
إجراء من "آبل" لتهدئة مخاوف أوروبا من الاحتكار
تستعد شركة "آبل" لإدخال تعديلات إضافية على متجر التطبيقات بهدف تهدئة الجهات الرقابية الأوروبية المعنية بمكافحة الاحتكار، وذلك بعد أن فرضت عليها المفوضية الأوروبية غرامة بقيمة 500 مليون يورو (580 مليون دولار)، مرفقة بإنذار نهائي. وبحسب ما أفادت به وكالة "بلومبيرغ" نقلًا عن مصادر مطلعة، فإن الاقتراح الذي يتوجب على "آبل" تقديمه قبل 26 يونيو/حزيران، سيسهل على مطوري التطبيقات من الأطراف الثالثة توجيه المستخدمين لشراء البرامج خارج منظومة "آبل".
ومن المتوقع أن تسهم هذه الخطوة، التي جاءت بعد أسابيع من المفاوضات المتوترة مع الهيئات التنظيمية الأوروبية، في تجنيب الشركة غرامات إضافية، بعد اتهامها بانتهاك "قانون الأسواق الرقمية" الأوروبي، الذي أدى إلى فرض الغرامة في إبريل/نيسان الماضي. وقد أكدت "آبل" نيتها الطعن في القرار أمام محاكم الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ.
وكانت
المفوضية الأوروبية
بصدد إصدار لائحة اتهام رسمية ضد الشركة في حال امتناعها عن تقديم اقتراح قبل انتهاء المهلة المحددة، يوم الخميس، وقد رفض كل من "آبل" والمفوضية الأوروبية التعليق على الموضوع. وفي إبريل/نيسان أيضًا، اعتُبرت كل من "آبل" و"ميتا بلاتفورمز" انهما انتهكتا قواعد قانون الأسواق الرقمية، الذي يفرض مجموعة صارمة من الالتزامات والمحظورات على كبرى شركات التكنولوجيا. وبالإضافة إلى غرامة "آبل"، فرضت المفوضية غرامة أخرى على "ميتا" بلغت 200 مليون يورو بسبب نموذج خدمتها الإعلانية "ادفع أو وافق" على منصّتي إنستغرام وفيسبوك.
وقد عبّرت "آبل" عن استيائها من الغرامة، متهمةً المفوضية بالتمييز ضدها وإجبارها على تقديم تقنياتها مجانًا. وكانت الشركة قد واجهت في العام الماضي غرامة أخرى بقيمة 1.8 مليار يورو، على خلفية ممارساتها التي حدّت من قدرة منافسيها في مجال بث الموسيقى على أجهزة "آيفون".
وعلى مدى السنوات الأخيرة، فرض الاتحاد الأوروبي
غرامات مالية
ضخمة على شركات التكنولوجيا الكبرى، منها أكثر من 8 مليارات دولار على "غوغل"، بالإضافة إلى أمر منفصل يُلزم "أبل" بدفع 13 مليار يورو ضرائب متأخرة لإيرلندا. كذلك أجبرت المفوضية شركات مثل "أمازون" و"آبل" على تعديل بعض ممارساتها، بما في ذلك منصات البيع الخاصة بها واستخدام شريحة "الدفع باللمس". وتُجري المفوضية في الوقت الراهن تحقيقًا بشأن برنامج "تيمز" التابع لشركة "مايكروسوفت".
اقتصاد دولي
التحديثات الحية
الاتحاد الأوروبي يغرّم آبل وميتا مخاطراً بإثارة غضب ترامب
وفي سياق متصل، تواصل المفوضية تحقيقاتها في قطاع الإعلانات الرقمية التابع لـ"غوغل"، وقد صرحت المفوضة الأوروبية لشؤون المنافسة تيريزا ريبيرا، لوكالة "بلومبيرغ" بأن خيار إصدار قرار بتفكيك بعض أقسام الشركة لا يزال مطروحًا.
