
الضفة جبهة أخرى لتصفية القضية.. بيانات صادمة وزحف استيطاني لا يتوقف #عاجل
في مشهد لا يقل قسوة عن نكبة غزة المستمرة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي أدت إلى استشهاد أكثر من 45 ألف فلسطيني حتى يوليو/تموز 2025، وفق وزارة الصحة الفلسطينية، تعيش الضفة الغربية نكبتها الخاصة، وسط صمتٍ دولي وإقليمي.
فبينما تتعرض غزة لإبادة جماعية متواصلة على مرأى العالم، تتواصل في الضفة الغربية عملية تهجير ممنهجة، تنفذها حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف، بأدوات الاستيطان والضم وعنف المستوطنين، وسط غياب أي موقف عربي أو دولي حازم يوقف هذا النّزف الصامت.
زحف استيطاني وعنف لا يتوقف
شهد العام 2025 تسارعا غير مسبوق في وتيرة الاستيطان في الضفة الغربية، بما يشبه سباقًا مع الزمن لتثبيت "الوقائع على الأرض".
ووفق "هيئة مقاومة الجدار والاستيطان"، فقد صادقت حكومة بنيامين نتنياهو خلال النصف الأول فقط من هذا العام على بناء أكثر من 17 ألف وحدة استيطانية جديدة، تركز أغلبها في مناطق نابلس والخليل وبيت لحم، في إطار إستراتيجية ربط المستوطنات بعضها ببعض وتقطيع أوصال الضفة.
وتشير معطيات منظمة "بتسيلم" في تقريرها الصادر في مايو/أيار 2025 إلى أن عدد المستوطنين في الضفة تجاوز 730 ألفًا، أي بزيادة 8% عن العام الماضي، وهو ما يؤكد أن السياسات الإسرائيلية تسير نحو تكريس الضم الفعلي، لا التجميد أو التفاوض.
كما كشفت صحيفة "هآرتس" في 20 يونيو/حزيران 2025 أن الحكومة خصصت 5.6 مليارات شيكل (نحو 1.5 مليار دولار) لتوسيع البنى التحتية الاستيطانية، تشمل طرقًا وشبكات مياه وكهرباء، في خطة تُنفّذ على عجل قبيل أي تغييرات محتملة في البيئة الدولية أو السياسية الأميركية.
من جهة أخرى، صار عنف المستوطنين جزءًا متجذرا في أدوات تهجير الفلسطينيين. فوفق مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا)، تم توثيق 1375 حادث عنف من المستوطنين منذ بداية 2025، بزيادة 30% عن نفس الفترة من العام السابق، وتنوّعت بين حرق أراضٍ، وتكسير سيارات، واقتحام قرى وبلدات، وصولاً إلى اعتداءات جسدية قاتلة.
وفي ترمسعيا شمال رام الله، أحرق مستوطنون عشرات الدونمات من كروم العنب في أبريل/نيسان 2025، كما وثّقت منظمة "يش دين"، وسط غطاء واضح من الجيش الإسرائيلي الذي منع فرق الإطفاء من الوصول بسرعة إلى الموقع.
وفي مؤتمر صحفي في جنيف في 28 يونيو/حزيران الماضي، صرّحت المتحدثة باسم مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بأن "السلطات الإسرائيلية تتقاعس بشكل منهجي عن محاسبة المستوطنين، ما يخلق مناخًا من الإفلات من العقاب ويشجّع على تكرار الانتهاكات".
هذا التواطؤ، بحسب مراقبين، لا يعدّ مجرد تجاهل، بل سياسة مقصودة ضمن هندسة بيئة طاردة للفلسطينيين في المناطق المصنفة "ج"، والتي تمثّل أكثر من 60% من الضفة.
قوانين مدنية بأهداف عسكرية
ويرى مراقبون أن الضم لا يُمارَس فقط ببناء المستوطنات، بل بأدوات تبدو قانونية في الظاهر، لكنها تحمل في جوهرها نية السيطرة على الأرض. فقد وثّقت وزارة الأشغال العامة الفلسطينية في تقريرها السنوي مصادرة أكثر من 12 ألف دونم منذ بداية العام لشق طرق استيطانية جديدة، أبرزها الطريق الذي يربط مستوطنة "إيتمار" جنوب نابلس بمستوطنة "شيلو" قرب رام الله.
