logo
"فولكسفاغن دو برازيل" ـ صفقات مظلمة خلال فترة الدكتاتورية – DW – 2025/6/16

"فولكسفاغن دو برازيل" ـ صفقات مظلمة خلال فترة الدكتاتورية – DW – 2025/6/16

DW١٦-٠٦-٢٠٢٥

منذ عقود، شكلت شركة السيارات فولكس فاغن قصة نجاح صناعي في البرازيل. لكن هذا النجاح يخفي خلفه تاريخا من التعاون مع الديكتاتورية وانتهاك حقوق العمال. اليوم، تعود الأسئلة القديمة إلى الواجهة مع تجدد استثمارات الشركة.
يحاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إعادة عقارب الساعة إلى الوراء وإجبار الشركات الدولية على الإنتاج في الولايات المتحدة الأمريكية من خلال سياسة الرسوم الجمركية التي يتبعها. تنشط العديد من الشركات بالفعل في الخارج من أجل الاستفادة من انخفاض الأجور في معظم الحالات في "البلد المضيف" لها ومن القرب من العملاء. بالإضافة إلى ذلك يتم خلق فرص عمل وهو أمر جيد أيضا للمبيعات المحلية.
إحدى هذه الشركات هي شركة فولكس فاغن. فقبل عامين احتفلت الشركة الألمانية المصنعة للسيارات بالذكرى السبعين لتأسيس فرع لها في البرازيل "فولكس فاغن دو برازيل". وفي 23 مارس/ آذار 1953 بدأ فرعها في أمريكا الجنوبية العمل في مستودع في ساو باولو. وبعد ذلك بوقت قصير تم بناء مصنع أنشيتا وهو أول مصنع لفولكس فاغن خارج ألمانيا، كما ذكرت صحيفة heycar.com.br البرازيلية على الإنترنت.
وقال الرئيس التنفيذي لـ "فولكس فاغن دو برازيل"، سيرو بوسوبوم بمناسبة الذكرى السنوية للتأسيس في عام 2023: "تكمل فولكس فاغن دو برازيل 70 عاما من الابتكار التكنولوجي والروح الريادية". وأضاف: "قامت فولكس فاغن بتحديث مصانعها في البرازيل وطورت تقنيات جديدة وأصبحت الآن علامة تجارية أقرب إلى الناس".
بدأت فولكس فاغن في الإنتاج في البرازيل منذ عام 1953 حيث تم بناء أول موقع أجنبي للشركة الألمانية المصنعة للسيارات في البرازيل صورة من: Allison Sales/dpa/picture alliance
وفي العام التالي أعلنت الشركة التي تتخذ من فولفسبورغ مقرا لها أنها ستوسع التزامها في البرازيل، حيث تمتلك المجموعة أربعة مصانع: وفي حين كانت الخطة حتى ذلك الحين تتمثل في استثمار سبع مليارات ريال برازيلي بحلول عام 2026 سيتم الآن ضخ ما مجموعه 16 مليار ريال برازيلي (أي حوالي ثلاثة مليارات يورو) في الشركة البرازيلية بحلول عام 2028، حسبما ذكر موقع automobil-produktion.de الإلكتروني قبل عام.
فولكس فاغن تريد كسب المال بالسيارات والماشية
