
المعارضة تحرك المياه الراكدة في ملف التعريفة الطبية وتحذر من إنهاك منخرطي CNSS
هذا الواقع أعاد فتح جراح عدد من المؤمنين المتضررين من الفرق الكبير بين تكلفة الخدمات الفعلية والتعويضات المحدودة التي توفرها منظومة التأمين الإجباري عن المرض، خاصة بالنسبة لمنخرطي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
وفي هذا السياق، سلطت النائبة البرلمانية فريدة خنيتي، عن فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، الضوء على هذا الاختلال المزمن، من خلال سؤال كتابي موجه إلى وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، دعت فيه إلى مراجعة شاملة وعاجلة للتعريفة المرجعية، التي وصفتها بأنها لم تعد تُواكب الواقع، خصوصًا في ظل تجاوز أسعار بعض الفحوصات الطبية المتخصصة مبلغ 400 درهم، مقابل تعويض لا يتجاوز 200 درهم في إطار التأمين الإجباري.
واعتبرت النائبة البرلمانية أن هذا الوضع يُفرغ التغطية الصحية من مضمونها الاجتماعي، ويمس بمبدأ العدالة وتكافؤ الفرص في الولوج إلى العلاج، خصوصاً بالنسبة للفئات ذات الدخل المحدود.
السؤال البرلماني تضمن دعوة صريحة إلى اتخاذ إجراءات فورية بتنسيق بين وزارتي الاقتصاد والصحة، من أجل مراجعة شاملة للتعريفة المرجعية الوطنية، وجعلها أكثر مطابقة للأسعار المطبقة في الواقع.
كما طالبت النائبة الحكومة بوضع آليات فعالة لضمان احترام هذه التعريفة من طرف مقدمي الخدمات الصحية، تفادياً لمزيد من الإنهاك المالي الذي يطال منخرطي الصندوق، لا سيما في ظل غياب إطار رادع يضبط العلاقة بين التعريفة الرسمية والممارسة الفعلية.
وبموازاة النقاش البرلماني، نبّه تقرير مؤسسة الوسيط إلى مظاهر اختلال بنيوي داخل منظومة التغطية الصحية بالمغرب، مشيرًا إلى أن هذه الاختلالات باتت تمس مباشرة جوهر الخدمة الصحية، وتُعيق تمكين المواطن من حقه الكامل في الرعاية.
وأكد التقرير أن تأخر معالجة ملفات استرجاع المصاريف الطبية يشكل أحد أبرز أوجه الخلل، حيث يُجبر المرضى، لا سيما المنتمين للفئات الهشة، على تحمل مصاريف ثقيلة لفترات طويلة، في غياب أي ضمانات بالتعويض في الآجال المعقولة.
ولم يقف تقرير المؤسسة عند التأخر في صرف التعويضات، بل امتد إلى قضايا أكثر عمقاً، منها رفض تغطية أدوية ضرورية وباهظة الثمن مخصصة لعلاج أمراض مزمنة، ما يهدد استمرارية العلاج بالنسبة لعدد من المرضى، ويُشكل مساساً صريحاً بحقهم في الرعاية المنتظمة.
كما وجه التقرير انتقادات لاذعة إلى تدخل بعض هيئات التأمين الصحي في قرارات الأطباء المعالجين، معتبراً أن هذا السلوك يزعزع الثقة بين الطبيب والمريض، ويحد من حرية الممارسة الطبية، ويؤثر سلباً على جودة القرار العلاجي.
وانتقد التقرير نفسه ما وصفه بغياب الشفافية في تحديد قائمة العلاجات والخدمات المغطاة، حيث يؤدي هذا الغموض إلى ارتباك واسع لدى المواطنين، ويُضعف من قدرتهم على اتخاذ قرارات علاجية مدروسة بناءً على معرفة مسبقة بالتكاليف المحتملة والمبالغ القابلة للتعويض.
كما سجل التقرير أن نسب التعويض الحالية لا تعكس بأي شكل من الأشكال التكاليف الفعلية للخدمات الطبية في السوق، ما يعزز الشعور بالغبن لدى المواطنين المؤمنين، ويُفاقم التفاوتات في الاستفادة من منظومة الحماية الاجتماعية.
ومن المظاهر التي رصدها التقرير كذلك، رفض تعويض ملفات مرضى بسبب حذف الطبيب المعالج من لائحة الممارسين المعتمدين، رغم أن المريض لا علاقة له بهذا الإجراء ولا علم له به. واعتُبر هذا السلوك منافياً لمبدأ الإنصاف، ويؤكد الحاجة إلى مراجعة شاملة للآليات الإدارية المعتمدة داخل صناديق التأمين.