وتعليقًا على ذلك، قال حنا عيسى، أمين عام الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس في 3 يونيو/حزيران 2025 إن "إسرائيل تستخدم القوانين المدنية كأدوات ضم هادئة؛ كأن تسنّ قوانين للتنظيم والبناء، لكنها تمنح التراخيص للمستوطنات وترفضها للفلسطينيين، ما يجعل من البناء الفلسطيني "غير قانوني" في نظر الاحتلال".
وأكد تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" في يونيو/حزيران أن إسرائيل هدمت أكثر من 210 منازل فلسطينية في مناطق (ج) في النصف الأول من 2025، بحجة عدم الترخيص، رغم أن سلطات الاحتلال نادرًا ما تصدر تلك التراخيص.
وبحسب التقرير ذاته، فإن 95% من طلبات تراخيص البناء المقدمة من فلسطينيين في المنطقة (ج) تم رفضها في السنوات الثلاث الأخيرة.
واكتفى الاتحاد الأوروبي في بيانه الصادر بتاريخ 2 يوليو/تموز 2025 بـ"الإعراب عن القلق العميق" دون فرض أي عقوبات أو خطوات عملية، ما اعتبرته منظمات حقوقية بمثابة "ضوء أخضر ناعم" لاستمرار الانتهاكات.
من جهتها، قالت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان رسمي في 6 يوليو/تموز "إن استمرار هذا الصمت الدولي، والاكتفاء بالتعبير عن القلق، يمنح الاحتلال غطاءً واضحًا لتوسيع مشروعه الاستيطاني، في خرق صريح لقرار مجلس الأمن رقم 2334، الذي يجرّم المستوطنات".
نموذج متطور من الأبارتهايد المقنن
وفي ظل هذا الجمود، ترتفع الأصوات الحقوقية محذّرة من تحوّل الوضع في الضفة إلى "نموذج جنوب أفريقي بنسخته الإسرائيلية".
ووصف الباحث القانوني الفرنسي فرانسوا دوبريه في تصريح لمجلة "لوموند دبلوماتيك" الضفة الغربية بأنها "نموذج متطور للأبارتهايد المقنّن، حيث يُمنح المستوطن كل الحقوق، بينما يُجرّد الفلسطيني من أرضه ومن حقه في البقاء".
وبحكم الواقع، لم تعد الضفة الغربية ساحة اشتباك موسمي أو أحداث متقطعة، بل تحولت تدريجيًا إلى بؤرة انفجار إستراتيجي في قلب الجغرافيا الفلسطينية. فبين مئات الحواجز، وعشرات الطرق الالتفافية، والاعتقالات اليومية، والاقتحامات الليلية، والهدم الممنهج، يتعرّض المجتمع الفلسطيني لحصار داخلي خانق لا يقل شراسة عن الحصار العسكري على غزة.
وتشير تقديرات مركز "القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني" في تقريره الصادر في يوليو/تموز 2025 إلى أن معدل التهجير الطوعي القسري (بسبب الظروف المعيشية والأمنية) ارتفع بنسبة 42% منذ بداية الحرب على غزة، إذ غادر آلاف الفلسطينيين من مناطق التماس نحو المدن الفلسطينية الداخلية أو إلى الأردن، وسط مؤشرات على تفريغٍ بطيءٍ للضفة.
هذا الواقع لا يعبّر فقط عن اختلال في ميزان القوى، بل عن تآكل خطِر في الثوابت السياسية التي قامت عليها عملية السلام منذ اتفاق أوسلو، وسط غياب أي أفق سياسي أو ضغط دولي جاد.