استثمار جيد من الناحية الاقتصادية منذ البداية. وأرادت فولكس فاغن كسب المال ليس فقط بالسيارات، ولكن أيضا بالماشية. وتحقيقا لهذه الغاية أنشأت الشركة من ولاية سكسونيا السفلى مزرعة 'Fazenda Volkswagen' في كريستالينو على بعد 2200 كيلومتر من مقر الشركة في ساو باولو في عام 1974.
ولكن هناك بعيدا عن صخب المدينة وضجيجها، بدأت صورة فولكس فاغن في التصدع. قام كريستوفر كوبر، وهو مؤرخ في جامعة بيليفيلد بالبحث في تاريخ "فولكس فاغن دو برازيل". وفي مقابلة مع DW يقول: "لقد تم بالفعل محاسبة فولكس فاغن في الثمانينيات بسبب معاملة العمال في المزرعة".
وفي عام 2016 تم تكليف كوبر من قبل مجموعة فولكس فاغن بإعداد تقرير خبير عن دور فولكس فاغن خلال الديكتاتورية العسكرية البرازيلية. وفي مارس/ آذار عام 1964 استولت الطغمة العسكرية على السلطة هناك وقمعت البلاد بيد حديدية لمدة 21 عاما.
أرادت فولكس فاغن في البرازيل تحقيق نجاحات مالية ليس فقط بتصنيع السيارات، ولكن أيضا بتربية الماشية صورة من: Wolfgang Weihs/picture alliance
كان موظفو فولكس فاغن فقط هم من حظوا برعاية جيدة في المزرعة
كلفت شركة فولكس فاغن خبيرا اقتصاديا زراعيا من سويسرا، فريدريش جورج بروغر بإنشاء المزرعة. وقام بتوظيف موظفين من مجموعة فولكس فاغن بالإضافة إلى عمالة محلية ومقاولين لمشروعه الزراعي الطموح. وبعد مرور سنوات كشف تقرير تلفزيوني أعدته قناة ARD-Weltspiegel عن مدى طموح بروغر وقسوته.
وحسب كريستوفر كوبر كان موظفو فولكس فاغن يحظون دائما برعاية جيدة: "كان لديهم منازلهم الخاصة ومدارسهم الخاصة ومركز صحي. ولكن لم يكن هذا هو الحال بالنسبة للعمال المتعاقدين. لقد عملوا في ظل ظروف كانت بمثابة عبودية مؤقتة".
وحسب كوبر هذا هو التمييز الذي حافظت عليه فولكس فاغن دائما. فقد كان المديرون دائما "يتملصون من ذلك من خلال الادعاء بأنهم لا يتحملون أي مسؤولية عن معاملة العمال المتعاقدين" . وفي الوقت نفسه كانوا دائما "يشيرون إلى أن العمال المنتظمين في "فاتسيندا" (Fazenda) الذين تم توظيفهم مباشرة من قبل فولكس فاغن كان بإمكانهم العيش بشكل جيد في ظل الظروف السائدة هناك".
السر المظلم: فولكس فاغن والديكتاتورية
لم يتم تسليط الضوء على الظروف السائدة في المزرعة أمام الرأي العام ولم تتصدر نهاية المحاكمة عناوين الصحف. يلخص المؤرخ كوبر: "لم يكن لدى المزرعة أي فرصة اقتصادية منذ البداية. فقد كان المشروع خاسرا".
ألمانيا | أدولف هتلر يطلّع على نموذج مصنع فولكسفاغن عام 1938 صورة من: dpa/picture alliance
كان الأمر الأكثر إثارة للصدمة من الظروف السائدة في المصنع هو ما اكتشفه كوبر عن موقف الشركة تجاه المجلس العسكري الحاكم: "عملت فولكس فاغن بشكل وثيق مع الأجهزة الأمنية الديكتاتورية. وهذا ينطبق على المصنع الرئيسي جنوب ساو باولو وعلى المصانع الأخرى".
