logo
القوى الوسيطة العاقلة… منطقتنا وأمنها المراوغ

القوى الوسيطة العاقلة… منطقتنا وأمنها المراوغ

الصحراءمنذ 3 أيام
من المعروف جيداً أن بعض دول الشرق الأوسط، وهي مصر والأردن والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر وتركيا وإسرائيل وإيران، تمتلك نفوذاً كبيراً يتجاوز حدودها. إن قوتها الشاملة ـ التي تشمل المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية ـ تضعها في موقع فريد يمكّنها من إطفاء نيران الصراعات في المنطقة. لا تزال مصر والأردن تحترمان اتفاقيات السلام الموقعة مع إسرائيل، ومن ثم تلتزمان بالنظام القائم على القواعد المنصوص عليها في تلك الاتفاقيات. بل إن اتفاقية السلام بين الأردن وإسرائيل الموقعة عام 1994 تنص في المادة الرابعة (الأمن) على أن 'الطرفين يعترفان بإنجازات الجماعة الأوروبية والاتحاد الأوروبي في تطوير مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا (CSCE) ويلتزمان بإنشاء مؤتمر للأمن والتعاون في الشرق الأوسط (CSCME)'. ويتطلب هذا الالتزام تبني نماذج أمن إقليمية نُفذت بنجاح في حقبة ما بعد الحرب العالمية (على غرار عملية هلسنكي) تؤدي إلى منطقة إقليمية من الأمن والاستقرار.
وفي المقابل، فإن 'اتفاقيات أبراهام' التي أُبرمت عام 2020 مهدت الطريق للاعتراف الرسمي بإسرائيل من قبل الإمارات والبحرين (وهو أول اعتراف منذ الأردن في 1994) وتبعتهما السودان والمغرب باتفاقيات تطبيع. ورغم أن هذه الاتفاقيات أرست بعض أوجه التعاون الدبلوماسي والأمني، إلا أن الاعتبارات الاقتصادية بدت هي الأرجح.
لكن، قبل وقت طويل من 7 أكتوبر 2023، قامت كل من إيران وإسرائيل بتغذية العنف وزعزعة الأمن في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق واليمن. وقد أدت سياساتهما العدائية إلى عزلتهما عن قوى مؤثرة أخرى، وحصرت علاقاتهما في اتفاقات براغماتية، مثل اتفاق إيران مع السعودية لإعادة العلاقات الدبلوماسية في ظل الصراع اليمني، وتعاون إسرائيل مع مصر لإدارة التوترات الحدودية والأزمات المرتبطة بغزة.
ورغم تحذير إسرائيل الدائم من التهديدات المحتملة لأمنها أو حتى لحقها في الوجود، فإنها ـ خلال السنوات الماضية ـ هي من شكّل التحديات والتهديدات الأكبر لأمن الشرق الأوسط، من خلال المغامرات العسكرية التي تنتهجها حكومتها اليمينية المتطرفة، واعتقادها بإمكانية فرض إرادتها على أعدائها باستخدام القوة العسكرية، إضافة إلى رفضها الفعال لأي مفاوضات أو حلول سلمية. كما أن القراءة الأصولية والمسيانية والأبوكاليبتية (نهاية العالم) لليهودية التي تتبناها الحكومة الائتلافية في إسرائيل تعكس صعود الأصوليات والتطرف الشيعي والسني على مدى عقود. وبالطبع، يجب أيضاً معالجة أخطار أخرى، منها الاستخدامات العسكرية غير المنظمة للذكاء الاصطناعي، والتأثيرات المزعزعة لاستمرار مأساة الفلسطينيين على مصر والأردن وسوريا والعراق.
إلا أن الأخطر هو سهولة اندلاع الحروب والصراعات المسلحة في الشرق الأوسط اليوم ـ سواء مباشرة أو عبر وكلاء ، والغياب شبه الكامل للأطر الدبلوماسية الجماعية متعددة الأطراف، والتفاوت الهائل في القدرات العسكرية والاستخباراتية بين القوى الإقليمية. كما أن التجاهل الفاضح للقانون الدولي والإنساني، والتقليل من شأن المنظمات متعددة الأطراف، فضلاً عن انتهاك مبدأ حظر العنف المنصوص عليه في الفصل الرابع من ميثاق الأمم المتحدة وغيرها من البنود، هو أمر مقلق بشدة.
