من أبناء القرى عن هذه الرابطة وإحجامهم عن الانخراط فيها دفعا سلطات الاحتلال إلى سياسة الترهيب والترغيب مع القرويين لإنجاح الرابطة وإخراجها إلى حيز الوجود. وبالفعل قامت بالتلويح بتقديم فيض من التسهيلات للفلاحين ابتداء من جمع شمل العائلات وقضايا التسويق الزراعي والحصول على البدار بأسعار معتدلة، وانتهاء بتقديم المساعدات المادية لتنفيذ بعض مشاريع القرى والمجالس القروية، وقد أعطيت رابطة قرى الخليل دور الوسيط بين القرى وسلطات الحكم العسكري. غير أن مشاريع روابط القرى واجهت رفضا شعبيا واسعا، تمثل في المظاهرات واغتيال بعض المنخرطين فيها. ولما تم اغتيال يوسف الخطيب رئيس رابطة قرى رام الله أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 1981، عمدت سلطات الاحتلال إلى تسليح رؤساء وأعضاء روابط القرى ووفرت الحماية الأمنية لهم وزودتهم بالبنادق وعربات النقل وعربات الجيب العسكرية وأجهزة الاتصال تمهيداً لتحويلهم إلى عصابات ومليشيات مسلحة تنفذ الدور المنوط بها في مواجهة الشعب الفلسطيني. وبالفعل تحولت روابط القرى إلى مليشيات محلية تساعد قوات الاحتلال في أعمال العنف والقمع والتصدي للجماهير الفلسطينية، وعمدت إلى نصب الحواجز للسيارات واعتقال الوطنيين وإطلاق النار عليهم. وبالمقابل، استمرت المقاومة الشعبية القوية، وصولا إلى العام 1984، حين وصل قادة الاحتلال وفي مقدمتهم رئيس الوزراء إسحاق شامير ووزير الدفاع موشيه آرينز إلى قناعة بأن هذه الروابط فاشلة ولا يمكن أن تحقق مساعي إسرائيل، فتم الإعلان عن إنهاء التجربة بشكل رسمي في 10 مارس/آذار 1984. آفاق نجاح محدودة في ظل الرفض الشعبي والسياسي الفلسطيني المتوقع لمشروع إحياء روابط القرى، فإن فرص نجاحها تعد محدودة، إذ يظهر رفض أهل الخليل ارتباط اسمهم بمشروع من هذا القبيل، إضافة لتعارض المشروع مع مواقف مختلف الفصائل الفلسطينية على تباين أيديولوجياتها واصطفافاتها السياسية. إعلان غير أن هذا قد يشكل بالون اختبار وذخيرة سياسية لرئيس الوزراء الإسرائيلي في سياق مساعيه لتفادي أي ضغوط سياسية بشأن التعاطي مع حل الدولتين. كما يشكل وسيلة ضغط إضافية على السلطة الفلسطينية لإبداء المزيد من التعاون بشأن المطالب السياسية والأمنية الإسرائيلية في الحاضر والمستقبل.

سرايا القدس تقصف جنود وآليات الاحتلال المتوغلة في خان يونس
سرايا القدس تقصف جنود وآليات الاحتلال المتوغلة في خان يونس

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

سرايا القدس تقصف جنود وآليات الاحتلال المتوغلة في خان يونس

بثت سرايا القدس -الجناح العسكري ل حركة الجهاد الإسلامي – مشاهد فيديو توثق قصف عناصرها بالاشتراك مع لواء العامودي تجمعات جنود وآليات الاحتلال المتوغلين في مدينة خان يونس بقذائف الهاون. وكانت السرايا قد بثت أول أمس السبت، مشاهد توثق تفجير عبوة ناسفة بآلية عسكرية إسرائيلية والاستيلاء على طائرات مسيّرة شرق مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة. وأظهرت المشاهد صورا لمقاتلي السرايا وهم يخرجون من فوهة نفق ويزرعون عبوة ناسفة بين ركام أحد المباني، ثم لحظة تفجيرها بآلية عسكرية إسرائيلية كانت تتقدم في المنطقة، مما أدى لانفجارها. كما عرض المقطع صورا لطائرات مسيّرة قالت السرايا إنها استولت عليها، وهي في حالة جيدة. وبثت الجزيرة الجمعة الماضية مشاهد حصرية توثق كمينا مركبا ونوعيا نفذه مقاتلو سرايا القدس ضد رتل للجيش الإسرائيلي في مربع الهدى بشرق الشجاعية ، الأربعاء الماضي، بدأ بتفجير عبوات مضادة للدروع استهدفت الآليات المتوغلة في المنطقة. ودأبت فصائل المقاومة في غزة على توثيق عملياتها ضد قوات جيش الاحتلال وآلياته في مختلف محاور القتال منذ بدء العملية البرية الإسرائيلية في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وظهرت خلال المقاطع المصورة تفاصيل كثيرة عن العمليات التي نُفذت ضد قوات الاحتلال. كما دأبت على نصب كمائن محكمة ناجحة ضد جيش الاحتلال كبّدته خسائر بشرية كبيرة، فضلا عن تدمير مئات الآليات العسكرية وإعطابها، إضافة إلى قصف مدن ومستوطنات إسرائيلية بصواريخ متوسطة وبعيدة المدى.