أدرك كوبر أن الظروف في "فازندا" كانت مجرد جزء واحد من صورة أكبر وأكثر قتامة. تعاون فريق أمن مصنع "فولكس فاغن دو برازيل" مع الديكتاتورية العسكرية. تسامح موظفو فولكس فاغن دو برازيل بل وشاركوا في الاعتقالات والاعتداءات التي قامت بها الشرطة العسكرية. وقال كوبر معلقا على نتائج الدراسة: "تُظهر المراسلات مع مجلس الإدارة في فولفسبورغ حتى عام 1979 موافقة الحكومة العسكرية دون تحفظ".
ظلال الماضي تعود إلى الحقبة النازية
تعتبر مثل هذه الظروف فضيحة في أي شركة ولكن في فولكس فاغن فإن مثل هذا الأمر أسوأ عندما نفكر في الولادة الكارثية للشركة خلال ديكتاتورية هتلر: فقد تأسست الشركة في الدولة النازية من قبل المنظمات النازية، واستغلت الشركة آلاف العمال القسريين وأساءت معاملتهم خلال الحرب.
ألم يكن المسؤولين في فولفسبورغ، مقر فولكس فاغن لا يعلمون شيئا على الإطلاق؟ بالطبع ثارت الشكوك على الفور في أنه بعد عقد واحد فقط من نهاية الحرب والدكتاتورية في ألمانيا، كان الظلم نفسه على وشك أن يتكرر في قارة أخرى.
لا تزال حقبة الدكتاتورية القمعية وضحاياها حاضرة في وجدان البرازيليين، حيث تُخلَّد ذكراهم من خلال وضع صورهم في الحديقة خلال "مسيرة الصمت". صورة من: Andre Penner/AP Photo/picture alliance
إدارة ذات ماض مظلم جزئيا
لا يريد كريستوفر كوبر أن يستبعد الاستمرارية الشريرة: "أود أن أؤكد ذلك إلى حد محدود بالنسبة لإدارة شركة فولكس فاغن دو برازيل". هناك أسباب شخصية في الأساس لهذا الأمر، حيث أن المديرين في الخمسينيات والستينيات "كانوا لا يزالون ضباطا في الجيش الألماني وأعضاء في الحزب النازي في سنوات شبابهم".
ومع ذلك لم يكن هذا هو الحال بالنسبة للرجل الذي أدار فولكس فاغن دو برازيل التابعة لشركة فولكس فاغن من عام 1971 إلى عام 1984 فولفغانغ زاور: "كان لا يزال صغيرا جدا". لم يكن عضوا في التقاليد العسكرية الاشتراكية الوطنية، بل كان "تقليد الأبوية الاستبدادية التي كانت سائدة في البرازيل: أنت تمنح العمال مزايا اجتماعية، ولكنك لست مستعدا لقبول مجلس عمال مستقل".
لم تنته بعد عملية إعادة التقييم الاجتماعي والقانوني لتاريخ فولكس فاغن خلال الديكتاتورية العسكرية البرازيلية. ولا تزال هناك المزيد من النزاعات القانونية حول التعويضات واعتراف فولكس فاغن بالذنب معلقة. ولن يكون من الممكن إغلاق هذا الفصل في فولفسبورغ إلا بعد الانتهاء من هذه المنازعات.
أعده للعربية: م.أ.م

