logo
ندوة تكريمية تتناول أبعادا تاريخية واجتماعية في الذكرى 76 لرحيل "عرار"

ندوة تكريمية تتناول أبعادا تاريخية واجتماعية في الذكرى 76 لرحيل "عرار"

الغد٣١-٠٥-٢٠٢٥
عزيزة علي
اضافة اعلان
عمّان- بمناسبة الذكرى السادسة والسبعين لوفاة الشاعر الأردني الكبير مصطفى وهبي التل "عرار"، نظمت لجنة العلوم الاجتماعية في رابطة الكتاب الأردنيين ندوة تناولت الأبعاد التاريخية والاجتماعية في شعره. جاءت الندوة التكريمية لأحد رموز الشعر الحديث في الأردن والعالم العربي.تناول المشاركون فيها الأبعاد التاريخية والاجتماعية في شعر عرار، وأثره الكبير في تجديد القصيدة العربية، فضلا عن دوره السياسي والثقافي في مواجهة الاستعمار والدفاع عن الهوية الوطنية والقومية. وقد شكل هذا اللقاء فرصة مهمة لاستعراض مسيرة الشاعر وإعادة قراءة نصوصه من منظور نقدي يبرز قيمته الفنية والإنسانية والتاريخية، في ظل التحولات الكبرى التي شهدتها المنطقة في أوائل القرن العشرين.وأشار المتحدثون في الندوة وهم الدكتور مجد الدين خمش، والدكتور سليمان البدور، وادارها المترجم نزار سرطاوي. إلى أن الشاعر مصطفى وهبي التل، المعروف بلقبه الأدبي "عرار"، يُعدّ أحد أبرز رموز النهضة الأدبية والفكرية في الأردن والعالم العربي خلال النصف الأول من القرن العشرين. وُلد في مدينة إربد عام 1897، وتميّز منذ شبابه بروحه الثائرة، وفكره المستنير، ومواقفه الجريئة في مواجهة الاستعمار والظلم الاجتماعي والسياسي.بينوا في الندوة التي أقيمت أول من أمس في مقر رابطة الكتاب الأردنيين، أن شعر عرار جمع بين البعدين الإنساني والاجتماعي، وانحاز بوضوح إلى قضايا الفقراء والمهمّشين، خاصة الغجر، الذين اتخذهم رمزا للحرية والانعتاق من القيود المجتمعية والسياسية. كما عبر في قصائده عن قضايا وطنه وأمته، فكان صوته عاليا فيها.تناولت ورقة الدكتور مجد الدين خمش التي جاءت بعنوان "مصطفى وهبي التل (عرار) – الشاعر المجدد"، مبينا أن الشاعر مصطفى وهبي التل سعى في عام 1942 إلى التجريب في بنية القصيدة الأردنية، فأدخل الحداثة إلى الشعر الأردني والعربي، من خلال كتابته لقصائد على نمط الشعر الحر، ولا سيما قصيدتيه: "أعن الهوى" و"متى يا حلوة النظرات".ويمتاز هذا النمط، المعروف بـ"شعر التفعيلة"، بعدم الالتزام بالوزن والقافية التقليديين المرتبطين بالشعر العربي الكلاسيكي، مع التركيز على تعددية الأصوات والإيقاع الداخلي في النص، مما يمنح الشاعر حرية أوسع في التعبير عن مشاعره واستحضار الصور الشعرية.