
تحذيرات أممية من انهيار آخر مشفيين بغزة
غزة-"الخطر يقترب ونحن على بعد خطوة واحدة من الانهيار"، يقول مدير عام مجمع ناصر الطبي الدكتور عاطف الحوت، وهو أكبر مرفق صحي حكومي وآخرها في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.
ويقدر الحوت في حديثه مع الجزيرة نت أن المجمع، الذي يضم 3 مستشفيات تخصصية، قد ينهار كليا في غضون 3 أيام، جراء نفاد الوقود، والأرصدة الصفرية لأغلبية الأدوية الأساسية والمستهلكات الطبية، فضلا عن التهديدات المباشرة بفعل أوامر الإخلاء الإسرائيلية التي شملت نطاقات واسعة من المدينة.
وفي بيان رسمي لها، قالت وزارة الصحة إن "التهديدات المباشرة للمناطق السكنية المحيطة بالمستشفيات هي إجراءات واضحة يقوم بها الاحتلال ضمن خطته الممنهجة ضد المنظومة الصحية".
خروج عن الخدمة
ومجمع ناصر هو الوحيد في مدينة خان يونس، الذي يقدم خدماته لنحو 700 ألف مواطن من سكان المدينة والنازحين فيها، بعد خروج مستشفى غزة الأوروبي عن الخدمة.
كما تسببت أوامر الإخلاء الإسرائيلية بخروج مستشفى الأمل التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني عن الخدمة عمليا، وبحسب وزارة الصحة "لم يعد ممكنا الوصول إليه نتيجة تصنيف الاحتلال لمحيطه بأنها منطقة قتال خطيرة وإخلائها قسرا من السكان".
ورغم أن الاحتلال استثنى مجمع ناصر الطبي، ومستشفى الأمل، من أوامر الإخلاء، فإنه أجبر -حسب الطبيب الحوت- سكان حي الأمل، حيث يقع مستشفى الأمل، غرب مدينة خان يونس على النزوح، وبالتالي تعذر الوصول للمستشفى بسبب تصنيف الاحتلال للحي "منطقة قتال خطيرة".
ونتيجة ذلك، زادت الضغوط على مجمع ناصر لعدم قدرته على تحويل حالات من الجرحى والمرضى لمستشفى الأمل، وبات منذ أيام يعمل فوق طاقته الاستيعابية، وتتراوح نسبة الإشغال في المجمع حاليا ما بين 170 إلى 180%، حسب الحوت.
ويقع مجمع ناصر في المربع رقم 107 وفق تصنيف الاحتلال، وهو ضمن مناطق محدودة للغاية في المدينة، لم تشملها أوامر الإخلاء الإسرائيلية الواسعة، التي طالت -حسب تقديرات محلية- نحو 95% من مدينة خان يونس وهي الأكبر من حيث المساحة على مستوى القطاع.
ويقول الحوت إن "عدم وجود المجمع ضمن مناطق الإخلاء لا يعني أننا في أمان"، حيث إنه محاط بمناطق ومربعات سكنية أخلاها الاحتلال قسرا، وبالتالي فإن "الخطر يقترب"، ومعه سيتعذر وصول الطواقم الطبية والجرحى والمرضى، ويشل حركة سيارات الإسعاف.
وأطلع الحوت، اليوم السبت، وفدا من منظمة الصحة العالمية على الواقع المتردي داخل مستشفيات المجمع وأقسامها، وإثر ذلك حذَّرت المنظمة الدولية في بيان لها من انهيار النظام الصحي، وأن آخر مستشفيين يعملان في جنوب القطاع يواجهان خطر التوقف عن العمل.
وقالت المنظمة إن "مستشفيي ناصر والأمل يعملان فوق طاقتهما الاستيعابية وسط نقص حاد في الأدوية الأساسية والإمدادات الطبية وقد يخرجان عن العمل في أي لحظة".
ويقول الحوت إن وفد منظمة الصحة العالمية صدم مما شاهده في المجمع، واستمراره بالعمل بالحد الأدنى وفي ظل ضغوط هائلة، "فمثلا لدينا في قسم العناية المركزة 41 جريحا ومريضا، فيما لا نملك سوى 12 سريرا".