في ضوء هذه المعطيات، تتجدد الدعوات إلى إعادة النظر في السياسة الصحية الوطنية، وفتح ورش مراجعة التعريفة المرجعية الطبية على أسس واقعية ومنصفة، تأخذ بعين الاعتبار الأوضاع الاجتماعية للمنخرطين، وتُعزز البُعد التضامني الذي يُفترض أن يُميز منظومة الحماية الاجتماعية.
كما يُنتظر من الحكومة أن تُبادر إلى إشراك المهنيين والفاعلين المدنيين في بلورة تصور جديد لتأمين صحي أكثر عدالة وفعالية، في وقت أصبحت فيه التغطية الصحية الشاملة أحد الأعمدة الأساسية للنموذج التنموي الجديد.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ناظور سيتي
منذ 8 ساعات
- ناظور سيتي
قانون حماية الحيوانات الضالة يدخل البرلمان: غرامات تصل إلى 150 ألف درهم
المزيد من الأخبار قانون حماية الحيوانات الضالة يدخل البرلمان: غرامات تصل إلى 150 ألف درهم ناظورسيتي: متابعة في خطوة ترمي إلى وضع حد لفوضى تربية الحيوانات الضالة ومعالجة المخاطر الصحية والأمنية المرتبطة بها، أحالت الحكومة المغربية مؤخرا مشروع قانون رقم 19.25 على أنظار البرلمان، يتضمن مجموعة من الإجراءات الصارمة في حق الأشخاص الراغبين في تربية هذه الحيوانات خارج الإطار القانوني. مشروع القانون الجديد يمنع بشكل قطعي على الأفراد تقديم الرعاية للحيوانات الضالة عبر إيوائها أو إطعامها أو علاجها، ما لم يتم ذلك داخل مؤسسات مرخصة لهذا الغرض. ويهدف هذا الإجراء إلى تقليص ظاهرة التشرد الحيواني التي تتفاقم بسبب الرعاية العشوائية وغير المضبوطة من طرف بعض المواطنين. القانون يقترح معاقبة كل من يحدث أو يدير مركزا لرعاية الحيوانات الضالة بدون ترخيص، بغرامة تتراوح بين 10 آلاف و50 ألف درهم. كما يلزم المشروع أصحاب الحيوانات بالتصريح بممتلكاتهم الحيوانية، ويفرض غرامات تتراوح بين 5 آلاف و150 ألف درهم على كل من يملك حيوانا دون التصريح به أو لا يتوفر على الدفتر الصحي الخاص به. مشروع القانون لم يغفل الجانب الإنساني، إذ نص على ضرورة وقاية الحيوانات من الأمراض الخطيرة والمعدية وضمان سلامتها من أي اعتداء أو تعذيب. كما يمنح المواطنين الحق في التبليغ عن الحيوانات الضالة التي قد تشكل خطرا على السلامة العامة، عبر منصة إلكترونية خاصة سيتم إحداثها لهذا الغرض. ويلزم النص القانوني كل مالك أو حارس لحيوان بالتصريح به إلكترونيا، مع منحه رقما تعريفيا خاصا. كما يشترط اتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع شرود الحيوانات أو تهديدها للصحة العامة. ويتوجب على المالك الاحتفاظ بدفتر صحي محدث لحيوانه، والتبليغ الفوري عن أي تغييرات تطرأ على وضعه الصحي، كوفاته أو إصابته بمرض خطير أو انتقال ملكيته. وحرص مشروع القانون على ضبط العلاقة بين المواطن والإدارة من خلال منصة رقمية، حيث سيتم إشعار مالكي الحيوانات بالتدابير والإجراءات الواجب اتخاذها في حال إصابة الحيوان بمرض خطير أو وفاته.


بلبريس
منذ يوم واحد
- بلبريس
خطة دوائية لتخفيض أسعار آلاف الأدوية
أعلنت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية عن خطة واسعة لتخفيض أسعار 8656 دواء، عدد كبير منها مرتبط بالأمراض المزمنة، في خطوة من شأنها تخفيف الأعباء المالية عن الأسر ودعم توازنات صناديق التأمين الصحي. ويتوقع أن تحقق هذه العملية وفرا سنويا يصل إلى 1.698 مليار درهم لصالح صناديق التأمين، إلى جانب 509 ملايين درهم ستستفيد منها الأسر المغربية بشكل مباشر، نتيجة خفض كلفة الأدوية. الخطة تأتي في إطار مشروع مرسوم جديد يعوض مرسوم 2013، ويرتكز على آلية شفافة تعتمد مقارنة الأسعار دوليا، مع تحيين دوري كل ثلاث سنوات. وتم إعداد المشروع بعد أكثر من 30 اجتماعا تشاوريا مع الفيدراليات الصناعية، هيئات الصيادلة، وصناديق التأمين،. وفي تصريحاته، شدد الوزير أمين التهراوي على أن الهدف من هذه الخطة هو ضمان عدالة سعرية وتحفيز الصناعة المحلية، دون التأثير على جاذبية الاستثمار في قطاع يعتبره استراتيجيا، خصوصا في ظل انفتاح المغرب على السوق الإفريقية. إلى جانب مراجعة الأسعار، تتواصل مشاريع إصلاح البنيات التحتية الصحية وتعزيز التحول الرقمي، مع إطلاق دفاتر تحملات جديدة لتحسين الخدمات العامة في مجالات الحراسة والنظافة. كما يجري حاليا تشييد وحدة 'ماربيو' ببنسليمان لتصنيع اللقاحات محليا، في خطوة تدخل ضمن سياسة تقوية الإنتاج الوطني وتقليص التبعية الخارجية. وبينما تبقى إكراهات الموارد البشرية والمراكز المتدهورة قائمة، تراهن الوزارة على هذه الإجراءات المتكاملة لضبط كلفة العلاج وتعزيز جودة الخدمة، مع التركيز على جعل الأدوية في متناول المواطن.


