logo
من يقرر في لبنان؟ 'حزب الله' وخطابه المشحون بالهيمنة

من يقرر في لبنان؟ 'حزب الله' وخطابه المشحون بالهيمنة

IM Lebanonمنذ 20 ساعات
عيّن لبنان لجنة لصياغة ردّ أولي على مطالب الولايات المتحدة، التي تدعو 'حزب الله' إلى التخلّي عن سلاحه بحلول شهر تشرين الثاني المقبل، مقابل وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية. وتضمّ اللجنة ممثلين عن مكتب رئيس الوزراء، ورئيس الجمهورية، ورئيس مجلس النواب. حتى اليوم، لم يلتزم 'حزب الله' تسليم سلاحه، من دون أن يُبدي في المقابل رفضًا للتعاون مع هذه اللجنة.
وفي هذا السياق، أعادت خطب عاشوراء التي ألقاها أمين عام 'حزب الله' إحياء السؤال الذي لا يغيب: من يتحكم بالقرار في لبنان؟ بين تأكيده التمسك بالسلاح، وسعيه إلى إعادة تعريف السيادة الوطنية من منظوره، يُقدّم الأمين العام لـ'الحزب' مضموناً خطابيًا يعكس توتر العلاقة بين الدولة ومجموعته المسلحة. وقد أدّى تفكيك هذا المضمون إلى كشف التلاعبات الخطابية التي تعبّر عن صراعاتٍ تتجاوز الكلمات، وصولًا إلى معركة السيطرة على القرار السياسي في لبنان.
ولأن تواصل القادة السياسيين يحمل دلالات على نواياهم واعتباراتهم الاستراتيجية، ولأنهم يتواصلون بنوايا متعددة الطبقات وموجّهة إلى جماهير متنوعة، فإن تحليل ما 'يفعله' الأمين العام بكلماته، وبالدلالات غير المنطوقة، يساعد في توقّع التحركات الاستراتيجية المستقبلية.
بالفعل، يعكس مضمون خطب الأمين العام لـ 'حزب الله'، بُنية خطابية مشحونة بالرموز، تنتمي إلى ما يُسميه نورمان فيركلو (Fairclough) بـ 'الخطاب الهيمني'، حيث تُعاد علاقات القوة إنتاجًا عبر اللغة، من خلال التلميح والتأطير الرمزي. واللافت أيضًا هو اعتماد ما يُسميه جون أوستن (Austin) 'الفعل الكلامي التوجيهي'، حيث يُستخدم التهديد والوعيد المبطّن، كما في عبارتًي 'لا أحد يمزح معنا' و'نحن نُحدد كم هي الفرصة'، للتأثير في سلوك الخصم، من دون الاضطرار إلى التصريح بنيّة المواجهة الفعلية. هذه الصيغة، التي تُتيح لـ 'حزب الله' هامشًا زمنيًا وسياسيًا، تُنتج ما يمكن تسميته بـ'الردع الرمزي'، وهو ردع يعمل على المستوى النفسي والإعلامي أكثر مما يعمل على الأرض.
كذلك، يعتمد الخطاب على الرموز الدينية والتاريخية الكبرى، مثل 'الحسين، سيّد الشهداء'، و'هيهات منا الذلّة'، 'نحن دائماً نقول إن أي نصر يحصل معنا هو نصر إلهي'، لإضفاء طابعٍ مُقدّس على خيارات 'حزب الله'، ما يُنتج نوعًا من 'التحصين المعنوي' ضد أي محاولة داخلية للتشكيك في شرعيتها. وهذا النوع من الاستعارات المفهومية يُستخدم لترسيخ التصورات السياسية بوصفها 'قدرًا أخلاقيًا'، لا مجرّد خيارٍ استراتيجي. والأهمّ أن إضفاء الطابع المقدس يسمح بتجاوز المساءلة، والتذكير بأن الانتصار مضمون دينيًا، لا سياسيًا.
