
"حبر على ورق".. مفهوم نتنياهو عن الاتفاقيات
لا يؤمن «نتنياهو» بالاتفاقيات والعهود، أسوة بأسلافه من الساسة الصهاينة، فهي بالنسبة إليهم مجرد «حبر على ورق» لن يتوانوا عن نقضها أو خرقها في حال اصطدامها بالمشروع الصهيوني الاستعماري التوسعي في فلسطين المحتلة والمنطقة.ما يزال «نتنياهو» يسُوق الحجج الزائفة لإطالة أمد حرب الإبادة الجماعية ضد قطاع غزة، فعقليته الحربية المجبولة على التطرف والعنف تأبى الاستكانة للتهدئة، وتنحو دوماً للعدوان، على حساب الدم الفلسطيني النازف.في حين يواصل خروقاته لاتفاق وقف إطلاق النار في لبنان (27 نوفمبر 2024)، ومماطلته بالانسحاب الكامل من أراضيه، باحتلال 5 مواقع إستراتيجية تمنحه نقاط مراقبة مهمة، سعياً منه لاستكمال ما فشل في تحقيقه بعدوانه، الذي شنّه في أكتوبر 2023 وصعّده في سبتمبر 2024، بما يمثل احتلالاً للأراضي اللبنانية، ويهدد أمن واستقرار المنطقة.ويستند الاحتلال إلى مُسوّغات دينية مزعومة في نصوص التوراة والتلمود، لتبرير نقض العهود وإضفاء ادعاءات «الشرعية» على أطماعه الاستعمارية التوسعية بالمنطقة. إذ تحث التوراة «بني إسرائيل» على عدم إبرام المواثيق والاتفاقيات مع أهل الأرض التي يحتلونها، حيث جاء فيها ((.. لا تقطع لهم عهداً)) (سفر التثنية، الإصحاح 7)، وورد أيضاً (( وأنتم لا تعاهدوا أهل هذه الأرض..)) (سفر القضاة، الإصحاح 2)، وتزعم نصوصها بأن الرب يخاطبهم ويدعوهم لنقض العهود وطرد سكان الأرض التي يحتلونها، فجاء فيها ((قد وكلتك هذا اليوم على الشعوب وعلى الممالك لتقلع وتهدم وتهتك وتنقض) (سفر أرميا، الإصحاح 1)، و((إني أطرد الأمم من قدامك وأوسع تخومك)) (سفر الخروج، الإصحاح 34).ويـأتي التلمود ليرسخ ما ورد في طيات التوراة؛ فأجازت تعاليمه استباحة امتلاك الأراضي والاستفادة من ثرواتها، واللجوء إلى العنف ونقض العهود والمواثيق من أجل السيطرة عليها.ولا يعني ذلك أن اليهودية قد تسببت وحدها في خلق عقلية عدوانية توسعية، أو أنها أدت إلى ظهور الصهيونية، ولكن ثمة اندماج أو ارتباط اختياري بين اليهودية ونمط معين من مناخ ديني أوجدته، مما خلق عند اليهود استعداداً كامناً للتأثر بأفكار معينة يختلط فيها المطلق بالنسبي والمقدس بالقومي، فيما ارتبطت تلك العقائدية في أذهانهم بنوع من العصبية الدينية التي استسهلت فيما بعد قوالب القومية العنصرية التوسعية وحدودها الضيقة. كما أن تفسير الأفكار الدينية يلعب دوراً محورياً في مدى فعاليتها على المستوى السياسي والمجتمعي وفي الشكل الذي قد تأخذه، وهو أمر وجد صِيغه في تيار قوي في الفكر الديني اليهودي الإصلاحي والتقليدي الأرثوذكسي فسر هذه الأفكار بطريقة أكسبتها مضموناً روحياً ودينياً معيناً.إن نهج خرق المعاهدات والاتفاقيات مُتجذر في الفكر الصهيوني، وقد سبق وأن عبر عنه الصهيوني المتطرف «إسحق شامير» بعد مؤتمر مدريد للسلام (1991) حينما رأى أنها «مجرد أوراق يُطلق عليها أوراق سلام، لن ترتقي إلى ذات الأهمية التي تشكلها الأرض، فمعاهدة السلام يمكن تمزيقها بينما الأرض لا يمكن استعادتها بسهولة»، وهو النهج الذي التزم به فيما بعد بوصفه أحد أبرز أقطاب حزب الليكود، وسليل الجذور الفكرية التي وضعها الصهيوني الأكثر غلواً «زئيف جابوتنسكي»، والتي يطبقها «نتنياهو» بحرفية متطرفة.إن اتفاقيات ومعاهدات السلام في منظور الكيان الصهيوني ذات سمة مؤقتة ومرحلة يستجمع خلالها قوته لتنفيذ مخططه الاستعماري، بما يجعلها عُرضة دوماً للخرق والنقض، فلم تقف حائلاً أمام قيامه بشن الحروب والتوسع، ولم تمنعه من اجتياح الأراضي العربية وقصفها وإعادة احتلال بعضها.