"حدث أمني صعب في غزة".. ما سر تكرار هذه الجملة مؤخرا؟
"حدث أمني صعب في غزة".. ما سر تكرار هذه الجملة مؤخرا؟

الجزيرة

timeمنذ 3 ساعات

  • الجزيرة

"حدث أمني صعب في غزة".. ما سر تكرار هذه الجملة مؤخرا؟

في الخامس من يوليو/تموز الحالي بثت الجزيرة لقطات حصرية لكمينين نفذتهما كتائب القسام ، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، ضمن سلسلة عمليات " حجارة داود"، أسفرا عن مقتل جنود إسرائيليين وتدمير دبابات وآليات عسكرية. وتأتي عملية "حجارة داود" ردا على عمليات "عربات جدعون" الإسرائيلية ويستلهم الاسم رمزية انتصار النبي داود بالمقلاع والحجر على خصمه جالوت المترس بالسلاح والعتاد. وقعت المواجهات في المحور الأوسط لخان يونس (منطقة المحطة)، حيث نفذت قوة خاصة من القسام هجوما مباشرا على تشكيل مدرع إسرائيلي يضم دبابات ميركافا وناقلات جند. بدأ الأمر مع تسلل 4 مقاتلين قساميين بعبوات ناسفة من طراز شواظ وقذائف مضادة للدروع "ياسين-105" عبر مناطق مدمرة لتأمين الاقتراب إلى الهدف. وأثناء الاشتباك، جرى تدمير دبابة ميركافا بعبوة شواظ فُجرت من مسافة صفر، أعقب ذلك ضرب ناقلة جند بقذيفة الياسين، قبل الاشتباك بأسلحة خفيفة مع قوة إنقاذ إسرائيلية وصلت للموقع. وبعد ذلك، نفذت مجموعة المقاومين انسحابا تكتيكيا تحت نيران كثيفة مع المحافظة على سلامة جميع العناصر، وهو ما يعكس انضباطا صارما وتنسيقا دقيقا في مسرح العمليات. وقد شهدت المرحلة الماضية تصاعدا ملحوظا في عمليات المقاومة التي رفعت حصيلة القتلى والمصابين في جنود جيش الاحتلال، حتى أصبحت جملة "حدث أمني صعب في غزة" مألوفة في الأيام القليلة الماضية. فما الإستراتيجية التي تتبعها فصائل المقاومة في هذه المرحلة الحرجة من الحرب؟ كمائن معقدة مركبة يمكن القول بلا مبالغة إن الكمائن في غزة هي مفتاح إستراتيجية المقاومة طوال الأشهر الطويلة للحرب الجارية. ويُعرف الكمين في العلوم العسكرية بأنه عمل هجومي مخطط له تنفذه فرقة متخفية من الجنود ضد هدف ثابت أو متحرك. إعلان ورغم أن الكمائن والاشتباكات كثيرا ما تبدو ارتجالية في "ظاهرها" فإن الحقيقة على خلاف ذلك تماما. فكل عملية ناجحة تتطلب جهدا استخباراتيا فعالا، يعبّد الطريق لفهم تحركات الخصم، ويمهد السبيل للتعرف على نقاط ضعفه وأساليبه في الانتشار. ويعضد من فعالية جمع المعلومات دراية المقاومة بـ"الطبوغرافيا" التي غالبا ما تلعب لصالح أبناء الأرض، ولا تبخل عليهم بمزيّة توظيف التضاريس الموجودة لتوجيه قوة الاحتلال إلى مناطق الكمائن الرخوة التي يتم استهدافهم فيها. يبدأ الأمر عندما يطلب قائد الفرقة القتالية المسؤولة عن صنع الفخاخ من فريق الاستخبارات معلومات مفصلة عن حجم وتكوين وحدة الخصم المستهدفة والأسلحة والمعدات المصاحبة لها، ومسارها واتجاه حركتها وأماكن وجودها في مختلف الأوقات، حيث يتم تقسيم خط سير الوحدة إلى نقاط محددة على طول الطريق. بعد ذلك، تشرع المجموعة المكلَّفة بصنع الكمين في اختيار أنسب المواقع للكمون، وغالبا ما يكون جنود المقاومة في مكان متخفٍّ يتيح لهم إمكانية الرصد. ويتم