وأشار خمش إلى أن بعض النقاد يرون أن عرار سبق بدر شاكر السياب ونازك الملائكة في تبني هذا الأسلوب، وهو ما أكسبه تميّزا رياديا في تأسيس حركة الشعر الحديث في الأردن والعالم العربي.وأوضح أن لقب "عرار" اختاره الشاعر بنفسه، تشبها بنبتة "العرار" الصحراوية العطرية، بينما يرى البعض أنه استلهمه من اسم الشاعر العربي "عرار بن عمرو بن شأس الأسدي". وقد أصدر عرار عدة دواوين شعرية من أبرزها: "عشيات وادي اليابس، الأئمة في قريش، أوراق عرار السياسية، وبالرفاه والبنين"، مشترك مع الشاعر خليل نصر.وقد ترك عرار أثرا عميقا في شعراء السبعينيات وما بعدها، ممن أسهموا في ترسيخ مدرسة الشعر الأردني، مثل سليمان المشيني، وحيدر محمود، وحبيب الزيودي، وغيرهم.واستعرض خمش إحدى قصائد عرار، وهي بعنوان "أعن الهوى"، يقول فيها: "أعن الهوى وعن الحنين / أعن الصبابة والصبا / ومن الجوى تتحدثين / هيهات أحلام الشباب، وقد تقلص ظلّه / هيهات."وأكد خمش أن قصائد عرار تميّزت بلغة بسيطة تصل إلى المتلقي العادي والمثقف على حدّ سواء، كما تميّزت برموزها الفنية القريبة من وعي الناس ومشاعرهم في المدينة والريف والبادية. لذا نجد في شعره توظيفًا للجمل الشعبية الشائعة، بإدراجها في سياقات شعرية جديدة تعبّر عن رفض الظلم والتعسف والتهميش، كما عبّر عن تمرده على تقاليد المجتمع وقسوته تجاه الفقراء والمعوزين.وأضاف خمش أن عرار تحالف في قصائده مع الفلاحين والفقراء والمهمّشين، خاصة الغجر، وهاجم الظلم والاستغلال الذي تعرضوا له من قبل التجار والمرابين وبعض موظفي الدولة، مطالبًا بالعدالة والمساواة. ونرى في شعره حضورا واضحا لهؤلاء المهمشين، ورفضا للواقع الطبقي السائد آنذاك، ما يجعل شعره توثيقا صادقا لمرحلة اجتماعية من تطور عمّان والأردن عامة.كما تنوعت موضوعات شعره بين الوطنية والسياسية والإنسانية والغزلية، فتغنى بجمال عمان، ووادي السير، وعجلون، ومضارب الغجر، وعبّر عن حبه للمكان الأردني، فقال في إحدى قصائده:"يا جَبرةَ البانِ ليتَ البانَ ما كانا / ولا عرفنا بوادي السير خِلّانا / من ماء راحوب لم يشرب وليس له / ربعٌ بجِلْعاد أوحي بشيحانا."وأشار خمش إلى أن عرار استخدم شخصية "عبود" الرمزية التي ابتكرها، لتعكس مشكلات المجتمع، وليوصل رسائله بلغة سلسة مفهومة، تتغنى بها مختلف فئات الناس، وتُستخدم في حياتهم اليومية لمقاومة الظلم والاستغلال.