وترافق هذه التطورات تطورات أخرى في تكنولوجيا المعلومات والبرمجيات ووسائل التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي، مما يؤثر ليس فقط في الحروب التقليدية، بل في مجال المعلومات والتضليل أيضاً. إذ لم يعد الرأي العام وحده هو المستهدف بالأخبار الكاذبة واستراتيجيات التضليل، بل يشمل أيضاً القادة السياسيين والإدارات العامة. لقد أصبح الذكاء الاصطناعي والإعلام والتضليل عناصر رئيسية في الحرب والدعاية، مما أسهم في تقويض الثقة في الحلول السياسية أو الدبلوماسية، بل وفي قدرة السياسيين والإدارات والمواطنين والخبراء على المساهمة في حلول سلمية وصياغة آفاق إيجابية.
وبناءً عليه، لم يكن مفاجئاً اندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران في يونيو 2025، ولا أن إسرائيل شنت ضربات على منشآت نووية ومواقع عسكرية إيرانية في مناطق جغرافية واسعة، واستهدفت علماء نوويين وقادة عسكريين. ولم يكن رد إيران مفاجئاً أيضاً، بإطلاق صواريخ على أهداف عسكرية واستراتيجية إسرائيلية ـ بعضها سقط في مناطق سكنية. كما لم يكن غير متوقع أن تصر إسرائيل على استمرار الحرب، نظراً لرؤيتها للبرنامج النووي الإيراني كتهديد وجودي، أو أن تعرض إيران العودة للمفاوضات مع وسطاء أوروبيين (مثل ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة في جنيف) أو مع الولايات المتحدة بشأن برنامجها النووي بعد توقف الهجمات الإسرائيلية ـ ما يعني عملياً اقتراحاً بوقف إطلاق النار. ومع أن ميزان القوى العسكرية والاستخباراتية يميل بشدة لصالح إسرائيل، فإن تدخّل الولايات المتحدة المباشر عبر قصف المنشآت النووية الإيرانية (بما في ذلك مفاعل فوردو) والتحليلات المتناقضة التي تلت ذلك بشأن 'نجاح' هذه العمليات، كلها تؤكد تآكل السياسة المبنية على مبدأ الحد من العنف واستخدام الأدوات الدبلوماسية إلى أقصى حد.
وقد زاد من حجم الدمار والدعاية إعلان كل من إسرائيل والولايات المتحدة احتمال حدوث 'تغيير في النظام' في إيران، وهو طرح ساذج في طبيعته، حيث تم الإيحاء بأن الشعب الإيراني ـ رغم تنوعه ووجود عدد متزايد من المعارضين لنظام الملالي ـ سينهض فجأة لإسقاط النظام التوتاليتاري. وهذا الطرح، رغم طابعه الساخر، قد يعرّض المجتمع المدني الإيراني والمعارضة لمزيد من القمع والانتهاكات لحقوق الإنسان.
رغم أن إسرائيل خرجت من الصراع كمنتصر استراتيجي، فإنها وجدت نفسها في موقف هش، إذ إن ضرورة استمرار الضربات العسكرية لمنع 'محور المقاومة' من استئناف هجماته تؤدي إلى دوام حالة عدم الاستقرار. وفي الوقت نفسه، فإن إعادة احتلال غزة، وفرض التهجير، وتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية، وانتهاك سيادة لبنان وسوريا لا تخلق أمناً دائماً، بل تعيق أيضاً جهود التطبيع مع جيرانها الإقليميين.
ولتحقيق الأمن والتعاون فعلياً، يجب على إسرائيل ـ أو يجب الضغط عليها ـ للتخلي عن السياسات القائمة على الإكراه والتفوق الأحادي وإنكار حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم. وبدلاً من ذلك، ينبغي الضغط لإقناعها بالسعي إلى توافق إقليمي يهدف إلى تسويات سلمية وترتيبات أمن جماعي، وتحديد حدود ومجالات نفوذ تُحترم بشكل متبادل. وإذا لم تُجرِ إسرائيل هذا التغيير الاستراتيجي، فإنها ستبقى رهينة صراع لا نهاية له يقوض السلام الإقليمي ومصالحها بعيدة المدى. وعلى الرغم من أن الحكومة الإسرائيلية الحالية ترفض بشكل صارخ أيًا من هذه التوجهات، فإن قوى المعارضة والمعتدلين داخل إسرائيل يمكن اعتبارها شركاء في هذه المساعي.