التنبؤ وأحيانا التحكم في حركة جنود الاحتلال، عبر العوائق والمناورات المدروسة لتوجيههم إلى منطقة محددة دون دراية منهم. وفي أثناء ذلك توزع المهام على الجنود بحيث يشمل الكمين أكثر من ضربة بمختلف الأسلحة (أسلحة خفيفة وعبوات ناسفة بهدف إيقاف قافلة الجنود عن الحركة، وقاذفة الياسين لاصطياد الآليات) وأكثر من منطقة قتل، وأخيرا يجري توفير ملاذ آمن للمقاومين كي يتمكنوا من الانسحاب وتأمين سلاحهم بعد تنفيذ ضرباتهم. وقد قرأ عدد من المحللين العسكريين هذا التصاعد في وتيرة عمليات المقاومة في رغبة فصائل المقاومة زيادة الضغط العسكري للوصول إلى صيغة اتفاق مرضية في ظل المفاوضات الجارية بشأن وقف إطلاق النار، إذ تعوّل إسرائيل على وتيرة قصفها وتدميرها اليومي وما يخلّفه ذلك من قتلى وجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة لتزايد المجاعة في ظل انهيار البنية التحتية وإطباق الحصار العسكري والاقتصادي على القطاع، كل تلك العوامل تعول إسرائيل على أن تشكل عوامل ضغط على المقاومة لتحقيق تنازلات جوهرية في صيغة الاتفاق المزمع النقاش حوله. أسلحة رخيصة لكن فعالة من المهم لمن يتابع هذه القضايا أن يعرف أنه ليس من الدقة عقد مقارنات بسيطة بين سلاح وسلاح، أو جيش وجيش، حيث يجب أن تكون مقارنة الأسلحة ببعضها في إطار وظائفها في مسرح العمليات والمشهد السياسي الأوسع. وفي كتابه "مقدمة للإستراتيجية" يقول أندريه بوفري، وقد كان إستراتيجيا عسكريا فرنسيا حاصلا على رتبة جنرال الجيش (4 نجوم) قبل تقاعده في عام 1961، إن فن الإستراتيجية "يتمثل في اختيار أنسب الوسائل المتاحة والجمع بينها لإنتاج ضغط نفسي كافٍ لتحقيق التأثير المطلوب". يعني ذلك أنه في سياقات حربية معينة، غالبا ما يتمكن الفريق الأضعف من ناحية العتاد من استخدام أسلحة أرخص نسبيا لكنها فعالة في تحقيق أهدافها، مثلا في هذا النوع من الكمائن في غزة، عادة ما تستخدم كتائب القسام العبوات الناسفة أو "الأجهزة المتفجرة المرتجلة"، وهي قنابل محلية الصنع تحتوي على مزيج من المواد المتفجرة الأولية. تستخدم القوات العسكرية غير النظامية عادة هذه العبوات، وتُعَدُّ فعالة للغاية ضد قوة عسكرية تقليدية، قد تُستخدم في الكمائن على جانب الطريق بحيث تعترض القوات المهاجمة أو خطوط إمدادها، ويكون تركيبها في المداخل أو المباني لضرب فرق الجنود، أو قد يكون تركيبها على العربات والدبابات لتدميرها، ويمكن إسقاطها من مسيرات، والواقع أن المقاومة استغلتها في كل تلك النطاقات تقريبا بمستويات. الشحنة المتفجرة لهذا النوع من القنابل يمكن الحصول عليها من أي مكون عسكري، بما في ذلك المدفعية، أو قذائف الهاون أو القنابل الجوية أو أنواع معينة من الأسمدة المحلية مع مادة "تي إن تي" المتفجرة، أو أي شيء من هذا القبيل، ولذلك فهي مرنة وسهلة التصنيع بالنسبة للمقاومة، كما أن هناك طرقا لا حصر له لبنائها، ويمكن تطويعها لأي غرض بحسب المهمة، فتتمكَّن من اختراق الدروع وهدم المباني وضرب الجنود. وإلى جانب ذلك، تُظهِر العبوات الناسفة درجة كبيرة من التباين في طريقة التفجير، فإما أن تكون عبوة ناسفة