«الاستثمارات العالمية» في النفط والغاز تتجه للشرق الأوسط
وأضاف في نشرة أوابك لشهر مايو، بأن الشركات الوطنية تتميز بالريادة في التكلفة، إذ تدير بعضاً من أقل الأصول تكلفة في العالم، ما يعزز قدرتها التنافسية، وبالتالي تضمن هذه الاستثمارات استمرار الإمدادات، خاصة مع تراجع استثمارات القطاع الخاص في ظل تقلبات السوق. وبالتالي تتصدر شركات النفط الوطنية المشهد كركيزة أمن الطاقة واستقرار الأسواق.
وما بين التحول والاستدامة ودورها المحوري في العالم، تواجه شركات النفط الوطنية تحديات وفرصا متزايدة في ظل هذا التحول. فهي مطالبة ليس فقط بالحفاظ على الاستثمارات في النفط والغاز وتحمل الجزء الأكبر من مخاطر الاستثمار لضمان أمن الطاقة، بل هي مطالبة في الوقت نفسه بتسريع الاستثمار في تقنيات خفض الانبعاثات مثل الهيدروجين، والغازات الحيوية، والطاقة الحيوية، واحتجاز الكربون، واستخدامه، وتخزينه.
يأتي كل ذلك في ظل تصاعد الدعوات العالمية للتحول الطاقي وتقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري. ولا يخفى أن تنفيذ جميع هذه المشاريع يتطلب زيادة كبيرة في الاستثمار. علاوة على أن خفض انبعاثات الميثان الذي ينادي به العالم كأولوية ملحة يتطلب استثمارات أولية كبيرة وتعاونا وثيقا بين السياسات الحكومية والقطاع الخاص. لقد شهدت السنوات العشر الماضية تحولا ملحوظا في رؤية وكالة الطاقة الدولية لاستثمارات النفط والغاز، وهو ما انعكس في تقاريرها السنوية وتوصياتها للسياسات. فقد كانت الوكالة تركز بشكل أساسي على ضرورة تقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري وتسريع التحول إلى الطاقة النظيفة، وتوجيه رؤوس الأموال نحو الطاقات المتجددة والكهرباء، إلا أن التطورات الجيوسياسية والاقتصادية الأخيرة دفعت الوكالة إلى تبني رؤية أكثر واقعية، وإلى إعادة تقييم أهمية الاستثمارات في النفط والغاز، خاصة في ضوء قضايا أمن الطاقة والتقلبات السوقية.
ففي تقريرها الأخير لعام 2025 تعترف الوكالة بأن تراجع الاستثمارات في النفط للمرة الأولى منذ 2020 ستكون له آثار كبيرة على أمن الطاقة خاصة في ظل تباطؤ بعض مشاريع الطاقة النظيفة أو تأخرها بسبب تحديات التمويل وسلاسل التوريد، وربما للمرة الأولى تطرح تساؤلات حول من سيملأ الفجوة الاستثمارية، وبطبيعة الحال تبرز شركات النفط الوطنية كعادتها في قلب معادلة أمن الطاقة.
في النهاية، تبرز شركات النفط الوطنية بشكل عام وفي الدول الأعضاء بشكل خاص كقوى محورية في مشهد الطاقة العالمي الجديد. فهي ليست فقط ضامنة لاستقرار الإمدادات وأمن الطاقة، بل أيضا قادرة على قيادة التحول نحو مستقبل أكثر استدامة إذا ما توفرت لها السياسات الداعمة والشراكات الفعالة، وستظل لاعباً رئيساً في تحقيق التوازن بين أمن الطاقة، والاستدامة، والنمو الاقتصادي.
من جانبه قال المهندس تركي حسن حمش خبير بترول استكشاف وإنتاج في إدارة الشؤون الفنية في منظمة أوابك، كشفت افتتاحية هذا العدد عن صعود لافت لشركات النفط الوطنية لتتصدر المشهد الاستثماري، مستفيدة من قدرتها على التكيف مع تقلبات السوق وتحمل المخاطر لضمان أمن الإمدادات. يأتي ذلك في ظل تحديات متزايدة لجذب الاستثمارات نحو قطاع الطاقة المتجددة.