ويضيف شارحا آلية عملهم تحت هذه الظروف الضاغطة "كمية الوقود المتوفرة حاليا لا تكفي سوى ليومين فقط، ونعمل وفق خطة ترشيد قاسية، تأتي على حساب المرضى، وحاليا نعمل خلال الفترة الصباحية بكامل طاقتنا، أما الفترة المسائية فتقتصر على إنقاذ الحياة، ولا نستطيع تشغيل كل غرف العمليات، ونضطر لإطفاء الكهرباء عن بعض الأقسام والمباني".
ويمنع الاحتلال المؤسسات الدولية والأممية من الوصول إلى أماكن تخزين الوقود المخصص للمستشفيات، بحجة أنها تقع في مناطق حمراء، وتؤكد وزارة الصحة أن "إعاقة وصول إمدادات الوقود للمستشفيات يهدد بتوقفها عن العمل والتي تعتمد على المولدات الكهربائية لتزويد الأقسام الحيوية بالطاقة".
مواجهة الموت
وعن ماذا يعني خروج مجمع ناصر عن الخدمة، يجيب مدير المستشفيات الميدانية الدكتور مروان الهمص قائلا إن "كارثة إنسانية فوق حدود التصور ستقع وستفتك بآلاف أرواح الجرحى والمرضى".
ويقول الهمص للجزيرة نت "نجدد التحذير في وزارة الصحة من الوصول إلى اللحظة التي تعني انهيارا كاملا للمنظومة الصحية في جنوب القطاع".
وأوضح أن مستشفى الأمل كان يحتوي على جراحات وأشعة مقطعية و100 سرير مبيت، وكان يساند مجمع ناصر الطبي بالعناية المركزة بامتلاكه 8 أسرة عناية ويمكن أن تتسع وتصل إلى 12 سريرا، لكن بفعل أوامر الإخلاء لا تتوفر مسارات آمنة للوصول إلى هذا المستشفى.
واشتد الضغط على مجمع ناصر، وسط مخاوف شديدة من خروجه عن الخدمة، وهو الأكبر الذي تتوفر به خدمة الاستقبال والطوارئ للجرحى، والحالات الخطيرة وفوق المتوسطة التي تحول إليه من المستشفيات الميدانية، وبه خدمة العناية المركزة.
وهو الوحيد الذي يقدم خدمة غسيل الكلى، وخدمة وحدة القلب والإنعاش، وتخصصات طبية نادرة كجراحة المخ والأعصاب، وجراحة الصدر، وجراحة الأطفال والجراحة العامة، حسب الهمص.
ويؤكد الهمص أن "خروج ناصر والأمل عن الخدمة سيجعل 650 ألف مواطن فلسطيني في جنوب قطاع غزة بدون أي خدمة طبية، وسيكون آلاف الجرحى والمرضى خاصة الأمراض الحرجة وغسيل الكلى في مواجهة الموت".
ويؤكد رئيس الهيئة الدولية للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني الدكتور صلاح عبد العاطي، ما ذهبت إليه منظمة الصحة العالمية وتحذيرها من انهيار القطاع الصحي، ويقول للجزيرة نت، إن ذلك نتيجة "الاستهداف الإسرائيلي المنظم وإخراج 36 مستشفى عن الخدمة حتى اللحظة".
ويضيف عبد العاطي أن القطاع الصحي بمرافقه وكوادره كان في بؤرة الاستهداف الإسرائيلي المنظم منذ اندلاع حرب الإبادة الإسرائيلية عقب 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وأدت لاستشهاد 1460 من أطباء وممرضين ومسعفين وعاملين في القطاع الصحي، واعتقال قرابة 600 من الأطقم الطبية، مما تسبب في نقص الكوادر الطبية وإرهاقها.
وما يتعرض له مجمع ناصر ومستشفى الأمل -حسب عبد العاطي- لا يخرج عن هذا الاستهداف الممنهج والمنظم، حيث يقطع الاحتلال عليهما الطريق لمواصلة عملهما في إسعاف الجرحى وخدمة المرضى، بالاستهداف المباشر والحصار وأوامر الإخلاء ومنع الأدوية والوقود.
