
تأكيد أممي على استهداف دول الخليج بالمخدرات... ومعدلات التعاطي فيها أقل من المتوسط العالمي
وعدّ الممثل والمدير الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بدول المجلس القاضي حاتم علي، خلال حديث مع «الشرق الأوسط»، التغيرات الإقليمية على غرار الوضع في أفغانستان، تؤدي إلى تحول مسارات التهريب وطرقها، لكنها لم تحدّ بشكل جذري من حجم المخدرات المستهدفة للخليج. ولفت إلى أن «الشبكات تتكيف بسرعة مع المتغيرات الأمنية».
وفي شأن التطوّرات السياسية والأمنية في سوريا ولبنان وغيرهما، أكد أنه «لا يمكن الحكم قطعيّاً على الأثر المباشر للاضطرابات التي حدثت في تلك الدول قبل دراسة الواقع لفترة كافية»، بيد أنه حذّر من أن «دروب التهريب» التي كانت تأتي إلى هذه الدول وتخرج منها إلى دول الخليج، بدأت تتحول إلى دول أخرى، سواءً داخل في المنطقة أو حتى خارجها، ولكن ما زالت تستهدف دول الخليج.
من ورشة إعداد الاستراتيجية الخليجية لمكافحة المخدرات بحضور الأمين العام للمجلس ومدير مكتب الأمم المتحدة (الشرق الأوسط)
ولم يجزم القاضي حاتم علي بالأثر المباشر للاضطرابات التي حدثت في سوريا ولبنان واليمن وليبيا وغيرها من دول المنطقة، إلا أنه قال: «ما نستطيع أن ندركه يقيناً أن انهيار السيطرة الأمنية ووجود الاضطرابات والنزاعات والنزوح المباشر من هذه الدول إلى الخارج، يشمل هذا أيضاً العصابات الإجرامية، سواءً التي تتاجر في تهريب المواد المخدرة أو التي تقوم بتصنيع المخدرات، فهي تتجه إلى النزوح أيضاً من هذه الدول لتجد موقعاً آمناً في المنطقة لتعيد ترتيب أوراقها».
وسلّط الضوء على «انتقال بعض دروب تهريب المخدرات» من الدول غير المستقرة، إلى دول أخرى في منطقة الشرق الأوسط. وعدّ أن لدول الخليج نصيب من ذلك، مبرهناً على ذلك بما تعلنه دول الخليج وتتناقله وسائل الإعلام مؤخّراً من ضبط بعض المحاولات لتصنيع المخدرات.
جانب من مضبوطات ضمن 200 ألف حبة مخدرة في محاولة تهريب عبر الحدود بعد عملية بين وزارتي الداخلية السورية والسعودية (الداخلية السورية)
«التقرير العالمي للمخدرات 2025» الصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، كشف أن «الكبتاغون» الذي يُصنع أساساً في سوريا ولبنان لا يزال مصدر قلق رئيسياً في الشرق الأوسط ودول الخليج، بحسب التقرير، علاوةً على توسّع في إنتاج «الميثامفيتامين» في جنوب غربي آسيا والشرق الأوسط والخليج، مع ارتفاع ملحوظ في أفغانستان.
القاضي حاتم علي وهو يمثّل الصوت الأممي في مكافحة المخدرات بدول مجلس التعاون، كان نوّه خلال مشاركته في احتفال أقامته الأمانة العامة لمجلس التعاون باليوم العالمي لمكافحة المخدرات على هامش الأسبوع الخليجي لمكافحة المخدرات، بمقرها في الرياض، الخميس، بأن دول الخليج مستهدفة بخطر المخدرات والاتجار غير المشروع بشكل عام.