وخلص خمش إلى إن بعض النقاد يرون أن علاقة عرار بالغجر تعكس اهتمامه بأسلوب حياتهم، وتوقهم للحرية ورفضهم للرتابة، وهو ما ينسجم مع طبيعته المتمردة. وقد تأثر برواية "كارمن" للمؤلف الفرنسي بروسبير ميريميه، التي نُشرت عام 1845، وتحكي عن حياة الغجر في فرنسا وإسبانيا، وتحولت لاحقا إلى أعمال سينمائية وأوبرالية، وقدمت صورة رومانسية جذابة لحياة الغجر. هذه الصورة، كما يرى خمش، ربما أثارت إعجاب عرار، فباتت "الغجرية" في شعره رمزا للتمرد والانعتاق من القيود الاجتماعية والسياسيةمن جهته، تحدّث الدكتور سليمان علي البدور عن البُعد التاريخي في شعر عرار، موضحا أن العديد من قصائده تضمّنت وقائع تاريخية إمّا بشكل مقصود أو كجزء من سياق شعري عام. واستعرض سيرة الشاعر الذي وُلد في الساعة الحادية عشرة من صباح الأربعاء، 25 أيار 1897، وسُمّي "مصطفى" تيمنا بجده، وأُضيف إليه "وهبي" وفق عادة عثمانية متّبعة.كما تحدّث البدور عن أول فصل من فصول التمرد السياسي في مسيرة عرار، مبينًا أنه بعد إنهائه المرحلة الابتدائية، التحق عام 1912 بمدرسة "عنبر" في دمشق. وفي أحد الأيام، أضرب طلاب المدرسة عن حضور الدروس، مطالبين بتحقيق الأماني العربية في الاستقلال، عبر تطبيق نظام حكم لا مركزي.ثم تحدّث البدور عن استخدام عرار للشعر وسيلة للوعظ والإرشاد القومي، مشيرًا إلى أنه بعد انهيار الحكم الفيصلي وتجزئة سورية الكبرى إلى دويلات صغيرة، التقى عرار عام 1922 بالصحفي الفلسطيني نجيب نصار، صاحب جريدة "الكرمل الحيفاوية"، والتي كانت تُحذر العرب من خطر الصهيونية العنصرية ومن الطائفية البغيضة التي كانت تمزق النسيج الاجتماعي العربي في فلسطين آنذاك.وقد بدأ الاثنان معا بالتبشير بالفكر القومي العربي، والتحذير من الأطماع الأجنبية في البلاد العربية، وخاصة في فلسطين. وفي عام 1923، زارا مدينة الناصرة، حيث وجّها دعوات لفئات المجتمع من المسلمين والمسيحيين إلى نبذ سياسة الاتجار بالدين، والدفاع عن وطنهم الواحد وقوميتهم الجامعة.وفي عام 1925، شدّ كلٌّ من عرار ونجيب نصار الرحال إلى مدينة الكرك، حيث شرعا في الدعوة إلى الوحدة الوطنية ومقاومة الاستعمار.ورأى البدور أن عرار سعى إلى التعبير عن آرائه بحرية من خلال تأسيس منبر إعلامي خاص. ففي 29 نيسان 1928، حصل عرار على موافقة رسمية لإصدار جريدة خاصة به أسماها "الأنباء". كتب مادتها الافتتاحية وأتمّ طباعة صفحتها الأولى في المطبعة الوطنية لصاحبها نوري السمان، غير أن دائرة المطبوعات والنشر صادرت العدد قبل أن يرى النور.وأشار البدور أيضا إلى القصيدة التي رثى فيها عرار الشريف الحسين بن علي، عقب وفاته في 4 حزيران 1931، والتي تبرز تقدير عرار لمكانة الشريف الحسين ودوره التاريخي.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

