logo
دراسة تصحح إحدى أفكار أينشتاين وتحل مشكلة عمرها 120 عاما

دراسة تصحح إحدى أفكار أينشتاين وتحل مشكلة عمرها 120 عاما

الجزيرةمنذ 5 أيام
في إنجاز علمي مثير للجدل، أعلن الأستاذ المتفرغ في قسم فيزياء المادة المكثفة بجامعة إشبيلية الإسبانية خوسيه ماريا مارتين أولايا عن طرحه حلا لمسألة حيّرت العلماء لأكثر من قرن عبر إثبات جديد لنظرية تُعرف باسم "نظرية نرنست"، داحضًا في الوقت ذاته فكرة سابقة وضعها ألبرت أينشتاين قبل أكثر من قرن.
في ورقته العلمية المنشورة مؤخرًا في "يوروبيان فيزيكال جورنال بلس"، يوضح أولايا أن مبرهنة نرنست، التي تقول بأن التغيرات في العشوائية الحرارية (الإنتروبيا) تميل إلى الصفر عند اقتراب درجة الحرارة من الصفر المطلق، ليست قانونًا مستقلا كما افترض أينشتاين، بل يمكن اشتقاقها مباشرة من القانون الثاني للديناميكا الحرارية.
بهذا الطرح، قد يضع أولايا حدًا لفصل طويل من الجدل الفيزيائي، ويعيد ترتيب قوانين الديناميكا الحرارية التي تشكل إحدى ركائز فهمنا للطبيعة، ويقول في تصريحات حصرية للجزيرة نت "يصحح هذا الإثبات خطأً في مسألة جوهرية. مع هذا الإثبات، سنحتاج إلى عبارات (قوانين) أقل لفهم الديناميكا الحرارية، أي لفهم تطور العمليات الطبيعية".
بين نرنست وأينشتاين
تعود جذور المسألة إلى مطلع القرن العشرين حين قدّم الكيميائي الألماني فالتر نرنست ملاحظاته حول تصرف المواد عند درجات حرارة تقترب من الصفر المطلق (أي -273 درجة مئوية).
فعند تسخين مادة ما تتحرك جزيئاتها وتصبح أكثر عشوائية، من ثمّ تزداد الإنتروبيا (مقياس للفوضى في المنظومة المغلقة)، وعند تبريدها تقل الحركة ويقل التبعثر، فتنخفض الإنتروبيا.
دفع ذلك نرنست لاستنتاج أن الوصول للصفر المطلق، وهو أدنى درجة حرارة ممكنة نظريًا، سيدفع الجزيئات إلى أن تتوقف حركتها بالكامل تقريبًا، أي تصل الطاقة الحركية إلى الحد الأدنى. بالتالي، يجب أن ينعدم التغير في العشوائية الحرارية عند هذه النقطة، حيث فقدت الجزيئات الطاقة اللازمة لتحريكها.
نال نرنست جائزة نوبل في الكيمياء عام 1920 بسبب تمكنه من صياغة القانون الثالث للديناميكا الحرارية، الذي مكّن من حساب التوازنات الكيميائية بناءً على التبادل الحراري. وقد حقق ذلك من خلال دراسة الظروف عند درجات حرارة منخفضة جدًا.
لكن المحرك الحراري الذي تخيله ويُعرف باسم "مُحرك كارنو" حيث لا يُفقد أي قدر من الطاقة، لا يمكن بناؤه عمليًا بحسب أينشتاين، ومن ثمّ لم يتفق أينشتاين على إمكانية استخدامه لإثبات المبرهنة من خلال تناقض مع القانون الثاني.