في هذا السياق، يشير أحدث تقارير وكالة الطاقة الدولية، المعنون "الاستثمارات في مجال الطاقة 2025"، إلى أن الاستثمار في الطاقة المتجددة لم يعد يعكس فقط جهود خفض الانبعاثات، بل بات يتأثر بشكل كبير بالسياسات الصناعية، واعتبارات أمن الطاقة، والجاذبية التنافسية لحلول الكهرباء من حيث التكلفة. ويهيمن التنين الصيني على هذا المشهد، حيث تستحوذ الصين على نحو ثلث الإنفاق العالمي على الطاقة المتجددة، وهو ما يعادل ضعف ما تنفقه أوروبا، ويقارب إجمالي استثمارات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مجتمعين.
ولعل أبرز ملامح هذا التحول هو ما أطلقت عليه وكالة الطاقة الدولية اسم "عصر الكهرباء"، حيث تجاوزت استثمارات توليد الكهرباء، وتطوير الشبكات، وحلول التخزين، استثمارات الوقود الأحفوري للمرة الأولى. هذا الارتفاع مدفوع بطلب متزايد من القطاعات الصناعية، وأنظمة التبريد، والمركبات الكهربائية، بالإضافة إلى مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي.
ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات كبيرة في البنية التحتية، فالاستثمار في شبكات الكهرباء، والذي يبلغ 400 مليار دولار سنويا، ما يزال متأخراً عن وتيرة الاستثمار في التوليد والتخزين. وهنا تؤكد وكالة الطاقة الدولية على ضرورة مضاعفة الاستثمار في الشبكات بحلول أوائل عام 2030 لضمان استمرارية وأمن الإمدادات. وعلى صعيد آخر، يشهد قطاع الغاز الطبيعي المسال موجة توسع غير مسبوقة، فبين عامي 2026 و2028 من المتوقع أن تتضاعف القدرة التصديرية الأمريكية تقريبا بفضل مشاريع ضخمة في الولايات المتحدة وقطر وكندا، مما سيضيف مرونة كبيرة للأسواق العالمية. في المقابل، يظل الفحم نقطة خلافية في مشهد الاستثمار العالمي، ففي الوقت الذي تتجه فيه دول نحو التخلي عنه، تواصل كل من الصين والهند إضافة قدرات جديدة. فقد بدأت الصين وحدها بناء نحو 100 جيجاواط من محطات الفحم الجديدة في عام 2024 وهو أعلى مستوى لها منذ عام 2015. وتدفع هذه الصورة الكبيرة للنظر في تحديات التمويل والتفاوت الإقليمي، فعلى الرغم من الطفرة في استثمارات الطاقة المتجددة، لا تزال الفجوات كبيرة بين المناطق.
فإفريقيا، التي تضم 20% من سكان العالم، لا تحصل إلا على 2% فقط من الاستثمارات العالمية في الطاقة المتجددة، مع انخفاض تدفق رؤوس الأموال إليها بمقدار الثلث خلال العقد الماضي. ويوضح تقرير وكالة الطاقة الدولية أن التمويل التجاري يشكل حوالي 75% من إجمالي التمويل المتاح لقطاع الطاقة، بينما يلعب التمويل العام المحلي (الاستثمارات الحكومية والحوافز) دوراً مهماً، لكنه شهد تراجعا في دعم الطاقة المتجددة.
أما التمويل العام الدولي (مؤسسات التمويل التنموي والصناديق المناخية) فيوفر حوالي 7% من استثمارات الطاقة المتجددة في الأسواق الناشئة (باستثناء الصين). وفي حين يتزايد دور الأسر في الاستثمار بالطاقة الشمسية المنزلية، تركز الشركات المملوكة للدولة بشكل أكبر على استثمارات الوقود الأحفوري، خاصة في الشرق الأوسط والصين والهند.