وما لم يُذكر صراحة في الخطب هو التالي: تسمية الأطراف اللبنانية المعارضة، التي لمّح إليها الأمين العام بوصفها 'ضعيفة' أو'متواطئة'. ولأنه ربط بين 'الضعف' و'الخيانة'، فهذا بالطبع يُنتج مناخًا من التشكيك والاتهام الشامل. وعندما يؤكد التزام مجموعته حماية الحق في الدفاع والمواجهة، فمعناه أنه يُعلن ضمنيًا أن قرار الحرب والسلم ليس حكرًا على الدولة اللبنانية، بل هو في يد 'حزب الله' وفقًا لرؤيته الخاصة، و'متى يشاء'. إنه إعادة لصياغة مفهوم 'السيادة'' يكشف عن سلوك أحادي يتم باسم 'الدفاع' ومن دون موافقة وطنية جامعة.
هكذا، تُعاد صياغة العلاقة بين 'حزب الله' والدولة، عبر خطاب يستمر في تجويف مؤسسات الدولة من وظائفها الأساسية، دون الحاجة إلى مواجهتها صراحةً.
ومن غير المنطوق أيضًا، التأكيد على القوة بهدف إخفاء القلق: 'نحن قادرون على الإسرائيليين'، 'تعالوا لملاقاتنا حتى تروا كيف نربح'، و'لا أحد يمزح معنا، كل شيء له حدود'. هذا التكرار يدل ضمنيًا على رغبة في تثبيت صورة القوة، ويعكس قلقًا خفيًا من تغيّر موازين القوى. لذلك، يلجأ الأمين العام إلى استخدام رسائل مزدوجة، مثل قوله: 'نحن لن نصمت'، لكنه يضيف 'عندما يكون عندنا خيار العِزّة'. ما يمنحه مساحة للمناورة السياسية والزمنية، ويخلق 'ردعًا لغويًا' وليس فعليًا، فيُبقي الجماهير والخصوم في حالة ترقب دائم.
بناءً على ما سبق، يتّضح أن خطب الأمين العام لـ'حزب الله' الأخيرة لا تسعى إلى الإقناع بقدر ما تسعى إلى الهيمنة. فهي نموذج لممارسة القوة الخطابية ليس فقط من خلال ما يُقال، بل عبر ما يُلمّح إليه، ويُسكت عنه. بالتالي، إنه مضمون يتجاوز الوظيفة الإخبارية ليُعيد صياغة العلاقة بين 'حزب الله' والدولة. لكن أخطر ما قيل 'ما ‏زلنا قادرين. اصبروا، فالأمور تتغير وتتبدل'.‏ 'إن إسرائيل اليوم متغولة، وبالتالي فإن أميركا متغولة معها، وتريدان استثمار اللحظة لقلب المعادلة'. أي أن الغد ممكن أن يكون أفضل، فلننتظر ونراوغ، ولْنستخدم أمضى أسلحتنا، وهو الوقت.
أخيرًا، مع تمنياتنا بالنجاح للجنة صياغة الردّ على مطالب واشنطن، لا بدّ من الإشارة إلى أنه منذ أن كانت للبشر أفواه تتكلم وآذان تسمع، أدركوا أن مستوى الحقيقة الكامن في أكثر المعلومات براءة غير ثابت ولا مضمون؛ فليس هناك أسهل من الجمع بين التقريب غير المقصود والخداع المتعمد.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