أما إيران، فقد خرجت من الصراع بعد 7 أكتوبر كأكبر خاسر استراتيجي، تواجه تراجعاً يبدو متزايدًا في لا رجعيته. إذ إن الاستراتيجيات التقليدية التي اعتمدتها لاستعادة نفوذها ـ مثل دعم حلفائها في غزة ولبنان، أو محاولة توحيد فلول نظام الأسد في سوريا، أو تفعيل الميليشيات العراقية واليمنية لشن عمليات عبر الحدود ضد إسرائيل ـ أثبتت عدم كفايتها، حتى مع تدخل الحرس الثوري المباشر. ويبدو أن القيادة الإيرانية ـ كما يتضح من تصريحات المرشد الأعلى خامنئي ومسؤولين آخرين ـ تدرك جيداً تعدد الجهات التي تستفيد من تراجع نفوذها. لقد انهارت السردية القوية لمحور المقاومة تحت وطأة الصراعات والتدمير وتفوق إسرائيل العسكري الساحق، ما جعل طهران أكثر عزلة وهشاشة إقليمياً. وقد أدى هذا التراجع في تأثير إيران على وكلائها التقليديين ـ وربما سيؤدي مستقبلاً ـ إلى إحياء تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وفصائلها.
وربما بدأت إيران بالفعل تدرك هذا التحول الاستراتيجي، وردت بفتح قنوات تفاوض مع الولايات المتحدة بشأن برنامجها النووي. كما سعت لتحسين علاقاتها الدبلوماسية مع جيرانها العرب في الشرق الأوسط، أملاً في أن يشكّل الرفض العربي لأي هجوم إسرائيلي على أراضيها حاجزاً إقليمياً، وأن تقوم بعض الدول العربية بدور الوسيط بين طهران وواشنطن.
وفي الواقع، فإن التصريحات والمواقف الأخيرة من دول الخليج ومصر والعراق والأردن تشير إلى أن العالم العربي يعارض بوضوح الضربات الإسرائيلية ضد إيران. كما أن عمان وقطر واصلتا جهود الوساطة مع الولايات المتحدة للضغط على إسرائيل لوقف حملتها العسكرية.
ومع ذلك، فإن التعديلات في سلوك إيران الإقليمي، وتقاربها مع جيرانها العرب، وجولات التفاوض مع الولايات المتحدة، لم تكن كافية لتهدئة أو ردع إسرائيل عن مواصلة هجماتها على جيرانها وما بعدهم.
في المقابل، بدأت السعودية والإمارات وقطر ومصر وتركيا تتبنى بشكل متزايد استراتيجيات تركز على الدبلوماسية والسياسات الخارجية غير العنيفة بدلاً من الانخراط العسكري في صراعات طويلة الأمد. لكن كسر دائرة العنف في الشرق الأوسط يتطلب إرادة جماعية لبناء إطار للأمن والتعاون يستند إلى مبادئ عادلة وقابلة للتنفيذ في جميع أنحاء المنطقة. ويجب أن يوظف هذا الإطار الموارد الإقليمية لتعزيز الأمن والازدهار، وتشجيع التجارة والتعاون العلمي والأكاديمي، وتعزيز ممارسات حسن الجوار، وتنمية التواصل بين الشعوب من خلال التعليم والتبادل. كما أن فشل القوى الكبرى ـ وخاصة الولايات المتحدة ـ في قيادة مثل هذه المبادرة يؤكد على الحاجة الملحة لتحمّل الفاعلين الإقليميين هذه المسؤولية بأنفسهم.
كاتب من مصر
نقلا عن القدس العربي
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بيان بعثة الإتحاد الأوروبي بمناسبة الذكرى الـ 30 لتوقيع اتفاقية الشراكة مع تونس
بيان بعثة الإتحاد الأوروبي بمناسبة الذكرى الـ 30 لتوقيع اتفاقية الشراكة مع تونس