لكن هذه الأنواع من التمويل لا تخلو من نقاط ضعف، فالتمويل التجاري يواجه حساسية كبيرة لظروف السوق وأسعار الفائدة، بينما يتأثر التمويل العام المحلي بتراجع الدعم الحكومي، حيث انخفض من 142 مليار دولار في 2022 إلى 83 مليار دولار في 2024. كما أن هناك حدودا لقدرة الحكومات في الأسواق الناشئة على زيادة التمويل بسبب الضغوط الاقتصادية. وعلى الرغم من أهمية التمويل ٍ العام الدولي، إلا أنه غير كاف لسد الفجوة التمويلية المتزايدة، خاصة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية، تضاف إلى ذلك القيود التنظيمية والتأثر بالتوترات الجيوسياسية. يمكن من خلال تقرير وكالة الطاقة الدولية تبين أن الحلقة الأضعف في منظومة التمويل هي الأسواق الناشئة والنامية خارج الصين ، هذه الدول لم تستفد سوى من أقل من 10% من نمو استثمارات الطاقة المتجددة منذ عام 2015، وتواجه تحديات كبيرة في جذب التمويل الدولي بسبب مخاطر أسعار الصرف، وضعف الأطر التنظيمية، وارتفاع تكلفة رأس المال.
ويرى التقرير كذلك أن الاستثمار في الطاقة المتجددة يمثل فرصة "تريليونية" لتعزيز الابتكار، وخلق الوظائف، وتحقيق التزامات الحكومات بالتحول إلى طاقة نظيفة وميسورة التكلفة وآمنة. إنما ولتلبية متطلباتها من الطاقة، تحتاج الأسواق الناشئة والنامية خارج الصين إلى وصول أكبر للتمويل بأسعار فائدة أكثر ملائمة، مع ضرورة تعبئة رؤوس أموال من القطاع الخاص، خاصة من المصادر الدولية، حيث أن الممولين المحليين والعامين وحدهم لن يكونوا قادرين على تلبية الاحتياجات المستقبلية.
ويؤكد التقرير أن متطلبات التمويل المتعلقة بالطاقة قد تصل إلى 6% من الناتج المحلي الإجمالي السنوي في الأسواق النامية والناشئة بحلول عام 2035 وهو مستوى يصعب تلبيته. فالهند تستثمر أقل من 4.6% من ناتجها المحلي الإجمالي في الطاقة، بينما تعاني إفريقيا من فجوة تمويلية واضحة باستثمار أقل من 1.2% من ناتجها المحلي الإجمالي. وإن التحول الطاقي وما يستلزمه من استثمارات هائلة سيفرض عبئاً تقيلاً جدا على الدول الفقيرة خاصة تلك التي تعاني من ضغوط اقتصادية وديون متراكمة. فارتفاع تكلفة رأس المال في هذه الدول، مقارنة بالدول المتقدمة، يجعلها معتمدة بشكل كبير على التمويل الخارجي، مما يعرضها لتقلبات أسعار الفائدة العالمية وشروط الإقراض الصعبة.
م. تركي حمش
م. جمال عيسى اللوغاني
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سعورس
منذ 15 ساعات
- سعورس
«الاستثمارات العالمية» في النفط والغاز تتجه للشرق الأوسط
وقال الأمين العام لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول، أوابك، م. جمال عيسى اللوغاني، بأنه في عام 2015 لم تتجاوز مساهمة شركات النفط الوطنية في الشرق الأوسط 10% من الاستثمارات العالمية، أما اليوم فتتجاوز 20%، وهذا التحول يمنح هذه الشركات القدرة على مواجهة التقلبات إذ تستطيع شركات النفط الوطنية مواصلة الاستثمار حتى في أوقات انخفاض الأسعار وعدم اليقين. وأضاف في نشرة أوابك لشهر مايو، بأن الشركات الوطنية تتميز بالريادة في التكلفة، إذ تدير بعضاً من أقل الأصول تكلفة في العالم، ما يعزز قدرتها التنافسية، وبالتالي تضمن هذه الاستثمارات استمرار الإمدادات، خاصة مع تراجع استثمارات القطاع الخاص في ظل تقلبات السوق. وبالتالي تتصدر شركات النفط الوطنية المشهد كركيزة أمن الطاقة واستقرار الأسواق. وما بين التحول