ويؤكد عبد العاطي أن هذا الاستهداف للمستشفيات يتعارض مع قواعد القانون الدولي و القانون الدولي الإنساني ، وإذا ما انهار القطاع الصحي كليا في قطاع غزة فإنه بمثابة حكم بالإعدام على نحو 14 ألفا من الجرحى والمرضى، ومن هم بحاجة لرعاية سريرية، إضافة إلى نحو 350 ألفا من أصحاب الأمراض المزمنة.
ويضع الناشط الحقوقي ما يتعرض له القطاع الصحي من استهداف في سياق "جرائم الحرب والإبادة" التي ترتكبها قوات الاحتلال، وهو انتهاك جسيم لأحكام اتفاقيات لاهاي وجنيف، التي وفرت حماية خاصة للأطقم الطبية والجرحى والمرضى والمرافق الصحية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
هآرتس: إسرائيل قتلت نحو 100 ألف فلسطيني في غزة
قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية إن نحو 100 ألف فلسطيني من سكان قطاع غزة ، قتلوا بهجمات إسرائيلية أو نتيجة الآثار غير المباشرة للإبادة الجماعية منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، مما يجعل هذه الحرب الأكثر دموية في القرن الـ21. وسلطت الصحيفة الضوء على تقرير نشره فريق بحثي دولي أكد أن عدد الضحايا بغزة جراء الهجمات الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 الذي أعلنته وزارة الصحة الفلسطينية، أقل من الحجم الحقيقي للأزمة. وأوضح التقرير أن الجوع والمرض وإطلاق النار الإسرائيلي على مراكز توزيع الغذاء جعل الحرب في القطاع واحدة من أكثر الحروب دموية في القرن الـ21. وفي الوقت الذي يرفض فيه متحدثون رسميون وصحفيون ومؤثرون بإسرائيل بيانات وزارة الصحة الفلسطينية مدعين أنها مبالغ فيها، يؤكد خبراء دوليون أن قائمة تلك الوزارة بكل ما تجسده من فظائع، ليست موثوقة فحسب بل قد تكون متحفظة جدا مقارنة بالواقع. الدراسة الأكثر شمولا وعن أبرز الدراسات الدولية التي تناولت هذه القضية، سلطت الصحيفة الضوء على دراسة نشرها البروفيسور مايكل سباغات الخبير العالمي في الوفيات خلال النزاعات العنيفة، وفريق من الباحثين هذا الأسبوع، إذ اعتبرتها الأكثر شمولا حتى الآن بشأن موضوع الوفيات بغزة. وأشارت الصحيفة إلى أن سباغات، وهو خبير اقتصادي في كلية هولواي بجامعة لندن، كتب عشرات المقالات عن الحروب في العراق وسوريا وكوسوفو، ودول أخرى. وأوضحت أن سباغات وبمساعدة عالم السياسة الفلسطيني الدكتور خليل الشقاقي، أجرى مسحا لـ 2000 أسرة في غزة، تضم نحو 10 آلاف شخص، وخلصوا إلى أنه حتى يناير/ كانون الثاني 2025، استشهد نحو 75 ألفا و200 شخص في غزة نتيجة أعمال عنف خلال الحرب، غالبيتهم العظمى بسبب الذخائر الإسرائيلية. واستدركت: "في ذلك الوقت، قدرت وزارة الصحة في قطاع غزة عدد الشهداء منذ بداية الحرب بـ 45 ألفا و660 قتيلا، وبعبارة أخرى، قللت بيانات وزارة الصحة من العدد الحقيقي للشهداء بنحو 40%". وأشارت الصحيفة إلى أن الدراسة لم تخضع لمراجعة الأقران، حيث نشرت كنسخة أولية، لكن نتائجها تشابهت إلى حد كبير مع نتائج دراسة أُجريت بأساليب مختلفة تماما ونشرها في يناير/ كانون الثاني الماضي باحثون من كلية لندن للصحة والطب الاستوائي، وقدّرت