وشهد العقد الأخير تصاعدًا لافتًا في المواجهة بين الاتحاد الأوروبي و
شركات التكنولوجيا
الأميركية العملاقة، في ظل إصرار بروكسل على حماية المنافسة وحقوق المستخدمين داخل السوق الأوروبية. فقد فرضت المفوضية الأوروبية، بحسب ما نقلت المديرية العامة للمنافسة في وقتٍ سابق، غرامات تفوق 8 مليارات دولار على شركة "غوغل"، تتعلق بممارسات احتكارية في خدمات البحث والتسوق والإعلانات الرقمية.
أما شركة "أمازون"، فقد اضطرت إلى تعديل سياساتها بعد تحقيقات أوروبية واسعة بشأن استغلالها بيانات البائعين المستقلين لصالح عروضها الخاصة، وفقًا لما ذكرته المفوضية في بيانات سابقة. وفي السياق نفسه، فتحت الجهات التنظيمية الأوروبية تحقيقًا مع شركة "مايكروسوفت" بسبب ربطها تطبيق "تيمز" بحزمة "أوفيس"، وهي خطوة اعتُبرت مهدِّدة للمنافسة في سوق تطبيقات الاجتماعات الافتراضية.
ويُعد "قانون الأسواق الرقمية" الذي أُقر في عام 2022، إحدى أبرز الأدوات التي اعتمدها الاتحاد الأوروبي في السنوات الأخيرة لمواجهة هيمنة هذه الشركات. وينص القانون، بحسب الوثائق الرسمية المنشورة في الجريدة الرسمية للاتحاد، على قيود صارمة تحظر على شركات "بوابات السوق" فرض أنظمة دفع مغلقة أو الترويج لخدماتها الذاتية على حساب المنافسين.
ووفقًا لما تذكره تقارير اقتصادية متخصصة، فإن شركة "آبل" تسعى من خلال اقتراحها الأخير لتفادي صدام مباشر مع المفوضية الأوروبية، دون أن تتخلى فعلياً عن نموذجها الربحي القائم على العمولات داخل متجر التطبيقات. ويُقدر أن إيرادات متجر App Store وحده قد تجاوزت 80 مليار دولار في عام 2022، بحسب ما أعلنت الشركة في وقت سابق. ومحاولات "آبل" للتأقلم مع البيئة التنظيمية الأوروبية تعكس إدراكاً متزايداً من قِبل الشركات الكبرى بأن الاتحاد الأوروبي لم يعد مجرد سوق استهلاكي مهم، بل بات أيضاً لاعباً تنظيمياً مركزياً على المستوى الدولي.
وبحسب ما أفادت به منظمات مختصة بالحقوق الرقمية مثل Access Now وEFF، فإن القوانين الأوروبية قد تشكّل نموذجًا تشريعيًا عالميًا يُحتذى به لضبط سلوك عمالقة التكنولوجيا، خصوصًا في ما يتعلق بالاحتكار، خصوصية المستخدمين، وحرية الوصول إلى الخدمات.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 5 ساعات
- العربي الجديد
التراجع عن خطط التقشف يربك ميزانية بريطانيا... وريفز في مأزق
تواجه الحكومة البريطانية اختباراً مالياً وسياسياً مزدوجاً، بعد سلسلة من التراجعات المفاجئة عن سياسات تقشفية رئيسية، كانت تهدف لتوفير هامش مريح في الموازنة العامة . وأفادت وكالة بلومبيرغ، في تقرير اليوم الجمعة، بأن وزيرة الخزانة رايتشل ريفز أصبحت في وضع بالغ الهشاشة، بعد أن ألغى رئيس الوزراء كير ستارمر خطتَين ماليتَين رئيسيتَين اقترحتهما وزارتها، ما كلف الميزانية ما يقرب من ستة مليارات جنيه إسترليني خلال أسابيع قليلة فقط. وتعود أبرز هذه التراجعات إلى