نقطة التحول
يقول أولايا، في تصريحات حصرية للجزيرة نت، "إن انعدام التغير في الإنتروبيا (نظرية نرنست) هو إحدى الخاصيتين العامتين للمادة عند الاقتراب من درجة الحرارة صفر (الصفر المطلق)" ويضيف "بعبارة بسيطة، يجب أن تختلف الأجسام الباردة عن الأجسام الساخنة. وهذا أمر شائع في حياة الناس اليومية".
والحرارة النوعية هي كمية الحرارة التي يحتاجها كيلوغرام واحد من المادة ليرتفع 1 درجة مئوية في حرارته، ولفهم الفكرة تخيّل أنك أمام قطعة من الحديد وكوب من الماء، كل كيلوغرام واحد، وسخنتهم بالنار بالقوة نفسها، ستجد أن الماء يسخن ببطء والحديد يسخن بسرعة، السبب أن الماء له حرارة نوعية عالية، مما يعني أنه يحتاج طاقة كثيرة ليسخن.
الجديد في إثبات أولايا يكمن في أنه لا يفترض وجود حرارة نوعية منعدمة، ولا يستخدم حججًا تعتمد على عدم قابلية بناء المحرك الحراري، بل يعتمد على تفسير أكثر دقة للصفر المطلق بناءً على مقياس ترمومتر كارنو، وهو مقياس تجريبي نظري مستمد من القانون الثاني للديناميكا الحرارية.
لا يمكن تحقيق محرك كارنو في عالمنا الواقعي لأن كل العمليات فيه يجب أن تكون قابلة للعكس بالكامل، بحيث يعود النظام وكل ما حوله إلى حالته الأصلية دون أي أثر أو فقد في الطاقة، ولا يوجد فيه احتكاك، مما يحقق كفاءة كاملة، وهو أمر مستحيل في عالمنا الحقيقي حتى الآن. ومن محرك كارنو، جاء ترمومتر كارنو، وهو أداة مُجردة خيالية تستخدم خصائص محرك كارنو لقياس درجة الحرارة بدقة مطلقة، وهو المفتاح لفهم معنى الصفر المطلق من منظور الفيزياء النظرية وليس الشعور البشري بالبرد.
يرى أولايا أن غياب فهم عميق لتعريف درجة الحرارة في السياق الديناميكي الحراري هو ما عطّل إثبات المبرهنة لعقود. ويؤكد أن المحرك الافتراضي الذي تخيله نرنست، رغم أنه لا ينتج شغلًا أو حرارة، يظل صالحًا منطقيا وكافيًا للاستنتاج.
يقول أولايا عن دور ترمومتر كارنو عند الصفر المطلق "هذا هو التغيير الجذري، إذ لم تأخذ البراهين والتفنيدات السابقة قيمة درجة الحرارة بصفر على محمل الجد، كانت مجرد شرط رياضي، وكانوا يتحدثون عنها دون مراعاة ما يجب أن تكون عليه قيمتها وفقًا للقانون الثاني للديناميكا الحرارية، وكيفية تحديدها".
ضد الفرضية الكلاسيكية