وخلال الحوار شرح أسباباً عملية لذلك، وأجملها في «الموقع الجغرافي، والاستقرار السياسي، والرخاء الاقتصادي، وارتفاع دخل الفرد، والانفتاح الاجتماعي والإنساني على العالم»، معرباً في الوقت ذاته، عن سعادته بـ«حجم الإدراك السياسي والرغبة الموجودة لدى دول الخليج كافة والأمانة العامة لمجلس التعاون وكل الجهود والخطوات التي اتخذتها هذه الدول، الأمر الذي يعكس رغبة حقيقية وصادقة في العمل مع الأمم المتحدة، ومع باقي دول العالم لمواجهة هذا بشكل منهجي ومنظم».
واستدلّ علي، على ذلك بـ«الاستراتيجية الخليجية الموحدة لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية والوقاية منها»، حيث تعد الاستراتيجية الأولى في هذا الإطار، معرباً عن تشرّف الأمم المتحدة ومكتبها الإقليمي المعني بالمخدرات والجريمة، بالعمل على هذه الاستراتيجية، ضمن شراكة حقيقية مع الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية وممثلي دول المجلس كافة.
ولفت إلى أن مكتب الأمم المتحدة يعمل مع كل دول المجلس والأمانة العامة، على بناء وتطوير القدرات المعنية بمكافحة المخدرات في أجهزة إنفاذ القانون والشرطة ووزارات الداخلية والإدارات والمديريات العامة لمكافحة المخدرات، ومع الشركاء في اللجان الوطنية لمكافحة المخدرات التي تضم كل الأجهزة المعنية في هذه الدول، بالإضافة إلى العمل مع الجهات الصحية، وأيضاً مع المجتمعات ذاتها، باستخدام مبادرات تمكين المجتمع والأسرة لمواجهة هذه المخاطر والتحديات عبر المقاربات المعنية بالوقاية والتوعية من أخطار المخدرات.
القاضي حاتم علي المدير والممثل الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في مجلس التعاون الخليجي (الشرق الأوسط)
وكان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، أكّد أن «الاستراتيجية الخليجية لمكافحة المخدرات 2025 - 2028، جاءت إطاراً شاملاً ومتكاملاً لتوحيد وتوجيه دول المجلس في هذا المجال الحيوي»، مضيفاً أن دول المجلس شكّلت جبهةً متماسكة تستند إلى التعاون الأمني والتشريعي والتوعوي، وتعمل بلا هوادة لتجفيف منابع هذه الآفة.
وأردف الممثل والمدير الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بدول المجلس، أن الاستراتيجية الخليجية الموحّدة تعدّ أداة متوازنة منهجية مبنية على الاستراتيجية الدولية للأمم المتحدة، وتوازِن ما بين جهود خفض العرض أو خفض المعروض من المخدرات عن طريق المكافحة والتعاون الدولي والرصد وغيرها، وخفض الطلب على المخدرات داخل المجتمعات والشعوب وداخل الدول باستخدام المعايير الدولية للوقاية من المخدرات وحملات التوعية ومراكز العلاج وإعادة التأهيل، ومبادرات الدمج المجتمعي لمدمني المخدرات ومورّديها، وتابع: «عندما تكون هناك استراتيجية خليجية موحدة تدعم دول المنطقة في توحيد دفاعاتها ومقارباتها ومبادراتها لمكافحة المخدرات والوقاية منها، وتجعلها أكثر قدرة على تشكيل حائط صد إقليمي لهذا المهدد».
وفي سؤال حول واقع انتشار المخدرات في دول مجلس التعاون الخليجي، مقارنة ببقية المناطق حول العالم، قال علي إن «معدلات تعاطي المخدرات التقليدية مثل الهيروين، والكوكايين في الخليج أقل من المتوسط العالمي، ويبقى التحدي الأكبر في دور المنطقة مركز عبور رئيسياً للمخدرات خصوصاً الكبتاغون، والحشيش من آسيا إلى أسواق أخرى، وارتفاع معدلات تعاطي المنشطات الأمفيتامينية - الكبتاغون - محلياً».