الضغط النيابي من داخل حزب العمال نفسه، إذ قاد أكثر من 120 نائباً تمرداً داخلياً ضد خطط تقليص إعانات ذوي الاحتياجات الخاصة ، التي كانت تهدف لتوفير 4.8 مليارات جنيه. كما ألغي قرار آخر بشأن إيقاف "دفعة الوقود الشتوية" لملايين من الأسر المتقاعدة، ما أضاف 1.25 مليار جنيه من الأعباء إلى الموازنة، وفق تقديرات مؤسسة "ريزوليوشن" للأبحاث الاقتصادية والاجتماعية. وبذلك، فقدت وزيرة الخزانة ريفز أكثر من نصف هامش الأمان المالي البالغ 9.9 مليارات جنيه الذي كانت تعتمد عليه في ضبط عجز الميزانية دون اللجوء إلى رفع الضرائب، وهو ما تعهدت به مراراً في لقاءاتها مع المستثمرين والمؤسسات المالية. اقتصاد الناس التحديثات الحية بريطانيا: اتجاه للجم تقليص نفقات الرعاية الاجتماعية غضب ضدّ ريفز ورغم أن التراجعات جاءت بقرار من رئيس الوزراء، إلّا أن الغضب داخل صفوف حزب العمال توجه مباشرة نحو وزيرة الخزانة. ووفق استطلاع نشره موقع "LabourList"، فإن 40% من أعضاء الحزب طالبوا باستبدال ريفز، في إشارة إلى اتساع الفجوة بين القيادة الاقتصادية للحكومة وقواعدها الشعبية. ويرى مراقبون أنّ هذا التراجع لا يعكس أزمة في الانضباط المالي فحسب، بل يعكس ارتباكاً سياسياً داخل الحكومة بشأن هوية حزب العمال بين نهج السوق ونهج دولة الرفاه. وقد حذر الخبير الاقتصادي سايمون فرينش، وفق بلومبيرغ، من أن استمرار ستارمر في إجهاض خطط ريفز سيضع الأخيرة أمام خيار صعب: الاستقالة أو الاستسلام لضغوط متناقضة تفقد منصبها قيمته. وفي ظل التزام حكومي بعدم زيادة ضرائب الدخل أو القيمة المضافة أو التأمين الوطني للموظفين، تصبح خيارات سد العجز شبه معدومة، كما أن فرض زيادة بقيمة 26 مليار جنيه إسترليني على أرباب العمل، والذي دخل حيز التنفيذ في إبريل/نيسان الماضي، تسبب في توتر مع قطاع الأعمال، وأثار انتقادات حتّى من محافظ بنك إنكلترا أندرو بيلي، الذي اعتبره سبباً في تراجع نمو الأجور وارتفاع الأسعار. ونقلت "بلومبيرغ" عن خبراء في الأسواق المالية تحذيرهم من أن "افتراض إمكانية سد العجز بزيادة الضرائب قد يتآكل تحت الضغط السياسي"، ما يعني أن البدائل تضيق، وأن السيناريو الأقرب هو ميزانية خريفية تتضمن إجراءات ضريبية اضطرارية. طاقة التحديثات الحية بريطانيا تنسحب من "أطول كابل بحري للطاقة الخضراء" مع المغرب القشة التي قد تقطع الخيط الأخير وبحسب تقديرات معهد الدراسات المالية (IFS)، فإنّ الحكومة قد تلجأ لاحقاً إلى إلغاء السقف الذي وضعه المحافظون سابقاً على إعانات الأطفال، وهو إجراء من شأنه أن يضيف 2.5 مليار جنيه سنوياً على الأقل إلى الالتزامات المالية. وإن جرى ذلك، فسيكون بمثابة القشة التي قد تقطع الخيط الأخير الذي يبقي القواعد المالية لريفز قائمة. وقبل يومين دعت شيفون هافيلاند، المديرة العامة لاتحاد غرف التجارة البريطانية، وزيرة الخزانة رايتشل ريفز إلى الكفّ عن فرض ضرائب جديدة على