من سحب السلاح إلى تجفيف التمويل: اقتصاد "الحزب" يتصدّع؟
من سحب السلاح إلى تجفيف التمويل: اقتصاد "الحزب" يتصدّع؟

MTV

timeمنذ 3 ساعات

  • MTV

من سحب السلاح إلى تجفيف التمويل: اقتصاد "الحزب" يتصدّع؟

حوادث ضبط ملايين الدولارات نقدًا في مطار رفيق الحريري الدولي ليست تفصيلًا معزولًا، بل تتقاطع مع سياق أوسع من الضغوط المركّبة على «حزب الله»، التي انتقلت من الميدان العسكري إلى الميدان التمويليّ، ومن استهداف القيادات إلى حصار آليات الدعم الماديّ. في وقت بات فيه المطار منطقة «تماس دولي»، ليس لكونه بوابة سفر فقط، بل بسبب الأنظار الدولية المتزايدة عليه، باعتباره يُرجّح أن يُستخدم كممرّ تمويلي لأنشطة يُحتمل ارتباطها بـ «حزب الله». في حين، أكد مصدر مطّلع لـ «نداء الوطن» أن مديرية الجمارك لم تتحقّق بعد من مصدر المبالغ المالية الكبيرة والوجهة التي ستتخذها حتى الساعة، أفاد المصدر بأن هذه الأموال محجوزة حاليًا لصالح النيابة العامة التي ستتولى البتّ بمصيرها في ضوء التحقيقات القائمة. وفي أحدث تلك العمليات، ضُبط مبلغ 8.2 ملايين دولار نقدًا داخل 3 حقائب وصلت عبر رحلتين من كينشاسا واسطنبول. مصدر قضائي، أكد أنه «تم توقيف 3 لبنانيين اعترفوا بنقل الأموال لصالح رجال أعمال من الجنسية اللبنانيّة ينشطون في أفريقيا»، هذا على حد تعبير هذا المصدر، الذي شدد على أن «الأنشطة والأعمال والحوالات المالية من أفريقيا معروفة لصالح من تكون...». وفي حادثة منفصلة، ضُبط مبلغ نحو 7 ملايين دولار نقدًا في مطار بيروت الدوليّ داخل حقائب السفر وصلت على متن طائرة قادمة من إحدى الدول الأفريقية، وينتمي أصحاب الحقائب إلى بلدة جنوبية تعرضت للقصف الإسرائيلي في الحرب الإسرائيلية الأخيرة. وهنا سأل المصدر: «هل لهذه الأموال علاقة مباشرة أو غير مباشرة بتمويل إعادة الإعمار في بعض القرى الحدوديّة جنوب لبنان؟».إذًا، التحقيقات انطلقت سريعًا بتكليف من مكتب الجرائم المالية، وبتوجيه من حاكم مصرف لبنان كريم سعيد، الذي وجّه بإيداع الأموال في خزنة تابعة للبنك المركزي. الحادثتان تأتيان ضمن سلسلة حوادث متكررة، فقد ضُبط قبلها 2.5 مليون دولار مع رجل وصل من تركيا، وأُحبطت محاولة تهريب أكثر من 22 كيلوغرامًا من الذهب، وجميعها رُبطت بحسب معلومات متقاطعة بـ «حزب الله». في المضمون، ما يحصل اليوم هو امتداد لحرب أوسع بدأت فصولها منذ تراجع دور النظام السوري كرافعة مالية ولوجستية لـ «الحزب»، وازدادت وتيرتها مع العقوبات الأميركية والدولية، ثم بلغت ذروتها مع انفجار الحرب الإيرانية – الإسرائيلية. لكن الأبرز، أن مطار بيروت نفسه بات مادة خلاف داخلي وضغط خارجي. هددت إسرائيل مرارًا