112 يوما على عودة الحرب .. عشرات الشهداء والجرحى ومجازر متجددة بغزة والوسطى
112 يوما على عودة الحرب .. عشرات الشهداء والجرحى ومجازر متجددة بغزة والوسطى

رؤيا نيوز

timeمنذ ساعة واحدة

  • رؤيا نيوز

112 يوما على عودة الحرب .. عشرات الشهداء والجرحى ومجازر متجددة بغزة والوسطى

واصلت طائرات الاحتلال الاسرائيلي قصفها لمختلف مناطق قطاع غزة في اليوم ١١٢ لعودة الحرب مخلفة أعداداً كبيرة من الشهداء والجرحى. وحسب مصادر طبية فقد ارتقى اكثر من ١٠٠ شهيد منذ فجر الأحد في مختلف مناطق القطاع. وقال الإعلام الحكومي بغزة ان جيش الاحتلال ارتكب ٥٩ مجزرة خلال ال ١٠٠ ساعة الماضية راح ضحيتها ٢٨٨ شهيد وأكثر من الف مصاب. غزة والشمال وشهدت مدينة غزة سلسلة من الغارات ادت لاستشهاد ٥٦ مواطنا خلال ال ٢٤ ساعة الماضية. واستشهد ستة مواطنين بينهم طفل و١٥ إصابة بقصف إسرائيلي استهدف غرفة في عيادة الرمال غربي مدينة غزة. واصيب عدد من المواطنين باستهداف طائرات الاحتلال منزلًا لعائلة حمادة في شارع يافا بحي التفاح شمال شرقي مدينة غزة. وارتقى شهيد ومصابون في قصف اسرائيلي على شقة سكنية في حي تل الهوا جنوب غربي مدينة غزة. ومساء الأحد استشهد سبعة مواطنين بقصف تجمع قرب محلات كاظم شقة بحي الرمال بمدينة غزة. وارتقى ثمانية مواطنين بقصف اسرائيلي على مدرسة ابو عاصي بمخيم الشاطيء غرب غزة. وسط القطاع وقصف جيش الاحتلال منزلا بمخيم البريج وسط القطاع ما اسفر عن استشهاد اربعة مواطنين هم رجل وزوجته واثنين من أبناءه من عائلة الجدي. وليلا استشهد ثمانية مواطنين من الذين كانوا ينتظرون المساعدات جنوب محور نتنساريم وسط القطاع. واصيب اربعة مواطنين إحداها خطيرة جراء استهداف الاحتلال خيمة نازحين بجانب بركس لعائلة ابو سليم في شارع البركة بدير البلح ومساء الأحد ارتقى اربعة شهداء بقصف على مخيم 5 في مخيم النصيرات وسط القطاع وهم :محمد سامي شحتوت ، مهند الزيناتي ، هادي محمود حلاوة ، أحمد ياسين الصيداوي وفي وقت سابق استشهد سبعة مواطنين ومصابون في قصف إسرائيلي استهدف خيمة لعائلة بخيت بمنطقة أبو معلا غرب مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، وهم: الأشقاء ومحمد وضياء أحمد أحمد رجب بخيت ووالدهم احمد رجب بخيت ، إبراهيم صالح بخيت وأحمد إبراهيم صالح بخيت إضافة إلى جثة مجهولة لسيدة. جنوب قطاع غزة ونسف جيش الاحتلال منازل سكنية في منطقة بطن السمين جنوب خانيونس. وكان ١٨ مواطن ارتقوا في جنوب القطاع خلال ال ٢٤ ساعة الماضية. احصائيات الصحة وفي سياق متصل وصل مشافي قطاع غزة ٨٠ شهيد ، و ٣٠٤ إصابة خلال ٢٤ ساعة الماضية. وارتفعت حصيلة العدوان الاسرائيلي الى ٥٧٤١٨ شهيد و ١٣٦٢٦١ اصابة منذ السابع من اكتوبر للعام ٢٠٢٣ م. وبلغت حصيلة الشهداء والاصابات منذ ١٨ مارس ٢٠٢٥ بلغت (٦٨٦٠ شهيد ٢٤٢٢٠ اصابة). واستشهد ٨ مواطنين واصيب ٤٠ من طالبي المساعدات قرب المراكز الأمريكية ما رفع العدد منذ بداية عملها إلى ٧٥١ شهيد و ٤٩٣١ اصابة.

"حبر على ورق".. مفهوم نتنياهو عن الاتفاقيات
"حبر على ورق".. مفهوم نتنياهو عن الاتفاقيات