ومنذ «أوسلو» (1993)؛ فإن كل اتفاق مع الاحتلال كان قابلا للتفاوض والتمديد، وكل جدول زمني كان قابلا للاختراق دوماً. ورغم التزام السلطة الفلسطينية ببنود الاتفاقيات وشروط وإملاءات الكيان المُحتل، إلا أن ذلك كان يُقابل على الدوام منه بالمماطلة وعدم تنفيذ الاتفاقيات وطلب المزيد من التنازلات.إن ذلك نابع من تصور يعتقد أن تقديم التنازلات الجزئية هي السبيل لحل الصراع العربي– الصهيوني، وحث الاحتلال على انتهاج السلام طريقاً لاستقرار المنطقة، ولكنه في المنظور الصهيوني يعني أن كل تنازل يحصل عليه معناه الاقتراب خطوة أخرى من التنازل الكلي، فالصهيونية لا تفهم لغة السلام، بل تعتمد التوسع نهجاً وتتعايش مع حالة الحروب الدائمة لتغذية كيانها بمقومات الحياة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الغد
منذ ساعة واحدة
- الغد
أبو عبيدة يعلق على عملية بيت حانون
اضافة اعلان ونشر أبو عبيدة منشورا على موقع "تلغرام" يقول فيه إن "جنائز وجثث جيش العدو ستصبح حدثا مستمرا طالما استمر العدوان".يشار إلى أن 5 جنود إسرائيليين قتلوا وأصيب 10 آخرون على الأقل في العملية ببيت حانون شمالي قطاع غزة، وما يزال جندي آخر مفقودا، حسب ما نقلته وسائل إعلام عبرية.ووقع الحادث عندما فجر مقاتلو المقاومة عبوة ناسفة في مدرعة كانت تقل جنودا ثم استهدفوا روبوتا محملا بالذخيرة بقذيفة مضادة للدروع، خلال تجهيزه.كما استهدفت المقاومة أيضا قوة الإنقاذ الإسرائيلية التي هرعت لمكان الحادث، فيما سمع سكان مدينة عسقلان دوي "الانفجار الكبير"، وفق ما نقلته المواقع العبرية، التي قالت إن أحد المصابين ضابط كبير.ويتبع الجنود المستهدفون وحدة "يهلوم" الهندسية التي تعمل على تفخيخ وتفجير منازل الفلسطينيين في القطاع.


سواليف احمد الزعبي
منذ ساعة واحدة
- سواليف احمد الزعبي
محلل سياسي إسرائيلي: الجيش عالق في خرافة 'احتلال غزة' التي يتبناها بعض وزراء الكابينيت
#سواليف يشير المحلل السياسي الإسرائيلي #نداف_إيال في مقالة نشرها في صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية إلى #التدهور المتواصل في العلاقة بين #الكابنيت و #المؤسسة_الأمنية لدى #الاحتلال، وخاصة الجيش، منذ نحو أسبوعين. ويؤكد أن هذا التدهور يتم بوتيرة بطيئة لكنها حادة. وبرأيه، يمكن تجاهل بعض الضجيج الإعلامي مثل شكاوى الوزير بتسلئيل #سموتريتش، واقتراحات إيتمار بن غفير المندفعة من نوع 'لنندفع إلى الأمام'، أو تسريبات مكتب #نتنياهو عن 'ضرب الطاولة'، لكن ما لا يمكن تجاهله هو المسألة الجوهرية: النقاش حول إقامة حكم عسكري كامل في غزة، بل وفكرة احتلالها بشكل كلي. ويتابع إيال موضحًا أن المؤسسة الأمنية لدى #الاحتلال– وفي مقدمتها الجيش – ترى في هذا التصور فخًا كارثيًا، خصوصًا في ظل تراجع الجاهزية العسكرية، واقتراب إقرار 'قانون الإعفاء من الخدمة العسكرية'، وبعد عامين تقريبًا من #الحرب المستمرة، وفي مواجهة تحديات هائلة. ويضيف أن هناك من في الجيش ينظر إلى هذا التوجه باعتباره مجرد جسر باتجاه مشروع استيطاني يبدأ من بيت حانون. ولذلك، يرفض الجيش، وبشكل واضح، الانزلاق إلى ما يعتبره 'مصيدة الحكم العسكري'. وبحسب إيال، فإن وزراء اليمين المتطرف هم الأكثر حماسة لهذا السيناريو، وبعض باتوا يعتقدون أن لا مفر منه. هؤلاء يرون، كما ينقل، أن القضاء على #حماس بشكل نهائي هو شرط لبقاء 'إسرائيل' في المنطقة. لكن اللافت، كما يشير إيال، أن الخطة الحالية – التي تشمل نقل السكان الفلسطينيين إلى منطقة 'إنسانية' في جنوب القطاع عبر قنوات تصفية – قد بُنيت أصلًا داخل الجيش، وتحديدًا على يد منسق عمليات الحكومة في الأراضي المحتلة، اللواء غسان عليان. ويؤكد إيال أن الخطة مليئة بالثغرات: كيف سيتم التمييز بين المدنيين والمقاتلين؟ من سيشرف على الحكم في الجنوب؟ من سيدفع التكاليف؟ لا أحد يعرف. وفي الوقت الذي يُفترض فيه فرض حصار على بقية قطاع غزة، فإن الهدف المعلن من الخطة هو إخراج الأسرى الإسرائيليين أحياءً. ولكن بحسب الكاتب، هذه الخطة طويلة ومعقدة وتنطوي على مخاطر كبيرة، لأنها تتطلب تهجير ما يقارب مليون فلسطيني من مدينة غزة وضواحيها، دون الدخول الفعلي إلى المناطق المكتظة، وهو ما يحذّر منه الجيش صراحة باعتباره شبه مستحيل دون المساس بالأسرى. ويضيف إيال أن هذا هو ما يدفع وزراء الحكومة إلى مهاجمة رئيس الأركان إيال زامير، ليس بسبب خلل في أدائه، بل لأنه يعرض موقفًا مهنيًا واضحًا وصريحًا لا ينسجم مع رؤية اليمين المتطرف. ومع ذلك، يشير إلى أن محاولة تحويل رئيس الأركان إلى 'كيس ملاكمة' لن تكون سهلة. ويشرح إيال أن زامير تعلم من تجارب سابقيه في مواجهة حكومات متطرفة، تؤمن بـ'قداسة القاعدة الانتخابية'. ولذلك، أصبح مدركًا لدرس أساسي: حين لا تُقال الحقيقة داخل الكابنيت، تُفتح أبواب الكذب، ومن ثم تُبنى السياسات على أوهام خطيرة. وفي معرض حديثه عن السياق الدولي، يلفت إيال إلى أن نتنياهو يستعد للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مشيرًا إلى أن من استمع لتقارير الأخبار في الأيام الأخيرة سيظن أن نتنياهو ذاهب إلى البيت الأبيض ومعه 'بشرى حربية': الخطة لاحتلال غزة بالكامل. ويقول إن بعض مساعدي نتنياهو بدأوا بالترويج لفكرة أن رد حماس 'كارثي'، وبالتالي لا يمكن التراجع، في حين بعث الوزير شكيلي– المعبّر الصريح عن تطرف القاعدة اليمينية – برسالة تعارض عقد أي صفقة. غير أن إيال يلفت إلى صورة أخرى يقدمها نتنياهو للرأي العام: رئيس وزراء يتعاطف مع عائلات الأسرى، يزور مستوطنة نير عوز، يُمهّد لعقد صفقة، ويتحدث عن 'شرق أوسط جديد'. ويشدد إيال على أن الأهم من ذلك كله هو موقف البيت الأبيض، الذي يطالب بفهم كيف ستنتهي الحرب. وهنا، كما يرى، يظهر نتنياهو في صورته المعروفة: سياسي يترك لنفسه مساحة مناورة حتى اللحظة الأخيرة، لا يصطدم باليمين قبل الأوان، ولا يتنازل عن أوراق الضغط التفاوضية، ولا يُغضب واشنطن قبل زيارة رسمية، خاصة حين يكون ضيفًا في 'بلير هاوس'. ويستنتج إيال أن الخطة الأكثر عقلانية لنتنياهو هي الذهاب إلى واشنطن، الإيحاء بأن اتفاقًا قريبًا يوشك أن يُبرم في الدوحة، ثم العودة إلى تل أبيب والقول – إن فشل الاتفاق – إنّ 'فيلادلفيا' (محور رفح) هو خط أحمر لا يمكن لإسرائيل أن تتنازل عنه. وبهذا، يخلق لنفسه غطاءً للتهرب من الانتقادات، ويستمر في كسب الوقت. ومع ذلك، يرى إيال أن خلف كل هذا الضجيج والمناورات، توجد لحظة حقيقية للتغيير في الشرق الأوسط. فالرئيس ترامب، كما يصفه، يريد هذا التغيير بسرعة – وبحق. ونتنياهو يدرك أن الفرصة السياسية الكبيرة لا تكمن في إرضاء سموتريتش أو حزب 'عوتسما يهوديت'، بل في اغتنام لحظة نادرة لصياغة ترتيبات إقليمية جديدة، تقودها واشنطن. ويختم إيال مقاله باستحضار سخرية مسرحية 'هاملِت' لشكسبير: 'السيدة تحتج كثيرًا، على ما يبدو'، في إشارة إلى مبالغات نتنياهو وخطابه الحاد ضد حماس. لكنه يذكّر بأن الصفقة ما تزال قابلة للانهيار. وفي كل الأحوال، فإن الاستمرار في التورط في مستنقع غزة، وبناء مناطق إنسانية موازية على حساب 'إسرائيل'، وخسارة الأسرى، كلها ليست طريقًا للفوز في الانتخابات – ونتنياهو يعلم ذلك جيدًا. القرار الآن بيده، كما يؤكد إيال: إما أن يختار الطريق السياسي الحكيم، أو أن ينشغل بتحديد لون الخيام ومواقع الإيواء في 'المنطقة الإنسانية' برفح.