باستهداف المطار في حال لم تُضبط الحركة داخله، لا سيما بعد إجماع على سيطرة شبه تامة لـ «حزب الله» على المطار قبل حرب الإسناد في 8 تشرين الأول، في حين تُختبر جدية الدولة اللبنانية في منع المطار من أن يكون نقطة عبور. بالمختصر، تعكس الحادثة محاولة متجددة لضبط شرايين التمويل، بعدما تكررت سواء عبر الذهب، العملات، أو الصرافات وشركات تحويل أموال تعمل تحت غطاء نشاط تجاري مشروع، وفق مصدر مطّلع. علمًا أن «حزب الله» أنشأ في السنوات الأخيرة، استنادًا للمصدر، منظومة تمويل رديفة، تُغنيه جزئيًا عن التحويلات الإيرانية المباشرة. وهو ما أجبر «الحزب» على بناء شبكات اقتصادية وتجارية منتشرة في سوريا ولبنان وأفريقيا، وحتى أميركا اللاتينية وأوروبا. في موازاة ذلك، ومنذ اغتيال رئيس «صادق» للصرافة هيثم بكري، وظهور لائحة من شركات الصرافة المتهمة بتحويل الأموال لـ «الحزب»، دخلت المعركة في نطاق أوسع: شلّ قدرة «الحزب» المالية، وبالتالي إعادة بناء هيكليته، سواء التنظيمية - الاجتماعية أو القتالية - العسكرية. ونشر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي الآلية الإيرانية لتحويل الأموال إلى «حزب الله» وأرفقها بلائحة لصرافات لبنانية اتّهمها بتحويل الأموال له، واضعًا صورة أبنيتها ومنوّها باسم محال الصرافة والمعنيّين وهم: «الصادق» بإدارة هيثم عبدالله بكري، «مكتف» بإدارة رامز مكتف، «يارا» بإدارة محمد بدر بربير، «مليحة» بإدارة حسين شاهين، «الإنصاف» بإدارة علي حسن شمس و«عيّاش» بإدارة حسن محمد حسين عياش. من هنا، تأتي هذه الحادثة لتؤكد أن الأولوية الإسرائيلية – الأميركية اليوم لم تعد فقط في ميدان المواجهة العسكرية، بل في ضرب القدرة التمويلية لـ «حزب الله». فكما لا عسكر بلا سلاح، لا سلاح بلا تمويل. وإذا كانت هناك دعوات سياسية تطالب بسحب سلاح «الحزب»، فالخنق المالي هو طريق التنفيذ الواقعي لهذه المطالب، أو في الحد الأدنى، تحجيم نفوذه ومنعه من تجديد قدراته، حسبما بيّن المصدر. يعتبر تجفيف الموارد إشارة واضحة إلى أن مستوى الضغط تغيّر، ما يتقاطع مع مسار الضغط الأميركي، الذي يقوده توم برّاك، عبر تمرير ورقة ضغط عبر الرؤساء الثلاثة في لبنان للدخول في مسار تفاوضي يُفضي إلى نزع السلاح مقابل مهلة زمنية محددة. ومع استمرار هذا الضغط، لم يتبقَّ لـ «الحزب» سوى استخدام الخطاب كوسيلة دفاع، فتارة يُهدّد بإعادة ترميم «المقاومة»، وتارة ينصاع إلى «الدولة» ويدعوها إلى التحرّك. مع تصاعد الحصار المالي، يبقى السؤال الأهم: هل ستنجح سياسة خنق التمويل بمنع «حزب الله» من إعادة تموضعه، أم أنه سيجد لنفسه طرقًا رديفة لإعادة رسم موازين القوى داخليًا وخارجيًا؟