الغد

timeمنذ 3 ساعات

  • الغد

"حبر على ورق".. مفهوم نتنياهو عن الاتفاقيات

اضافة اعلان لا يؤمن «نتنياهو» بالاتفاقيات والعهود، أسوة بأسلافه من الساسة الصهاينة، فهي بالنسبة إليهم مجرد «حبر على ورق» لن يتوانوا عن نقضها أو خرقها في حال اصطدامها بالمشروع الصهيوني الاستعماري التوسعي في فلسطين المحتلة والمنطقة.ما يزال «نتنياهو» يسُوق الحجج الزائفة لإطالة أمد حرب الإبادة الجماعية ضد قطاع غزة، فعقليته الحربية المجبولة على التطرف والعنف تأبى الاستكانة للتهدئة، وتنحو دوماً للعدوان، على حساب الدم الفلسطيني النازف.في حين يواصل خروقاته لاتفاق وقف إطلاق النار في لبنان (27 نوفمبر 2024)، ومماطلته بالانسحاب الكامل من أراضيه، باحتلال 5 مواقع إستراتيجية تمنحه نقاط مراقبة مهمة، سعياً منه لاستكمال ما فشل في تحقيقه بعدوانه، الذي شنّه في أكتوبر 2023 وصعّده في سبتمبر 2024، بما يمثل احتلالاً للأراضي اللبنانية، ويهدد أمن واستقرار المنطقة.ويستند الاحتلال إلى مُسوّغات دينية مزعومة في نصوص التوراة والتلمود، لتبرير نقض العهود وإضفاء ادعاءات «الشرعية» على أطماعه الاستعمارية التوسعية بالمنطقة. إذ تحث التوراة «بني إسرائيل» على عدم إبرام المواثيق والاتفاقيات مع أهل الأرض التي يحتلونها، حيث جاء فيها ((.. لا تقطع لهم عهداً)) (سفر التثنية، الإصحاح 7)، وورد أيضاً (( وأنتم لا تعاهدوا أهل هذه الأرض..)) (سفر القضاة، الإصحاح 2)، وتزعم نصوصها بأن الرب يخاطبهم ويدعوهم لنقض العهود وطرد سكان الأرض التي يحتلونها، فجاء فيها ((قد وكلتك هذا اليوم على الشعوب وعلى الممالك لتقلع وتهدم وتهتك وتنقض) (سفر أرميا، الإصحاح 1)، و((إني أطرد الأمم من قدامك وأوسع تخومك)) (سفر الخروج، الإصحاح 34).ويـأتي التلمود ليرسخ ما ورد في طيات التوراة؛ فأجازت تعاليمه استباحة امتلاك الأراضي والاستفادة من ثرواتها، واللجوء إلى العنف ونقض العهود والمواثيق من أجل السيطرة عليها.