لم تعد الضفة الغربية جبهة ثانوية في ظل نكبة غزة، بل صارت الجبهة الأخطر التي تُستهدف ببطء وتُفرّغ بقسوة تحت غطاء قانوني زائف وعنف استيطاني منظم. إنها المعركة الهادئة التي تُخاض بلا كاميرات ولا صواريخ، لكنها لا تقل فتكًا بمستقبل الأرض والهوية.
فهل يُعد هذا الواقع اقترابا من الفصل الأخير كون الضفة الركن الرئيسي في القضية الفلسطينية أم أن القادم ينذر بنكبة أدهى من كل ما سبق؟
(الجزيرة)
تابعو الأردن 24 على

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سواليف احمد الزعبي
منذ ساعة واحدة
- سواليف احمد الزعبي
MEE: محادثات غزة يهددها رفض 'إسرائيل' الانسحاب من رفح
#سواليف كشف موقع ميدل إيست آي البريطاني، أن #محادثات وقف إطلاق النار بين دولة #الاحتلال الإسرائيلي، وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية ' #حماس ' في #الدوحة تواجه خطر الانهيار، بسبب إصرار 'إسرائيل' على إبقاء قواتها في محافظة #رفح وأجزاء من #غزة خلال فترة الهدنة. كما ترفض حماس شرطًا جديدًا أضافه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يقضي بنزع سلاحها وتخليها عن السيطرة في غزة، وترى فيه محاولة لإفشال المفاوضات قبل بدئها. وعلم موقع ميدل إيست آي أن مفاوضي حركة حماس يشكون، وبشكل متزايد، في إمكانية التوصل خلال جولة المحادثات الحالية في الدوحة إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة مع إسرائيل. تقول المصادر المقربة من المفاوضين الفلسطينيين إن المحادثات ما تزال متوقفة على الأقل عند أمرين من أربعة أمور هامة. أما الأمر الأول فهو نطاق الانسحاب الإسرائيلي المقترح من قطاع غزة خلال هدنة الستين يوماً. وأما الأمر الآخر فهو أسلوب توزيع المساعدات. يقال إن الولايات المتحدة اقترحت تأجيل المباحثات حول هذين النقطتين، والتركيز بدلاً من ذلك على أسماء السجناء الفلسطينيين الذي ستطلق سراحهم إسرائيل مقابل من تبقى من الأسرى الإسرائيليين. إلا أن المفاوضين الفلسطينيين يرون في هذه المقاربة فخاً منصوباً لهم. وفي تصريح لموقع ميدل إيست آي، قال أحد المصادر: 'إنها مصممة لتحميل حركة حماس المسؤولية عن انهيار هذه المحادثات.' وبحسب المصادر فإن إسرائيل ترغب في إبقاء قواتها في أجزاء كبيرة من قطاع غزة خلال فترة هدنة الستين يوماً. تشمل هذه الأجزاء معظم محافظة رفح وكذلك 'منطقة محايدة' بعمق يصل إلى ثلاثة كيلومترات على امتداد حدود غزة الشرقية والشمالية مع إسرائيل. يفترض أن تغطي 'المنطقة المحايدة' العديد من البلدات والأحياء السكنية الفلسطينية، وبذلك يتم قطع الطريق على عودة مئات الآلاف من النازحين إلى بيوتهم. تدفع حماس باتجاه التزام إسرائيل بالانسحاب إلى الخطوط التي تم الاتفاق عليها في هدنة شهر يناير / كانون الثاني، والتي انتهكتها إسرائيل في شهر مارس / آذار. من شأن المخطط الإسرائيلي أن يبقي القوات الإسرائيلية في أجزاء من ممر فيلادلفيا، على امتداد حدود غزة مع مصر، وعلى مسافة 700 متر من الحدود مع إسرائيل في الشرق والشمال، إلى أن يتم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار دائم. فيما يتعلق