
يَا حَسْرَةً عَلَى الْمَخْدُوعِينَ بِإِيرَانَ!!
فدولة الملالي لم تكن يوما على مشترك مع العالم الإسلامي السني، حتى حينما التقت المصالح على نصرة القضية. وقد ظلت تتحرش بأدرعها العسكرية بالمنطقة (أنصار الله وحزب الله) بالكيان المغتصب، في محاولة للتمويه على حقيقة المشروع الصفوي التَّصْفَوِي الخطير الذي تأسَّسَ، على مَهْل، في دولة الملالي، وأخذ يستقطب، عبر البروباغندا العسكرية المقاوِمة، جمهورا سنيا معتبرا عبر الربوع، حتى بلغ الأمر بحركات إسلامية، في حالة بلاهة وانخداع، تصدر بيانات تأييد ومساندة لهذا التوغل الذي بدأته أدرع إيران العسكرية في المنطقة؛ في اليمن، وجنوب لبنان، وشيئا ما في العراق. وأصبحنا نسمع عن إشادات بهذا المشروع 'الجهادي' من جماعات تائهة، شاردة، بحجة غياب البديل من أهل السنة للنصرة والتأييد.
كل هذا ظل حُمًى سارية في مفاصل حركات المقاومة، ومناهضي التطبيع، حتى نطَّت من القمقم الحرب الكارتونية الأخيرة بين الدولة اللقيطة، وإيران، والتي انتهت قبل أن تبتدئ، وانتهت قبل أن تحقق شيئا مما أمِله العدو من سحق البرنامج النووي الإيراني. وهو الذي لم يتحقق له حتى مع الضربات الأمريكية لمفاعلات تخصيب اليورانيوم. لتتوقف الحرب، فجأة، بعد أن أمِل بعض المخدوعين في نهاية مرتقبة لإسرائيل، وفي نصرة للقضية الأولى للمسلمين، وانتقام لغزة وأهلها، وتوقف نهائي للحرب بها، ووو…. لكن الجميع يتفاجأ، خصوصا من خدع بإيران ومشروعها المقاوم، أن 'القضية' والحرب بغزة، في الحرب الأخيرة، لم تكن من أولويات نظام الملالي، ولا من أجنداته العسكرية. وأن ضربات هذا الأخير كانت فقط ردات فعل على ضربات العدو ليس غير. وأن غزة المسكونة في وجدان أحرار العالم، غير ذات أهمية، عند هذا النظام الذي لا يرى في القدس، وغزة، وفلسطين، عموما، إلا أرضا مقدسة صالحة للمد الشيعي الصفوي، في أفق التوسع أكثر نحو الحرمين الشريفين لإتمام رسالة الشيعة الأوائل، التي لم تبلغ مبلغها مع فصائل التشيع المنحرف، فَرَطِ الاثنا عشرية. ولا أدل على ذلك أنه لو كان توقيف الحرب بغزة ضمن مشروع الملالي لجعلوا ذلك شرطا لتوقيف هذه الحرب مع الدولة الصهيوينة، ولوضعوا على طاولة التفاوض السرية مع البيت الأبيض شرط توقيف هذه الحرب المجرمة، وإدخال المساعدات لغزة. لكن لا شيء من هذا كان حاضرا في أجندة الملالي، ليعلم الجميع أن همَّ إيران الملالي هو مصالحها فقط، وكل ما ينضح على سطح الصراع ما هو إلا ألاعيب للتمويه على حقيقة المشروع الشيعي العالمي في التمدد والاحتلال.
إنه مشروع خطير يتمدد عبر العالم الإسلامي، ويؤيده الغرب، لعلمه أنه المشروع المُخلِّص من الإسلام السني المهدِّد لوجوده في المنطقة، والذي تمثله حركات المقاومة السنية، والحركات الإسلامية الممانعة. فهو المشروع الذي يرى فيه الغرب الصليبي الأداة المثلى للقضاء على الإسلام وروحه والتشكيك في مرتكزاته الاصيلة، من خلال نشر شبهات حول الرسول الكريم- صلى الله عليه وسلم – والقرآن، وأمهات المؤمنين، والصحابة، والتابعين، قدوات المسلمين. وهو الأمر الذي لم ينجح فيه الغرب خلال معركته الحضارية الطويلة ضد المسلمين، عبر الحروب الصليبية، والاستشراق، والدراسات الدينية التي تُعنى بفقه الأديان،.. وما شاكل. ويأمل، اليوم، أن ينجح فيه مع نظام الملالي المشوِّه للإسلام وروحه.