الغد
منذ ساعة واحدة
- الغد
مستجدات الحرب الإيرانية الإسرائيلية: حوارات مع كبار المحللين (2 - 3)
ترجمة: علاء الدين أبو زينة اضافة اعلان دانيال فالكوني* - (كاونتربنش) 1/7/2025الجزء الثاني: المجتمع المدني يراقب حربًا أخرى- دانيال فالكوني: ما الدور الذي تتوقّعون أن يلعبه المجتمع المدني والمنظمات الحكومية الدولية في الأيام والأسابيع المقبلة في ما يخص إيران؟*لورنس ديفيدسون: ستكون هناك بعض الاحتجاجات والكثير من التحليلات. ومع ذلك، ربما يكون القرار النهائي قد حُسم مُسبقًا. سيكون من الصعب جدًا جعل القانون الدولي وحقوق الإنسان مرجعًا فعالًا لسلوك الدول. وإذا كان السجل التاريخي ينبئنا بشيء، فهو أنهما لن يكونا مرجعًا إلا بعد وقوع كارثة مروعة.أما بخصوص إيران تحديدًا، فإن حرب الاستنزاف بينها وبين إسرائيل ستستمر. وعلى الرغم من التلاعب الذي تمارسه وسائل الإعلام الأميركية في تغطية الحرب، فإن إسرائيل ستكون أول من يواجه أزمة حقيقية. وسوف يدفع ذلك الولايات المتحدة للعودة إلى الحرب بهدف وقف الهجمات الإيرانية. وسوف يُصرّ اللوبي الصهيوني على ذلك. ولكن، كما هو معتاد، لن يستخلص الصهاينة أيًا من الدروس الواضحة من الهجمات الإيرانية.لا بد أن أعترف بأنني شعرت بالدهشة وأنا أرى إسرائيل تتلقى بعضًا من العقاب نفسه الذي أنزلته بغزة. نأمل أن تستخلص درسًا مهمًا من هذه التجربة، وربما يكون هناك الكثير من الإسرائيليين الذين فهموا الرسالة. لكن نتنياهو وزمرته، على الأرجح، غافلون تمامًا.*ستيفن زونس: على عكس إدارة بوش وحلفائها في الإعلام الذين بذلوا جهدًا كبيرًا لإقناع الأميركيين بدعم الحرب على العراق، لم يبذل ترامب جهدًا يُذكر لإقناعهم بدعم الحرب على إيران. بدا خطابه مساء السبت مرتجلًا إلى حد كبير، ولم يدم أكثر من أربع دقائق. وكأن الولايات المتحدة أصبحت مفككة إلى درجة أنها لم تعد قادرة حتى على "صناعة القبول".على الجانب الإيجابي، أظهرت استطلاعات الرأي التي أجريت قبل القصف الأميركي أن غالبية ساحقة تعارض دخول الولايات المتحدة في الحرب، بينما لا تتجاوز نسبة الداعمين لها 15 في المائة. وعلى عكس السنوات الأولى من حرب فيتنام، أو الأشهر الأولى من حرب العراق، لسنا في حاجة الآن إلى إقناع معظم الأميركيين بالانضمام إلى جانبنا -إنهم معنا مسبقًا. حتى أن بعض الجماعات المؤيدة لإسرائيل (مثل "جيه ستريت" و"السردية اليهودية الجديدة") أعربت عن معارضتها للحرب مع إيران، ما يدل على وجود انقسامات حتى في داخل المعسكر الصهيوني نفسه.للأسف، يبدو المجتمع المدني الأميركي ببساطة منشغلًا للغاية في الدفاع عن نفسه ضد دولة تزداد استبدادًا، ومن الدمار والفوضي اللذين أطلقتهما على حقوق الأقليات والمهاجرين والتعليم والبيئة ومؤسسات الحكم نفسها. وبذلك، ستكون التعبئة ضد الحرب، خاصةً واحدة لا تتضمن إرسال قوات برية أميركية، مهمة صعبة في مواجهة جميع الأزمات السياسية الأخرى.بالإضافة إلى ذلك، وعلى عكس الثمانينيات، حين ألهمت الحركات الثورية في نيكاراغوا النشطاء للدفاع عن مشروع اشتراكي واعد (وإن كان غير مثالي) ضد عدوان أميركي، فإن إيران هي نظام رجعي بامتياز، يتمنى أغلب شعبه إسقاطه -وإن لم يكن على يد قوة أجنبية.