وعن أبرز التحديات المستجدة التي تواجه جهود مكافحة المخدرات على المستوى العالمي، وانعكاسها على دول مجلس التعاون الخليجي، عدّ علي «تصاعد خطر الأفيونيات الاصطناعية (الفنتانيل ومستحضراته) عالمياً، مع احتمالية وصولها إلى الخليج عبر التهريب أو الأدوية المزيفة»، إلى جانب استمرار تهديد الأسواق الإلكترونية «الدارك نت» وتوظيف الطائرات المسيرة والذكاء الاصطناعي من قبل المهربين، مما يزيد صعوبة المكافحة في المنطقة، من أبرز التحديات.
جانب من مشاورات خليجية - أممية في فيينا سبقت إطلاق الاستراتيجية الخليجية الموحدة لمكافحة المخدرات (الشرق الأوسط)
وكشف علي عن بعض التحوّلات في أنماط التهريب والتعاطي، شملت فيما يتعلق بالتهريب، زيادة استخدام الحاويات البحرية في الموانئ، وتوظيف السلائف الكيميائية لتصنيع المخدرات، مثل الميثامفيتامين، إقليمياً، واستغلال وسائل التواصل المشفرة، علاوةً على «استمرار هيمنة الكبتاغون» في جانب التعاطي. وأعرب عن قلق مزداد من تعدد أنواع مخدرات تعرف بـ«poly-use» وظهور مواد أفيونية اصطناعية وNPS، على حد وصفه.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 38 دقائق
- الشرق الأوسط
الكرملين: «القيادة السورية» ستدعى للمشاركة في «القمة الروسية العربية الأولى»
أكّد الناطق باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أن بلاده سوف توجّه دعوة إلى السلطات السورية للمشاركة في قمة «روسيا - العالم العربي» التي يجرى التحضير لعقدها في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل في العاصمة الروسية. وسئل الناطق الرئاسي، خلال إفادة صحافية يومية، الثلاثاء، عن إمكانية دعوة السلطات السورية لحضور القمة الروسية العربية الأولى، فقال إنه «بالتأكيد سيتم توجيه دعوات كهذه». وكان لافتاً أن بيسكوف كرّر خلال حديثه الإشارة إلى دعوة «السلطات السورية»، متجنباً الحديث مباشرة عن أن الدعوة لحضور القمة سوف توجه إلى الرئيس أحمد الشرع. ونقلت وسائل الإعلام الحكومية الروسية الصيغة ذاتها، علماً بأن الدعوات لحضور القمة توجّه مباشرة إلى قادة البلدان المشاركة. في سياق متصل، قال بيسكوف، إن روسيا «تحافظ على علاقاتها مع القيادة السورية الحالية»، وأوضح: «سنواصل القيام بذلك. لدينا مصالحنا الخاصة في سوريا». الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال جلسة في منتدى سان بطرسبورغ الاقتصادي الدولي 20 يونيو (رويترز) وفي وقت سابق، أعلنت الناطقة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أنه «تم توجيه رسائل باسم الرئيس الروسي إلى جميع قادة دول جامعة الدول العربية والأمين العام للجامعة، للمشاركة في القمة الروسية العربية الأولى». وبدوره، أفاد نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، بأن التحضيرات قاربت على الانتهاء لعقد القمة الخريفية، و«أعربت جميع الدول تقريباً عن رغبتها في المشاركة». وزاد أن بلاده تُحافظ على اتصالات مع الجانب السوري بشأن القضايا المتعلقة بتشغيل القواعد العسكرية الروسية. نساء علويات يُجهّزن خيمةً مؤقتة في ساحات قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية غرب سوريا 