بالمساعدات، يصر المفاوضون الإسرائيليون على استمرار مؤسسة غزة الإنسانية بممارسة دورها باعتبارها واحدة من الجهات الرئيسية الموزعة للمساعدات، على الرغم من التنديدات العالمية الواسعة بها. وبحسب المصادر التي تحدث معها موقع ميدل إيست آي، فإنه تمويهاً للشرعية التي سوف تكتسبها مؤسسة غزة الإنسانية فيما لو قبلت حماس بهذا الترتيب، فقد أخبرت إسرائيل برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة بأنه ينبغي أن يكون هو الموزع الرئيسي للمساعدات. يوم الأربعاء، قال كارل سكاو، نائب المدير التنفيذي في برنامج الغذاء العالمي، إن المسؤولين الإسرائيليين أشاروا إلى أنهم يريدون من الأمم المتحدة استئناف القيام بدورها كمزود رئيسي للمساعدات في غزة. يرفض مفاوضو حماس هذا الأمر خشية أن تغدو مؤسسة غزة الإنسانية، فيما لو ظلت شغالة، بديلاً عن الأمم المتحدة في نهاية المطاف. يقول شهود عيان إن القوات الإسرائيلية والمقاولين العسكريين الأمريكيين الذي يتواجدون في مواقع مؤسسة غزة الإنسانية يطلقون النار بشكل منتظم على الفلسطينيين الذين يصطفون من أجل الحصول على الطعام. أكد هذا الكلام، في تصريح لوكالة أسوشييتد بريس، موظفان سابقان في يو جي سولوشنز، شركة المقاولات العسكرية التي توظفها لديها مؤسسة غزة الإنسانية. كما نشرت صحيفة هآريتس شهادات لجنود إسرائيليين قالوا فيها إنهم أمروا بإطلاق النار على الفلسطينيين العزل الذي جاءوا يسعون للحصول على المساعدات. منذ أواخر شهر مايو / أيار، وبحسب تصريحات لمسؤولي وزارة الصحة، قتل ما لا يقل عن 800 شخص من الساعين للحصول على المساعدات بينما أصيب ما يزيد عن خمسة آلاف منهم عند نقاط التوزيع تلك. بالمجمل، ومنذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر / تشرين الأول 2023، لا يقل عدد من قتلتهم القوات الإسرائيلية عن 57880 فلسطينياً بينما يتجاوز عدد من أصيبوا بجراح 138 ألفاً. 'معسكر الاعتقال' الإسرائيلي ثمة ارتباط وثيق بين خطوط الانسحاب الإسرائيلي وآلية توزيع المساعدات. لو بقيت القوات الإسرائيلية في رفح، فسوف تفقد غزة القدرة على الوصول إلى بعض أكثر أراضيها الزراعية إنتاجية، الأمر الذي سوف يقوض قدرتها على تغذية نفسها ذاتياً ولو بشكل جزئي. بعد ذلك سوف تكون إسرائيل حرة في إقامة ما تسميه 'مدينة إنسانية'، وهو المقترح الذي قوبل بانتقادات دولية، بل وذهب البعض إلى وصفه بأنه أشبه ما يكون بمعسكر الاعتقال. أعلن عن الخطة وزير الحرب الإسرائيلي إسرائيل كاتس بينما كان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يجري محادثات مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في واشنطن الأسبوع الماضي. أخبر كاتس الصحفيين بأنه أصدر تعليماته للجيش بالإعداد لخطة لنقل جميع الفلسطينيين في غزة إلى مدينة خيام تقام على أنقاض رفح. وأضاف أنه فيما لو سمحت الظروف، فسوف تبدأ أعمال البناء خلال فترة الستين يوماً من وقف إطلاق النار الذي تحاول التفاوض من أجل التوصل إليه كل من إسرائيل وحماس. يحذر النقاد من أن المرفق قد يستخدم لاحتجاز 600 ألف فلسطيني في بداية الأمر، ثم لاحتجاز كافة سكان قطاع