
الرياض تُراكم النفوذ السياسي وتضبط الإيقاع الإقليمي
هذا الحراك، وإن لم يُعلَن عنه رسمياً كوساطة، إلا أنه أعاد تثبيت موقع الرياض كلاعب لا يكتفي بالمراقبة، بل يتحرك بهدوء، عبر قنوات متشعّبة، في توقيت بالغ الحساسية. وقد أتى الاجتماع في البيت الأبيض ليضيف بُعداً سياسياً إلى التحرّك، خصوصاً أنه تزامن مع مؤشرات متزايدة على رغبة أميركية في استثمار اللحظة.
لم يتأخر الرئيس ترامب في توظيف اللقاء، إذ ألمّح إلى نقاش دار مع الأمير السعودي حول مسار الاتفاقيات الابراهيمية، مشيراً إلى إمكانية انضمام دول جديدة إليها. غير أن هذا الطرح، على الرغم من ظهوره في العلن، لم يلقَ تجاوباً سعودياً مباشراً، إذ لا يزال الموقف في الرياض قائماً على معادلة واضحة: لا خطوات تطبيعية خارج إطار تسوية عادلة تفضي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة.
في هذا السياق، يعود إلى التداول مشروع كانت تعمل عليه السعودية بالتنسيق مع فرنسا، ويهدف إلى إعادة تثبيت حلّ الدولتين وتوسيع الاعتراف الدولي بفلسطين. ورغم أن هذه المبادرة توقّفت مع تصاعد المواجهة بين إيران والولايات المتحدة الاميركية واسرائيل، إلا أنها لم تُسحب من التداول، بل بقيت حاضرة ضمن التقديرات السياسية السعودية على أنها أحد المسارات الممكنة لإعادة التوازن إلى الملف الفلسطيني.
ويكتسب اللقاء بين ترامب والأمير بن سلمان أهمية إضافية، نظراً لتزامنه مع الاستعدادات الجارية لاستقبال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، في ظل ترقّب لاحتمال التوصّل إلى تسوية تفضي الى وقف إطلاق النار في غزة. وما بين اللقائين، تبدو الرياض حاضرة في النقاش السياسي، حتى وإن لم تظهر في المشهد الإعلامي، ما يعكس رغبة في التأثير بصمت، من دون الدخول في لعبة العناوين المباشرة.
بالتوازي، لا تغيب المملكة عن ملفات أخرى تزداد تعقيداً، وفي مقدّمها لبنان وسوريا. ورغم أنّ المتابعة السعودية لهذين الملفين لا تأخذ شكل الانخراط العلني، إلا أنها قائمة ضمن سياسة مضبوطة لا تغيب عنها التفاصيل، ولا تنخرط في السجالات، بل تراقب وتنتظر اللحظة المناسبة للتدخّل أو الدفع نحو استقرار نسبي يمنع الانهيار الكامل.
دولياً، تتقاطع هذه التحركات مع استعادة تدريجية للتنسيق مع واشنطن، وذلك بعد فترة من التباعد خلال ولاية إدارة بايدن. إلا أن ذلك لا يعني انكفاءً عن الشرق، حيث حافظت الرياض على علاقتها المتينة مع بكين، التي باتت تشكل شريكاً اقتصادياً رئيسياً. ولعلّ هذا التوازن يعكس رؤية استراتيجية ترى في التنويع قوة، وفي الانفتاح أداة لحماية القرار المستقل.