لأجل هذا، لن نستغرب إذا علمنا أن إيقاف الحرب الأخيرة، بهذه السرعة، لم يكن لسواد عيون الدولة الصهيونية فقط، بل كذلك، وهذا أهم، لبقاء هذا النظام الشيعي التوسعي غصة في حلق العالم الإسلامي السني الذي يعلم الغرب أن القضاء على إسلامه، وتشويه عقيدته، لن يكون إلا من الداخل. ولن يجدوا أفضل من هذا النظام الشيعي، الصفوي، للقيام بهذه المهمة 'الحضارية' الكبرى. لذلك لزم استمراره غصة في قلب العالم الإسلامي، كما اللقيطة، سواء بسواء !!!.
وكل تغييب لهذا البعد الحضاري في الصراع، ضمن أي محاولة للقراءة الاستراتيجية لتداعيات الحرب الأخيرة، سيترك بياضات، وأسئلة دون أجوبة، مما سيفضي إلى خلاصات ونتائج ناقصة. مهما برع خبراء الاستراتيجية السياسية والعسكرية في تقليب الحدث من مختلف زواياه، ومحاولة حصر هذه الحرب في تحرشات وردود فعل طارئة.
فبقاء نظام الملالي هو مشروع صهيو- أمريكي، وإن بدا، خلاف ذلك، لبعض المخدوعين المصدقين لتصريحات ترامب والنتن ياهو بالقضاء عليه. فما يجري في الغرف المغلقة، والسراديب المظلمة، لا يعلمه إلا الخالق تعالى. وإلا، فلْيخبرنا هواة التحليل الاستراتيجي، والجيوسياسي، عن سبب ضرب أمريكا في قطر، وليس في البحر، وعن صمت قطر، واعتذار إيران، وتدخل قطر والسعودية والإمارات لدى أمريكا للضغط على إسرائيل وإيران لتوقيف الحرب يين إيران وإسرائيل وليس في غزة السنية(!) ، واعتذار أمريكا لإيران في السر، وتهديدها في العلن،.. وغيرها من الألغاز السياسية، كيف نجمع بيننا لنفهم شيئا من هذا الخضم المُركَّب إن لم يكن خلف الأَكِمَّة شيئا من حتى؟!!.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


هبة بريس
منذ 3 ساعات
- هبة بريس
توقيف صحفيين في تركيا بعد نشر رسم كاريكاتوري مسيء للأنبياء
هبة بريس أمر المدعي العام في إسطنبول، يوم أمس الإثنين، بتوقيف صحفيين اثنين من فريق مجلة 'ليمان'، إحدى أشهر المجلات الساخرة في تركيا، وذلك على خلفية نشر رسم كاريكاتوري في عددها الصادر بتاريخ 26 يونيو 2025، يُظهر ما اعتُبر إساءة للرموز الدينية. تحقيق قضائي بتهمة 'إهانة القيم الدينية' وأعلنت النيابة العامة في بيان رسمي أنها فتحت تحقيقًا بخصوص الرسم المنشور، مؤكدة أن 'الكاريكاتير يتضمن إهانة واضحة للقيم الدينية'، مضيفة أنه تم إصدار مذكرات توقيف بحق المتورطين في نشره. الرسم يثير موجة غضب… وتجسيد للنبيين محمد وموسى وبحسب الصور المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي، يصوّر الرسم الأبيض والأسود شخصيتين يُعتقد أنهما النبي محمد صلى الله عليه وسلم والنبي موسى عليه السلام، وهما يتصافحان فوق سماء مدينة تتعرض للقصف، في مشهد أثار جدلًا واسعًا. احتجاجات في إسطنبول ومهاجمة مقر المجلة ردود الفعل الغاضبة لم تتأخر، إذ شهد وسط إسطنبول احتجاجات متوترة، حيث هاجم عشرات المتظاهرين الغاضبين حانة معروفة يرتادها موظفو المجلة، ما أدى إلى تدخل الشرطة لاحتواء الاشتباكات، في ظل حالة من التوتر المتصاعد. وزارة الداخلية تؤكد توقيف رسام الكاريكاتير من جهته، أعلن وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، عبر منشور على منصة 'إكس' (تويتر سابقًا)، أنه تم توقيف الشخص المسؤول عن رسم الكاريكاتير، وقال: 'تم القبض على المدعو د.