ولا يمكن توقع الكثير من المنظمات الحكومية الدولية أيضًا. هناك بالطبع خطر استخدام الولايات المتحدة لحق النقض (الفيتو) ضد أي محاولة من مجلس الأمن لاتخاذ موقف. وبشكل عام، تُعتبر إيران دولة شبه منبوذة إقليميًا ودوليًا، ولذلك لا يُتوقع أن تجازف الكثير من الدول، خصوصًا الغربية، بالخروج عن الصف للدفاع عن القانون الدولي، حتى لو كانت مظالم إيران مشروعة.*ريتشارد فولك: إذا ما فسّرنا هذا السؤال على أساس أنه يشمل أوروبا وأميركا الشمالية، فضلًا عن إسرائيل وفلسطين، يُتوقع أن تكون منظمات المجتمع المدني المناهضة للحرب نشطة جدًا في معارضة الهجمات على البرنامج النووي الإيراني والمنشآت المخصصة لتخصيب اليورانيوم هناك. وإذا تم توسيع أهداف الحرب لتشمل تغيير النظام الإيراني بدعم من إسرائيل والولايات المتحدة، فإن حدة المعارضة مرشحة للتصاعد.بُنيت هوية ترامب في السياسة الخارجية على معارضته لأي تدخل أميركي في "حروب أبدية"، أو مشاريع بناء دول فاشلة (أبرز الأمثلة العراق وأفغانستان)، مستخدمًا في ذلك خطابًا انعزاليًا جديدًا تم اختزاله في شعار "أميركا أولًا"، في الوقت الذي استند فيه حكمه إلى سلطة عسكرية داخلية، وأيديولوجيا فاشية جديدة تتضمن دعمًا غير مشروط لكل ما تقوم به إسرائيل، مهما كان غير قانوني أو خاليًا من الرحمة أو محفوفًا بالمخاطر.في سياق الحرب العدوانية المتصاعدة ضد إيران، والتي جاءت من دون استفزاز، يجد كل من المجتمع المدني والأمم المتحدة نفسيهما أمام انقلاب شبه تام في الموقف مقارنةً بما حدث في أزمة السويس.في ما يخص إيران، يجري بوضوح انتهاك الخطوط الحمراء التي يحددها ميثاق الأمم المتحدة بهدف منع الحروب، بينما تتعامل الولايات المتحدة والغرب بازدراء مع أهمية القانون الدولي عند اللجوء إلى شنّ الحروب الهجومية. ويقوم التبرير الغربي للعدوان الإسرائيلي، كما تنقله وسائل الإعلام الغربية بتعاطف، على تصورات تهديد مزعومة تتعلق بتخوفات من امتلاك إيران لرؤوس نووية. لكنّ المقاربة الأكثر منطقية للبعد النووي في الأمن القومي توضح أن مصدر التهديد الحقيقي هو إسرائيل، وليس إيران.تمتلك إسرائيل ترسانة نووية سرية تتراوح بين 300 و400 رأس نووي، تمكّنت من الحصول عليها بفضل دعم غربي سري، وتم استبعاد هذا الملف عمدًا من جداول مراجعة برامج منع الانتشار النووي الدولية الدورية. وفي المقابل، تلتزم إيران، بشكل عام، بمعاهدة عدم الانتشار النووي، في حين أن إسرائيل لم تنضم إلى المعاهدة أصلًا، وقد رفضت مرارًا وتكرارًا أي مساعٍ لإقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط -وهي المبادرة التي دعمتها سابقًا كل من إيران والسعودية بحماس. وقد رفضت إسرائيل وداعموها الغربيون مرارًا إقامة مثل هذه المنطقة. ومن شأن قيام منظمات المجتمع المدني والأمم المتحدة بتسليط الضوء على هذه الحقائق أن يغيّر على الأقل طبيعة النقاش الدولي.بينما يُنظر إلى البرنامج النووي لكوريا الشمالية بوصفه انتهاكًا خطيرًا، فإنه يشكل، من زاوية أمنية قومية، درسًا ناجحًا في فوائد التسلح النووي في عصر الأسلحة النووية. فعلى الرغم من العداء الدولي تجاه كوريا الشمالية وبرنامجها النووي، لم تتعرض منشآتها النووية أو ترسانتها لأي هجوم. وفي المقابل، تعرضت كل من ليبيا وأوكرانيا، والآن إيران، لهجمات -ويُفترض أن السبب هو غياب قدرة ردع نووي لديها. ولا شك أن الدروس المستخلصة من ذلك تنذر بعواقب وخيمة.