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مرسيدس تختبر أقوى سيارة كهربائية فائقة السرعة! – DW – 2025/6/26
مرسيدس تختبر أقوى سيارة كهربائية فائقة السرعة! – DW – 2025/6/26

DW

timeمنذ 2 أيام

  • DW

مرسيدس تختبر أقوى سيارة كهربائية فائقة السرعة! – DW – 2025/6/26

كشفت شركة صناعة السيارات الفارهة الألمانية "مرسيدس بنز" عن نموذج اختباري لسيارة كهربائية فائقة السرعة مزودة بتكنولوجيا جديدة ستكون متاحة للعملاء اعتباراً من العام المقبل. فما هي مميزات هذه السيارة؟ أطلقت شركة صناعة السيارات الألمانية "مرسيدس بنز" اسم "جي.تي إكس.إكس" على النموذج الاختباري الذي طورته شركة "أيه.إم.جي" التابعة لها كأول نموذج اختباري يتم تطويره باستخدام منصة السيارات الكهربائية الرياضية المنتظرة لشركة "مرسيدس"، ويسمح للشركة الألمانية باستعراض التكنولوجيا الجديدة التي تعتزم استخدامها في سياراتها الجديدة اعتباراً من 2026. يتضمن النموذج الاختباري بطارية عالية الأداء وثلاثة محركات فائقة الصغر لتحقيق قوة تستخدم عادة في حلبات السباق. وتصل سرعة السيارة "جي.تي إكس.إكس" إلى 220 ميلاً في الساعة، وتتمتع بقوة تزيد عن 1300 حصان، مما يجعلها أقوى سيارة مرسيدس على الإطلاق، بما في ذلك السيارة "أيه.إم.جي وان" التي أنتجت منها "مرسيدس" عدداً محدوداً وباعت الواحدة منها مقابل 2.5 مليون يورو (2.9 مليون دولار). وقال مايكل شيبي، الرئيس التنفيذي لشركة مرسيدس-أيه.إم.جي: "نقدم تقنية رائدة تعيد تعريف الأداء العالي". ولم يكن هذا التوقيت مصادفة. إذ تتجه "مرسيدس" نحو صيف حافل بالتحديات، حيث تبدأ بيع سيارتها الكهربائية الجديدة "سي.إل.أيه الصالون الكهربائية بسعر يزيد على 50 ألف يورو، وهو سعر أعلى بكثير من سعر الشركات الصينيةالمنافسة. وإذا لم تجد السيارة الجديدة استحسانا لدى المشترين، فقد يفاقم ذلك الشكوك حول استراتيجية رئيس مجلس الإدارة أولا كالينيوس، لدفع العلامة التجارية إلى مستوى أعلى في عصر السيارات الكهربائية. ورغم أن النموذج الاختباري "جي.تي إكس.إكس"غير مخصص للإنتاج الفعلي فإن الشركة تأمل في أن يساعد في استعادة عشاق سياراتها وإثارة ضجة كبيرة حول مجموعتها الأوسع من السيارات الكهربائية وتأكيد أن النجمة الثلاثية، شعار "مرسيدس"، مازالت تتمتع بجاذبية قوية في عصر السيارات الكهربائية. تحرير: عادل الشروعات

فائقو الثراء في ألمانيا يمتلكون ربع الأصول المالية للبلاد! – DW – 2025/6/24
فائقو الثراء في ألمانيا يمتلكون ربع الأصول المالية للبلاد! – DW – 2025/6/24