تلك المجموعة أيضا التفاوت بين بيانات وزارة الصحة والأرقام الحقيقية بنحو 40%. آثار غير مباشرة وذكرت الصحيفة العبرية أن دراسة سباغات وزملائه تحاول الإجابة عن سؤال الوفيات الزائدة في القطاع، وبمعنى آخر، عن عدد الأشخاص الذين استشهدوا نتيجة الآثار غير المباشرة للحرب: الجوع والبرد والأمراض التي استحال علاجها بسبب تدمير النظام الصحي، وعوامل أخرى. وقالت بهذا الصدد "حتى دون احتساب موجات الوفيات الزائدة المتوقعة في المستقبل، أدى الجمع بين ضحايا العنف والوفيات الناجمة عن الأمراض والجوع إلى وفاة 83 ألفا و740 شخصا قبل يناير/ كانون الثاني (2025)، مع الأخذ في الحسبان المسح والوفيات الزائدة". وأضافت "منذ ذلك الحين، ووفقًا لوزارة الصحة في غزة، قُتل أكثر من 10 آلاف شخص، وهذا لا يشمل من هم في فئة الوفيات الزائدة، والخلاصة هي أنه حتى لو لم تتجاوز الحرب بعد خط 100 ألف قتيل، فهي قريبة جدا من ذلك". ونقلت الصحيفة عن البروفيسور سباغات قوله إن هذه البيانات تضع الحرب في قطاع غزة كواحدة من أكثر الصراعات دموية في القرن الـ21. وتابع "حتى لو كان العدد الإجمالي لضحايا الحرب في سوريا وأوكرانيا والسودان أعلى في كل حالة، فإن غزة على ما يبدو تحتل المرتبة الأولى من حيث نسبة القتلى من المقاتلين إلى غير المقاتلين، وكذلك من حيث معدل الوفيات بالنسبة إلى حجم السكان". وأشارت الصحيفة إلى أنه وفقا لبيانات المسح، التي تتوافق مع بيانات وزارة الصحة الفلسطينية، فإن 56% من الضحايا إما أطفالا دون 18 عاما، وإما نساء، وهذا رقم استثنائي مقارنة بجميع النزاعات الأخرى تقريبا منذ الحرب العالمية الثانية. وبحسب الصحيفة، فإن البيانات التي جمعتها ونشرتها منظمة سباغات، تشير إلى أن نسبة النساء والأطفال ضحايا العنف في غزة تزيد على ضعف النسبة في جميع النزاعات الأخيرة تقريبا، مضيفة "بما في ذلك، على سبيل المثال، الحروب الأهلية في كوسوفو (20%)، وشمال إثيوبيا (9%)، وسوريا (20%)، وكولومبيا (21%)، والعراق (17%)، والسودان (23%)". ومن البيانات المتطرفة الأخرى التي وُجدت في الدراسة نسبة الضحايا إلى عدد السكان، يقول سباغات "أعتقد أننا ربما وصلنا إلى نسبة قتلى تُقارب 4% من السكان.. لست متأكدًا من وجود حالة أخرى في القرن الـ21 وصلت إلى هذا المستوى". ولفتت الصحيفة إلى أنه على عكس ثراء البيانات التي تقدمها قوائم الوزارات الرسمية والدراسات البحثية، التي تُؤكد أرقام وزارة الصحة في غزة، فإن صمت المتحدثين الرسميين الإسرائيليين عن عدد الضحايا لافت للنظر. وقالت: "حرب 7 أكتوبر (2023) هي الأولى التي لم يُقدم فيها الجيش الإسرائيلي تقديرات لعدد القتلى المدنيين من العدو.. الرقم الوحيد الذي تُكرره وحدة المتحدث باسم الجيش والمتحدثون الرسميون الإسرائيليون الآخرون هو مقتل 20 ألفا من حماس ومنظمات أخرى. هذا الرقم غير مدعوم بقائمة أسماء أو أدلة أو مصادر أخرى". وأضافت "وفقا لسباغات، جرت محاولة لإحصاء عدد المسلحين الذين نشرتهم إسرائيل. وقد تمكن فريقه من الوصول إلى بضع مئات، لكن من الصعب إعداد قائمة تضم ألفا حتى".