والاستدامة ودورها المحوري في العالم، تواجه شركات النفط الوطنية تحديات وفرصا متزايدة في ظل هذا التحول. فهي مطالبة ليس فقط بالحفاظ على الاستثمارات في النفط والغاز وتحمل الجزء الأكبر من مخاطر الاستثمار لضمان أمن الطاقة، بل هي مطالبة في الوقت نفسه بتسريع الاستثمار في تقنيات خفض الانبعاثات مثل الهيدروجين، والغازات الحيوية، والطاقة الحيوية، واحتجاز الكربون، واستخدامه، وتخزينه. يأتي كل ذلك في ظل تصاعد الدعوات العالمية للتحول الطاقي وتقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري. ولا يخفى أن تنفيذ جميع هذه المشاريع يتطلب زيادة كبيرة في الاستثمار. علاوة على أن خفض انبعاثات الميثان الذي ينادي به العالم كأولوية ملحة يتطلب استثمارات أولية كبيرة وتعاونا وثيقا بين السياسات الحكومية والقطاع الخاص. لقد شهدت السنوات العشر الماضية تحولا ملحوظا في رؤية وكالة الطاقة الدولية لاستثمارات النفط والغاز، وهو ما انعكس في تقاريرها السنوية وتوصياتها للسياسات. فقد كانت الوكالة تركز بشكل أساسي على ضرورة تقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري وتسريع التحول إلى الطاقة النظيفة، وتوجيه رؤوس الأموال نحو الطاقات المتجددة والكهرباء، إلا أن التطورات الجيوسياسية والاقتصادية الأخيرة دفعت الوكالة إلى تبني رؤية أكثر واقعية، وإلى إعادة تقييم أهمية الاستثمارات في النفط والغاز، خاصة في ضوء قضايا أمن الطاقة والتقلبات السوقية. ففي تقريرها الأخير لعام 2025 تعترف الوكالة بأن تراجع الاستثمارات في النفط للمرة الأولى منذ 2020 ستكون له آثار كبيرة على أمن الطاقة خاصة في ظل تباطؤ بعض مشاريع الطاقة النظيفة أو تأخرها بسبب تحديات التمويل وسلاسل التوريد، وربما للمرة الأولى تطرح تساؤلات حول من سيملأ الفجوة الاستثمارية، وبطبيعة الحال تبرز شركات النفط الوطنية كعادتها في قلب معادلة أمن الطاقة. في النهاية، تبرز شركات النفط الوطنية بشكل عام وفي الدول الأعضاء بشكل خاص كقوى محورية في مشهد الطاقة العالمي الجديد. فهي ليست فقط ضامنة لاستقرار الإمدادات وأمن الطاقة، بل أيضا قادرة على قيادة التحول نحو مستقبل أكثر استدامة إذا ما توفرت لها السياسات الداعمة والشراكات الفعالة، وستظل لاعباً رئيساً في تحقيق التوازن بين أمن الطاقة، والاستدامة، والنمو الاقتصادي. من جانبه قال المهندس تركي حسن حمش خبير بترول استكشاف وإنتاج في إدارة الشؤون الفنية في منظمة أوابك، كشفت افتتاحية هذا العدد عن صعود لافت لشركات النفط الوطنية لتتصدر المشهد الاستثماري، مستفيدة من قدرتها على التكيف مع تقلبات السوق وتحمل المخاطر لضمان أمن الإمدادات. يأتي ذلك في ظل تحديات متزايدة لجذب الاستثمارات نحو قطاع الطاقة المتجددة. في هذا السياق، يشير أحدث تقارير وكالة الطاقة الدولية، المعنون "الاستثمارات في مجال الطاقة 2025"، إلى أن الاستثمار في الطاقة المتجددة لم يعد يعكس فقط جهود خفض الانبعاثات، بل بات يتأثر بشكل كبير بالسياسات الصناعية، واعتبارات أمن الطاقة، والجاذبية التنافسية لحلول الكهرباء من حيث التكلفة. ويهيمن التنين الصيني على هذا المشهد، حيث تستحوذ الصين على نحو ثلث الإنفاق العالمي على الطاقة المتجددة، وهو ما يعادل ضعف ما تنفقه أوروبا، ويقارب إجمالي استثمارات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مجتمعين. ولعل أبرز ملامح هذا التحول هو ما أطلقت