واحدة من العقبات التي لطالما أربكت الباحثين هي ملاحظة نرنست بأن الحرارة النوعية تميل إلى الصفر عند الاقتراب من الصفر المطلق، يتفق سلوك الحرارة النوعية والتغير في الإنتروبيا، أي يقترب كلاهما من الصفر عند الاقتراب من الصفر المطلق، وهو سلوك لم تستطع الفيزياء الكلاسيكية تفسيره حتى جاءت ميكانيكا الكم.
اعتقد العلماء أن الحرارة النوعية للصلب هي قيمة ثابتة، وكانت التجارب تؤيد هذا عند درجات الحرارة المتوسطة والعالية. لكن عند درجات الحرارة الشديدة الانخفاض، بدأت التجارب تُظهر أن الحرارة النوعية لا تبقى ثابتة، بل تنخفض بشكل كبير كلما اقتربت درجة الحرارة من الصفر، وكان هذا تناقضًا كبيرا مع الفيزياء الكلاسيكية، ولا تفسير له آنذاك.
وقد أسهم أينشتاين في حل مشكلة الحرارة النوعية باستخدام نموذجه للأجسام الصلبة الكميّة، فعند درجات الحرارة المنخفضة لا تمتلك الذرات طاقة كافية للقفز إلى المستويات الأعلى، وبالتالي لا تمتص حرارة كثيرة، مما يؤدي إلى انخفاض الحرارة النوعية.
لكن يفصل أولايا بين هذه الملاحظة ومبرهنة نرنست نفسها، ويشير إلى أن انعدام الحرارة النوعية، رغم كونها حقيقة تجريبية، لا تشكل جزءًا ضروريا في إثبات المبرهنة. لذا يعتقد أنه يمكن إثبات مبرهنة نرنست بشكل مستقل عنها، ويقول "لعل إحجام أينشتاين عن قبول دليل نرنست كان مدفوعا بحقيقة مفادها أن اختفاء الحرارة النوعية ليس له تفسير في الفيزياء الكلاسيكية (على النقيض من الفيزياء الكمية)".
ومن أكثر ما يثير الاهتمام في ورقة أولايا هو زعمه أن القانون الثالث للديناميكا الحرارية، كما نعرفه اليوم، لم يعد ضروريًا، ويختتم "بغض النظر عن مبدأ حفظ الطاقة (القانون الأول)، لأنه مشترك بين جميع فروع الفيزياء، احتاجت الديناميكا الحرارية إلى قانونين، مبدأ زيادة الإنتروبيا (القانون الثاني) والقانون الثالث. والآن، نحتاج إلى قانون واحد فقط (بجانب القانون الأول)، في رأيي. يحب الفيزيائيون توحيد النظريات. فهي تأتي بتحسين في معرفتنا بالطبيعة وتبسيط في طريقة وصفنا لها".
يعتقد أولايا أن قبول فكرته في المجتمع الأكاديمي قد يستغرق وقتًا، إلا أنه متفائل بأن نشر ورقته العلمية سيُمهّد الطريق نحو إعادة النظر في المفاهيم الأساسية للحرارة. ربما يفتح هذا الباب لفهم أعمق للكون عند أقصى حالاته، حيث تلامس درجات الحرارة الصفر المطلق، وتختفي العشوائية، وتنهار القوانين التقليدية الكلاسيكية، ويبدأ الفيزيائيون في رسم خريطة جديدة للحرارة أكثر دقة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الاتحاد الأوروبي يخطط لخفض قياسي للانبعاثات بحلول 2040
الاتحاد الأوروبي يخطط لخفض قياسي للانبعاثات بحلول 2040