20 مارس حيث لجأت عائلات علوية إلى هناك بعد هجماتٍ دامية على قراهم (رويترز) اللافت أن موسكو كرّرت خلال الفترة الماضية، تطلعها لتطبيع العلاقات مع دمشق في إطار «المحافظة على المصالح الروسية» وهو أمر تحدث عنه وزير الخارجية، سيرغي لافروف أخيراً، بشكل مباشر عندما أعلن توجيه دعوة لنظيره السوري أسعد الشيباني لزيارة العاصمة الروسية. وكشف لافروف أن الدعوة الروسية وجّهت بناء على نصيحة تركية. موضحاً أن الجانب التركي «قدّم اقتراحاً كريماً باستضافة الشيباني وبحث كل الملفات معه» وزاد: «بناء على الاقتراح الكريم من صديقي هاكان فيدان بعد المباحثات التي أجريناها، الآن لدى الوزير السوري دعوة لزيارة موسكو». اللافت أن هذه الدعوة جاءت بعد أن كان لافروف قد شنّ هجوماً لاذعاً على دمشق، واتهمها بالتغاضي عن «عمليات التطهير العرقي والديني الجماعية التي تنفذها الجماعات المتطرفة في سوريا». كما كان لافتاً أن لافروف ربط انتقاداته لأداء السلطات السورية بـ«التغاضي الغربي»، وفسّر بعض المحللين في موسكو ذلك بأن موسكو راقبت بشكل حثيث تطور العلاقات السورية الغربية، وخصوصاً بعد زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى فرنسا، وبعد لقائه مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الرياض. الرئيس الفرنسي لدى استقباله الرئيس الانتقالي لسوريا أحمد الشرع في باريس (أ.ف.ب) وترى موسكو وفقاً لمحللين، أن نجاح دمشق في تسريع وتيرة تطبيع العلاقات على المستويين الإقليمي والدولي، من شأنه أن يضعف موقفها في المفاوضات المباشرة مع دمشق لتحديد مصير الوجود العسكري في سوريا ومستقبل العلاقات بين الطرفين، خصوصاً على خلفية أن الغرب يطالب دمشق بتقليص الوجود العسكري الروسي في سوريا، وعدم تطبيع العلاقات مع موسكو بشكل كامل. وقال مصدر روسي، الثلاثاء، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «من الطبيعي أن تراقب موسكو بحذر التحركات حول سوريا من جانب الغرب، خصوصاً في إطار الحديث الجاري حالياً عن احتمال ضمّ دمشق إلى مسار تطبيع العلاقات العربية الإسرائيلية». وزاد المصدر أن موسكو تحافظ على اتصالات بشكل متواصل مع القيادة السورية، لكنه أقرّ بأن «عملية بناء علاقات جديدة بين دمشق وموسكو تسير ببطء»، ملاحظاً أنه من المهم أن «قنوات الاتصال تعمل ولم تتوقف». صور نشرتها الوكالة الرسمية السورية لمناورات مشتركة في قاعدة طرطوس البحرية على الساحل السوري في أكتوبر 2022 (أ.ف.ب) اللافت في هذا الإطار أن اللهجة الروسية بدت فاترة للغاية عند الحديث عن أي تقدم في العلاقات السورية الغربية، وهو أمر بدا واضحاً في تعليق بيسكوف، الثلاثاء، على قرار الرئيس الأميركي رفع العقوبات عن سوريا، فاكتفى بإشارة مقتضبة إلى أن «هذا شأن سيادي أميركي». علماً بأن موسكو كانت في وقت سابق تضع مطلب رفع العقوبات الغربية المفروضة على سوريا بين الأولويات الملحة المطروحة على أجندة أي حوارات مع الغرب حول سوريا. في السياق نفسه، كان نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، قد حصر أخيراً أجندة النقاش الروسي السوري في ملفين فقط، هما مستقبل القواعد العسكرية الروسية في سوريا، وملف «المشكلات الإنسانية» التي نجمت عن لجوء أعداد من المواطنين السوريين إلى قاعدة «حميميم» في مارس (آذار) الماضي. وقال الدبلوماسي الروسي إن بلاده «تتوقع من السلطات السورية احترام مصالح روسيا»، في إشارة إلى النقاش الدائر بين الطرفين حول مصير الاتفاقات المبرمة بشأن الوجود العسكري الروسي على الأراضي السورية. صور ممزقة للرئيس السوري السابق بشار الأسد مُعلقة على لافتة جسر طريق سريع في اللاذقية (رويترز) وكانت موسكو قد أعلنت بعد إطاحة النظام السابق في سوريا أنها تجري حواراً مع دمشق عبر قنوات دبلوماسية وعسكرية، لوضع أسس جديدة للعلاقة مع دمشق. وفي يناير (كانون الثاني)، قام ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية ومبعوث الرئيس الروسي إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بزيارة إلى دمشق كانت الأولى لمسؤول روسي بعد إطاحة الأسد. وأعلن الدبلوماسي الروسي المخضرم بعد جولة حوار مع القيادة السورية، أنه أجرى «محادثات بنّاءة وإيجابية». وعكست نتائج الزيارة أنها نجحت في «كسر الجليد» بين الطرفين، وأطلقت مسار التفاوض حول ترتيب جديد للعلاقة بينهما. وقدّمت دمشق عدة مطالب إلى القيادة الروسية، من بينها المساعدة في تطبيق مبدأ «العدالة الانتقالية» عبر رفع الغطاء عن رموز النظام السابق، وإعادة الأموال المنهوبة التي تقول تقارير إن موسكو نفت صحة أنه تم تهريبها إلى روسيا في وقت سابق. وأبدت دمشق استعداداً لمناقشة أسس جديدة للوجود العسكري الروسي في قاعدتي «حميميم» الجوية و«طرطوس» البحرية. من جهتها، أكّدت موسكو استعدادها للعب دور إيجابي نشط في ملف الحوار السوري الداخلي، وترتيب الوضع في المرحلة الانتقالية، واستخدام دورها كعضو دائم في مجلس الأمن الدولي للمساهمة في رفع العقوبات المفروضة على دمشق. كما تحدثت موسكو عن استعدادها للمساهمة في إعادة تأهيل البنى التحتية السورية، وألمحت إلى احتمال إعفاء دمشق من الديون المستحقة لموسكو، في إطار مساعدة السلطات الجديدة على مواجهة التحديات الاقتصادية والمعيشية. وفي مارس (آذار) الماضي، وجّه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رسالة إلى نظيره السوري، أحمد الشرع، حملت أهمية خاصة في مضمونها وتوقيتها. خصوصاً على خلفية التطورات التي شهدتها مناطق الساحل السوري، والتحديات المتزايدة التي تواجهها القيادة السورية، في إطار جهود تعزيز الاستقرار الداخلي، وتطوير الانفتاح على المحيطين الإقليمي والدولي. وأعلن الكرملين أن بوتين شدّد في رسالته على استعداد بلاده لتطوير التعاون مع السلطات السورية في كل المجالات.


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
الأمم المتحدة: ميزانية المساعدات لإيران ستحتاج إلى مضاعفة بعد الحرب