عليه وكالة الطاقة الدولية اسم "عصر الكهرباء"، حيث تجاوزت استثمارات توليد الكهرباء، وتطوير الشبكات، وحلول التخزين، استثمارات الوقود الأحفوري للمرة الأولى. هذا الارتفاع مدفوع بطلب متزايد من القطاعات الصناعية، وأنظمة التبريد، والمركبات الكهربائية، بالإضافة إلى مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات كبيرة في البنية التحتية، فالاستثمار في شبكات الكهرباء، والذي يبلغ 400 مليار دولار سنويا، ما يزال متأخراً عن وتيرة الاستثمار في التوليد والتخزين. وهنا تؤكد وكالة الطاقة الدولية على ضرورة مضاعفة الاستثمار في الشبكات بحلول أوائل عام 2030 لضمان استمرارية وأمن الإمدادات. وعلى صعيد آخر، يشهد قطاع الغاز الطبيعي المسال موجة توسع غير مسبوقة، فبين عامي 2026 و2028 من المتوقع أن تتضاعف القدرة التصديرية الأمريكية تقريبا بفضل مشاريع ضخمة في الولايات المتحدة وقطر وكندا، مما سيضيف مرونة كبيرة للأسواق العالمية. في المقابل، يظل الفحم نقطة خلافية في مشهد الاستثمار العالمي، ففي الوقت الذي تتجه فيه دول نحو التخلي عنه، تواصل كل من الصين والهند إضافة قدرات جديدة. فقد بدأت الصين وحدها بناء نحو 100 جيجاواط من محطات الفحم الجديدة في عام 2024 وهو أعلى مستوى لها منذ عام 2015. وتدفع هذه الصورة الكبيرة للنظر في تحديات التمويل والتفاوت الإقليمي، فعلى الرغم من الطفرة في استثمارات الطاقة المتجددة، لا تزال الفجوات كبيرة بين المناطق. فإفريقيا، التي تضم 20% من سكان العالم، لا تحصل إلا على 2% فقط من الاستثمارات العالمية في الطاقة المتجددة، مع انخفاض تدفق رؤوس الأموال إليها بمقدار الثلث خلال العقد الماضي. ويوضح تقرير وكالة الطاقة الدولية أن التمويل التجاري يشكل حوالي 75% من إجمالي التمويل المتاح لقطاع الطاقة، بينما يلعب التمويل العام المحلي (الاستثمارات الحكومية والحوافز) دوراً مهماً، لكنه شهد تراجعا في دعم الطاقة المتجددة. أما التمويل العام الدولي (مؤسسات التمويل التنموي والصناديق المناخية) فيوفر حوالي 7% من استثمارات الطاقة المتجددة في الأسواق الناشئة (باستثناء الصين). وفي حين يتزايد دور الأسر في الاستثمار بالطاقة الشمسية المنزلية، تركز الشركات المملوكة للدولة بشكل أكبر على استثمارات الوقود الأحفوري، خاصة في الشرق الأوسط والصين والهند. لكن هذه الأنواع من التمويل لا تخلو من نقاط ضعف، فالتمويل التجاري يواجه حساسية كبيرة لظروف السوق وأسعار الفائدة، بينما يتأثر التمويل العام المحلي بتراجع الدعم الحكومي، حيث انخفض من 142 مليار دولار في 2022 إلى 83 مليار دولار في 2024. كما أن هناك حدودا لقدرة الحكومات في الأسواق الناشئة على زيادة التمويل بسبب الضغوط الاقتصادية. وعلى الرغم من أهمية التمويل ٍ العام الدولي، إلا أنه غير كاف لسد الفجوة التمويلية المتزايدة، خاصة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية، تضاف إلى ذلك القيود التنظيمية والتأثر بالتوترات الجيوسياسية. يمكن من خلال تقرير وكالة الطاقة الدولية تبين أن الحلقة الأضعف في منظومة التمويل هي الأسواق الناشئة والنامية خارج الصين ، هذه الدول لم تستفد سوى من أقل من 10% من نمو استثمارات الطاقة المتجددة منذ عام 2015، وتواجه تحديات كبيرة في جذب التمويل الدولي بسبب مخاطر أسعار الصرف، وضعف الأطر التنظيمية، وارتفاع تكلفة رأس المال. ويرى التقرير كذلك أن الاستثمار في