الجزيرة

timeمنذ يوم واحد

  • الجزيرة

الاتحاد الأوروبي يخطط لخفض قياسي للانبعاثات بحلول 2040

أعلنت المفوضية الأوروبية أن الاتحاد الأوروبي ينبغي أن يخفض الانبعاثات بنسبة 90% بحلول عام 2040، وذلك في اقتراح لتغيير قانون المناخ لا يرقى إلى مستوى طموحات العلماء والمنظمات البيئية. ويعد الهدف الذي طال انتظاره لخفض الانبعاثات، والذي يتم قياسه مقابل مستويات التلوث منذ عام 1990 علامة فارقة مهمة على طريق الاتحاد الأوروبي لإزالة الكربون من اقتصاده بحلول عام 2050. ولكن المنظمات البيئية تعترض على تفاصيل الاقتراح لأنه يترك مجالا لحساب أرصدة الكربون الأجنبية، مثل زراعة الأشجار وإنقاذ الغابات، والتي وجد الباحثون في كثير من الأحيان أنها غير فعالة. وكان الإعلان عن الهدف الملزم قانونا، والذي يأتي في وقت تعاني فيه القارة من موجة حر شديدة تستمر لأيام ، قد تأخر لعدة أشهر بعد معارضة من الدول الأعضاء التي وجدت أن الرقم الرئيسي البالغ 90% طموح للغاية. وقال فوبكي هوكسترا، مفوض المناخ بالاتحاد الأوروبي، إن المناقشة حول الهدف كانت "حساسة سياسيا"، لكنه دافع عن التدابير التي تم اتخاذها لكسب تأييد العواصم الوطنية. ويتيح النهج الجديد لتحقيق الهدف استخدام عمليات إزالة الكربون المحلية من خلال نظام تداول الانبعاثات التابع للاتحاد الأوروبي، ويوفر مرونة أكبر لمختلف قطاعات الاقتصاد. كما يفتح الباب أمام استخدام محدود لتعويضات الكربون ابتداء من عام 2036. انتقادات بيئية وقد أثار المنتقدون، بما في ذلك العلماء، مخاوف بشأن التعويضات غير المرغوب فيها التي من المستحيل التحقق منها، أو التي تدعي توفير الكربون للمشاريع التي ربما كانت ستمضي قدما على أي حال، وهو المفهوم المعروف باسم "الإضافية". وأوصى المجلس الاستشاري العلمي الأوروبي المعني بتغير المناخ المفوضيةَ بالسعي إلى تخفيضات أكبر قليلا تتراوح بين 90% و95%. وأكد على ضرورة تحقيق ذلك من خلال العمل المحلي، الذي يستثني استخدام تعويضات الكربون. ويؤكد المستشارون إن مثل هذا المستوى من الطموح ممكن، ومن شأنه أن يزيد من عدالة مساهمة الاتحاد الأوروبي في العمل المناخي العالمي. وقال محمد شحيم، النائب الهولندي ومسؤول ملف المناخ في تحالف الاشتراكيين والديمقراطيين التقدمي ذو التوجه اليساري الوسطي، "إن المقترحات ليست سوى واجهة زخرفية". كما تثير – بحسبه- تساؤلات حول العدالة المناخية، إذ تخاطر أوروبا بالتنصل من مسؤولياتهاK حيث يتم تلويث البيئة في الداخل وغرس الأشجار في الخارج لطمأنة ضميرها. من جهته، دافع مسؤول في الاتحاد الأوروبي عن المقترح، قائلا إن استخدام الاعتمادات الدولية "عملي سياسيا وعقلاني اقتصاديا". وسيسمح هذا الهدف لاعتمادات الكربون بالمساهمة بنسبة 3% في خفض الانبعاثات، بما يتماشى مع موقف ألمانيا، ولن يُسمح به إلا في النصف الثاني من العقد المقبل. وقال المسؤولون إنهم "ينصحون بشدة" بعدم شراء أرصدة الكربون في سوق الكربون الطوعية الحالية، إلا أن قواعد تداول الكربون الجديدة التي وُضعت اللمسات الأخيرة عليها في مؤتمر الأطراف الـ 29 للمناخ في باكو العام الماضي وفرت سياقا مختلفا تماما. يجب أن توافق الدول الأعضاء على هذا الهدف، وأن يُقرّه برلمان الاتحاد الأوروبي قبل ترجمته إلى هدف لعام 2035 بموجب معاهدات الأمم المتحدة للمناخ. ويتعين على الاتحاد الأوروبي تقديم خطة عمل مناخية جديدة قبل مؤتمر الأطراف الـ 30 في البرازيل في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. وفي حين أعربت بعض المجموعات الصناعية عن استيائها من المقترح. أكد الاتحاد الأوروبي لمستهلكي الطاقة الصناعية عن دعمه لهدف الحياد المناخي بحلول عام 2050، لكنه وجد أن هدف 90% المقترح "يُمثل تسريعا غير متناسب وغير واقعي". من جهتها، قالت جماعات حماية البيئة إن الهدف لا يفي بمسؤوليات الاتحاد الأوروبي كأحد أكبر مُصدري غازات الاحتباس الحراري تاريخيا في العالم. وصرح كولين روش، منسق العدالة المناخية والطاقة في منظمة أصدقاء الأرض الأوربية: "ستحاول المفوضية الأوروبية تصوير هذا على أنه خطوة طموحة إلى الأمام، لكن الواقع هو أن المجال يضيق بسرعة أمامنا لتحقيق اتفاق باريس". وأضاف: "هذا الهدف لا يتماشى لا مع علم المناخ ولا مع العدالة المناخية". من جانبه، قال توماس جيلين، الناشط في منظمة غرينبيس إن الاتحاد الأوروبي يتحمل مسؤولية تاريخية لخفض الانبعاثات محليا. وأن تدفع أهدافه المناخية لعام 2040 إلى التحول عن الوقود الأحفوري". وأضاف أنه "بدلا من ذلك، تعتمد المفوضية الأوروبية على حسابات مشبوهة وعمليات غسل أموال الكربون الخارجية للتظاهر بأنها تحقق الحد الأدنى مما ينصح به علماء المناخ التابعون لها".