جوهرة FM

timeمنذ 5 ساعات

  • جوهرة FM

بيان بعثة الإتحاد الأوروبي بمناسبة الذكرى الـ 30 لتوقيع اتفاقية الشراكة مع تونس

يحتفل الاتحاد الأوروبي وتونس، اليوم الخميس، بالذكرى الثلاثين لتوقيع اتفاق الشراكة بينهما في 17 جويلية 1995 والذي دخل حيز التنفيذ منذ 3 جانفي 1998، مؤكدين التزامهما بالحفاظ على هذه المبادرة المشتركة، رغم التحديات المتنامية، الناجمة بالخصوص عن تصاعد التوترات الجيوسياسية. الأول من نوعه وجاء في بيان نشرته بعثة الإتحاد الأوربي بتونس، اليوم، بالمناسبة، أن هذا الاتفاق، الذي يعد الأول من نوعه في المغرب العربي، مثّل إطارا لتطوير الحوار والتعاون بين تونس والاتحاد الأوروبي، و"شكّل منعطفا تاريخيا في العلاقات بين تونس وأوروبا"، وأرسى أسس شراكة استراتيجية واقتصادية وسياسية وإنسانية. وبينت أن تطوير اتفاق الشراكة الى شراكة مميزة سنة 2012 ثم بلوغها مرحلة الشراكة الشاملة بتوقيع مذكرة التفاهم سنة 2023، وإعداد ميثاق المتوسط هذا العام، (وهو لبنة جديدة في مسار برشلونة)، تعكس التزاما واضحا بجعل هذه الشراكة أساسا للاستقرار والتجارة والتضامن في منطقة متغيرة. لحظة حاسمة وأكدت البعثة أن الاتحاد الأوروبي وتونس، "يعيشان اليوم لحظة حاسمة" للاحتفال بهذا الاتفاق، الذي استمر في التطور والتدعيم على مدى ثلاثة عقود، من خلال التركيز على أهداف مشتركة قوامها التنمية المستدامة والتضامن والرغبة في تحقيق ازدهار مشترك بين ضفتي المتوسط، مشددة على أن الاتحاد الأوروبي "شريك قوي وموثوق لتونس، ويرغب في أن يظل كذلك". وأوضحت أن متانة هذه الشراكة، تتجلى عمليا من خلال العديد من الأرقام والإحصائيات، إذ يُعد الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الرئيسي لتونس، باستقباله ل 70 بالمائة من الصادرات التونسية. كما أنه المستثمر الرئيسي في تونس، حيث تُمثل الاستثمارات الأوروبية 88 بالمائة من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتساهم في 90 بالمائة من فرص العمل التي تُوفرها هذه الاستثمارات في تونس. كما ذكّرت بأنه بفضل اتفاق الشراكة، الذي يُعفي معظم الصادرات التونسية إلى الاتحاد الأوروبي من الرسوم الجمركية، تمكنت تونس من دمج سلاسل القيمة الصناعية الأوروبية، وزيادة قيمة صادراتها، وتنويع قطاعاتها الإنتاجية، وخاصة النسيج والصناعات الغذائية ومكونات السيارات. مشاريع ملموسة وأشارت الى "المشاريع الملموسة" لا سيما في مجلات الصحة والتعليم وتشغيل الشباب والمساواة بين الجنسين والانتقال الرقمي والطاقي والبنية التحتية، من ذلك الدعم المالي بقيمة 123 مليون يورو (حوالي 416 مليون دينار) الذي خصصه البنك الأوروبي للاستثمار لبناء الجسر الجديد في بنزرت، ومساهمة العديد من المشاريع المشتركة في قطاع الطاقة في تعزيز سيادة تونس في هذا المجال، ومشاركة آلاف الطلبة والباحثين الشباب التونسيين في برنامج "إيراسموس+" (Erasmus+)، فضلا عن تقديم الدعم الفني والمالي والسياسي للعديد من مشاريع الإصلاح التي أطلقتها تونس. وأعلنت أن الاتحاد الأوروبي وتونس "يسعيان الى إعطاء دفع جديد لعلاقتهما"، بمناسبة الذكرى الثلاثين، مبينة أن الحوار الاستراتيجي الذي بدأ في السنوات الأخيرة، يركز على التحديات المستقبلية المشتركة كتغير المناخ والإدارة الإنسانية والتضامنية في مجال الهجرة، ومكافحة تدفقات الهجرة غير النظامية، والابتكار التكنولوجي، والتدريب، والأمن الغذائي. وأكدت أن الاحتفال بهذه الذكرى، يعد كذلك فرصة للتأمل في سبل تعميق الشراكة القائمة على احترام متبادل أكبر والالتزام بالقيم الأساسية ومراعاة مصالح جميع الأطراف، لا سيما الشباب والهجرة والإصلاحات الاقتصادية والشركات الصغيرة والمتوسطة والمناطق الأقل نموا. وخلصت البعثة في بيانها، الى أنه بعد ثلاثين عاما من توقيعه، لا يزال اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وتونس "ركيزة أساسية للشراكة الأورومتوسطية"، حيث ساهم في بناء جسور قوية بين الشعوب والمؤسسات والاقتصاديات، وهو ما يدعو الطرفين الى التطلع إلى العقود القادمة، برغبة مشتركة في مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين.