الطاقة المتجددة يمثل فرصة "تريليونية" لتعزيز الابتكار، وخلق الوظائف، وتحقيق التزامات الحكومات بالتحول إلى طاقة نظيفة وميسورة التكلفة وآمنة. إنما ولتلبية متطلباتها من الطاقة، تحتاج الأسواق الناشئة والنامية خارج الصين إلى وصول أكبر للتمويل بأسعار فائدة أكثر ملائمة، مع ضرورة تعبئة رؤوس أموال من القطاع الخاص، خاصة من المصادر الدولية، حيث أن الممولين المحليين والعامين وحدهم لن يكونوا قادرين على تلبية الاحتياجات المستقبلية. ويؤكد التقرير أن متطلبات التمويل المتعلقة بالطاقة قد تصل إلى 6% من الناتج المحلي الإجمالي السنوي في الأسواق النامية والناشئة بحلول عام 2035 وهو مستوى يصعب تلبيته. فالهند تستثمر أقل من 4.6% من ناتجها المحلي الإجمالي في الطاقة، بينما تعاني إفريقيا من فجوة تمويلية واضحة باستثمار أقل من 1.2% من ناتجها المحلي الإجمالي. وإن التحول الطاقي وما يستلزمه من استثمارات هائلة سيفرض عبئاً تقيلاً جدا على الدول الفقيرة خاصة تلك التي تعاني من ضغوط اقتصادية وديون متراكمة. فارتفاع تكلفة رأس المال في هذه الدول، مقارنة بالدول المتقدمة، يجعلها معتمدة بشكل كبير على التمويل الخارجي، مما يعرضها لتقلبات أسعار الفائدة العالمية وشروط الإقراض الصعبة. م. تركي حمش م. جمال عيسى اللوغاني

سعورس
منذ 4 أيام
- سعورس
وكالة الطاقة تدعو لمزيد من الاستثمار لضمان الوصول الشامل للطاقة
يتتبع التقرير التقدم المحرز نحو تحقيق الهدف السابع من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة ، والمتمثل في "ضمان حصول الجميع على طاقة حديثة وموثوقة ومستدامة وبأسعار معقولة" بحلول عام 2030. وخلص التقرير، الذي تعاونت فيه وكالة الطاقة الدولية مع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، وشعبة الإحصاءات في الأمم المتحدة ، والبنك الدولي، ومنظمة الصحة العالمية، إلى أن ما يقرب من 92 % من سكان العالم يحصلون الآن على الكهرباء الأساسية. ومع ذلك، لا يزال 666 مليون شخص محرومين من الكهرباء وطاقة الطهي النظيفة. لمعالجة هذه المشكلة، يجب زيادة الالتزامات التمويلية لضمان التقدم ومعالجة التفاوتات، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية. وخلص التقرير إلى أن التدفقات المالية الدولية إلى الاقتصادات النامية لدعم الطاقة النظيفة نمت للعام الثالث على التوالي لتصل إلى 21.6 مليار دولار أميركي في عام 2023. ومع ذلك، لا تزال التزامات الدول مركزة بشكل كبير. فقد تلقى ما مجموعه 43 دولة من أقل البلدان نموًا تمويلًا خلال عام 2023، لكن 81 % من هذه التدفقات ذهبت إلى 9 دول فقط. وصرح فاتح بيرول، المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية: "على الرغم من التقدم المحرز في بعض أنحاء العالم، لا يزال توسيع نطاق الوصول إلى الكهرباء والطهي النظيف بطيئًا بشكل مخيب للآمال، وخاصة في أفريقيا". وأضاف: "هناك حاجة ماسة إلى زيادة الاستثمار في الطهي النظيف وإمدادات الكهرباء، بما في ذلك الدعم لخفض تكلفة رأس المال للمشروعات". وعلّق فرانشيسكو لا كاميرا، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة المتجددة، قائلاً: "لسدّ فجوات الوصول والبنية التحتية، نحتاج إلى تعاون دولي مُعزّز لزيادة التمويل الميسور التكلفة ورأس المال المُوجّه نحو تحقيق الأثر المُرجوّ للدول الأقل نموًا والدول النامية." كما