قال أكبر مسؤول في الأمم المتحدة بإيران، يوم الثلاثاء، إن ميزانية المنظمة للمساعدات الإنسانية والتنموية في البلاد ستحتاج إلى مضاعفة عقب الحرب مع إسرائيل. وأوضح منسق الأمم المتحدة المقيم في إيران، ستيفان بريسنر، أنه يأمل أن يضاعف المجتمع الدولي تمويله، مضيفاً في مؤتمر صحافي بجنيف: «نحن الآن في مرحلة إعداد الميزانية لعام 2025. إنها زيادة كبيرة، ومن المبكر تحديد الرقم الدقيق، لكننا نتوقع مضاعفة التمويل بالتأكيد». وأشار إلى أن ميزانية الأمم المتحدة العام الماضي لإيران بلغت 75 مليون دولار، منها نحو 50 مليوناً للاجئين و25 مليوناً لبرامج التنمية. وتستضيف إيران أكبر عدد من اللاجئين في العالم، قرابة 3.5 مليون شخص، معظمهم من أفغانستان. وقال بريسنر إنه يأمل أن يُنظر إلى المساعدات والتنمية بوصفها مسائل منفصلة عن القضايا الأخرى، وأن تحفز الأوضاع الراهنة المجتمع الدولي على زيادة الدعم، حسبما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية». وأشار المسؤول الأممي إلى أن المنظمة الدولية ترسل عادة نحو 50 موظفاً دولياً في إيران إلى جانب 500 موظف محليين، وقد نُقل بعضهم مع أفراد عائلاتهم إلى خارج إيران بعد اندلاع الحرب مع إسرائيل، لكن العمليات عادت إلى طبيعتها ابتداء من الأحد. منسق الأمم المتحدة المقيم في إيران، ستيفان بريسنر (أرشيفية - موقع الأمم المتحدة) وختم قائلاً: «لقد كانت هذه الأزمة اختباراً لنظام الأمم المتحدة وقدرته على التكيف وتنفيذ برامجه في ظروف صعبة. لقد بقينا على الأرض وأدّينا عملنا». وبدأت إسرائيل في 13 يونيو (حزيران) حملة قصف مكثفة على إيران، أسفرت عن مقتل قادة عسكريين وعلماء نوويين، واستهدفت قواعد عسكرية ومواقع نووية ومناطق سكنية. وردت إيران بموجات من الصواريخ والطائرات المسيّرة استهدفت مدناً إسرائيلية، قبل دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 24 يونيو. وليل 21 - 22 يونيو، شنّت الولايات المتحدة ضربات على ثلاثة مواقع نووية إيرانية رئيسية. وبعد 12 يوماً من الحرب، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل في 24 يونيو. وفي عام 2022، اتفقت الأمم المتحدة مع الحكومة الإيرانية على برنامج مدته خمس سنوات يشمل الصحة العامة، والمرونة الاجتماعية والاقتصادية، وحماية البيئة، والحد من الكوارث، ومكافحة المخدرات. وتجري حالياً محادثات مع طهران حول كيفية تعديل البرنامج لتلبية الاحتياجات الناشئة بعد الحرب.


العربية
منذ 3 ساعات
- العربية
سرقة صوت المغترب
تزوير مسبق لنتائج الانتخابات. هذا هو الوصف الحقيقي والأدقّ لما يحصل اليوم من محاولة خبيثة لحرمان المغتربين اللبنانيين من التصويت في الانتخابات النيابيّة المقبلة في لبنان. تعلم الأحزاب المؤسّسة لمنظومة المافيا والميليشيا في لبنان أنّ المغترب اللبنانيّ يميل بشدّة إلى التصويت لمصلحة أحزاب ومرشّحين يقعون على تقاطع السيادة والإصلاح كعنوانين أساسيّين في معركة النهوض بلبنان، ونقله من مرحلة إلى مرحلة، لذا تبذل كلّ جهد لمنع النوّاب من تعديل القانون الحالي (رغم إعلان 67 نائبًا، أي أغلبية المجلس، رغبتهم في تعديل القانون). وكلّ هذا تحت عنوان وهميّ، اسمه "6 نوّاب للاغتراب"، يعلم جميع المعنيّين أنّه لن يبصر النور تنفيذيًّا، لاستحالة توزيع "الطوائف على القارات" (أي قارة درزيّة الطابع مثلًا؟). بمراجعة بسيطة لأصوات المغتربين في الانتخابات النيابيّة التي حصلت في العام 2022، نفهم تلقائيًّا لماذا يريد "الثنائي الشيعيّ" – بالتضامن والتكافل مع التيار الوطنيّ الحرّ – حرمان المغتربين من حقّهم في