إسرائيل لا تريد السلام: الإستسلام أو الهيمنة العسكرية على المنطقة؟!
إسرائيل لا تريد السلام: الإستسلام أو الهيمنة العسكرية على المنطقة؟!

النشرة

timeمنذ 4 ساعات

  • النشرة

إسرائيل لا تريد السلام: الإستسلام أو الهيمنة العسكرية على المنطقة؟!

على وقع التداعيات التي كانت قد فرضتها المعارك العسكرية، بعد عملية "​ طوفان الأقصى ​"، عاد الحديث، في العديد من الأوساط العربية، عن ضرورة الإنخراط، تحديداً سوريا ولبنان، في مسار سلام مع إسرائيل قائم في المنطقة، على قاعدة عدم وجود خيارات أخرى من الممكن الذهاب إليها. في هذا السياق، تذهب بعض التحليلات للإشارة إلى أن عنوان "طوفان الأقصى" الأول كان إسقاط مسار التطبيع، الذي كان من المفترض أن يشهد تقدماً كبيراً، حيث كان التركيز على المفاوضات السعوديّة الإسرائيلية برعاية أميركية، التي كانت الرياض تؤكد خلالها أن الأمر لا يمكن أن يتم إلا على أساس ​ حل الدولتين ​، لكن السؤال المركزي يبقى حول ما إذا كانت تل أبيب تريد فعلاً السلام؟. تبدل التوازنات في العام 1994، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق اسحق رابين، في إطار ما كان يعرف بمعادلة الأرض مقابل السلام، قد تقدم بتعهد إلى وزير الخارجية الأميركي في ذلك الوقت وارن كريستوفر، بات يعرف لاحقاً بإسم "وديعة رابين"، يتضمن موافقته على الإنسحاب من الأراضي السورية التي احتلتها تل أبيب في حزيران 1967، مقابل علاقات ثنائية ودبلوماسية كاملة وضمانات أمنية تحصل عليها من دمشق، أي أن الإنسحاب يشمل الجولان وبحيرة طبريا. لاحقاً، أي بعد تسريب ما كان يُطرح في المفاوضات السرية، دفع رابين حياته ثمناً لهذا التعهد، حيث كان اليمين الإسرائيلي، الذي يضم رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتانياهو وعدد كبير من وزراء حكومته، من أبرز المعارضين لها، إنطلاقاً من رفضهم السلام الذي يقوم على الإنسحاب من الجولان وبحيرة طبريا. في ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأولى، برز ما بات يعرف بإسم ​ صفقة القرن ​، أي السلام الذي يقوم على الإنخراط في مشاريع إقتصادية ضخمة، حيث كان العنوان الأبرز المؤتمر الذي عقد في البحرين، بعد أن كان ترامب نفسه قد بادر إلى الإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وقرر نقل السفارة الأميركية إليها، ثم أعلن إعترافه بسيادة تل أبيب على الجولان. في المرحلة الراهنة، تنطلق الطروحات من المعادلات التي كانت قد فرضت نفسها بعد "طوفان الأقصى"، أي هزيمة حركة "حماس" في غزة والضربات القاسية التي تعرض لها "حزب الله" في لبنان، بالإضافة إلى سقوط النظام السوري السابق، العامل الذي قد يكون هو الأهم في هذا المسار، في وقت كانت تل أبيب قد بادرت إلى شن حرب على إيران، دخلت الولايات المتحدة على خطها عبر الضربات المحدودة التي نفذتها على بعض المواقع. المطروح اليوم البحث فيما هو مطروح اليوم، من أجل فهم حقيقة ما تريده تل أبيب، ينبغي أن ينطلق من فلسطين، حيث يؤكد المسؤولون الإسرائيليون رفضهم أي بحث يستند إلى حل الدولتين، لا بل تتصدر العناوين الدعوات إلى ضم الضفة الغربية رسمياً، بالإضافة إلى خطة تهجير سكان غزة من القطاع، من دون تجاهل رد نتانياهو، في الفترة الماضية، على تمسك السعودية بحل الدولتين، بالدعوة إلى إقامة الدولة الفلسطينية على أراضيها. في سوريا، بالرغم من كل الرسائل الإيجابية التي صدرت عن السلطة الجديدة، يشدد المسؤولون الإسرائيليون على رفضهم أي نقاش يتضمن الإنسحاب من الجولان، لا سيما بعد أن كان الجيش الإسرائيلي قد بادر إلى إحتلال العديد من المناطق في الجنوب السوري، لا بل تطالب تل أبيب، لوقف إعتداءتها، بالذهاب إلى إتفاق أمني، يعطيها حرية الحركة في تلك المناطق، بالتزامن مع إبقائها منزوعة السلاح. في لبنان، يتصدر ملف سلاح "حزب الله" واجهة الأحداث، حيث الدعوات إلى نزعه أو تسليمه، قبل البحث في المسائل المطروحة من الجانب اللبناني، أي إلتزام إسرائيل بما نص عليه إتفاق وقف إطلاق النار، لناحية الإنسحاب من النقاط الخمس التي كانت قد احتلتها في العدوان الأخير، بالإضافة إلى إعادة الأسرى ووقف الإعتداءات المستمرة، وإلا منع المساعدات عن بيروت وإعطاء تل أبيب الضوء الأخضر لرفع وتيرة الإعتداءات. "وهم" السلام بناء على ما تقدم، يمكن الحديث عن أن إسرائيل، على عكس المعادلات التي كانت قد طُرحت في الماضي، لناحية السلام مقابل الأرض أو الإنخراط في مشاريع إقتصادية ضخمة، لا تريد أن تقدم أي شيء بالمقابل، بل باتت تطالب بالحصول على المزيد مقابل السلام المزعوم، من منطلق أن على الجهات الأخرى الذهاب إلى الإستسلام من دون أي مفاوضات حقيقية مسبقة، أو البقاء ضمن المعادلة التي تكرس هيمنتها العسكرية على المنطقة، من منطلق أنها الفريق "المنتصر" في الحرب، الذي نجح في كسر كل المعادلات التي كانت تطرح في السنوات الماضية.