ولا يعني ذلك أن اليهودية قد تسببت وحدها في خلق عقلية عدوانية توسعية، أو أنها أدت إلى ظهور الصهيونية، ولكن ثمة اندماج أو ارتباط اختياري بين اليهودية ونمط معين من مناخ ديني أوجدته، مما خلق عند اليهود استعداداً كامناً للتأثر بأفكار معينة يختلط فيها المطلق بالنسبي والمقدس بالقومي، فيما ارتبطت تلك العقائدية في أذهانهم بنوع من العصبية الدينية التي استسهلت فيما بعد قوالب القومية العنصرية التوسعية وحدودها الضيقة. كما أن تفسير الأفكار الدينية يلعب دوراً محورياً في مدى فعاليتها على المستوى السياسي والمجتمعي وفي الشكل الذي قد تأخذه، وهو أمر وجد صِيغه في تيار قوي في الفكر الديني اليهودي الإصلاحي والتقليدي الأرثوذكسي فسر هذه الأفكار بطريقة أكسبتها مضموناً روحياً ودينياً معيناً.إن نهج خرق المعاهدات والاتفاقيات مُتجذر في الفكر الصهيوني، وقد سبق وأن عبر عنه الصهيوني المتطرف «إسحق شامير» بعد مؤتمر مدريد للسلام (1991) حينما رأى أنها «مجرد أوراق يُطلق عليها أوراق سلام، لن ترتقي إلى ذات الأهمية التي تشكلها الأرض، فمعاهدة السلام يمكن تمزيقها بينما الأرض لا يمكن استعادتها بسهولة»، وهو النهج الذي التزم به فيما بعد بوصفه أحد أبرز أقطاب حزب الليكود، وسليل الجذور الفكرية التي وضعها الصهيوني الأكثر غلواً «زئيف جابوتنسكي»، والتي يطبقها «نتنياهو» بحرفية متطرفة.إن اتفاقيات ومعاهدات السلام في منظور الكيان الصهيوني ذات سمة مؤقتة ومرحلة يستجمع خلالها قوته لتنفيذ مخططه الاستعماري، بما يجعلها عُرضة دوماً للخرق والنقض، فلم تقف حائلاً أمام قيامه بشن الحروب والتوسع، ولم تمنعه من اجتياح الأراضي العربية وقصفها وإعادة احتلال بعضها.ومنذ «أوسلو» (1993)؛ فإن كل اتفاق مع الاحتلال كان قابلا للتفاوض والتمديد، وكل جدول زمني كان قابلا للاختراق دوماً. ورغم التزام السلطة الفلسطينية ببنود الاتفاقيات وشروط وإملاءات الكيان المُحتل، إلا أن ذلك كان يُقابل على الدوام منه بالمماطلة وعدم تنفيذ الاتفاقيات وطلب المزيد من التنازلات.إن ذلك نابع من تصور يعتقد أن تقديم التنازلات الجزئية هي السبيل لحل الصراع العربي– الصهيوني، وحث الاحتلال على انتهاج السلام طريقاً لاستقرار المنطقة، ولكنه في المنظور الصهيوني يعني أن كل تنازل يحصل عليه معناه الاقتراب خطوة أخرى من التنازل الكلي، فالصهيونية لا تفهم لغة السلام، بل تعتمد التوسع نهجاً وتتعايش مع حالة الحروب الدائمة لتغذية كيانها بمقومات الحياة.