الشركات، مؤكّدة أن أي زيادة ضريبية إضافية "ستؤدي إلى إبطاء الاقتصاد وتقويض النمو". وقالت هافيلاند في مقابلة مع "بلومبيرغ" عشية المؤتمر السنوي للاتحاد: "رسالتنا إلى الحكومة واضحة: لا مزيد من الضرائب على قطاع الأعمال. المزيد من الضرائب يعني اقتصاداً أبطأ، واستثمارات أقل، ودورة انكماشية لن نخرج منها بسهولة". ودعت هافيلاند في ختام تصريحاتها إلى إعادة تقييم قواعد السياسة المالية الحالية لتكون أكثر مرونة في مواجهة الصدمات الجيوسياسية، وقالت: "هل تستطيع القواعد المالية امتصاص التغيرات الدراماتيكية التي يشهدها العالم؟ ربما حان الوقت لإعادة التفكير فيها". ورغم الانتقادات، أشادت هافيلاند ببعض المبادرات الاقتصادية لحكومة كير ستارمر، مثل صفقة تخفيف الرسوم الجمركية مع الولايات المتحدة، وتقدم المفاوضات التجارية مع الهند، وتعزيز الروابط مع الاتحاد الأوروبي، لكنّها شدّدت على أنّ "الثقة لا تزال هشة، وهناك حاجة ملحة لمزيد من الخطوات الجادة لدعم بيئة الأعمال".


العربي الجديد
منذ 5 ساعات
- العربي الجديد
إغلاق تاريخي لمؤشري ستاندرد آند بورز وناسداك... ومكاسب قياسية للأسهم الأميركية
أنهت مؤشرات وول ستريت جلسة، الجمعة، على مكاسب قوية دفعت مؤشري ستاندرد آند بورز 500 وناسداك المجمع إلى أعلى مستوياتهما في التاريخ عند الإغلاق، مدعومة بارتفاع شهية المستثمرين للمخاطرة على وقع آمال متزايدة بتوقيع اتفاقات تجارية جديدة وتوقعات متزايدة بخفض أسعار الفائدة من الاحتياطي الفيدرالي الأميركي. وأظهرت بيانات البورصة الأميركية ارتفاع مؤشر ستاندرد آند بورز بمقدار 31.93 نقطة ليغلق عند 6172.95 نقطة، فيما صعد مؤشر ناسداك المجمع بـ105.55 نقطة إلى 20273.46 نقطة، وهو أعلى مستوى يسجله على الإطلاق، أما مؤشر داو جونز الصناعي فقد ارتفع بـ430.16 نقطة ليصل إلى 43817.00 نقطة، أي بنسبة 0.99%. ووسط أداء قوي لعدد من الأسهم الفردية، لفت سهم شركة نايكي "Nike" الأنظار بتسجيله أعلى نسبة مكاسب يومية بين شركات المؤشر، إذ قفز بنسبة 15.19% ليغلق عند 72.04 دولاراً. ويعود هذا الارتفاع إلى إعلان الشركة عن نتائج فصلية فاقت توقعات السوق ، مدعومة بنمو قوي في مبيعاتها الرقمية في آسيا، بحسب بلومبيرغ. وبلغ حجم التداول على السهم أكثر من 116 مليون سهم، ما يجعله من بين الأعلى من حيث السيولة في جلسة الجمعة، كما ارتفعت أسهم شركة "فورد موتور" بنسبة 1.60% لتغلق عند 10.8 دولارات للسهم، مدعومة بأنباء عن إعادة هيكلة وحداتها المتخصّصة بالمركبات الكهربائية. أسواق التحديثات الحية وول ستريت تلامس قمما تاريخية بعد أنباء عن تعيين مبكر لرئيس الفيدرالي أما شركة شركة "هيمز آند هيرز" للرعاية الصحية الرقمية، فقد سجل سهمها مكاسب بنسبة 6.76% ليصل إلى 49.41 دولاراً، بدعم من تقرير داخلي أفاد بزيادة قاعدة مستخدمي المنصة في الربع الثاني من العام. وجاء هذا الأداء في سياق عام من النمو