بدائية الصنع ويكون تفعيلها بواسطة مفتاح ضغط لتشبه اللغم الأرضي، أو قد يكون المشغل معقدا للغاية، فيعمل عن طريق إشارة الترددات الراديوية التي يؤقِّتها ويُطلقها فرد يراقب الهدف، أو ربما يقوم أحد الأفراد بإلصاقها على المدرعة أو الدبابة مباشرة، كما يحدث في حالة المقاومة الفلسطينية. أضف إلى ذلك نوعا جديدا من العبوات الناسفة تستخدمه كتائب القسام، وهو العبوات النافذة أو العبوات الناسفة الخارقة للدروع (Explosively formed penetrator)، التي أطلقت عليها القسام اسمه عبوة شواظ ، وهي صورة أكثر تعقيدا وتركيبا من العبوات الناسفة تُمثِّل تطورا مهما في هذا النطاق. عادة ما يكون غطاء هذه العبوة المعدني مقعرا ويتكون من الفولاذ أو النحاس، يؤدي هذا التقعر فيزيائيا إلى تركيز طاقة الانفجار في اتجاه معين دقيق يخلق تيارا من المعدن المنصهر الذي يمكنه أن يخترق الدروع بسرعة تصل إلى آلاف الأمتار في الثانية الواحدة، الأمر الذي يساعد في اختراق أقوى الدروع في العالم حاليا، وفي العراق مثلا أثناء غزو قوات التحالف، تمكنت هذه العبوات الناسفة من اختراق المركبات المدرعة الثقيلة ودبابات أبرامز، التي تُعَدُّ دبابات القتال الرئيسية في جيش الولايات المتحدة. من المهم الإشارة أيضا أن قذائف الياسين من عيار 105 ملم تلعب الدور نفسه، فهي مصممة بشكل خاص لمعارك الدبابات، التي تعد السلاح الرئيسي للقوة البرية الإسرائيلية. وتمتلك قذائف الياسين "رأسا حربيا ترادفيا" بما يعني أن هناك مرحلتين من المواد المتفجرة. الأولى: عبارة عن شحنة متفجرة صغيرة تهدف إلى تنشيط الدرع التفاعلي للهدف، وهو نوع من الدروع التي تنفجر للخارج لمواجهة القذيفة القادمة فيتمكن من توجيه كامل قوتها الانفجارية إلى الخارج وليس إلى داخل الدبابة أو العربة المدرعة. أما المرحلة الثانية: فهي عبارة عن شحنة متفجرة أكبر تتبع الأولى، وتستغل الاختراق أو الفجوة التي حدثت في الدرع التفاعلي، ثم تفرغ كامل قوتها إلى داخل العربة المدرعة أو الدبابة. تُعد قذائف الياسين تطورا نوعيا للمقاومة، فهي رخيصة التكلفة، كما أنها سهلة في الاستخدام، ويمكن لرجل واحد التدرب عليها والقتال بها مباشرة، والأهم مما سبق أنها مُصنّعة محليا، مما يعني إمكانية توفيرها بأعداد كبيرة. ومع ذلك، فإن امتلاك السلاح الجيد ليس أهم عوامل النجاح، بل كيفية توظيفه عملياتيا على النحو الأمثل، مصحوبا بقوة المقاتل نفسه وصلابته النفسية. يمكننا ملاحظة ذلك في التطور الواضح لقدرة المقاومة على استهداف الدبابات الإسرائيلية، من خلال تسديد ضربات قاتلة في نقاط ضعفها الأساسية. يظهر هذا التطور في المقاطع التي بثها القسام طوال فترة الحرب، حيث تستهدف الدبابة بشكل أساسي عبر 3 نقاط قاتلة: نقطة المحرك في مقدمة الدبابة ويتسبب ضربها في توقفها عن العمل، وربما تصل نيران الفدائي إلى قائد الدبابة الذي يجلس إلى جوار المحرك. مؤخرة الدبابة (المكان الذي يخرج منه الجنود) مما يحيد القوة العاملة للدبابة، خاصة مع احتوائه على مخزن الذخيرة. المنطقة الفاصلة بين برج الدبابة الذي يحتوي على المدفع الرئيسي وبدن الدبابة. كانت