البحر المتوسط يسجل درجة حرارة قياسية في يونيو
البحر المتوسط يسجل درجة حرارة قياسية في يونيو

الجزيرة

timeمنذ 3 أيام

  • الجزيرة

البحر المتوسط يسجل درجة حرارة قياسية في يونيو

سجل البحر الأبيض المتوسط الأحد الماضي أعلى حرارة سطحية على الإطلاق خلال شهر حزيران/يونيو، بمتوسط 26.01 درجة مئوية، بحسب بيانات جمعها برنامج كوبرنيكوس الأوروبي وحللتها هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية. وقال تيبو غينالدو، الباحث في مركز دراسات الأرصاد الجوية عبر الأقمار الاصطناعية في لانيون (كوت دارمور) لوكالة الصحافة الفرنسية "لم نسجل من قبل درجة حرارة يومية بهذا الارتفاع في شهر يونيو/حزيران، محسوبة على كامل حوض البحر الأبيض المتوسط". وأضاف أن متوسط درجة حرارة البحر الأبيض المتوسط حاليا أعلى بـ3 درجات تقريبا من الأرقام الموسمية المسجلة في الفترة بين 1991-2020، في حين يتجاوز ذلك 4 درجات حول السواحل الفرنسية والإسبانية. وأشار الباحث إلى أن الظروف الجوية الحالية تجعل "البحر الأبيض المتوسط يتحمل وطأة الحر، مع درجات حرارة مرتفعة والقليل من الرياح وأشعة شمس حارقة". وأضاف "بالنظر إلى الأسبوع الذي سنشهده من حيث الأحوال الجوية، للأسف، لن تنخفض درجات الحرارة". ومنذ عام 2023، يشهد البحر الأبيض المتوسط موجات حر متكررة وتنخفض حرارته بشكل أبطأ بكثير من ذي قبل خلال فصل الشتاء. وأشار غينالدو إلى أنه "منذ عام 2023، وفي كل عام، بين أكتوبر/تشرين الأول وأبريل/نيسان، ترتفع الحرارة درجة مئوية واحدة". وأوضح أن موجات الحر البحرية المحلية تتوالى منذ بداية العام في حوض البحر الأبيض المتوسط. كما تجتاح خليج الأسد موجة حر بشكل شبه دائم منذ أبريل/نيسان". في 15 أغسطس/آب 2024، سجل البحر الأبيض المتوسط أعلى درجة حرارة على الإطلاق، مع 28.47 درجة مئوية وسطيا لدرجة حرارة سطح الماء، متجاوزة الرقم القياسي السابق المسجل في يوليو/تموز 2023، بحسب كوبرنيكوس. وأثرت موجات الحر البحرية بشدة على الكائنات البحرية الأقل حركة. فخلال موجات الحر التي ضربت البحر الأبيض المتوسط بين عامي 2015 و2019، تعرض نحو 50 نوعا من الشعاب المرجانية وقنافذ البحر والرخويات وذوات الصدفتين وغيرها لنفوق جماعي بين السطح وعمق 45 مترا، بحسب دراسة نُشرت في عام 2022 في مجلة "علم أحياء التغير العالمي".