ماذا يجري على الحدود الشرقية بين لبنان وسوريا؟؟!!
ماذا يجري على الحدود الشرقية بين لبنان وسوريا؟؟!!

الشرق الجزائرية

timeمنذ 7 ساعات

  • الشرق الجزائرية

ماذا يجري على الحدود الشرقية بين لبنان وسوريا؟؟!!

كتب عوني الكعكي: لا يمر يوم واحد إلاّ وهناك أخبار تقول إنّ الجبهة الشرقية، أي على الحدود بين لبنان وسوريا من الناحية الشرقية، هناك توتّر واستعدادات عسكرية حيث توجد قوات من «القاعدة» وقوات من الدول الإرهابية الإسلامية يستعدّون لاحتلال لبنان والانتقام من حزب الله، خصوصاً أنّ الحزب كان له دور عسكري غير مشرّف بقتل المواطنين السوريين لمصلحة بقاء نظام بشار الأسد الرئيس الهارب. السؤال هو: هل هذه هي الحقيقة؟ وإذا كانت أخباراً كاذبة، فما هي الحقيقة؟ بكل بساطة، التهريب أو عمليات التهريب بين لبنان وسوريا عمرها لها تاريخ قديم. والسبب بكل بساطة أن النظام السوري كان يمنع استيراد الكثير من المواد الغذائية والمواد الخام مثل بلاط الرخام والأدوات الصحّية، بالإضافة الى وسائل التبريد والأفران والمواد الكهربائية كافة. لذلك نشطت هذه التجارة، وهناك منطقة على الحدود اسمها «صحنايا» القريبة من الزبداني تستطيع أن تشتري منها كل هذه الممنوعات. في الحرب الأهلية حين رفع الرئيس الهارب بشار الأسد شعار الإرهاب بينما هو في الحقيقة يريد أن يبقى على كرسي الرئاسة، ولا يريد أن يلبّي مطالب الشعب بالنسبة للتغيير من حيث إعطاء رخص لإصدار مجلات وصحف وإنشاء تلفزيونات وتأسيس أحزاب… باختصار، كانت المطالبة بإجراء إصلاحات سياسية وانتخابية وإعطاء المواطن حق في إبداء رأيه بحرّية ممنوعة تماماً.. طبعاً هذا الموضوع لم يناسب النظام السابق إذ يريد أن يحكم ويفعل ما يشاء من دون رقيب أو حسيب. لذلك أصبحت الحدود الشرقية بين لبنان وسوريا أماكن للحروب، والجميع يعلم ماذا جرى. بالإضافة الى عمليات التهريب.. دخل عامل جديد هو تجارة المخدرات وأهمها الكبتاغون حيث نشأت عدّة معامل لهذه المادة بإشراف جماعة الرئيس الهارب ومعه الكثير من تجار المخدرات. العامل الثالث هو دخول حزب الله على الخط لدعم النظام في سوريا، حيث جرت معارك ذهب ضحيتها عدد كبير من السوريين ومن الحزب نفسه. أما اليوم فقد اختلفت الظروف واختلف الواقع.. حيث أن الجيش السوري ووزارة الداخلية ضبطت حدودها مع لبنان، ولم يعد يسمح للمهربين بأن يتنقلوا بحرّية. وهنا أتذكر في لقاء منذ فترة مع