DW

timeمنذ 4 أيام

  • DW

فائقو الثراء في ألمانيا يمتلكون ربع الأصول المالية للبلاد! – DW – 2025/6/24

"فائقو الثراء" في ألمانيا يمتلكون أكثر من ربع إجمالي الأصول المالية للبلاد، بحسب تقرير مالي حديث. ولا يعتبر هؤلاء مجرد أغنياء فقط: فكم يبلغ حجم ثروتهم؟ وما الفرق بينهم وبين الأغنياء؟ شكلت ثروات حوالي 3900 شخص فائق الثراء في ألمانيا العام الماضي أكثر من ربع إجمالي الأصول المالية للبلاد، أي ما يعادل نحو ثلاثة تريليونات دولار أمريكي، وفقًا لتقرير صادر عن شركة "بوسطن كونسلتينج جروب" الأمريكية للاستشارات الإدارية. وبذلك تأتي ألمانيا في المرتبة الثالثة عالميًا،بعد الولايات المتحدة الأمريكية في المركز الأول (33 ألف شخص فائق الثراء) والصين في المركز الثاني (9200 ألف شخص فائق الثراء). وتنشر الشركة، والتي تقع مكاتبها في أكثر من 50 دولة، تقرير سنويًا حولتطور الثروات حول العالم. وتقوم بحساب الأصول بالدولار الأمريكيمن أجل المقارنة الدولية. كيف يُحدد "فائقي الثراء"؟ يُعرف "فائقو الثراء" أو "أصحاب الثروات الصافية الفائقة" بأنهم الأشخاص الذين تزيد أصولهم المالية عن 100 مليون دولار. وزاد عدد هؤلاء في ألمانيا بواقع 500 شخص بحسب تقديرات الشركة، كما زادت ثرواتهم بنسبة 16 بالمئةبفضل مكاسب أسعار الأسهم العالمية العام الماضي. ويُقدر خبراء الثروات في الشركة إجمالي الأصول في ألمانيا خلال عام 2024 بنحو 22.9 تريليون دولار أمريكي، أي ما يقل قليلا عن 20 تريليون يورو بأسعار الصرف الحالية. To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video ويستثمر الجزء الأكبر منها المقدر بحوالي 11.8 تريليون دولار في العقارات وغيرها من الأصول الملموسة، بينما تشكل الأصول المالية البحتة، والتي تضم الودائع المصرفية والأوراق المالية والمعاشات التقاعدية والمبالغ النقدية، 11.1 تريليون دولار أمريكي. وأظهرت تقديرات الشركة أن 27 بالمئة من هذه الأصول المالية البحتة يمتلكهافائقو الثراء في ألمانياالذين يقدر عددهم بنحو 3900 فرد. ومع ذلك، فإن هذه الثروة تعتبر "متوازنة" مع حجم الالتزامات على عاتق أصحابها، إذ تبلغ قيمتها الإجمالية بنحو 2.2 تريليون دولار. وهكذا، اعتبرت الشركة عام 2024 بمثابة "عاما جيدا للأثرياء" بوجه عام، وليس فقط لفائقي الثراء. فقد شهدت ألمانيا ارتفاعًا في عدد أصحاب الملايين بواقع 65 ألف فرد ليصل، الإجمالي إلى 678 ألف فرد. وأوضحت الشركة في بيان لها أنه "كلما كان الفرد في أسفل هرم الثروة، انخفض نمو ثروته".