وبذلك، لا يبدو أن التحرك السعودي الأخير وليد ظرف سياسي عابر، بل هو امتداد لنهج يتبلور تدريجياً، ويعيد موقع المملكة إلى الواجهة، لا عبر التصعيد، بل من خلال حضور موزون، يبني التأثير على الدبلوماسية الصامتة، لا على الصدام.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ليبانون 24
منذ ساعة واحدة
- ليبانون 24
محفوظ يتحدث عن باراك و سياسة " العصا والجزرة"
اعتبر رئيس المجلس الوطني للاعلام المرئي والمسموع عبد الهادي محفوظ، في بيان، انه "عكس ما كانت عليه المبعوثة الأميركية السابقة مورغان أورتاغوس إلى لبنان يحاول المبعوث الأميركي إلى لبنان توم باراك أن يكون أكثر لطفا في ايجاد المخارج للأفكار التي تضمنتها ورقته التي كان ناقشها مع الرؤساء الثلاثة من دون أن يطرح فترة زمنية لتنفيذها". أضاف: "توم باراك يسير على خطى رئيسه ترامب معتمدا سياسة " العصا والجزرة". فسيد البيت الأبيض نجح في تطويع رئيس الحكومة الاسرائيلية نتنياهو لصالح الرؤية الأميركية القائمة على رسم خريطة الشرق الأوسط وفقا للمصالح الأميركية وليس الرؤية الاسرائيلية. وهو أي ترامب يحتاج إلى تكريس سريع للإستقرار في المنطقة. ومفاتيح هذا الاستقرار تحتاج إلى تفاهمات مع حماس في غزة وغير كافية ومطمئنة في سوريا مع الرئيس الشرع بحكم غموض موقف الشارع السوري. أما في لبنان فحزب الله يحتاج إلى ضمانات أميركية غير متوفرة بشكل مطمئن في "ورقة باراك"، وأبعد من ذلك الاستقرار في المنطقة يفترض بالضرورة تفاهمات" أميركية – ايرانية" تملي حوارا يؤثر الرئيس ترامب أن يكون بينه وبين الرئيس الايراني مسعود بزشكيان وبين وزيري خارجية البلدين. والواضح أن ايران تملك الوقت وتستثمره وليس من المفاجئ أن يكون هناك تنسيق حقيقي في الخيارات القادمة بين طهران وحزب الله. أما تلويح المبعوث الأميركي باراك باستخدام الجيش اللبناني لمصادرة سلاح حزب الله فإنه لا يتماشى مع الحذر الذي يلتزم به كل من رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وقائد الجيش العماد رودولف هيكل، وخصوصا أن الرئيس اللبناني راهن على وعود الخارج والتي بقيت حبرا على ورق". وتابع: "والواقع أن سياسة " العصا والجزرة" التي يعتمدها المبعوث الأميركي مصحوبة بابتسامة عريضة منه تكشف أن هناك ثقوبا في هذه السياسة مكشوفة لحزب الله. والعصا هي اسرائيلية ولا تنتج ما تبتغيه السياسة الأميركية الحقيقية. فالعبث الاسرائيلي في الوضع اللبناني لن يبقي المقاومة هادئة إلى وقت طويل وهي تأخذ ذلك في أجوبتها على ورقة توم باراك. فمثل هذا العبث قد يمتد سريعا إلى الجوار السوري خصوصا مع الإغتيالات المستمرة لشخصيات علوية ومسيحية ومع سياسات الخوة المفروضة على القرى ومع رسائل اليمين الديني السوري المتطرف بتهجير المسيحيين وهدم الكنائس وأخيرا مع هدم منحوتات تاريخية وحضارية تحت عنوان اعتبارها أصناما على الطريقة الأفغانية". وأردف: "والمستغرب أن المبعوث الأميركي باراك الذي يمتدح الرئيس السوري على سياساته باتجاه تكريس وحدة سوريا واحترام الأقليات كما يستنتج لا يرى ما يحصل من حقائق تناقض هذه السياسات التي بدأت تعطي مردودا باستثارة مخاوف اللبنانيين جميعا بمعرفة الأخطار التي تحملها هذه السياسات على لبنان وعلى المسيحيين تحديدا ومعهم الشيعة والأقليات وكذلك الإنفتاح السني. صحيح أن الفاعل الرئيسي في المنطقة هو الولايات المتحدة الأميركية. لكن هذا الفاعل يحتاج إلى تفهم الأدوار الممكنة لكل من حلفائه وخصومه على السواء. فسياسات التهويل لا تخدمه ودعوته مجددا لاستعمال "العصا الاسرائيلية " هي في غير مكانها. ولبنانيا المصلحة الأميركية الفعلية تبدأ بانسحاب من النقاط الخمس المحتلة وأن تساند واشنطن الحوار بين الرئيس العماد جوزاف عون وحزب الله لا أن تطرح أسئلة تشكيكية". وختم محفوظ: "أيا يكن الأمر الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتوقع نجاح مساعيه في غزة وكذلك فتح الحوار مع ايران. وكل ذلك يوحي بضرورات التنازلات المتبادلة لا الفرض القسري. وخيارات أميركا العميقة هي في هذا الإتجاه".