الجزيرة
منذ 12 ساعات
- الجزيرة
من جوري إلى نضال.. كيف يفتك الحصار الإسرائيلي بأطفال غزة؟
لم تكمل الرضيعة الفلسطينية جوري المصري شهرها الثالث، حتى أودى بحياتها الجوع لتكون واحدة من ضحايا الحصار الإسرائيلي الذي يخنق قطاع غزة. ومساء الخميس، لفظت الرضيعة أنفاسها الأخيرة بمدينة دير البلح وسط القطاع، بعدما فشلت عائلتها في تأمين نوع خاص من الحليب العلاجي كانت بحاجة إليه، وسط انعدام المستلزمات الطبية والغذائية، ومواصلة تل أبيب إغلاق المعابر بالتزامن مع الإبادة التي ترتكبها بحق الفلسطينيين هناك. وعانت الرضيعة جوري، مثل باقي الأطفال بغزة، ويلات الحرب منذ ولادتها فاضطرت أسرتها إلى النزوح تحت القصف الإسرائيلي، وعاشت أيامها القليلة في ظروف قاسية من نقص الغذاء والرعاية، في بيئة لا تتوفر فيها أدنى مقومات الحياة. ولدت بصحة جيدة ولدت جوري بصحة جيدة، دون أمراض مزمنة أو تشوهات خلقية، لكنها احتاجت إلى نوع من الحليب العلاجي غير متوفر في غزة منذ أسابيع، نتيجة الحصار الإسرائيلي. وقال والدها، محسن المصري، بنبرة يغلبها الانكسار، إنه بحث في كل مكان دون أن يجد الحليب لطفلته. وأوضح أن طفلته كانت بصحة طبيعية، لكن حالتها تدهورت بسرعة جراء سوء التغذية، قبل أن يكمل "ابنتي ماتت جوعا، دون ذنب". نفد الحليب فاستشهد الأطفال وأشار الوالد إلى أن جوري كانت بحاجة إلى حليب علاجي غير متوفر في القطاع، ومع استمرار نفاده، تدهورت حالتها وأصبحت هيكلا عظميا، وجسدا هزيلا، ووجها شاحبا. وأضاف: كانت تحتضر بصمت، ونحن عاجزون أمامها، هذه جرائم حرب حقيقية ترتكب بحق أطفالنا الرضّع، الذين يموتون جوعا واحدا تلو آخر. لم تكن مأساة جوري معزولة؛ فمع استشهادها، ارتفع عدد الرضع الذين استشهدوا بسبب الجوع خلال أقل من 24 ساعة إلى ثلاثة، بعد استشهاد الرضيعة كندة الهمص (10 أيام)، والرضيع نضال شراب (5 أشهر)، وكلاهما شيع من مستشفى ناصر في خان يونس جنوبي القطاع. تحذيرات طبية هذه الحالات المؤلمة جاءت بعد تحذيرات متكررة أطلقتها مستشفيات في غزة، كان أبرزها في 19 يونيو/حزيران الجاري، حين أعلنت قرب نفاد حليب الأطفال بالكامل، ما ينذر بكارثة إنسانية وشيكة تهدد حياة مئات الرضّع. لكن التحذيرات لم تلقَ استجابة دولية، وبقيت سياسة التجويع الإسرائيلية مستمرة، إذ تغلق إسرائيل منذ 2 مارس/آذار الماضي جميع المعابر، وتمنع دخول أي إمدادات غذائية أو طبية، ما تسبب في دخول غزة مرحلة المجاعة الكاملة، بحسب تقارير أممية. انهيار صحي تام وإلى جانب الجوع، يعاني القطاع من انهيار شبه تام في النظام الصحي، بفعل الاستهداف الإسرائيلي المتكرر للمستشفيات، ونفاد الأدوية والمستلزمات، ما حوّل مرافق الصحة إلى أماكن عاجزة عن تقديم الحد الأدنى من الرعاية. في هذا السياق، أكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، في آخر إحصاء له في 25 مايو/أيار الماضي، استشهاد 242 شخصا بسبب نقص الغذاء والدواء، معظمهم من الأطفال الرضّع وكبار السن. ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أميركي إبادة جماعية ، قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا بغزة، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها. وخلّفت الإبادة نحو 189 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال. وتحاصر إسرائيل غزة منذ 18 عاما، وبات نحو 1.5 مليون فلسطيني من أصل حوالي 2.2 مليون بالقطاع، بلا مأوى بعد أن دمرت حرب الإبادة مساكنهم.