وزير الدفاع اللبناني ميشال منسّى الذي تحدّث عن موضوع التهريب، وقال لنا إنّ هناك اجتماعات تجري بين قيادة الجيش اللبناني وقيادة الجيش السوري، وكل عملية عسكرية يتم قمعها، واجتماعات تجري بين الجيش اللبناني والجيش السوري. على كل حال، هذا ما جرى مع عقيد في الجيش السوري، فماذا قال: وسط ما يدور من أحاديث حول تجمّع جنود على الحدود السورية – اللبنانية، من جنسيات غير سورية، خصوصاً من دول إسلامية متطرّفة، بهدف غزو لبنان للتخلص من بعض المراكز التي يسيطر عليها حزب الله في الهرمل والقاع وغيرهما، لإبعاد الخطر عن سوريا خشية انتهاز الفرصة لاختراق النظام السوري القائم بقيادة الرئيس أحمد الشرع. وفي لقاء مع ضابط سوري كبير هو العقيد عبدالمنعم ضاهر لسؤاله عما يدور من أحاديث بهذا الخصوص قال: «الذين يتواجدون على طول الشريط الحدودي بين سوريا ولبنان وعلى مسافة 360 كيلومتراً هم عناصر من الدفاع والداخلية التابعتان للحكومة السورية. كل ما في الأمر أنّ هناك عمليات تهريب متواصلة على الحدود من قِبَل حزب الله اللبناني. كما أننا تمكنا من مصادرات كميات كبيرة من الصواريخ والمخدرات (الحشيش) التي يقوم بها الحزب». وتابع العميد ضاهر قائلاً: نحن في سوريا على تنسيق كبير وكامل مع الجيش اللبناني، ولا صحّة للإدعاءات بوجود مسلحين خارج وزارتي الدفاع والداخلية، وسوريا بالتأكيد تحترم سيادة لبنان، ولا تقبل أن تمسّ هذه السيادة بأي شكل من الأشكال. إنّ كل ما تريده سوريا، أن تحمي حدودها من تهريب المخدرات والأسلحة، ولا تريد أبداً التدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية. وأذكّر مرّة أخرى بأنّ الحدود في مناطق الهرمل والقاع وبعض المنافذ في البقاع تحوّلت الى طريق للمهرّبين والمنتفعين الذين يضمرون الشر للبنان وسوريا. وختم قائلاً: لا نفعل شيئاً إلا بالتنسيق مع الجيش اللبناني الذي نعتز به… ولكننا في المقابل لن نسكت على محاولات المتسللين والمنتفعين لإلحاق الأذى بسوريا ولبنان أيضاً. من هنا، أؤكد ما سبق وقلته في بداية حديثي، إنّ الحدود بين سوريا ولبنان لا يشرف عليها من الجانب السوري إلاّ القوى الشرعية التابعة للحكومة السورية. أما المهرّبون من لبنان فإننا على تواصل تام وتفاهم كامل مع إخوتنا في الجيش اللبناني الصديق كي نتعاون معاً لوقف التهريب والقضاء على المهرّبين.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store