التصويت. ففيما حصلت القوّات اللبنانيّة على ضعفي أصوات التيار الوطنيّ الحرّ في الداخل اللبناني، حصلت على أكثر من ثلاثة أضعاف التيار في الصوت الاغترابي. ومن الطبيعي أن تكون هذه النسبة ارتفعت إلى أربعة أضعاف هذه المرّة. وفيما حصل "الثنائي الشيعيّ" على 25 % من أصوات المقيمين في لبنان، لم يحصل إلّا على 12 % من أصوات الاغتراب. بينما حصلت "الثورة" – أي مرشّحو التغيير - على 26 % من أصوات الاغتراب، أي أكثر من أصوات "الثنائي" والتيار مجتمعين. بمعنى آخر، فإنّه يمكننا القول إن أحزاب الممانعة يمكنها حصد نصف أصوات اللبنانيين المقيمين تقريبًا، إلّا أنّها تفشل فشلًا ذريعًا في الاغتراب، حيث لا يمكنها حصد إلّا ربع الأصوات المهاجرة. هذا بالطبع ليس صدفة. فمن جهة، الذين يتركون لبنان للهجرة إلى الخارج هم بمعظمهم من أبناء الطبقة الوسطى المتعلّمة، والذين يميلون بطبيعة تكوينهم السوسيولوجي إلى القوى السياديّة الإصلاحيّة التي تعمل على إنشاء دولة حديثة ومتطوّرة تحاكي تطلّعاتهم للمستقبل. كما أنّ الدول التي تستقبل المهاجرين بكثرة وتعطيهم أملًا بحياة كريمة وتؤمّن لهم حقوقًا مدنيّة مكتملة هي سياسيًا أقرب إلى القوى اللبنانية السياديّة والإصلاحيّة. إضافة إلى ذلك، فإنّ وجود اللبنانيّ في الاغتراب يحرّره من الكثير من القيود العمليّة والذهنيّة التي قد تدفعه (خلافًا للمنطق) إلى التصويت لتحالف المافيا والميليشيا في ما لو كان في لبنان. هذه القيود كثيرة، منها التعبئة الطائفية والرشوة الانتخابية والتهديد والوعيد كما الحاجة الدائمة إلى "الواسطة" في مؤسسات الدولة المهترئة. لذا، فإنّ هذه الأحزاب تعلم تمامًا أن الصوت المغترب بطبيعته منتفض على مشاريعها وممارساتها وأدبيّاتها، ولذلك تسعى بكل ما أوتيت من قوّة (ولو خلافًا للقانون) لمنع المغتربين من الإدلاء بأصواتهم. ولا تكتفي هذه الأحزاب بمنع المغترب من التصويت، بعدما هجّرته وسرقت أمواله في المصارف وبنت اقتصادًا متكاملًا يعتمد في أساسه على تحويلاته (تقريبًا ثلث الناتج المحلي اللبناني هو عبارة عن تحويلات المغتربين)، بل إنها وبوقاحة استثنائية تمنّنه بأن "تكرّمه" عبر إعطائه 6 نوّاب يمثّلونه حصرًا! ويذكر بعض منظّري هذه القوى أنّ دولًا ديمقراطية كبرى تعطي المغتربين فيها "نوابًا للاغتراب"، كفرنسا مثلًا. لكن ما يفوت هؤلاء هو أنّ الدول التي تعتمد هذه الآلية لا تعتبرها تكريمًا، بل العكس، أي أنّها تعتبر أنه لا يمكن مساواة المغترب بالمقيم، وهذا ما لا ينطبق بتاتًا على الوضع اللبناني، حيث الاقتصاد و "السياحة" والاستثمار تعتمد بشكل أساسي على جهد المغترب وتعلّقه بلبنان. أضف إلى ذلك، وهنا الأهمّ، فإنّ دولًا مثل فرنسا تعطي المغتربين مقاعد تناسب حجمهم الديموغرافي (2 مليون من أصل 69 مليونًا، أي حوالى 3 %). بهذا المعيار، يمكن إعطاء المغترب اللبناني مقاعد خاصة به، على أن يكون عدد هذه المقاعد ثلث مجلس النواب، أي حوالى الخمسة وأربعين نائبًا! هذه هي أمّ المعارك الانتخابية حق مليون ونصف مليون لبناني "مهجّر" قسرًا من بلده الأم، إن انتصر فيها بقايا تحالف المافيا والميليشيا، فربّما لا لزوم لخوض بقيّة المعارك الانتخابية أصلًا.