ب. الذي رسم هذا الرسم المنحط وتم احتجازه'، مضيفًا أن 'هؤلاء الوقحين ستتم محاسبتهم أمام القانون'. المتهمان: رئيس التحرير ومدير النشر وأفادت وسائل إعلام محلية أن مذكرتي التوقيف تشملان كلًا من رئيس تحرير مجلة ليمان ومدير نشرها، في وقت تتصاعد فيه الأصوات المطالِبة بمحاسبة جميع المتورطين في النشر، وسط انقسام في الرأي العام بين المدافعين عن حرية التعبير والمنتقدين لما وصفوه بـ'الاستفزاز الديني'. تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X مقالات ذات صلة


المغرب اليوم
منذ 3 ساعات
- المغرب اليوم
ترامب يتعهد بموقف حازم تجاه نتنياهو لإنهاء حرب غزة
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الثلاثاء، أنه يأمل في "التوصل لهدنة في غزة خلال الأسبوع المقبل"، لافتا إلى أنه سيكون "حازما" مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن إنهاء حرب غزة.وقال ترامب إن مباحثاته مع نتنياهو، في البيت الأبيض بالعاصمة واشنطن، الاثنين المقبل: "ستتضمن ملفي غزة وإيران".وأدلى ترامب بهذا التصريح للصحافيين، الثلاثاء، أثناء مغادرة البيت الأبيض لزيارة مركز احتجاز للمهاجرين في فلوريدا إيفرجليدز.من جهته، قال نتنياهو إنه سيتوجه إلى واشنطن، الأسبوع المقبل، للقاء ترامب ومسؤولين في البيت الأبيض، في زيارة يتوقع أن تكون حاسمة لجهة مصير الحرب في قطاع غزة، وقضايا أخرى تتعلق بتوسيع اتفاقيات السلام في المنطقة. وشنت إسرائيل هجمات جوية ومدفعية مكثفة على شمال وجنوب قطاع غزة، الثلاثاء، ودمرت مجموعات من المنازل، في الوقت الذي يتواجد فيه أحد مساعدي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن، حيث من المتوقع أن يناقش وقفاً محتملاً لإطلاق النار. وقال سكان إن الآلاف فروا مرة أخرى بعد أن أصدرت إسرائيل تحذيرات جديدة لإخلاء منازل، بينما توغلت دباباتها في المناطق الشرقية في مدينة غزة في الشمال، وفي خان يونس ورفح في الجنوب.وأعلنت السلطات الصحية المحلية أن الغارات أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 20 شخصا، وأشارت تقارير إلى تدمير مجموعات من المنازل في حي الشجاعية وحي الزيتون في مدينة غزة وشرق خان يونس ورفح. ومن جانبها، أعلنت المتحدثة الإعلامية للبيت الأبيض كارولاين ليفيت، في مؤتمر صحافي، مساء الاثنين، أن وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي المقرب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، رون ديرمر، موجود في واشنطن هذا الأسبوع للقاء مسؤولين في البيت الأبيض. وذكر مسؤول إسرائيلي أنه من المقرر أن يبحث ديرمر احتمالات عقد اتفاقات دبلوماسية إقليمية في أعقاب حرب إسرائيل مع إيران التي استمرت 12 يوما الشهر الماضي، فضلا عن إنهاء الحرب على غزة.