الواضح لأسهم التكنولوجيا والخدمات الصحية، التي تشكل مكونات رئيسية في مؤشري ستاندرد آند بورز 500 وناسداك. وفي سياق الصناديق المتداولة، شهد صندوق SPDR S&P500 ETF – أحد أشهر صناديق تتبع المؤشر – ارتفاعاً بنسبة 0.50% إلى 614.91 دولاراً، في حين صعد صندوق ProShares UltraPro QQQ بنسبة 0.98% إلى 81.42 دولاراً. وساهمت بيانات اقتصادية أميركية صدرت الجمعة في تعزيز التوقعات بإقدام مجلس الاحتياطي الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة خلال اجتماعه المقبل. وأظهرت المؤشرات تباطؤاً في نمو الإنفاق الاستهلاكي، إلى جانب استقرار نسبي في أسعار الطاقة. وهو ما فسّره المحلّلون على أنه دعم لحالة الزخم الصعودي للأسواق، خاصّة في ظل تنامي الآمال بإبرام اتفاق تجاري جديد بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بعد تصريح أورسولا فون ديرلاين حول تلقي بروكسل مقترحاً أميركياً رسمياً لخفض الرسوم الجمركية.


العربي الجديد
منذ 7 ساعات
- العربي الجديد
هل نجا ترامب اقتصادياً بعد وقف حرب إيران؟
في أعقاب تورّط الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الحرب ضد إيران ، وقصف مفاعلاتها الثلاثة (فوردو ونطنز وأصفهان)، تصاعدت المخاوف في الولايات المتحدة بشأن التداعيات الاقتصادية، وهل تعصف أزمة اقتصادية جديدة بأميركا بعد هذا التدخل، خاصة أنه أغرق بلاده في سلسلة أزمات بسبب الرسوم الجمركية؟ يرى محلّلون اقتصاديون أميركيون أن ترامب ربما يكون قد سعى للنجاة من أزمة اقتصادية عنيفة تطاول اقتصاد بلاده بسعيه لإبرام اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإسرائيل بوساطة قطرية. وكالة "بلومبيرغ" وصفت في تقرير لها يوم الأحد الماضي، الضربات الأميركية على إيران فجر ذلك اليوم، بأنها "تأتي في لحظة هشّة للاقتصاد العالمي" والأميركي، وأكدت أنها هزّت الاقتصاد العالمي، وتثير مخاوف من تصعيد الصراع وارتفاع أسعار النفط. نقلت الوكالة عن خبراء تحذيرهم من أن رد إيران قد يشمل هجمات على أصول أميركية، أو البنية التحتية للطاقة، أو إغلاق مضيق هرمز، ما قد يرفع سعر النفط الخام إلى ما يزيد عن 130 دولاراً للبرميل. ومن شأن أي زيادات كبيرة في أسعار النفط أو الغاز الطبيعي، أو أي اضطرابات في التجارة ناجمة عن تصعيد إضافي للصراع، أن يُشكل عائقاً إضافياً أمام الاقتصاد العالمي. ارتفاع أسعار النفط الخام لن يؤدي إلّا إلى إضافة المزيد من التحديات التي يواجهها الاقتصاد الأميركي بالفعل، لذا قام مجلس الاحتياطي الفيدرالي بتحديث التوقعات الاقتصادية، الأسبوع الماضي، وخفض توقعاته للنمو الأميركي هذا العام من 1.7% إلى 1.4%. وحذر محلّلون من أن اتّساع الصراع يفاقم خطر ارتفاع أسعار النفط وارتفاع التضخم. تتقاطع المخاطر الجيوسياسية المتزايدة مع احتمال تصعيد الرسوم الجمركية في الأسابيع المقبلة، مع اقتراب انتهاء فترة تعليق الرئيس الأميركي