القناة الثالثة والعشرون
منذ ساعة واحدة
- القناة الثالثة والعشرون
من جديد.. "تيك توك" بين أميركا والصين!
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إن الولايات المتحدة ستبدأ محادثات مع الصين هذا الأسبوع بشأن صفقة محتملة تتعلق بتطبيق "تيك توك" الشهير. وأوضح ترامب، في تصريحات للصحافيين على متن طائرة الرئاسة يوم الجمعة، أن "المفاوضات قد تنطلق يوم الاثنين أو الثلاثاء المقبلين، مشيرا إلى احتمال أن يجري التحدث مباشرة مع الرئيس الصيني شي جين بينغ أو أحد ممثليه". وأضاف ترامب: "لدينا صفقة إلى حد كبير بشأن بيع التطبيق"، في إشارة إلى الاتفاق الذي يجري التفاوض بشأنه لنقل ملكية أصول "تيك توك" في الولايات المتحدة إلى شركة جديدة يديرها مستثمرون أميركيون. وكان الرئيس الأميركي قد مدّد الشهر الماضي المهلة الممنوحة لشركة "بايت دانس" الصينية المالكة لتطبيق "تيك توك" من أجل بيع أصولها داخل الولايات المتحدة حتى 17 سبتمبر المقبل، بعد أن تعثرت مفاوضات سابقة هذا العام بسبب توتر العلاقات بين واشنطن وبكين. وكان الاتفاق المحتمل ينصّ على تحويل عمليات "تيك توك" الأميركية إلى كيان جديد مقره الولايات المتحدة وتكون ملكيته بأغلبية لمستثمرين أميركيين، إلا أن الصين رفضت حينها الموافقة على الصفقة، خاصة بعد فرض إدارة ترامب رسوما جمركية مرتفعة على الواردات الصينية. وأكد ترامب أن إتمام الصفقة سيتطلب على الأرجح موافقة الحكومة الصينية، مضيفاً: "لست واثقا من ذلك، لكنني أعتقد أن هذا سيحدث. تربطني علاقة رائعة بالرئيس شي، وأظن أن هذه الصفقة ستكون جيدة للصين ولنا أيضا". انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


صدى البلد
منذ 2 ساعات
- صدى البلد
ترامب: أرغب بشدة في تقديم المساعدات لـ أوكرانيا
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه يرغب في تقديم المساعدة لأوكرانيا في مجال الدفاع الجوي نظرًا لتكثيف الهجمات الروسية. وعبر ترامب للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، خلال اتصال هاتفي أجري الليلة الماضية، عن رغبته في مساعدة كييف في مجال الدفاع الجوي وأنه سيتحقق من المساعدات التي تم تعليقها، حسبما كشف مسؤول أوكراني ومصدر آخر مطلع على الاتصال لموقع (آكسيوس) الأمريكي اليوم. وقال أحد المصدران إن ترامب على علم بالتصعيد الروسي الأخير، بما في ذلك الضربات الجوية على المدن الأوكرانية وعلى الخطوط الأمامية. وأكد المسئول الأوكراني أن ترامب وزيلينسكي اتفقا على أن فريقين أمريكي وأوكراني سيلتقيان قريبًا لبحث الدفاع الجوي وإمدادات أسلحة أخرى. يذكر أن وزراة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) أعلنت، الأربعاء الماضي، تعليق شحنة أسلحة للجيش الأوكراني بما في ذلك طائرات اعتراضية وذخيرة. وأشار (آكسيوس) إلى أن ترامب تحدث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس أول الخميس، بشأن الحرب في أوكرانيا ولكنه أكد لاحقا أنه لم يتم إحراز أي تقدم في هذا الصدد، حيث أخبر بوتين نظيره الأمريكي أن روسيا لن تتخلى عن أهدافها في أوكرانيا. وعقب هذا الاتصال الذي أجري بين الرئيسين الروسي والأمريكي، صعدت روسيا غاراتها الجوية على أوكرانيا حيث وجهت مئات المسيرات وعشرات الصواريخ الباليستية، وقال ترامب إثر ذلك إنه يشعر بخيبة أمل كبيرة إزاء المحادثة التي أجراها مع بوتين