بعيدًا عن البعد النووي، من المهم أن نفهم أن دعم الولايات المتحدة لإسرائيل في مواجهتها مع إيران يستند جزئيًا إلى منطق عنصري قوامه احتواء الحضارة الإسلامية، في ما يتناغم مع تنبؤات صامويل هنتنغتون في تسعينيات القرن الماضي بـ"صدام حضارات" على خطوط التماس بين الإسلام والغرب الأبيض في الشرق الأوسط.من هذا المنظور، تُعتبر إسرائيل جزءًا لا يتجزأ من الإمبريالية الغربية ما بعد الكولنيالية، حيث تقف في الخطوط الأمامية لاحتواء الإسلام، وتقوم الأعمال القذرة نيابةً عن الغرب، بدعم أميركي بالقدر الذي يلزم. وقد أسهمت إيران في ترسيخ هذا الخطاب جزئيًا من خلا تعهدها بتدمير النظام الصهيوني في إسرائيل، وتشجيعها لشعارات مثل "الموت لإسرائيل، الموت لأميركا".* * *الجزء الثالث: آلة الحرب واللوبي-دانيال فالكوني: إلى أي مدى تقيّد الضغوط السياسية الداخلية، مثل اللوبيات أو التوافق الحزبي، إمكانات إعادة تقييم آلة الحرب الأميركية؟*لورنس ديفيدسون: لا أعتقد أن القادة الأميركيين المنتخبين يقولون لأنفسهم صراحة: "نحن استعماريون وهذا هو طريقنا". صحيح أنهم عنصريون، متجسدون في سلسلة من القادة المنتخبين مثل ريغان، وبوش الأب والابن، وبايدن -والآن ترامب. ولكن تذكَّر أن ترامب والآخرين هم في العديد من الطرق "نحن".كل هؤلاء القادة المروعين انتخبتهم شريحة معتبرة من سكان الولايات المتحدة. لكنهم يُحاطون، بمجرد انتخابهم، بنظام سياسي تقوم بصنع السياسات فيه جماعات المصالح المهيمنة. وأهم هذه الجماعات، من حيث السياسة الخارجية، اللوبي الصهيوني.مرت الآن أكثر من 80 سنة منذ أن تولت الحكومة الأميركية بنفسها وضع سياستها في الشرق الأوسط. إن اللوبي الصهيوني هو مَن يديرها الآن، لأن هذا هو منطق النظام السياسي الحديث لدينا. وينطبق منطق سيطرة جماعات الضغط الخاصة هذا أيضًا على السياسة الخارجية تجاه كوبا، وعلى السياسات الداخلية مثل قوانين تنظيم السلاح والإجهاض وغيرها. تريدُ تغيير السياسات؟ لن يكون كافيًا أن تغيّر القائد أو الحزب. يجب أن تطيح بجماعة الضغط ذات الصلة.*ستيفن زونس: عندما أكدت تقارير الاستخبارات الأميركية أن إيران لا تعمل فعليًا على تطوير أسلحة نووية، لم يلجأ ترامب، كما فعلت إدارة بوش من قبله، إلى تزوير المعلومات لتبرير سياساته، بل اكتفى بقول إن هذه التقارير خاطئة. بل إنه أعاد تكرار المزاعم القديمة والمكشوفة بأن إيران مسؤولة عن مقتل ألف أميركي في العراق. لذلك لم يكن هناك ضغط كبير من الجيش أو المؤسسات الأمنية التقليدية لدفع البلاد نحو الحرب. ومع ذلك، قام عدد قليل من قادة الحزب الديمقراطي في الكونغرس بتحدّي روايات إدارة ترامب علنًا.كما هو الحال في مسألة فلسطين/ إسرائيل، ثمة فجوة كبيرة بين آراء الناخبين الديمقراطيين وممثليهم المنتخبين. وقد أعلن زعماء ديمقراطيون مثل تشاك شومر، وهايكيم جيفريز، وغيرهما، دعمهم للهجوم الإسرائيلي غير المبرر على إيران، زاعمين أنه "دفاع عن النفس". أما تكرارهم لعبارة "يجب ألّا يُسمح لإيران بتطوير سلاح نووي"، من دون المطالبة في الوقت نفسه بالعودة إلى "خطة العمل الشاملة المشتركة" فيشير إلى انفتاحهم على الحلول العسكرية بدلًا من الدبلوماسية -وكأنهم يعتبرون أن نهج أوباما (الذي تمثل في إبرام معاهدة دولية مُلزمة تمنع فعليًا إيران من صنع قنبلة نووية) غير كافٍ، بينما نهج ترامب (شن الحرب، حتى لو لم يمنع ذلك إيران من امتلاك السلاح) هو بطريقة ما أكثر فاعلية.