كما أفاد مسؤول أميركي أنه من المقرر أن يتوجه نتنياهو إلى واشنطن، الأسبوع المقبل، ويلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاثنين القادم، 7 يوليو (تموز). وأوضح مسؤول إسرائيلي في واشنطن أن نتنياهو وترامب سيجريان مناقشات حول إيران وغزة وسوريا وغير ذلك من التحديات الإقليمية.إلى ذلك، أفاد القيادي الكبير بحركة حماس سامي أبو زهري، أن الضغط الذي يمارسه ترامب على إسرائيل سيكون عاملا رئيسيا في تحقيق أي انفراجة في جهود وقف إطلاق النار المتعثرة.وأضاف: "ندعو الإدارة الأميركية إلى التكفير عن خطيئتها تجاه غزة بإعلان وقف الحرب عليها، الرهان على إمكانية استسلام حماس هو رهان خاطئ، والبديل هو التوصل لاتفاق، وحماس جاهزة لذلك".وبعد وقف إطلاق نار استمر 6 أسابيع في بداية هذا العام، توقفت المحادثات بشأن تمديد الهدنة. وذكرت مصادر فلسطينية ومصرية مطلعة على أحدث جهود وقف إطلاق النار، أن قطر ومصر، اللتين تضطلعان بدور الوساطة، كثفتا اتصالاتهما مع طرفي الحرب، لكن لم يتم تحديد موعد حتى الآن لجولة جديدة من المحادثات.وتؤكد حماس أنها مستعدة لإطلاق سراح جميع الأسرى المتبقين فقط إذا كان ذلك جزءا من اتفاق ينهي الحرب. وتطالب إسرائيل بإطلاق سراح الأسرى، معتبرة أن نهاية الحرب مرهونة بنزع سلاح حماس وابتعادها عن إدارة غزة. وبدأت الحرب عندما اقتحم مقاتلون من حماس إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 في هجوم تقول الإحصاءات الإسرائيلية إنه أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، واقتياد 251 أسيرا إلى غزة.وأعلنت وزارة الصحة في غزة أن الهجوم العسكري الإسرائيلي اللاحق أسفر عن مقتل أكثر من 56 ألف فلسطيني، معظمهم من المدنيين، وتشريد جميع سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة تقريبا، وإغراق القطاع في أزمة إنسانية.


المغرب اليوم
منذ 4 ساعات
- المغرب اليوم
حرب إسرائيل وإيران ترسم ديناميكيّات جديدة في الشرق الأوسط
تحوّلت الحرب التي كانت مُتخيّلة بين إسرائيل وإيران واقعاً ملموساً. خلقت الشيطنة المتبادلة أجيالاً تكره أجيالاً أخرى. إسرائيل هي «الشيطان الأصغر»، ومدعومة من «الشيطان الأكبر... العم سام». إيران هي التهديد الوجودي للدولة العبريّة. رُسمت الاستراتيجيات، وحُضّرت الوسائل، ومُهّدت الطريق للصدام الأكبر، لتتحقّق النبوءة. وقد يمكن مقارنة مسار هذه الحرب بما كتبته بربارا توخمان في كتابها «مدافع أغسطس»، بشأن فشل الدبلوماسية في الحرب العالمية الأولى، كما الحسابات العسكرية الخاطئة. تَمثّل فشل الدبلوماسية في غياب قنوات التواصل بين القوى الكبرى المتنازعة، كما تمثّل الفشل العسكري في الاعتقاد الذي كان سائداً في ذلك الوقت لدى القيادات العسكرية، بأن الحرب ستكون قصيرة وسريعة وخاطفة. لكن الأكيد، ووفق توخمان، أنّ هذه الحرب ضربت نظاماً أوروبيّاً قديماً، لتفتح الباب لنظام جديد. قبل الحرب شيء؛ وما بعد الحرب مرحلة مختلفة كليّاً. في الحرب بين إسرائيل وإيران، تَظهّر كثير من المعادلات الجديدة، كما سقطت