غزة في نهاية المطاف، مما قد يسهل عملية الإبعاد الجماعي فيما بعد إلى خارج المناطق الفلسطينية. ترى حماس وجود مؤسسة غزة الإنسانية، وما يصاحب ذلك من القتل اليومي للفلسطينيين الذين يصطفون في طوابير للحصول على الطعام، بمثابة أداة تستخدمها إسرائيل لإجبار الفلسطينيين على التوجه جنوباً إلى داخل أجزاء في رفح ترزح تحت سيطرتها. ولذلك فإن الحركة الفلسطينية لن توقع على اتفاق يقضي باستمرار مؤسسة غزة الإنسانية في العمل داخل غزة، أو يسمح لإسرائيل بإنشاء معسكر داخل رفح أثناء فترة وقف إطلاق النار، وذلك بحسب ما علمه موقع ميدل إيست من المصادر التي تحدثت إليه. قال المصدر: 'هذه الآلية ليست لديها شرعية. إذا وافقت حماس على هذا الأمر، فكأنها توافق على ما يجري من عمليات قتل.' وأضاف إن حماس لم تكن تسعى لأن تكون هي الموزعة للطعام أو للمساعدات في غزة، ولكنها فهمت أن الآلية الحالية كانت 'تهدف إلى دفع السكان للخروج من غزة.' ومضى يقول: 'لقد دفعت حركة حماس، ودفع الفلسطينيون في غزة، ثمناً باهظاً حتى الآن. يريد نتنياهو الاستسلام والتطهير العرقي، ولسوف لن يحصل على أي منهما.' 'التخريب' الذي يمارسه نتنياهو فيما يتعلق بالقضية الرابعة، طالبت حماس بأن تفضي فترة الهدنة التي من المقرر أن تمتد لستين يوماً إلى إنهاء دائم للحرب، على تبدأ المفاوضات باتجاه هذه الغاية في اليوم الأول من سريان الهدنة. ولكن سرعان ما أضاف نتنياهو شرطاً من شأنه أن يحبط المحادثات قبل أن تبدأ. فقد صرح في الأسبوع الماضي بأن 'شروط إسرائيل الأساسية' تتضمن وضع حماس سلاحها وتخليها عن قدراتها العسكرية والحكومية في نفس الوقت. ترفض حماس من الناحية المبدئية التنازل عن حقها في المقاومة المسلحة طالما استمر الاحتلال الإسرائيلي. ومع ذلك فقد سبق أن اقترحت حماس هدنة طويلة المدى مقابل الانسحاب الإسرائيلي من المناطق المحتلة. عملياً، ترى حركة حماس الفلسطينية أن استمرار المقاومة المسلحة هو السبيل الوحيد لفرض تكاليف على إسرائيل ومفاقمة الضغوط الداخلية في المجتمع الإسرائيلي من أجل إنهاء الحرب – كما تم توضيحه في شريط فيديو نشرته حماس مؤخراً لمقاتلين قاموا بقتل جندي إسرائيلي بينما كان هارباً منهم. في غياب ضغوط كبيرة من قبل الولايات المتحدة، وخاصة من قبل ترامب نفسه، لإنهاء الحرب، تعتقد حماس أنه لا سبيل أمامها سوى الاستمرار في المقاومة. في حديثه لموقع ميدل إيست آي، أشار المصدر إلى صفقة وقف إطلاق النار التي تم التوصل إليها في لبنان، والتي قال إنها تظهر بوضوح كيف سوف تتعامل إسرائيل مع أي صفقة تبرمها مع حماس. وقال المصدر: 'في واقع الأمر حصلت إسرائيل على ما تريده من الصفقة – فقد تم نزع سلاح حزب الله في المنطقة الواقعة جنوبي نهر الليطاني. والآن تسعى إسرائيل إلى فرض شرط على لبنان يقضي بنزع سلاح حزب الله بشكل تام. إن القبول بنزع سلاح حماس هو الذي سوف يتيح الفرصة أمام إسرائيل لتنفيذ خطتها للتطهير العرقي في غزة من كل الفلسطينيين.' وأضاف المصدر إن حماس دخلت في محادثات الدوحة بنية حسنة وكانت على استعداد لتحرير عشرة من الأسرى الإسرائيليين الذين ما زالوا على قيد الحياة.