اختيار منسق حكومي لحقوق الإنسان رسالة إيجابية
اختيار منسق حكومي لحقوق الإنسان رسالة إيجابية

الغد

timeمنذ 4 ساعات

  • الغد

اختيار منسق حكومي لحقوق الإنسان رسالة إيجابية

اضافة اعلان لسنوات بقي موقع المنسق الحكومي لحقوق الإنسان شاغرا، وبقي مدير وحدة حقوق الإنسان في رئاسة الوزراء الدكتور خليل العبدللات يقود المشهد في حدود الإمكانات، والصلاحيات المتوفرة، وشهادة حق كنت أقولها وما زلت، إنه حاول أن يجتهد، ويكسر حالة الجمود، وأن يبقي على قنوات التواصل مع المجتمع المدني، وكان يستحق الدعم أكثر من ذلك.قرار رئيس الوزراء جعفر حسان باختيار المحامي معاذ المومني منسقا حكوميا عاما لحقوق الإنسان رسالة إيجابية من الدولة الأردنية، وخطوة في الاتجاه الصحيح من الحكومة بالتحرك نحو إعادة الاعتبار لملف حقوق الإنسان، فهناك قضايا معلقة تحتاج إلى حسم، وهناك آليات دولية سيمثل الأردن أمامها، وتحتاج تحضيرا، وعملا، وتنسيقا مبكرا، مع كل الأطراف وفي مقدمتها إدارة حقوق الإنسان في وزارة الخارجية.تعيين المومني بهذا الموقع قرار صائب لأنه يمتلك الخبرة، والمعرفة في ملف حقوق الإنسان، ومشتبك معه، ويشتغل عليه منذ سنوات، وهذا يعطيه القوة للانطلاق بفعالية، دون تردد، وانتظار.في تواصل مع المنسق الحكومي الجديد قال لي «نريد أن نقف، ولا نريد أن نطير»، وأنا معه، فنحن نريد أن نسير بثبات نحو الأمام، خطوة خطوة، ولكن لا تراجع للخلف، ولا استمرار في حالة المراوحة، وليس لدينا شك أننا لا نريد أن نقفز، أو نحلق في الهواء، بل يجب أن يكون لدينا أجندة واقعية متوافق عليها للمضي قدما في التقدم بواقع حقوق الإنسان في البلاد.إذا ما توفرت الإرادة السياسية الناجزة فإن المومني يستطيع أن يحقق منجزا، ويمكن لكثير من الهواجس أن تنتهي، وبسهولة، وشجاعة نستطيع حسم الكثير من الملفات العالقة، وننضم لاتفاقيات بقينا لعقود مترددين في التوقيع عليها، والأهم أن نبقى على حالة ثبات في التعاطي مع قضايا حقوق الإنسان باعتبارها مصلحة أردنية خالصة أولا، قبل أن نتعامل معها على أنها ملف مفروض علينا، لإرضاء الدول الغربية التي تقدم الدعم والمنح للأردن.إذا ساندت مرجعيات الدولة المنسق الحكومي لحقوق الإنسان في مهمته، فإن مأسسة العلاقة بين المجتمع المدني والحكومة يمكن ان تتقدم بعد انقطاع، ففي آخر 5 سنوات لم تعد العلاقة مع المجتمع المدني تأخذ اهتماما، وأولوية لا على أجندة رئيس الحكومة، ولا الوزراء المعنيين، وهذا على خلاف توجهات رئيس حكومة مثل الدكتور عبدالله النسور، وأيضا الدكتور عمر الرزاز الذي كان ذلك في قمة اهتماماته، ولهذا فإننا نتوقع أن يكون في سلم أولويات المنسق الحكومي العودة إلى مقترح هيئة تنسيق مؤسسات المجتمع المدني (همم) بناء آلية تنسيق مؤسسية بين الحكومة والمجتمع المدني، تكون ثابتة، ومستمرة، ومستدامة، وتحكمها قواعد عمل.لا يحسد الأستاذ معاذ المومني فقد تولى مهامه، وحقوق الإنسان في حالة انهيار بعد السابع من أكتوبر، وبعد حرب الإبادة على غزة، حيث أظهرت تخلي الكثير من الدول التي تدّعي الديمقراطية عن القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ولم يعد الناس يثقون بمن يتحدث عن حقوق الإنسان بعد كل هذه الانتقائية، والمعايير المزدوجة التي سادت في التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي الذي داس بأقدامه كل المعاهدات دون مساءلة، وظل الإفلات من العقاب سائدا.ومع ذلك يملك المومني أوراق قوة أساسها أن المضي في طريق التحديث والإصلاح السياسي، والاقتصادي، والإداري لا يمكن أن يحدث، أو يتقدم دون الاهتمام بحقوق الإنسان، وفي مقدمتها مفاهيم سيادة القانون، والمواطنة، والعدالة، وضمان الحقوق والحريات للجميع، ويساعده كذلك في إحراز تحسن ملموس أن الأردن في تاريخه لم يعرف انتهاكات جسيمة مروّعة مثل القتل، أو الإخفاء القسري، أو الاختطاف، أو حتى التعذيب الممنهج، والمتعمد على نطاق واسع، وظل الأردن معروفا بتوفر هوامش للحرية، والتوافق السياسي، وفي كل الأزمات لم يكن بين الشعب والنظام السياسي دم لا سمح الله، بل كان الناس، وما زالوا يستنجدون بالعرش ليحل مشاكلهم، ويذلل أزماتهم.سيمد المجتمع المدني يده للتعاون، والعمل مع المنسق الحكومي لأنه منهم، ولأنهم يدركون أن تحقيق مسعاهم في تحسين حالة حقوق الإنسان لا يمكن أن يحدث بدون التعاون، والتشاركية مع الحكومة، وكل سلطات ومرجعيات الدولة، والمهم الآن أن نسير للأمام، فنضع خطة عمل واقعية، قابلة للتطبيق، ونتوقف عن حملات العلاقات العامة، والمجاملات التي تسقط في أول اختبار، ولا تمكث في الأرض.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store