فيزيائيو أكسفورد يصنعون ضوءا من "الفراغ الكمومي"
فيزيائيو أكسفورد يصنعون ضوءا من "الفراغ الكمومي"

الجزيرة

timeمنذ 3 أيام

  • الجزيرة

فيزيائيو أكسفورد يصنعون ضوءا من "الفراغ الكمومي"

في سبق علمي جديد أعلن فريق من العلماء بجامعة أوكسفورد البريطانية عن تطوير أداة محاكاة حاسوبية قادرة على تتبع تفاعلات الضوء في الفراغ الكمي لحظة بلحظة، في 3 أبعاد وبدقة عالية غير مسبوقة. وقد نُشرت هذه الدراسة في دورية "كوميونيكيشن فيزيكس" التابعة لمجموعة "نيتشر". تكشف الدراسة حقيقة "العدم" بالمعنى الفيزيائي (وليس الفلسفي)، حيث تقول زيكسين زانغ، الباحثة في قسم الفيزياء الذرية والليزر، في جامعة أكسفورد في تصريحات للجزيرة نت: "في المصطلحات اليومية، نعتقد أن العدم هو فضاء فارغ، لكن في الفيزياء الكمية، فإن 'اللا شيء' لا يكون فارغا حقا" مضيفة: "حتى في فراغ مثالي، هناك تقلبات طاقة صغيرة وسريعة تؤدي إلى ظهور جسيمات افتراضية تظهر وتختفي بسرعة كبيرة لدرجة يصعب معها رصدها مباشرة". ورغم أن هذه الظواهر الكمومية كانت دائما حاضرة في النظريات، فإن الأدوات التجريبية لرصدها ظلت محدودة. لكن الليزر فائق القوة المستخدم حاليا يمكّن من التفاعل مع هذا الفراغ الكمومي، ورصد آثاره غير المباشرة، مثل تغيير خصائص نبضة ضوئية تمر خلاله. حقيقة الفراغ تقدم الدراسة أداة محاكاة جديدة تستند إلى نموذج يصف كيف يؤثر الفراغ الكمي على الضوء. تشرح زانغ: "لقد قدمنا في دراستنا أداة محاكاة جديدة تُمكّن من تتبع كيفية تفاعل نبضات الليزر مع الفراغ الكمومي. وتُظهر نتائجنا إعادة إنتاج الظواهر المعروفة مثل الازدواجية في الفراغ (حيث يتغير الضوء بسبب الفراغ) ومزج الموجات الأربع (حيث يتم توليد ضوء جديد من تداخل ثلاث نبضات ضوئية)، مما يؤكد أن النموذج يعمل بدقة ويمكنه مساعدتنا في استكشاف فيزياء أكثر غرابة مستقبلا". في السابق، كانت النماذج التي تحاول محاكاة هذا التفاعل تعتمد على افتراضات غير دقيقة، مثل اعتبار الليزر موجة مثالية ومنتظمة، بينما الليزر الحقيقي أكثر تعقيدا. كما أن أدوات المحاكاة القديمة كانت بطيئة جدا أو لا تُظهر تفاصيل كافية. تضيف زانغ: "لذلك نلجأ إلى المحاكاة الرقمية، لكنها مكلفة حسابيا جدا، خاصة في 3 أبعاد". وهنا جاءت فكرة الأداة الجديدة: أشبه بـ"كاميرا فائقة السرعة" تلتقط ما يحدث أثناء التفاعل، وتُظهر التفاصيل بوضوح وبتكلفة حاسوبية أقل، تقول زانغ: "أدوات المحاكاة الحالية إما بطيئة جدا، أو لا تُظهر ما يحدث داخل منطقة التفاعل. أما أداتنا الجديدة فهي أشبه بكاميرا عالية السرعة تتيح مشاهدة التفاعل لحظة بلحظة، مما يمنحنا فهما أعمق بكثير". تم تطوير هذه الأداة ضمن بيئة تُسمى "أوزيريس"، وتم تعديلها