أخبارنا
منذ 2 ساعات
- أخبارنا
د. خالد الشقران : مصير المنطقة في ظل المشروع الأميركي
أخبارنا : تشهد منطقة الشرق الأوسط تحولات جيوسياسية عميقة، حيث تعاد هندستها عبر مشروع أميركي لإعادة الهيكلة الإقليمية يرتكز على «الوكلاء» بديلاً عن التحالفات التقليدية، ويستخدم العراق كنموذج استراتيجي لربط الشرق الأوسط بأسواق حرة تشمل إسرائيل، في إطار خطة واشنطن لتفكيك البنى القائمة وإخضاع السيادة الوطنية لشبكات هيمنة اقتصادية، وهو ما وصفه محللون بأنه «أخطر من سايكس بيكو» بسبب إعادة رسم الحدود تحت غطاء الإصلاح والتشابك الاقتصادي. في سوريا، تجسدت مقدمات هذا المشروع بعد سقوط نظام الأسد وبروز حكومة انتقالية تواجه ضغوطات وتحديات وجودية، فإلى جانب انهيار اقتصادي بلغت خسائره 700 مليار دولار، تواجه دمشق مخاطر التقسيم الإثني والطائفي بدعم إسرائيلي واضح، خاصة في الجولان وشرق سوريا حيث تدعم تل أبيب كيانات درزية وكردية منفصلة، وفي الوقت نفسه، تتحول البلاد إلى ساحة صراع بالوكالة بين القوى الإقليمية، التي يسعى بعضها للهيمنة على عمليات إعادة الإعمار فيما يحاول بعضها الآخر إعادة سوريا إلى دوامة الاقتتال والفوضى لخلط الأوراق وإعادتها إلى المربع الأول حيث تعدد النفوذ والمرجعيات والولاءات الذي يمكن أن يسمح بإعادة تموضع هذه القوى وزيادة نفوذها وفاعليتها من جديد داخل الساحة السورية. أما لبنان، فيغرق في دوامة انهيار متعدد المستويات، فمن الأزمة الرئاسية التي كانت مستعصية لفترة طويلة إلى تراجع النفوذ الشيعي بعد الضربات الإسرائيلية التي قطعت إمدادات إيران، ما فتح الباب أمام مطالب دولية بنزع سلاح حزب الله مقابل إعادة الإعمار، لكن الانهيار الاقتصادي - مع تثبيت سعر الصرف اصطناعيا - يهدد بتحويل البلاد إلى نموذج فيدرالي يكرس الانقسامات الطائفية، خاصة مع عجز النخب عن تبني إصلاحات أو تسوية حقيقية لكل القضايا العالقة بما في ذلك المطالب التي تقابلها تهديدات أميركية والتي كان آخرها ما صرح به المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص توم باراك من تحذيرات من سيطرة قوى إقليمية على لبنان في حال لم تنجح حكومته في التغلب على إشكالية سلاح حزب الله، مضيفا «إن لبنان بحاجة إلى حل هذه المشكلة، وإلا سيواجه تهديدا وجوديا.. حيث «إسرائيل من جهة، وإيران من جهة أخرى، وإذا لم يتحرك لبنان، فسيعود إلى بلاد الشام من جديد». أما في فلسطين، فتتعمق المشكلة الأكثر تعقيدا مع تغير البيئة الإقليمية، فسقوط حلفاء المقاومة في سوريا وضغوط نزع السلاح في لبنان تضيق الخناق على حماس، بينما تتلقى دمشق الجديدة ضغوطات لتبني خطاب «علاقات ودية» مع إسرائيل، هذا التحول دفع أنقرة للظهور كوسيط جديد، مستفيدة من علاقاتها الاقتصادية مع تل أبيب، لكنها تبقى محدودة التأثير دون موافقة واشنطن التي تسعى لـ«فض الساحات» تمهيدا لصفقة إقليمية. لكن بالمجمل تشهد القضية الفلسطينية في هذه الفترة منعطفا مصيريا، حيث تتراجع فرص حل الدولتين إلى مستويات غير مسبوقة بسبب السياسات