Tunisie Telegraph سفراء دول الاتحاد الأوروبي يضعون خارطة طريق جديدة للعلاقات مع تونس
Tunisie Telegraph سفراء دول الاتحاد الأوروبي يضعون خارطة طريق جديدة للعلاقات مع تونس

تونس تليغراف

timeمنذ 7 ساعات

  • تونس تليغراف

Tunisie Telegraph سفراء دول الاتحاد الأوروبي يضعون خارطة طريق جديدة للعلاقات مع تونس

بمناسبة الذكرى الثلاثين لتوقيع اتفاق الشراكة بين تونس والاتحاد الأوروبي، نشر سفراء دول الاتحاد الأوروبي في تونس بيانا مشتركًا (Tribune) تحت عنوان 'الاتحاد الأوروبي – تونس: رؤية مشتركة، ومستقبل نبنيه معًا'، في هذا النص، أكد السفراء أن هذه الذكرى تأتي في سياق عالمي معقّد يتميز بتصاعد التوترات الجيوسياسية، وتراجع منظومة التعددية، وتهديدات تمس الحريات الأساسية وحقوق الإنسان، فضلًا عن تحديات كبرى مثل المناخ والهجرة. وذكّر السفراء بأن اتفاق الشراكة، الذي وُقّع سنة 1995، كان الأول من نوعه في منطقة المغرب العربي، وفتح المجال أمام تطوير تعاون عميق ومتكامل بين تونس والاتحاد الأوروبي في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية. وقد ساهم الاتفاق في تعزيز الحوار وتنفيذ مشاريع مشتركة عززت الروابط بين الشعوب، ودعمت التنمية المستدامة والتقارب الاقتصادي. شراكة استراتيجية متجددة أبرز السفراء في مقالهم أن توقيع مذكرة التفاهم بين تونس والاتحاد الأوروبي في 2023 يمثل محطة جديدة في مسار الشراكة، تقوم على خمسة محاور رئيسية: الاستقرار الماكرو-اقتصادي، تشجيع التجارة والاستثمار، الانتقال الطاقي الأخضر، التقارب بين الشعوب، وإدارة الهجرة. كما أشاروا إلى التزام الاتحاد الأوروبي بدعم تونس في مسارها الإصلاحي، وخاصة في مجالات الطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر ونجاعة الطاقة، إلى جانب مرافقة القطاع الخاص وتحفيز مناخ الاستثمار. الاتحاد الأوروبي… الشريك الأول لتونس أوردت Tribune أرقامًا تؤكد مركزية الاتحاد الأوروبي في علاقات تونس الخارجية: 70% من الصادرات التونسية موجهة نحو أوروبا، 50% من واردات تونس تأتي من دول الاتحاد، 85% من الاستثمارات الأجنبية المباشرة مصدرها أوروبا، أكثر من 75% من السياح الوافدين على تونس أوروبيون، كما أن الاتحاد الأوروبي هو أكبر شريك لتونس في مجال التعاون التنموي والدعم المالي الثنائي. وتوقفت المذكرة عند البعد المجتمعي للاتفاق، حيث ساهم في تقوية الروابط بين المجتمع المدني، والباحثين، والفنانين، والمؤسسات التربوية، مما أتاح فرصًا متزايدة للشباب التونسي والأوروبي في مجالات التعليم والثقافة والبحث العلمي. التزام متجدد من أجل مستقبل مشترك ختم السفراء مقالهم بالتأكيد على تمسك الاتحاد الأوروبي وشركائه من الدول الأعضاء بالتزامهم بدعم تونس كشريك رئيسي في الضفة الجنوبية للمتوسط، ودعوتهم إلى مواصلة العمل المشترك من أجل بناء فضاء أورو-متوسطي مستقر وآمن ومزدهر. كما شددوا على أن موقع تونس الجغرافي، وطاقاتها البشرية، ومؤهلاتها الاقتصادية، تخوّل لها أن تكون مركزًا إقليميًا إذا تم استكمال الإصلاحات الضرورية لتحديث الاقتصاد. وقالوا: 'نحن على قناعة بأن المستقبل يُكتب معًا، وأن تحديات القرن الحادي والعشرين لا يمكن مواجهتها إلا بشراكات قوية، قائمة على القيم المشتركة والاحترام المتبادل.'