كل هذه النقاط في مرمى قذائف المقاومة. وكما تُظهر الصور التي تنتشر على وسائل التواصل لدبابات الميركافا المحطمة، غالبا ما تظهر الإصابات في واحدة على الأقل من هذه المناطق الثلاث. لاحظ هنا أن الميركافا ليست لعبة أطفال أو مجرد شاحنة تجري على الطرق، بل هي جزء من فريق متفوق تقنيا، مدعّم من الجو بالمسيرات التي تدرس المواقع وتحللها عبر الذكاء الاصطناعي، ويمضي في تشكيلات قتالية معقدة توفر حماية من كل الجهات. وبالتبعية فإن استهدافها بهذه الدقة يتطلب تنسيقا بين القوات، فعنصر الاستخبارات يعطي البيانات لإدارة المعركة، التي بدورها تعدّ خطة ومن ثم توزع الأهداف على جنودها، الذين يعملون بتناغم ملحوظ. حرب غير نظامية ما سبق يجيب جزئيا عن سؤال مهم وهو كيف تمكنت كتائب القسام، التي تمتلك عددا من الجنود يناهز بالكاد 5% من عدد جنود جيش الاحتلال، بلا دبابات أو طائرات، مع كم أقل من كل أنواع السلاح، أن تقف بثبات ضد تلك الحملة لكل تلك الفترة؟ ويعد مفهوم "الإستراتيجية غير المباشرة" أحد المناظير المهمة للجواب عن هذا التساؤل. بحسب جونيلا إيريكسون وأولريكا باتيرسون من قسم الدراسات العسكرية في الجامعة الوطنية السويدية لعلوم الدفاع العسكري في كتابهما "العمليات الخاصة من منظور القوى الصغيرة"، فإن مفهوم الإستراتيجية غير المباشرة مبني على عدة مناورات تهدف إلى خلق أقصى قدر من الحرية لمقاتلي القوى الأصغر، مع حرمان الخصم من الحرية نفسها في عدة عوامل هي القوة المادية والمعنوية والزمن. أحد الطرق الفعالة في هذا السياق هي "طريقة التآكل"، التي لا تعتمد على تحقيق النصر العسكري الحاسم، بل على جعل الصراع مكلفا للغاية بالنسبة للعدو من ناحية عسكرية واقتصادية وسياسية. ويرى المتخصصون في هذا النطاق أن الإستراتيجية العسكرية في سياق هذا النوع من الحروب يجب أن تعتمد مزيجا من الأسلوب الدفاعي (لمنع تقدم الخصم) وهجومي (لتحقيق التفوق النفسي) الذي يعتمد على الحركة العالية والإغارة. يندرج ذلك تحت باب أوسع أساليب القتال الحديثة يعرف بـ"الحرب غير النظامية"، وهي نوع من الحروب لا تعتمد على الجيوش النظامية الكبيرة التي تمتلك دبابات وطائرات ووحدات تقليدية، بل تعتمد على قوات صغيرة غير تقليدية هدفها إضعاف قوة أكبر وأفضل تجهيزا عبر ضربات مفاجئة وتكتيكات مرنة بدلا من المواجهة المباشرة. وتعد الكمائن أحد الأدوات المهمة في هذا النوع من الحروب، وهي تقوم على شن هجمات مباغتة على قوافل أو دوريات عسكرية ثم الانسحاب السريع، مستغلة تضاريس الطبيعة من جبال ومدن وأنفاق، إلى جانب العمليات النفسية، التي تتضمن نشر الرعب والخوف في صفوف العدو عبر ضربات غير متوقعة. وعادة ما تطور القوى الصغيرة نفسها في سياقات دفاعية، لأن هذه القوى أقرب بداهة للتعرض للغزو من القيام به، ولذلك تهتم القوة الأضعف من ناحية العدد والعتاد بتدريب جنودها في سياق حرب حضرية، أي الحرب التي تحدث في المدن. ولحسن الحظ فإن هذا النوع من الحروب يقف إلى جانب المدافعين، لأن العديد من الهياكل المادية توفر مواقع دفاعية فورية ذات جودة عسكرية ممتازة، أضف لذلك أنه يمكن للمقاومين