أهداف الناتو الجديدة.. هل تستطيع ألمانيا تحمل أعبائها؟ – DW – 2025/6/23
أهداف الناتو الجديدة.. هل تستطيع ألمانيا تحمل أعبائها؟ – DW – 2025/6/23

DW

timeمنذ 5 أيام

  • DW

أهداف الناتو الجديدة.. هل تستطيع ألمانيا تحمل أعبائها؟ – DW – 2025/6/23

المزيد من المال للدفاع والمزيد من القوات. يعتزم حلف الناتو اعتماد أهداف طموحة في قمة لاهاي في هولندا. فماذا يعني هذا بالنسبة للجيش الألماني والأعباء الجديدة التي عليه تحملها والتحديات سيواجهها؟ من الواضح حتى قبل بداية قمة حلف الناتو في لاهاي (24 - 25 حزيران/ يونيو 2025) أن أهداف الحلف الطموحة ستتطلب الكثير من ألمانيا. وعلى الرغم من أنَّ المستشار الألماني فريدريش ميرتس (من الحزب المسيحي الديمقراطي) قد أعلن أنَّه سيُوفِّر جميع الموارد المالية اللازمة من أجل جعل الجيش الألماني أقوى جيش تقليدي في أوروبا، فإن أهداف الناتو الجديدة طموحة جدًا، إذ من المخطط أن تنفق الدول أعضاء الحلف 5 بالمائة من ناتجها الاقتصادي على الدفاع. وحتى الآن، كانت هذه النسبة 2 بالمائة - وهذا ما تنفقه ألمانيا حاليًا على الدفاع. والرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو أول من طالب حلفاءه الأوروبيين في حلف الناتو بهدف الخمسة بالمائة. وهدَّد ترامب بأنَّه سيرفض مساعدتهم إذا استمروا في دفع نسبة أقل من ذلك. في الواقع، تحملت الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2024 ثلثي النفقات الدفاعية المدفوعة من جميع دول الناتو. وطلب ترامب هذا قوبل في العديد من الدول الأوروبية بالريبة والشك، وذلك بسبب اعتبار نسبة الخمسة بالمائة مرتفعة جدًا. وحتى أنَّ بعض الدول كانت ما تزال في عام 2024 بعيدة جدًا عن نسبة الاثنين بالمائة. وقبل أيام قليلة من القمة، أعلن الأمين العام لحلف الناتو، مارك روته، أنَّ حلف الناتو كله سيحقق في عام 2025 نسبة الاثنين بالمائة. بيد أنَّ هذه مجرد خطوة في طريق زيادة الإنفاق: فقد بات من المقرر في قمة لاهاي اعتبار نسبة الخمسة بالمائة كمبدأ توجيهي جديد. وكذلك تدعم الحكومة الألمانية الصيغة التي اقترحها مارك روته: حيث ستخصص ألمانيا 3,5 بالمائة من ناتجها المحلي الإجمالي للدفاع و1.5 بالمائة للبنية التحتية، التي يمكن أن تكون مهمة للدفاع أيضًا، مثل خطوط السكك الحديدية والجسور والموانئ. ومن المقرر تحقيق نسبة الخمسة بالمائة الإجمالية بحلول عام 2032. وهذه النسبة تمثّل بالنسبة لألمانيا، باقتصادها القوي، مبلغًا ضخمًا يُقدّر بنحو 225 مليار يورو سنويًا؛ علمًا أنَّ ميزانية ألمانيا كلها بلغت العام الماضي 476 مليار يورو. وعلى الرغم من تأكيد المستشار ميرتس أنَّ مواصلة تطوير القدرات العسكرية أهم من النسب المئوية، ولكن هذا لا يُقنع الجميع في الحزب الاشتراكي الديمقراطي، شريك ميرتس في الائتلاف الحاكم. وفي هذا الصدد كتبت مجموعة من "الجناح اليساري" في الحزب الاشتراكي الديمقراطي في بيانهم حول الحفاظ على السلام في أوروبا: "نرى أنَّ تحديد نسبة مئوية للنفقات العسكرية بحسب الناتج المحلي الإجمالي أمر غير معقول". ولا يوجد له "أي مبرّر سياسي أمني". وتنتقد ذلك بشدة أطياف من المعارضة أيضًا. ونظرًا إلى التهديد من خلال روسيا، يرى خبراء الجيش الألماني أنَّ هناك أسبابًا وجيهة لاستثمار المزيد من الأموال في القوات المسلحة الألمانية، التي تم إهمالها لعقود من الزمن. وحول ذلك قالت في حوار مع DW خبيرة الأمن آيلين ماتله، من الجمعية الألمانية للسياسة الخارجية (DGAP): "هذا لا يتعلق بإرضاء الأمريكيين ولا بملأ سجلات الطلبيات لدى مصانع الصناعات الدفاعية، بل إنَّ من مصلحة ألمانيا الوطنية أن تكون قادرة على الدفاع عن نفسها". وأضافت أنَّ الحكومة الألمانية يجب عليها أن توضح جيدًا لماذا هذا ضروري. ومع ذلك فإنَّ نسبة الخمسة بالمائة من الناتج الإجمالي المحلي تمثّل بحسب تعبيرها "مبلغًا