على وقع مفاوضات الدوحة ...تواصل مجازر " المساعدات الإنسانية" الاحتلال ينشئ محاور جديدة لإحكام السيطرة العسكرية على غزة

timeمنذ 10 ساعات

على وقع مفاوضات الدوحة ...تواصل مجازر " المساعدات الإنسانية" الاحتلال ينشئ محاور جديدة لإحكام السيطرة العسكرية على غزة

في قطاع غزة " هذا ما صرح به القائد الحمساوي باسم نعيم في تصريح اعلامي مشددا على أن تل ابيب لم تسلم خرائط انسحاب جديدة خلال مفاوضات وقف إطلاق النار المتواصلة في الدوحة. ويحمل تصريح عضو المكتب السياسي في حماس الكثير من الدلالات بشأن سبب تملص مجرم الحرب نتنياهو من سائر اتفاقات الهدنة السابقة بشأن غزة والذي سبق ان خرقتهما الحكومة الصهيونية . وفي الحقيقة فان ما يحدث في غزة والضفة والقدس وكذلك في سوريا ولبنان يؤكد بما لا يدع مجالا للشك بان إسرائيل تهدف للسيطرة العسكرية ولتوسيع وجودها ودورها في سائر المنطقة ككل . واكد عضو المكتب السياسي في حماس بأن "ما يجري على الأرض يؤكد نوايا الاحتلال ومخططاته لإبقاء واستمرار السيطرة العسكرية لأمد طويل داخل قطاع غزة وبعدم وقف الحرب". مفاوضات غزة وامس قالت تقارير إعلامية بان تقدما كبيرا تم احرازه في المفاوضات غير المباشرة بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس في العاصمة القطرية الدوحة، "دون تحقيق اختراق". شريط عازل جديد في غزة يأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه تل أبيب تدشين شريط عازل جديد بقطاع غزة أطلقت عليه اسم "محور ماجين عوز" يقسم مدينة خان يونس إلى شطرين ويعقّد حياة الفلسطينيين. ويأتي هذا الإعلان بعد إنشاء محاور سابقة، هي: "محور موراج" الذي يفصل مدينة رفح عن خان يونس، و"محور نتساريم" الذي يعزل شمال القطاع عن وسطه وجنوبه، و"محور فيلادلفيا" الحدودي الذي يفصل قطاع غزة عن مصر. وتشكل هذه المحاور العسكرية الإسرائيلية عائقا مستمرا في وجه مفاوضات تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، إذ يعد الانسحاب منها شرطا رئيسيا للفصائل الفلسطينية، بينما تماطل إسرائيل في الالتزام به. وتطرح هذه المستجدات التساؤلات حول النوايا الصهيونية للتوصل بالفعل الى اتفاق هدنة او ان ما يحصل مجرد مساومة لربح الوقت والسيطرة على المزيد من المناطق في غزة من خلال اتباع استراتيجية او مخطط انشاء المحاور العازلة بين المناطق في غزة في سيناريو يشبه الجدار العازل في مناطق الضفة المحتلة. ويرى مراقبون بأن هذه المحاور تهدف إلى ترسيخ وجود طويل الأمد لجيش الاحتلال الإسرائيلي حتى خلال فترات وقف إطلاق النار أو ما يُسمى بـ"اليوم التالي" أو ما بعد الحرب. مجازر المساعدات الانسانية وفي خضم ذلك يتواصل مسلسل الإبادة الصهيونية، فقد أعلنت وزارة الصحة بقطاع غزة، امس الأربعاء، مقتل 21 فلسطينيا، بينهم 15 لقوا حتفهم اختناقا، نتيجة إطلاق قنابل غاز على منتظري المساعدات الفلسطينيين في مركز التوزيع الأمريكية – الإسرائيلية جنوب مدينة خان يونس. وقالت الوزارة، في بيان، إن "21 مواطنا استشهدوا، بينهم 15 نتيجة اختناق بسبب إطلاق الغازات على المجوعين، وما أعقبه من تدافع، في مركز توزيع المساعدات الأمريكية (مصائد الموت)، جنوب خان يونس". وأضافت: "للمرة الأولى يتم تسجيل شهداء جراء الاختناق والتدافع الشديد في مراكز توزيع المساعدات". واتهمت الوزارة إسرائيل وما يُعرف بـ"مؤسسة غزة الإنسانية" الأمريكية، بـ"تعمد ارتكاب المجازر بشكل ممنهج وبأساليب