الإسرائيلية الممنهجة لـ«اقتلاع» فكرة الدولة الفلسطينية، بدعم أمريكي صريح عبر تصريحات سفير واشنطن في إسرائيل، مايك هاكابي، الذي أعلن أن بلاده «لم تعد تسعى لإقامة دولة فلسطينية مستقلة»، مقترحا نقلها إلى أراضي دول إسلامية أخرى، هذا الموقف يكمل استراتيجية إسرائيلية تعمل على ثلاث جبهات أولها التوسع الاستيطاني حيث يعيش ٧٠٠ ألف مستوطن في الضفة الغربية، مع خطط لوصول العدد إلى مليون بحلول ٢٠٣٠؛ وثانيها تقويض مؤسسات السلطة الفلسطينية عبر تجميد أموال المقاصة وفرض قيود على حركة قادتها؛ وثالثها محاولة تصفية قضية اللاجئين عبر تقويض دور «الأونروا». وعلى الرغم من كل ذلك تظهر مقاومة دولية متصاعدة، تمثلت في اعتراف إسبانيا والنرويج وأيرلندا بدولة فلسطين، ليرتفع عدد الدول المعترفة إلى ١٤٧ دولة، لكن بذات الوقت تواصل الولايات المتحدة عرقلة أي تقدم جوهري باستخدام الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة، ما يؤكد تحولها من «وسيط» إلى شريك في الإبادة الجماعية، لكن في هذا السياق، يبقى خيار الوحدة الوطنية الفلسطينية والتمسك بمقاومة مخططات الاحتلال وداعميه هو الأمل الوحيد لتحقيق الحلم الوطني، خاصة مع تصاعد الغضب العالمي ضد جرائم الحرب الإسرائيلية، والذي قد يفرض واقعا جديدا قد يساعد على أحياء امل الشعب الفلسطيني بنيل حقوقه المشروعة مستقبلا. خلاصة القول؛ قد تواجه المنطقة سيناريوهين متعارضين؛ إما الفوضى الدائمة عبر إعادة تقسيم المقسم وتمزيق النسيج المجتمعي وتكريس التبعية، أو النهوض من ركام الحرب عبر منظومة عمل عربي جديدة قائمة على التعاون وتكامل المصالح، فالمشروع الأميركي - رغم نجاحه المؤقت في تعزيز الهيمنة بتكلفة أقل - يغذي بذور تمرد مستقبلي عبر إهماله مطالب الدول والشعوب في العيش بسلام وكرامة، فيما يبقى السؤال المحوري: هل يمكن تحويل المأزق إلى فرصة، أم أن شبح التقسيم والتشظي الإثني والطائفي سيبقى أداة في يد قوى الهيمنة الإقليمية والدولية لإدارة الفوضى؟ الإجابة تكمن في قدرة الدول العربية على تجاوز منطق التبعية، والعمل وفق منظومة جمعية تنطلق من تكتل عربي موحد يعطي اولويةقصوى لقضايا الأمة ومصالحها، وهو اختبار لم يبدأ بعد. ــ الراي


أخبارنا
منذ 3 ساعات
- أخبارنا
د. رعد محمود التل : إستثمار بالثقة قبل رأس المال
أخبارنا : يقود جلالة الملك مسارًا استراتيجيًا لافتًا من خلال زياراته وخطاباته الخارجية، في سعيه لتعزيز موقع الأردن كوجهة استثمارية تعتمد على الثقة كأصل اقتصادي، يُبنى عليه رأس المال لاحقًا. فالمستثمرون في عالم اليوم لا يبحثون فقط عن الحوافز المالية أو الامتيازات الضريبية، بل يضعون في مقدمة أولوياتهم الاستثمار في بيئات سياسية واقتصادية مستقرة وقابلة للتنبؤ. ومن خلال هذا التوجه الملكي، لا يقدّم الأردن نفسه كمجرد سوق أو ممر عبور، بل كشريك موثوق في قطاعات متنوعة. بهذا المعنى وضمن هذا الإطار، جاءت زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى مقر صندوق تقاعد موظفي القطاع العام في ولاية