حذّرت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، ووكالة الطاقة الدولية من أن هدف زيادة الطاقة الإنتاجية العالمية من مصادر الطاقة المتجددة ثلاثة أضعاف بحلول عام 2030 لا يزال دون المستوى المطلوب، ويحتاج إلى زيادة الاستثمارات ثلاثة أضعاف أخرى، من 570 مليار دولار أميركي في عام 2023 إلى 1.5 تريليون دولار أميركي سنويًا بين عامي 2024 و2030. في وقت، أكد الأمين العام لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، هيثم الغيص أنه لا توجد حاليًا أي تطورات في ديناميكيات العرض أو السوق، تستدعي اتخاذ إجراءات غير ضرورية. وقال إن بيان المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، فاتح بيرول، عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشأن ظروف السوق الحالية والاستخدام المحتمل لمخزونات الطوارئ النفطية، يُثير إنذارات كاذبة ويُثير شعورًا بالخوف في السوق من خلال تكرار الحاجة غير الضرورية لاستخدام مخزونات الطوارئ النفطية. وقال الغيص: أسهمت تقييمات مماثلة أُجريت في حالات سابقة، وآخرها في عام 2022، في زيادة تقلبات السوق وأدت إلى عمليات إصدار مبكرة للمخزونات، والتي ثبت في النهاية أنها غير ضرورية. ومن الضروري أن يستند التعليق على ظروف السوق إلى بيانات مُوثّقة وتحليلات سليمة، لا سيما في ظل الظروف الجيوسياسية الحساسة. وصرح فاتح بيرول، رئيس وكالة الطاقة الدولية ومقرها باريس ، أن نظام أمن النفط التابع لوكالة الطاقة الدولية، والذي يشمل الاحتياطي البترولي الاستراتيجي الأميركي، يحتوي على أكثر من 1.2 مليار برميل من مخزونات الطوارئ. وكانت وكالة الطاقة الدولية قد أربكت أسواق الطاقة العالمية في عام 2022، مدعية بأن أسواق النفط كانت تعاني من فائض في المعروض، وظلت هذه الوكالة الأميركية للطاقة تضلل الاقتصاد العالمي بسجل حافل من التقارير الخاطئة التي تسببت في أزمات الطاقة التي يعيشها العالم اليوم. ورد أوبك في حينها، بانه يجب على وكالة الطاقة الدولية "توخي الحذر الشديد" إزاء تقويض الاستثمارات في صناعة النفط التي تعد مهمة للنمو الاقتصادي العالمي. وأشار إلى أن التصريحات التي تدعو لعدم الاستثمار في القطاع قد تؤدي إلى تقلبات في سوق النفط في المستقبل. وأضافت أوبك أن منظمة أوبك وتحالف أوبك+ لا يستهدفان أسعار النفط وإنما يركزان على أساسيات السوق. وأن توجيه أصابع الاتهام لمصدري النفط وحلفائهم وتشويه الإجراءات التي يتخذونها سيؤدي "لنتائج عكسية". وقالت أوبك إن تحميل النفط المسؤولية عن التضخم "به مغالطة ويجانبه الصواب من الناحية الفنية"، وإن الدعوات المتكررة من وكالة الطاقة الدولية لوقف الاستثمار في النفط هي التي ستؤدي إلى تقلبات السوق. وتابعت أوبك: "إذا كان هناك ما سيؤدي إلى تقلبات في المستقبل فهي دعوات وكالة الطاقة الدولية المتكررة لوقف الاستثمار في النفط، مع العلم أن جميع التوقعات التي تستند إلى البيانات تشير إلى الحاجة لكميات أكبر من هذه السلعة الثمينة لتعزيز النمو الاقتصادي والازدهار حول العالم، لا سيما في العالم النامي". ومن الإجراءات المتخذة، سبق أن التزمت الإدارة بالإفراج عن أكثر من 90 مليون برميل من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي في خلال هذا العام المالي ، وأعلنت عن بيع طارئ ل30 مليون برميل أخرى. وقد وافقت الدول الأعضاء في وكالة الطاقة الدولية على الإفراج الجماعي عن 60 مليون برميل من النفط