الجزيرة
منذ 14 ساعات
- الجزيرة
لماذا يُنصح بإضافة مسحوق الشمندر إلى نظامك الغذائي؟
البنجر أو الشمندر هو نبات جذري يتميز بلونه الأحمر الداكن، كما أنه غني بالفيتامينات والمعادن والألياف والبروتينات والمواد المغذية الأخرى اللازمة لصحة القلب والكبد وتعزيز الحديد في الجسم. ونظرا لنكهته الترابية غير المفضلة للبعض وفوضى البقع الأرجوانية التي يسببها عند تحضيره، يميل الكثيرون إلى استخدام مسحوق الشمندر الذي اكتسب شعبية واسعة كمكمل غذائي معزز للصحة وبديل عملي وسريع للشمندر الطازج. مسحوق الشمندر هو منتج وردي أو أحمر مصنوع من الشمندر المجفف والمطحون ليصبح مسحوقا ناعما يسهل دمجه في النظام الغذائي اليومي دون عناء التقشير أو التقطيع أو الطهي، ويتوفر في متاجر الأطعمة الطبيعية، ويمكنك طلبه عبر الإنترنت وتحضيره منزليا بسهولة. ويؤكد خبراء التغذية أن عملية التجفيف غالبا ما تحافظ على المركبات النباتية المفيدة الموجودة في الشمندر الطازج مثل الحديد والمغنسيوم والبوتاسيوم وفيتامين سي والنترات التي يحولها الجسم إلى أكسيد النيتريك، مما يحسن الدورة الدموية وصحة القلب والأوعية الدموية. وتختلف تركيزات هذه المركبات باختلاف نوع الشمندر سواء كان عضويا أو غير عضوي وكذلك طريقة معالجته، ووفق موقع "كليفلاند" فإن ملعقة صغيرة من مسحوق الشمندر تعادل المحتوى الغذائي لحبة شمندر كاملة. فوائد مسحوق الشمندر يعزز مسحوق الشمندر القدرة على التحمل ويقلل من التعب أثناء التمرين، ويدعم ذلك دراسة نشرتها مجلة "فرونتيرز" عام 2021، أشارت إلى أن الشمندر يحتوي على نسبة عالية من أكسيد النيتريك الذي يعزز تدفق الدم الغني بالأكسجين إلى عضلات الجسم، كما يساعد على نقل الغلوكوز "سكر الدم" عبر جسمك ويمده بالطاقة اللازمة للنشاط البدني وأداء تمارين رياضية عالية الكثافة لفترات طويلة. دراسة أخرى نشرتها مجلة "سبورتس هيلث" عام 2021، وجدت أن مركب البيتالين المتوفر في مسحوق الشمندر، يساعد على تعافي العضلات بعد التدريبات الشاقة، مما يقلل الألم ويحسن الأداء في جلسات التدريب اللاحقة. إعلان ومع ذلك توضح اختصاصية التغذية، كارلي سيدلاسيك لموقع "كليفلاند" أن مسحوق الشمندر ليس مكملا سريع المفعول قبل التمرين ولن ترى نتائج فورية عند تناوله، لذلك ينبغي تناوله قبل ممارسة الرياضة بساعتين أو 3 ساعات، حتى يتيح للجسم فرصة امتصاص عناصره الغذائية. تحسين صحة الجهاز الهضمي يعد مسحوق الشمندر مصدرا رائعا للألياف التي تدعم صحة الجهاز الهضمي وتقلل من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، ووفق وزارة الزراعة الأميركية ، فإن ملعقتين كبيرتين من مسحوق الشمندر تحتويان على 5.99 غرامات من الألياف. وأفادت دراسة أجراها علماء ميكروبيولوجيا الأغذية في البرازيل عام 2020 أن مستخلص الشمندر يحتوي على مجموعة من المركبات النشطة بيولوجيًا مثل الألياف الغذائية والتي تدعم صحة الجهاز الهضمي وتعزز نمو البكتيريا المعوية النافعة وتحفز عملية الأيض. يحتوي مسحوق الشمندر على مادة البيتالين، وهي صبغة طبيعية تعطي الشمندر لونه الأحمر الداكن وتمتاز بخصائص طبيعية مضادة