غالبية المعادلات القديمة. في هذه الحرب، شكّل الداخلُ الإسرائيليّ والداخلُ الإيرانيّ مسرحَيَّ الحرب الأساسيّين. نصح بن ديفيد بن غوريون بالقتال على أرض العدو، وها هو الداخل الإسرائيليّ يعاني بشكل لم يعهده منذ تأسيس الكيان. خطّط المرشد الإيراني علي خامنئي لاستراتيجيّة «الدفاع المُتقدّم»، ليكون القتال بعيداً عن الداخل الإيرانيّ، وبالواسطة. ضُرب الوكلاء، ودُمّر الداخل الإيراني، كما استُهدفت جوهرة التاج النووي الإيرانيّ؛ «فوردو». هذا عدا اغتيال القيادات العسكريّة والعلميّة من الصف الأوّل. في التسعينات، ورثت أوكرانيا عن الاتحاد السوفياتي نحو 1900 رأس نوويّ استراتيجي، و2500 رأس نوويّ تكتيكي، وكانت ثالثة الدول في التصنيف العالميّ. سلّمت أوكرانيا هذه الترسانة إلى روسيا عام 1994. في عام 2022، غزا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أوكرانيا. في عام 2003، فكّك العقيد معمّر القذافي المشروع النووي الليبي، وذلك بضغط غربيّ، خصوصاً بضغط أميركيّ. في عام 2011، سقط نظام القذافي تحت تأثير هجوم «الناتو» على ليبيا، وقُتل القائد على قارعة الطريق. خلال 12 يوماً من الحرب بين إيران وإسرائيل، تدخّلت الولايات المتحدة لضرب مركز ثقل المشروع النووي الإيراني (فوردو - نطنز - أصفهان). بعد ذلك، دعا الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، إلى وقفٍ لإطلاق النار. وبذلك، يكون الرئيس ترمب هو الخصم والحكم في المسألة الإيرانية. وبهذا، استعاد ترمب المصداقية الأميركية لدى الحلفاء، خصوصاً في المنطقة. فهل يمكن القول إن توفّر السلاح النووي لدى الدول يرفع من مستوى الردع لديها؟ وهل يمكن القول إن السلاح النووي ورقة الدول الكبرى، خصوصاً الحليفة لأميركا، لضمان أمنها القومي، تحديداً بعد التحوّل في المواقف الأميركية من الأمن الأوروبي عموماً؟ القَطبَة المخفية في وقف النار الأخير هناك مؤشرات عدّة تدلّ على المسار الذي أدّى إلى وقف النار. فما هذه المؤشرات؟ نشرت جريدة «واشنطن بوست»، وقبيل الضربة الأميركية على مفاعل «فوردو»، صورة جوية لـ16 شاحنة متوقفة قرب المفاعل. فما كانت مهمة هذه الشاحنات؟ ولماذا لم تُدمَّر، خصوصاً أن المفاعل يخضع لمراقبة مستدامة؟ فهل سُمح بنقل الـ409 كيلوغرامات من اليورانيوم المخصّب بنسبة 60 في المائة إلى مكان آمن؟ ولماذا 16 شاحنة لنقل 409 كيلوغرامات من اليورانيوم المخصّب؟ هل هذا العدد مخصّص لنقل الطرود المركزية من «فوردو»؟ بعد الضربة الأميركية، قال جي دي فانس، نائب الرئيس الأميركي، خلال مقابلة تلفزيونية، إن مقياس النصر بالنسبة إلى أميركا هو بضرب إمكانات إيران في مجال تخصيب اليورانيوم.فما نفعُ امتلاك يورانيوم مخصّب بنسبة عالية إذا لم تكن هناك قدرة على تخصيبه إلى مستوى أعلى، أي إلى 90 في المائة؟ كان مفاعل «فوردو» يحتوي 6 آلاف طارد مركزي من الجيل السادس، هذا عدا المفاعلات الأخرى التي استهدفتها الغارات الأميركية. ووفق فانس، فإن إيران غير قادرة حالياً على تخصيب اليورانيوم بنسبة 90 في المائة، أي إلى المستوى اللازم لتصنيع قنبلة نووية حقيقية. وقد تدخل هنا استراتيجيّة إسرائيل في اغتيال العلماء (Know How). لكن الحصول على يورانيوم مُخصّب بنسبة 90 في المائة، لا يعني الحصول على القنبلة فوراً. فالوصول إلى القنبلة مسار مُعقّد وطويل يقوم على ما يلي: تجهيز الكميّة اللازمة للقنبلة؛ 47 كيلوغراماً من اليورانيوم المُخصّب بنسبة 90 في المائة. ثم التجربة، مع توفّر المُفجّر، أو آليّة التفجير. وبعد نجاح التفجير، يلزم تحويل القنبلة إلى رأس حربيّ، وبعده السعي إلى تأمين وسيلة الإطلاق (الأسهل لإيران هو الصاروخ الباليستيّ)، واختبار هذا الأمر. بعد هذه المرحلة، السعي إلى تنويع وسيلة الإطلاق لخلق ردع نوويّ موثوق وفعّال، كتأمين الإطلاق من البحر والجو. إنّ الرّد الإيرانيّ على الهجمة الأميركيّة لا يتناسب مع الخسائر التي مُنيت بها (Proportionality). لكنها اختارت جوهرة التاج الأميركيّ في المنطقة، قاعدة «العديد»، لتضربها، لكن بعد تنسيق مُسبق كما قال الرئيس ترمب. بعد هذا الرّد الإيرانيّ، أعلن الرئيس ترمب وقف النار. إذا تبجح نتنياهو بأنه حقق كلّ أهدافه، فهذا يعني أنّ إيران هي الخاسر الأكبر. وإذا صمد وقف النار وفُتح باب الدبلوماسية مع طهران، فما الإغراءات لإيران؟ وهل سيحصل تغيير جذريّ في الداخل الإيرانيّ، تحت مقولة إن «من يبدأ الحرب لا يمكن له صناعة السلم»؟ لكن الأكيد أنّ هذه الحرب شكّلت المسرح الجديد والأهمّ لتجربة الأسلحة، والاستراتيجيّات، والتكتيك، وذلك بعد أوكرانيا، وغزّة، ولبنان. في هذه الحرب، وصلت إسرائيل إلى امتدادها الأقصى باستعمال أفضل ما تملك من السلاح، حتّى حدود النوويّ. في المقابل، وصلت إيران إلى الحدّ الأقصى باستعمال ترسانتها من صواريخ باليستيّة ومسيّرات، فقط لتنقذ مشروعها النوويّ. ولأنّنا تحدثنا عن ديناميكيات جديدة في الشرق الأوسط، فقد يمكن، وبعجالة، مقارنة ما رسمه قائد «فيلق القدس» السابق، قاسم سليماني، لإيران في المنطقة، مع الواقع الذي نتج بعد عمليّة «طوفان الأقصى». فهو قال لرئيس أركان الجيش الإيرانيّ، نقلاً عن الجنرال غلام علي رشيد، قائد العمليات الإيرانية في هيئة الأركان، الذي بدوره اغتيل من قبل إسرائيل في حرب الـ12 يوماً (وفق إليوت كوفمان): «لقد جمعتُ لكم 6 جيوش خارج إيران. وبنيتُ كوريدوراً بطول 1500 كيلومتر وبعرض ألف كيلومتر، يصل مباشرة إلى البحر المتوسّط. فإذا أراد أيّ عدوّ قتال الجمهوريّة الإسلاميّة، فعليه أن يمرّ عبر هذه الجيوش الستّة، وهو حتماً لن يستطيع ذلك». في الختام، قد يمكن تشبيه تاريخ إيران بتاريخ روسيا في بعض الزوايا؛ فهما تأرجحتا بين الامتداد الأقصى جغرافياً خلال عصر الإمبراطوريات، ومن ثمّ الانحسار. وعند كلّ تمدّد وانحسار، تتبدّل الديناميكيّات في المحيط المباشر لهما. امتدّ سليماني إلى الحدّ الأقصى... أُسقط مشروعه بالضربة القاضية بعد «طوفان الأقصى». فكيف سيكون شكل الشرق الأوسط والمحيط المباشر لإيران خصوصاً أنّ إسرائيل بدأت الاستعداد لمرحلة ما بعد حرب الـ12 يوماً؟