وبالنظر إلى أن معظم أعضاء الكونغرس من الديمقراطيين لم يبدوا أي اعتراض على جرائم نتنياهو في غزة، فلا عجب أن يعتقد ترامب أنه يستطيع الإفلات بشن حرب غير قانونية هو أيضًا. لحسن الحظ، يواجه ترامب الآن بعض الاعتراضات، حتى من الديمقراطيين الأكثر ميلاً إلى التصعيد العسكري -لكن السبب الأساسي هو رفضه الامتثال لـ"قانون صلاحيات الحرب"، بل والدستور الأميركي نفسه، عندما أمر بالهجوم من دون الحصول على موافقة الكونغرس، أو حتى إبلاغه بنيته. ولكن، يبقى السؤال ما إذا كان الكونغرس سيتخذ أي إجراء ملموس، مثل بدء إجراءات العزل، وهو ما سيكون مناسبًا تمامًا في هذه الحالة.ما مِن شك في أن "إيباك" وبعض الجماعات الأخرى المؤيدة لإسرائيل، بما في ذلك الإنجيليون المسيحيون اليمينيون، مارسوا ضغوطًا لصالح شنّ حرب على إيران منذ سنوات، لكن تأثيرهم كان يتركّز بالأساس على الكونغرس، وليس على السلطة التنفيذية، كما أن الكونغرس كان إلى حد كبير مستبعدًا من اتخاذ القرارات المتعلقة بإيران (حتى وقت قريب جدًا). ولا توجد مؤشرات كثيرة على أنهم كانوا عنصرًا حاسمًا في قرار ترامب الانضمام إلى الحرب. وفي الوقت نفسه، كانت الاتصالات والرسائل التي تلقاها الكونغرس خلال الأسبوع الماضي سلبية بأغلبية ساحقة، وهو ما يعكس المزاج الشعبي، وقد يمهّد الطريق لكونغرس أكثر فاعلية في قضايا السياسة الخارجية، في مواجهة سنوات من تركّز السلطة في يد السلطة التنفيذية.*ريتشارد فولك: هناك مفارقة لا تتم ملاحظتها إلى حد كبير تشكّل خلفية السياسة الخارجية الأميركية في عهد ترامب. من ناحية، تؤدي المناورات القسرية التي ينتهجها ترامب إلى فتح الأبواب أمام انهيار الديمقراطية وبروز نسخة أميركية من الفاشية. ومن ناحية ثانية، يبدو ترامب، كحاكم أوتوقراطي علني ومتبجّح، أسيرًا للضغوط الصهيونية التي يمارسها اللوبي المؤيد لإسرائيل والممول بسخاء مثل "إيباك"، والرؤية العالمية الخاصة بالإنجيليين المسيحيين الذين يدمجون دعمهم غير المشروط لإسرائيل بدوافع معادية للسامية تنطوي على نزعة إقصائية شبيهة بتلك التي شكّلت خلفية "وعد بلفور"، بالإضافة إلى اليمين المتطرف المعجب بالنموذج "البروسي" لإسرائيل بينما يحتقر الجنوب العالمي.ومن ناحية ثالثة، تستفيد شركات الأسلحة في القطاع الخاص من تورّط الولايات المتحدة في الحروب الخارجية، وتعتبِر عمليات تغيير الأنظمة فرصًا تجارية مربحة وليس مغامرات مكلِفة. ومن ناحية رابعة، يستبعد التفكير الجماعي السائد في أوساط النخبة الاستشارية للسياسة الخارجية، وفي مراكز الأبحاث المنتشرة على ضفاف نهر بوتوماك، حتى الأصوات الواقعية مثل جون ميرشايمر وستيفن والت، اللذين ينصحان بالحذر وتبني رؤية قومية أكثر انضباطًا في السياسة الخارجية. تسهم هذه العوامل، بطرق متعددة، في عرقلة إعادة تقييم جادة للسياسة الخارجية العسكرية الأميركية، ما يفضي إلى استقرار مذهل في السياسة الأميركية لكلا الحزبين المؤيدة لإسرائيل، حتى عندما تُستخدم الأسلحة الأميركية لارتكاب فظائع وجرائم ضد الإنسانية.يثير هذا الفضول بشأن "الدولة العميقة" الأميركية، وبخاصة جهاز وكالة المخابرات المركزية. هل تتبنى هذه الدولة العميقة التفكير الجماعي نفسه السائد في السياسة الخارجية الواقعية، أم أنها أكثر نقدًا على غرار تفكير ميرشايمر ووالت؟ من غير الواقعي التفاؤل بأن يكون عملاء الدولة العميقة من أنصار سياسة خارجية أميركية تُدار وفق القانون والعدالة. ومع ذلك، قد تكون هناك مخاوف متزايدة داخل الدولة العميقة بشأن التحديات العالمية بعيدة المدى، بما في ذلك خطر الانزلاق نحو حرب نووية كارثية، وكوارث تغيّر المناخ، ما يدفعها إلى تفضيل نهج أكثر تعاونية في العلاقات بين الدول، يهدف إلى إجراء تعديلات وظيفية ضرورية لتجنّب مصير محتوم بالخراب على مستوى البلاد -وربما الكوكب بأسره. وفي حال وُجدت مثل هذه الرؤية بين عناصر الدولة العميقة، فلا شك أنها ستستخلص دروسًا قاسية من النهج الأخرق الذي تتبعه الولايات المتحدة في التعامل مع استقرار الشرق الأوسط وحل مشكلات العالم.يصعب تقييم ما إذا كانت عزلة الدولة العميقة عن جماعات الضغط الخاصة تُنتج سياسة خارجية أكثر معرفةً ونضجًا، أم أن توجهها لا يقل قِصَر نظرٍ عن قادتها المنتخبين، الذين تتأثر رؤاهم إلى حد بعيد بتقلّبات المزاج الشعبوي. وبطبيعة الحال، يشكل ترامب المثال الأكثر تطرفًا على سياسة تتم صياغتها وفق الحدس السياسي، وتتسم بالازدراء للخبراء وللقيود التقليدية على ممارسة السلطة، وعلى رأسها اللجوء إلى الحرب.*دانيال فالكوني Daniel Falcone: مؤرخ متخصص في ثورات العام 1848 واللاجئين السياسيين الذين سعوا للجوء في مدينة نيويورك. يركّز عمله الأكاديمي على تأثير جوزيبي غاريبالدي في تاريخ نيويورك المحلي، وعلى سياسات الذاكرة في القرنين التاسع عشر والعشرين. إلى جانب أبحاثه، يعمل فالكوني مدرسًا وصحفيًا، ظهرت أعماله في الكثير من المنشورات. تُعنى مقالاته وحواراته الصحفية مع مثقفين عموميين بتقاطع التاريخ مع القضايا الجيوسياسية الراهنة.*لورنس ديفيدسون Lawrence Davidson: مؤرخ أميركي وأستاذ فخري في التاريخ بجامعة ويست تشيستر في بنسلفانيا. تخصّص في تاريخ الشرق الأوسط والسياسة الخارجية الأميركية، وله العديد من الكتب والمقالات حول العلاقة بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي، كما تناول بشكل نقدي التأثير الصهيوني على السياسات الأميركية. من أبرز مؤلفاته كتاب "السياسة الخارجية الأميركية نحو الشرق الأوسط"؛ و"الثقافة والمقاومة: من الاحتلال إلى التحرير". يشتهر بتحليلاته الجذرية التي تسلط الضوء على الاستمرارية الإمبريالية في السياسة الأميركية.*ستيفن زونس Stephen Zunes: أستاذ الدراسات الدولية بجامعة سان فرانسيسكو وخبير بارز في قضايا السياسة الخارجية الأميركية، والشرق الأوسط، واللاعنف الإستراتيجي. وهو من الأصوات التقدمية البارزة في تحليل السياسات الأميركية. كتب بشكل موسّع حول الصراع العربي الإسرائيلي، والاحتلال الأميركي للعراق، ودور الحركات الاجتماعية في التغيير السياسي. نشر العديد من المقالات والدراسات في منصات أكاديمية وصحفية، ويعمل كمستشار ومُعلّق في مؤسسات بحثية تعنى بحقوق الإنسان والعدالة الدولية.*ريتشارد فولك Richard Falk: أستاذ فخري في القانون الدولي بجامعة برينستون. عُرف عالميًا بصفته مفكرًا قانونيًا وناشطًا في مجال حقوق الإنسان. شغل منصب المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة من العام 2008 إلى العام 2014، وألف كتبًا ومقالات واسعة التأثير عن القانون الدولي، والاستعمار، والعدالة العالمية. يعد من أبرز المنظّرين لمفهوم "الشرعية الأخلاقية" في العلاقات الدولية، وداعمًا قويًا للقضية الفلسطينية، وقد أثارت آراؤه الكثير من الجدل في الأوساط الدبلوماسية الغربية.*نشرت هذه الحوارات تحت عنوان: Updates on the Iran-Israel War: Conversations with Leading Analysts