ما يُسمى بالرسوم "التبادلية" الباهظة. اقتصاد دولي التحديثات الحية ثمن باهظ للحرب... ضربات إيران تستنزف اقتصاد إسرائيل وقبيل إقرار التهدئة التي أعلنها ترامب، زادت التكهنات حيال خيارات إيران للرد، لتبرز ثلاثة خيارات: الهجمات على الأفراد والأصول الأميركية في المنطقة، واستهداف البنية التحتية للطاقة الإقليمية، وإغلاق مضيق هرمز باستخدام الألغام البحرية أو مضايقة السفن المارة. وفي السيناريو المتطرّف الذي يُغلق فيه مضيق هرمز، قد يدفع هذا مؤشر أسعار المستهلك الأميركي إلى ما يقرب من 4% في الصيف، ما يدفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) والبنوك المركزية الأخرى إلى تأجيل توقيت تخفيضات أسعار الفائدة المستقبلية. وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" قد توقعت يوم الجمعة الماضي لو قرر ترامب ضرب إيران أو اغتيال زعيمها، وقصف منشأة لتخصيب اليورانيوم تحت الأرض في إيران، أن "يؤدي ذلك إلى انطلاق مرحلة أكثر خطورة ولا يمكن التنبؤ بنتائجها في الحرب وسيكون لها تداعيات اقتصادية"، وأكدت أنه قد تصبح الحرب أكبر وأكثر فوضوية وقد تتجه إيران نحو النشاط النووي وكلها تطورات سيكون لها تداعيات سياسية واقتصادية. وقد يُسفر ذلك عن إغلاق أو مضايقة حركة الملاحة في مضيق هرمز، وهو قناة حيوية لشحن النفط، ما سيؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط العالمية، خاصّة أن مسؤولاً إيرانياً حذر من غلق المضيق لو ضربت أميركا إيران. ورسم تقرير لموقع "the cradle" (المهد) تصوراً مستقبلياً عمّا سيحدث بعد الضربة الأميركية لإيران، مؤكداً أن "الحرب ضدّ إيران لصالح إسرائيل يمكن أن تؤدي إلى انهيار الاقتصاد الأميركي"، التقرير الذي جرى نشره في 21 مارس/آذار الماضي، أكّد أنه في حين يضع ترامب نصب عينيه الحرب مع إيران لتعزيز إرثه واسترضاء أنصاره المؤيدين لإسرائيل، فإن الرد الانتقامي المحتمل من جانب طهران قد يؤدي إلى انهيار الأسواق العالمية، وارتفاع أسعار النفط، وجلب الألم الاقتصادي مباشرة إلى الشعب الأميركي. وأشار إلى أن هذه الحرب دفع من أجلها المانحون الإسرائيليون شيلدون وميريام أديلسون، إلى جانب منظمات مؤيدة لإسرائيل مثل لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (AIPAC) ورابطة مكافحة التشهير (ADL)، مئات الملايين من الدولارات للرئيس ترامب على مدار دورتَين انتخابيتَين. لكنّ الحرب مع إيران قد تأتي بنتائج عكسية كارثية، وتُغرق رئاسته، والاقتصاد الأميركي، وستُحدث صدمةً للاقتصاد العالمي، وسترفع أسعار النفط ارتفاعاً حاداً، وستُوقف حركة الملاحة البحرية عبر مضيق هرمز. وتوقع التقرير تأثر أسواق الأسهم الأميركية، التي انخفضت بالفعل بنسبة 10% منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، إذ ستواصل انخفاضها، ويتعرض حوالى 200 مليون أميركي لتقلبات السوق. وإذا انخفضت قيم الأسهم، فقد تؤدي عمليات البيع القسري لتغطية الديون إلى تفاقم انهيار السوق، إذ لعبت مطالبات سداد القروض دوراً أكبر في الاضطرابات الاقتصادية التي تلت ذلك من انخفاض السوق بنسبة 13% في 28 أكتوبر 1929. اقتصاد دولي التحديثات الحية إيران تهدّد بإغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي.. ما التداعيات المحتملة؟ وقد حذر مارك زاندي، كبير الاقتصاديين في وكالة موديز، من أن الاقتصاد الأميركي هشّ وخطر الركود "مرتفع على نحوٍ غير مريح ومتزايد"، وسبق أن عبّر ترامب، عن خوفه من التداعيات الاقتصادية، فالاقتصاد الأميركي مُثقلٌ أصلاً بالديون، والمستهلكون كذلك، وقد تدفعه صدمة خارجية كبيرة إلى ركودٍ عميق، بحيث تنهار أسواق الأسهم، مُبدّدةً بذلك مدخرات التقاعد والثروات الخاصة، ما من شأنه أن يفاقم الوضع وأن يتعرض الاقتصاد لهزات عنيفة، ويُثير تسريحاتٍ وإفلاسات، ويُضيّق الخناق على الائتمان، ما سيؤدي إلى كبح إنفاق المستهلكين وانهيار سوق الإسكان، كما حدث في عام 2008. أيضاً زادت التكهنات خلال التصعيد بأن تستهدف طهران المصالح الاقتصادية الأميركية وقطاعات النفط في أيّ دولة عربية خليجية تدعم الهجمات بالسماح للطائرات المقاتلة أو الطائرات المسيّرة أو الصواريخ بالانطلاق من أراضيها. وفي حين أن ارتفاع أسعار النفط والاضطرابات الاقتصادية العالمية سيضرّان بحلفاء إيران ودول الجنوب، فإنّ خصوم إيران في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإسرائيل والاتحاد الأوروبي سيخسرون أكثر من غيرهم، إذا شنّت إيران حرباً اقتصادية ذكية. ووفق تقرير لموقع "بوليتيكو" الأميركي في 20 يونيو/حزيران الجاري فإنّ بورصة وول ستريت تُبدي قلقها إزاء العواقب المحتملة على أسعار النفط والتضخم، بسبب تدخل ترامب في الصراع بين إسرائيل وإيران. ونقلت عن "روري جونستون"، محلّل سوق النفط في خدمة الأبحاث Commodity Context، أنّ ارتفاع أسعار النفط بسبب هذه الحرب كان كبيراً. ومنذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، فقد الدولار أكثر من 10% من قيمته أمام عملات رئيسية مثل اليورو والجنيه الإسترليني والفرنك السويسري، وواصل الانخفاض أمام جميع العملات الكبرى، وتُعد هذه الخسارة الأكبر من نوعها منذ عام 2010، حين كانت الولايات المتحدة تطبع النقود بكثافة للخروج من الأزمة المالية العالمية. لكن الانهيار هذه المرة ليس بسبب تحفيز نقدي، بل نتيجة مباشرة لمجموعة من الإجراءات المثيرة للجدل، مثل الحرب وزيادات الرسوم الجمركية، والتخفيضات الضريبية غير الممولة، والضغوط السياسية على مجلس الاحتياطي الفدرالي لخفض أسعار الفائدة، إضافة إلى استخدام تكتيكات قانونية عدوانية ضد خصوم الإدارة، ويعارض 60% من الأميركيين الانخراط في الحرب، مقابل 16% فقط يؤيدونه، وفقاً لاستطلاعٍ أجرته مجلة الإيكونوميست البريطانية ومؤسّسة يوجوف للأبحاث ومقرّها المملكة المتحدة، خشية تضرّر بلادهم اقتصادياً.