كاليفورنيا، كجزء من دبلوماسية اقتصادية تستند إلى الثقة كمدخل رئيسي لجذب رأس المال العالمي. حيث يعد هذا الصندوق أكبر صندوق تقاعد في الولايات المتحدة بأصول تتجاوز 500 مليار دولار، يشكل منصة استراتيجية لترويج فرص الاستثمار في الأردن أمام كبار المستثمرين وصنّاع القرار المالي على المستوى الدولي. هذه الزيارة لا يمكن فصلها عن السياق الأوسع الذي يتحرك فيه الاقتصاد الأردني، إذ تأتي في لحظة إقليمية تتسم بالتحديات الجيوسياسية، وفي ظل تباطؤ اقتصادي عالمي وتغيرات في أنماط سلاسل التوريد والاستثمار. مقابل ذلك، يتحرك الأردن لتثبيت موقعه كمركز جاذب للاستثمار، مستندًا إلى خطاب اقتصادي تقوده القيادة العليا، ويرتكز على مقومات محلية صلبة، وإصلاحات داخلية متسارعة، وانفتاح مدروس على الأسواق العالمية. خلال الجلسة الرئيسية للملتقى الذي نظمه الصندوق، عرض جلالة الملك تصورًا استراتيجيًا للاقتصاد الأردني قائمًا على التحديث السياسي والاقتصادي والإداري، في توازن دقيق بين الإصلاح الداخلي والانفتاح الخارجي. هذا الربط المتكامل يشير إلى قناعة بأن البيئة الاستثمارية لا تُبنى فقط بالتشريعات، بل بالاستقرار السياسي، وفعالية المؤسسات، والثقة العامة بالمسار الإصلاحي. من الناحية الاقتصادية، أبرز جلالة الملك مجموعة من المزايا التنافسية التي تؤهل الأردن ليكون شريكًا جاذبًا في المنطقة، مثل الموقع الجغرافي الوسيط، والقطاع المالي المنظم، واتفاقيات التجارة الحرة التي تفتح الوصول إلى أكثر من مليار مستهلك حول العالم. إلا أن الأهم هو أن الخطاب الملكي تجاوز هذه النقاط التقليدية، وركّز على القطاعات عالية القيمة، مثل الطاقة المتجددة، والغاز، والمعادن، والزراعة الذكية. هذا التحول يعكس توجّهًا واضحًا نحو اقتصاد إنتاجي عالي التقنية، يستهدف القيمة المضافة لا فقط الكلف التنافسية. في المقابل، لم يُغفل جلالة الملك الحديث عن التحديات، خصوصًا ما يتعلق بالأوضاع الإقليمية المحيطة، والتي تفرض ضغوطًا على الاقتصادات الصغيرة. لكن ما تم تقديمه في اللقاء لم يكن خطاب تبرير، بل تأكيد على أن الأردن، رغم تلك الضغوط، استطاع الحفاظ على استقراره، ومواصلة إصلاحاته، والاحتفاظ بموقعه كشريك آمن في منطقة تعاني من التذبذب. ركيزة أساسية أخرى في الخطاب الملكي تمثلت في التركيز على رأس المال البشري. إذ شدد جلالته على أن الاستثمار في الشباب وتطوير مهاراتهم يمثل أولوية وطنية، من خلال التعليم المهني والتقني المتخصص في مجالات التكنولوجيا، والهندسة، والطاقة، والصناعة، والصحة. من منظور اقتصادي، فإن هذا التوجه يمثل استثمارًا طويل الأجل في تحسين الإنتاجية ورفع قدرة الاقتصاد على جذب استثمارات نوعية تعتمد على الكفاءات المحلية. ما يميز هذا التحرك أن جلالة الملك يمارس دورًا مباشرًا في الترويج للاقتصاد الأردني، هذا الحضور القيادي في مشهد الاستثمار العالمي يعزز من مصداقية الأردن في نظر المستثمرين، ويعطي إشارة بأن الدولة بكل مؤسساتها ملتزمة بتوفير بيئة أعمال مستقرة، وعادلة، وشفافة. ــ الراي