تخزين الموارد وإخفاء العتاد بسهولة. أضف إلى ذلك أن التضاريس الحضرية تقلل من قدرات المهاجمين في مجالات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، حيث لا يمكن للمسيرات مثلا اختراق الجدران لتبيان أدوات وتحركات المقاومة في مناطق بعينها وإرشاد القوات الغازية إليها، وفي النهاية فإنه يمكن للمدافع رؤية المهاجم القادم والاشتباك معه، لأن المهاجم لديه غطاء محدود، ورغم كل التقنيات التي تتمتع بها الجيوش الأكثر تقدما في العالم ففي الهجوم على المدينة يمكن أن يُشكِّل عبور الشارع أحد أكبر المخاطر على حياة الجنود المُهاجمين. إلى الآن لا تزال التضاريس الحضرية هي أكبر مشكلات الجيوش المعاصرة من ستالينغراد إلى غروزني ومن مقديشو إلى الفلوجة، وهي تخدم المدافعين وتسمح لهم بتشكيل موقع المعركة بمرونة شديدة، ليفرضوا قواعدهم عليها لا العكس. وهي السر في تمكُّن المقاومة في غزة من التخفي وبناء كمائن معقدة متعددة. أضف إلى ذلك أن التضاريس الحضرية ببساطة تمنع الدبابات من التقدم، وتفرض على جنود الاحتلال في مرحلة ما النزول إلى أرض المعركة في قتال كلاسيكي (رجل لرجل). المقاومة لا تزال تقاتل عند هذه النقطة ربما علينا أن نتساءل: كيف تستمر القسام في إدارة معركتها وتحقيق ضربات كبيرة رغم ما حدث من تفتت للقيادة وتفرق للمجموعات خلال أشهر الحرب الطويلة؟ لا يتفق الباحثون على رأي واحد في تحليل الشكل الذي تدير به القسام عملياتها، فمثلا في ورقة بحثية نشرت في يوليو/ تموز 2024 في مجلة الدراسات الفلسطينية يوضح الباحث طارق حمود أنه يتعين فهم حماس بشكل عام (سياسيا وعسكريا) على أنها كيان شبكي لا مركزي أكثر من كونها منظمة مركزية هرمية، وأن القمع الإسرائيلي المتزايد هو الذي دفع قيادتها إلى اللامركزية في العمليات، لأن إسرائيل كانت دائما ما تركز على القادة، والحل لمواجهة هذه الاستهدافات أن تكون القيادة مقسمة على أكبر عدد من المسؤولين. يتفق مع ذلك بلال صعب، وهو زميل مشارك في مؤسسة تشاتام هاوس البحثية في لندن حينما يقول في تصريحات لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية إن حماس تتبع نهجا يتلخص بشكل أساسي في إلحاق الضرر العسكري بالإسرائيليين قدر الإمكان، باستخدام مزيج من القوات الهجينة والتقليدية، مضيفا أن عملياتها "لامركزية للغاية، وهناك نوع من الهيكل العسكري الخلوي، حيث تعمل كل فرقة بمفردها". وما يتفق عليه الجميع في هذا السياق، هو أنه مهما أصاب وحدات المقاومة خلال المعارك، ومهما كانت أهمية الوحدات المصابة في إدارة العمليات على الأرض، فإن الهيكل العام يظل سليما، مما يسمح باستمرار القتال طوال الوقت، حتى مع انخفاض التنظيم في الهيكل العسكري على المستوى الكبير. يشبه ذلك، على سبيل التقريب، توزيع الجهاز العصبي في بعض من الكائنات البحرية، بالنسبة لنا كبشر فإن هناك دائما دماغ يتحكم في كل شيء ولو توقف لتوقف جسمنا كله، لكن تلك الكائنات يمكنها العمل مع أية إصابة لأي من أجزاء جسمها، فلو قطع أحدها لنما ليصبح كائنا كاملا. في ضوء هذه الهيكلية، يرى بيتر كونشاك، الضابط في الجيش الأميركي