هائلًا". وبالإضافة إلى الشؤون المالية، ستناقش قمة الناتو القدرات العسكرية أيضًا؛ لا سيما أنَّ أوروبا بحاجة إلى قوات إضافية. من ناحية كرسالة قوة لروسيا، ومن ناحية أخرى بسبب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تقليص الوجود الأمريكي في أوروبا. وهذا يعني بالنسبة لألمانيا كما أوضح وزير الألماني بوريس بيستوريوس (من الحزب الاشتراكي الديمقراطي) في بروكسل بداية حزيران/يونيو أنَّ الجيش الألماني بحاجة إلى زيادة عدد أفراده بنحو 50 ألف وحتى 60 ألف جندي. وقد حدد وزراء دفاع الناتو في اجتماعهم هناك أهداف قدرات الحلف الجديدة. وبالرغم من سرية التفاصيل، أعلن بيستوريوس عن خطط لتشكيل وحدات كبيرة جديدة وتجهيزها بالكامل. وقال إنَّ "هذه ستكون مهمة شاقة". ويدور الحديث حول إنشاء ما بين خمسة وسبعة ألوية جديدة، يضم كل منها 5000 جندي وجندية، وتجهيزها بالدبابات والمدفعية والخدمات اللوجستية اللازمة. To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video ويريد الجيش الألماني تجنيد عشرات الآلاف من الجنود النظاميين الإضافيين خلال الأعوام القادمة، ولكن من غير الواضح كيف سيفعل ذلك. يبلغ حاليًا عدد أفراده نحو 182 ألف جندي، وهو يعمل بنشاط لتجنيد أفراد جدد. وضمن هذا السياق قال متحدّث باسم وزارة الدفاع الألمانية في بداية حزيران/يونيو: "لدينا حاليًا أعداد جيدة من الأفراد، وأعداد تجنيد جيدة، وأعداد جيدة من المتقدمين بطلبات تجنيد. وهذا أمر مُشجِّع". مع أنَّ عدد المجندين والمجندات كان قد تراجع خلال الأعوام الأخيرة بالرغم من جميع الجهود. وربما تكون إعادة فرض التجنيد الإجباري، الذي تم تعطيله في ألمانيا عام 2011، وسيلة فعالة لزيادة عدد أفراد الجيش الألماني. ولكن ذلك غير مطروح حاليًا. وهذا ما اتفق عليه شركاء الائتلاف، المكون من الحزب الاشتراكي الديمقراطي والاتحاد المسيحي المحافظ (الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي): "نحن نعمل على إنشاء خدمة عسكرية جديدة وجذابة، تعتمد في البداية على التطوع"، كما ورد في اتفاق الائتلاف، الذي لا ترد فيه كلمة "تجنيد إجباري". ونظرًا إلى مطالب الناتو المتزايدة، تزداد لدى حزبي الاتحاد المسيحي (الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي) الدعوات لاستعداد ألمانيا الآن من أجل إعادة فرض التجنيد الإجباري. ولكن المستشار فريدريش ميرتس رد على هذه الدعوات بقوله إنَّ الوضع سيبقى حاليًا كما هو في اتفاق الائتلاف: "سيتعين علينا أن نرى جيدًا إن كانت برامج الجذب والتطوع كافية. وإذا كان التطوع غير كافٍ، فيجب علينا أن نتحدث قريبًا جدًا حول خطوات إضافية". وميرتس يتّفق بهذا مع وزير الدفاع بيستوريوس، الذي أكّد على أنَّ: "التجنيد الإجباري لا يفيدنا الآن، وذلك لأنَّنا لا نملك القدرات الاستيعابية، لا في الثكنات ولا في التدريب. ولهذا السبب يجب أن تنمو هذه القدرات. وحتى ذلك الحين يبقى التطوع ساريًا". والسؤال: هل سيكون نموذج الخدمة العسكرية الطوعية مستدامًا على المدى الطويل في ألمانيا؟. تفترض خبيرة الأمن آيلين ماتله​​ "أنَّ هذا النموذج سيتم التخلص منه بسرعة كبيرة". وذلك لأنَّ الضغط على ألمانيا يمكن أن يزداد مرة أخرى إذا سحبت الولايات المتحدة الأمريكية في الواقع قواتها من أوروبا. لقد أعلنت إدارة ترامب عن نيتها فعل ذلك. ومن المتوقع معرفة تفاصيل أدق بعد قمة الناتو. ومن الممكن عندئذٍ خلط الأوراق كالها من جديد: "وعندئذٍ، سيواجه الأوروبيون، ومعهم ألمانيا أيضًا، السؤال حول كيفية تعويضهم هذا النقص". ولكن حتى لو ظهرت فجوة أكبر بكثير في التواجد العسكري داخل أوروبا، "فمن غير المرجح كثيرًا أن تتمكن ألمانيا من توفير هذا العدد الإضافي الكبير من الجنود دفعة واحدة خلال الأعوام القادمة". أعده للعربية: رائد الباش تحرير: عارف جابو

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store