متنوعة". وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الدولية تنفذ تل أبيب وواشنطن منذ 27 ماي الماضي خطة لتوزيع مساعدات محدودة، عن طريق ما تعرف بـ"مؤسسة غزة الإنسانية"، حيث يقوم جيش الاحتلال بإطلاق النار على الفلسطينيين المصطفين لتلقي المساعدات ويجبرهم على المفاضلة بين الموت جوعا أو رميا بالرصاص. واتهم المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، ما تعرف بـ"مؤسسة غزة الإنسانية" الأمريكية والجيش الإسرائيلي، بجمع مئات آلاف الفلسطينيين المجوعين في ممرات حديدية ضيقة، وإغلاق البوابات عليهم عمدا، ورشهم بغاز الفلفل، ما أسفر عن مقتل 21 شخصا، بينهم 15 اختناقا و6 بالرصاص الحي، جنوب قطاع غزة. وقال المكتب في بيان: "قامت المؤسسة بدعوة مئات آلاف المواطنين لاستلام مساعدات عبر مركز أطلقت عليه SDS3 جنوب قطاع غزة، ثم عمدت إلى إغلاق البوابات الحديدية بعد تجميع آلاف المُجوّعين في ممرات حديدية ضيقة مُصممة عمداً لخنقهم". وأضاف: "قام موظفو المؤسسة الإجرامية وجنود الاحتلال برش غاز الفلفل الحارق وإطلاق النار المباشر على المّجوّعين الذين استجابوا لدعوتهم للحصول على "مساعدات"، ما أدى إلى اختناقات جماعية وسقوط هذا العدد الكبير من الشهداء على الفور في مكان الجريمة، وإصابة العشرات، نتيجة التدافع في مكان مغلق وبلا مخرج ومصمم للقتل". سيطرة إسرائيلية على "الإبراهيمي" في الأثناء، حذرت وزارة الخارجية الفلسطينية، امس الأربعاء، من تداعيات قرار إسرائيلي بنقل إدارة المسجد الإبراهيمي بمدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة إلى مجلس استيطاني، ووصفت الخطوة بأنها "غير مسبوقة" وتهدف إلى "تهويد الحرم وتغيير هويته". وقالت الوزارة في بيان ، إن "ما نقله الإعلام العبري حول نقل صلاحيات إدارة المسجد الإبراهيمي من بلدية الخليل الفلسطينية إلى مجلس استيطاني، يمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي ولقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة". والثلاثاء، كشفت صحيفة "يسرائيل هيوم" أن تل أبيب نقلت صلاحيات إدارة الحرم الإبراهيمي من بلدية الخليل الفلسطينية إلى المجلس الديني (يهودي) الاستيطاني في مستوطنة "كريات أربع". وطالبت الخارجية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" والمجتمع الدولي بـ"التدخل العاجل لوقف تنفيذ هذا القرار فورا"، محذرة من تداعياته على المقدسات الإسلامية والمسيحية كافة. وتعد هذه أول مرة تُجرى فيها تغييرات جذرية في الحرم الإبراهيمي منذ قرارات ما تسمى "لجنة شمغار" عام 1994، حسب الصحيفة. ووقتها، أوصت اللجنة بتقسيم الحرم الإبراهيمي بواقع 63 بالمئة لليهود، و37 بالمئة للمسلمين عقب مجزرة ارتكبها المستوطن باروخ غولدشتاين وقتل فيها 29 فلسطينيًا كانوا يؤدون صلاة الفجر. وتشمل هذه التغييرات، من بين أمور أخرى، إعادة تسقيف الحرم وبناء سقف لساحة يعقوب، حيث يصلي اليهود 90 بالمئة من أيام السنة، حسب الصحيفة. ويوجد المسجد الإبراهيمي في البلدة القديمة من الخليل، التي تقع تحت السيطرة الإسرائيلية، ويسكن بها نحو 400 مستوطن يحرسهم نحو 1500 جندي إسرائيلي. وتأتي الخطوة التهويدية الجديدة في وقت ترتكب فيه إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية بقطاع غزة منذ أكتوبر 2023، بموازاة عدوان عسكري دموي ومدمر على الضفة الغربية المحتلة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store