أخبارنا
منذ يوم واحد
- أخبارنا
أسعار الأدوية "المضاعفة" بالمغرب تدفع نحو حملة للمطالبة بتسقيف أسعارها وتسقيف أرباح الصيادلة
لا حديث في أوساط العديد من المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي هذه الأيام إلا عن "حملة لتسقيف أثمنة الأدوية المستوردة وأرباح الصيادلة". الحملة، التي يقودها عدد من ناشطي السوشيال ميديا بمختلف تلويناتهم، وتلاقي تفاعلاً من طرف المتتبعين المغاربة، انطلقت مع أحد النشطاء المعروفين على المنصات الاجتماعية، والذي كشف أنه سمع عن حالة شخص يعاني من مرض تشمع الكبد، ويحتاج إلى دواء حيوي معروف، فتوجه لإحدى الصيدليات القريبة لاقتنائه وتسليمه له كنوع من الدعم، إلا أن المفاجأة الكبرى التي واجهته تمثلت في كون ثمن العلبة الواحدة يبلغ 5266 درهمًا، وهو مبلغ كبير ليس في إمكان الجميع تدبيره. الناشط، وأمام هول صدمته، وهو الذي كان يظن أن سعر العلبة لن يتعدى بضع مئات من الدراهم، قرر البحث عن بديل، فبحث عن الدواء في تركيا، وهناك حصل عليه، وبنفس النوع والاسم، لكن فقط بـ2600 ليرة تركية، أي بـ580 درهمًا مغربيًا. فرق صراحة أرعب الفاعل، فلم يكن يتصور مرة ثانية أن ينخفض السعر تسع أو عشر مرات مرة واحدة عن السعر هنا بالمغرب. المروجون للحملة الوطنية يتحدثون عن عريضة للحكومة لتسقيف أثمنة الأدوية المستوردة، وكذا تسقيف أرباح الصيادلة في حدود 10 بالمائة، رافضين أثمنة أدوية بالمغرب تصل إلى عشرة أضعافها ببلدان أخرى، ومقدمين أمثلة بدواء تشمع الكبد، الذي تحدثنا عنه سلفًا، والذي لا يتعدى ثمنه بتركيا 580 درهمًا، في حين يصل ثمنه إلى 5266 درهمًا بالمغرب، ودواء فرط الحركة، الذي لا يتجاوز سعره 70 درهمًا فقط بالجارة الشمالية إسبانيا، في حين يصل في المغرب إلى 1500 درهم، ثم أحد أدوية السرطان، الذي يُباع بالهند بـ800 درهم، وبالمغرب بحوالي 20000 درهم. خبراء أرجعوا هذا التفاوت الكبير في أسعار الأدوية بين المغرب ودول أخرى إلى غياب نظام صارم لمراقبة الأسعار في المغرب، وترك هامش ربح كبير لموزعي ومستوردي الأدوية، إضافة إلى تعقيد المساطر الجمركية والضريبية، وهي كلها عناصر، حسب المعنيين، تساهم في رفع كلفة الدواء بشكل مبالغ فيه، رغم أن بعض الأدوية مدعمة أو تغطيها صناديق التأمين الصحي. ولكنها دفوعات لا تبرر، في كل الأحوال، أن يصل فارق السعر إلى أكثر من 800٪، خصوصًا في أدوية أساسية وضرورية، خاصة بأمراض مزمنة وقاتلة أحيانًا. ففي دول كالتي أشرنا إليها، وخصوصًا مصر، الهند أو تركيا، يخضع سوق الأدوية لتسقيف صارم من طرف الدولة، حفاظًا على الحق الدستوري في العلاج، لا على مصالح الشركات والمضاربين.