للالتهابات ومكافحة للإجهاد التأكسدي، ويرتبط الالتهاب بأمراض القلب والربو وداء السكري من النوع الثاني. كشفت دراسة حديثة نُشرت في المجلة الأوروبية للتغذية عام 2023 عن قدرة مسحوق الشمندر على تحسين الوظائف الإدراكية مثل الذاكرة والوظائف التنفيذية وحل المشكلات، ووفق الدراسة، ساعد تناول أقراص مسحوق الشمندر القابلة للمضغ قبل 90 دقيقة من إجراء اختبارات الذاكرة على تحقيق نتائج أعلى بنسبة 21% في اختبار الذاكرة قصيرة المدى مقارنة بالمجموعة التي تناولت دواءً وهميًا، وأشار الباحثون إلى أن زيادة نسبة أكسيد النيتريك في الشمندر تزيد من تدفق الدم إلى الدماغ وتزويده بالأكسجين والعناصر الغذائية التي تدعم الوظائف الإدراكية وتعزز قوة الدماغ. انخفاض ضغط الدم يقلل مسحوق الشمندر من ضغط الدم الانقباضي، إذ يحتوي على نسبة عالية من البوتاسيوم المعروف بتأثيراته الخافضة لضغط الدم وكذلك أكسيد النيتريك الذي يعزز استرخاء الأوعية الدموية. كيف تتناول مسحوق الشمندر؟ يمكنك إضافة مسحوق الشمندر إلى أي مشروب تقريبا بما في ذلك عصائر الفاكهة والشاي والحليب النباتي أو الماء مع عصير الليمون، كما يمكن إضافته إلى العديد من الوصفات في المطبخ للاستمتاع بفوائده أو كملوّن طبيعي للطعام، بالطرق التالية: أضف مسحوق الشمندر إلى عجينة الفطائر أو دقيق الشوفان أو بارفيه الزبادي أو بودنغ الشيا لتعزيز القيمة الغذائية. امزج مسحوق الشمندر مع صلصة الحمص أو الفاصوليا أو صلصة الغواكامولي لتعزيز النكهة واللون. أضفه إلى الكعك أو الخبز أو البسكويت أو خليط الكيك لإضفاء لون وردي على المخبوزات وتغيير نكهتها. عند تحضير المعكرونة، أضف ملعقة صغيرة إلى صلصة الطماطم أو الكريمة المفضلة لديك، ويمكنك كذلك إضافته إلى حساء العدس أو حساء اللحم للحصول على المزيد من التغذية وتنوع المذاق. ما يجب أن تعرفه قبل تناول مسحوق الشمندر عند شراء مسحوق الشمندر، يُنصح بتجنّب الكبسولات واختيار الشكل السائب أو الأقراص القابلة للمضغ، بحسب كيرستن براندت، المحاضِرة في مركز أبحاث التغذية البشرية بجامعة نيوكاسل البريطانية. توضح براندت أن تحويل النترات الموجودة في الشمندر إلى أكسيد النيتريك -وهو مركب مفيد لصحة القلب والأوعية الدموية- يبدأ في الفم بفضل البكتيريا الموجودة على اللسان، بينما تتجاوز الكبسولات هذه المرحلة وتمر مباشرة إلى الجهاز الهضمي، ما يقلل الفائدة. وتضيف "تجنّب استخدام غسول الفم المضاد للبكتيريا قبل تناول الشمندر، لأنه قد يعيق هذه العملية الحيوية"، وذلك وفقًا لما نشره موقع "مينز هيلث". ورغم فوائد الشمندر، فإنه يحتوي على نسبة عالية من الأوكسالات التي قد تسهم في تكوّن حصوات الكلى. لذلك، يُنصح بتجنّب مسحوقه إذا كنت تعاني من انخفاض في ضغط الدم أو لديك تاريخ مع حصوات الكلى. كما يجب الحذر في حالة وجود حساسية تجاه الشمندر، إذ قد تظهر أعراض مثل الطفح الجلدي أو الحكة أو اضطرابات في المعدة. بشكل عام، لا يعد مسحوق الشمندر حلا سحريا، بل هو مكمل غذائي يمكن أن يدعم نمط حياة صحي. وإذا قررت إضافته إلى نظامك الغذائي، فاستشر اختصاصي تغذية لتحديد الجرعة المناسبة لحالتك.