الخام من احتياطيات البترولية الاستراتيجية، وذلك بعد تنسيق مكثف ومشاورات على مدار الساعة من قبل الرئيس بايدن، ويشمل ذلك التزام الولايات المتحدة بنصف هذه الكمية في عملية البيع الطارئ. فيما تجرى محادثات مع مجموعة من منتجي الطاقة والمستهلكين حول الخطوات الإضافية التي يمكننا اتخاذها لضمان إمدادات عالمية مستقرة من الطاقة وأعلنت الولايات المتحدة في 31 مارس عن خطط لبيع مليون برميل في اليوم غير مسبوق من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي للأشهر الستة المقبلة كجزء من الجهود لكبح أسعار البنزين التي ارتفعت بعد الغزو الروسي لأوكرانيا. وحذت وكالة الطاقة الدولية حذوها ووافقت في الأول من أبريل على إصدار طارئ ثان لاحتياطيات النفط ردا على "اضطراب السوق" الناجم عن الغزو الروسي لأوكرانيا. واتفقت الدول الأعضاء في وكالة الطاقة الدولية على الإفراج عن 60 مليون برميل بالإضافة إلى 180 مليون برميل التي أعلنت عنها الولايات المتحدة سابقاً للمساعدة في خفض الأسعار في سوق ضيقة في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا. لكن محللين وتجار قالوا إنه حتى مع الإفراج عن مخزونات النفط الطارئة، ظلت الإمدادات شحيحة. وقال تاجر نفط مقيم في شنغهاي"إن إطلاق النفط من أعضاء وكالة الطاقة الدولية يعكس تصميمًا سياسيًا قويًا ضد النفط الروسي بسبب غزوها لأوكرانيا، لكنه لا يكفي لسد النقص الفعلي في الإمدادات". وتحترم مصافي التكرير الحكومية في الصين ، أكبر مستورد للنفط في العالم، عقود النفط الروسية القائمة لكنها تتجنب العقود الجديدة على الرغم من الخصومات الكبيرة، تلبية لدعوة بكين للحذر مع تصاعد العقوبات الغربية على روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا. وقال ستيفن إينيس، العضو المنتدب لإدارة أصول "أٍس بي أي": "بالإضافة إلى الإفراج عن الاحتياطيات العالمية الهائلة، فإن تدمير الطلب والركود هما الآلية الوحيدة لخفض الأسعار في عالم خالٍ من المخزونات المؤقتة". وأضاف أن "بعض الناس فحصوا أحد هذين الصندوقين أو كليهما طوال الليل مع إشارات دخان راكد تنتشر في الأفق". هيثم الغيص فاتح بيرول


صحيفة المواطن
منذ 6 أيام
- صحيفة المواطن
وظائف هندسية وإدارية شاغرة بـ وزارة الطاقة
أعلنت وزارة الطاقة، عبر موقعها الإلكتروني، عن توفّر وظائف هندسية وإدارية شاغرة للجنسين، من حمَلة شهادات الثانوية العامة والدبلوم والبكالوريوس والماجستير في عدد من التخصصات؛ وذلك للعمل بفروع الوزارة في مدينة الرياض. تفاصيل وظائف وزارة الطاقة وبيّنت وزارة الطاقة، أنَّ الوظائف المتاحة وفق المسميات التالية: – مهندس محترف تكامل ودعم المبادرات. – مهندس محترف المساندة الفنية. – مهندس محترف شؤون جهات حكومية وشركات. – مهندس أول تكامل ودعم المبادرات. – خبير الدعم والتطوير. – محلل متابعة وتحليل أسواق البترول. – أخصائي التطوير والاحتضان. – أخصائي الصادر والوارد. – أخصائي أول الصادر والوارد. – خبير الصادر والوارد. – مراسل. – أخصائي أول الهيدروجين النظيف. – أخصائي الهيدروجين النظيف. – خبير أول دراسات الأسواق البترولية. التقديم على الوظائف وأوضحت وزارة الطاقة، أنّ التقديم مُتاح عبر موقعها الإلكتروني للتوظيف، وذلك بدءًا من تاريخ اليوم الموافق 26 يونيو 2025م. وللتقديم ومعرفة تفاصيل أكثر عن شروط الوظائف المُعلنة، يمكن الدخول على الرابط التالي: (هنا)