بحيث تعمل بكفاءة عالية باستخدام موارد بسيطة، مما سيساعد العلماء على استكشاف ظواهر فيزيائية أكثر غرابة في المستقبل. ليس انعكاسا ولا اتحادا! من المظاهر المذهلة التي كشفتها المحاكاة هو أن الفراغ في ظل الضوء الكثيف يتصرف وكأنه وسط يتغير سلوكه تجاه الضوء، عندما تزداد شدة الضوء الداخل إليه، مما يسمح بتفاعلات ضوئية غير ممكنة عادة. تتعجب زانغ، وتوضح "ما يثير الدهشة أن ظواهر ضوئية مثل الازدواجية أو مزج الموجات الأربع، والتي تحتاج عادة إلى مواد خاصة، يمكن أن تحدث هنا في غياب تام لأي مادة. كل ما نحتاجه هو فراغ وكثافة ضوء عالية". يعني ذلك أن النبضة الضوئية الجديدة الناتجة من مزج الموجات الأربع ليست انعكاسا للنبضات الثلاث، ولا مجرد اتحاد مباشر بينها، بل هي وليدة تفاعل خاص يحدث داخل "العدم" أو الفراغ الكمي عندما تتقاطع هذه النبضات معا. هذا التحول في تصور الفراغ له آثار عملية أيضا، خصوصا في تصميم التجارب المستقبلية في مرافق الليزر العملاق، وتشرح زانغ: "أداتنا متاحة عند الطلب ويمكنها محاكاة أي إعداد لليزر تقريبا. وهذا يعني أن الباحثين في المرافق الجديدة يستطيعون اختبار أفكارهم على الحاسوب قبل تنفيذها في الواقع، ومقارنة النتائج بما ننتجه نظريا"، مشيرة إلى أن الأداة تدعم أيضا نماذج فيزيائية بديلة. كما تتيح الأداة تتبع الوقت الدقيق لوصول النبضات الضوئية إلى أجهزة الكشف، وهو أمر حاسم للتجارب التي تستخدم مجسات عالية الحساسية تعتمد على التوقيت، فمعظم النماذج السابقة لا تحدد متى ستصل الإشارة إلى الكاشف. أما الأداة الجديدة، فهي تتبع تطور النبضة لحظة بلحظة، مما يسمح بالتنبؤ الدقيق بزمن وصول الإشارة، وبالتالي تحسين فعالية التجارب، بحسب زانغ. ضوء مقولب وفي واحدة من أهم نتائج الدراسة، كشفت المحاكاة أن شكل النبضة الناتجة في تجربة مزج الموجات الأربع يتأثر مباشرة بشكل منطقة التداخل بين نبضات الليزر الداخلة. وتشرح زانغ: "الفكرة الأساسية أن الضوء الناتج يتشكل فقط في المنطقة التي تتقاطع فيها كثافات الليزر الداخلة. إذا كانت المنطقة غير منتظمة، فإن النبضة الخارجة تعكس هذا الشكل، كأنها قطعة بسكويت تأخذ شكل القالب. وقد أظهرت محاكاتنا هذا الترابط بشكل واضح". يطمح الباحثون أن تصبح أداتهم أساسا لأدوات أوسع لمحاكاة الفراغ الكمي، ليس فقط في فراغ تام بل حتى عند وجود جسيمات، مما يفتح الباب أمام محاكاة التجارب المعقدة. وهكذا، لا يعود الفراغ مجرد غياب للمادة، بل يصبح ساحة تعج بصخب صنعته فيزياء الكم ولن تكف عنه في السنوات المقبلة، كما تشهد تفاعلات ضوئية دقيقة ومعقدة يمكن الآن، بفضل هذه المحاكاة، مشاهدتها بتفاصيل غير مسبوقة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store