والباحث من مؤسسة لايبر البحثية يقول في ورقة نشرت أغسطس/ آب الماضي 2023 إن هزيمة حماس لن تتحقق فقط عبر استنزاف أفراد الخط الأمامي وعزل قوات حماس القتالية النظامية عن مصادر التعزيز والإمداد، بل كذلك هناك حاجة إلى تفتيت كل الوصلات بين شبكة وحدات المقاتلين، وصولا إلى المجموعات الأصغر التي تعمل كخلايا مكتفية ذاتيا إلى حد كبير، ولا حاجة لها في بعض الأحيان إلى التواصل مع القيادة لأجل تنفيذ القرار. من هذا المنظور، يمكن لنا النظر إلى كتائب القسام في شكلها الذي دخلت به السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 باعتبارها جماعة مسلحة تمتلك في جانب منها قدرات الفصائل غير النظامية، وفي جانب آخر تمتلك صفات الحكومة والقوة المسلحة التقليدية، وبالتالي فإنها تظل تمتلك هيكلية متماسكة تحت الضربات القوية، لكن مع السماح في الوقت نفسه للوحدات الأصغر باتخاذ قرارات في مستوى أوسع بفارق واضح من وحدات الجيوش النظامية. هذا النوع من التوسط بين الحالة اللامركزية والحالة الأقرب للمركزية يسمح للقوة المسلحة بتجاوز أهم تحديات اللامركزية، وهو الافتقار إلى التماسك أو الاستراتيجية الموحدة، الأمر الذي يمكن أن يسفر عن اتجاه وحدات مختلفة نحو تحقيق أهداف مختلفة، أو اتباع تكتيكات متضاربة، مما قد يؤدي إلى إضعاف الفعالية الإجمالية للقوة. وفي الوقت نفسه كلما أصبحت الأمور أعقد وأصعب توجهت تلك الوحدات إلى نمط لامركزي، للحفاظ على وتيرة القتال. بمعنى أوضح، في حال انقطاع الاتصال مع أي من نقاط القيادة، سواء العليا أو المحلية أو حتى قيادة الفرق، أو فقدان القدرة على الوصول إلى الإمدادات، فإن جنود الوحدات الأصغر مدربون على التعامل بشكل مستقل تماما (بناء الخطط وتنفيذها واتخاذ القرارات) لتحقيق الهدف الأساسي، وهو إيقاع أكبر قدر ممكن من الخسائر في صفوف جيش الاحتلال. والواقع أن الحرب غير النظامية تفرض على المقاومة التصرف بسرعة في سياق ما هو متاح من بيانات، لأن الهدف هو التحكم في توقيت المعركة بحيث تكون وحدات المقاومة هي التي تبدأها وتنهيها، وهذا هو بالأساس معنى الحرب غير النظامية، حيث أن القوة الأضعف تقنيا تحرص على تحقيق أفضل استثمار ممكن فيما هو متاح من أدوات لإيقاع خسائر في صفوف القوة الأقوى تقنيا بدون الحاجة لمواجهات مباشرة مع التقنيات النظامية، كالدبابات والطائرات، التي تسمح بتفوق نوعي على الأرض لو كانت المعركة تقليدية. ولنأخذ مثالا من أرض الواقع، وهو هجمات الكر والفر، فرغم أن هجمات كتائب القسام من هذا النوع باتت أكثر تطورا وتعقيدا وتركيبا، من حيث كونها تستخدم أسلحة متنوعة وجهات ضرب مختلفة، فإنها تظل معتمدة بشكل كبير على قيام مجموعة صغيرة من المقاتلين ببناء خطة سريعة لاستهداف فرقة تمر في هذا المكان أو ذاك في لحظة محددة. يحدث ذلك لأن الوحدات الصغيرة المستقلة باتت قادرة على ابتكار تكتيكات خاصة للتلاؤم مع بيئات محددة أو استهداف نقاط ضعف العدو التي ظهرت في سياق حدث بعينه، مما يجعل هجماتها أكثر فعالية وأقل قابلية للتنبؤ في الآن ذاته.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store